النقد البنّاء لا يعني انهياراً.. بل نضجاً لم يدركه أيتام الأسد
النقد البنّاء لا يعني انهياراً.. بل نضجاً لم يدركه أيتام الأسد
● مقالات رأي ١٢ يونيو ٢٠٢٥

النقد البنّاء لا يعني انهياراً.. بل نضجاً لم يدركه أيتام الأسد

تصاعدت خلال الأيام الماضية، حدة التعليقات التي يشاركها "أيتام الأسد"، تحمل نوع من الشماتة والفرح المصطنع، ظناً منهم أن الخلافات التي ظهرت بين بعض الناشطين الأحرار والحكومة الحالية دليل على بداية انهيار العلاقة بين الطرفين أو تمهيد لانقلاب شعبي جديد، هذا التفسير السطحي والمبني على الأوهام يعكس عدم فهمهم لطبيعة العلاقة القائمة اليوم في سوريا بين القوى الثورية والمكونات الحكومية التي تمثل مرحلة ما بعد الأسد الساقط. 

الانتقادات التي وُجهت مؤخراً، سواء لمؤتمر السلم الأهلي، الذي رأى فيه بعض الناشطين تبريراً غير مقبول لعودة ضباط خدموا في عهد الأسد دون محاسبة، أو التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها عضو اللجنة "حسن صوفان" حول المجرم "فادي صقر"، ليست دليلاً على انقسام أو انهيار، بل دليل على وعي جديد قائم على حرية التعبير، وممارسة الحق في النقد المسؤول، وهو ما لم يعرفه أيتام النظام المجرم السابق يوماً.

ومن خلال رصد منشوراتهم وتعليقاتهم التي تحمل نبرة انتصار مزيفة، وكأنهم يظنون أن أبناء الثورة تخلوا عن مبادئهم، أو أن الثورة انتهت وأنهم قد يعودون من الباب الخلفي إلى مشهد سياسي كانوا سبباً رئيسياً في تدميره.


هذا الوهم نابع من عقليتهم القديمة التي ترى في الولاء للحكومة طاعة مطلقة، وتعتبر أي نقد نوعاً من الخيانة أو التفكك، بل إن هذا ما تعوّدوا عليه في ظل حكم الأسد الإرهابي، حيث كان الولاء الأعمى هو القاعدة، والنقد يُعتبر خروجاً عن الصف ويعرض للمساءلة والملاحقة.

أما اليوم، فإن من يقود الرأي العام من الناشطين الأحرار، هم أشخاص لا يخضعون لسلطة فوق سلطة الحق، يؤيدون الخطوات التي تخدم مصلحة السوريين، سواء جاءت من الحكومة أو من غيرها، ويرفضون أي سلوك يخالف مبادئ الثورة وكرامة الشعب، الانتقاد ليس ضعفاً، بل قوة للتصحيح؛ وهو ما لا يفهمه من تربى في بيئة تقمع الصوت المخالف وتقدس الحاكم.

الحكومة الحالية، بكل ما فيها من تحديات ونقاشات، ليست فوق المساءلة، وهذا ما يدركه الثوار جيداً. لذلك فإن وجود نقاشات واختلافات علنية حول بعض القرارات أو الشخصيات ليس خللاً، بل ظاهرة صحية تعبّر عن واقع جديد يسعى لبناء دولة على أساس القانون والمساءلة، لا دولة المخابرات والتهليل الأعمى.

في النهاية، فإن ما يروج له أيتام الأسد، من أوهام حول تفكك الصف أو نهاية المشروع الثوري، لا يعدو كونه محاولة يائسة للعودة إلى مشهد لفظهم منذ سنوات. الشعب السوري، بمختلف مكوناته الثورية والمدنية، يدرك أن النقد البناء ضرورة، وأن الكرامة لا تُساوم، وأن بناء سوريا الحرة لا يعني تكرار أخطاء الماضي، بل مواجهتها وتصحيحها.

الكاتب: سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