شعب لا يعبد الأشخاص.. بل يراقب الأفعال
شعب لا يعبد الأشخاص.. بل يراقب الأفعال
● مقالات رأي ١٦ مايو ٢٠٢٥

شعب لا يعبد الأشخاص.. بل يراقب الأفعال

يحاول أيتام الأسد ومن لا يزالون أسرى خطيئة الولاء الأعمى له تشويه صورة الشعب السوري الحر، ذلك الشعب الذي سبق الجميع في الوقوف بوجه الظلم والطغيان، ورفض الخضوع للدكتاتور، وقدم في سبيل حريته وكرامته الغالي والنفيس. اليوم، يسعى هؤلاء إلى إلصاق تُهم التطبيل والتزمير بذات الشعب الذي لم يعرف الخنوع يوماً، وذلك لمجرد أنه يثني على بعض الخطوات الإيجابية التي تتخذها القيادة الجديدة.

لكن الحقيقة التي يُراد طمسها أن هذا الشعب لم يتغيّر. هو نفسه من هتف ضد الأسد المجرم في ساحات الحرية، وهو اليوم من يُشيد بالخطوة الصائبة، وينتقد الخطأ بلا خوف أو مجاملة. لا يُطبّل، بل يقول كلمة الحق. لا يُزمّر، بل يشارك في بناء وطنه، لأنه باختصار: اعتاد أن يعيش بكرامة، لا بشعارات جوفاء.

أما الفرق بين من ولد من رحم الحرية، وبين من تربى على طقوس التهليل للطغاة، فهو كالفرق بين المواطن الذي يرى الدولة مسؤولية مشتركة، فيشارك في نقدها وتطويرها، وبين التابع الذي لا يرى في الدولة إلا تمثالاً يُسبّح بحمده صباح مساء.

بين التطبيل والثناء الواعي
من المهم أن نوضح هنا: هناك فرق شاسع بين التطبيل الأعمى، وبين الثناء على المواقف الإيجابية. التطبيل هو تعطيل للعقل، وتصفيق لكل ما يُقال ويفعل دون نظر أو تحليل. أما الثناء الواعي، فهو دعم للخير، وتحفيز على الاستمرار فيه، وهو أيضاً لا يمنع النقد حين يستوجب الأمر ذلك. الشعب السوري الحر يفهم هذا الفرق جيداً، ولذلك تراه أول من ينتقد حين يخطئ المسؤول، وأول من يدعم حين يُحسن.

الشعب لا يُصفّق.. بل يراقب ويقيّم
الشعب السوري شعر بصدق نوايا الحكومة الجديدة، وبأن هناك فعلاً من يعمل لتحسين الواقع لا لبيع الأوهام. لكنه لم يرفع صور أحمد الشرع في الساحات، ولم يهتف له بالهتافات الرنانة، ولم يطبع صوره على السيارات والمحال كما اعتاد أتباع الأسد المخلوع أن يفعلوا عند كل مسؤول. بل تفاعل الشعب مع المواقف والسياسات الإيجابية، لا مع الأسماء أو الوجوه. واللافت أن هذا النهج العقلاني والواعي لم يأتِ من فراغ، بل من تجربة طويلة في رفض التقديس الأعمى لأي شخصية، مهما كانت.

ولم يكن هذا التفاعل محلياً فقط، بل حتى أحد أهم زعماء العالم من الناحية السياسية لم يتردد في الإشادة بالنهج الذي يمثّله أحمد الشرع، في مؤشر على أن هناك شيئاً جديداً ومختلفاً يُبنى في سوريا، وأن هذا النهج يُرى ويُقدّر على الساحة الدولية.

حكومة تواجه التحدي
الحكومة الحالية، رغم قصر الفترة منذ تسلمها زمام الدولة، أثبتت أنها قادرة على التعامل مع الصعوبات الكبيرة التي تعصف بالبلاد. إرادة واضحة في تحسين الوضع المعيشي، تحركات ملموسة لحل الأزمات المتراكمة التي خلفها نظام بشار الأسد المجرم على مدى عقود، ومحاولات جادة لاستعادة الدولة من براثن الخراب.

تشجيع لا تملق، دعم لا مديح
هذه الحكومة لا تحتاج التصفيق الأجوف، بل تحتاج أن تشعر بأن الشعب يقف معها عندما تسير الأمور بالاتجاه الصحيح. من حقها أن تُشكر عندما تُحسن، وأن يُعترف بإنجازاتها عندما تكون واقعية وملموسة. لكنها بحاجة إلى أكثر من ذلك: بحاجة إلى دعم حقيقي، بحاجة إلى كل عقل مبدع، وكل ذراع قادرة، وكل قلم صادق، وكل شخص يمكنه أن يُحدث فرقاً في الواقع الصعب. هي بحاجة لمن يقاتل معها لا من يهتف لها، لمن يصحح معها لا لمن يُزيّن الأخطاء، لمن يبني معها لا لمن يراقب من بعيد.

الكاتب: سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