تقارير تقارير ميدانية تقارير اقتصادية تقارير خاصة
٢٥ سبتمبر ٢٠٢٢
إهمال متعمد وتدمير ممنهج .. أجيال جديدة ضحية انهيار التعليم بسوريا والكارثة قادمة

يعد قطاع التعليم من أهم قطاعات النهوض بالمجتمع وبناء الدولة، كونه أحد ركائز نشر الوعي والعلم ومحاربة الجهل، ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة على كافة الأصعدة، ومنه تنبثق الاختصاصات وتتضح المعالم الثقافية والعلمية للبلاد، إلّا أن هذا القطاع رغم أهميته البالغة ينضم في سوريا إلى قائمة القطاعات المنهارة التي تعاني من تراجع غير مسبوق ودون أي بوادر لوقف هذه الكارثة التي تهدد مستقبل أجيال قادمة.

ونستعرض في هذا التقرير واقع التعليم حيث يتضح بأنه في طور الانهيار الكامل بدءاً من استمرار تردي جودة التعليم مروراً بالاستغلال الكبير للقطاع التربوي، وليس انتهاءاً بغسل العقول وترسيخ مفاهيم مغلوطة في أدمغة الأطفال الذين تحولوا إلى ضحايا لمرات عديدة منها ضحية انعدام التعليم وأخرى مع تعرضهم لهذه السياسات التي ترمي لتحويلهم أدوات تتبنى رؤية غير واقعية عن المراحل التاريخية التي تعيشها سوريا.

 

افتتاح العام الدراسي يكشف مدى انهيار العملية التعليمية

"يوم الفرح" الاسم الذي تداولت تحته عشرات المدارس في مناطق سيطرة النظام إعلانات بدء العام الدراسي الجديد، وما لبثت أنّ كشفت مصادر أهلية عورة هذه المزاعم حيث أكدت بأن "يوم الفرح" ليس له من اسمه أي نصيب، وذلك رغم الاحتفالات الكرنفالية التي جرى تنظيمها بحضور رسمي وبرعاية مباشرة من "حزب البعث"، إلّا أن تغطية نفقاتها كان على حساب أولياء الطلاب في مشهد يستهل به النظام استغلاله للقطاع التعليمي، حيث اتضح مع بداية العام الدراسي مدى انهيار العملية التعليمية.

واعتبر موجه تربوي في إحدى مدارس ريف حمص بأنّ العام الدراسي الحالي هو الأسوأ الذي يمر على بلدات شمال حمص منذ سيطرة قوات النظام وروسيا على المنطقة في أيار 2018، على صعيد التنظيم والإعداد وصولاً إلى مرحلة التنفيذ التي كشفت هول الفاجعة، مدراس لا تزال مدمرة، رغم مزاعم الترميم، ودون كوادر تعليمية كافية.

ولفت إلى أن إدارة المدرسة التي يعمل بها منذ العام 2000 وجهت بجلوس كل 4 طلاب في مقعد مشترك، وليس ذلك فحسب، حيث قالت مصادر مطلعة طلبت عدم كشف هويتها إن المدارس الحكومية التابعة لنظام الأسد تفتقر إلى أدنى مقومات النهوض بالتعليم، وتدرس دمج الصفوف في حل مزعوم لمشكلة الاكتظاظ وقلة الكوادر التدريسية.

وتزامناً مع عروض "يوم الفرح" التي حضرها وزير التربية "دارم طباع" ضمن مدرسة لم يصدق السوريين بأنها في بلادهم على الإطلاق، وذلك نظراً لحجم المبالغة والتكلف في محاولات إظهار صورة لن تظهر أمام المشاهد سوى خلال فترة العرض الإعلامي، تصاعدت شكاوى الأهالي من إجبار الطلاب على عمليات التنظيف ونقل مقاعد الدراسة رغم ثقل وزنها وصغر سنهم، علاوة على فرض رسوم مالية بشكل دوري بدواعي التعاون والنشاط.

ويذكر أن المصادر التي تحدثت إليها "شام"، وكشفت عن مدى تراجع العملية التعليمية لا تذيع سراً، حيث أن صفحات إخبارية محلية موالية لنظام الأسد تطرقت مؤخرا إلى تدهور القطاع الذي طالته نيران حرب النظام الشاملة، وطالما وقع ضحية بين براثن نظام الأسد الذي عمل مراراً وتكراراً على تدمير هذا القطاع بأنه وصل إلى مبتغاه حيث بات واقع التعليم في الحضيض.

 

دلائل تفضح كذبة مجانية التعليم

طفت على سطح ملف التعليم مشكلات عديدة أبرزها تلك التي تتعلق بـ "فقدان الكتب المدرسية" إلى جانب تسليم كتب قديمة وشبه تالفة، الأمر الذي تكرر في كافة مناطق سيطرة النظام وأما توزيع الكتب الجديدة اقتصر فقط على المدارس التي خصصت لتقام فيها الاحتفالات وأمام الكاميرات فقط، بينما حصلت بعظم المدارس على الكتب بنسخ قديمة مستعملة ومحلولة ومهترئة، وفي خضم أزمة الكتب التي تطرق لها وزير التربية الدكتور البيطري "طباع"، كثيرا، ينفصل إعلام النظام مرة جديدة عن الواقع حيث قال تلفزيون النظام الرسمي إنه أرسل عبر شحنة جوية أطنان من الكتب إلى محافظة الحسكة شمال شرق سوريا.

 

الكتب حلم يراود الطلاب و الأسعار كاوية

ولم يكتمل الشهر الأول على افتتاح العام الدراسي الجديد فيما تتصاعد شكاوى أهالي الطلاب في مناطق سيطرة النظام، بسبب عدم توفر الكتب سينعكس سلبياً على الطلاب، وقالت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، إن الطلاب أصبحوا يعتمدون على الملخصات والنوت التجارية من المكتبات الخاصة في حين اضطر آخرون لدفع تكاليف إضافية لتأمين بدائل، بما فيها الكتب المستعملة، التي يتراوح سعر النسخة منها بين 25 ألفاً و35 ألف ليرة سورية.

وانتهز نظام الأسد فرصة افتتاح العام الدراسي مباغتاً السوريين بأسعار جديدة ملتهبة للكتب المدرسية، حيث رفعت وزارة التربية أسعار الكتب المدرسية للعام الدراسي 2022-2023 وتراوح سعر نسخة الكتب المدرسية بين 35 ألف ليرة إلى 60 ألف ليرة، بحسب الصفوف وعدد الكتب في كل مرحلة، ما يعادل أكثر من ثلث راتب الموظفين في الدوائر الحكومية.

ويأتي ذلك وسط ارتفاع غير المسبوق لأسعار تلك المستلزمات، مع تحذيرات من أم عدم قدرة السوريين على تأمينها يدفعهم إلى الزج بأولادهم في سوق العمل، الأمر الذي سيزيد من ابتعاد الطلاب عن مقاعد المدارس، ما يزيد من التجهيل وتدمير الأجيال المقبلة.

كما رفعت المؤسسة أسعار المطبوعات الأخرى لـ 144 نوع من المطبوعات والكتب المستخدمة في التعليم وأما تبريرات النظام حول رفع أسعار الكتب فكانت على لسان المدير العام للمؤسسة المطبوعات، "علي عبود"، مدعيّاً أن رفع أسعار الكتب هذا العام جاء لكي يحافظ الطالب عليها، ويكون لها قيمة علمية، وكذلك برر الارتفاع، بـ"قلة المحروقات وانقطاع الكهرباء وغلاء سعر الورق عالميا".


 
القرطاسية تثقل كاهل الأهالي وعدم تأهيل المدارس ينسف رواية النظام

وإلى جانب غلاء وفقدان الكتب باتت تكاليف القرطاسية تؤرق المواطنين، ويعد إعلان المؤسسة السورية للتجارة لدى نظام الأسد عن فتح باب التقسيط على القرطاسية والألبسة المدرسية والحقائب للعاملين بالدولة بسقف قدره 500 ألف ليرة سورية، إقراراً منها بحجم التكلفة الكبيرة وحاجة الطالب تصل إلى نصف مليون ليرة سورية، وكانت نشرت وسائل إعلام محلية استطلاع للرأي يوضح مدى غلاء أسعار القرطاسية.

ومع انعدام الكتب المدرسية وغلاء القرطاسية، لم تنته مشكلات التعليم في سوريا، إذ أن هذه المواضيع أثيرت مع تفاقمها في بداية العام الدراسي الحالي، إلّا أن هنالك مشكلات أعمق من ذلك تسهم في تهالك القطاع التعليمي، تفضح كذب النظام وتنسف روايته حول التعليم، ولعل أبرزها تهالك البنى التحتية رغم استجلاب دعم مالي يذهب إلى حزينة النظام عبر صفقات فساد محكمة التطبيق.

ويأتي ذلك في ظل عدم ترميم المدارس التي دُمرت على يد نظام الأسد قبل سيطرته على مناطق بدمشق وحلب وحمص ودرعا ودير الزور وغيرها، في الوقت الذي يروج نظام الأسد فيه لعودة الحياة في تلك المناطق، وأما الواقع يشير إلى تزايد وزارة التربية تعمل بعقلية التجارة الداخلية والنتيجة طوابير للحصول على الكتاب المدرسي مع استحالة الدارسة بالكتب التالفة التي وصلت إلى يد التلاميذ.

 

إجراءات هلامية وجرعات مسكنة لا تفي بالغرض

يعتقد المتابع لقرارات وزارة التربية والتعليم في حكومة نظام الأسد بأن هذه الوزارة وآخر صيحات الوزارة التي يتسلم حقيبتها أكثر الوزراء إثارة للجدل، تعميم ينص على تخفيف وزن الحقيبة المدرسية ضمن معايير محددة تأخذ بعين الاعتبار وزن الحقيبة ووزن التلميذ، وكذلك تكرر الوزارة نفي صدور لائحة أسعار جديدة للكتب المدرسية، وزعم استمرار مجانية التعليم من الصف الأول الابتدائي حتى الصف التاسع الإعدادي في المدارس الحكومية.

ومؤخراً أعلنت وزارة التربية، عن مخالفة مكتبة خاصة تبيع الكتب المدرسية المجانية، ولم تقتصر الإجراءات الهلامية على ما تعلنه الصفحة الرسمية بل تتصدر تصريحات وزير التعليم مواقع التواصل الاجتماعي، مع كل ظهور إعلامي وأحدث ما قدمه من جرعات مسكنة لهذا القطاع المتهالك، حديثه  إمكانية تأمين مدرسين للغة العربية بهدف دعم التدريس في الإمارات وتبادل الخبرات في مجال تكنولوجيا المعلومات، خلال لقاء على هامش قمة تحويل التعليم التي اختتمت في نيويورك.

 

أطفال لتمرير الرسائل .. جرائم موثقة بعدسة النظام

 ويستغل نظام الأسد الأطفال السوريين في المدارس وتنسيبهم مبكرا إلى "حزب البعث"، ويقوم على ترسيخ روايته المناقضة للواقع في عقولهم، ويسعى دائما إلى استخدامهم لتمرير رسائل يجري نقلها عبر وسائل إعلام تابعة لنظام الأسد، وتشكل جرائم بحق الطفولة، حيث أراد النظام تمرير رسالة مزعومة حول مدى تأييده من قبل الأطفال حيث حمل التلاميذ صورا تظهر رأس النظام في كل زاوية من المدارس المعلن افتتاحها.

 وأما المسرحية التي شهدتها إحدى مدارس التعليم الأساسي في مناطق سيطرة النظام، وتظهر الطالب العسكري المخلص والآخر الذي يريد خيانة الوطن وتركه، تلخص انتصار الأول الذي نجح بإقناع نظيره بإلغاء السفر مقابل البقاء وحمل السلاح! هذا الرسالة أيضا مررت عبر أطفال يبدو أن بقائهم لسنوات إضافية على هذا النحو يجعل منهم مشاريع شبيحة يستكمل النظام خلالهم تدمير ونهب البلاد.

 

احتضار التعليم في سوريا فهل من مسعف؟

وفي المناطق الخارجة عن سيطرته فشل نظام الأسد فرض المناهج الدراسية التي تصدرها وزارة التربية على هذه المناطق التي استقلت تعليماً، بينما انقسمت إلى الشمال السوري بمناطق إدلب وأرياف حلب الشرقي والشمالي، إضافة إلى مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وسط أخذ ورد حول الاعتراف بالشهادات التعليمية هناك إلى جانب مخاوف حول استغلال للعملية التعليمة والاتجاه نحو الخصخصة.

في حين تتعدد مصادر التعليم في الشمال السوري وسط حالة إضراب مع تدني الأجور والرواتب للعاملين في الحقل التعليمي، وفي الشرق السوري تفرض "قسد" مناهج مؤدلجة طالما أثارت حفيظة الأهالي في مناطق دير الزور والحسكة والرقة، وكان أخرها الحديث عن إدراج اسم "عبد الله أوجلان"، مؤسس حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا ضمن كتاب الفلسفة، تترافق مع تجدد إضراب كوادر تعليمية في مناطق بالحسكة، حتى زيادة رواتبهم 100% من قبل "هيئة التربية" التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، حيث يصل راتب المدرس في المنطقة إلى 260 ألف ليرة سورية.

 

أرقام حول قطاع التعليم في سوريا

 وكان وزير التربية بحكومة النظام، دارم الطباع، قد أعلن بدء أكثر من ثلاثة ملايين و651 ألف طالب سوري عامهم الدراسي الجديد في مناطق سيطرة النظام السوري، ضمن 13660 مدرسة ومعهد، وفق تقديراته.

بالمقابل تفيد "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" بأنّ أكثر من 1597 مدرسة تضرّرت ما بين مارس/ آذار 2011 والشهر نفسه من عام 2022، ولفتت إلى أنّ قوات الحلف السوري - الروسي هي الطرف الأكثر اعتداءً على المدارس بنسبة 89 في المائة من الحصيلة الإجمالية.

 وكذلك وثّقت قيام هذه القوات بتحويل عشرات المدارس إلى مقرّات عسكرية ونهب محتوياتها بطريقة بربرية، الأمر الذي يجعلها مصدر تهديد رئيسي وخطر على التعليم والمنشآت التربوية، وسبق أن أدانت الشبكة الاعتداء السافر على المدارس والكوادر التدريسية، وحملت نظام الأسد المسؤولية الكاملة، وطالبت المجتمع الدولي كافة بالتدخل الفوري والعاجل لوقف الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان في سوريا.

وكذلك طالبت من منظمة اليونسكو وهي المنظمة المختصة بشؤون التعليم والتربية والثقافة أن تقوم بالضغط الحقيقي والجاد على حكومة النظام وأن تصدر بيانات صارمة بهذا الخصوص كما نطالبها بتوفير الحماية والرعاية للطلاب من أبناء الشعب السوري والبدء بقيام عمليات ترميم وإصلاح للمدارس ومعداتها التي دمرتها طائرات ودبابات حكومة النظام وعليها أن تتحمل مسؤولياتها كمنظمة دولية مختصة بهذا الشأن.

وبحسب منظمات دولية، فإن هناك نحو 2.5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاما – ثلث السكان في سن الدراسة – خارج المدرسة، وهم غير قادرين على ممارسة حقهم الأساسي في التعليم على النحو المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل عام 1989.

وكانت الأونروا أعلنت أن قرابة 50 ألف طالب انضم إلى مدارس وكالة الغوث في جميع أنحاء سوريا خلال اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، وعن نيتها توزيع نسخة كتب كاملة مع حقيبة وقرطاسية خلال الأسبوع الأول والثاني من العام الدراسي الجديد.

اقرأ المزيد
١٨ سبتمبر ٢٠٢٢
"العمل الإعلامي" وتحديات تَغلب القوة المسيطرة ... "هيئة تحرير الشام" مثالاً

منذ الصرخة الأولى لبدء الحراك الشعبي السوري، لعب "الناشط الإعلامي" دوراً بارزاً في نقل وقائع أحداث الحراك، متحدياً بعدسة بسيطة، كل آلة القمع الأمنية التابعة للنظام، والتي بذلت جهود كبيرة لملاحقة ناقلي الاحتجاجات الشعبية السلمية في بداياتها، لما لهذه العدسات من أثر بالغ في فضح ممارساته، ونقل صوت وصورة الحراك لكل العالم بإمكانيات متواضعة وبسيطة.

وعانى المواطن الصحفي خلال أحد عشر عاماً مضت، ضروب مختلفة من التحديات مع تنامي خبرته وإمكانياته، لكنه بقي في مواجهة أمنية مع النظام، الذي اعتقل وقتل العشرات من النشطاء إضافة للقوى الأخرى، إذ تفيد توثيقات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" لمقتل 711 من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام منذ آذار 2011، بينهم 52 بسبب التعذيب؛ وإصابة 1563 بجراح متفاوتة، واعتقال ما لا يقل عن 1250 عاملاً في مجال الإعلام 443 منهم، لايزال مختف قسرياً.

ومع انحسار مساحة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وتجمع عدد كبير من العاملين في المجال الإعلامي في مناطق شمال غرب سوريا تحديداً، إضافة لطفرة كبيرة في ظهور نشطاء جدد خلال السنوات الأخيرة، بات العمل الإعلامي أمام مواجهة جديدة مع القوى المسيطرة، التي تسعى للحد من الحريات الإعلامية، وفق منظور عدائي جعل كل من يخالف توجهاتها عدواً مباشراً، معرض للاعتقال والتضييق.

وشكل تصاعد تسجيل حالات التعرض لنشطاء إعلاميين في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" تحديداً في السنوات الماضية، فضلاً عن مساعي حثيثة لتقويض تحركات النشطاء وعملهم وفق قوانين ناظمة أوجدتها المؤسسات التابعة للهيئة مؤخراً، وبات الحديث عن "سياسة ممنهجة" واضحة لمحاربة كل مخالف لها ولسياساتها، على حساب تقديم مؤسسات إعلامية بديلة ودعمها لتكون هي الصوت المراد سماعه وحده وصولاً للهيمنة على إعلام الثورة ككل وإضعاف كل صوت آخر.

في هذا السياق، تواصلت شبكة "شام" الإخبارية، مع عدد من الصحفيين والمعنيين، للوقوف على حقيقة الواقع الإعلامي في مناطق شمال غرب سوريا عامة، ومناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" خاصة، لاسيما بعد تسجيل التعدي على عدد من النشطاء الإعلاميين من قبل الجهاز الأمني للهيئة في منطقة باب الهوى في 12/ أيلول/ 2022 الجاري.

بداية كان الحديث مع الناشط "عمر حاج أحمد" رئيس "رابطة الإعلاميين السوريين" الذي أكد لشبكة "شام" أن واقع الإعلام في مناطق شمال غرب سوريا، لا يختلف كثيراً عن واقع أي إعلام في مناطق الشرق الأوسط ومناطق الحروب، لافتاً إلى أن الواقع يقول إن هناك انتهاكات متنوعة تقع على الصحفي والإعلامي، ولا تقتصر هذه الانتهاكات على الجهات المسيطرة فقط وإنما من المجتمع نفسه أحياناً، ولكن – برأيه - تتحمل سلطات الأمر الواقع المسؤولية الأكبر في النهاية لاعتبارات عدة.

 

سياسة متغلغلة في نفوس أصحاب السلطة

وأوضح "حاج أحمد" أن الانتهاكات المتكررة بحق الصحفيين والإعلاميين في إدلب وباقي المناطق السورية، هي "سياسة متغلغلة في نفوس أصحاب السلطة"، وخاصة العسكريين والأمنيين منهم، مهما كانت الخطوات البطيئة تعمل على غير ذلك، فغالباً نعود للأصل، ألا وهو الخوف والكره للكلمة والصوت العالي المسموع، وفق تعبيره.

وحول قانون الإعلام الذي فرضته حكومة الإنقاذ (الذراع المدنية لهيئة تحرير الشام)، تحدث أحمد عن الاطلاع على عجالة على قانون الإعلام المعمول به في إدلب، معتبراً بأنه رغم ما فيه من بعض الهفوات والإشكاليات، إلا أنه لو يطبّق ببعض بنوده لتمّ تجريم من يتعدى على العمل الإعلامي والاعلاميين، ولتمّ صون كرامة هذا الإعلامي، في وقت لم ينف وجود أخطاء إعلامية أو أخلاقية مهنية.

وأكد "رئيس رابطة الإعلاميين السوريين"، لشبكة "شام"، أن قوننة أي عمل أو مهنة يحتاج لقانون وميثاق عمل وقضاء وأناس مهنيين، فالقانون وحده لا يكفي رغم أهمية وجود قوانين صحفية تضمن حرية العمل الصحفي وفق معايير أخلاقية عدة.

وحول عمل "رابطة الاعلاميين السوريين"، أكد "حاج أحمد" أنها وُلدت لحماية وتدريب الإعلاميين، ومن أهم واجباتها وأهدافها الحد من التعديات على النشطاء وعلى العمل الإعلامي، وكان لها دوراً بارز بحل الكثير من المشاكل والإشكاليات أثناء العمل الصحفي مع السلطات الحاكمة في إدلب، وفق تعبيره.

ولفت "حاج أحمد" إلى أن تعامل "هيئة تحرير الشام" أو المؤسسات التابعة لها مع الوفود الأجنبية، أكثر مرونة وسهولة مع الناشطين المحليين لاعتبارات عدة، منها الشأن الخارجي والدولي وتغيير نظرة الغرب لإدلب والقائمين عليها من سلطات عسكرية ومدنية، وبالتالي يكون عمل تلك الوفود أكثر سهولة ومرونة مع حماية خاصة لهم.

وأكد "حاج أحمد" أن تنظيم العمل الإعلامي يتطلب جهود مشتركة من الجهات الحكومية أو المسيطرة ومن جهات مدنية بما يتوافق مع معايير العمل الصحفي في الحروب والأزمات، ولكن يتطلب وجود النية السليمة من كافة الأطراف ليكون العمل منظماً وفق معايير مهنية وأخلاقية ومصانة فيه حرية وكرامة الإعلامي وعمله.

 

قوانين تحمي وإعلام أفضل من مناطق الأسد وقسد

واعتبر "حاج أحمد" أن الأهم من ذلك أن تكون القوانين محمية بنزاهة تامة من كل الأطراف حتى النقابية والإعلامية، لأننا لا ننفي خطأ تلك النقابات أو أعضائها من إعلاميين أو غيرهم - وفق تعبيره -، ولكن الخطأ الأكبر غالباً ما يكون من الجهات المسيطرة مهما حاولت التخفيف من تلك الأخطاء والانتهاكات.

وأشار "حاج أحمد" في ختام حديثه لشبكة "شام" إلى أن أغلب الانتهاكات التي تقع على الإعلاميين يمكن الحد منها بشكل كبير جداً بعد التعاون المشترك وتثقيف أطراف تلك الانتهاكات المتوقعين مستقبلاً، مؤكداً أن القلم والكاميرا هم مرآة الواقع الذي يجب أن تستفاد منه السلطات الحاكمة لتحسين الواقع، وألا يُعتبروا أعداء لبعضهم البعض.

ورأى "وائل علوان" الباحث في مركز "جسور للدراسات"، أن واقع الإعلام في مناطق شمال غرب سوريا يفترض المقارنة بين حرية التعبير وحرية العمل الإعلامي في مختلف المناطق بسوريا، معتبراً أن مناطق المعارضة هي الأفضل اذا ما قورنت بمناطق "النظام وقسد" حيث لا توجد أي حرية تعبير أو صحافة أو قدرة على العمل الصحفي ونقل الحقيقة نهائياً وهناك استبداد وديكتاتورية تمنع الصحفي من نقل الواقع بحرية.

