اختُتمت في دمشق أعمال المؤتمر الدولي الثالث لمنظمات المجتمع المدني حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، حيث صدرت مجموعة واسعة من التوصيات التي ركّزت على تحقيق العدالة للضحايا وتعزيز التعاون الدولي في هذا الملف المعقّد.
استجابة وطنية شاملة
أوصى المشاركون بضرورة ضمان استجابة وطنية متكاملة لعملية التخلص من الأسلحة الكيميائية ضمن إطار العدالة الانتقالية، من خلال تنسيق جهود الوزارات المعنية، وربط الاستراتيجيات القطاعية بهذا الملف، كما شددوا على أهمية التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والانخراط في آليات المساءلة الدولية.
الشفافية والالتزام بالاتفاقيات
أكد المؤتمرون أهمية الالتزام التام ببنود الاتفاق مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما يشمل الإفصاح الكامل عن المواقع والمخزونات، والتخلص من الآثار المتبقية وفق معايير تحقق دقيقة وشفافة، وذلك لإغلاق الباب أمام أي انتهاكات مستقبلية.
نهج شامل للعدالة الانتقالية
دعا المشاركون الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية إلى اعتماد نهج يضع الضحايا والناجين في المركز، من خلال كشف الحقيقة، وتحقيق العدالة، وجبر الضرر، وضمان عدم التكرار، كما أوصوا بإصلاحات فعّالة في منظومة العدالة الجنائية، وتوسيع صلاحياتها لملاحقة جرائم استخدام الأسلحة الكيميائية.
توثيق الأدلة والتنسيق الدولي
شددت التوصيات على أهمية التوثيق المنهجي للأدلة وتوحيدها مع منظمات المجتمع المدني السوري والادعاءات العامة الأجنبية، بما يسمح باستخدامها في الملاحقات القضائية المستقبلية، وطالب المشاركون بتعزيز التعاون مع الآليات الدولية للتحقيق لضمان حفظ الأدلة وفق معايير القانون الدولي.
مراعاة النوع الاجتماعي
أكد المؤتمر على ضرورة تطبيق نهج يراعي النوع الاجتماعي في التعامل مع الانتهاكات الكيميائية، عبر ضمان الرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي، وإشراك المجتمع المدني في جميع عمليات العدالة الانتقالية.
المساءلة ومنع الملاذات الآمنة
دعا المؤتمر الدول الأطراف في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى تنفيذ مذكرات التوقيف بحق المتورطين في الجرائم، ومنع توفير الملاذات الآمنة لهم، ومحاسبة الشركات والأطراف التي زودت النظام السابق بالمواد والمعدات اللازمة لبرنامجه الكيميائي.
دعم الانخراط السوري
ختم المشاركون توصياتهم بالتأكيد على ضرورة تقديم المجتمع الدولي دعماً فنياً ومالياً وسياسياً لضمان انخراط سوريا الصادق والمستدام مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، كما شددوا على استخلاص الدروس من التجربة السورية لتعزيز الحظر العالمي على هذه الأسلحة وتطوير آليات استجابة دولية سريعة وفعّالة.
أكدت وزارة التربية والتعليم السورية وجود أكثر من سبعة آلاف مدرسة مدمرة في عموم البلاد، مشيرةً إلى تحديات كبيرة تواجهها مع بداية العام الدراسي الجديد 2025 – 2026 في تأمين بيئة تعليمية مناسبة للطلاب.
تحديات كبرى مع بداية العام الدراسي
أفاد مدير الأبنية المدرسية في وزارة التربية محمد الحنون بأن الوزارة تواجه مع بداية كل عام دراسي ضغوطاً إضافية تتمثل في ضيق الوقت وصعوبة الظروف، ما يفرض تحديات كبيرة لتأمين مقاعد كافية وبيئة تعليمية مناسبة للطلاب، لافتاً إلى أن أكثر من سبعة آلاف مدرسة لا تزال بحاجة إلى تدخل عاجل في إدلب وريفها، وريف حماة، ودرعا، ودير الزور، وريف حلب الجنوبي، وحمص، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية “سانا”.
