اشارت مصادر خاصة لشبكة شام الإخبارية أن الجيش التركي قد بدأ بالفعل المشاورات العسكرية والتجهيز لشن عملية عسكرية على مدينة تل رفعت شمال حلب وكذلك مدينة منبج شرقها، ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
وأكدت المصادر الخاصة لشبكة شام أن العملية العسكرية، ستكون محصورة فقط ضمن مجموعة صغيرة من قوات الجيش الوطني السوري وبمشاركة من الجيش التركي، وخاصة الطائرات المسيرة المعرفة باسم "بيرقدار"، كما ستشارك المدفعية بشكل قوي وفعال.
صرحت تركيا مرارا وتكرارا برغبتها في السيطرة على عمق 30 كم داخل الأراضي السوري، وكان ذلك واضحًا من الخريطة التي حملها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2019، وطالب فيها بإنشاء ما أسماها "منطقة أمنة"، تكون ملاذا للسوريين الهاربين من بطش النظام السوري، وفي ذات الأمر وربما هي النقطة المهمة، تخفف عدد اللاجئين السوريين في تركيا وأوروبا، بحيث يكون لهم موطئ قدم تحت الحماية الدولية، ولكن هذا الأمر لم يحصل بالتأكيد.
كما أن اتفاق أضنة الذي وقع بين سوريا وتركيا عام 1998م، يعطي الحق للأخير في حال تم تهديد أمنه القومي بدخول الأراضي السوري بعمق 5 كم، وبما أن "قسد" هي التهديد المقصود، لذلك، فإن من حق تركيا الدخول لإنهاء هذا التهديد، وقد فعلت ذلك في ثلاث عمليات عسكرية سابقة، فهل نحن على أعتاب العملية الرابعة؟.
وفي ذات السياق، فقد صرح أردوغان في 11 من الشهر الحالي، إن صبر أنقرة حيال بؤر الإرهاب شمالي سوريا قد نفذ، وأنها تعتزم القضاء على التهديدات، وذلك بعد الهجوم على قوات بلاده في منطقة "درع الفرات" شمال حلب، والتي أدت لمقتل اثنين من الشرطة التركية وإصابة أخرين، كما تعرضت الأراضي التركية أيضا لقصف مدفعي، حيث اعتبر أردوغان أن هذه التحرشات بلغت حدا لا يحتمل، وسيتم القضاء عليها عبر القوى الفاعلة هناك أو بإمكاناتنا الخاصة، في إشارة الى الجيش الوطني السوري.
كما أن تركيا تعتبر تواجد "قسد" بالقرب من حدودها تهديد لأمنها القومي، فهي ترى أنها الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، وشنت لإنهاء تهديدها 3 عمليات عسكرية كانت الأولى درع الفرات والتي استهدفت أيضا تنظيم داعش، ومن ثم غصن الزيتون في منطقة عفرين، ومؤخرا نبع السلاح والتي استهدفت منطقة تل أبيض شمال الرقة ورأس العين شمال الحسكة، ويبدو أن المعركة القادمة والرابعة ستكون في تل رفعت ومنبج.
والسبب الأخر لشن هذه العملية، هو الضغط الشعبي في المناطق المحررة، ومطالبات متواصلة بضرورة شن عملية عسكرية على المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة "قسد"، إذ خرجت العديد من المظاهرات تطالب تركيا وفصائل الجيش الوطني السوري بضرورة تحرير مناطقهم كي يعودوا اليها سريعا، وهو أيضا ما تسعى له تركيا من خلال تخفيف وطأة اللجوء السوري في أراضيها، خاصة أن هناك الكثير ممن سيعودون في حال تم تحرير منازلهم.
عودتنا تركيا قبل أي عملية عسكرية لها في سوريا، إذ يبدأ بتحشيد إعلامي كبير ومن ثم تهديدات مباشرة ويليها التحشيد العسكري ومن ثم الهجوم السريع، ونستطيع الحديث أننا قد وصلنا نهاية التحشيد الإعلامي ودخلت مرحلة التجهيزات العسكرية للمعركة القادمة.
وفي الحقيقة لا يوجد موعد محدد لإنطلاق العملية العسكرية بعد، خاصة أنها مرتبط بالتوافق التركي مع روسيا وأمريكا، وتحتاج لذلك لضوء أخضر يبدو أنها لم تحصل عليه بعد، خاصة من الطرف الروسي الذي على ما يبدو يرغب بثمن الموافقة، ولكن هل أخذت أنقرة موافقة واشنطن؟.
كانت تركيا في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد دفعت لواشنطن مبلغ مليار ونصف دولار مقابل حصولها على طائرات متطورة من نوع "أف 35"، إلا أن ذلك لم يحصل بسبب إصرار أنقرة على اتمام صفقتها مع موسكو والتي حصلت فيها على منظومة الدفاع الجوي "اس 400".
الرفض الأمريكي لبيع "اف 35" لتركيا، هو أن "اس 400" الروسية تشكل تهديد مباشر لطائراتها ما قد يكشف التكنولوجيا السرية لهذه الطائرة لروسيا، كما تعتبر أمريكا أن منظومة الدفاع الروسية غير متوافقة مع أنظمة دفاع دول الناتو.
ومؤخراً وحسب ما هو متداول، أن واشنطن قدمت مقترحا لأنقرة لبيع طائرات من "اف 16" بنسخة متطورة بدلا من طائرات "اف35" وهو ما وقفت عليه أنقرة على الفور، ولكن يعتقد مراقبون أن الموافقة التركية أتت بعد موافقة واشنطن على إعطاء الضوء الأخضر لأي عملية تركية في الشمال السوري.
كما نددت الخارجية الأمريكية بالهجمات التي استهدفت الأراضي التركية وقدمت تعازيها لأسر الشرطيين التركيين اللذين قتلا مؤخرًا في سوريا، ولم تذكر واشنطن في إدانتها من قام بهذه الهجمات ولم تحمل المسؤولية لأي طرف، ولكنها طالبت بضبط النفس ووقف إطلاق النار.
هذه الإدانة وصفقة الطائرات، رآها مراقبون حصول تركيا على الضوء الأخضر الأمريكي، ولكنها لم تحصل بعد على الضوء الروسي، إذ عودتنا روسيا هي الأخرى على أخذ ثمن أي تحرك تركي في سوريا، حيث يرى مراقبون أن الثمن سيكون في ادلب أو في تطوير العلاقات مع النظام السوري.
وحسب تحليلات مختلفة، أشارت أن الموافقة الروسية لشن عملية عسكرية تركية، سيكون مرتبط بتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين أنقرة ودمشق، فيما يراه مراقبون أنه غير ممكن في الوقت الحالي، بينما رآه أخرون أنه ممكن للغاية، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو في مطلع الشهر الماضي أن "أنقرة تتواصل مع دمشق حول قضايا أمنية"، وفي حال لم يتم التوافق على تطوير العلاقات بين الجانبين، يرى مراقبون أن أنقرة من الممكن انها قد تستغني عن جزء من جنوب ادلب، وخاصة الطريق الدولي "ام 4".
روسيا وعلى لسان وزير خارجيتها "سيرغي لافروف" قال إن تركيا لم تنفذ كامل التزاماتها فيما يخص اتفاق ادلب، وأحد أهم شروطه فتح الطريق الدولي "ام 4" وإنهاء تواجد التنظيمات الإرهابية وأحدها هيئة تحرير الشام.
وعلى الرغم من الرفض التركي لأي عملية عسكرية روسية على ادلب، والتي إن تمت ستعمل بالتأكيد على نزوح مئات الالاف الى الحدود التركية ومنها الى داخلها، إلا أن تركيا تبحث عن مصالح أمنها القومي أولا، والذي يتمثل في إنهاء تواجد "قسد" بالقرب من حدودها.
فيما يرى مراقبون أن تركيا ستعمل على وقف أي عملية على ادلب وذلك بالضغط على الدول الأوروبية من خلال التهديد بورقة اللجوء، التي أتقن أردوغان لعبها بشكل جيد، وقد تقوم أنقرة بتقديم بعض التنازلات لموسكو فيما يخص مناطق أخرى مثلا ليبيا أو أفغانستان أو أذربيجان، وقد تذهب لصفقات عسكرية وتجارية أخرى، كي يتم إرضاء موسكو بها مقابل عدم شن أي عملية عسكرية على ادلب، إذ ان موسكو في الحقيقة لن تسمح لتركيا بشن أي عملية عسكرية بدون مقابل.
كما يرى محللون أن تركيا وروسيا قد يتوصلوا لتوافق فيما يخص الطريق الدولي "ام 4" بدون عملية عسكرية، وهو ما بات من الممكن حدوثه، خاصة بعد أن سمحت هيئة تحرير الشام بدخول شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية من مناطق النظام السوري الى المناطق المحررة، إذ اعتبر ذلك إشارة الى احتمالية تعاون الهيئة مع الأتراك في حال رغبتهم فتح الطريق الدولي، وفي حال تم ذلك فمن المتوقع أن يكون الطريق تحت الحماية التركية المباشرة ومراقب من قبل الجيش الروسي، وإذا ما حصل ذلك، فإن روسيا ستعتبر ذلك تقدما كبيراً لها.
حسب مصدر خاص لشبكة شام، أن تركيا قد بدأت بالفعل مشاورتها ووضع الخطط العسكرية لعمليتها المرتقبة لتحرير تل رفعت ومنبج وما حولهما، حيث ستكون المشاركة محصورة في مجموعات صغيرة من الجيش الوطني السوري، حيث ستشارك الطائرات التركية المسيرة في المعركة والتي ستعمل على تدمير قدرات "قسد" الدفاعية، ما قد يسمح بتوغل القوات التركية والجيش الوطني الى هذه المناطق.
وأكد المصدر الخاص، أن عملية الإستهداف ستكون مركزة وسريعة، وستعمل على شل حركة "قسد" وإجبارها على الانسحاب سريعًا، حيث ستبدي قسد دفاعا على مواقعها، ولكنها في النهاية لن تتمكن من الصمود كثيرا في وجهة الآلة العسكرية التركية.
وتوقع المصدر أن تكون المعركة الأولى في تل رفعت ومحطيها شمال حلب، وستشهد معارك عنيفة جدا، ولكنها في النهاية ستكون محسومة للجيش التركي، خاصة على ضوء المعارك السابقة التي انتهت بسرعة كبيرة وانسحبت "قسد" فيها سريعًا.
بينما ذهب المصدر أن تكون معركة منبج متأخرة، خاصة أن التركيز الأن على تحرير تل رفعت أولا، ولم يتم تحديد موعد معركة السيطرة على منبج، والتي قد تكون مباشرة بعد تل رفعت وقد تكون بعد فترة بعيدة بعض الشيء، ولكن هناك إصرار تركي على السيطرة على المنطقتين بكل السبل الممكنة كانت عسكرية أو سلمية.