 

تركيز ممنهج لتطويع الصحافة كما تريد الهيئة

واعتبر "علوان" في حديث لشبكة "شام"، أن الفوضى الأمنية أكثر ما يؤثر على عمل الصحفيين في مناطق الجيش الوطني، رغم أن مجال التعبير عن حرية الرأي فيها أكبر من إدلب - وفق تعبيره -، أما مناطق سيطرة "تحرير الشام" فإن ما يؤثر على العمل الإعلامي - برأيه - هي "المركزية الأمنية"، موضحاً أنها أكثر استقراراً أمنياً ولكن تشهد تدخل مركز أكبر وممنهج لتطويع الصحافة كما تريد الهيئة وهو ما يؤثر على تقييم حرية الصحافة وحرية التعبير.

وأكد "علوان" أن التعديات التي تمارس على النشطاء جزء منها يندرج في سياق "التصرفات الفردية"، ولكن بالأعم هناك مضايقات ممنهجة يتعرض لها العامل الصحفي في إدلب، لأنه حتى مع التطورات التي تشهدها "هيئة تحرير الشام" تنظيماً وسعيها لاستقرار المنطقة أمنيا وخدمياً، لكنها لم تنتقل لتكون جهة تراعي وتهتم وتضمن الحريات بشكل أضمن، وإنما تحدد تلك الحريات ضمن أطر الأيديولوجية المرتبطة بالسلطة والجهة المسيطرة على المنطقة.

من جهته، قال الصحفي "أكرم الأحمد" مدير "المركز الصحفي السوري"، إن واقع الإعلام شمال غرب سوريا يأخذ منحيين الأول إيجابي حيث أن هناك تحسن في مستوى العمل الإعلامي وارتفاع مستوى المهنية في نقل الأحداث، والسلبي تراجع حرية هذا العمل الإعلامي في تناول القضايا والأحداث، والذي بدأ يظهر بشكل واضح بعد عام 2018 من خلال تقييد النشطاء ببعض المواضيع والأحداث، وفق تعبيره.

 

تدخل السلطة بالإعلام انتهاك لتأطيره وفق مصلحتها

ولفت "الأحمد" في حديث لشبكة "شام"، إلى أن السلطات في إدلب تعلل التدخل في العمل الإعلامي بموضوع تنظيم القطاع الإعلامي، علما أن مجرد تدخل هذه السلطات سواء الهيئة أو الانقاذ في تنظيم العمل الإعلامي فهو "انتهاك لحرية الإعلام" التي تتعارض مع تدخل الحكومات أو السلطات بعمل الصحافة، وفق تعبيره.

وبين "الأحمد" أن الإعلام يتجه لتأطيره بأطر محددة تتناسب مع مصلحة السلطات وماتريده من الإعلاميين، رغم وجود أصوات معارضة لهذا النهج وإبقاء هامش أوسع لممارسة عملهم الصحفي وتنظيم القطاع الإعلامي ضمن التنظيم الذاتي وهو الشكل الصحيح للتنظيم برأيه.

وبين "الأحمد" أن "التنظيم الذاتي" الذي يمنح الصحفيين هامش كبير من الحرية، تعطيهم حرية في ممارسة عملهم وفق ضوابط مهنية وأخلاقية للعمل الإعلامي بمعزل عن السلطات المسيطرة التي تتدخل في وضع هذه الضوابط وفق رؤيتها كالمؤسسة العامة للإعلام التي حدت بشكل كبير من عمل المشاريع المستقلة التي يكمن أن يبنى عليها في تنظيم العمل الإعلامي.

واعتبر "الأحمد" في حديثه لشبكة "شام" أن حصر البطاقة الصحفية بيد السلطات، أضعف دور رابطة الصحفيين أو الهيئات التي شكلت من قبل الصحفيين، عندما سلبتهم أهم أداء لتقوية هذه المؤسسات، ورأى أن حكومة الإنقاذ كان لها دور كبير في إضعاف الهيئات التي شكلت في سوريا لتنظيم قطاع العمل الإعلامي وهو بحد ذاته تكبيل للحرية.

وأكد الصحفي السوري أن التعديات التي تقوم بها "هيئة تحرير الشام" سجلتها المؤسسات الحقوقية ولايمكن اعتبارها سياسة ممنهجة تضع خطط للتعدي على الإعلامي، ولكن - برأيه - هناك سياسة واضحة لتأطير الإعلاميين ضمن بوتقة محددة تخدمها من خلال البطاقة الصحفية وربطها بالمؤسسات التابعة للحكومة أو من خلال قانون الإعلام أو التضيق على النشطاء المعارضين لسياستهم.

 

رأي آخر يتحدث عن ارتفاع سقف الحريات والانضباط

لكن مسؤول في مكتب العلاقات الإعلامية لـ "هيئة تحرير الشام" كان له رأي آخر في حديث مع شبكة "شام"، حيث اعتبر أن الواقع الإعلامي في منطقة إدلب يشهد حالة مميزة من ارتفاع سقف الحريات والانضباط في آن واحد، ويعود الفضل - برأيه - للتعاون الموجود بين الجهات المعنية والنشطاء الإعلاميين المتواجدين على الأرض لتوصيف المشاكل وإيجاد الحلول لها.

واعتبر المسؤول (الذي طلب عدم ذكر اسمه)، أن من ضروب ذلك التعاون هو الاشتراك في صياغة قانون عمل إعلامي، كان لمعظم الإعلاميين الفاعلين دور في صياغته وثم تعديله وتطويره مع بداية العام الحالي بما يناسب الواقع ويعمل على تطوير بيئة العمل الصحفي في المنطقة عموماً، وأكد أن هناك مساع لأن يكون الواقع الإعلامي أفضل وفي تحسن مستمر، ولتحقيق هذا الهدف يعمل جميع الغيورين في المنطقة دون كلل، وفق قوله.

 

قانون الإعلام ناظم يحارب التجاوزات

ولفت المصدر في حديث لشبكة "شام" إلى أن هناك قانون ناظم عند وقوع أي تجاوز من أي مؤسسة في المحرر وخاصة أن الإعلامي خلال تأدية مهامه يعد بمثابة الموظف أو العامل بالشأن العام لذا فأي تعدي عليه أو تجاوز يوجب عقوبة أشد بحق المسئ بحسب قانون العمل الإعلامي المعمول به في المنطقة.

واعتبر أن السياسة العامة للمنطقة عموماً والتي يقررها قانون العمل الإعلامي المعمول به هو منح العاملين في الوسط الإعلامي حرية العمل دون قيود أو رقابة مسبقة ما دام الإعلامي ملتزما بأخلاقيات المهنة وضوابطها، وفق تعبيره.

وقال المسؤول في مكتب العلاقات الإعلامية للهيئة، إن منطقة إدلب يتواجد فيها عدد كبير من الأجسام الإعلامية الفاعلة والتي لكل منها دوره وبصمته في السعي لتحسين واقع العمل الإعلامي، مؤكداً أنه لا يمكن حصر الحديث عن جسم أو تجمع واحد، معتبراً أن هذا التعدد في الأجسام يعكس حجم المساحة المتاحة للعمل في المنطقة.

وحول دخول الوفود الصحفية العالمية للمنطقة، وطريقة التعامل معها، أوضح المكتب أن لهذه الوفود دور في نقل معاناة المدنيين وصمودهم في وجه النظام المجرم وحلفائه، ويشارك نشطاء الداخل في استقبالهم وقد زار المنطقة ما يزيد عن 500 وفد خلال الفترة الماضية، وفق كلامه.

واعتبر المصدر في حديثه لشبكة "شام" أن تلك الوفود هي ضيوف على المنطقة لعدد من الساعات أو الأيام على أعلى تقدير بينما أبناء الحراك الثوري الشرفاء على الأرض هم رأس المال ولهم الأفضلية وتجمع بهم علاقة قديمة تمتد إلى بداية الثورة وأن الجميع يعمل على هدف مشترك ألا وهو إسقاط العصابة المجرمة في دمشق وتحرير الأسرى من السجون، وفق تعبيره.

وعانت سوريا لعقود طويلة من التضييق الإعلامي وكم أفواه الكُتاب وملاحقة الأقلام الحرة المنتقدة لسياسات نظام الأسد الحاكم "الأب والأبن" وزجهم في المعتقلات، إلا من نجا منهم واستطاع الخروج من سوريا لاجئاً في دول العالم.

واعتمد النظام طيلة العقود الماضية على الصوت الواحد عبر قنوات رئيسية وصحف ومجلات تتبع لأجهزة المخابرات مباشرة، وتنفذ تعليماتها، علاوة عن تضييق خدمات الإنترنت لمستويات كبيرة، ومراقبة أجهزة الاتصال والخوادم وملاحقة أي تحركات تعتبرها ضدها.

لكن عام 2011 كان تحولاً كبيراً لعقود طويلة من الاحتكار الإعلامي والشاشة والصوت الواحد، مع انطلاق شرارة الاحتجاجات الشعبية للحراك الشعبي السوري المناهضة لنظام الحكم، فكان لابد من صوت ينقل صحيات الثائرين على النظام القمعي، ولعدم امتلاك الجرأة لدى جل العاملين في الحقل الإعلامي إلا من هو خارج الحدود، برزت فكرة "الناشط الإعلامي"، الذي أوجدته طبيعة المرحلة والحراك، ليحمل المسؤولية الأكبر في نقل صورة الاحتجاجات والانتهاكات بحقها للعالم، ويوصل صوت الثائرين.

اقرأ المزيد
٢ سبتمبر ٢٠٢٢
بين "الواقع والخِداع" .. ما حقيقة عودة الخدمات الأساسية في سوريا ..؟

دأب نظام الأسد خلال عقد من الزمن على تصدير المزاعم والوعود حول عودة الخدمات الأساسية ولم يمر أي مؤتمر أو تصريح رسمي دون تكرار دعوات اللاجئين السوريين بالعودة مع مزاعم تأمين الخدمات لهم، لكن الواقع يبين عكس ذلك تماماً، إذ تغيب أدنى مقومات الحياة الطبيعية عن مناطق نفوذ النظام، وسط لجوء السكان إلى طرق بدائية في بعض الحالات دون تعويض الخدمات التي تغيب بشكل كبير وعلى كافة الأصعدة.

 

الكهرباء.. عصب الحياة المفقود بـ "سوريا الأسد" 

ولعل أبرز هذه الخدمات الغائبة رغم الادعاء المتكرر بالعمل على تحسينها وتأهيل المحطات، هي خدمة التيار الكهربائي، وفي هذا السياق، قالت مصادر محلية في محافظة حمص وسط سوريا، طلبت عدم كشف هويتها، لشبكة "شام"، إن التقنين الكهربائي يتزايد بشكل يومي، حتى وصل الحال إلى وصل التيار لمدة 45 دقيقة يومياً، وليس هذا فحسب حيث يتخلل هذه المدة القصيرة، قطع متكرر الأمر الذي يحرمهم من إنجاز أي عمل يتطلب وجود الكهرباء لا سيّما تعبئة المياه واستخدام الغسالات ناهيك عن تلف الأطعمة بشكل سريع نتيجة عدم تبريدها.

وفي حماة وسط البلاد أيضاً، تزايدت حدة التقنين الكهربائي بالتزامن مع ارتفاع درجة الحرارة، وذكر مواطنون في مدينة السقيلبية أن الكهرباء قطعت في منطقتهم لأكثر من 11 ساعة متواصلة، تخللها نحو 10 دقائق وصل فقط.

ومع عجز الأهالي في عموم مناطق سيطرة النظام عن تأمين بديل للتيار الكهربائي تتعقد مهمة تأمين الشحن اللازم للهواتف والمدخرات التي تستخدم في الإنارة ليلاً، مع قلة المولدات وغلاء المحروقات، وكل ذلك وسط تخبط وتناقض التصريحات الرسمية حول ملف الكهرباء الذي يخضع لنفوذ شركات إيرانية وروسية دون أن ينعكس ذلك على تحسن التغذية الكهربائية.

 

بدائل ربحية برعاية مؤسسات الأسد

مع اشتداد أزمة انقطاع التيار الكهربائي، يطرح نظام الأسد ما يسمى بـ "الخطوط الذهبية"، التي تغذي منشآت صناعية وسياحية لكن بأسعار تفوق قدرة المواطنين الشرائية، علاوة على صعوبة الحصول على خط بحال عدم دفع رشاوى لتسهيل الإجراءات، يُضاف إلى هذه الحلول صعبة المنال، حل ليس أخف وطأة على جيوب السكان إذ تقدم شركات مرخصة لدى النظام السوري، وتديرها مجموعة قاطرجي القابضة في حلب، ما يسمى بـ "الأمبيرات" التي وصفتها جريدة تابعة لإعلام النظام الرسمي بأنها "الجرح النازف"

و تعرض شركات الكهرباء التابعة للنظام خدمات الصيانة وتقديم المحولات وغيرها بمقابل مالي يفرض على الأهالي يتخللها عمليات نصب وتنصل من المسؤولية بعد جمع الأموال حيث لم يكتفي النظام بتحولها من جهات خدمية إلى جهات ربحية بل أشبعها بالفساد والاحتيال العلني.

وتقدر تكلفة الأمبير الواحد 25 ألف ليرة سورية مقابل 6 ساعات تشغيل، وقال الموظف المتقاعد "أحمد قرعوش" وهو أحد سكان حي السكري بمدينة حلب، إنه يضطر لدفع معظم راتبه التقاعدي لأصحاب الأمبير كون الحي لا يصل إليه التيار الكهربائي نهائيا، وسط تداعيات لاستخدام هذا الحل البديل ومنها التلوث الكبير نتيجة انبعاثات المولدات.

يضاف لذلك الضجيج المزعج والمعاملة السيئة والتلاعب من بعض أصحاب المولدات دون أي رقابة فعلية من النظام السوري الذي يعقد شراكة مربحة حول ملف الأمبيرات رغم مزاعم مكافحتها وسط تقديرات إلى تحقيق مبلغ 700 مليون ليرة كمعدل شهري عائد المولدة الواحدة.

 

غلاء المحروقات وتداعياتها على انعدام الخدمات

وتلقي أزمة المشتقات النفطية بظلالها على الواقع الخدمي والتنموي في مناطق سيطرة النظام السوري، ورغم مزاعم وصول توريدات من إيران، يواصل النظام سياسة خفض المخصصات ورفع الأسعار بما يؤثر بشكل مباشر على خدمة النقل والمواصلات التي تؤرق المواطنين وتصيب حركة المدن والأسواق بشلل شبه كامل، وسط ارتفاع تكاليف النقل ولجوء السكان إلى بدائل لا تؤدي بالغرض كما يجب مثل الدراجات النارية والهوائية، ولا يقتصر ضعف الخدمات الأساسية على الكهرباء والنقل إذ تطال المعاناة المستمرة مياه الشرب المعدنية التي باتت تباع عبر "الذكية".

 

كذبة رفع الأنقاض وطرق متهالكة تؤدي إلى الموت

وروج إعلام النظام الرسمي ووسائل تتبع لحلفائه الروسي والإيراني مرارا وتكرارا أعمال رفع الأنقاض وإزالة السواتر الترابية في مناطق عدة منها حلب الشرقية والغوطة بدمشق وعدة أحياء بحمص لكن الواقع يبين ما يفند هذه الكذبة المفضوحة إذ لا تزال الأنقاض وحالة الدمار وسط عمليات ترحيل تكاد لا تذكر مقارنة بترويج النظام الإعلامي لها.

وفي سياق موازٍ لا تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى تقلص حجم الدمار، وفي آب/ أغسطس 2022 الحالي، كشفت دراسة مسحية أعدها معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) إلى تحليل صور الأقمار الصناعية، وعرض خرائط تبين توزع الدمار وكثافته في 16 مدينة ومنطقة سورية، شهدت أكبر نسبة دمار.

وعلاوة على عدم جدية رفع الأنقاض تشكل حالة الطرق العامة واقعاً مأساوياً تعيشه مناطق سيطرة النظام حيث بلغ متوسط عدد حوادث المرور في مناطق سيطرة النظام 31 حادثاً مرورياً بشكل يومي، فيما يروج إعلام النظام إلى أسباب بعيدة عن السبب الأهم وهو تهالك الطرقات وتجاهل إجراءات تعبيدها فضلاً عن عدم تأهيلها وتجهيزها بالإنارة اللازم رغم المشاريع الوهمية التي يعلن عنها بين الحين والآخر، وطالما تكون بتمويل منظمات وجهود محلية.

وتعاني الشوارع  الرئيسية في غالبية المدن الخاضعة لسيطرة النظام من تكدس النفايات والروائح التي تزكم الأنوف بشكل مقزز وعلى مسافة كبيرة، وما تنشره من ذباب وحشرات وقوارض تغزو كتل القمامة التي طافت بها الحاويات لترمى وتتناثر في الأرجاء، وسط مشكلات خدمية وبيئية يعاني منها الأهالي لا سيّما تجاهل النظام السوري لصيانة شبكات الصرف الصحي مع تكرار حوادث وصول المياه الآسنة شديدة التلوث إلى منازل المواطنين، وعلى غرار الكهرباء يدفع المواطنين مبالغ مالية طائلة مقابل صيانة الصرف الصحي ولكن النتيجة لا تختلف عن واقع خدمة التيار الكهربائي نهائياً.

 

الاتصالات غائبة دون بدائل.. تسديد فواتير بلا مقابل!

تتزايد شكاوى السكان في مناطق سيطرة النظام من تدني جودة الاتصالات وشبكة الإنترنت، وذلك دون بديل عن هذه الخدمات الغائبة حيث تقع مناطق واسعة دون تغطية بشكل نهائي فيما تتمتع بعض المناطق بجودة متوسطة ومساحات محدودة باتصالات جيدة وجميع هذه الحالات تخضع لضعف شديد في حال انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة الأمر الذي يجعل خدمة الاتصالات شبه معدومة ورغم ارتفاع أسعار فواتير الاتصالات لم يلقي ذلك على تحسن وضع هذه الخدمة الضرورية دون بدائل، وتتبع شركات الاتصالات طرق احتيالية مثل سحب الرصيد من المشتركين ضمن حالات متكررة، وتشكل هذه الطرق الملتوية إضافة إلى فرض فواتير بلا خدمة موردا ماليا لصالح خزينة النظام.

 

تدهور الرعاية الطبية تفضح كذبة مجانية العلاج

وتصاعدت حالة تدهور الأوضاع الصحية وغياب الخدمات والرعاية الطبية، ويأتي ذلك دون الحاجة إلى إعادة ذكر مبررات النظام السوري بما يخص القطاع الصحي التي يكررها معلقاً فشله على شماعة العقوبات الاقتصادية، على الرغم من أنها لا تشمل القطاع الطبي.

وفي أحدث صيحات البدائل التي يقدمها النظام السوري لمواجهة العجز الطبي بات يطلب من المرضى شراء المستلزمات الطبية الأساسية من الصيدليات بما في ذلك مواد يحتاجون إليها في العمليات الجراحية مثل المعقمات ومواد التخدير وغيرها.

 

سوء في الإدارة وترتيب الاحتياجات شمالي سوريا

وفي مناطق الشمال السوري، التي تشهد عودة خجولة للخدمات الضرورية حيث بات التيار الكهربائي يغطي معظم المناطق إلا أن وجود الشركات الربحية الراعية لهذه القطاع حولها إلى خدمة مكلفة نظرا لتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية وقلة فرص العمل وغيرها من العوامل، وسط صعوبات جمة بالحصول على الخدمات الأساسية مع تقاعس السلطات المحلية في تأمين كافة الاحتياجات اللازمة، وسط سوء إدارة واضح.

وفي المقابل تسعى بعض الجهات الفاعلة إعادة بعض الخدمات، وسط انتقادات من حيث ترتيب الأولويات حيث جرى الاتجاه نحو تأهيل دوارات وشوارع وسط تضخيم إعلامي لوجود حالة نهضة عمرانية واستثمارية ضمن مشاريع تكون بتمويل محلي فيما تتبنى سلطات الأمر الواقع هذه الخدمات التي يقول بعض السكان إنها ليست أولوية لهم.

وتعاني مناطق شمالي غربي سوريا ضعفاً في الخدمات الأساسية وتحاول المنظمات الإنسانية المساعدة ضمن الإمكانيات المتوفرة، ولكنها لا تغطي إلا جزءاً من احتياجات المدنيين، في ظل استمرار قوات النظام وروسيا بعمليات القصف وتدمير البنية التحتية والمباني العامة والخاصة.

 

الشرق السوري تحت مجهر واقع الخدمات

 وقال الصحفي "عهد الصليبي"، من "شبكة نهر ميديا" المعنية بنقل أخبار المنطقة الشرقية، لشبكة "شام"، إن الخدمات الأساسية ضعيفة جدا، في عموم مناطق شمال شرق سوريا، وكذلك بالنسبة لمحافظة دير الزور التي تقسم إلى قسمين إذ تخضع بعضها لنفوذ نظام الأسد وأخرى لقوات قسد، مشيرا إلى استمرار المعاناة من الجانب الخدمي لا سيّما في مناطق سيطرة النظام رغم مزاعم الأخير عودة المؤسسات الحكومية للعمل.

ولفت "صليبي" إلى وجود فرق من حيث تقديم الخدمات بين مناطق النفوذ في المحافظة، وتتفوق مناطق "قسد" على نظيرتها، مرجعا ذلك إلى وجود منظمات فاعلة على كافة الأصعدة ومنها خدمات إنارة الطرقات بعدة مدن وبلدات وإعادة تأهيل محطات المياه وسط وجود حالات سرقة ونهب تحصل أحيانا عقب عمليات التأهيل وتسجل ضد مجهول.

 

منظمات تقدم خدماتها وقسد تتبنى 

وذكر مواطنون في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، طلبوا عدم كشف هويتهم لأسباب أمنية، أن معظم الخدمات الأساسية لم تعود إلى المنطقة واقتصرت على مشاريع منظمات محلية ومنها "إعادة تأهيل جمعيات فلاحية - مشاريع دعم سبل عيش وغيرها"، أما بالنسبة للبنى التحتية تعمل بعض المنظمات على تأهيل محطات مياه وسط نشاطات محدودة فعليا على الصعيد الخدمي من قبل الإدارة الذاتية وذراعها العسكري "قسد"، إذ يقتصر على تبني هذه الخدمات فحسب.

وأوضحت المصادر في حديثها لشبكة "شام"، إلى أن بعض مناطق شمال وشرق سوريا، وبالأخص دير الزور تعاني من قلة فرص العمل وانعدام الخدمات، ما يشكل دافع لشباب المنطقة للهجرة، كما أكدت أن المنظمات العاملة بالمنطقة لا تؤثر على تحسن الأوضاع المعيشية والاقتصادية وسط عدة عوامل تزيد من تدهور الخدمات الأساسية في شمال شرق سوريا.