حاجة عاجلة لإعادة تأهيل المدارس
أوضح الحنون أن نحو 60 بالمئة من المدارس القائمة حالياً تحتاج إلى إعادة تأهيل بسبب الأضرار أو التقادم، بينما ما تزال العديد من المدن والقرى تفتقر إلى مدارس نتيجة التدمير الذي طال البنية التحتية خلال السنوات الماضية.
وشدد على أن مسؤولية إعادة تأهيل المدارس لا تقع على عاتق وزارة التربية وحدها بل تستوجب جهداً وطنياً مشتركاً يضم الوزارات المعنية والجهات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية والمجتمع المحلي، مؤكداً أن التعليم حق أساسي لكل طفل سوري ويجب العمل على ضمانه بكل الوسائل.
إنجازات الوزارة في أعمال الترميم
وأعلنت وزارة التربية والتعليم السورية الاثنين الماضي الانتهاء من ترميم نحو 531 مدرسة مع بداية العام الدراسي 2025 – 2026، مضيفةً أن نحو 676 مدرسة ما زالت قيد الترميم، حيث توزعت أعمال الترميم على 38 مدرسة في ريف دمشق، و61 في دمشق، و16 في حمص، و28 في حماة، و40 في طرطوس، و14 في القنيطرة، و35 في دير الزور، و17 في اللاذقية، و34 في حلب، و25 في درعا، و18 في السويداء، و205 مدارس في إدلب.
المدارس قيد الترميم وتوزعها الجغرافي
بيّنت الوزارة أن المدارس التي ما زالت قيد الترميم تتوزع على 66 مدرسة في ريف دمشق، و39 في دمشق، و40 في حمص، و49 في حماة، و7 في طرطوس، و3 في القنيطرة، و25 في دير الزور، و19 في اللاذقية، و117 في حلب، و38 في درعا، و6 في السويداء، و267 في إدلب، وتشمل أعمال الترميم المدارس المتضررة بأضرار خفيفة أو متوسطة أو كبيرة إضافة إلى تجهيز المرافق الصحية.
مبادرات لتأهيل المدارس المدمرة
أشارت الوزارة إلى أنها تواصل إطلاق مبادرات لإعادة تأهيل المدارس المدمرة في سوريا، في إطار خطة شاملة لتحسين البيئة التعليمية وضمان حق التعليم لجميع الأطفال، مؤكدةً أن هذه الجهود تأتي استجابة للأوضاع الإنسانية والاحتياجات المتزايدة للقطاع التربوي في البلاد.
عقدت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فعاليات الملتقى الأول للمنظمات الريادية في سوريا، بحضور الوزير عبد السلام هيكل، وذلك في دمشق.
الملتقى جمع ممثلين عن 30 منظمة ريادية تعمل في مجال ريادة الأعمال والتكنولوجيا ودعم المؤسسين، وركز على سبل تعزيز الابتكار والنمو في قطاع الشركات الناشئة، وتحويل مشاريع التخرج والأفكار الفردية إلى شركات قابلة للنمو.
وشمل النقاش أهمية توسيع برامج التعليم الرقمي وتعزيز مفهوم الريادة في المدارس والجامعات، إلى جانب تحديث الأنظمة والقوانين لتواكب التغيرات التكنولوجية وفرص التمويل.
وفي كلمته، أكد الوزير هيكل أن الحكومة السورية وضعت الابتكار على رأس أولويات التحول الرقمي، مشدداً على أن التعاون مع المنظمات الريادية يمثل خطوة أساسية لإشراك المجتمع الريادي في صياغة السياسات الوطنية.
كما تم التأكيد على أهمية تطوير بيئة تشريعية تشجع على الاستثمار وتحمي الابتكار، وإنشاء حاضنات تكنولوجية في الجامعات لتسهيل دخول الطلاب إلى سوق العمل.
وناقش المشاركون التحديات التي تواجه المنظمات الريادية، مثل ضعف البيئة الحاضنة، نقص التمويل، وشح برامج الإرشاد، مؤكدين ضرورة بناء جسور من الثقة بين الحكومة والمجتمع المدني كشريك أساسي في إعادة هيكلة النظام الريادي في سوريا.