وفي الحقيقة من غير الممكن فهم السياسية الدولية في سوريا بشكل واضح، خاصة بين تركيا وروسيا، إذ كان هناك حديث متصاعد وتحشيد تركي كبير للسيطرة على مدينة عين عيسى شمال الرقة أواخر العام الماضي، حيث تعرضت المدينة وقتها لقصف كثيف جدا من قبل المدفعية التركية، إذ كانت المؤشرات أنذاك عن نية الأتراك بالسيطرة على المدينة، إلا أن ذلك لم يحصل لغاية الأن، وقد تكون المؤشرات الحالية لمعركة السيطرة على تل رفعت ومنبج ذات الشيء، وتنتهي دون أي عملية وتتراجع أنقرة عن تهديداتها.
ولكن في نهاية الأمر، ترى تركيا أن تواجد قسد على حدودها يهدد أمنها القومي، وبالتأكيد ستعمل بكل الطرق الممكنة لإنهاء هذا التهديد، ولكن هذه "الطرق" ليست معبدة أمام الأتراك، حيث وضعت أمريكا وروسيا والنظام السوري كل المعوقات والمطبات أمام تحقيق أنقرة لما تريده في سوريا، والأسابيع أو الأيام القليلة القادمة ستكشف مدى قدرة تركيا على تطويع وتعبيد هذه الطرق.
"وكأن الثورة لم تلد سواهم ليتسلموا زمام المناصب في منصات المعارضة المتنوعة، حتى أنها باتت حكراً عليهم، لتتكرر أسمائهم في المواقع وفي كل انتخاب، يتبادلون الأدوار والكراسي، لتتغير الشخصية وتبقى عملية التدوير مستمرة"، هكذا يصف الشارع السوري الثائر، البعض القائمين على تمثيل منصات المعارضة السورية.
يقول آخرون أنه طيلة السنوات الماضية، ورغم كل ما مر فيه الحراك الثوري السوري في الداخل من مراحل قوة وضعف وانكسار، ورغم كل الظروف، لم تستطع مكونات المعارضة الخارجية ابتداءاً بـ "المجلس الوطني" وليس انتهاءاً بـ "الائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية"، وغيرها، أن توحد جهودها لتخدم قضية ذلك الشعب.
بل كل ما أنتجته - وفق سياسيين - هو الخصومات والتكتلات والخلافات وبناء التيارات لتقاسم المناصب والسلطة، وتبادلها فيما بينهم، رغم كل المحاولات التي بذلت لتوحيد صفوف المعارضة سواء في "السعودية أو تركيا أو قطر" ودول أخرى كان لها دور في رعاية تلك المنصات، حتى وصل الحال للتهديد بالتخلي عنهم.
وقليلاً ما تخرج للعلن السجالات السياسية التي تدور في أروقة التفاوض أو ما يدور من مباحثات مع الدول التي تبنت منصات "المعارضة السورية"، والكثير من عموم الشعب يتهم تلك الدول بالتسبب في تشرذم المعارضة وتفريقها، عبر تمكين التيارات والشخصيات النافذة عبر الولاءات والانتماءات، لكن هذا غير صحيح وفق ما قال أحد الشخصيات التي حضرت بعض تلك الاجتماعات لشبكة "شام".
ويروى الشاهد الذي "فضل عدم ذكر اسمه" جزء من التفاصيل حول اجتماع المعارضة في "الرياض 2"، وكيف حاول مدير المؤتمر المكلف من السلطات السعودية، توجيه المعارضة لتشكيل فريق تفاوضي من مختصين سواء حقوقيين أو سياسيين كلاً حسب اختصاصه بما لايتجاوز 15 شخصاً، وتفريغ هذا الفريق للتفاوض مع تكفل المملكة بكل النفقات.
يقول الشاهد إن التيارات التي حضرت الاجتماع سواء من "الائتلاف وهيئة التفاوض" رفضت الطرح بشكل كللي، وفضلت تقاسم المواقع وفق التيارات والتكتلات لأن في الطرح السعودي تدمير لمشاريعهم واختصار للوقت والجهد، ويهدد مناصبهم ومحاصصاتهم، الأمر الذي دفع الوفد السعودي للانسحاب مستاءاً من هذا الموقف.
ولعل كثرة الأخطاء التي وقعت بها المعارضة المفككة، والتي وصل الحال بها لاتباع أساليب تبادل الأدوار في المناصب و "تبادل الطرابيش" كما يسميه البعض، بانتخابات شكلية صورية، تديرها شخصيات باتت حاضرة في كل كيان و "كأن الثورة لم تلد غيرهم" كما قال أحد الشخصيات المعارضة، لتشيع مؤخراً تشبيهات "انتخابات المعارضة بانتخابات النظام" واتباع ذات أسلوبه.
وأثار إعادة انتخاب "أنس العبدة" قبل أيام لرئاسة "هيئة التفاوض السورية، لدورة ثانية، موجة سخط وردود في أروقة السياسيين ونشطاء الحراك الثوري، والتي أثارت حفيظتهم واعتبروها التفافاً على الديمقراطية، لاسيما مع غياب أي دور للحراك الشعبي السوري سواء في الداخل أو الخارج في اختيار من يمثلهم بشكل حقيقي لا بالتلاعب والالتفاف والولاءات.
شبكة "شام" تواصلت مع عدد من السياسيين والشخصيات المعارضة، وطرحت سؤالاً واحداً من هذه الزاوية، في مدى الحالة التي وصلت إليها مكونات المعارضة في اختيار من يمثلها، و "هل باتت انتخابات المعارضة أشبه بانتخابات النظام في التمديد وتبادل الأدوار بين عدد من الشخصيات المدعومة من هذه الدولة أو تلك...?".
وكان التواصل بداية مع "الائتلاف الوطني" ممثلاً بالسيدة "ربا حبوش" الناطق الرسمي للائتلاف، والتي "اعتذرت عن الإجابة"، في وقت رد الأستاذ "زكريا ملاحفجي" وهو عضو الهيئة العامة بالائتلاف، نافياً وجود أي تشابه بين انتخابات المعارضة والنظام، لافتاً إلى أن الائتلاف كمؤسسة رسمية للمعارضة، مر على إدارته تسع شخصيات مختلفة منذ تأسيسه ورئاسة "معاذ الخطيب حتى نصر الحريري"، معتبراً أن هذا التشبيه وهذه الصورة غير دقيقة بالمطلق.
ورأى ملاحفجي في حديث لشبكة "شام" أن الائتلاف ينبغي أن يسعى لتحويل حالة القيادة للمعارضة رويداً رويداً لتأسيس حوكمة ما بحالة انتخابية، معتبراً أن هناك عقبات ولكن لابد أن يكون هناك هدف يستوجب تحقيقه، وتحدث عن وجود حالة من التغيير مع تبديل تسع شخصيات من أقصى اليمين لليسار بين القيادات التي ترأست الائتلاف، بينا نظام الأسد يدير سوريا من الأب للابن على مدار سنوات طويلة.
الأستاذ "وائل علوان" الباحث في مركز جسور للدراسات، اعتبر أن نظام الأسد نظام مجرم ولاتتوقف مشكلة السوريين بأنه يدعي الديمقراطية ولاينفذها، مؤكداً أنه لايمكن المقارنة بين "النظام" و "المعارضة" في هذا الشأن وأن "حذاء المعارضة في رأس النظام" وفق تعبيره.
ولفت علوان في حديث لشبكة "شام" إلى أن المشكلة في الأداء "المؤسف" للمعارضة والمتمثل في عدم ممارسة الديمقراطية والانتخابات وعدم الاتصال السليم والصحيح بالشكل الذي نادى به الشعب منذ بداية الثورة، مبيناً أن "الهامش الوطني" الباقي بعد التدخلات والضغوطات الدولية، لاتستغله مؤسسات المعارضة لإثبات نموذج وحالة وطنية صحيحة وسليمة طالما تتوق لها الشعب السوري وطلبها بشكل حقيقي وجاد.
من جهته، قال الكاتب والباحث السوري "أحمد أبازيد"، إن "نظام الأسد ليس له شبيه في التوحش والشر والإجرام، في حين تبقى هناك معضلة بالنسبة للمعارضة تتمثل في تضاؤل الثقة والمصداقية الشعبية، بشكل متزايد مع الوقت".
وأرجع "أبازيد" ذلك في حديث لشبكة "شام" إلى "الفشل في الإنجاز في الملف السياسي، ونتيجة ضعف الثقة بالأشخاص أنفسهم، وتبدل صدارة المعارضة منذ عدة سنوات بين مجموعة معدودة من الأشخاص، مع عدم اعتماد المعارضة على شرعية انتخاب شعبية، أو على انتخابات داخلية لمكونات الائتلاف وأجسام المعارضة، مثل المجالس المحلية وكتل الحراك الثوري وغيرها".
وتحضر المشكلة أيضاً - وفق أبازيد - في غياب الانتخابات عن معظم المؤسسات الرسمية للثورة، خاصة المجالس المحلية في الشمال، ما يعني أن هناك حالة تغييب للشرعية الشعبية على كافة المستويات، السياسية والإدارية والخدمية، ومع الوقت تتكرس في نظر الشعب نخبة حاكمة لديها امتيازات خاصة، دون تماس مع الناس، وهو ما يمهد لحالة أكبر من القطيعة بين المجتمع والمؤسسات، وما يدفع الناس لتشكيل مؤسساتهم الخاصة.
ووافق الأستاذ "زهير سالم" وهو مدير مركز الشرق العربي - لندن، على التوصيف بين "انتخابات المعارضة والنظام"، وقال "مع الأسف وبكل تأكيد ومنذ أمد ليس بالقريب" لافتاً إلى أن "المشكلة ليست فقط في الانتخابات، بل في كل أمر ذي بال".
ولفت "سالم" في حديث لشبكة "شام" إلى أنه ومنذ القبول بنتائج مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في تونس، ثم القبول بالجلوس على طاولة المفاوضات في جنيف واحد مع إدارة الظهر للملفات الإنسانية المتقدمة على جميع الملفات السياسية وتخلت واجهات المعارضة السورية عن قرارها الوطني.
وذكر أن "بعض الناس يقولون إن جهة ما سلبت الواجهات المعارضة قرارها"، معتبراً أن "هذا توصيف غير دقيق، عن طواعية ورغبة دون رهبة تخلت المعارضة عن قرارها لوزير وسفير ثم لمن هو دون الوزير والسفير"، معتبراً أن التحدي الأول أمام المعارضة السورية أن تستعيد قرارها أو بعضا منه، مشيراً إلى أن واجهات المعارضة في مسيرة الثورة السورية منذ زمن فريق من الهواة والمسوقين والمشجعين"، وفق تعبيره.