هذا وفي ظل استمرار الحرب التي يقودها النظام ضد الشعب السوري، تبقى سمة التدمير والقتل هي الرائجة، مع غياب الحلول لاسيما في المناطق الخاضعة لسيطرته، في وقت يحاول جاهداً وعبر وسائل عدة منها الإعلام الرسمي وعبر متصدري مواقع التواصل الاجتماعي "اليوتيوبرز"، إعطاء صورة مغايرة للواقع من خلال سلسلة مسرحيات مفضوحة للغرب، لإظهار مناطق سيطرته وكأن الحياة عادت إليها بشكل كامل، خلافاً للواقع المرير والصورة المظلمة فيها.

اقرأ المزيد
٢٧ أغسطس ٢٠٢٢
"الجولاني والأقليات" .. استثمار لمصلحة أم اعتذار عن تاريخ أسود

يعج تاريخ "الجولاني" المؤسس الأول لـ "جبهة النصرة" وصولاً لقيادة "هيئة تحرير الشام"، بتاريخ أسود، تُثقله انتهاكات كبيرة بحق "الأقليات الدينية" في سوريا، والتي اعتبرت كعدو من وجهة نظر شرعية، وشاع اسمهم بـ "النصارى" على ألسنة قادتهم وأمرائهم، فاستبيحت أملاكهم وأرزاقهم وطردوا من مناطقهم.

ليس بداية بواقعة احتجاز الراهبات في بلدة معلولا، مطلع ديسمبر/كانون الأول 2013، وما تلاه من سلسلة ممارسات بحق أبناء الطوائف الدينية "الأقليات" في مناطق سيطرة الهيئة، وصولاً لاستباحة أملاكهم في إدلب بعد عام 2015، والمضايقات التي مورست بحقهم لطردهم وتقاسم ممتلكاتها تحت بند "أملاك النصارى"، والتي اعتبرت غنائم مباحة إلى اليوم الحاضر.

ومع سلسلة التبدلات التي اتخذها "الجولاني" في سياسته، والانقلاب على كل من حوله، لخدمة مشروعه بما يتماشى مع المتغيرات الدولية، بدا واضحاً عملية التسويق المتبعة لشخصيته مدنياً، لم يسلم من بقي من أبناء الأقليات الدينية في مناطق سيطرته، والتي سجلت نوعاً من التودد والتقرب وتغيير في الخطاب و وعود بإصلاح الماضي، ليرسم "الجولاني" تساؤلات عديدة عن دوافع هذه الرسائل التي يريد إيصالها والجهات التي يستهدفها في مثل هذه التحركات.

 

فكره إقصائي ويحاول ركوب الموجة كما فعل النظام

 

وقال المحامي "إبراهيم ملكي" والناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، في حديث لشبكة "شام"، إن التحولات التي يقوم بها "الجولاني" تجاه الأقليات مؤخراً تندرج في سياق التماهي مع "السياسات الدولية المتغيرة المرتبطة بالأزمة السورية بشكل عام"، على الرغم من أن تلك السياسات يكتنفها الغموض وفق المتحدث.

ولفت المتحدث في معرض إجابته عن إمكانية أن يكون التوجه الجديد تجاه الأقليات تراجع عن سياسات خاطئة سابقة، إلى أن "جماعة الجولاني" تحمل الفكر المتطرف، وهو فكر "إقصائي إلغائي لا يتراجع"، وهو يعتبر نفسه يملك الحقيقة ويفكر ببناء مشروع دويلته، بالتالي يسعى للانسياب مع المتغيرات الدولية للفاعلين لا أكثر.

وأوضح "ملكي"، أن "الجولاني" يحاول ركوب الموجة، كما فعل النظام وادعى أنه "حامي الأقليات"، وذلك من خلال قراءة الاصطفافات الدولية، لأغلب الفاعلين لاسيما التقارب الروسي - التركي، والتصريحات التركية تجاه النظام، موضحاً أن "الجولاني" يحاول تقديم نفسه على أنه رجل "فاعل ومشروع لا يمكن تجاوزه" في تلك الاصطفافات.

وبين الحقوقي السوري، أن "الجولاني" يقدم نفسه على أنه كيان مدني بعيداً عن خطابه "الإقصائي والإلغائي" السابق ويحاول الانسجام مع المعطيات الجديدة على الساحة السورية، موضحاً أن مشروع "الجولاني" هو مشروع "مواطن ورعايا"، ويرى في الأقليات الأخرى عبارة عن أناس من طبقة ثانية، مؤكداً أن "مشروعه وخطابه متناقض فهو يقوم بزيارات تكتيكية على أرض الواقع للتناغم مع ما يحدث في محيطه ولكن هو يعي أنه لا يمكن أن يكون هناك أسس لمشروع دويلته السنية".

 

الجولاني يغير لونه ويقدم مشروع "معتدل"

 

وأشار "ملكي" إلى أن خطاب "الجولاني" تجاه الأقليات، لا يعبر عن رؤيته وممارساته ومشروعه على الأرض، وأنه يحاول من خلال التقارب مع الأقليات التي كان يسميها بـ "الروافض"، بناء دويلة في إدلب، مستخدماً تلك الأقليات كورقة، كما فعل النظام خلال 50 عاماً مضت، بينما عانت تلك الأقليات التهميش والقتل والتنكيل، متسائلاً "كيف يريد بناء دولة سنية بإدلب ضمن مشروع من لون واحد يرفض جميع الألوان الأخرى".

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الدكتور "باسل معراوي"، أن "الجولاني" يسعى منذ فترة لتقديم نفسه كـ "حامل لمشروع وطني إسلامي معتدل"، حيث غير اسم تنظيمه عدة مرات وأعلن فك ارتباطه مع تنظيم القاعدة الدولي، وليؤكد على خطه الجديد يجاهر بالقول أن ليس له أجندة غير وطنية بمعنى أنه لم ينفذ أو يشارك أو يبارك أي عمل منسوب للجماعات الجهادية خارج سوريا".

ورأى "معراوي" في حديث لشبكة "شام" أن "الجولاني"، قدم نفسه كـ "عدو نوعي للتنظيمات الخطرة" والتي تحمل أجندة دولية عابرة للحدود، وحاربها كتنظيم الدولة (داعش) والحركات المتطرفة المرتبطة به بسوريا كـ "تنظيم جند الأقصى"، بل حارب أو جمد أنشطة المهاجرين (الأيغور والشيشان والتركستان .. إلخ).

 

مشروع مدني وخطاب مختلف

 

وقال: إن "الجولاني" يحاول تقديم نموذج لإدارة المناطق التي يسيطر عليها إذ أنه لا مشكلة له مع علم الثورة أو احتضان التظاهرات والاحتجاجات الثورية ذات البعد الوطني السوري، كما قدم نموذج لإدارة مدنية حيث أنشأ حكومة وأشاع نوعاً من الأمان النسبي الداخلي، وحاول الظهور للإعلام بجولات على السكان بزي غير المتعارف عليه للحركات الجهادية وخطاب وطني سوري.

ولفت "معراوي"، إلى أن "الولايات المتحدة والغرب عموماً يتمنى تعميم نموذج "الجولاني" بباقي المناطق حيث يتم تدجين أو توطين الجهاد الإسلامي ويتخلى عن أي أجندة عالمية"، معتبراً أن زيارة "الجولاني" للأقليات تندرج في إطار برنامجه هذا.

 

الجولاني والرفض الروسي.. وحاجة الدول له

 

وتحدث المحلل السياسي، لشبكة "شام" عما أسماه رفض روسي لتوجهات "الجولاني" وتقربه من الأقليات بإدلب، مستشهداً بقصف الطيران الروسي لقرية الجديدة المسيحية بريف جسر الشغور في 22 تموز/ 2022، بعد زيارة "الجولاني" للمنطقة، معتبراً أن الغارة جاءت في سياق رد روسي رافض لتحركاته، وذلك بهدف إبقائه وأمثاله على لوائح الإرهاب الدولية وعدم السماح له بالخروج منها، لأنه يشكل الذريعة لوجوده وتبرير أي عمل عدواني على المدنيين بحجة محاربة الإرهاب.

وأكد "معراوي" أن محاولات "الجولاني" تغيير جلده لن تفيده، فكل دول العالم لا ينطلي عليها تلك الأساليب المخادعة إذ يبقى هو بنظرهم (ونظر الشعب السوري أيضاً) تنظيم القاعدة الفرع السوري، مستدركاً بأن الحاجة الدولية له مازالت قائمة وهي التي تبقيه على قيد الحياة، وفق تعبيره.

وأشار المتحدث لشبكة "شام" إلى أن "الجولاني" ظل يتعاون مع أجهزة الاستخبارات الغربية والأمريكية خاصة، ويقدم المعلومات والدعم اللوجستي على الأرض لحالات التصفية للإرهابيين الخطرين وكان أن تم قتل اثنان من زعماء تنظيم داعش عنده في السنتين الأخيرتين إضافة إلى عشرات مما يعلن عن قتلهم أو دون الإعلان، وهذه الحادة الدولية تبقى تنظيمه قائماً ولكن سوف يتم التخلص منه عندما تنتفي الحاجة لذلك.

 

رسائل خفية.. ممن يطمئن "الجولاني" أبناء الأقليات؟

 

واعتبر الكاتب والسياسي السوري "حافظ قرقوط" المنحدر من محافظة السويداء، إن زيارة "الجولاني" للأقليات الدينية في ريف إدلب لها وجه إيجابي، لكنها من طرف آخر تحمل رسالة خفية أن الأقليات كانت تحت حماية الأسد وهي حالياً تحت سلطته، معتبراً أن "الجولاني" لا يمكن اعتباره شخصية مستقلة، وإنما هو يتبع لمشغلين ما، يؤدي دوره حسب المرحلة الزمنية من عمله.

وتساءل "قرقوط" في حديث لشبكة "شام" عن الجهة التي يطمئن فيها "الجولاني" الأقليات في مناطق سيطرته، مستذكراً حجم الانتهاكات والمجازر التي تعرضت لها المكونات الدرزية من عناصره وفصيله نفسه، كما اعتبرها رسالة خارجية لإظهار صورة شعبية له، على أنه وجه سياسي ويستطيع تأدية دور مديد بعد انتهاء دور العسكرة، وذلك من خلال سلسلة الإطلالات التي تظهره بين عوام الشعب.

ولفت إلى أن "الجولاني" يعتبر أن مجرد زيارة هنا وهناك تستطيع محو تاريخ من التجاوزات والانتهاكات التي ارتكبها بحق جميع المكونات، وأنه يريد أن يوصل رسالة للأمريكان والأوروبيين للمتاجرة بالأقليات، بأنه يحميهم في المنطقة، على غرار ما فعل نظام الأسد، وعبر الكاتب عن خشيته من مغبة تهجير من بقي من أبناء الطائفة الدرزية في إدلب، رغم رسائل التطمينات التي قام بها "الجولاني".

 

الغاية تبرر الوسيلة.. متى يتراجع الجولاني؟

 

وأكد الكاتب أن موقف "الجولاني" الجديد ليس تراجعاً وإقراراً بالانتهاكات التي ارتكبها بحق الطائفة الدرزية، وإنما هو تبديل خطاب لتحقيق غاية في مشروع، وهو من قام بهدم مزارات الطائفة ويمارس التضييق عليهن في تحركاتهم وعبادتهم، ويمكن أن يتراجع عن خطابه هذا في حال فشل مشروعه وسيعود لممارسة الانتهاكات بحق الجميع.

وأشاد "قرقوط" بموقف المكونات الأخرى في القرى والبلدات المحيطة بمناطق تواجد أبناء الطائفة الدرزية في ريف إدلب، مؤكداً أنهم وقفوا إلى جانب إخوانهم وأمنوا لهم المأوى في وجه الانتهاكات التي تعرضوا لها، مشيراً إلى أن لا خطر على أبناء الطائفة من جيرانهم أو أي طرف آخر، فلماذا يقوم "الجولاني" بطمأنتهم ومن من ؟.

"فراس فحام" الباحث في مركز "جسور للدراسات"، قال في حديث لشبكة "شام"، إن خطوات "الجولاني" لاسيما ظهور الانفتاح على الأقليات، والدفاع عن حقوقها، واستغلال الأحداث للتأكيد على أن الهيئة تتعامل بإيجابية مع الأقليات، ورائه هدف قديم جديد ساسي، لإزالة اسمها من قوائم الإرهاب الدولية.

ولفت "فحام" إلى أن الهيئة تحاول إظهار تغير توجهها عما كانت عليه "جبهة النصرة" المتورطة بصفقة الراهبات في معلولا، وأدى ذلك إلى تبعيات سياسية، وهي تحاول تغيير هذه الصورة واستثمار الأحداث والتعاطي مع الأقليات، لذلك كان هناك حرص شديد للتركيز على القبض على قتلة المواطنين الدروز في كفتين بإدلب، وتقصدت إظهار أن القتلة من المقاتلين الأجانب، لتظهر أنها على موقف مغاير من هؤلاء المقاتلين.

وكان أثار الظهور الأخير لـ "الجولاني"، إلى جانب عدد من قياداته، في مناطق يقطنها أبناء "الطائفة الدرزية" بريف إدلب، وخطابه "المنفتح" في الدين، حفيظة عدة كتل ضمن الهيئة، والتي اعتبرتها محاولة منه لـ "استثمار" الدين والأقليات في سياق مساعيه للظهور والترويج لنفسه، على أنه رجل معتدل، مقرب من الحاضنة الشعبية، من خلال سلسلة من الحملات الدعائية له.

وكانت قالت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير لها، إن جماعة "هيئة تحرير الشام"، تسعى إلى إظهار أنها أصبحت حركة إسلامية معتدلة، وذلك بغرض الحصول على الدعم من السكان المحليين واعتراف أميركا وبقية دول العالم كمنظمة سياسية لا علاقة لها بالتطرف والقمع.

وبحسب تقرير "واشنطن بوست" تحاول الحركة إظهار أنها قد أنشأت دولة قادرة على إدارتها، إذ ينتشر عناصر شرطة المرور في الطرقات لتنظيم حركة السير، وتدير عبر حكومة الإنقاذ شؤون التعليم والاقتصاد والخدمات العامة، بيد أنها فشلت في تخفيف مصاعب الحياة اليومية في رقعة كبيرة من الأرض تضم مخيمات مترامية.

اقرأ المزيد
٢٠ يونيو ٢٠٢٢
صراع العروش بين مكونات "الوطني" ينهي آمال أبناء الثورة ويعبد الطريق لتمكين مشروع "الجولاني"

أثبتت فصائل "الجيش الوطني" بجميع مكوناتها، أنها ليست الأمل الذي ينتظره الشعب الثائر لتمثيل "الجيش السوري الحر" بصورته الحقيقية، بعد أن عانى الشعب طيلة سنوات مريرة من ظهور عشرات التشكيلات التي طرحت مشاريعها الخاصة لنفسها على حساب دماء السوريين، وفق ما يقول قيادي سابق في الجيش السوري الحر لشبكة "شام"، بموازاة فشل باقي المكونات في كسب تلك الحاضنة الشعبية إلا بالترهيب والقوة.

 

الأمل بعودة أمجاد "الجيش الحر"

وأوضح القيادي (الذي رفض الكشف عن هويته)، أن العقبات التي واجهها الشعب السوري من ظهور عشرات التشكيلات التي تحمل إيديولوجيات ومشاريع خاصة، وماحملته من صراع، أدى لتراجع الحراك الثوري، جعل الكثير يتطلع لعودة صورة "الجيش الحر" وأمجاد أبطاله القدامى، فكان آخر أملهم أن يكون ظهور "الجيش الوطني" ملاذهم الأخيرة لإعادة صورة "الجيش الحر" الحقيقي لكنه فشل وفق تعبيره.

 

"أركان الوطني" الأمل بعيد المنال

ولفت القيادي في حديث لشبكة "شام"، إلى أن الصراعات الداخلية بين المكونات العسكرية التي تبنت تمثيل الحراك الثوري، ابتداءاً بداعش وليس انتهاءاً بـ "أحرار الشام وجيش الإسلام ومئات المكونات التي لعب النظام ودول عديدة دوراً بارزاً في تعزيز حالة التفرق تلك، ليس انتهاءاً بالـ "الجولاني" خلقت حالة إحباط لدى الحاضنة الشعبية وباتت تتطلع لمخرج بفصيل أو قوة عسكرية تكون متبنية حقيقية لحراكهم وتعيد الأمجاد القديمة للثورة السورية.

وأضاف أن حملات "البغي" التي مارسها "الجولاني" ضد مكونات الثورة عامة من درعا إلى إدلب، وماتلاها من حملات عسكرية للنظام وروسيا وتهجير لملايين المدنيين وجميع المكونات العسكرية في تلك المناطق باتجاه الشمال السوري، ورغم كل الإحباط الذي عاشه أبناء الثورة بعيداً عن مناطقهم، خلق لديهم بصيص أمل أن تتوحد جهود تلك الفصائل وتتعظ من الدروس، فكان بروز "الجيش الوطني" ليوحد جهود تلك القوى الملاحقة من "الأسد والجولاني" على حد سواء.

ومنذ تاريخ 30 كانون الأول/ ديسمبر 2017، بداية توحيد القوى العسكرية تحت لواء "الجيش الوطني السوري"، ورغم كل القرارات والخطوات لترتيب الصفوف، إلا أن التشرذم والنزعة للفصيل لاتزال السمة التي تحكم وتدير تلك المكونات، في ظل فشل ذريع في التغلب على أخطاء الماضي وإنهاء التشرذم والتفرق، مع تصاعد قوة النظام المنتشي بانتصاره و "قسد" المدعومة من التحالف و"هيئة تحرير الشام" التي أنهت المنافسين لها وأعدت خطة لتأسيس دولية في بقعة جغرافية صغيرة، تتطلع لتوسيعها ليس على حساب النظام وإنما الفصائل الأخرى، وفق كلام القيادي.


امبراطوريات و صراعات مناطقية

وقدمت "فصائل الوطني" خلال سنوات بعد التأسيس - وفق المصدر - أسوء صورة لتمثيل الحراك الثوري السوري، من خلال تضارب المصالح، وتغليب أسماء الفصيل على المكون الجامع، والنزعة المناطقية التي طغت على صراعاتها، علاوة عن بناء الإمبراطوريات كلاً في البقعة الجغرافية التي سيطر عليها وممارسات صنوف واسعة من الانتهاكات، قبل أن يسلب القرار كاملاً وتغدو قيادات تلك الفصائل مجرد "كركوزات" تتحرك بأوامر خارجية، ويتحول البعض لمرتزق يلهث لينال رضا الداعم.


فشل مؤسساتي وحكومة هلامية

ووفق القيادي، فقد فشلت "هيئة الأركان" و "وزارة دفاع المؤقتة" في أن تكون الجامع لكل تلك المكونات التي تختلف في أفكارها ومشاريعها ومناطقها - ومنها لايحمل مشروع أصلاً عدا التملك في المنصب والسيطرة على الثروات وبناء الأمجاد الوهمية- ، ليكون نتاج ذلك - وفق القيادي - انتشار الفوضى الأمنية والعسكرية، وتواصل الصراع بين تلك المكونات بمختلف مسمياتها.

وعلى الصعيد المؤسساتي والقضائي، كانت "الحكومة السورية المؤقتة" عبارة عن جسم هلامي، لم تستطع حتى توحيد المجالس المحلية تحت إدارتها، فكان لكل مجلس تبعية وارتباط خاص مع السلطات التركية، وقرارات وقوانين يسنها بمعزل عن باقي المجالس، كشف عن تفكك تلك المنظومة المدنية، علاوة عن وجود جهاز قضائي غير فاعل، فشل في محاكم قيادات صغيرة متورطة بجرائم حرب، وجهاز أمني متفكك في ظل حالة فوضى عارمة وتفجيرات كبيرة رغم كشف بعض منفذيها إلا أن أحداً لم يستطع المحاسبة والحد من التفجيرات والاغتيالات.


ارتزاق وتبعية عمياء أضاعت البوصلة

ووفق حديث القيادي لشبكة "شام"، فإن "الجيش الوطني، ورغم تنفيذه لكل القرارات الدولية والأوامر التركية، بما فيها القتال في دول أخرى كـ "مرتزقة"، إلا أنه لم يستطع استغلال الدعم التركي له، وتقديم صورة مثالية لقوة عسكرية تستطيع إدارة المنطقة على المستويات التنظيمية والعسكرية والأمنية وحتى المدنية، علاوة عن ضعف الأداء العسكري في مواجهة "قسد".


"الجولاني" رجل مطيع بدور "المخلص"

هذه المراحل - وفق القيادي - كانت بموازاة تغيرات جذرية عمل عليها "الجولاني" للتقرب من الدول الغربية وتركيا، وتقديم صورة مناسبة للمرحلة في تغيير الأيديولوجية وإنهاء المخالفين، وتنظيم الجانب المدني، علاوة عن تنفيذ بعض القرارات الدولية الأخيرة بما يتعلق بملفات سياسية وأخرى إنسانية، ليقدم نفسه كرجل "مطيع" يستطيع إدارة المنطقة وضبطها، وإنهاء أي تشرذم، ليكون خياراً بديلاً لتولي إدارة المناطق المحررة وهذا ماتحتاجه الدول المعنية بالأمر لاسيما تركيا.

ولفت القيادي إلى أن سلسلة التحولات في سياسة الهيئة، جعلته يتقرب من بعض مكونات "الجيش الوطني"، لاستخدامها في تنفيذ مخططه الرامي للتوسع شمال حلب، وكما استخدم العديد من الفصائل في حملات "البغي" بإدلب ومن ثم قام بإنهاء تلك الفصائل، ليكرر نفس التجربة في حلب والتي كانت بدايتها استثمار النزاع بين "أحرار الشام والجبهة الشامية" بحملات إعلامية وتحضيرات برزت نتائجها يوم 18 حزيران، بدخول أول قوة عسكرية للهيئة إلى مناطق غصن الزيتون علانية، سبقها اختراق المنطقة أمنياً.


مشروع جديد ينفذه "الجولاني"

ووفق رأي "القيادي" فإن "الجولاني" استطاع تقديم نفسه كـ "مخلص" لمناطق شمال غرب سوريا من التشرذم والتفرق، وبات كـ "فزاعة" ضد المكونات التي يعلو صوتها وتحاول بناء امبراطوريات لها خارج السرب، فنال "الجولاني" بشكل غير مباشر الضوء الأخضر ليدخل المنطقة، والتي يبدو أن مرحلة جديدة ستدخلها في الفترة القادمة على صعيد ضبط الفصائل ورسم آلية جديدة لتوحيد القوى جميعاً في طريق واحد بالقوة.

وبات التنفيذ اليوم لهذه المرحلة التي يتم رسمها خارجياً بيد "الجولاني" فجاء بداية استثمار "أحرار الشام" التي سبق وأن بغى عليها، ليلعب اليوم دور الحليف ويستخدمها للعبور وراء خندق أطمة الغزاوية، ويبدأ مرحلة "بغي" جديدة، تظهر ملامحها الأولى ضد "جيش الإسلام والجبهة الشامية" التي يبدو أنها خرجت عن السرب، وحاولت بناء تحالفات بمعزل عن الخط الجامع، وبالتالي بات أمامها خيارات ضيقية إما الرضوخ أو الإنهاء.