وتواصل وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات جهودها لتعزيز بيئة ريادة الأعمال في سوريا عبر شراكات استراتيجية مع المنظمات الريادية والجهات المعنية، وإطلاق برامج مبتكرة لدعم المشاريع الناشئة وتحفيز النمو الاقتصادي الرقمي بما يتماشى مع احتياجات السوق ومتطلبات المرحلة القادمة.
أكّد البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية الطارئة التي عُقدت في العاصمة القطرية الدوحة، أنّ العدوان الإسرائيلي على دولة قطر وما رافقه من ممارسات عدوانية تشمل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والحصار، يشكل تهديداً خطيراً لفرص تحقيق السلام والتعايش في المنطقة.
وشدّد القادة المشاركون على تضامنهم المطلق مع دولة قطر ودعمهم لجميع الخطوات والإجراءات التي تتخذها لحماية أمنها وسيادتها واستقرارها، معتبرين أنّ الاعتداء على دولة تلعب دور الوسيط الرئيسي في جهود وقف إطلاق النار في غزة، يمثل تصعيداً خطيراً وعرقلة مباشرة لمساعي الوساطة وصنع السلام الدولية.
كما حذر البيان من خطورة مخططات إسرائيل لفرض أمر واقع جديد يهدد الأمن الإقليمي والدولي، داعياً إلى موقف عربي وإسلامي موحد للتصدي لهذه المخططات. وطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في المنطقة، بما في ذلك على سوريا ولبنان، ووقف انتهاكات السيادة والأمن والاستقرار فيها.
واختتم البيان بالتأكيد على أن السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق عبر تجاوز القضية الفلسطينية أو تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، بل من خلال الالتزام بمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس
كشفت تقارير صحفية أن مصر تجري اتصالات دبلوماسية مكثفة لإحياء مشروع إنشاء قوة عربية عسكرية مشتركة، على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وذلك في أعقاب الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف العاصمة القطرية الدوحة هذا الأسبوع.
وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية، فإن القاهرة تعوّل على القمة العربية الإسلامية الطارئة المقررة غداً في الدوحة لطرح مقترحها مجدداً، بعد أن كانت قد دعت لأول مرة عام 2015 إلى تشكيل مثل هذه القوة.
المقترح المصري يقوم على تشكيل قوة متعددة الجنسيات تتيح التدخل لحماية أي دولة عربية تتعرض لاعتداء، مع مشاركة واسعة من جيوش عربية أبرزها مصر والسعودية. وتشير المعلومات إلى أن القاهرة تعرض إرسال نحو 20 ألف جندي، مع احتفاظها بالقيادة العليا للقوة، مقابل منح المنصب الثاني للرياض أو إحدى دول الخليج.
ويرى مراقبون أن القاهرة تسعى من خلال المشروع إلى تعزيز قدراتها العسكرية، وتسريع وتيرة تطوير جيشها، في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيداً غير مسبوق.
في الدوحة، التقى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونقل له رسالة تضامن من الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أن العدوان الإسرائيلي يمثل “مساساً مباشراً بالأمن القومي العربي”.
أما في إسرائيل، فقد هاجم زعيم المعارضة يائير لابيد التقارير عن التحرك المصري، واعتبرها “ضربة موجعة لاتفاقيات السلام”، وقال أن "التقارير التي تتحدث عن مقترح مصري لإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة الهجمات الإسرائيلية يُمثل ضربةً موجعة لاتفاقيات السلام، والتي جاءت مباشرةً بعد الضربة الموجعة لاتفاقيات إبراهيم، والتي جاءت مباشرةً بعد تصويت الأغلبية الساحقة من الدول الحليفة لإسرائيل لصالح إقامة دولة فلسطينية.
وشدد لابيد بقوله "لقد زعزعت حكومة نتنياهو مكانتنا الدولية. مزيجٌ قاتل من اللامسؤولية والهواة والغطرسة يُمزقنا في العالم. يجب استبدالهم قبل فوات الأوان.