ونختم حديثنا بتصريح من الأستاذ "برهان غليون" أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون في باريس، وأول رئيس للمجلس الوطني السوري، والذي قال في حديثه لشبكة "شام" إنه من التفريط بحق الذين وقفوا ضد النظام القاتل وهم أغلبية الشعب السوري، وصار يطلق عليهم اسم معارضين للنظام، وهم كذلك بالفعل، أن يحملوا مسؤولية انحرافات مؤسسات ضعيفة وشكلية لم تستطع أن تقوم بشيء منذ تأسيسها، ومعظم من يحركونها أو يقودونها لم يكن لهم تاريخ ولا موقع في المعارضة الشعبية والمدنية الطويلة السابقة على الثورة، ولا حتى خلال الثورة.
وأكد غليون على ضرورة أن تُنتقد هذه المؤسسات لعجزها وعدم قدرتها على خدمة قضية المعارضة لا أن يستخدم عجزها وبؤس تفكير قادتها لإدانة المعارضة السورية كلية، مصححاً سؤال "شام" الذي وجهناه بأن يكون السؤال الصحيح هو: هل تختلف انتخابات الائتلاف وهيئة المفاوضات، خاصة في السنوات الأخيرة، عن انتخابات النظام؟.
رأى "غليون" أن الجواب طبعا تختلف، لأن الأولى أعني انتخابات مؤسسات المعارضة الهزيلة والمجهضة والمنزوعة القرار لا تمثل أحدا سوى نفسها، ولا يهم من تنتخبه، أما انتخابات النظام فهي تهدف الى تزوير إرادة الشعب كله وتكريس سلطة نظام قاد البلاد الى الخراب والشعب الى الهلاك وهو المسؤول الأول عن الحرب والمجازر وأعمال الإبادة الجماعية التي عرفتها سورية في العقد المنصرم.
ولفت في حديثه لشبكة "شام" إلى أن هذا لا يقلل من سوء الائتلاف والهيئة الذين لا يمثلان المعارضة وإنما أنفسهما ومن يعمل فيهما ولا من مسؤوليتهما في تمديد أجل المأساة السورية ولكنه لا يقدم هدية مجانية لنظام الأسد ويبرر بشكل مباشر استمراره.
واعتبر "غليون" أن أي اتهامات عمومية وإطلاقية لا تميز بين صاحب الخطأ أو الإساءة والجمهور البريء أو الذي لا مسؤولية له فيهما هو خلط للأوراق وتشويش للذهن وتمييع لمسألة المسؤولية التي هي أساسية في المراجعة في أي عمل وبالتالي في إغلاق أو القضاء على أي أمل في الخروج من المحنة والدوران في الحلقة المفرغة.
وختم "غليون" حديثه بالإشارة إلى أنه لو كان الائتلاف وجماعته يمثلون جمهور المعارضة الشعبي لما وصلت القضية الى الطريق المسدود الذي أوصلوها إليه، ولكننا قادرين اليوم كمعارضة شعبية أن نطرق باب الاجتماعات والمفاوضات الدولية بقوة من أجل الضغط لتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وليس هذا هو حالنا للأسف، لكن هذا لا يمنع أيضا أن هناك من بين النشطاء السوريين الكثر في العواصم الدولية من لايتوقف عن العمل من أجل متابعة القضية السورية واستغلال جميع الفرص الممكنة لإعادة وضعها على طاولة السياسة الدولية".
بالطرف الآخر، هناك من يرى أن المعارضة بكل مكوناتها لم تدخر جهداً في أي محفل أو اجتماع دولي لخدمة قضية الشعب السوري، ويٌرجع فشلها في تحقيق أي تقدم، لعدة أسباب على رأسها المصالح الدولية التي تتوافق وتتضارب وفق السياسات لكل دولة على حدة، والتي كانت أكبر عائق أمام تغليب دور المعارضة على النظام في سياق المباحثات الدولية حول الملف السوري طيلة السنوات العشر الماضية، وهذا برأيهم رجح كفة النظام، وأن مكونات المعارضة لاتتحمل ماوصل إليه حالها اليوم.
خلال سنوات الثورة السورية كان قطاع التعليم أحد أهم القطاعات التي تأثرت وبشكل كبير، حيث استهدف نظام الأسد وروسيا وإيران المدارس طيلة عشر سنوات، وارتكب في بعضها المجازر التي راح ضحيتها طلابٌ ومعلمون، لتتفاقم المأساة في آخر عامين، بعد الحملة العسكرية التي شنها النظام مدعوماً من روسيا وإيران، على أرياف إدلب وحلب وحماة، خلفت مئات الآلاف من النازحين الذين تشردوا في المخيمات الحدودية، والقرى والمدن الخارجة عن سيطرة نظام الأسد.
ولتكتمل المأساة، كان فيروس كوفيد_19 بدأ بالانتشار في مختلف دول العالم، ومع وصوله إلى الشمال السوري، أصدرت مديرية التربية في إدلب قراراً يقضي بإغلاق المدارس، ضمن الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس، منتصف العام الماضي.
قاعدة هشّة ومحطمة بالأساس لدى طلاب المدارس في الشمال، دفعت الكثيرين للبحث عن بدائل حقيقية تنقذ ما يمكن إنقاذه من مستقبل أجيال كاملة، قد تقودها الظروف والعوامل الحالية إلى مستنقعات تنعكس سلباً على المنطقة، فكان أحد تلك الخيارات والبدائل هو المنصة التعليمية الإلكترونية عن بعد، والتي تقدم خدماتها التعليمية في المناهج المدرسة عبر مدرسين مختصين عبر الإنترنت.
ما بين الحاجة الملحة لمتابعة التعليم، والعمل على إنقاذ ما تبقى من الأجيال، كانت البداية، وفق ماقال "ياسر ياسين مدللة" مدير منصة "مسارات" التعليمية، والتي تتخذ من مدينة إدلب مقراً ومنطلقاً لعملها، في خدمة طلاب الشهادتين الثانوية والتعليم الأساسي، وبشكل مجاني: "مع سنوات العمل التطوعي لسوريا وأهلنا، ترسخت لديّ قناعة أن أكثر مشاكلنا سببها الجهل. فأولى أولوياتنا يجب أن تكون في محاربته".
وأضاف "مدللة" الذي يقيم في المملكة العربية السعودية، في حديثه لشبكة "شام": "ومع طبيعة عملي والتجارب التي خضتها في الغربة، فكرت أن حجم الاحتياج الضخم في المناطق المنكوبة لا يحله إلا جلب الخبرات السورية من كل مكان، وتوجيهها لمن يحتاجها، فولدت فكرة منصة معرفية تقدم فيها أنواع المعارف التي يحتاجها الفتى أو الفتاة، ويسهم في صناعتها المحترفون السوريون من كل أصقاع الدنيا وتحفظ المعرفة فيها وقفاً عنّا جميعاً ١٠٠ عام أو تزيد".
فانطلقت الفكرة لتصبح واقعاً، اعتمد خلالها الفريق على دعم المغتربين السوريين الذين يحملون هم أهلهم في الداخل، يقول مدللة حول هذا الموضوع: "تؤمَّن التعويضات المالية للمعلمين ووسائلهم التعليمية من اسهامات المغتربين السوريين المؤمنين بالفكرة وواجبهم تجاه أهلهم".
حظيت المنصة بمتابعة واسعة من قبل الطلاب والمهتمين بالشأن التعليمي والتربوي، فقدمت خلال ما يزيد عن عام، دروساً تعليمية خاصة بطلاب الشهادتين الثانوية والتعليم الأساسي، إضافة إلى دروس تربوية وإرشادات ونصائح هامة، يحتاجها الجيل المتعلم.
سارت الأمور ضمن الخطة الموضوعة من قبل إدارة المنصة، لكن لا بد من وجود بعض العقبات التي تعترض سير العمل، فتحدث "ياسر مدللة" حول تلك العقبات قائلاً: "يمكن تلخيص العقبات التي تعترض عملنا في تأمين التمويل المستقر لتغطية مصاريف التوسع لبقية الصفوف الدراسية، والشحّ الشديد لدى الطلاب في امتلاك أساسيات التعليم (الكتب، القرطاسية، جهاز ذكي لمتابعة الدروس، كهرباء و انترنت)".
بما أن التعليم الإلكتروني أصبح طارئاً على المجتمع السوري نتيجة ظروف محددة، كان لا بد للمعلمين من العمل لتدارك السلبيات، والعمل على تطوير الإيجابيات، وفي لقاء أجرته " شام" مع المدرّس "محمود السلوم" للحديث عن الفارق بين التعليم الإلكتروني والتعلم الفيزيائي قال: "التعليم الافتراضي يوفّر الحلّ لتعليم الطلاب في المناطق البعيدة، وخاصة طلاب المخيمات في ظل النزوح وانعدام المؤسسات التعليمية، ما يوفر التعليم المستمر وفي أي مكان. مع اختصار للوقت والتكاليف. وإمكانية التعلم مع الاستمرار بالعمل. في حين تجد التعليم الفيزيائي غير متاح للجميع، بسبب بعد الكثير من الطلاب عن المدارس، بعد تعرض الكثير منها للتدمير بسبب القصف. وأيضاً، ازدحام الصفوف التعليمية وافتقار المدارس لأساسيات التعليم بسبب ضعف دعم القطاع التعليمي".
وتابع "السلوم" متحدثاً عن دور التعليم الإلكتروني في سد الفجوة الحاصلة نتيجة الظروف السابقة، منوهاً إلى أن دوره الإيجابي يكمن في "سد النقص بالقطاع التعليمي، وخاصة بعد تناقص عدد المدارس وخروج أغلبها عن الخدمة، نتيجة القصف أو الاحتلال. وقلة الكادر التدريسي، وكذلك يفتح الآفاق والأمل أمام المنقطعين والأمهات وغيرهم، كما أنه يوفر الوقت والجهد والتكاليف".
في المقابل حدد بعض النقاط التي يعتبرها من السلبيات في عملية التعليم الإلكتروني، يقول " لكن غالباً يواجه التعليم الإلكتروني بعدم تقبل المجتمع لهذا النوع من التعليم وسوء الظن فيه بأنه غير ناجع. إضافةً إلى الاقتصار على الجانب التعليمي والنظري.. وغياب دور مهم وهدف مهم ألا وهو الدور القيمي التربوي وهذه ما نسميها بالأهداف الوجدانية. وعجز الطلاب عن تقييم أدائه وتحصيله بشكل مستمر".
وختم سلوم موضحاً بعض العقبات التي يواجهها في عمله كمدرس للغة العربية في منصة "مسارات" التعليمية، "هنالك بعض العقبات، منها ضعف الشابكة، وانقطاعها في أغلب الأحيان، وهذا يحتاج توفير بنية تحتية ذات جودة عالية من حيث سرعة وسائل الاتصال وتوفير أجهزة حديثة. وبناء مواد ومناهج تعليميّة إلكترونية. وتدريب المدرسين وزيادة كفاءتهم في استخدام هذه التقنيات. وهذا النوع من التعليم الدخيل على مجتمعنا في الشمال السوري".