الخلاصة: "الشاطر من يطيع الأوامر"

واعتبر القيادي في حديثه لشبكة "شام" أن مرحلة دخول أرتال "هيئة تحرير الشام" إلى مناطق "غصن الزيتون" باسم "أحرار الشام" ستكون نقطة فاصلة في مسيرة "الجيش الوطني"، وأن مابعد 19 حزيران، لن يكون كما قبله، ملمحاً لبداية مرحلة دمج مناطق "إدلب وشمال حلب"، لكن على مراحل، وبطرق تقتضيها تطورات الوضع الميداني، سيكون لـ "الجولاني" دور فاعل في تنفيذ تلك المرحلة، إلى جانب تحالفاته هناك، بمشروع يعد للمنطقة منذ أعوام و"الشاطر من يطيع الأوامر" وفق تعبيره.

وفي الطرف المقابل، يرى البعض أن استمرار حالة التشرذم بين مكونات الثورة عامة، أعطت النظام وحلفائه قدرة على التوسع والسيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي المحررة لم يكن يتوقع سقوطها، وبالتالي ليس هناك بديل لتوحيد الجهود جميعاً في ظل اختلاف المشاريع واستمرار التناحر والخصومات، إلا بقيادة واحدة تستطيع كسر التفكك وإنهاء الخصوم للحفاظ على ماتبقى والعمل لتحرير ماخسرته الثورة.

وبرأيهم، أن جميع وسائل التوحد وغرف العمليات التي تم الإعلان عنها، لم تستطع تحقيق هدف "التوحد" رغم أن الدعم بات محصوراً بجهة واحد نسبياً وهي "تركيا" التي باتت الدولة الوحيدة التي تملك قوات عسكرية في مناطق "الوطني والهيئة"، وتدعم هذه المناطق على عدة مستويات، وبالتالي بات لزاماً توحيد القوى العسكرية لتشكيل جهة واحدة تتعامل مع الحليف المتبقي للثورة.

وخلصت تلك الأطراف، والتي تميل لتوجهات ومشروع "الجولاني"، إلى أن "البغي" ضرورة، لتوحيد الجهود المستعصية، معتبرة أن سياسة "الجولاني" أتت أُكلها في تنظيم إدلب عسكرياً ومدنياً وإدارياً، وأن تعميم هذه الفكرة شمال حلب يتطلب واقع مشابه، وأنه يتطلب نسيان الماضي وتاريخ "الجولاني" والعمل لتحقيق التوحد بين المنطقتين على كل المستويات.

وبين هذا المشروع وذاك، يبقى التعويل على أبناء الثورة الحقيقيين الموجودين في جميع المكونات العسكرية، كي تتوحد جهودهم لتمكين مشروع "الثورة" وإنهاء جميع المشاريع الأخرى المشبوهة، ويكون لأبناء الثورة الحقيقيين صوتهم وكلمتهم التي تعيد أمجاد "حجي مارع وأبو فرات" وغيرهم،  لتعود للثورة زهوتها وتستعيد ماسلب منها من مناطق فقط عندما يكون أبناؤها بصوت وعزيمة واحدة، وبقرار منبعه نصرة الشعب المظلوم وتحقيق أهداف الثورة الحقيقية بعيداً عن أي مشروع.

اقرأ المزيد
٣٠ نوفمبر ٢٠٢١
سطوة "تحرير. الشام" تُقيد عمل "المنظمات الإنسانية" وآخر ضحاياها "القلب الكبير"

تواصل "هيئة تحرير الشام"، بواسطة أذرعها المدنية والأمنية، التضييق على عمل المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق سيطرتها شمال غرب سوريا، وواجهت العديد من المنظمات عمليات تضييق كبيرة ومصادرة لمكاتبها ومستودعات خاصة بها، لرفضها الشروط التي طرحها "مكتب شؤون المنظمات" اليد الطولى للهيئة في تقييد عمل تلك المؤسسات، آخرها منظمة "القلب الكبير".

وفرضت مؤسسات الهيئة موظفين واداريين للعمل ضمن هذه المنظمات، وفرضت على كل منظمة أتاوات بنسبة متفاوتة تدفع شهرياً سواء كانت من المساعدات الإنسانية أو المشاريع أو حتى رواتب الموظفين التي تصل لهذه المنظمات، مع فرضها توجيه عمل المنظمات والدعم المقدم بحسب ما يطلب المكتب عبر أذرعها في حكومة الإنقاذ.

تكتمت غالبية المنظمات عما تتعرض له من تضييق لعلمها أن الجهات الداعمة لها ستوقف عملها وبالتالي انعكاس الأمر سلباً على ما تقدمه من مساعدات ودعم للمدنيين في المحرر، ما أجبرها على الرضوخ وقبول دفع الأتاوات والنسب المفروضة عليها، وتتكتم المنظمات وتتحاشى ذكر أي تعاملات مع الهيئة مع العلم أن التعاملات هي إجبارية وناجمة عن سيطرة الهيئة على مديرية المنظمات ومعبر باب الهوى وعلى غالبية المجالس المحلية في ادلب.


"القلب الكبير على قائمة استهداف الهيئة"

الجديد اليوم، استهداف الهيئة لمنظمة "القلب الكبير" في مناطق شمال غرب سوريا، واعتقال العديد من مدراء ومسؤولي مكاتب المنظمة، بحجج واهية ساقتها في التضييق على جل المنظمات، بعد رفض المنظمة مشاركة الهيئة ومؤسساتها في العديد من المشاريع التي كانت تقدمها للمدنيين في عموم مناطق شمال غرب سوريا، وهي من أوائل المنظمات العاملة في المنطقة.

بدأت القصة بعد حادثة تعرض محاسب المنظمة "فراس العوض" لإطلاق نار وسلب مبلغ مالي مخصص للمنظمة، بتاريخ الخميس 1/ نيسان/ 2021 أمام مكتب المنظمة في بلدة كفريحمول بريف إدلب الشمالي، ووفاته متأثراً بجراحه يوم الاثنين 26/ نيسان/ 2021، لتستغل الهيئة وأذرعها الواقعة بدعوى التحقيق بخلفيات القضية، ليتم بعدها اعتقال العديد من الموظفين بدعوى التحقيق، ومن خلال التحقيقات الكشف عن مشاريع المنظمة وعملها والحوالات المالية التي وصلتها في الفترة الأخيرة.

وقامت أمنية الهيئة باعتقال كلاً من مدير مكتب سرمدا "م. ه" و "أ. ر" مسؤول بالمنظمة، تلا ذلك اعتقال مدير مكتب أريحا في المنظمة "س. ك" على معبر الغزاوية خلال توجهه لتركيا، ثم اعتقال موظفي مكتب إدلب كلاً من "م س، خ ر، خ خ" للتحقيق معهم، بدعوى وصول مبالغ مالية للمنظمة وتوزيعها على الموظفين دون إطلاق المؤسسات التابعة لحكومة الإنقاذ.

ويأتي التضييق على منظمة "القلب الكبير"، التي علقت عملها في إدلب وغربي حلب، في سياق الممارسات التي تقوم بها الهيئة لإخضاع جميع المنظمات، وممارسة الرقابة والوصاية عليها، يصل لحد التدخل في جميع نشاطاتها وتوجيهه وفق ما يريد مسؤولي الهيئة، مع تركز حيز بسيط لمسؤولي المنظمة لمواصلة عملها لضمان استمرارية الدعم.

 

"تاريخ حافل بالتضييق على المنظمات الإنسانية"

وللهيئة تاريخ حافل بالممارسات والتضييق على منظمات العمل الإنساني في مناطق سيطرتها، ففي حزيران 2018، أعلنت حكومة "الإنقاذ" الذراع المدني لهيئة تحرير الشام في إدلب، عن وقف عمل منظمة "IHH " التركية، معللة ذلك باسم مقتضيات المصلحة العامة، ولايحق لها العمل ضمن المخيمات إلا بعد الرجوع للإدارة العامة لشؤون المهجرين.

مصادر خاصة أكدت لـ "شام" حينها، أن حكومة الإنقاذ ومسؤولي شؤون المنظمات لم يدخروا جهداً في التضييق على منظمة "IHH " التركية ووقف الديانة التركية وعدد كبير من المنظمات، بهدف إرضاخها وإجبارها على الاستجابة لمتطلباتهم في تقديم نسبة من المواد الإنسانية التي تدخلها للمحرر لصالح الهيئة ومكاتبها، إضافة لنسبة من المشاريع التي تنجزها وكذلك أتاوات لقاء عملها.

وفي آب 2018، عملت إدارة المهجرين التابعة لهيئة تحرير الشام على ممارسة التضييق على منظمة بنفسج العاملة في ريف إدلب، بهدف إخضاعها وفرض ماتريد من إملاءات عليها، والحصول على نسبة من المشاريع والسلل الإنسانية والأموال التي تحصل عليها المنظمة لمساعدة المحتاجين من النازحين والفقراء.

ولأن إدارة المهجرين قوبلت برفض التعاون من قبل إدارة المنظمة، وبعد تضييق وضغوطات وتهديدات مبطنة بدأت عناصر تحرير الشام بملاحقة كوادر المنظمة واعتقالهم في مدينة إدلب الريف، حيث قامت قبل أيام باعتقال مسؤول لوجستي في المنظمة، وتقوم بملاحقة عدد من المسؤولين العاملين على الأرض.

وفي تشرين الأول 2018، اعتقلت أمنية الهيئة مدير فرع أطمة في جمعية عطاء للإغاثة والتنمية، وكانت الجمعية قد علقت تنفيذ مشاريعها بمنطقة المخيمات حتى يتم إطلاق سراح صدام المحمد مستنكرة إصرار هيئة تحرير الشام على التدخل في العمل الإنساني مما يهدد آلاف المدنيين من حرمانهم من الخدمات المقدمة لهم من قبل المنظمات، والتي تعاني بالأصل من ضعف في عمليات الاستجابة.

 

"خيارات ضيقة أمام المنظمات للتعامل مع تضييق الهيئة"

كثرة المضايقات يضع المنظمات الإنسانية بين خيارين لا ثالث لهما إما الرضوخ والخضوع لما تفرضه هيئة تحرير الشام ومؤسساتها من شروط ودفع ما يترتب عليها من أتاوات وتلبية كل متطلباتها، أو وقف عملها وإغلاق مكاتبها وبالتالي وقف كافة أشكال الدعم والمشاريع التي تنفذها.

ويبقى الخاسر الوحيد من كل هذه التجاوزات هو المدني الباحث عن سلته الغذائية والصحية وخيمة النزوح التي تضمن استمرارية حياته في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة التي يعانيها في مخيمات الشتات ومناطق النزوح، ويصلهم الفتات مما يتركه أمراء تحرير الشام بعد أن سخرت العمل الإنساني كباب للتمويل والاستغلال على حساب معاناة المدنيين.

 

"ممارسات الهيئة تقوض العمل الإنساني"

وساهمت هذه التصرفات التي تقوم بها تحرير الشام عبر مؤسساتها المدنية في تقويض العمل الإنساني والمساهمة في وقف دعم العديد من المنظمات التي تحول دعمها لمناطق أخرى في شمال حلب أو لمناطق قسد أو النظام من قبل الجهات الداعمة بسبب عدة القدرة على ممارسة نشاطها الإنساني بشكل سلس، في ظل المضايقات التي تتعرض لها المنظمات من قبل الهيئة.

 

"المجال الإنساني مصدر مالي كبير للهيئة"

ويعد القسم الإغاثي والإنساني من أبرز الأقسام التي تعول عليه تحرير الشام مصادرها المادية والعينية حيث تقوم تحرير الشام عبر عناصرها العاملين في مكتب المنظمات بفرض الأتاوات المادية والغير مادية على المنظمات والهيئات الإنسانية العاملة في الشمال السوري فمن مصادرة السلال غذائية او تأسيس منظمات تابعة لتحرير الشام واجبار المنظمات الأخرى على فرض عقود شراكة مع هذه المنظمات الى فرض نسب محددة على كل منظمة من نسبة العقد الذي توقعه مع الداعم الخاص بها الى إجبار المنظمات للحصول على عقود التوريدات الخاصة بها من محروقات وأعمال تعهدات عبر متعهدين تابعين لها.

 

"تقارير سابقة حذرت منها شام من استمرار ممارسات الهيئة"

وأوردت "شام" تقارير سابقة تتحدث عما تتعرض له المنظمات من تضييق وهيمنة، الأمر الذي سلط الضوء على ملفات الفساد تلك ودفع بعض الجهات الداعمة للتفتيش في عدة منظمات وفصل العشرات من الموظفين ومدراء بعض المنظمات لثبوت تعاملهم وتواطئهم مع تحرير الشام، إلا أن الهيئة لاتزال تواصل عملياتها في التضييق والضغط بشتى الوسائل للحصول على ما تريد وتفرضه من نسب.

وسبق أن وجه تحالف المنظمات السورية غير الحكومية، رسالة لجميع الفصائل العسكرية وكيانات الإدارات المدنية، بما فيها مكاتب تنسيق العمل الإنساني والإغاثي ومحاكم القضاء في محافظة إدلب حول القيود أمام وصول المنظمات الإنسانية إلى المدنيين المحتاجين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل في إدلب، بينت فيها أن المجتمع الإنساني (المكون من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية) الذي يقدم المساعدات الإنسانية عبر الحدود من تركيا إلى سوريا، قلق حيال إمكانية عدم التمكن من إيصال المساعدات الإنسانية الطارئة للمحتاجين أو تخفيض حجم المساعدات نتيجة هذه العوائق أو التهديد بفرضها.

وذكرت الرسالة أنه في شهر كانون الأول من العام ٢٠١٤، تبنى المجتمع الإنساني العامل من تركيا وثيقة سميت بالبروتوكول الخاص بالتعامل مع أطراف النزاع لتقديم المساعدات الإنسانية في شمال سوريا". توضح هذه الوثيقة كيفية تعامل المنظمات الإنسانية مع أطراف النزاع في الشمال السوري.

ولفتت إلى أنه لا يزال هذا البيان ساري المفعول ويتضمن الالتزامات الأساسية في احترام وحماية العاملين في مجال الإغاثة، والسماح والتسهيل السريع لمرور الإغاثة دون عوائق بما في ذلك المعدات الطبية والجراحية، و منح عاملي الإغاثة حرية التنقل للوصول إلى الناس المحتاجين على أساس الحاجة وحدها، و احترام ودعم المبادئ الإنسانية الأساسية (الإنسانية والحياد وعدم الانحياز واستقلالية العمل)، واعتماد إجراءات بسيطة وسريعة لجميع الترتيبات اللوجستية والإدارية اللازمة لعمليات الإغاثة الإنسانية، والعمل فورا وبحسن نية مع ممثلي الوكالات الإنسانية للاتفاق على ترتيبات عملية لتقديم المساعدة لتلبية احتياجات جميع المدنيين.

لخصت الرسالة التدخلات في تنفيذ الأنشطة الإنسانية، ويتضمن هذا: التدخل في قضايا الموارد البشرية كتعيين الموظفين أو طلب معلومات عن رواتب العاملين بالمنظمات أو عن بعض الموظفين، والتدخل في عملية شراء البضائع، ويتضمن هذا طلب وثائق المناقصات والعقود، والضغط على المنظمات غير الحكومية للتعامل مع تجار معينين، مطالبة المنظمات غير الحكومية بتقديم قوائم المستفيدين من المساعدات أو أي تفاصيل سرية أخرى متعلقة بالبرامج الإغاثية، محاولة التأثير على البرامج الإنسانية والضغط نحو توزيع المساعدات على مناطق أو مجموعات أو أفراد غير متضمنة في توزيع المساعدات الخاصة بالمنظمات.

وأشارت الرسالة إلى أنه في حالة عدم قدرة المجتمع الإنساني على تقديم المساعدات والخدمات وفق المبادئ الإنسانية المذكورة أعلاه، قد تكون العملية الإغاثية بمجملها معرضة لخطر الإيقاف، وفي حال حصول هذا، تقع مسؤولية تقديم المساعدات الإنسانية المختلفة (المساعدات الغذائية والغير غذائية والطبية وخدمات المياه والتعليم والحماية والمأوى) - حسب القانون الإنساني الدولي وقوانين حقوق الإنسان على عاتق السلطات المتواجدة على الأرض.

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠٢١
هل هناك مؤشرات على اقتراب معركة السيطرة على تل رفعت ومنبج؟

اشارت مصادر خاصة لشبكة شام الإخبارية أن الجيش التركي قد بدأ بالفعل المشاورات العسكرية والتجهيز لشن عملية عسكرية على مدينة تل رفعت شمال حلب وكذلك مدينة منبج شرقها، ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

وأكدت المصادر الخاصة لشبكة شام أن العملية العسكرية، ستكون محصورة فقط ضمن مجموعة صغيرة من قوات الجيش الوطني السوري وبمشاركة من الجيش التركي، وخاصة الطائرات المسيرة المعرفة باسم "بيرقدار"، كما ستشارك المدفعية بشكل قوي وفعال.

 

أسباب المعركة؟

صرحت تركيا مرارا وتكرارا برغبتها في السيطرة على عمق 30 كم داخل الأراضي السوري، وكان ذلك واضحًا من الخريطة التي حملها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2019، وطالب فيها بإنشاء ما أسماها "منطقة أمنة"، تكون ملاذا للسوريين الهاربين من بطش النظام السوري، وفي ذات الأمر وربما هي النقطة المهمة، تخفف عدد اللاجئين السوريين في تركيا وأوروبا، بحيث يكون لهم موطئ قدم تحت الحماية الدولية، ولكن هذا الأمر لم يحصل بالتأكيد.

 

Embed from Getty Images

كما أن اتفاق أضنة الذي وقع بين سوريا وتركيا عام 1998م، يعطي الحق للأخير في حال تم تهديد أمنه القومي بدخول الأراضي السوري بعمق 5 كم، وبما أن "قسد" هي التهديد المقصود، لذلك، فإن من حق تركيا الدخول لإنهاء هذا التهديد، وقد فعلت ذلك في ثلاث عمليات عسكرية سابقة، فهل نحن على أعتاب العملية الرابعة؟.

وفي ذات السياق، فقد صرح أردوغان في 11 من الشهر الحالي، إن صبر أنقرة حيال بؤر الإرهاب شمالي سوريا قد نفذ، وأنها تعتزم القضاء على التهديدات، وذلك بعد الهجوم على قوات بلاده في منطقة "درع الفرات" شمال حلب، والتي أدت لمقتل اثنين من الشرطة التركية وإصابة أخرين، كما تعرضت الأراضي التركية أيضا لقصف مدفعي، حيث اعتبر أردوغان أن هذه التحرشات بلغت حدا لا يحتمل، وسيتم القضاء عليها عبر القوى الفاعلة هناك أو بإمكاناتنا الخاصة، في إشارة الى الجيش الوطني السوري.

كما أن تركيا تعتبر تواجد "قسد" بالقرب من حدودها تهديد لأمنها القومي، فهي ترى أنها الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، وشنت لإنهاء تهديدها 3 عمليات عسكرية كانت الأولى درع الفرات والتي استهدفت أيضا تنظيم داعش، ومن ثم غصن الزيتون في منطقة عفرين، ومؤخرا نبع السلاح والتي استهدفت منطقة تل أبيض شمال الرقة ورأس العين شمال الحسكة، ويبدو أن المعركة القادمة والرابعة ستكون في تل رفعت ومنبج.

والسبب الأخر لشن هذه العملية، هو الضغط الشعبي في المناطق المحررة، ومطالبات متواصلة بضرورة شن عملية عسكرية على المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة "قسد"، إذ خرجت العديد من المظاهرات تطالب تركيا وفصائل الجيش الوطني السوري بضرورة تحرير مناطقهم كي يعودوا اليها سريعا، وهو أيضا ما تسعى له تركيا من خلال تخفيف وطأة اللجوء السوري في أراضيها، خاصة أن هناك الكثير ممن سيعودون في حال تم تحرير منازلهم.

Embed from Getty Images

 

ما هو موعد انطلاق المعركة؟

عودتنا تركيا قبل أي عملية عسكرية لها في سوريا، إذ يبدأ بتحشيد إعلامي كبير ومن ثم تهديدات مباشرة ويليها التحشيد العسكري ومن ثم الهجوم السريع، ونستطيع الحديث أننا قد وصلنا نهاية التحشيد الإعلامي ودخلت مرحلة التجهيزات العسكرية للمعركة القادمة.

وفي الحقيقة لا يوجد موعد محدد لإنطلاق العملية العسكرية بعد، خاصة أنها مرتبط بالتوافق التركي مع روسيا وأمريكا، وتحتاج لذلك لضوء أخضر يبدو أنها لم تحصل عليه بعد، خاصة من الطرف الروسي الذي على ما يبدو يرغب بثمن الموافقة، ولكن هل أخذت أنقرة موافقة واشنطن؟.

كانت تركيا في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد دفعت لواشنطن مبلغ مليار ونصف دولار مقابل حصولها على طائرات متطورة من نوع "أف 35"، إلا أن ذلك لم يحصل بسبب إصرار أنقرة على اتمام صفقتها مع موسكو والتي حصلت فيها على منظومة الدفاع الجوي "اس 400".

الرفض الأمريكي لبيع "اف 35" لتركيا، هو أن "اس 400" الروسية تشكل تهديد مباشر لطائراتها ما قد يكشف التكنولوجيا السرية لهذه الطائرة لروسيا، كما تعتبر أمريكا أن منظومة الدفاع الروسية غير متوافقة مع أنظمة دفاع دول الناتو.

ومؤخراً وحسب ما هو متداول، أن واشنطن قدمت مقترحا لأنقرة لبيع طائرات من "اف 16" بنسخة متطورة بدلا من طائرات "اف35" وهو ما وقفت عليه أنقرة على الفور، ولكن يعتقد مراقبون أن الموافقة التركية أتت بعد موافقة واشنطن على إعطاء الضوء الأخضر لأي عملية تركية في الشمال السوري.

كما نددت الخارجية الأمريكية بالهجمات التي استهدفت الأراضي التركية وقدمت تعازيها لأسر الشرطيين التركيين اللذين قتلا مؤخرًا في سوريا، ولم تذكر واشنطن في إدانتها من قام بهذه الهجمات ولم تحمل المسؤولية لأي طرف، ولكنها طالبت بضبط النفس ووقف إطلاق النار.

 

الثمن الروسي؟

هذه الإدانة وصفقة الطائرات، رآها مراقبون حصول تركيا على الضوء الأخضر الأمريكي، ولكنها لم تحصل بعد على الضوء الروسي، إذ عودتنا روسيا هي الأخرى على أخذ ثمن أي تحرك تركي في سوريا، حيث يرى مراقبون أن الثمن سيكون في ادلب أو في تطوير العلاقات مع النظام السوري.

وحسب تحليلات مختلفة، أشارت أن الموافقة الروسية لشن عملية عسكرية تركية، سيكون مرتبط بتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين أنقرة ودمشق، فيما يراه مراقبون أنه غير ممكن في الوقت الحالي، بينما رآه أخرون أنه ممكن للغاية، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو في مطلع الشهر الماضي أن "أنقرة تتواصل مع دمشق حول قضايا أمنية"، وفي حال لم يتم التوافق على تطوير العلاقات بين الجانبين، يرى مراقبون أن أنقرة من الممكن انها قد تستغني عن جزء من جنوب ادلب، وخاصة الطريق الدولي "ام 4".

روسيا وعلى لسان وزير خارجيتها "سيرغي لافروف" قال إن تركيا لم تنفذ كامل التزاماتها فيما يخص اتفاق ادلب، وأحد أهم شروطه فتح الطريق الدولي "ام 4" وإنهاء تواجد التنظيمات الإرهابية وأحدها هيئة تحرير الشام.