وكانت مصر قد طرحت فكرة القوة المشتركة عام 2015 خلال القمة العربية في شرم الشيخ، لكنها لم تدخل حيّز التنفيذ بسبب الخلافات حول آليات التدخل والتمويل. ويعود النقاش اليوم في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، ما يجعل القمة المقبلة اختباراً لمدى جدية الدول العربية في تحويل الفكرة إلى واقع.
أكد رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، في تصريح لشبكة “سي إن إن”، أن الدوحة تبحث مع شركائها في المنطقة آليات ردّ جماعي على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، مشدداً على ضرورة أن يكون هذا الرد “حقيقياً يوقف بلطجة إسرائيل”، على حد تعبيره.
وأوضح المسؤول القطري أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يهدد دول المنطقة رغم أنها لم تشكل له أي تهديد”، مضيفاً: “لا نقبل هذه التهديدات، فهو ينتهك القانون الدولي ويجوع سكان غزة”، مؤكداً وجوب مثول نتنياهو أمام المحكمة الجنائية الدولية كونه مطلوباً لديها.
من جهته، صعّد نتنياهو خطابه، موجهاً رسالة مباشرة إلى قطر والدول التي تستضيف ما وصفهم بـ”الإرهابيين”، قائلاً: “إما أن تحاكموهم أو تطردوهم، وإلا فسنفعل ذلك نحن”.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية القطرية العثور على أشلاء بشرية في موقع الاستهداف الإسرائيلي الذي وقع أمس في العاصمة الدوحة، مشيرة إلى أن الجهات المختصة تعمل حالياً على تحديد هويات الضحايا.
وتأتي هذه التطورات وسط تصاعد حدة التوتر الإقليمي والدولي، في ظل إدانات واسعة للغارات الإسرائيلية التي استهدفت العاصمة القطرية وأثارت قلقاً بشأن تداعياتها على أمن المنطقة واستقرارها
أعلن الجيش الإسرائيلي مساء اليوم أنه نفذ عملية جوية استهدفت قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في العاصمة القطرية الدوحة، بينما أكدت الحركة أن الهجوم طال وفدها المفاوض خلال اجتماع لبحث مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي إن "الجيش وجهاز الشاباك، عبر سلاح الجو، نفذا هجوماً دقيقاً على قيادة حماس"، دون تقديم تفاصيل إضافية حول النتائج.
القناة الإسرائيلية الـ14 نقلت عن مسؤول عسكري أن العملية استهدفت عدداً من قيادات الحركة في قطر، بينهم خليل الحية وزاهر جبارين، مضيفاً أن الجيش "ينتظر نتائج محاولة الاغتيال"، مشيراً إلى أن مقاتلات حربية شاركت في تنفيذ الهجوم.
وشهدت العاصمة القطرية عدة انفجارات أعقبها تصاعد أعمدة دخان في سماء المدينة، وفق ما أفادت به مصادر محلية.
وسبق ـن قامت إسرائيل باغتيال رئيس المكتب السياسي السابق للحركة، إسماعيل هنية، في طهران يوم 31 تموز/يوليو 2024، إثر عملية استهدفت مقر إقامته عقب مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
منذ انطلاق الثورة السورية، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في نقل الأحداث، وتوثيق الانتهاكات، وتوحيد الأصوات المطالبة بالحرية والعدالة. إلا أن هذه المنصات لم تعمل تحت راية واحدة، وحولتها الحرب إلى ساحات صراع مفتوحة، وسلاح بيد البعض لبث الكراهية والتحريض والانقسام، بدل أن تكون أداة لبناء وعي مشترك.
خطاب الكراهية والتحريض
عملت بعض تلك المنصات خلال الحرب في سوريا على بث خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي، لإشعال فتيل الخلافات بين الطوائف ومكونات المجتمع السوري. وذلك بوضع أي مضمون إعلامي أو لفظي يحضّ على العنف أو التمييز أو الإقصاء تجاه أفراد أو جماعات على أساس العرق، الطائفة، المنطقة، الرأي أو الانتماء السياسي.
في السياق السوري، ظهر خطاب الكراهية بعدة أشكال خلال الحرب وبعد سقوط النظام البائد، على شكل تخوين جماعات معينة أو شخصيات محددة، تهجم شخصي على شخص لاختلاف معه بالرأي، استهزاء بالمناطق، أو نشر شائعات تحريضية تغذي الانقسام وتحرض الأهالي على بعضهم البعض.