الهدف الرئيس من المنصات التعليمية ومحورها هو الطالب، فالطالب هو الذي يحدد الجدوى ومدى الاستفادة منها، ولذلك التقينا بالطالبة بيان سلوم التي كانت أحد المستفيدين من منصة "مسارات" خلال العام الماضي، لتحدثنا عن رأيها في التعليم الإلكتروني، فقالت: "هناك أسباب كثيرة دفعتني للتسجيل في التعليم الإلكتروني. أولا هي تجربة جديدة علينا في التعليم عن البعد، وخروجها عن التعليم التقليدي المعروف.. ولأن دروسها تفاعلية، نشارك ونسأل ونجيب، والأهم من ذلك جمعت كادراً متميزاً، وهي مجانية لنا دون مقابل أو أي تكلفة. فقدمت لي الدروس التفاعلية عن بعد، وجميع المقررات الدراسية دون عناء أو حاجة للذهاب للمعاهد الخاصة".
وتضيف الطالبة بيان "على الرغم من العبء الذي يقع على الطالب في تأمين مصدر الإنترنت، وتكلفته، فغالبا نعتمد على بطاقات إنترنت محدودة الزمن والمدة. إلا أنها سهّلت علينا الدراسة عن بعد ونحن في المنزل.. إضافة إلى عرضها المحتوى بجودة عالية. وتقديمها معلومات قيمة وهامة".
ولعل مواكبة التطور ومواجهة الأزمات للارتقاء بالواقع التعليمي في الشمال السوري، أوجدا منصات التعليم الإلكتروني، على الرغم من بعض السلبيات والعقبات، إلا أنه أصبح واقعاً معاشاً. يسعى العاملون فيه إلى تطويره بشكل أفضل، وتنميته ليتحول من الرديف إلى الأساس في يوم من الأيام.
تواصل "هيئة تحرير الشام"، وبحكم كونها سلطة الأمر الواقع في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، مساعي التسلط والاستحواذ التي لم تخفها طيلة الفترات الماضية بدءا من السيطرة العسكرية مروراً بالإدارة المحلية وليس انتهاءاً في الموارد المالية الاقتصادية مثل المعابر والمشاريع الأخرى.
وفي هذا التقرير، تستعرض شبكة "شام" الإخبارية مساعي الهيئة للسيطرة على قطاع الإنترنت والاتصالات والذي تعتبره مورداً مالياً كبيراً، ليستمر مسلسل احتكار أمراء الحرب لكل شيء يجلب المال دون النظر للعوائق أو الصعوبات التي ستلحق بالمدنيين أو العاملين في المجال الذي سيتم احتكاره.
فكل من لديه منصب وليس لديه ضمير يحاول استغلال منصبه لفتنة المال و يستمر جشعهم باقتناص أيّ فرصة لاحتكار أي شيء فيه رائحة المال حتى مع معرفتهم بأنهم لا يملكون الخبرة و المهارة والقدرة على النجاح في احتكارهم، ويتم ذلك بعد تنحية الخبرات والقدرات والكفاءات التي اكتسبت خبرات السنوات، ولا سيّما في ما يتعلق بالإنترنت القادم من تركيا إلى المناطق المحررة في إدلب عن طريق الهوائيات و الكبل الضوئي.
ووفق معلومات "شام" فإن أذرع "تحرير الشام"، الاقتصادية فشلت في العام الماضي في احتكار الإنترنت عن طريق شركة "سيريا كونيكت" بإشراف المدعو أ.ح"، والتي بدأت عملها في بداية ذلك العام مع موجة النزوح الكبيرة، ولكن ما لبثت أن فشلت بعد أشهر، حيث أوقفت السلطات التركية الكبل الضوئي الواصل إلى معبر باب الهوى في الرابع عشر من أيلول سبتمبر 2020 .
وجرى ذلك بعد أن وصل أمر فساد ذلك الملف إلى السلطات العليا في تركيا وعلمت بسطوة أمراء الحرب و المال على الخط الضوئي، وأيضاً سطوتهم على جميع الشركات الموردة إلى إدلب عن طريق تهديدهم بفك أبراجهم في الداخل الادلبي عن طريق ذراع مؤسسة الاتصالات الأمني.
وكانت جرت انتهاكات عديدة بحق العشرات من العاملين في قطاع الانترنت في الداخل السوري من الذين لم يلتزموا بالتعليمات الجديدة وقتها والتي تدعم الاحتكار والسيطرة على الانترنت في إدلب والتفرد بالاستفادة من عائداته، وتم فك ومصادرة الكثير من الأبراج والأجهزة للمزوّدين المخالفين لتعليمات المؤسسة وقراراتها وسط صمت الجميع وعدم القدرة على اتخاذ أي إجراء مضاد.
ومع ارتفاع سعر الميغا وقتها وهبوط أداء الإنترنت وانعدام جودته لعدم "امتلاكهم القدرة الفنية والكفاءة الإدارية"، مع التركيز على هدفهم الذي كان المال ولا شيء غيره و الذي كان يعود على أشخاص يستغلون مناصبهم في "الحكومة و الهيئة" لصالح جيوبهم، وبنفس الوقت جهلهم بأن احتكار الإنترنت ليس احتكارا الوقود و الموز و السكر في الإنترنت مختلف تماما و يحتاج لعقول تديره، لكن الامر لا يهم أمام الأهداف السامية و الثروات.
وعقب إيقاف الكبل الضوئي في ذلك الوقت من العام الماضي قامت ولاية هاتاي بدعوة الشركات الموردة إلى إدلب من أجل اجتماعات لمناقشة مختلف جوانب الأمر و للقضاء على الاحتكارية و لضمان عدم تدخل أطراف لا علاقة لها بخدمة مدنية تحتاج لحرية عمل و الكفاءة و خبرات وتوفير خدمة مرتفعة و أداء عالي و سعر أقل على المدنيين و ليكون استخدام الكبل الضوئي متاح لجميع الشركات الراغبة في ذلك و التي تورّد الانترنت مسبقاً إلى إدلب عن طريق الهوائيات بين الجانب التركي ومنطقة إدلب ويكون التنافس في السعر والجودة حاضراً في سوق الانترنت ويصب ذلك في مصلحة وخدمة المدنيين في المنطقة.
وبعد تلك الدعوة بدأت سلسلة من الاجتماعات في مبنى الولاية بهاتاي، منذ شهر كانون الأول ديسمبر من العام 2020 و حضرت ثلاث شركات هي (هات نت وهاي سبيد وكبسام نت)، ثم شركة "شفق نت" في الاجتماعات التالية بعد دخولها في الخدمة حيث تم عقد ستة اجتماعات مع هذه الشركات و تم فيها مناقشة مختلف جوانب العمل.
واقترح آنذلك دفع رسوم سنوية من كل شركة بمبلغ 300 ألف ليرة تركية وانتظار التعليمات من السلطات العليا التركية من أجل آلية التنفيذ، لكن في بداية شهر أبريل نيسان من عام 2021 قامت ولاية هاتاي بإعلام الشركات التي حضرت اجتماعات المناقشة بتأكيد رغبتهم في العمل في الكبل الضوئي ودفع رسوم 500 ألف ليرة تركية خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام من تاريخ الإبلاغ وتم ذلك ودفعت الشركات الأربعة وهي (هات نت -هاي سبيد -كبسام نت – شفق نت)، دفعت كل شركة منها الرسوم كاملة بانتظار التعليمات من والي المعبر للبدء بالعمل للشركات الأربعة.
لكن أمراء الحرب والمال كانوا يعملون في الخفاء ورغم انتهاء المدة قامت شركة خامسة جديدة بالتسجيل ودفع الرسوم تدعى "فيغا نت" من غازي عينتاب رغم أن ليس لها عمل إطلاقاً في إدلب ولا حتى في عفرين أو المناطق التابعة لولاية هاتاي، ورغم أنها لم تحضر الاجتماعات الستة في مبنى ولاية هاتاي، وهي شركة تعمل في جرابلس و لديها سبعة جيغا فقط مع سمعة سيئة ولكن من يتوقع أن شركة صغيرة تعمل في جرابلس فقط بأنها ستكون الحصرية للعمل في إدلب ! و التي تحتاج لأكثر من 100 جيغا كسرعة.
وتشير مصادر "شام" إلى "نسج خيوط الاحتكار والتآمر مُسبقا بين مالك شركة فيغا نت، وأشخاص من المسؤولين عن الاتصالات في هيئة تحرير الشام وهم "عبد الملك وعمر وأبو طلحة"، إضافةً لوسيط يدعى "أنس، ق"، حيث جرت بينهم اجتماعات عديدة منها بحضور أحد المسؤولين الأتراك في معبر باب الهوى انتهت بوليمة غداء على شرف الاتفاق".
وبعد تسجيل شركة "فيغا نت" حضرت الشركات الخمس اجتماعاً في معبر باب الهوى وعند استكمال كل الإجراءات للعمل في الكبل الضوئي تدخّل تقنيون في الاتصالات بهيئة تحرير الشام و مؤسسة الإتصالات وقاموا بوصل الكبل الضوئي لشركة "فيغا نت" فقط دون غيرها من الشركات وسط صدمة من الشركات الأربعة التي حضرت اجتماعات ومناقشات على مدار شهور مع الجانب التركي وتتبع لولاية هاتاي على عكس "فيغا نت" التي أتت من المجهول و تسـيّـدت الموقف في إدلب.
وقد تبيّن أن الوسيط "أنس ق"، ومن خلال علاقاته مع الهيئة وأشخاص في الجانب التركي هو من أحضر شركة "فيغا نت" إلى إدلب و هو من رتب الأمور مع أمراء الاتصالات في هيئة تحرير الشام، إضافة لعلاقته مع مسؤول في مكتب الهيئة في تركيا و يدعى "هشام"، والذي حاول مع أنس سابقاً شراء الانترنت من المزوّد التركي دون نجاحه في ذلك فقاموا بعقد شراكة مع فيغا نت وتعين شخص يدعى "عيسى" ليكون وكيل شركة فيغا لدى التورك تيليكوم في منطقة هاتاي.
وجاءت تلك التدابير لترتيب الأوراق منعاً لاكتشاف التعاملات المشبوهة مع أمراء الاتصالات في الهيئة والعاملين تحتهم ومن طرف آخر شركاءهم من الجانب التركي حيث يعمل الجميع في الخفاء دون علم السلطات العليا في تركيا بذلك، ولدى هيئة تحرير الشام يتم تقديم هذا المشروع بمظهر تنظيمي وإداري لدى الأمراء الكبار ليكون ذلك غطاء لمكاسبهم المالية التي لن يعلم عنها أحد ويتقاسمها أمراء الاتصالات من الكبير حتى الصغير.
يضاف إلى ذلك حجج أمراء الاتصالات في الهيئة في حال وصل أمر فسادهم لمن هو أعلى منهم و كل شيء يجري عبر وسطاء وعبر أشخاص تكون في الواجهة لتبقى اللعبة بيد الكبار في الخفاء، تلتقي جميع تلك الأسماء عند المدعو "أنس ق" والذي يدًعي أنه مفروض على الجميع من الأمن التركي.