وعلى الرغم من الرفض التركي لأي عملية عسكرية روسية على ادلب، والتي إن تمت ستعمل بالتأكيد على نزوح مئات الالاف الى الحدود التركية ومنها الى داخلها، إلا أن تركيا تبحث عن مصالح أمنها القومي أولا، والذي يتمثل في إنهاء تواجد "قسد" بالقرب من حدودها.

فيما يرى مراقبون أن تركيا ستعمل على وقف أي عملية على ادلب وذلك بالضغط على الدول الأوروبية من خلال التهديد بورقة اللجوء، التي أتقن أردوغان لعبها بشكل جيد، وقد تقوم أنقرة بتقديم بعض التنازلات لموسكو فيما يخص مناطق أخرى مثلا ليبيا أو أفغانستان أو أذربيجان، وقد تذهب لصفقات عسكرية وتجارية أخرى، كي يتم إرضاء موسكو بها مقابل عدم شن أي عملية عسكرية على ادلب، إذ ان موسكو في الحقيقة لن تسمح لتركيا بشن أي عملية عسكرية بدون مقابل.

كما يرى محللون أن تركيا وروسيا قد يتوصلوا لتوافق فيما يخص الطريق الدولي "ام 4" بدون عملية عسكرية، وهو ما بات من الممكن حدوثه، خاصة بعد أن سمحت هيئة تحرير الشام بدخول شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية من مناطق النظام السوري الى المناطق المحررة، إذ اعتبر ذلك إشارة الى احتمالية تعاون الهيئة مع الأتراك في حال رغبتهم فتح الطريق الدولي، وفي حال تم ذلك فمن المتوقع أن يكون الطريق تحت الحماية التركية المباشرة ومراقب من قبل الجيش الروسي، وإذا ما حصل ذلك، فإن روسيا ستعتبر ذلك تقدما كبيراً لها.

 

كيف سيكون شكل العملية العسكرية؟

حسب مصدر خاص لشبكة شام، أن تركيا قد بدأت بالفعل مشاورتها ووضع الخطط العسكرية لعمليتها المرتقبة لتحرير تل رفعت ومنبج وما حولهما، حيث ستكون المشاركة محصورة في مجموعات صغيرة من الجيش الوطني السوري، حيث ستشارك الطائرات التركية المسيرة في المعركة والتي ستعمل على تدمير قدرات "قسد" الدفاعية، ما قد يسمح بتوغل القوات التركية والجيش الوطني الى هذه المناطق.

وأكد المصدر الخاص، أن عملية الإستهداف ستكون مركزة وسريعة، وستعمل على شل حركة "قسد" وإجبارها على الانسحاب سريعًا، حيث ستبدي قسد دفاعا على مواقعها، ولكنها في النهاية لن تتمكن من الصمود كثيرا في وجهة الآلة العسكرية التركية.

وتوقع المصدر أن تكون المعركة الأولى في تل رفعت ومحطيها شمال حلب، وستشهد معارك عنيفة جدا، ولكنها في النهاية ستكون محسومة للجيش التركي، خاصة على ضوء المعارك السابقة التي انتهت بسرعة كبيرة وانسحبت "قسد" فيها سريعًا.

بينما ذهب المصدر أن تكون معركة منبج متأخرة، خاصة أن التركيز الأن على تحرير تل رفعت أولا، ولم يتم تحديد موعد معركة السيطرة على منبج، والتي قد تكون مباشرة بعد تل رفعت وقد تكون بعد فترة بعيدة بعض الشيء، ولكن هناك إصرار تركي على السيطرة على المنطقتين بكل السبل الممكنة كانت عسكرية أو سلمية.

وفي الحقيقة من غير الممكن فهم السياسية الدولية في سوريا بشكل واضح، خاصة بين تركيا وروسيا، إذ كان هناك حديث متصاعد وتحشيد تركي كبير للسيطرة على مدينة عين عيسى شمال الرقة أواخر العام الماضي، حيث تعرضت المدينة وقتها لقصف كثيف جدا من قبل المدفعية التركية، إذ كانت المؤشرات أنذاك عن نية الأتراك بالسيطرة على المدينة، إلا أن ذلك لم يحصل لغاية الأن، وقد تكون المؤشرات الحالية لمعركة السيطرة على تل رفعت ومنبج ذات الشيء، وتنتهي دون أي عملية وتتراجع أنقرة عن تهديداتها.

ولكن في نهاية الأمر، ترى تركيا أن تواجد قسد على حدودها يهدد أمنها القومي، وبالتأكيد ستعمل بكل الطرق الممكنة لإنهاء هذا التهديد، ولكن هذه "الطرق" ليست معبدة أمام الأتراك، حيث وضعت أمريكا وروسيا والنظام السوري كل المعوقات والمطبات أمام تحقيق أنقرة لما تريده في سوريا، والأسابيع أو الأيام القليلة القادمة ستكشف مدى قدرة تركيا على تطويع وتعبيد هذه الطرق.

 

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠٢١
"انتخابات المعارضة" ... مقارنة وتداعيات

"وكأن الثورة لم تلد سواهم ليتسلموا زمام المناصب في منصات المعارضة المتنوعة، حتى أنها باتت حكراً عليهم، لتتكرر أسمائهم في المواقع وفي كل انتخاب، يتبادلون الأدوار والكراسي، لتتغير الشخصية وتبقى عملية التدوير مستمرة"، هكذا يصف الشارع السوري الثائر، البعض القائمين على تمثيل منصات المعارضة السورية.

يقول آخرون أنه طيلة السنوات الماضية، ورغم كل ما مر فيه الحراك الثوري السوري في الداخل من مراحل قوة وضعف وانكسار، ورغم كل الظروف، لم تستطع مكونات المعارضة الخارجية ابتداءاً بـ "المجلس الوطني" وليس انتهاءاً بـ "الائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية"، وغيرها، أن توحد جهودها لتخدم قضية ذلك الشعب.

بل كل ما أنتجته - وفق سياسيين - هو الخصومات والتكتلات والخلافات وبناء التيارات لتقاسم المناصب والسلطة، وتبادلها فيما بينهم، رغم كل المحاولات التي بذلت لتوحيد صفوف المعارضة سواء في "السعودية أو تركيا أو قطر" ودول أخرى كان لها دور في رعاية تلك المنصات، حتى وصل الحال للتهديد بالتخلي عنهم.

وقليلاً ما تخرج للعلن السجالات السياسية التي تدور في أروقة التفاوض أو ما يدور من مباحثات مع الدول التي تبنت منصات "المعارضة السورية"، والكثير من عموم الشعب يتهم تلك الدول بالتسبب في تشرذم المعارضة وتفريقها، عبر تمكين التيارات والشخصيات النافذة عبر الولاءات والانتماءات، لكن هذا غير صحيح وفق ما قال أحد الشخصيات التي حضرت بعض تلك الاجتماعات لشبكة "شام".

ويروى الشاهد الذي "فضل عدم ذكر اسمه" جزء من التفاصيل حول اجتماع المعارضة في "الرياض 2"، وكيف حاول مدير المؤتمر المكلف من السلطات السعودية، توجيه المعارضة لتشكيل فريق تفاوضي من مختصين سواء حقوقيين أو سياسيين كلاً حسب اختصاصه بما لايتجاوز 15 شخصاً، وتفريغ هذا الفريق للتفاوض مع تكفل المملكة بكل النفقات.

يقول الشاهد إن التيارات التي حضرت الاجتماع سواء من "الائتلاف وهيئة التفاوض" رفضت الطرح بشكل كللي، وفضلت تقاسم المواقع وفق التيارات والتكتلات لأن في الطرح السعودي تدمير لمشاريعهم واختصار للوقت والجهد، ويهدد مناصبهم ومحاصصاتهم، الأمر الذي دفع الوفد السعودي للانسحاب مستاءاً من هذا الموقف.

ولعل كثرة الأخطاء التي وقعت بها المعارضة المفككة، والتي وصل الحال بها لاتباع أساليب تبادل الأدوار في المناصب و "تبادل الطرابيش" كما يسميه البعض، بانتخابات شكلية صورية، تديرها شخصيات باتت حاضرة في كل كيان و "كأن الثورة لم تلد غيرهم" كما قال أحد الشخصيات المعارضة، لتشيع مؤخراً تشبيهات "انتخابات المعارضة بانتخابات النظام" واتباع ذات أسلوبه.

وأثار إعادة انتخاب "أنس العبدة" قبل أيام لرئاسة "هيئة التفاوض السورية، لدورة ثانية، موجة سخط وردود في أروقة السياسيين ونشطاء الحراك الثوري، والتي أثارت حفيظتهم واعتبروها التفافاً على الديمقراطية، لاسيما مع غياب أي دور للحراك الشعبي السوري سواء في الداخل أو الخارج في اختيار من يمثلهم بشكل حقيقي لا بالتلاعب والالتفاف والولاءات.

شبكة "شام" تواصلت مع عدد من السياسيين والشخصيات المعارضة، وطرحت سؤالاً واحداً من هذه الزاوية، في مدى الحالة التي وصلت إليها مكونات المعارضة في اختيار من يمثلها، و "هل باتت انتخابات المعارضة أشبه بانتخابات النظام في التمديد وتبادل الأدوار بين عدد من الشخصيات المدعومة من هذه الدولة أو تلك...?".

وكان التواصل بداية مع "الائتلاف الوطني" ممثلاً بالسيدة "ربا حبوش" الناطق الرسمي للائتلاف، والتي "اعتذرت عن الإجابة"، في وقت رد الأستاذ "زكريا ملاحفجي" وهو عضو الهيئة العامة بالائتلاف، نافياً وجود أي تشابه بين انتخابات المعارضة والنظام، لافتاً إلى أن الائتلاف كمؤسسة رسمية للمعارضة، مر على إدارته تسع شخصيات مختلفة منذ تأسيسه ورئاسة "معاذ الخطيب حتى نصر الحريري"، معتبراً أن هذا التشبيه وهذه الصورة غير دقيقة بالمطلق.

ورأى ملاحفجي في حديث لشبكة "شام" أن الائتلاف ينبغي أن يسعى لتحويل حالة القيادة للمعارضة رويداً رويداً لتأسيس حوكمة ما بحالة انتخابية، معتبراً أن هناك عقبات ولكن لابد أن يكون هناك هدف يستوجب تحقيقه، وتحدث عن وجود حالة من التغيير مع تبديل تسع شخصيات من أقصى اليمين لليسار بين القيادات التي ترأست الائتلاف، بينا نظام الأسد يدير سوريا من الأب للابن على مدار سنوات طويلة.

الأستاذ "وائل علوان" الباحث في مركز جسور للدراسات، اعتبر أن نظام الأسد نظام مجرم ولاتتوقف مشكلة السوريين بأنه يدعي الديمقراطية ولاينفذها، مؤكداً أنه لايمكن المقارنة بين "النظام" و "المعارضة" في هذا الشأن وأن "حذاء المعارضة في رأس النظام" وفق تعبيره.

ولفت علوان في حديث لشبكة "شام" إلى أن المشكلة في الأداء "المؤسف" للمعارضة والمتمثل في عدم ممارسة الديمقراطية والانتخابات وعدم الاتصال السليم والصحيح بالشكل الذي نادى به الشعب منذ بداية الثورة، مبيناً أن "الهامش الوطني" الباقي بعد التدخلات والضغوطات الدولية، لاتستغله مؤسسات المعارضة لإثبات نموذج وحالة وطنية صحيحة وسليمة طالما تتوق لها الشعب السوري وطلبها بشكل حقيقي وجاد.

من جهته، قال الكاتب والباحث السوري "أحمد أبازيد"، إن "نظام الأسد ليس له شبيه في التوحش والشر والإجرام، في حين تبقى هناك معضلة بالنسبة للمعارضة تتمثل في تضاؤل الثقة والمصداقية الشعبية، بشكل متزايد مع الوقت".

وأرجع "أبازيد" ذلك في حديث لشبكة "شام" إلى "الفشل في الإنجاز في الملف السياسي، ونتيجة ضعف الثقة بالأشخاص أنفسهم، وتبدل صدارة المعارضة منذ عدة سنوات بين مجموعة معدودة من الأشخاص، مع عدم اعتماد المعارضة على شرعية انتخاب شعبية، أو على انتخابات داخلية لمكونات الائتلاف وأجسام المعارضة، مثل المجالس المحلية وكتل الحراك الثوري وغيرها".

وتحضر المشكلة أيضاً - وفق أبازيد - في غياب الانتخابات عن معظم المؤسسات الرسمية للثورة، خاصة المجالس المحلية في الشمال، ما يعني أن هناك حالة تغييب للشرعية الشعبية على كافة المستويات، السياسية والإدارية والخدمية، ومع الوقت تتكرس في نظر الشعب نخبة حاكمة لديها امتيازات خاصة، دون تماس مع الناس، وهو ما يمهد لحالة أكبر من القطيعة بين المجتمع والمؤسسات، وما يدفع الناس لتشكيل مؤسساتهم الخاصة.

ووافق الأستاذ "زهير سالم" وهو مدير مركز الشرق العربي - لندن، على التوصيف بين "انتخابات المعارضة والنظام"، وقال "مع الأسف وبكل تأكيد ومنذ أمد ليس بالقريب" لافتاً إلى أن "المشكلة ليست فقط في الانتخابات، بل في كل أمر ذي بال".

ولفت "سالم" في حديث لشبكة "شام" إلى أنه ومنذ القبول بنتائج مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في تونس، ثم القبول بالجلوس على طاولة المفاوضات في جنيف واحد مع إدارة الظهر للملفات الإنسانية المتقدمة على جميع الملفات السياسية وتخلت واجهات المعارضة السورية عن قرارها الوطني.

وذكر أن "بعض الناس يقولون إن جهة ما سلبت الواجهات المعارضة قرارها"، معتبراً أن "هذا توصيف غير دقيق، عن طواعية ورغبة دون رهبة تخلت المعارضة عن قرارها لوزير وسفير ثم لمن هو دون الوزير والسفير"، معتبراً أن التحدي الأول أمام المعارضة السورية أن تستعيد قرارها أو بعضا منه، مشيراً إلى أن واجهات المعارضة في مسيرة الثورة السورية منذ زمن فريق من الهواة والمسوقين والمشجعين"، وفق تعبيره.

ونختم حديثنا بتصريح من الأستاذ "برهان غليون" أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون في باريس، وأول رئيس للمجلس الوطني السوري، والذي قال في حديثه لشبكة "شام" إنه من التفريط بحق الذين وقفوا ضد النظام القاتل وهم أغلبية الشعب السوري، وصار يطلق عليهم اسم معارضين للنظام، وهم كذلك بالفعل، أن يحملوا مسؤولية انحرافات مؤسسات ضعيفة وشكلية لم تستطع أن تقوم بشيء منذ تأسيسها، ومعظم من يحركونها أو يقودونها لم يكن لهم تاريخ ولا موقع في المعارضة الشعبية والمدنية الطويلة السابقة على الثورة، ولا حتى خلال الثورة.

وأكد غليون على ضرورة أن تُنتقد هذه المؤسسات لعجزها وعدم قدرتها على خدمة قضية المعارضة لا أن يستخدم عجزها وبؤس تفكير قادتها لإدانة المعارضة السورية كلية، مصححاً سؤال "شام" الذي وجهناه بأن يكون السؤال الصحيح هو: هل تختلف انتخابات الائتلاف وهيئة المفاوضات، خاصة في السنوات الأخيرة، عن انتخابات النظام؟.

رأى "غليون" أن الجواب طبعا تختلف، لأن الأولى أعني انتخابات مؤسسات المعارضة الهزيلة والمجهضة والمنزوعة القرار لا تمثل أحدا سوى نفسها، ولا يهم من تنتخبه، أما انتخابات النظام فهي تهدف الى تزوير إرادة الشعب كله وتكريس سلطة نظام قاد البلاد الى الخراب والشعب الى الهلاك وهو المسؤول الأول عن الحرب والمجازر وأعمال الإبادة الجماعية التي عرفتها سورية في العقد المنصرم.

ولفت في حديثه لشبكة "شام" إلى أن هذا لا يقلل من سوء الائتلاف والهيئة الذين لا يمثلان المعارضة وإنما أنفسهما ومن يعمل فيهما ولا من مسؤوليتهما في تمديد أجل المأساة السورية ولكنه لا يقدم هدية مجانية لنظام الأسد ويبرر بشكل مباشر استمراره.

واعتبر "غليون" أن أي اتهامات عمومية وإطلاقية لا تميز بين صاحب الخطأ أو الإساءة والجمهور البريء أو الذي لا مسؤولية له فيهما هو خلط للأوراق وتشويش للذهن وتمييع لمسألة المسؤولية التي هي أساسية في المراجعة في أي عمل وبالتالي في إغلاق أو القضاء على أي أمل في الخروج من المحنة والدوران في الحلقة المفرغة.

وختم "غليون" حديثه بالإشارة إلى أنه لو كان الائتلاف وجماعته يمثلون جمهور المعارضة الشعبي لما وصلت القضية الى الطريق المسدود الذي أوصلوها إليه، ولكننا قادرين اليوم كمعارضة شعبية أن نطرق باب الاجتماعات والمفاوضات الدولية بقوة من أجل الضغط لتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وليس هذا هو حالنا للأسف، لكن هذا لا يمنع أيضا أن هناك من بين النشطاء السوريين الكثر في العواصم الدولية من لايتوقف عن العمل من أجل متابعة القضية السورية واستغلال جميع الفرص الممكنة لإعادة وضعها على طاولة السياسة الدولية".

بالطرف الآخر، هناك من يرى أن المعارضة بكل مكوناتها لم تدخر جهداً في أي محفل أو اجتماع دولي لخدمة قضية الشعب السوري، ويٌرجع فشلها في تحقيق أي تقدم، لعدة أسباب على رأسها المصالح الدولية التي تتوافق وتتضارب وفق السياسات لكل دولة على حدة، والتي كانت أكبر عائق أمام تغليب دور المعارضة على النظام في سياق المباحثات الدولية حول الملف السوري طيلة السنوات العشر الماضية، وهذا برأيهم رجح كفة النظام، وأن مكونات المعارضة لاتتحمل ماوصل إليه حالها اليوم.

اقرأ المزيد
٣ يونيو ٢٠٢١
منصات التعليم الإلكتروني .. بديل في وقت الأزمات

خلال سنوات الثورة السورية كان قطاع التعليم أحد أهم القطاعات التي تأثرت وبشكل كبير، حيث استهدف نظام الأسد وروسيا وإيران المدارس طيلة عشر سنوات، وارتكب في بعضها المجازر التي راح ضحيتها طلابٌ ومعلمون، لتتفاقم المأساة في آخر عامين، بعد الحملة العسكرية التي شنها النظام مدعوماً من روسيا وإيران، على أرياف إدلب وحلب وحماة، خلفت مئات الآلاف من النازحين الذين تشردوا في المخيمات الحدودية، والقرى والمدن الخارجة عن سيطرة نظام الأسد.

ولتكتمل المأساة، كان فيروس كوفيد_19 بدأ بالانتشار في مختلف دول العالم، ومع وصوله إلى الشمال السوري، أصدرت مديرية التربية في إدلب قراراً يقضي بإغلاق المدارس، ضمن الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس، منتصف العام الماضي.

قاعدة هشّة ومحطمة بالأساس لدى طلاب المدارس في الشمال، دفعت الكثيرين للبحث عن بدائل حقيقية تنقذ ما يمكن إنقاذه من مستقبل أجيال كاملة، قد تقودها الظروف والعوامل الحالية إلى مستنقعات تنعكس سلباً على المنطقة، فكان أحد تلك الخيارات والبدائل هو المنصة التعليمية الإلكترونية عن بعد، والتي تقدم خدماتها التعليمية في المناهج المدرسة عبر مدرسين مختصين عبر الإنترنت.

كيف بدأت الفكرة؟

ما بين الحاجة الملحة لمتابعة التعليم، والعمل على إنقاذ ما تبقى من الأجيال، كانت البداية، وفق ماقال "ياسر ياسين مدللة" مدير منصة "مسارات" التعليمية، والتي تتخذ من مدينة إدلب مقراً ومنطلقاً لعملها، في خدمة طلاب الشهادتين الثانوية والتعليم الأساسي، وبشكل مجاني: "مع سنوات العمل التطوعي لسوريا وأهلنا، ترسخت لديّ قناعة أن أكثر مشاكلنا سببها الجهل. فأولى أولوياتنا يجب أن تكون في محاربته".

وأضاف "مدللة" الذي يقيم في المملكة العربية السعودية، في حديثه لشبكة "شام": "ومع طبيعة عملي والتجارب التي خضتها في الغربة، فكرت أن حجم الاحتياج الضخم في المناطق المنكوبة لا يحله إلا جلب الخبرات السورية من كل مكان، وتوجيهها لمن يحتاجها، فولدت فكرة منصة معرفية تقدم فيها أنواع المعارف التي يحتاجها الفتى أو الفتاة، ويسهم في صناعتها المحترفون السوريون من كل أصقاع الدنيا وتحفظ المعرفة فيها وقفاً عنّا جميعاً ١٠٠ عام أو تزيد".

فانطلقت الفكرة لتصبح واقعاً، اعتمد خلالها الفريق على دعم المغتربين السوريين الذين يحملون هم أهلهم في الداخل، يقول مدللة حول هذا الموضوع: "تؤمَّن التعويضات المالية للمعلمين ووسائلهم التعليمية من اسهامات المغتربين السوريين المؤمنين بالفكرة وواجبهم تجاه أهلهم".

بين الواقع والمستقبل

حظيت المنصة بمتابعة واسعة من قبل الطلاب والمهتمين بالشأن التعليمي والتربوي، فقدمت خلال ما يزيد عن عام، دروساً تعليمية خاصة بطلاب الشهادتين الثانوية والتعليم الأساسي، إضافة إلى دروس تربوية وإرشادات ونصائح هامة، يحتاجها الجيل المتعلم.

سارت الأمور ضمن الخطة الموضوعة من قبل إدارة المنصة، لكن لا بد من وجود بعض العقبات التي تعترض سير العمل، فتحدث "ياسر مدللة" حول تلك العقبات قائلاً: "يمكن تلخيص العقبات التي تعترض عملنا في تأمين التمويل المستقر لتغطية مصاريف التوسع لبقية الصفوف الدراسية، والشحّ الشديد لدى الطلاب في امتلاك أساسيات التعليم (الكتب، القرطاسية، جهاز ذكي لمتابعة الدروس، كهرباء و انترنت)".

بين الإلكتروني والفيزيائي

بما أن التعليم الإلكتروني أصبح طارئاً على المجتمع السوري نتيجة ظروف محددة، كان لا بد للمعلمين من العمل لتدارك السلبيات، والعمل على تطوير الإيجابيات، وفي لقاء أجرته " شام" مع المدرّس "محمود السلوم" للحديث عن الفارق بين التعليم الإلكتروني والتعلم الفيزيائي قال: "التعليم الافتراضي يوفّر الحلّ لتعليم الطلاب في المناطق البعيدة، وخاصة طلاب المخيمات في ظل النزوح وانعدام المؤسسات التعليمية، ما يوفر التعليم المستمر وفي أي مكان. مع اختصار للوقت والتكاليف. وإمكانية التعلم مع الاستمرار بالعمل. في حين تجد التعليم الفيزيائي غير متاح للجميع، بسبب بعد الكثير من الطلاب عن المدارس، بعد تعرض الكثير منها للتدمير بسبب القصف. وأيضاً، ازدحام الصفوف التعليمية وافتقار المدارس لأساسيات التعليم بسبب ضعف دعم القطاع التعليمي".