عوامل التحريض والانقسام
يرى مراقبون أن العمل على نشر الكراهية والتحريض في منصات التواصل إلى عدّة أسباب مثل: الانقسام السياسي العميق بعد سنوات الحرب، واستغلال الأحداث الأمنية لصب الزيت على النار، إلى جانب ضعف الوعي الإعلامي لدى بعض مستخدمي المنصات، إلى جانب وجود حسابات وهمية وأجندات خارجية تغذي الصراع.
خطاب الكراهية يعمق الانقسام في سوريا
يؤكد ناشطون أن خطاب الكراهية يؤدي إلى تدهور في النسيج الاجتماعي، وتعمّق للشرخ بين مكونات المجتمع، وخلق حالة من انعدام الثقة، ما يهدد أي جهود مستقبلية للمصالحة الوطنية. كما تؤثر هذه الخطابات في مسار العدالة الانتقالية، وتمنع الوصول إلى سردية جامعة تمهّد لبناء دولة مدنية.
دور الناشطين والمؤثرين
في ظلّ الأحداث التي تمر بها سوريا، ومحاولة البعض بإثارة الفتن، يقع على عاتق المؤثرين مسؤولية كبرى، إما في التهدئة أو في تأجيج الخطاب. الخطاب المتزن والمسؤول قادر على ردم الهوة، ونزع فتيل الفتن، في حين أن التهور أو الانحياز قد يؤدي إلى نتائج كارثية.
شخصيات عامة تحذر من التحريض
خلال الفترات الأخيرة، عملت شخصيات عامة على نشر التوعية من خلال حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، ودعى ناشطون إلى تعزيز الوعي الإعلامي والرقمي في المجتمع، ووضع مدونات سلوك لخطاب المسؤولين والناشطين، إلى جانب الضغط على إدارات المنصات لرصد المحتوى التحريضي، مع دعم الخطاب التعاوني المشترك الذي يساهم في إعادة بناء الثقة.
لم تعد الكلمة مجرّد رأي، بل قد تكون طلقة في حربٍ جديدة. لذا فإن الوعي بخطورة خطاب الكراهية ضرورة وطنية، لبناء مجتمع سليم بعد سقوط النظام البائد المسبب الرئيسي للكراهية والتحريض، مجتمع يعالج جراحه لا يزيدها عمقاً.
أقدمت ميليشيا "قسد" اليوم على إغلاق مشفى شابو الخاص في شارع فلسطين وسط مدينة الحسكة، عبر ختم أبوابه بالشمع الأحمر بذريعة "عدم الترخيص وعدم دفع الرسوم" في خطوة اعتُبرت تصعيدًا جديدًا ضمن سياسة فرض السيطرة بالقوة.
ووفقًا لمصادر محلية، طالبت "الإدارة الذاتية" إدارة المشفى بدفع مبلغ 15 ألف دولار كشرط لإعادة فتحه، في إجراء وصفه الأهالي بأنه ابتزاز سافر يزيد من تفاقم أزمتهم الصحية المتدهورة أصلًا.
ويُعد مشفى شابو من بين عدد محدود من المراكز الطبية الخاصة العاملة في الحسكة، إلى جانب مشفيي الحكمة وعصام بغدي، مما يجعل إغلاقه بمثابة ضربة جديدة تُفاقم هشاشة القطاع الطبي في المدينة التي تعاني من نقص مزمن في الكوادر والإمدادات والمعدات.
المشهد المأساوي للمرضى المطرودين من المشفى، وهم واقفون في الشوارع يحملون أكياس السيروم دون أي دعم طبي أو توجيه نحو مراكز بديلة، فجّر موجة غضب شعبي، عكست حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان المدينة في ظل غياب شبه تام لأي حماية أو بدائل علاجية.
ولم يقتصر الأمر على إغلاق المشفى، بل شمل أيضًا إغلاق عدة صيدليات مجاورة، وإجبار أصحابها على توقيع تعهدات تقضي بعدم ممارسة المهنة دون الحصول على تراخيص خاصة من "الإدارة الذاتية"، في خطوة رأى فيها مراقبون تضييقًا ممنهجًا يستهدف القطاع الصحي الخاص لصالح مؤسسات تابعة لسلطة الأمر الواقع.