في الوقت ذاته فإن مؤسسة الاتصالات تدّعي أن التعامل مع شركة "فيغا نت" جاء بتوجيهات من والي معبر باب الهوى، وبعد أن تم التواصل مع مكتب والي المعبر من عدة أطراف أكدوا أن لا علاقة لهم بالأمر، وأكدوا على أحقية جميع الشركات المرخصة في استخدام الكبل الضوئي وأن لا علاقة للجانب التركي بالحصرية داخل إدلب.
لاحقاً أصبحت المؤسسة تدّعي أن التعامل مع "فيغا نت" جاء بتوجيهات من أنقرة، وكلها ادعاءات باطلة رغم شراكة بعض الأطراف التركية في صفقة الانترنت، وتتسائل المصادر عن مستقبل احتكار الانترنت.
وعن مخطط احتكار الإنترنت تروي بأن المرحلة الأولى و قد بدأت بتشغيل الكبل الضوئي و تزويد مؤسسة الاتصالات و تحميل الشبكات عليه بالتدريج حتى يستطيعوا التغلب على المشاكل التي تواجههم مع الوقت ثم تأتي مرحلة توصيل جميع الشبكات الداخلية على الكبل الضوئي بشكل متدرج أيضاً، وعند حدوث ذلك بنجاح ستضطر الشركات الأخرى التي تغذّي منطقة إدلب بالهوائيات إلى الإغلاق وإيقاف عملهم نهائياً، بعد ذلك تأتي مرحلة رفع السعر ثم إصلاح الكبل الضوئي الواصل من إدلب إلى مناطق سيطرة ميليشيات النظام والموجود مُسبقاً تحت الأرض و لن يعلم بذلك أحد.
والجدير ذكره أن الكبل الضوئي و بعد انقطاع ما يقارب الثمانية أشهر عاد للعمل من جديد منذ بداية الشهر الحالي أيار/مايو، مع ضعف في الأداء والخدمة وسوء في الإدارة مع تذمر من العاملين في الانترنت من سوء الخدمة دون أيً ردة فعل ُأخرى خوفاً من تسلّط الجهة الأمنية لمؤسسة الاتصالات عليهم وعلى أبراجهم وأرزاقهم.
حتى أن موظفي مؤسسة الاتصالات في حكومة الإنقاذ لا يملكون جواباً لشكاوى مزودي الإنترنت داخلياً ويطلبون منهم الصبر حتى يستطيعوا حل المشكلات العالقة بحجة أن بداية العمل تستوجب مواجهة بعض المشاكل ثم وصلت الأمور لعدم الرد على اتصالات الشكاوى والمشكلة الأكبر مع حصرية هذه الشركة أن انقطاع الكبل الضوئي سيتسبب بمشكلة أعظم من حيث البديل للكبل الضوئي فشركة فيغا نت لا تملك هوائيات إلى منطقة إدلب.
ويأتي ذلك على عكس الشركات الأخرى التي تم تنحيتها عن العمل إضافة إلى زيادة المشاكل مع تحميل المزيد من الخطوط من مصدر الكبل الضوئي مُستقبلاً لضعف إمكانيات الشركة و مؤسسة الإتصالات فنياً و تقنياً و خدمياً و إدارياً و قلة الكوادر والخبرات ونوعية الخبرات أيضاً و تغلبهم على هذه المشاكل سيأخذ وقتاً طويلاً و سيكون له وقع سيء على خدمة الأنترنت الواصل للمدنيين و مختلف مؤسسات و منظمات المجتمع المدني في الداخل الادلبي.
و كل ذلك لاحتكارهم سوق العمل واعتمادهم على أضعف شركة بكل المقاييس مقارنة مع شركات ضخمة تمتلك كل مقومات العمل على أقل تقدير أبرزها شركتي "هاي سبيد وهات نت" المستحوذتين على الحصة الأكبر من انترنت المحرر عبر الهوائيات وتم تنحيتهم عن المشهد إضافة لشركتي "شفق نت و كبسام" و التي تتفوق على شركة الاحتكار فيغا نت بأميال.
وفي آذار 2020، نشرت حكومة الإنقاذ بياناً رسمياً تضمن قائمة جديدة قالت إنها لتحديد أسعار شرائح الإنترنت لشهر آذار الجاري في الشمال المحرر، إذ صدر البيان عن المؤسسة العامة للاتصالات، فيما يًسمى بـ "حكومة الإنقاذ السورية".
وحددت الإنقاذ أسعار الشرائح لمزودي الخدمة بالجملة إذ بلغت بحسب نص البيان، "100 ميغا بايت وسعرها 4.5 دولار، و 300 ميغا ب 4.15 دولار، و 500 ميغا ب 3.85 دولار، و 700 ميغا ب 3.35 دولار، و 1 جيغا ب 3 دولار، و 2.5 جيغا ب 2.65 دولار، و5 جيغا ب 2.25 دولار"، حسبما ورد في البيان.
فيما نشرت صفحة محلية تحمل اسم "تكتل إنترنت إدلب"، تفاصيل ظهور شركة سيريا كونيكت التي فرضت على جميع أصحاب شبكات الإنترنت الانضواء تحت اسمها لتكون الشركة الوحيدة المصدرة للإنترنت ضمن مناطق حكومة الإنقاذ الذراع المدني لـ "هيئة تحرير الشام".
وبحسب التفاصيل فإنّ "سيريا كونيكت"، تأسست منذ نحو 6 أشهر المتخصصة بإمداد المنطقة بالإنترنت ضمن محافظة إدلب، بعد أن استقدمت الشركة كابلاً ضوئياً من تركيا إلى منطقة رأس الحصن وعدة مناطق أخرى، وأجبرت جميع العاملين في مجال الإنترنت على التعامل معها، وقتذاك.
وسبق أنّ نشرت وكالة أنباء الشام الداعمة لما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ السورية"، الذراع المدني لـ "هيئة تحرير الشام"، إعلاناً رسمياً صادر عن "الإنقاذ"، يعلن عن موعد تقديم ما وصفتها بأنها "دراسات وعروض" لتشغيل خدمة 4G في الشمال المحرر، حسبما ورد في الإعلان.
هذا وتواصلت شبكة شام الإخبارية بوقت سابق مع مصادر محلية أكدت أن حكومة الإنقاذ قامت بمنع مزودي شبكات الانترنت من تشغيلها فضلاً عن إطفاء عدد منها ممن لم يخضع للضرائب التي تفرضها هيئة الاتصالات التابعة للإنقاذ.
المصادر ذاتها أكدت أن أصحاب شبكات الانترنت خاطبوا العناصر الأمنية التي أقدمت على إيقاف عمل الشبكات بأن الوقت غير مناسب لهذه التصرفات والمضايقات التي تنتهجها حكومة الإنقاذ إذ لا يوجد قدرة لدى النازحين لدفع المزيد من الأموال لتأمين التواصل الذي بات حاجة ملحة وسط تصاعد الأحداث.
وبات يعرف آلية عمل "تحرير الشام" عبر ذراعها المدني "الإنقاذ" بهدف احتكار جل الموارد الأساسية التي يحتاجها المحرر، فمن احتكار الوقود والغاز عبر مؤسستها "وتد" إلى احتكار توريد المواد الأساسية عبر تجار محسوبين عليها وبالتالي تعود جميع الفوائد المالية لها لاسيما السكر والحديد والإسمنت وكذلك محلات الصرافة وغيرها، وتستعد للاستحواذ على خدمة الـ "4G" مؤخراً.
وينتشر في عموم الشمال السوري "الإنترنت الضوئي"، حيث تقوم عدة شركات خاصة بتوزيع تلك الخدمة عبر أبراج كبيرة تنتشر في عموم المحرر، لتغدو اليوم الشبكة بيد جهة واحدة، وبالتالي أي خلل في سيرفرات الشبكة سيقطع الإنترنت عن جميع المناطق المحررة، في أسلوب مشابه لسياسة النظام القمعية.
تلقب بـ «مهد الثورة»، وكانت صرختها الأولى في وجه نظام الأسد، التي خرجت منها في يوم الجمعة الثامن عشر من آذار(مارس) 2011، وغيرت وجه سوريا الى الأبد، هنا سنروي قصة درعا، قصة المحافظة التي أشعلت نيران الثورة، وخبت نارها وتحول جمرها الى رماد، فهل تشتعل مرة أخرى؟.
كانت درعا على صفيح ساخن، حين اعتقل النظام السوري عددا من أطفال درعا في 9 آذار (مارس) 2011، وكان عاطف نجيب (رئيس المخابرات السياسية في درعا) المسؤول المباشر وراء هذا الإعتقال، حيث أمر بسجن وتعذيب الأطفال، ما اذار غضب أهالي المحافظة.
شكل وجهاء درعا وأهالي الأطفال وفدا لمقابلة «نجيب» لتقديم احتجاجهم على اعتقال أبنائهم، فأجابهم برد مهين وقاسي، حيي قال لهم «انسوا أطفالكم وخلفوا غيرهم، وإذا لم تستطيعوا فنحن جاهزين»، كان هذا الرد كافي ليثير غضبهم وحميتهم ويشعل نار الثورة في صدور الجميع.
إعتقال الأطفال كان الشعرة التي قصمت صبر أهالي درعا، ولم يعد بالإمكان تحمل غطرسة النظام أكثر من ذلك، هؤلاء الأطفال الذين تأثروا بثورات الربيع العربي، كتبوا على جدران مدارسهم عبارات تطالب بإسقاط النظام السوري مثل «اجاك الدور يا دكتور» في إشارة أن الدور سيأتي على بشار الأسد مثلما أتى على الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك.
لن ندخل بالتفاصيل في هذا التقرير فقصة انتفاضة درعا في وجه ظلم الأسد، كتب عنها مئات المقالات والتقارير، ولكن هناك خطوط عريضة سطرت بماء من ذهب في تاريخ الثورة في درعا، أسماء شهدائها الأوائل على طريق الحرية ممن عبّدوا الطريق للثورة كي تستمر، في المظاهرات السلمية التي خرجت بالآلاف ورفعوا فيها شعارات الحرية والكرامة، في حصار درعا الأول والذي أظهر ترابط الحوارنة «حوران»، وكيف فزعت مدن وبلدات وقرى المحافظة لفك حصار المدينة الأبية.
بحكم أن درعا كانت خط مواجهة مع العدو الإسرائيلي فإنها تحتوي الكثير من الكتائب والألوية والمقرات العسكرية المنتشرة في جميع مناطق المحافظة، وجرت عشرات المعارك لتحرير هذه المواقع، ولم تكن بتلك السهولة بل كانت معارك صعبة جدا وانتحارية في كثير من الأحيان، حين يرمي عشرات من المقاتلين المؤمنين بالحرية والكرامة أنفسهم أمام الموت دون أن يهابوه، فبالتأكيد ستهتز عروش الظالمين تحت أقدامهم.