وتابع "السلوم" متحدثاً عن دور التعليم الإلكتروني في سد الفجوة الحاصلة نتيجة الظروف السابقة، منوهاً إلى أن دوره الإيجابي يكمن في "سد النقص بالقطاع التعليمي، وخاصة بعد تناقص عدد المدارس وخروج أغلبها عن الخدمة، نتيجة القصف أو الاحتلال. وقلة الكادر التدريسي، وكذلك يفتح الآفاق والأمل أمام المنقطعين والأمهات وغيرهم، كما أنه يوفر الوقت والجهد والتكاليف".

في المقابل حدد بعض النقاط التي يعتبرها من السلبيات في عملية التعليم الإلكتروني، يقول " لكن غالباً يواجه التعليم الإلكتروني بعدم تقبل المجتمع لهذا النوع من التعليم وسوء الظن فيه بأنه غير ناجع. إضافةً إلى الاقتصار على الجانب التعليمي والنظري.. وغياب دور مهم وهدف مهم ألا وهو الدور القيمي التربوي وهذه ما نسميها بالأهداف الوجدانية. وعجز الطلاب عن تقييم أدائه وتحصيله بشكل مستمر".

وختم سلوم موضحاً بعض العقبات التي يواجهها في عمله كمدرس للغة العربية في منصة "مسارات" التعليمية، "هنالك بعض العقبات، منها ضعف الشابكة، وانقطاعها في أغلب الأحيان، وهذا يحتاج توفير بنية تحتية ذات جودة عالية من حيث سرعة وسائل الاتصال وتوفير أجهزة حديثة. وبناء مواد ومناهج تعليميّة إلكترونية. وتدريب المدرسين وزيادة كفاءتهم في استخدام هذه التقنيات. وهذا النوع من التعليم الدخيل على مجتمعنا في الشمال السوري".

ماذا يقول المستفيدون؟

الهدف الرئيس من المنصات التعليمية ومحورها هو الطالب، فالطالب هو الذي يحدد الجدوى ومدى الاستفادة منها، ولذلك التقينا بالطالبة بيان سلوم التي كانت أحد المستفيدين من منصة "مسارات" خلال العام الماضي، لتحدثنا عن رأيها في التعليم الإلكتروني، فقالت: "هناك أسباب كثيرة دفعتني للتسجيل في التعليم الإلكتروني. أولا هي تجربة جديدة علينا في التعليم عن البعد، وخروجها عن التعليم التقليدي المعروف.. ولأن دروسها تفاعلية، نشارك ونسأل ونجيب، والأهم من ذلك جمعت كادراً متميزاً، وهي مجانية لنا دون مقابل أو أي تكلفة. فقدمت لي الدروس التفاعلية عن بعد، وجميع المقررات الدراسية دون عناء أو حاجة للذهاب للمعاهد الخاصة".

وتضيف الطالبة بيان "على الرغم من العبء الذي يقع على الطالب في تأمين مصدر الإنترنت، وتكلفته، فغالبا نعتمد على بطاقات إنترنت محدودة الزمن والمدة. إلا أنها سهّلت علينا الدراسة عن بعد ونحن في المنزل.. إضافة إلى عرضها المحتوى بجودة عالية. وتقديمها معلومات قيمة وهامة".

ولعل مواكبة التطور ومواجهة الأزمات للارتقاء بالواقع التعليمي في الشمال السوري، أوجدا منصات التعليم الإلكتروني، على الرغم من بعض السلبيات والعقبات، إلا أنه أصبح واقعاً معاشاً. يسعى العاملون فيه إلى تطويره بشكل أفضل، وتنميته ليتحول من الرديف إلى الأساس في يوم من الأيام.

اقرأ المزيد
٢٧ مايو ٢٠٢١
ملف خاص ... "شام" تكشف خفايا هيمنة أمراء الحرب في "تحرير- الشام" على خدمة "الإنترنت" بإدلب

تواصل "هيئة تحرير الشام"، وبحكم كونها سلطة الأمر الواقع في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، مساعي التسلط والاستحواذ التي لم تخفها طيلة الفترات الماضية بدءا من السيطرة العسكرية مروراً بالإدارة المحلية وليس انتهاءاً في الموارد المالية الاقتصادية مثل المعابر والمشاريع الأخرى.

وفي هذا التقرير، تستعرض شبكة "شام" الإخبارية مساعي الهيئة للسيطرة على قطاع الإنترنت والاتصالات والذي تعتبره مورداً مالياً كبيراً، ليستمر مسلسل احتكار أمراء الحرب لكل شيء يجلب المال دون النظر للعوائق أو الصعوبات التي ستلحق بالمدنيين أو العاملين في المجال الذي سيتم احتكاره.

فكل من لديه منصب وليس لديه ضمير يحاول استغلال منصبه لفتنة المال و يستمر جشعهم باقتناص أيّ فرصة لاحتكار أي شيء فيه رائحة المال حتى مع معرفتهم بأنهم لا يملكون الخبرة و المهارة والقدرة على النجاح في احتكارهم، ويتم ذلك بعد تنحية الخبرات والقدرات والكفاءات التي اكتسبت خبرات السنوات، ولا سيّما في ما يتعلق بالإنترنت القادم من تركيا إلى المناطق المحررة في إدلب عن طريق الهوائيات و الكبل الضوئي.

ووفق معلومات "شام" فإن أذرع "تحرير الشام"، الاقتصادية فشلت في العام الماضي في احتكار الإنترنت عن طريق شركة "سيريا كونيكت" بإشراف المدعو أ.ح"، والتي بدأت عملها في بداية ذلك العام مع موجة النزوح الكبيرة، ولكن ما لبثت أن فشلت بعد أشهر، حيث أوقفت السلطات التركية الكبل الضوئي الواصل إلى معبر باب الهوى في الرابع عشر من أيلول سبتمبر 2020 .

وجرى ذلك بعد أن وصل أمر فساد ذلك الملف إلى السلطات العليا في تركيا وعلمت بسطوة أمراء الحرب و المال على الخط الضوئي، وأيضاً سطوتهم على جميع الشركات الموردة إلى إدلب عن طريق تهديدهم بفك أبراجهم في الداخل الادلبي عن طريق ذراع مؤسسة الاتصالات الأمني.

وكانت جرت انتهاكات عديدة بحق العشرات من العاملين في قطاع الانترنت في الداخل السوري من الذين لم يلتزموا بالتعليمات الجديدة وقتها والتي تدعم الاحتكار والسيطرة على الانترنت في إدلب والتفرد بالاستفادة من عائداته، وتم فك ومصادرة الكثير من الأبراج والأجهزة للمزوّدين المخالفين لتعليمات المؤسسة وقراراتها وسط صمت الجميع وعدم القدرة على اتخاذ أي إجراء مضاد.

ومع ارتفاع سعر الميغا وقتها وهبوط أداء الإنترنت وانعدام جودته لعدم "امتلاكهم القدرة الفنية والكفاءة الإدارية"، مع التركيز على هدفهم الذي كان المال ولا شيء غيره و الذي كان يعود على أشخاص يستغلون مناصبهم في "الحكومة و الهيئة" لصالح جيوبهم، وبنفس الوقت جهلهم بأن احتكار الإنترنت ليس احتكارا الوقود و الموز و السكر في الإنترنت مختلف تماما و يحتاج لعقول تديره، لكن الامر لا يهم أمام الأهداف السامية و الثروات.

وعقب إيقاف الكبل الضوئي في ذلك الوقت من العام الماضي قامت ولاية هاتاي بدعوة الشركات الموردة إلى إدلب من أجل اجتماعات لمناقشة مختلف جوانب الأمر و للقضاء على الاحتكارية و لضمان عدم تدخل أطراف لا علاقة لها بخدمة مدنية تحتاج لحرية عمل و الكفاءة و خبرات وتوفير خدمة مرتفعة و أداء عالي و سعر أقل على المدنيين و ليكون استخدام الكبل الضوئي متاح لجميع الشركات الراغبة في ذلك و التي تورّد الانترنت مسبقاً إلى إدلب عن طريق الهوائيات بين الجانب التركي ومنطقة إدلب ويكون التنافس في السعر والجودة حاضراً في سوق الانترنت ويصب ذلك في مصلحة وخدمة المدنيين في المنطقة.

وبعد تلك الدعوة بدأت سلسلة من الاجتماعات في مبنى الولاية بهاتاي، منذ شهر كانون الأول ديسمبر من العام 2020 و حضرت ثلاث شركات هي (هات نت وهاي سبيد وكبسام نت)، ثم شركة "شفق نت" في الاجتماعات التالية بعد دخولها في الخدمة حيث تم عقد ستة اجتماعات مع هذه الشركات و تم فيها مناقشة مختلف جوانب العمل.

واقترح آنذلك دفع رسوم سنوية من كل شركة بمبلغ 300 ألف ليرة تركية وانتظار التعليمات من السلطات العليا التركية من أجل آلية التنفيذ، لكن في بداية شهر أبريل نيسان من عام 2021 قامت ولاية هاتاي بإعلام الشركات التي حضرت اجتماعات المناقشة بتأكيد رغبتهم في العمل في الكبل الضوئي ودفع رسوم 500 ألف ليرة تركية خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام من تاريخ الإبلاغ وتم ذلك ودفعت الشركات الأربعة وهي (هات نت -هاي سبيد -كبسام نت – شفق نت)، دفعت كل شركة منها الرسوم كاملة بانتظار التعليمات من والي المعبر للبدء بالعمل للشركات الأربعة.

لكن أمراء الحرب والمال كانوا يعملون في الخفاء ورغم انتهاء المدة قامت شركة خامسة جديدة بالتسجيل ودفع الرسوم تدعى "فيغا نت" من غازي عينتاب رغم أن ليس لها عمل إطلاقاً في إدلب ولا حتى في عفرين أو المناطق التابعة لولاية هاتاي، ورغم أنها لم تحضر الاجتماعات الستة في مبنى ولاية هاتاي، وهي شركة تعمل في جرابلس و لديها سبعة جيغا فقط مع سمعة سيئة ولكن من يتوقع أن شركة صغيرة تعمل في جرابلس فقط بأنها ستكون الحصرية للعمل في إدلب ! و التي تحتاج لأكثر من 100 جيغا كسرعة.

وتشير مصادر "شام" إلى "نسج خيوط الاحتكار والتآمر مُسبقا بين مالك شركة فيغا نت، وأشخاص من المسؤولين عن الاتصالات في هيئة تحرير الشام وهم "عبد الملك وعمر وأبو طلحة"، إضافةً لوسيط يدعى "أنس، ق"، حيث جرت بينهم اجتماعات عديدة منها بحضور أحد المسؤولين الأتراك في معبر باب الهوى انتهت بوليمة غداء على شرف الاتفاق".

وبعد تسجيل شركة "فيغا نت" حضرت الشركات الخمس اجتماعاً في معبر باب الهوى وعند استكمال كل الإجراءات للعمل في الكبل الضوئي تدخّل تقنيون في الاتصالات بهيئة تحرير الشام و مؤسسة الإتصالات وقاموا بوصل الكبل الضوئي لشركة "فيغا نت" فقط دون غيرها من الشركات وسط صدمة من الشركات الأربعة التي حضرت اجتماعات ومناقشات على مدار شهور مع الجانب التركي وتتبع لولاية هاتاي على عكس "فيغا نت" التي أتت من المجهول و تسـيّـدت الموقف في إدلب.

وقد تبيّن أن الوسيط "أنس ق"، ومن خلال علاقاته مع الهيئة وأشخاص في الجانب التركي هو من أحضر شركة "فيغا نت" إلى إدلب و هو من رتب الأمور مع أمراء الاتصالات في هيئة تحرير الشام، إضافة لعلاقته مع مسؤول في مكتب الهيئة في تركيا و يدعى "هشام"، والذي حاول مع أنس سابقاً شراء الانترنت من المزوّد التركي دون نجاحه في ذلك فقاموا بعقد شراكة مع فيغا نت وتعين شخص يدعى "عيسى" ليكون وكيل شركة فيغا لدى التورك تيليكوم في منطقة هاتاي.

وجاءت تلك التدابير لترتيب الأوراق منعاً لاكتشاف التعاملات المشبوهة مع أمراء الاتصالات في الهيئة والعاملين تحتهم ومن طرف آخر شركاءهم من الجانب التركي حيث يعمل الجميع في الخفاء دون علم السلطات العليا في تركيا بذلك، ولدى هيئة تحرير الشام يتم تقديم هذا المشروع بمظهر تنظيمي وإداري لدى الأمراء الكبار ليكون ذلك غطاء لمكاسبهم المالية التي لن يعلم عنها أحد ويتقاسمها أمراء الاتصالات من الكبير حتى الصغير.

يضاف إلى ذلك حجج أمراء الاتصالات في الهيئة في حال وصل أمر فسادهم لمن هو أعلى منهم و كل شيء يجري عبر وسطاء وعبر أشخاص تكون في الواجهة لتبقى اللعبة بيد الكبار في الخفاء، تلتقي جميع تلك الأسماء عند المدعو "أنس ق" والذي يدًعي أنه مفروض على الجميع من الأمن التركي.

في الوقت ذاته فإن مؤسسة الاتصالات تدّعي أن التعامل مع شركة "فيغا نت" جاء بتوجيهات من والي معبر باب الهوى، وبعد أن تم التواصل مع مكتب والي المعبر من عدة أطراف أكدوا أن لا علاقة لهم بالأمر، وأكدوا على أحقية جميع الشركات المرخصة في استخدام الكبل الضوئي وأن لا علاقة للجانب التركي بالحصرية داخل إدلب.

لاحقاً أصبحت المؤسسة تدّعي أن التعامل مع "فيغا نت" جاء بتوجيهات من أنقرة، وكلها ادعاءات باطلة رغم شراكة بعض الأطراف التركية في صفقة الانترنت، وتتسائل المصادر عن مستقبل احتكار الانترنت.

وعن مخطط احتكار الإنترنت تروي بأن المرحلة الأولى و قد بدأت بتشغيل الكبل الضوئي و تزويد مؤسسة الاتصالات و تحميل الشبكات عليه بالتدريج حتى يستطيعوا التغلب على المشاكل التي تواجههم مع الوقت ثم تأتي مرحلة توصيل جميع الشبكات الداخلية على الكبل الضوئي بشكل متدرج أيضاً، وعند حدوث ذلك بنجاح ستضطر الشركات الأخرى التي تغذّي منطقة إدلب بالهوائيات إلى الإغلاق وإيقاف عملهم نهائياً، بعد ذلك تأتي مرحلة رفع السعر ثم إصلاح الكبل الضوئي الواصل من إدلب إلى مناطق سيطرة ميليشيات النظام والموجود مُسبقاً تحت الأرض و لن يعلم بذلك أحد.

والجدير ذكره أن الكبل الضوئي و بعد انقطاع ما يقارب الثمانية أشهر عاد للعمل من جديد منذ بداية الشهر الحالي أيار/مايو، مع ضعف في الأداء والخدمة وسوء في الإدارة مع تذمر من العاملين في الانترنت من سوء الخدمة دون أيً ردة فعل ُأخرى خوفاً من تسلّط الجهة الأمنية لمؤسسة الاتصالات عليهم وعلى أبراجهم وأرزاقهم.

حتى أن موظفي مؤسسة الاتصالات في حكومة الإنقاذ لا يملكون جواباً لشكاوى مزودي الإنترنت داخلياً ويطلبون منهم الصبر حتى يستطيعوا حل المشكلات العالقة بحجة أن بداية العمل تستوجب مواجهة بعض المشاكل ثم وصلت الأمور لعدم الرد على اتصالات الشكاوى والمشكلة الأكبر مع حصرية هذه الشركة أن انقطاع الكبل الضوئي سيتسبب بمشكلة أعظم من حيث البديل للكبل الضوئي فشركة فيغا نت لا تملك هوائيات إلى منطقة إدلب.

ويأتي ذلك على عكس الشركات الأخرى التي تم تنحيتها عن العمل إضافة إلى زيادة المشاكل مع تحميل المزيد من الخطوط من مصدر الكبل الضوئي مُستقبلاً لضعف إمكانيات الشركة و مؤسسة الإتصالات فنياً و تقنياً و خدمياً و إدارياً و قلة الكوادر والخبرات ونوعية الخبرات أيضاً و تغلبهم على هذه المشاكل سيأخذ وقتاً طويلاً و سيكون له وقع سيء على خدمة الأنترنت الواصل للمدنيين و مختلف مؤسسات و منظمات المجتمع المدني في الداخل الادلبي.

و كل ذلك لاحتكارهم سوق العمل واعتمادهم على أضعف شركة بكل المقاييس مقارنة مع شركات ضخمة تمتلك كل مقومات العمل على أقل تقدير أبرزها شركتي "هاي سبيد وهات نت" المستحوذتين على الحصة الأكبر من انترنت المحرر عبر الهوائيات وتم تنحيتهم عن المشهد إضافة لشركتي "شفق نت و كبسام" و التي تتفوق على شركة الاحتكار فيغا نت بأميال.

وفي آذار 2020، نشرت حكومة الإنقاذ بياناً رسمياً تضمن قائمة جديدة قالت إنها لتحديد أسعار شرائح الإنترنت لشهر آذار الجاري في الشمال المحرر، إذ صدر البيان عن المؤسسة العامة للاتصالات، فيما يًسمى بـ "حكومة الإنقاذ السورية".

وحددت الإنقاذ أسعار الشرائح لمزودي الخدمة بالجملة إذ بلغت بحسب نص البيان، "100 ميغا بايت وسعرها 4.5 دولار، و 300 ميغا ب 4.15 دولار، و 500 ميغا ب 3.85 دولار، و 700 ميغا ب 3.35 دولار، و 1 جيغا ب 3 دولار، و 2.5 جيغا ب 2.65 دولار، و5 جيغا ب 2.25 دولار"، حسبما ورد في البيان.

فيما نشرت صفحة محلية تحمل اسم "تكتل إنترنت إدلب"، تفاصيل ظهور شركة سيريا كونيكت التي فرضت على جميع أصحاب شبكات الإنترنت الانضواء تحت اسمها لتكون الشركة الوحيدة المصدرة للإنترنت ضمن مناطق حكومة الإنقاذ الذراع المدني لـ "هيئة تحرير الشام".

وبحسب التفاصيل فإنّ "سيريا كونيكت"، تأسست منذ نحو 6 أشهر المتخصصة بإمداد المنطقة بالإنترنت ضمن محافظة إدلب، بعد أن استقدمت الشركة كابلاً ضوئياً من تركيا إلى منطقة رأس الحصن وعدة مناطق أخرى، وأجبرت جميع العاملين في مجال الإنترنت على التعامل معها، وقتذاك.

وسبق أنّ نشرت وكالة أنباء الشام الداعمة لما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ السورية"، الذراع المدني لـ "هيئة تحرير الشام"، إعلاناً رسمياً صادر عن "الإنقاذ"، يعلن عن موعد تقديم ما وصفتها بأنها "دراسات وعروض" لتشغيل خدمة 4G في الشمال المحرر، حسبما ورد في الإعلان.

هذا وتواصلت شبكة شام الإخبارية بوقت سابق مع مصادر محلية أكدت أن حكومة الإنقاذ قامت بمنع مزودي شبكات الانترنت من تشغيلها فضلاً عن إطفاء عدد منها ممن لم يخضع للضرائب التي تفرضها هيئة الاتصالات التابعة للإنقاذ.

المصادر ذاتها أكدت أن أصحاب شبكات الانترنت خاطبوا العناصر الأمنية التي أقدمت على إيقاف عمل الشبكات بأن الوقت غير مناسب لهذه التصرفات والمضايقات التي تنتهجها حكومة الإنقاذ إذ لا يوجد قدرة لدى النازحين لدفع المزيد من الأموال لتأمين التواصل الذي بات حاجة ملحة وسط تصاعد الأحداث.

وبات يعرف آلية عمل "تحرير الشام" عبر ذراعها المدني "الإنقاذ" بهدف احتكار جل الموارد الأساسية التي يحتاجها المحرر، فمن احتكار الوقود والغاز عبر مؤسستها "وتد" إلى احتكار توريد المواد الأساسية عبر تجار محسوبين عليها وبالتالي تعود جميع الفوائد المالية لها لاسيما السكر والحديد والإسمنت وكذلك محلات الصرافة وغيرها، وتستعد للاستحواذ على خدمة الـ "4G" مؤخراً.

وينتشر في عموم الشمال السوري "الإنترنت الضوئي"، حيث تقوم عدة شركات خاصة بتوزيع تلك الخدمة عبر أبراج كبيرة تنتشر في عموم المحرر، لتغدو اليوم الشبكة بيد جهة واحدة، وبالتالي أي خلل في سيرفرات الشبكة سيقطع الإنترنت عن جميع المناطق المحررة، في أسلوب مشابه لسياسة النظام القمعية.

اقرأ المزيد
٤ يناير ٢٠٢١
درعا.. من "الصرخة الأولى الى السقوط" القصة الكاملة لمحافظة تأبى الصلح

تلقب بـ «مهد الثورة»، وكانت صرختها الأولى في وجه نظام الأسد، التي خرجت منها في يوم الجمعة الثامن عشر من آذار(مارس) 2011، وغيرت وجه سوريا الى الأبد، هنا سنروي قصة درعا، قصة المحافظة التي أشعلت نيران الثورة، وخبت نارها وتحول جمرها الى رماد، فهل تشتعل مرة أخرى؟.

كانت البداية

كانت درعا على صفيح ساخن، حين اعتقل النظام السوري عددا من أطفال درعا في 9 آذار (مارس) 2011، وكان عاطف نجيب (رئيس المخابرات السياسية في درعا) المسؤول المباشر وراء هذا الإعتقال، حيث أمر بسجن وتعذيب الأطفال، ما اذار غضب أهالي المحافظة.

شكل وجهاء درعا وأهالي الأطفال وفدا لمقابلة «نجيب» لتقديم احتجاجهم على اعتقال أبنائهم، فأجابهم برد مهين وقاسي، حيي قال لهم «انسوا أطفالكم وخلفوا غيرهم، وإذا لم تستطيعوا فنحن جاهزين»، كان هذا الرد كافي ليثير غضبهم وحميتهم ويشعل نار الثورة في صدور الجميع.

إعتقال الأطفال كان الشعرة التي قصمت صبر أهالي درعا، ولم يعد بالإمكان تحمل غطرسة النظام أكثر من ذلك، هؤلاء الأطفال الذين تأثروا بثورات الربيع العربي، كتبوا على جدران مدارسهم عبارات تطالب بإسقاط النظام السوري مثل «اجاك الدور يا دكتور» في إشارة أن الدور سيأتي على بشار الأسد مثلما أتى على الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك.

لن ندخل بالتفاصيل في هذا التقرير فقصة انتفاضة درعا في وجه ظلم الأسد، كتب عنها مئات المقالات والتقارير، ولكن هناك خطوط عريضة سطرت بماء من ذهب في تاريخ الثورة في درعا، أسماء شهدائها الأوائل على طريق الحرية ممن عبّدوا الطريق للثورة كي تستمر، في المظاهرات السلمية التي خرجت بالآلاف ورفعوا فيها شعارات الحرية والكرامة، في حصار درعا الأول والذي أظهر ترابط الحوارنة «حوران»، وكيف فزعت مدن وبلدات وقرى المحافظة لفك حصار المدينة الأبية.