هذه الإجراءات أثارت مخاوف متزايدة من انهيار وشيك للمنظومة الصحية في الحسكة، وسط توجّه عدد متزايد من المرضى إلى دمشق بحثًا عن العلاج، رغم التكاليف الباهظة وظروف السفر المعقدة في ظل الوضع الأمني والمعيشي المتدهور.
في المقابل، كشفت مصادر أهلية عن قيام بعض المشافي التي تديرها "قسد" مؤخرًا برفع رسوم العمليات الجراحية بشكل مبالغ فيه، ما اعتبره السكان محاولة لاحتكار تقديم الخدمات الطبية، ودفع الأهالي قسرًا نحو مراكز محددة تخضع لإشراف الميليشيا.
وتأتي هذه التطورات في سياق حصار متعدّد الأبعاد تعيشه مدينة الحسكة، مما يطرح تساؤلات جدّية حول مستقبل الخدمات الصحية في مناطق سيطرة "قسد"، ومدى قدرة السكان على الصمود في ظل غياب أي شكل من أشكال الحماية أو المحاسبة.
في مرحلة ما بعد الثورة، بدأت ملامح وعي جديد تتشكّل في وجدان الشعب السوري، متحررة من إرثٍ طويل من التقديس القسري والتمجيد المفروض، لم يعد السوريون يصفقون عشوائياً، ولا يقدّمون الولاء دون بصيرة، بل باتوا يميزون بين الفعل وصاحبه، ويقفون ضد الخطأ أياً كان مصدره، دون خوف أو مجاملة.
هذا التحول لم يولد صدفة، بل كان نتيجة سنوات طويلة من الاضطهاد والمواجهة والصمود، منذ اللحظة التي اندلعت فيها الثورة السورية في آذار/مارس 2011، حين خرج السوريون مطالبين بحريتهم وكرامتهم، متحدّين منظومة قمعية رسّخها نظام آل الأسد على مدار ستة عقود. نظامٌ أحكم قبضته على المجتمع، وفرض العبودية السياسية وتمجيد الزعيم كقدرٍ لا يُردّ.
اشتهر النظام البائد بولعه بالتطبيل، وهو ما تجلّى في انتشار تماثيله وصوره في كل مدينة وشارع ومدرسة، وفي محاولته تحويل عبادة الفرد إلى ثقافة متغلغلة في كافة مجالات الحياة: من الرياضة إلى التعليم، ومن الطب إلى الفنون. ولطالما فُرض على الناس الخروج قسراً إلى مسيرات مؤدلجة تهتف بحياة القائد، وتردد عبارات لا تقبل الاعتراض، وتدعو للتضحية في سبيله.
لكن السوريين، رغم جراحهم وتضحياتهم الهائلة، رفضوا هذا الإرث الثقيل. قاوموا التمجيد وتمرّدوا عليه حتى بعد سقوط صانعه، المخلوع بشار الأسد، وأصروا على المضي في بناء ثقافة تقوم على احترام القيم لا الأشخاص، وعلى الوعي لا الولاء الأعمى، حتى وإن تعلق الأمر بالحاكم الجديد.
وقد تجلى هذا الوعي الشعبي من جديد، في ردود الفعل الواسعة على قيام المنشد "أحمد حبوش" بتغيير كلمات أنشودة "أرض وسما بتحبك" المخصصة للنبي محمد ﷺ، ليُوجّهها إلى الرئيس السوري أحمد الشرع. فبادر ثلاثة محامين من حلب – عثمان الخضر، معروف تفتنازي، وأحمد عبدو غرغور – إلى رفع دعوى قضائية ضد حبوش، معتبرين تصرفه مظهراً من مظاهر التقديس الفردي الذي لطالما استخدمه النظام البائد لإذلال السوريين.