كانت معارك تحرير درعا والقنيطرة صعبة جدا لولا الإيمان الذي يحمله الثوار في قلوبهم، فمناطق النظام كانت محصنة بشكل كبير جدا وأغلبها يكون على مرتفعات مثل تلال الحارة والجابية والجموع والعلاقيات وعنتر، وغيرها الكثير من المواقع الكبيرة التي كان مجرد التفكير بتحريرها صعب المنال، إلا أن للثوار كانت كلمة أخرى، فقد كانت عمليات التحرير تتسم بالتخطيط المحكم والتنظيم المتقن بالإضافة لشجاعة وبسالة الأبطال.
كانت سنوات الثورة التي مرت على الجنوب السوري بشكل عام، مليئة بالتضحيات والعز والفخار، حيث تمكن الثوار من تحرير أكثر من 70% من محافظتي درعا والقنيطرة، وتمت السيطرة على كامل الحدود السورية مع إسرائيل والأردن، وكانت المعارك مشتعلة يوميا وفي كل شهر كان هناك معركة كبرى، وفي كل سنة كانت تدخل أرضي جديدة في عهد الثورة ويرفع عليها أعلام الحرية.
بالمحصلة كانت درعا تضرب الأمثلة في فنون القتال والنصر، إلا أن هذا الأمر لم يدم طويلا، حتى دخلت داعش على خط التدمير والتخريب، وبدأ الإقتتال الداخلي بين الفصائل وبدأت المصالح الشخصية وحب المال والسلطة تطفوا على السطح، تماما كما هو الحال في باقي المناطق المحررة في سوريا، وفي نهاية عام 2015 بدأ المشهد يتغير.
كان لثوار درعا على مدى سنوات الثورة الكلمة العليا في غالبية المعارك التي خاضوها، فعندما يضعون صوب اعينهم تحرير منطقة ما فإن هذه المنطقة سيتم السيطرة عليها عاجلا أو آجلا، وبالتأكيد هناك كبوات عديدة كانت أقواها على سبيل المثال سقوط مدينة خربة غزالة في مايو (أيار) عام 2013، وفشل معركة «عاصفة الجنوب» لتحرير مدينة درعا بالكامل في يونيو (حزيران) عام 2015، ولكن هذه الانتكاسات لم تكن لتوقف ثوار درعا عن مواصلة طريقهم في التحرير، إلا أنه ومع نهاية عام 2015 وبداية عام 2016، تغير المشهد مع التدخل الروسي المباشر.
أدى التدخل الروسي المباشر في سبتمبر (أيلول) من عام 2015 لإضعاف حركة التحرير في درعا بل وتوقفها في كثير من الأحيان بسبب التكلفة البشرية الكبيرة في المعارك، ولم يعد بإمكان الثوار الصمود أمام آلة القتل الروسية تماما كما حصل في مدينة حلب والغوطة الشرقية وحمص وعموم سوريا، فقد غير الروس معادلة القوة تمامًا.
لم يتراجع ثوار درعا عن رغبتهم الملحة في تحرير مدينة درعا فكان لا بد من وضع خطة جديدة، وهي السيطرة على أهم مناطق النظام والأكثر تحصينا وبوابة تحرير المدينة وهو حي المنشية ، دارت على ثرى الحي أشد المعارك التي استخدم فيها الثوار خراطيم متفجرة للمرة الأولى، وبسبب التحصين الشديد للحي استغرق تحريره أكثر من 3 أشهر، سقط فيه الكثير من الشهداء والجرحى، كما قتل المئات من عناصر الأسد والمليشيات الإيرانية على ثراه.
كانت عملية تحرير المنشية نقطة على السطر، وكان من الواضح تماما رفض الجهات الدولية لهذه المعركة، حيث أكدت مصادر لشبكة شام في حينها طلب الولايات المتحدة الأمريكية وغرفة الموك وقف المعركة، إلا أن الثوار كان لهم كلمة أخرى، ومع ضعف الدعم وانعدامه في كثير من الأحيان إلا أن ثوار درعا رفضوا جميع الإملاءات حتى أكملوا تحرير الحي بالكامل.
ومن هنا كانت بداية الاتفاقات السرية بين دول الجوار (الأردن وإسرائيل) وبالتأكيد بين أمريكا وروسيا، لرسم واقع جديد في المحافظة، ليتم توقيع إتفاق يجعل من درعا والقنيطرة منطقة خفض تصعيد، وذلك من بعد إتفاق بين روسيا وأمريكا والأردن في 11/11/2017 على ذلك، لتسود المحافظة قرابة السنة تقريبا حالة من الهدوء التام على جبهات النظام، ولكنها مشتعلة جدا على جبهات داعش في ريف درعا الغربي.
كما قلنا كان لتحرير المنشية وقع كبير على النظام وروسيا التي فشلت في منع الثوار من تحريره، وسعت لوقف الثورة بكل السبل، وكان إتفاق خفض التصعيد الخطوة الأولى بهذا الاتجاه، وهو كان إتفاق بالمعنى المجازي ولكنه في الحقيقة كان خدعة سقطت بسببها جميع المناطق السورية من درعا الى الغوطة وحمص وحماة.
أتى عام 2018 وأتت معه المعارك والغدر الروسي الواضح، وتمكن بسبب فصل مناطق الثورة عن بعضها البعض من قضم كل منطقة على حدة، وفي كل مرة يعتقد ثوار تلك المنطقة أنها بمنأى عما يحصل في المنطقة الأخرى، إلى أن يأتيها الدور لاحقا، وهذا ما حصل في درعا، حيث أتى الدور في بادئ الأمر على ريف دمشق الغربي ومن ثم مدينة داريا والغوطة الشرقية والقلمون وحمص ولم يتبقى سوى درعا التي اعتقد أيضا أنها بمنأى.
عند اندلاع معارك الغوطة الشرقية، كان هناك عدد من الفصائل العسكرية في درعا تحاول الاتفاق على فتح عمل عسكري نصرة للغوطة، ولكن الجميع كان يعلم أن ذلك صعب مع الإعتراض الأمريكي والأردني وأيضا الإسرائيلي، فكان بعض القادة يرمي الخطابات الرنانة والتي تتهم الأخرين بالتثبيط والهوان، ولكنه هو نفسه هذا القائد كان يعلم أن لا معركة ستنطلق لذلك استفاد لتجميل صورته وتحسينها ليظهر بمظهر المنفطر قلبه على ما يحدث عند جارته الغوطة الشرقية.
كان 2018 هو عام الحزن بالنسبة للثورة السورية والثوار، ففيه سقطت غالبية المناطق المحررة بيد النظام السوري، وأتى دور درعا، وحشد النظام السوري حشود ضخمة جدا على جميع جبهات المحافظة، ولكن في المقابل لم يحشد الثوار شيء، وكانت سنوات الراحة بالنسبة لثوار المحافظة راحة حقيقة من أي شي، فلم يتم تثبيت النقاط ولا رفع السواتر ولا حفر الخنادق، ولا حتى وضع أي خطوط دفاعية عن المنطقة، وركنوا تماما على القرارات الدولية التي جعلت منهم لقمة سائغة تماما.
وفي 19 يونيو (حزيران) 2018 بدأت قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية والطائرات والشرطة الروسية عملية عسكرية واسعة وضخمة على المحافظة، وكانت الصدمة لدى العديد من فصائل المعارضة هي برسالة واتس أب قادمة من أحد المسؤولين الأمريكيين في غرفة الموك والتي أخبر فيها قيادات الفصائل أنهم وحيدين في هذه المعركة ولن تتدخل أمريكا أو أي دولة لنصرتهم.
ربما كانت صدمة للبعض، ولكن بالتأكيد لم تكن لآخرين كانوا يتجهزون لتسلم مهامهم لاحقا، وهي مهام جديدة تحت لواء وقيادة جديدة، وسقطت درعا في أقل من شهر تلك المحافظة التي ناضل الثوار سنوات لتحرير ترابها وسقط على ترابها ألاف الشهداء والجرحى.
شهدت مدن وبلدات وقرى درعا سقطوا سريعا جدا، حيث سيطر النظام على عشرات المناطق خلال أيام قليلة جدا، وسط ضعف كبير في عمليات الصد والدفاع، قال ناشطون حينها أنها بسبب رفض الفصائل دعم جبهات بعيدة عن مناطقها، ومحاولاتها تثبيت مواقعها في إنتظار قوات الأسد للقدوم إليها، ولكنها أيضا كانت تسقط سريعا، فلا هي دعمت المناطق ولا هي تمكنت من صد الهجوم، فكانت الكارثة.
توقفت المعارك بشكل مفاجئ، ليتم تداول أن الشرطة الروسية دخلت الى مدينة بصرى الشام قلعة فصيل "قوات شباب السنة" وقائدها أحمد العودة، لتجري جولات عدة تفاوض فيها الروس والفصائل على الاستسلام، وبعد 3 جولات كان يتخللها معارك عنيفة جدا وتقدم متواصل للنظام، تم الاتفاق على ذات النقاط التي كانت للغوطة الشرقية وحمص وغيرها، التهجير أو المصالحة، ولكن مع اختلافات جوهرية سنتحدث عنها.
بدأت الباصات الخضراء بنقل الرافضين لاتفاقية التسوية الى الشمال السوري، ولكن المفاجئة أن أعدادهم قليلة جدا، فلم يخرج سوى قرابة الـ 10 ألف مقاتل ومدني بينهم أطفال ونساء إلى الشمال السوري بينهم مقاتلين من أبناء محافظات أخرى بالإضافة لمقاتلين من الفصائل الإسلامية المتشددة ومتطوعي الخوذ البيضاء الذين رفض الروس قبول تسوياتهم، على عكس الغوطة الشرقية مثلا والتي خرج منها أكثر من 175 ألف شخص غالبيتهم من الفصائل المعتدلة.
والسبب لذلك يعود الى الإتفاقية التي وقعت بين روسيا والفصائل والتي تضمن عدم دخول قوات الأسد الى المناطق التي وقعت على المصالحة، مقابل تسليم السلاح الثقيل والمتوسط، وأيضا بقاء العديد من قيادات الفصائل السابقين في المحافظة ما شجع المدنيين والمقاتلين على البقاء، وتم رفع علم النظام السوري، ودخلت العديد من المناطق في هذه الإتفاقية، وتحولت إلى مناطق شبه حكم ذاتي، تحكمها الفصائل التي كانت بالأمس تلقب بفصائل الثورة الى فصائل المصالحة.
كانت أبرز هذه الفصائل هي قوات شباب السنة التي يترأسها أحمد العودة، والذي كان العمود في تثبيت أقدام الروس وتسليم المحافظة لهم على طبق من ذهب ودون أي تعب، وبعد أشهر قليلة من السقوط شكل العودة ما يعرف لغاية الآن باسم اللواء الثامن المنضوي تحت قيادة الفيلق الخامس التابع للروس بشكل مباشر.