معارك التحرير

بحكم أن درعا كانت خط مواجهة مع العدو الإسرائيلي فإنها تحتوي الكثير من الكتائب والألوية والمقرات العسكرية المنتشرة في جميع مناطق المحافظة، وجرت عشرات المعارك لتحرير هذه المواقع، ولم تكن بتلك السهولة بل كانت معارك صعبة جدا وانتحارية في كثير من الأحيان، حين يرمي عشرات من المقاتلين المؤمنين بالحرية والكرامة أنفسهم أمام الموت دون أن يهابوه، فبالتأكيد ستهتز عروش الظالمين تحت أقدامهم.

كانت معارك تحرير درعا والقنيطرة صعبة جدا لولا الإيمان الذي يحمله الثوار في قلوبهم، فمناطق النظام كانت محصنة بشكل كبير جدا وأغلبها يكون على مرتفعات مثل تلال الحارة والجابية والجموع والعلاقيات وعنتر، وغيرها الكثير من المواقع الكبيرة التي كان مجرد التفكير بتحريرها صعب المنال، إلا أن للثوار كانت كلمة أخرى، فقد كانت عمليات التحرير تتسم بالتخطيط المحكم والتنظيم المتقن بالإضافة لشجاعة وبسالة الأبطال.

كانت سنوات الثورة التي مرت على الجنوب السوري بشكل عام، مليئة بالتضحيات والعز والفخار، حيث تمكن الثوار من تحرير أكثر من 70% من محافظتي درعا والقنيطرة، وتمت السيطرة على كامل الحدود السورية مع إسرائيل والأردن، وكانت المعارك مشتعلة يوميا وفي كل شهر كان هناك معركة كبرى، وفي كل سنة كانت تدخل أرضي جديدة في عهد الثورة ويرفع عليها أعلام الحرية.

درعا لم تعد كما كانت

بالمحصلة كانت درعا تضرب الأمثلة في فنون القتال والنصر، إلا أن هذا الأمر لم يدم طويلا، حتى دخلت داعش على خط التدمير والتخريب، وبدأ الإقتتال الداخلي بين الفصائل وبدأت المصالح الشخصية وحب المال والسلطة تطفوا على السطح، تماما كما هو الحال في باقي المناطق المحررة في سوريا، وفي نهاية عام 2015 بدأ المشهد يتغير.

كان لثوار درعا على مدى سنوات الثورة الكلمة العليا في غالبية المعارك التي خاضوها، فعندما يضعون صوب اعينهم تحرير منطقة ما فإن هذه المنطقة سيتم السيطرة عليها عاجلا أو آجلا، وبالتأكيد هناك كبوات عديدة كانت أقواها على سبيل المثال سقوط مدينة خربة غزالة في مايو (أيار) عام 2013، وفشل معركة «عاصفة الجنوب» لتحرير مدينة درعا بالكامل في يونيو (حزيران) عام 2015، ولكن هذه الانتكاسات لم تكن لتوقف ثوار درعا عن مواصلة طريقهم في التحرير، إلا أنه ومع نهاية عام 2015 وبداية عام 2016، تغير المشهد مع التدخل الروسي المباشر.

أدى التدخل الروسي المباشر في سبتمبر (أيلول) من عام 2015 لإضعاف حركة التحرير في درعا بل وتوقفها في كثير من الأحيان بسبب التكلفة البشرية الكبيرة في المعارك، ولم يعد بإمكان الثوار الصمود أمام آلة القتل الروسية تماما كما حصل في مدينة حلب والغوطة الشرقية وحمص وعموم سوريا، فقد غير الروس معادلة القوة تمامًا.

تحرير حي المنشية وبداية الواقع الجديد

لم يتراجع ثوار درعا عن رغبتهم الملحة في تحرير مدينة درعا فكان لا بد من وضع خطة جديدة، وهي السيطرة على أهم مناطق النظام والأكثر تحصينا وبوابة تحرير المدينة وهو حي المنشية ، دارت على ثرى الحي أشد المعارك التي استخدم فيها الثوار خراطيم متفجرة للمرة الأولى، وبسبب التحصين الشديد للحي استغرق تحريره أكثر من 3 أشهر، سقط فيه الكثير من الشهداء والجرحى، كما قتل المئات من عناصر الأسد والمليشيات الإيرانية على ثراه.

كانت عملية تحرير المنشية نقطة على السطر، وكان من الواضح تماما رفض الجهات الدولية لهذه المعركة، حيث أكدت مصادر لشبكة شام في حينها طلب الولايات المتحدة الأمريكية وغرفة الموك وقف المعركة، إلا أن الثوار كان لهم كلمة أخرى، ومع ضعف الدعم وانعدامه في كثير من الأحيان إلا أن ثوار درعا رفضوا جميع الإملاءات حتى أكملوا تحرير الحي بالكامل.

ومن هنا كانت بداية الاتفاقات السرية بين دول الجوار (الأردن وإسرائيل) وبالتأكيد بين أمريكا وروسيا، لرسم واقع جديد في المحافظة، ليتم توقيع إتفاق يجعل من درعا والقنيطرة منطقة خفض تصعيد، وذلك من بعد إتفاق بين روسيا وأمريكا والأردن في 11/11/2017 على ذلك، لتسود المحافظة قرابة السنة تقريبا حالة من الهدوء التام على جبهات النظام، ولكنها مشتعلة جدا على جبهات داعش في ريف درعا الغربي.

كما قلنا كان لتحرير المنشية وقع كبير على النظام وروسيا التي فشلت في منع الثوار من تحريره، وسعت لوقف الثورة بكل السبل، وكان إتفاق خفض التصعيد الخطوة الأولى بهذا الاتجاه، وهو كان إتفاق بالمعنى المجازي ولكنه في الحقيقة كان خدعة سقطت بسببها جميع المناطق السورية من درعا الى الغوطة وحمص وحماة.

أتى عام 2018 وأتت معه المعارك والغدر الروسي الواضح، وتمكن بسبب فصل مناطق الثورة عن بعضها البعض من قضم كل منطقة على حدة، وفي كل مرة يعتقد ثوار تلك المنطقة أنها بمنأى عما يحصل في المنطقة الأخرى، إلى أن يأتيها الدور لاحقا، وهذا ما حصل في درعا، حيث أتى الدور في بادئ الأمر على ريف دمشق الغربي ومن ثم مدينة داريا والغوطة الشرقية والقلمون وحمص ولم يتبقى سوى درعا التي اعتقد أيضا أنها بمنأى.

عند اندلاع معارك الغوطة الشرقية، كان هناك عدد من الفصائل العسكرية في درعا تحاول الاتفاق على فتح عمل عسكري نصرة للغوطة، ولكن الجميع كان يعلم أن ذلك صعب مع الإعتراض الأمريكي والأردني وأيضا الإسرائيلي، فكان بعض القادة يرمي الخطابات الرنانة والتي تتهم الأخرين بالتثبيط والهوان، ولكنه هو نفسه هذا القائد كان يعلم أن لا معركة ستنطلق لذلك استفاد لتجميل صورته وتحسينها ليظهر بمظهر المنفطر قلبه على ما يحدث عند جارته الغوطة الشرقية.

سقوط درعا السريع

كان 2018 هو عام الحزن بالنسبة للثورة السورية والثوار، ففيه سقطت غالبية المناطق المحررة بيد النظام السوري، وأتى دور درعا، وحشد النظام السوري حشود ضخمة جدا على جميع جبهات المحافظة، ولكن في المقابل لم يحشد الثوار شيء، وكانت سنوات الراحة بالنسبة لثوار المحافظة راحة حقيقة من أي شي، فلم يتم تثبيت النقاط ولا رفع السواتر ولا حفر الخنادق، ولا حتى وضع أي خطوط دفاعية عن المنطقة، وركنوا تماما على القرارات الدولية التي جعلت منهم لقمة سائغة تماما.

وفي 19 يونيو (حزيران) 2018 بدأت قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية والطائرات والشرطة الروسية عملية عسكرية واسعة وضخمة على المحافظة، وكانت الصدمة لدى العديد من فصائل المعارضة هي برسالة واتس أب قادمة من أحد المسؤولين الأمريكيين في غرفة الموك والتي أخبر فيها قيادات الفصائل أنهم وحيدين في هذه المعركة ولن تتدخل أمريكا أو أي دولة لنصرتهم.

ربما كانت صدمة للبعض، ولكن بالتأكيد لم تكن لآخرين كانوا يتجهزون لتسلم مهامهم لاحقا، وهي مهام جديدة تحت لواء وقيادة جديدة، وسقطت درعا في أقل من شهر تلك المحافظة التي ناضل الثوار سنوات لتحرير ترابها وسقط على ترابها ألاف الشهداء والجرحى.

شهدت مدن وبلدات وقرى درعا سقطوا سريعا جدا، حيث سيطر النظام على عشرات المناطق خلال أيام قليلة جدا، وسط ضعف كبير في عمليات الصد والدفاع، قال ناشطون حينها أنها بسبب رفض الفصائل دعم جبهات بعيدة عن مناطقها، ومحاولاتها تثبيت مواقعها في إنتظار قوات الأسد للقدوم إليها، ولكنها أيضا كانت تسقط سريعا، فلا هي دعمت المناطق ولا هي تمكنت من صد الهجوم، فكانت الكارثة.

الاتفاق الذي رسم وجهًا آخر للمحافظة

توقفت المعارك بشكل مفاجئ، ليتم تداول أن الشرطة الروسية دخلت الى مدينة بصرى الشام قلعة فصيل "قوات شباب السنة" وقائدها أحمد العودة، لتجري جولات عدة تفاوض فيها الروس والفصائل على الاستسلام، وبعد 3 جولات كان يتخللها معارك عنيفة جدا وتقدم متواصل للنظام، تم الاتفاق على ذات النقاط التي كانت للغوطة الشرقية وحمص وغيرها، التهجير أو المصالحة، ولكن مع اختلافات جوهرية سنتحدث عنها.

بدأت الباصات الخضراء بنقل الرافضين لاتفاقية التسوية الى الشمال السوري، ولكن المفاجئة أن أعدادهم قليلة جدا، فلم يخرج سوى قرابة الـ 10 ألف مقاتل ومدني بينهم أطفال ونساء إلى الشمال السوري بينهم مقاتلين من أبناء محافظات أخرى بالإضافة لمقاتلين من الفصائل الإسلامية المتشددة ومتطوعي الخوذ البيضاء الذين رفض الروس قبول تسوياتهم، على عكس الغوطة الشرقية مثلا والتي خرج منها أكثر من 175 ألف شخص غالبيتهم من الفصائل المعتدلة.

والسبب لذلك يعود الى الإتفاقية التي وقعت بين روسيا والفصائل والتي تضمن عدم دخول قوات الأسد الى المناطق التي وقعت على المصالحة، مقابل تسليم السلاح الثقيل والمتوسط، وأيضا بقاء العديد من قيادات الفصائل السابقين في المحافظة ما شجع المدنيين والمقاتلين على البقاء، وتم رفع علم النظام السوري، ودخلت العديد من المناطق في هذه الإتفاقية، وتحولت إلى مناطق شبه حكم ذاتي، تحكمها الفصائل التي كانت بالأمس تلقب بفصائل الثورة الى فصائل المصالحة.

الفيلق الخامس والنفوذ الإيراني

كانت أبرز هذه الفصائل هي قوات شباب السنة التي يترأسها أحمد العودة، والذي كان العمود في تثبيت أقدام الروس وتسليم المحافظة لهم على طبق من ذهب ودون أي تعب، وبعد أشهر قليلة من السقوط شكل العودة ما يعرف لغاية الآن باسم اللواء الثامن المنضوي تحت قيادة الفيلق الخامس التابع للروس بشكل مباشر.

وعمل العودة في هذه الفترة على إغراء المدنيين والمقاتلين للانضمام الى لواءه وحصل على الدعم المطلوب لذلك، حيث سمح له الروس بفرض قوته حتى على قوات النظام السوري ذاتها، وقام في أكثر من مرة بطرد عناصر الأسد وضربهم وتأديبهم بل وشن هجمات ضد حواجز لهم، وكل ذلك كان يتم بموافقة روسيا ودعمها، ولكن لماذا؟!.

كانت هذه الحركات التي يقوم بها اللواء الثامن بالتحرش بقوات الأسد وفرض قوته، كافية لمئات المقاتلين السابقين في فصائل الجيش الحر، وأيضا ممن يرفضون الإنضمام الى جيش النظام، بالتوجه وتسجيل أسمائهم للانضمام الى قوات أحمد العودة.

كانت رغبة الروس في تشكيل اللواء الثامن لوضعه في مواجهة النفوذ الإيراني في الجنوب السوري، والذي تمكن من نشر عناصره في كثير من المدن والقرى وأصبحت له قواعد عسكرية كبيرة منها ما هو بجانب الحدود السورية الإسرائيلية، ما شكل خطرا وتهديدا مباشرا لإسرائيل، حيث تقوم إيران أيضا هي الأخرى بالترويج للانضمام لقواتها وميليشياتها وأيضا الى الفيلق الرابع الذي يخضع لقيادة إيرانية مباشرة، فأصبحت العروض تنزل على المدنيين والمقاتلين من الطرفين، وغالبا ما تكون عروض الإيرانيين مغرية أكثر من الناحية المالية، أما بالنسبة للفيلق الخامس فقد كان العرض الوحيد المغري هو عدم الملاحقة الأمنية من قبل النظام.

انقسم أبناء درعا بين منضم الى المليشيات الإيرانية ونظام الأسد بحثا عن المال، وآخرون بحثا عن الحماية وانضموا الى الفيلق الخامس، وآخرون لا الى هؤلاء ولا هؤلاء، وبقوا على عهد الثورة الأولى، ما تسبب بمقتل العشرات منهم إما تحت التعذيب بعد الإعتقال أو من خلال عمليات الإغتيال والتفجير المستمرة والتي لم تتوقف ولا يكاد يمر يوم واحد بدون أن تشهد المحافظة تفجيرا هنا أو هناك.

ومن جانب أخر مصادر خاصة أكدت لشبكة شام أن روسيا غير راضية 100% عن اللواء الثامن، وقد عملت على تقزيم دوره في بعض المناطق، وكان ذلك واضحا في التوتر الذي حصل في بلدة الكرك الشرقي، حيث حشدت قوات الأسد لإقتحام البلدة بعد مقتل عدد من عناصرها في هجوم نفذه مقاتلون سابقين في الجيش الحر على حاجز للنظام.

وتدخل اللواء الثامن لمنع النظام من شن أي هجوم على البلدة أو حتى شن أي عمليات تفتيش، إلا أن الروس تدخلوا في المفاوضات وأقروا شرط التفتيش رغما عن رفض اللواء الثامن لذلك، وتمت عملية التفتيش بمرافقة من اللواء الثامن.

وأكد نشطاء لشبكة شام أن روسيا تسعى لتحجيم دور اللواء في تقرير مصير المحافظة أو السيطرة على قراراته وتم وضع خطوط حمراء عليه يمنع تجاوزها، حيث باتت تصرفات اللواء تحرج روسيا أمام حلفائه من النظام وإيران، خاصة بعد خروج العديد من المقاطع التي تظهر عناصر اللواء وهم يعلنون عدائهم الصريح للنظام السوري وللأسد.

ونستطيع أن نخرج بتحليل أن اللواء الثامن لم يتم تشكيله فعليا لمواجهة النفوذ الإيراني، حيث أن إيران باتت منتشرة بشكل كبير جدا في الجنوب السوري، ولكن هذا التشكيل بات المغناطيس الذي يجذب من يرفضون الالتحاق بصفوف النظام بشكل مباشر، وستقوم روسيا في وقت لاحق بتحويل اللواء الى تابع لقوات النظام السوري بشكل مباشر وكامل، في خدعة ربما انطلت حتى على القيادات السابقين في الجيش الحر، وعندها سيجد المنضمون في اللواء أنفسهم يقاتلون رفاق السلاح بالأمس في كل التراب السوري، رغما عنهم.

من يقف وراء الإغتيالات بدرعا ومن المستفيد والمستهدف؟

تشهد محافظة درعا عمليات إغتيال متواصلة وتتصاعد بشكل مستمر، وتستهدف الجميع في الحقيقة، ولكن غالبيتها موجهة ضد عناصر سابقين في الجيش الحر انضموا الى صفوف النظام أو رفضوا ذلك وحافظوا على مبادئ الثورة، كما أن هناك عمليات إغتيال تستهدف عناصر من اللواء الثامن، وأخرى تستهدف عناصر من النظام أيضا.

في تقرير لمكتب توثيق الشهداء في درعا قال، أنه في الشهر الماضي كانون الأول / ديسمبر 2020، تم تسجيل 18 عملية ومحاولة أدت إلى مقتل 17 شخصا و إصابة 3 آخرين، من بينهم 15 مقاتل في صفوف فصائل المعارضة سابقا بينهم 10 ممن التحق بصفوف قوات النظام، بينما شهد الشهر الذي قبله 34 عملية ومحاولة اغتيال أدت إلى مقتل 24 شخصا وإصابة 8 آخرين و نجى 2 من محاولة اغتيالهما، بينهم 18 مقاتل في صفوف فصائل المعارضة سابقا، و11 ممن التحق بصفوف قوات النظام بعد سيطرته على محافظة درعا في شهر آب / أغسطس 2018.

وحصائل الإغتيالات ترتفع وتهبط كل شهر، ولكن المؤكد أنها لم تتوقف أبدا منذ سقوط المحافظة، ما يعني أن هناك جهات تسعى لتشكيل واقع أخر يخدم أجندتها وتجهيز المحافظة لواقع مغاير.

كان اغتيال أدهم أكراد القيادي السابق في الجيش الحر والذي كان أحد أعضاء لجنة درعا المركزية التي فاوضت الروس عام 2018 على الاستسلام والمصالحة، والذي قام بشكل صريح بانتقاد سياسة النظام وروسيا وإيران في أكثر من مناسبة وبشكل علني، ما وضعه بشكل مباشر بصراع مع قيادات أمنية في النظام السوري، وتمت عملية إغتياله بعد عودته من اجتماع أمني في دمشق برفقة 3 آخرين من أعضاء اللجنة.

مصادر خاصة لشام أكدت أن الأكراد كان في دمشق بهدف التفاوض على إطلاق سراح عدد من المعتقلين في سجون النظام السوري، وأيضا على التفاوض بخصوص المتخلفين عن الالتحاق بصفوف جيش النظام السوري.

وهنا لا بد من الإشارة أنه وحتى الأكراد الذي انتقد النظام فقط دون القيام بأي توجه عسكري، لم يتحمله النظام والروس وقاموا بإغتياله، وهنا نعلم توجه روسيا والنظام والإيرانيين بالتخلص من عناصر الجيش الحر حتى أولئك الذين انضموا الى صفوف لعدم ثقته بهم.

بالتأكيد هناك أطراف من الجيش الحر السابقين، ما زالوا في حالة دفاع ومقاومة ضد تواجد النظام السوري والإيرانيين في المحافظة، ويعملون على منعه وأعوانه من تثبيت تواجدهم، حيث يقومون بعمليات إغتيال تطال قيادتهم وعناصرهم بشكل مستمر، وهؤلاء هم بالضبط من يسعى النظام السوري وروسيا لقتلهم وتحييدهم، ومن هنا أتت فكرة تشكيل اللواء الثامن حتى يتم استيعاب هؤلاء وعدم توجههم الى عمليات الإغتيال وانضمامهم لصفوف الثوار بشكل سري.

وهنا المستفيد الوحيد من عمليات الإغتيال التي تطال عناصر سابقين في الجيش الحر انضموا للنظام أم لا، هو النظام نفسه وإيران، وما هؤلاء الذين انضموا الى صفوفه ويُقتلون إلا عبارة عن بيادق يسهل الاستغناء عنهم في أي لحظة، ودون أن يشكل موتهم أي خسارة للنظام.

وفي نهاية التقرير، نستطيع أن نؤكد أن درعا المحافظة، ما زالت تنبض بروح الثورة الأولى، ولكن هناك أطراف ما تزال تحاول أن تقتل هذه الروح، وتعمل على ذلك بمساعدة من أبناء درعا أنفسهم، فهل يتمكن النظام من ذلك؟، في الحقيقة ربما ينجح في ذلك كما نجح في مناطق أخرى من سوريا، ولكن ذلك سيحتاج منه الكثير من الوقت والجهد، وعلى الطرف الأخر هناك من يعمل على منع ذلك بكل السبل الممكنة، والصراع على درعا مستمر، فهل نشهد انتفاضة أخرى؟ ربما.. فدرعا ما تزال على العهد ترفض الأسد وأعوانه.

اقرأ المزيد
٣٠ سبتمبر ٢٠٢٠
تثبيت الديكتاتور ... خمس سنوات على التدخل الروسي في سوريا

مقدمة:
يصادف اليوم الأربعاء الـ 30 من شهر أيلول لعام 2020، الذكرى السنوية الخامسة على "التدخل الروسي" في سوريا، والذي جاء حاملاً معه الموت والدمار للشعب السوري، لتحقيق هدف واحد في بادئ الأمر متمثلاً في "تثبيت الديكتاتور بشار"، سرعان ماتحول للهيمنة على مقدرات الدولة وثرواتها وتملك القرار العسكري والسياسي فيها.

خمس سنوات مضت، عاش السوريون خلالها مرارة الموت ليس بالصواريخ والقذائف وماحملته طائرات روسيا وبوارجها الحربية فحسب، بل الموت جوعاً بالحصار وخنقاً بالأسلحة الكيماوية، وتشريداً بحملات التهجير القسرية، وحرماناً من العودة للديار، علاوة عن التضييق الممنهج إنسانياً لحرمان المهجرين السوريين من أي حقوق حتى ولو بسلة المساعدات عبر المحافل الدولية.

هذا اليوم، يستذكره السوريون بكل مرارة، ولاتزال طائرات بوتين تحلق في أجوائهم حاملة الموت، ولاتزال المعاناة مستمرة تلاحقهم لمخيمات النزوح محرومين من العودة للبلاد، وتبقى الشاهد الأكبر على جرائم "بوتين والأسد" تلك المدن المدمرة والاقتصاد المنهار، والدولة المقيدة، مع مواصلة تعطيل أي حل سياسي.

تدخل غير قانوني وبربري

وعن الذكرى الخامسة للتدخل، يقول "فضل عبد الغني" رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تصريح لشبكة "شام" إن التدخل الروسي من جذوره غير قانوني، حتى لو أنه جاء بطلب من النظام للوقوف بجانبه، لأن النظام متورط بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، لافتاً إلى أن الروس أيضاَ

وأكد عبد الغني أن التدخل غير قانوني وغير شرعي، واصفاً إياه بأنه "تدخل بربري ووصمة عار بتاريخ روسيا"، مؤكداً أن الشعب السوري سيذكر هذا اليوم على أنه اليوم الذي سمح فيه النظام للروس بالتدخل ليحموه وليستمر بارتكاب جرائم الحرب بحق السوريين الذين من المفترض أن يحميهم.