الخطوة لقيت ترحيباً واسعاً من ناشطين رأوا فيها رسالة واضحة بأن زمن صناعة الأصنام قد ولّى، وأن من حاول أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء سيُواجَه بالرفض والمحاسبة، وهو ما يعبّر عن إصرار السوريين على ألّا تعود البلاد إلى مربع عبادة الأشخاص، أحد أبرز الأسباب التي فجّرت ثورتهم ضد نظام الأسد.
وفي السياق ذاته، عكس مؤتمر السلام الأهلي الذي عُقد في حزيران/يونيو الماضي في مناطق الشمال السوري، مناخاً جديداً من الحرية والانفتاح. إذ شهد المؤتمر نقاشات علنية وشفافة بين إعلاميين وصحفيين من جهة، ومسؤولين حكوميين من جهة أخرى، كان من أبرزها مواجهة مع المسؤول "حسن صوفان"، طُرحت خلالها اعتراضات وأسئلة جريئة دون أي تدخل أمني أو قمع، وهو مشهد نادر في ذاكرة السوريين الذين عايشوا عقوداً من الكبت والملاحقة الأمنية.
كما سجّلت مدينة اللاذقية بدورها موقفاً ذا دلالة، حين قامت عناصر الأمن العام في أيار/مايو الماضي بإزالة لافتة علّقها أحد المواطنين على شرفة مكتبه، تتضمن عبارات تمجيد للرئيس أحمد الشرع. ورغم أن الخطوة قد تبدو إجرائية في ظاهرها، إلا أن رمزيتها العميقة لا تخفى، إذ تعكس اتجاهاً واضحاً لفكّ الارتباط مع ثقافة التقديس السياسي التي طغت على البلاد في عهد الأسد.
لم تقف مؤشرات الوعي عند هذا الحد. فقد اختفت مظاهر المسيرات القسرية، وغابت صور القادة عن جدران الشوارع، وتلاشت الأغاني التي كانت تُبجّل الزعيم وتدعو للفداء بحياته. كما أصبح من المعتاد أن يواجه أي تصرف مسيء للوطن أو منافٍ للحرية بانتقادات علنية، بصرف النظر عن موقع الفاعل أو درجته. لأن سوريا الجديدة، التي يسعى السوريون لبنائها، تقوم على الوعي والمحاسبة، لا على التطبيل والولاء الأجوف.
في النهاية، يبدو أن السوريين قد كسروا الحلقة التي طالما كبّلتهم، وبدأوا يكتبون فصلاً جديداً من تاريخ بلادهم، قوامه الكرامة والحرية، لا القمع والتقديس.
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية ودولية بأن إيران أطلقت ست موجات من الصواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص في مدينة بئر السبع جنوبي البلاد، وفق ما أكده الإسعاف الإسرائيلي، وذلك بعد أقل من ساعة من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران،
وشهدت مناطق قرب تل أبيب وبئر السبع انفجارات قوية، في وقت أكدت فيه وسائل إعلام ايرانية أن طهران أطلقت آخر دفعة من الصواريخ قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
إعلان إيران أن آخر دفعاتها الصاروخية جاءت قبيل سريان التهدئة، يُسلّط الضوء على نقطة غامضة في الاتفاق: التوقيت الفعلي لدخوله حيز التنفيذ لم يُعلن بدقة حتى الآن. وهذا الغموض يطرح تساؤلات حول مدى التزام إيران، وما إذا كانت تسعى لضربات محسوبة قبل الالتزام الكامل.
الضرر الكبير في بئر السبع وسقوط قتلى في صفوف المدنيين، يفتح الباب على مصراعيه أمام رد إسرائيلي محتمل، رغم تأكيد البيت الأبيض أن إسرائيل وافقت على الاتفاق شريطة توقف إيران عن أي هجوم جديد.
هل تلتزم إسرائيل بالاتفاق بعد هذه الخسائر؟ أم تعتبر أن إيران خرقت التفاهم وتردّ بضربة نوعية؟ خصوصًا أن الصمت الرسمي الإسرائيلي حتى اللحظة، وتوجيه نتنياهو للوزراء بعدم التصريح، قد يكون هدوءًا يسبق الرد.