وعمل العودة في هذه الفترة على إغراء المدنيين والمقاتلين للانضمام الى لواءه وحصل على الدعم المطلوب لذلك، حيث سمح له الروس بفرض قوته حتى على قوات النظام السوري ذاتها، وقام في أكثر من مرة بطرد عناصر الأسد وضربهم وتأديبهم بل وشن هجمات ضد حواجز لهم، وكل ذلك كان يتم بموافقة روسيا ودعمها، ولكن لماذا؟!.
كانت هذه الحركات التي يقوم بها اللواء الثامن بالتحرش بقوات الأسد وفرض قوته، كافية لمئات المقاتلين السابقين في فصائل الجيش الحر، وأيضا ممن يرفضون الإنضمام الى جيش النظام، بالتوجه وتسجيل أسمائهم للانضمام الى قوات أحمد العودة.
كانت رغبة الروس في تشكيل اللواء الثامن لوضعه في مواجهة النفوذ الإيراني في الجنوب السوري، والذي تمكن من نشر عناصره في كثير من المدن والقرى وأصبحت له قواعد عسكرية كبيرة منها ما هو بجانب الحدود السورية الإسرائيلية، ما شكل خطرا وتهديدا مباشرا لإسرائيل، حيث تقوم إيران أيضا هي الأخرى بالترويج للانضمام لقواتها وميليشياتها وأيضا الى الفيلق الرابع الذي يخضع لقيادة إيرانية مباشرة، فأصبحت العروض تنزل على المدنيين والمقاتلين من الطرفين، وغالبا ما تكون عروض الإيرانيين مغرية أكثر من الناحية المالية، أما بالنسبة للفيلق الخامس فقد كان العرض الوحيد المغري هو عدم الملاحقة الأمنية من قبل النظام.
انقسم أبناء درعا بين منضم الى المليشيات الإيرانية ونظام الأسد بحثا عن المال، وآخرون بحثا عن الحماية وانضموا الى الفيلق الخامس، وآخرون لا الى هؤلاء ولا هؤلاء، وبقوا على عهد الثورة الأولى، ما تسبب بمقتل العشرات منهم إما تحت التعذيب بعد الإعتقال أو من خلال عمليات الإغتيال والتفجير المستمرة والتي لم تتوقف ولا يكاد يمر يوم واحد بدون أن تشهد المحافظة تفجيرا هنا أو هناك.
ومن جانب أخر مصادر خاصة أكدت لشبكة شام أن روسيا غير راضية 100% عن اللواء الثامن، وقد عملت على تقزيم دوره في بعض المناطق، وكان ذلك واضحا في التوتر الذي حصل في بلدة الكرك الشرقي، حيث حشدت قوات الأسد لإقتحام البلدة بعد مقتل عدد من عناصرها في هجوم نفذه مقاتلون سابقين في الجيش الحر على حاجز للنظام.
وتدخل اللواء الثامن لمنع النظام من شن أي هجوم على البلدة أو حتى شن أي عمليات تفتيش، إلا أن الروس تدخلوا في المفاوضات وأقروا شرط التفتيش رغما عن رفض اللواء الثامن لذلك، وتمت عملية التفتيش بمرافقة من اللواء الثامن.
وأكد نشطاء لشبكة شام أن روسيا تسعى لتحجيم دور اللواء في تقرير مصير المحافظة أو السيطرة على قراراته وتم وضع خطوط حمراء عليه يمنع تجاوزها، حيث باتت تصرفات اللواء تحرج روسيا أمام حلفائه من النظام وإيران، خاصة بعد خروج العديد من المقاطع التي تظهر عناصر اللواء وهم يعلنون عدائهم الصريح للنظام السوري وللأسد.
ونستطيع أن نخرج بتحليل أن اللواء الثامن لم يتم تشكيله فعليا لمواجهة النفوذ الإيراني، حيث أن إيران باتت منتشرة بشكل كبير جدا في الجنوب السوري، ولكن هذا التشكيل بات المغناطيس الذي يجذب من يرفضون الالتحاق بصفوف النظام بشكل مباشر، وستقوم روسيا في وقت لاحق بتحويل اللواء الى تابع لقوات النظام السوري بشكل مباشر وكامل، في خدعة ربما انطلت حتى على القيادات السابقين في الجيش الحر، وعندها سيجد المنضمون في اللواء أنفسهم يقاتلون رفاق السلاح بالأمس في كل التراب السوري، رغما عنهم.
تشهد محافظة درعا عمليات إغتيال متواصلة وتتصاعد بشكل مستمر، وتستهدف الجميع في الحقيقة، ولكن غالبيتها موجهة ضد عناصر سابقين في الجيش الحر انضموا الى صفوف النظام أو رفضوا ذلك وحافظوا على مبادئ الثورة، كما أن هناك عمليات إغتيال تستهدف عناصر من اللواء الثامن، وأخرى تستهدف عناصر من النظام أيضا.
في تقرير لمكتب توثيق الشهداء في درعا قال، أنه في الشهر الماضي كانون الأول / ديسمبر 2020، تم تسجيل 18 عملية ومحاولة أدت إلى مقتل 17 شخصا و إصابة 3 آخرين، من بينهم 15 مقاتل في صفوف فصائل المعارضة سابقا بينهم 10 ممن التحق بصفوف قوات النظام، بينما شهد الشهر الذي قبله 34 عملية ومحاولة اغتيال أدت إلى مقتل 24 شخصا وإصابة 8 آخرين و نجى 2 من محاولة اغتيالهما، بينهم 18 مقاتل في صفوف فصائل المعارضة سابقا، و11 ممن التحق بصفوف قوات النظام بعد سيطرته على محافظة درعا في شهر آب / أغسطس 2018.
وحصائل الإغتيالات ترتفع وتهبط كل شهر، ولكن المؤكد أنها لم تتوقف أبدا منذ سقوط المحافظة، ما يعني أن هناك جهات تسعى لتشكيل واقع أخر يخدم أجندتها وتجهيز المحافظة لواقع مغاير.
كان اغتيال أدهم أكراد القيادي السابق في الجيش الحر والذي كان أحد أعضاء لجنة درعا المركزية التي فاوضت الروس عام 2018 على الاستسلام والمصالحة، والذي قام بشكل صريح بانتقاد سياسة النظام وروسيا وإيران في أكثر من مناسبة وبشكل علني، ما وضعه بشكل مباشر بصراع مع قيادات أمنية في النظام السوري، وتمت عملية إغتياله بعد عودته من اجتماع أمني في دمشق برفقة 3 آخرين من أعضاء اللجنة.
مصادر خاصة لشام أكدت أن الأكراد كان في دمشق بهدف التفاوض على إطلاق سراح عدد من المعتقلين في سجون النظام السوري، وأيضا على التفاوض بخصوص المتخلفين عن الالتحاق بصفوف جيش النظام السوري.
وهنا لا بد من الإشارة أنه وحتى الأكراد الذي انتقد النظام فقط دون القيام بأي توجه عسكري، لم يتحمله النظام والروس وقاموا بإغتياله، وهنا نعلم توجه روسيا والنظام والإيرانيين بالتخلص من عناصر الجيش الحر حتى أولئك الذين انضموا الى صفوف لعدم ثقته بهم.
بالتأكيد هناك أطراف من الجيش الحر السابقين، ما زالوا في حالة دفاع ومقاومة ضد تواجد النظام السوري والإيرانيين في المحافظة، ويعملون على منعه وأعوانه من تثبيت تواجدهم، حيث يقومون بعمليات إغتيال تطال قيادتهم وعناصرهم بشكل مستمر، وهؤلاء هم بالضبط من يسعى النظام السوري وروسيا لقتلهم وتحييدهم، ومن هنا أتت فكرة تشكيل اللواء الثامن حتى يتم استيعاب هؤلاء وعدم توجههم الى عمليات الإغتيال وانضمامهم لصفوف الثوار بشكل سري.
وهنا المستفيد الوحيد من عمليات الإغتيال التي تطال عناصر سابقين في الجيش الحر انضموا للنظام أم لا، هو النظام نفسه وإيران، وما هؤلاء الذين انضموا الى صفوفه ويُقتلون إلا عبارة عن بيادق يسهل الاستغناء عنهم في أي لحظة، ودون أن يشكل موتهم أي خسارة للنظام.
وفي نهاية التقرير، نستطيع أن نؤكد أن درعا المحافظة، ما زالت تنبض بروح الثورة الأولى، ولكن هناك أطراف ما تزال تحاول أن تقتل هذه الروح، وتعمل على ذلك بمساعدة من أبناء درعا أنفسهم، فهل يتمكن النظام من ذلك؟، في الحقيقة ربما ينجح في ذلك كما نجح في مناطق أخرى من سوريا، ولكن ذلك سيحتاج منه الكثير من الوقت والجهد، وعلى الطرف الأخر هناك من يعمل على منع ذلك بكل السبل الممكنة، والصراع على درعا مستمر، فهل نشهد انتفاضة أخرى؟ ربما.. فدرعا ما تزال على العهد ترفض الأسد وأعوانه.
مقدمة:
يصادف اليوم الأربعاء الـ 30 من شهر أيلول لعام 2020، الذكرى السنوية الخامسة على "التدخل الروسي" في سوريا، والذي جاء حاملاً معه الموت والدمار للشعب السوري، لتحقيق هدف واحد في بادئ الأمر متمثلاً في "تثبيت الديكتاتور بشار"، سرعان ماتحول للهيمنة على مقدرات الدولة وثرواتها وتملك القرار العسكري والسياسي فيها.
خمس سنوات مضت، عاش السوريون خلالها مرارة الموت ليس بالصواريخ والقذائف وماحملته طائرات روسيا وبوارجها الحربية فحسب، بل الموت جوعاً بالحصار وخنقاً بالأسلحة الكيماوية، وتشريداً بحملات التهجير القسرية، وحرماناً من العودة للديار، علاوة عن التضييق الممنهج إنسانياً لحرمان المهجرين السوريين من أي حقوق حتى ولو بسلة المساعدات عبر المحافل الدولية.
هذا اليوم، يستذكره السوريون بكل مرارة، ولاتزال طائرات بوتين تحلق في أجوائهم حاملة الموت، ولاتزال المعاناة مستمرة تلاحقهم لمخيمات النزوح محرومين من العودة للبلاد، وتبقى الشاهد الأكبر على جرائم "بوتين والأسد" تلك المدن المدمرة والاقتصاد المنهار، والدولة المقيدة، مع مواصلة تعطيل أي حل سياسي.