إطلاق يد روسيا من المجتمع الدولي

القاضي "خالد شهاب الدين" أوضح في حديث لشبكة "شام" عن التدخل الروسي، أن هناك دور دولي في إطلاق يد روسيا في الشأن والملف السوري، بعد تقدم الثوار وعجز النظام وميليشيات إيران عن وقف تمددهم، لافتاً إلى أن بداية التدخل كانت في حلب لكسر عزيمة الثوار وظهر الثورة.

وتحدث "شهاب الدين" عن استهداف روسيا المناطق المدنية من أجل بث الزعر وضرب الروح المعنوية بالصواريخ الارتجاجية والقنابل الحارقة والقنابل العنقودية باستخدام الطيران الروسي مع عدم وجود مضاد طيران لدى الثوار وقوى المعارضة، وفق سياسة الأرض المحروقة، وممارستها أسلوب الحصار الاقتصادي، وسط صمت دولي وضوء أخضر لتدخل روسيا المباشر في سوريا، واستخدامها كل السلاح المتطور والمحرم دولياً دون تحرك المجتمع الدولي.

وأكد الحقوقي السوري أن الموقف الروسي بعد خمس سنوات من التدخل لم يتغير ومستمر بذات العنجهية السياسية والعسكرية والدبلوماسية، وهي بجانب نظام الأسد وشخص بشار، لغايات سياسية وهي لم تغير موقفها من الأسد حتى حين، ربما وفق اتفاقيات دولية ما.

ولفت في حديثة لشبكة "شام" إلى أن روسيا مستمرة بالسيطرة على مقدرات الدولة السورية بتمددها سواء بالقواعد العسكرية أو الموضوع الاقتصادي، إضافة لسياسة القتل وترويع المدنيين واستخدام الأسلحة الفتاكة ضدهم، وسياسة الوقوف إلى جانب النظام سياسياً.

ونوه إلى أن هناك تجاذبات دولية وطروحات دولية لرحيل المجرم، إلا إن روسيا وإيران خاصةً تحاول عدم الإطاحة به حتى تنتهي الانتخابات الأمريكية، وعدم الحديث عن أي شخصية حقيقة إلا بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية، في مواجهة من يريد حسم الملف قبل ذلك، وبالتالي فإن روسيا مستمرة في ذات السياسية لدعم الأسد وتعطيل أي قرار دولي ضده، وفق تعبيره.

وشدد "شهاب الدين" على أن روسيا تحاول عبر بعض الفبركات والمشاريع الخلبية منها صياغة الدستور، وإعادة تضميده وتمريره عبر اللجنة الدستورية، ليشارك بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية، فهي مستمرة في تعطيل تطبيق القرارات الدولية المعنية بالملف السوري، مؤكداً أنها حتى الأن تريد فرض حل يبقي على النظام ويعيد انتاجه.

إنقاذ الأسد من السقوط

وأكدت "ربا حبوش" الناطق الرسمي للائتلاف الوطني لقوى الثورة في تصريح لشبكة "شام"، أن التدخل الروسي جاء لإنقاذ النظام السوري من الانهيار، بعد خسارته قرابة 70 % من المناطق السورية، لافتة إلى أن ما ساعدها على ذلك غياب المجتمع الدولي وضعف تحركاته وعدم جديته بمساعدة الشعب السوري.

ولفتت حبوش إلى أن روسيا جعلت من نفسها عدواً للشعب السوري، مستذكرة تصريح وزير الخارجية الروسي عندما قال "لولا تدخلنا لسقطت دمشق خلال أسبوعين"، متحدثة عن أن روسيا قتلت وجربت بالشعب السوري كل أنواع الأسلحة بعد أن خسروا بيوتهم وأراضيهم وأحبائهم.

وأكدت أن روسيا مؤمنة بالحل العسكري مهما كانت فاتورة دماء الشعب السوري كبيرة، وأن الشعب السوري بات يعتبر روسيا عدوا ومحتلاً، خاصة مع إصرار روسيا إلى الآن في معاداة السوريين والوقوف في وجه مطالبتهم بالخلاص من النظام المجرم، وأنها مازالت تعرقل الوصول الى حل سياسي وتحاول الالتفاف على القرار الدولي ٢٢٥٤، كما تعرقل تحقيق أهداف الثورة التي خرج السوريون فيها وخسروا كل شيئ في سبيل تحقيق مطالبها.

الغزو الروسي والشرعية الزائفة

اعتبر الحقوقي والمحامي السوري "عبد الناصر حوشان" أن التوصيف الصحيح للوجود الروسي في سورية هو "الغزو الروسي" حيث أنزلت قواتها العسكرية في سوريا لقتال الشعب السوري الثائر ضد نظام الأسد الدكتاتوري وهو نزاع داخلي لايبيح لأي دولة كانت التدخل فيه الى جانب أحد الاطراف حتى لو كان بينها وبين النظام السوري معاهدات صداقة أو دفاع مشترك.

وأوضح حوشان في حديثه لشبكة "شام" أن هذه المعاهدات لاتُفعَّل في النزاعات الداخلية وإنما في حال الاعتداء الأجنبي على الدول، مؤكداً أن ذريعة شرعية التدخل الروسي بطلب من النظام ذريعة باطلة لاأساس لها في القانون الدولي.

ولفت الحقوقي السوري إلى أن العزو الروسي هو غزو لايقل إجراما ووحشية عن النظام السوري فلم توفر القوات الروسية سلاحاً إلا واستخدمته في حربها على الشعب السوري لدرجة أنهم جعلوا من المدن السورية والمدنيين حقل تجارب لما تنتجه شركات السلاح الروسية وهذا ثابت باعتراف القيادة الروسية على أعلى مستويات.

وأوضح الحقوقي لشبكة "شام" أن العوامل التي ساعدت في الإخلال بموازين القوى بين قوى الثورة وبين النظام وحلفائه تفاوت ميزان القوة العسكرية من سلاح وعتاد وتقنيات حديثة وكذلك تفاوت ميزان الدعم المالي للقوى الغازية حيث دعمها بشيكات مفتوحة.

وكذلك من أسباب اختلال موازين القوة - وفق حوشان - هو التخاذل العربي والدولي في مواجهة العدوان الروسي وخاصة الولايات المتحدة التي تركت روسيا تصول وتجول دون رقيب في سوريا حتى أصبحت قوة احتلال لأنها استولت على القرار السياسي والعسكري والاقتصادي والقانوني والدستوري في سورية .

وأكد حوشان أن روسيا اليوم هي دولة احتلال غازية ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، ودمّرت البنية التحتية والمشافي والمدارس ودور العبادة ودمّرت المدن والمساكن فوق ساكنيها من المدنيين الآمنين وهجّرتهم من ديارهم الى مخيمات النزوح في الشمال السوري وتحت أشجار الزيتون.

المكسب العسكري في الوصول للمتوسط

قال الناشط السوري "عمر حاج أحمد" إن روسيا تريد أن يكون لها موطئ قدم على المياه الدافئة في البحر المتوسط ولذلك استخدمت كل قوتها للدخول في الحرب السورية، وفعلت ذلك، وحققت مبتغاها بالوصول لاتفاقيات تمكّنها من سوريا لعشرات السنين، مؤكداً أن روسيا دائماً ما كانت تقف بجانب محور الشرّ وضد الشعوب، فموقفها موقف إجرامي دموي حقق لها مكاسب عسكرية واقتصادية، ولكن على حساب دماء الشعوب وخاصة الشعب السوري.

ولفت حاج أحمد في حديثه لشبكة "شام" إلى أن كل من يتتبّع خريطة السيطرة في سوريا وتوزّعها يعلم علم اليقين كيف ساهمت روسيا بتغيير موازين الحرب والسيطرة لصالح نظام الاسد الذي كان بتلك الفترة (2015) لا يُسيطر على أكثر من 25% من سوريا، والباقي بين المعارضة وتنظيم داعش والقوات الكردية.

وأضاف: "لكن بنهاية علم 2018 وحتى نهاية عام 2019 باتت سيطرة نظام الاسد على قرابة 70% وكلها بسبب آلة الحرب الاجرامية التي استخدمتها روسيا ضد المدنيين والثوار في باقي المناطق التي كانت خارج سيطرة نظام الاسد".

وأكد "حاج أحمد" أن روسيا استطاعت قلب تلك الموازين بعدة أسباب، منها السلاح الذي استخدمته وهو كان أحدث ما توصلت إليه المعامل العسكرية الروسية حتى أنها جرّبت أكثر من 400 سلاح جديد بالشعب السوري، عدا عن الكثافة النارية التي أحرقت الأخضر واليابس وجعلت من المدن ركاماً، إضافة للعبها على الوتر الدبلوماسي عبر اجتماعات "أستانا وسوتشي" التي أفضت بالسيطرة على مناطق عدة بحرب أو بدون حرب.

نظام فاقد القرار وعجز في حسم المعركة

شدد الكاتب والباحث السوري "أحمد أبازيد" على أن روسيا ومنذ تدخلها في سوريا أصبحت هي اللاعب الأول على الارض، مؤكداً أن النظام فقد جزء مهم من قراره السياسي وقراره العسكري وأصبحت روسيا هي المتحكمة بمسار الصراع وأصبحت هي الطرف الأهم في الميدان السوري.

ولفت أبازيد" في حديث لشبكة "شام" إلى أن روسيا تمكنت منذ تدخلها من تغيير خارطة الصراع بالكامل، والسيطرة على كامل الجيوب الثورية في سوريا ماعدا الشمال السوري، وسن مسار للمصالحات والفيلق الخامس والتهجير.

وأكد أن روسيا لم تنجح عسكرياً في إنهاء الثورة، ولم تنجح سياسياً في اقناع أحد بالمسار الروسي للحل السياسي، لكنها أصبحت اللاعب الأهم في سوريا، وتمكنت من تغيير الخارطة بالكامل، منوهاً إلى أنها حتى الآن غير قادرة على حسم المعركة بالكامل لصالحها.

وذكر "أبازيد" أن حسم المعركة يقتضي إنهاء جميع المناطق خارج سيطرة النظام وهذا يتضمن مناطق تحت النفوذ الأمريكي والتركي، كما يتطلب إنهاء وجود الثوار وفصائلهم، كذلك إقناع المجتمع الدولي والمعارضة بالحل السياسي الروسي، وكل هذه النقاط يبدو متعذرة على روسيا رغم كل تأثيرها في تغيير خارطة الصراع والميدان في سوريا.

غرق في المستنقع السوري

وتحدث "النقيب ناجي المصطفى" الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير، أن روسيا ورغم نجاحها في توسيع سيطرة النظام على الأرض، إلا أنها وبعد خمس سنوات تبدو غارقة في المستنقع السوري، حيث راهنت على كسر الثوار خلال ثلاث أشهر من تدخلها، إلا أنها اليوم تنهي عامها الخامس دون قدرتها على كسر إرادة الثوار والقضاء على الثورة السورية.

وتحدث النقيب في حديث لشبكة "شام" عن تمكن روسيا خلال خمس سنوات من تدخلها عسكرياً في سوريا، من استعادة مناطق كبيرة لصالح النظام، عبر زج ترسانتها العسكرية من طائرات وبوارج وصواريخ عابرة للقارات، واتباع سياسية الأرض المحروقة، وجعلت من الشعب السوري حقل لتجربة أسلحتها الفتاكة.

وأوضح "النقيب ناجي" أن ما ساعد روسيا في ذلك هو تواطئ المجتمع الدولي وصمته عن كل المجازر والجرائم التي ارتكبتها وتدمير المدن، وتعاجز مجلس الأمن والأمم المتحدة عن لجم روسيا ووضع حد لجرائمها.

ولفت إلى روسيا لم تقتصر في حربها بسوريا على استخدام الأسلحة الفتاكة، بل كان لها مشاركة فعلية على الأرض، من خلال قوات عسكرية خاصة بعد عجز النظام وميليشيات إيران على تحقيق التقدم على الأرض، تتمتع هذه القوات بتفوق عسكري كبير، وترسانة كبيرة، مقارنة مع القوة العسكرية والدعم المقدم للقوى العسكرية، والذي توقف من قبل المجتمع الدولي، أحدث فارقاً كبيراً في القوة والقوة المواجهة.

ونوه النقيب ناجي لـ "شام" إلى أن روسيا قامت بتجربة العديد من الأسلحة المتطورة الروسية في الأراضي السورية، ضد المدنيين، وقتلت آلاف المدنيين من خلال استهداف المشافي والمدارس والأسواق وارتكاب الكثير من المجازر، لتدافع عن النظام السوري، بسياسات الأرض المحروقة والتدمير الشامل لتحقيق التفوق.

وأشار إلى أن الموقف الروسي الذي يتسم بالإجرام والبطش ونهب ثروات السوريين، لم يتغير بعد خمس سنوات على تدخلها، في وقت تواصل ممارسة الخداع والتضليل والكذب لمواصلة عملية القتل والتدمير، مؤكداً أن الفصائل تنظر لروسيا كقوة احتلال، وستواصل قتالها ومواجهتها حتى الوصول للخلاص من النظام ومن يسانده.

حصائل الموت الروسية

تشير الإحصائيات الحقوقية التي قدمتها "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى مقتل 6859 مدنياً بينهم 2005 طفلاً و969 سيدة، على يد القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا حتى 30/ أيلول/ 2020، جاءت حلب في المرتبة الأولى بـ "2843 شهيداً مدنياً، تلتها بالترتيب وفق تعداد الضحايا " إدلب:2537 - دير الزور: 714 - حمص:249 - الرقة:241 - حماة:142 - دمشق وريفها: 67- الحسكة:43 - درعا:22 - اللاذقية:1".

ووفق "الشبكة السورية" فقد توزَّعت حصيلة الضحايا المدنيين على يد القوات الروسية بحسب الأعوام إلى 3564 مدنياً بينهم 1027 طفلاً، و404 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2015 حتى 30/ أيلول/ 2016، و1547 بينهم 448 طفلاً، و236 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2016 حتى 30/ أيلول/ 2017.

أيضاَ 958 مدنياً، بينهم 354 طفلاً، و211 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2017 حتى 30/ أيلول/ 2018، و447 بينهم 79 طفلاً، و47 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2018 حتى 30/ أيلول/ 2019، وفي آخر عام 343 بينهم 97 طفلاً، و71 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2019 حتى 30/ أيلول/ 2020.

مجازر بوتين في سوريا

تشير الإحصائيات الحقوقية في "الشبكة السورية" إلى إمعان القوات الروسية عبر أسلحة الجو والبحر في استهداف التجمعات المدنية بشكل مباشر، وارتكاب المجازر بشكل مقصود، حيث تشير الإحصائيات لارتكاب روسيا ما لا يقل عن 354 مجزرة، منذ تدخلها في 30/ أيلول/ 2015 حتى 30/ أيلول/ 2020.

توزعت المجازر المرتكبة من قبل القوات الروسية وحدها حسب الأعوام، إلى 172 مجزرة في العام الأول من التدخل الروسي، نالت حلب النصيب الأكبر بـ 93 مجزرة، وسجل العام الثاني 90 مجزرة تصدرت إدلب فيها بـ 36 مجزرة، والعام الثالث 59 مجزرة تصدرتها دير الزور بـ 28 مجزرة، وفي العام الرابع سجل 14 مجزرة، كانت نصيب إدلب منها 9 مجازر، وفي العام الخامس سجل 19 مجزرة جلها في إدلب.

المرافق المدنية هدف مباشر لروسيا

دأبت قوات الاحتلال الروسي منذ بدء تدخلها على استهداف المرافق المدنية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بسياسة ممنهجة لإنهاء كل مايقدم الحياة أو يدل عليها في تلك المناطق، مخالفة بذلك كل القواعد والاتفاقيات الدولية التي تحييد تلك المرافق في وقت الحروب، ولكن روسيا كان لها أسلوب آخر في تدميرها ووضعها على قائمة الأهداف المباشرة.

وتشير حصيلة حوادث الاعتداء على المراكز الحيوية المدنيَّة، من قبل القوات الروسية إلى تسجيل ما لا يقل عن 1217 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 222 مدارس، و207 على منشآت طبية، و58 على أسواق، توزعت حسب المحافظات إلى حلب: 403، إدلب: 607، حماة: 84، حمص: 11، درعا: 4، دير الزور: 48، الرقة: 37، الحسكة: 7، اللاذقية:7، ريف دمشق: 7، دمشق: 2.

وتوزعت حوادث الاعتداء حسب الأعوام، إلى 452 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 74 على مدارس، 77 على منشآت طبية، 35 على أسواق خلال العام الأول: 30/ أيلول/ 2015 - 30/ أيلول/ 2016، جاءت حسب المحافظات في حلب: 257، إدلب: 112، حماة: 7، حمص: 11، درعا: 4، دير الزور: 15، الرقة: 26، الحسكة: 7، اللاذقية: 7، ريف دمشق: 6.

وسجل في العام الثاني: 309 حوادث اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 65 على مدارس، و54 على منشآت طبية، و12 على أسواق، منذ 30/ أيلول/ 2016 - 30/ أيلول/ 2017، توزعت إلى حلب: 102، إدلب: 178، حماة: 5، دير الزور: 10، الرقة: 11، دمشق: 2، ريف دمشق:1.

أما العام الثالث: 30/ أيلول/ 2017 – 30/ أيلول/ 2018: 193 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 37 على مدارس، و35 على منشآت طبية، و8 على أسواق، توزعت في حلب:10، إدلب: 120، حماة: 40، دير الزور: 23.

وسجل في العام الرابع منذ 30/ أيلول/ 2018 – 30/ أيلول/ 2019: 129 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 25 على مدارس، و24 على منشآت طبية، و1 على أسواق، توزعت إلى حلب: 2، إدلب: 95، حماة: 32، وفي العام الخامس: 30/ أيلول/ 2019 – 30/ أيلول/ 2020: 134 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 21 مدارس، و17 منشآت طبية، و2 أسواق.

الكوادر الإنسانية عدو روسيا وهدف لها

لم يقتصر استهداف القوات الروسية للمرافق المدنية الحيوية، أيضاً لاحقت طائراتها وصواريخها الكوادر الإنسانية التي تعمل على إنقاذ المدنيين من كوادر طبية وإسعاف وعناصر دفاع مدني، والمحميون بموجب القانون الدولي من الاستهداف، إلا أن روسيا لم تتوانى في قصفهم وملاحقتهم حتى في مراكزهم وأماكن عملهم.

وحسب توثيق "الشبكة السورية" فقد سجل مقتل 69 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، على يد القوات الروسية في سوريا، منذ تدخلها في 30/ أيلول/ 2015 حتى 30/ أيلول/ 2020، توزعوا إلى 39 بينهم 7 سيدة، في العام الأول، و11 بينهم 2 سيدة، في العام الثاني، و9 بينهم 3 سيدة، في العام الثالث، و6 في العام الرابع، و4 في العام الخامس.

وسجلت "الشبكة" مقتل 42 من كوادر الدفاع المدني، توزعوا إلى 15 عنصر في العام الأول، و10 في العام الثاني، و8 في العام الثالث، و9 في العام الرابع، في وقت لم يوثق أية حوادث قتل لكوادر في الدفاع المدني خلال السنة الخامسة للتدخل العسكري الروسي.

محاربة الإعلام واستهداف موثقي انتهاكاتها

منذ بداية الحراك الشعبي، كانت الكمرة وحاملها هدف مباشر للنظام، بالملاحقات الأمنية والاعتقال والقتل، وأكملت روسيا منذ تدخلا ذات السياسة في استهداف الكوادر الإعلامية التي توثق وتسجل الانتهاكات وجرائم الحرب التي تمارسها بحق المدنيين السوريين، فقتلت القوات الروسية 22 ناشطاً وصحفياً إعلامياً منذ تدخلها في 30/ أيلول/ 2015 حتى 30/ أيلول/ 2020.

أجساد السوريين ميدان تجارب للأسلحة الروسية

من الأهداف الغير معلنة للتدخل الروسي عسكرياً في سوريا، هو استخدام الأراضي السورية ميدان ومضمار تجارب لأسلحتها المتطورة منها الأسلحة المحرمة دولياً، جربتها على أجساد السوريين، وفي تدمير مدنهم وبلداتهم، حيث سجلت "الشبكة السورية" ما لا يقل عن 236 هجوماً بذخائر عنقودية، وقرابة 125 هجوماً بأسلحة حارقة.

التَّشريد القسري للتغيير الديمغرافي

كانت سياسة الحصار أحد الأساليب التي اتبعتها روسيا في حربها ضد السوريين، لتجويع المدنيين، وإرهاقهم بالقصف والقتل، تمهيداً لإجبارهم على قبول التسويات، والخروج من بلداتهم وفق اتفاقيات أجبروا على القبول فيها قسراً، وتم نقلهم لمناطق الشمال السوري وحصارهم هناك لاحقاً، لتكون مع النظام وميليشيات إيران شريك في تشريد قرابة 4.5 مليون نسمة معظم هؤلاء المدنيين تعرضوا للنزوح غيرَ مرة.

خاتمة:

ورغم كل ما ارتكبته روسيا من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، على أعين العالم أجمع، إلا أنها تواصل التغني بـ "انتصاراتها" في سوريا، على حساب الشعب السوري ودمائه، ليخرج وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ويكشف تفاصيل التحضير للعملية العسكرية الروسية في سوريا، متفاخراً بقتل أكثر من 133 ألف مسلح وفق زعمه، 4.5 ألف منهم من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق كما قال، بينهم أيضا 865 من القياديين في الجماعات المسلحة، حسب تعبيره.

ورغم كل آلة القتل التي استخدمت في محاربة الشعب السوري، وثنيه عن مطالبه في الحرية والعدالة والديمقراطية، إلا أن روسيا وحتى اليوم بعد خمس سنوات من الحرب المدمرة والقتل الممنهج، لم تستطع حسم المعركة الغير متكافئة، ولايزال ثوار سوريا بكل أطيافهم يصرون على مطالبهم ليس في إسقاط الطاغية بشار فحسب، بل وكسر شوكة كل من يحالفه بصمودهم وثباتهم على مواقفهم وحقوقهم لحين تحرير كامل التراب السوري من كل من دنسه.

اقرأ المزيد
0 1 2 3

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٨ مايو ٢٠٢٣
كل (خطوة تطبيع) يقابلها بـ (شحنة مخدرات).. النظام يُغرق جيرانه بالكبتاغون رغم مساعي التطبيع
أحمد نور
● مقالات رأي
٢٦ فبراير ٢٠٢٣
الهزات الارتدادية تسيطر على ما تبقى من ليل الناشط..! 
عبد الرزاق ماضي
● مقالات رأي
٢٦ يناير ٢٠٢٣
بين أوكرانيا وسوريا… جنرالات روس من ورق
فريق العمل
● مقالات رأي
٢٥ نوفمبر ٢٠٢٢
في اليوم الدولي  للقضاء على العنف ضد المرأة.. رحلة نساء سوريا
لين مصطفى - باحثة إجتماعية في شؤون المرأة والطفل. 
● مقالات رأي
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٢
العنف ضد المرأة واقع مؤلم ..  الأسباب وطرق المعالجة
أميرة درويش  - مراكز حماية وتمكين المرأة السورية في المنتدى السوري 
● مقالات رأي
٢٣ نوفمبر ٢٠٢٢
المصير المُعلّق بين الإنكار والرفض
عبد الناصر حوشان
● مقالات رأي
١٤ نوفمبر ٢٠٢٢
أهمية تمديد قرار إدخال المساعدات إلى سوريا عبر الحدود
قتيبة سعد الدين - مستشار الحماية في المنتدى السوري