وكشف مسؤول مطّلع لرويترز أن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لعب دورًا أساسيًا في إقناع طهران بقبول التهدئة، فيما كانت هناك اتصالات مباشرة وغير مباشرة بين مسؤولين أميركيين – بينهم نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو – مع الجانب الإيراني.
وأقرت إيران بأنها تعرضت لهجمات أميركية وإسرائيلية استهدفت منشآتها النووية تحت الأرض. وقال نائب الرئيس الأميركي إن هذه العمليات دمرت قدرة إيران على تطوير سلاح نووي، وهو ما يتناقض مع التقييمات الاستخباراتية الأميركية الرسمية التي لم تغيّر موقفها من عدم وجود برنامج نووي نشط.
يوم أمس تعرضت قاعدة العديد الأمريكرية في العاصمة القطرية الدوحة لضربة ايرانية، لم تسفر عن أي اصابة، حيث شكر الرئيس دونالد ترامب إيران علنًا على ما وصفه بـ”الإخطار المُبكر” قبل الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة جوية أمريكية في قطر، مُؤكدًا أنه لم يُصب أي أمريكي بأذى، وأن الأضرار المحدودة التي لحقت بالقاعدة مهَّدت الطريق لتهدئة محتمَلة في المنطقة.
وحثّ ترامب أيضًا على تهدئة التصعيد الإقليمي، قائلًا: “أود أن تمضي طهران نحو السلام والوئام في المنطقة، وسأشجع إسرائيل بحماس على أن تحذو حذوها”.
وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل وُلد في لحظة حساسة، لكن الصواريخ التي أُطلقت في الدقيقة الأخيرة قد تجرّ كل الأطراف إلى جولة جديدة… أو تُسرّع تثبيت تهدئة مؤجلة.
أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، تشكيل لجنة خاصة تتولى مهمة إعادة دمج الضباط المنشقين عن نظام الأسد البائد، ممن غادروا مواقعهم منذ انطلاق الثورة السورية وحتى عام 2020، في خطوة تهدف إلى الاستفادة من خبراتهم وتفعيلهم مجددًا ضمن مؤسسات الدولة حسب اختصاصاتهم المهنية.
وأوضح البابا، خلال مقابلة مع قناة "الإخبارية"، أن عدد الضباط المشمولين بهذا الإجراء يُقدَّر بما بين 500 و600 ضابط، مشيرًا إلى أن الوزارة ستبدأ بالتواصل معهم قريبًا ضمن آلية منظمة لإعادتهم إلى الخدمة في قطاعات الدولة.
وأكد أن الوزارة تلقت العديد من الاستفسارات من الضباط المنشقين وعائلاتهم، وأن التوجّه الجديد يأتي في سياق تعزيز روح المصالحة الوطنية، واستثمار الكفاءات العسكرية في خدمة الأمن والاستقرار ضمن الدولة السورية الجديدة.
وفي إجراء موازٍ، كانت وزارة الدفاع السورية قد فتحت باب استقبال طلبات العودة للأفراد وصف الضباط المنشقين، الراغبين بالعودة إلى صفوف الجيش، وذلك عبر رابط إلكتروني خصصته الوزارة لتسهيل إجراءات التسجيل.
وتأتي هذه الخطوات ضمن إطار أوسع تبنّته وزارة الدفاع لترسيخ ثقافة مؤسسية جديدة في الجيش السوري، حيث أصدرت الوزارة مؤخرًا لوائح جديدة تحدد قواعد السلوك والانضباط، مشيرة إلى أن الجندية لم تعد مجرد مهنة، بل هي رسالة وطنية وشرف كبير.
وأكدت الوزارة أن الميثاق العسكري الجديد يهدف إلى بناء جيش وطني محترف، يقوم على قيم الانضباط والالتزام واحترام القانون، ويضطلع بدوره في حماية الوطن والمواطن، والدفاع عن السيادة ووحدة التراب، والتصدي لأي تهديد يمس استقرار سوريا وسلامها الأهلي.
وبهذه الإجراءات، تسعى السلطات الانتقالية إلى معالجة واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق، عبر مسارات قانونية ومؤسساتية تضمن عودة المنشقين دون المساس بحقوقهم، بما يخدم مشروع الدولة الوطنية المتجددة.