تدخل غير قانوني وبربري
وعن الذكرى الخامسة للتدخل، يقول "فضل عبد الغني" رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تصريح لشبكة "شام" إن التدخل الروسي من جذوره غير قانوني، حتى لو أنه جاء بطلب من النظام للوقوف بجانبه، لأن النظام متورط بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، لافتاً إلى أن الروس أيضاَ
وأكد عبد الغني أن التدخل غير قانوني وغير شرعي، واصفاً إياه بأنه "تدخل بربري ووصمة عار بتاريخ روسيا"، مؤكداً أن الشعب السوري سيذكر هذا اليوم على أنه اليوم الذي سمح فيه النظام للروس بالتدخل ليحموه وليستمر بارتكاب جرائم الحرب بحق السوريين الذين من المفترض أن يحميهم.
إطلاق يد روسيا من المجتمع الدولي
القاضي "خالد شهاب الدين" أوضح في حديث لشبكة "شام" عن التدخل الروسي، أن هناك دور دولي في إطلاق يد روسيا في الشأن والملف السوري، بعد تقدم الثوار وعجز النظام وميليشيات إيران عن وقف تمددهم، لافتاً إلى أن بداية التدخل كانت في حلب لكسر عزيمة الثوار وظهر الثورة.
وتحدث "شهاب الدين" عن استهداف روسيا المناطق المدنية من أجل بث الزعر وضرب الروح المعنوية بالصواريخ الارتجاجية والقنابل الحارقة والقنابل العنقودية باستخدام الطيران الروسي مع عدم وجود مضاد طيران لدى الثوار وقوى المعارضة، وفق سياسة الأرض المحروقة، وممارستها أسلوب الحصار الاقتصادي، وسط صمت دولي وضوء أخضر لتدخل روسيا المباشر في سوريا، واستخدامها كل السلاح المتطور والمحرم دولياً دون تحرك المجتمع الدولي.
وأكد الحقوقي السوري أن الموقف الروسي بعد خمس سنوات من التدخل لم يتغير ومستمر بذات العنجهية السياسية والعسكرية والدبلوماسية، وهي بجانب نظام الأسد وشخص بشار، لغايات سياسية وهي لم تغير موقفها من الأسد حتى حين، ربما وفق اتفاقيات دولية ما.
ولفت في حديثة لشبكة "شام" إلى أن روسيا مستمرة بالسيطرة على مقدرات الدولة السورية بتمددها سواء بالقواعد العسكرية أو الموضوع الاقتصادي، إضافة لسياسة القتل وترويع المدنيين واستخدام الأسلحة الفتاكة ضدهم، وسياسة الوقوف إلى جانب النظام سياسياً.
ونوه إلى أن هناك تجاذبات دولية وطروحات دولية لرحيل المجرم، إلا إن روسيا وإيران خاصةً تحاول عدم الإطاحة به حتى تنتهي الانتخابات الأمريكية، وعدم الحديث عن أي شخصية حقيقة إلا بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية، في مواجهة من يريد حسم الملف قبل ذلك، وبالتالي فإن روسيا مستمرة في ذات السياسية لدعم الأسد وتعطيل أي قرار دولي ضده، وفق تعبيره.
وشدد "شهاب الدين" على أن روسيا تحاول عبر بعض الفبركات والمشاريع الخلبية منها صياغة الدستور، وإعادة تضميده وتمريره عبر اللجنة الدستورية، ليشارك بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية، فهي مستمرة في تعطيل تطبيق القرارات الدولية المعنية بالملف السوري، مؤكداً أنها حتى الأن تريد فرض حل يبقي على النظام ويعيد انتاجه.
إنقاذ الأسد من السقوط
وأكدت "ربا حبوش" الناطق الرسمي للائتلاف الوطني لقوى الثورة في تصريح لشبكة "شام"، أن التدخل الروسي جاء لإنقاذ النظام السوري من الانهيار، بعد خسارته قرابة 70 % من المناطق السورية، لافتة إلى أن ما ساعدها على ذلك غياب المجتمع الدولي وضعف تحركاته وعدم جديته بمساعدة الشعب السوري.
ولفتت حبوش إلى أن روسيا جعلت من نفسها عدواً للشعب السوري، مستذكرة تصريح وزير الخارجية الروسي عندما قال "لولا تدخلنا لسقطت دمشق خلال أسبوعين"، متحدثة عن أن روسيا قتلت وجربت بالشعب السوري كل أنواع الأسلحة بعد أن خسروا بيوتهم وأراضيهم وأحبائهم.
وأكدت أن روسيا مؤمنة بالحل العسكري مهما كانت فاتورة دماء الشعب السوري كبيرة، وأن الشعب السوري بات يعتبر روسيا عدوا ومحتلاً، خاصة مع إصرار روسيا إلى الآن في معاداة السوريين والوقوف في وجه مطالبتهم بالخلاص من النظام المجرم، وأنها مازالت تعرقل الوصول الى حل سياسي وتحاول الالتفاف على القرار الدولي ٢٢٥٤، كما تعرقل تحقيق أهداف الثورة التي خرج السوريون فيها وخسروا كل شيئ في سبيل تحقيق مطالبها.
الغزو الروسي والشرعية الزائفة
اعتبر الحقوقي والمحامي السوري "عبد الناصر حوشان" أن التوصيف الصحيح للوجود الروسي في سورية هو "الغزو الروسي" حيث أنزلت قواتها العسكرية في سوريا لقتال الشعب السوري الثائر ضد نظام الأسد الدكتاتوري وهو نزاع داخلي لايبيح لأي دولة كانت التدخل فيه الى جانب أحد الاطراف حتى لو كان بينها وبين النظام السوري معاهدات صداقة أو دفاع مشترك.
وأوضح حوشان في حديثه لشبكة "شام" أن هذه المعاهدات لاتُفعَّل في النزاعات الداخلية وإنما في حال الاعتداء الأجنبي على الدول، مؤكداً أن ذريعة شرعية التدخل الروسي بطلب من النظام ذريعة باطلة لاأساس لها في القانون الدولي.
ولفت الحقوقي السوري إلى أن العزو الروسي هو غزو لايقل إجراما ووحشية عن النظام السوري فلم توفر القوات الروسية سلاحاً إلا واستخدمته في حربها على الشعب السوري لدرجة أنهم جعلوا من المدن السورية والمدنيين حقل تجارب لما تنتجه شركات السلاح الروسية وهذا ثابت باعتراف القيادة الروسية على أعلى مستويات.
وأوضح الحقوقي لشبكة "شام" أن العوامل التي ساعدت في الإخلال بموازين القوى بين قوى الثورة وبين النظام وحلفائه تفاوت ميزان القوة العسكرية من سلاح وعتاد وتقنيات حديثة وكذلك تفاوت ميزان الدعم المالي للقوى الغازية حيث دعمها بشيكات مفتوحة.
وكذلك من أسباب اختلال موازين القوة - وفق حوشان - هو التخاذل العربي والدولي في مواجهة العدوان الروسي وخاصة الولايات المتحدة التي تركت روسيا تصول وتجول دون رقيب في سوريا حتى أصبحت قوة احتلال لأنها استولت على القرار السياسي والعسكري والاقتصادي والقانوني والدستوري في سورية .
وأكد حوشان أن روسيا اليوم هي دولة احتلال غازية ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، ودمّرت البنية التحتية والمشافي والمدارس ودور العبادة ودمّرت المدن والمساكن فوق ساكنيها من المدنيين الآمنين وهجّرتهم من ديارهم الى مخيمات النزوح في الشمال السوري وتحت أشجار الزيتون.
المكسب العسكري في الوصول للمتوسط
قال الناشط السوري "عمر حاج أحمد" إن روسيا تريد أن يكون لها موطئ قدم على المياه الدافئة في البحر المتوسط ولذلك استخدمت كل قوتها للدخول في الحرب السورية، وفعلت ذلك، وحققت مبتغاها بالوصول لاتفاقيات تمكّنها من سوريا لعشرات السنين، مؤكداً أن روسيا دائماً ما كانت تقف بجانب محور الشرّ وضد الشعوب، فموقفها موقف إجرامي دموي حقق لها مكاسب عسكرية واقتصادية، ولكن على حساب دماء الشعوب وخاصة الشعب السوري.
ولفت حاج أحمد في حديثه لشبكة "شام" إلى أن كل من يتتبّع خريطة السيطرة في سوريا وتوزّعها يعلم علم اليقين كيف ساهمت روسيا بتغيير موازين الحرب والسيطرة لصالح نظام الاسد الذي كان بتلك الفترة (2015) لا يُسيطر على أكثر من 25% من سوريا، والباقي بين المعارضة وتنظيم داعش والقوات الكردية.
وأضاف: "لكن بنهاية علم 2018 وحتى نهاية عام 2019 باتت سيطرة نظام الاسد على قرابة 70% وكلها بسبب آلة الحرب الاجرامية التي استخدمتها روسيا ضد المدنيين والثوار في باقي المناطق التي كانت خارج سيطرة نظام الاسد".
وأكد "حاج أحمد" أن روسيا استطاعت قلب تلك الموازين بعدة أسباب، منها السلاح الذي استخدمته وهو كان أحدث ما توصلت إليه المعامل العسكرية الروسية حتى أنها جرّبت أكثر من 400 سلاح جديد بالشعب السوري، عدا عن الكثافة النارية التي أحرقت الأخضر واليابس وجعلت من المدن ركاماً، إضافة للعبها على الوتر الدبلوماسي عبر اجتماعات "أستانا وسوتشي" التي أفضت بالسيطرة على مناطق عدة بحرب أو بدون حرب.
نظام فاقد القرار وعجز في حسم المعركة
شدد الكاتب والباحث السوري "أحمد أبازيد" على أن روسيا ومنذ تدخلها في سوريا أصبحت هي اللاعب الأول على الارض، مؤكداً أن النظام فقد جزء مهم من قراره السياسي وقراره العسكري وأصبحت روسيا هي المتحكمة بمسار الصراع وأصبحت هي الطرف الأهم في الميدان السوري.
ولفت أبازيد" في حديث لشبكة "شام" إلى أن روسيا تمكنت منذ تدخلها من تغيير خارطة الصراع بالكامل، والسيطرة على كامل الجيوب الثورية في سوريا ماعدا الشمال السوري، وسن مسار للمصالحات والفيلق الخامس والتهجير.
وأكد أن روسيا لم تنجح عسكرياً في إنهاء الثورة، ولم تنجح سياسياً في اقناع أحد بالمسار الروسي للحل السياسي، لكنها أصبحت اللاعب الأهم في سوريا، وتمكنت من تغيير الخارطة بالكامل، منوهاً إلى أنها حتى الآن غير قادرة على حسم المعركة بالكامل لصالحها.
وذكر "أبازيد" أن حسم المعركة يقتضي إنهاء جميع المناطق خارج سيطرة النظام وهذا يتضمن مناطق تحت النفوذ الأمريكي والتركي، كما يتطلب إنهاء وجود الثوار وفصائلهم، كذلك إقناع المجتمع الدولي والمعارضة بالحل السياسي الروسي، وكل هذه النقاط يبدو متعذرة على روسيا رغم كل تأثيرها في تغيير خارطة الصراع والميدان في سوريا.
غرق في المستنقع السوري
وتحدث "النقيب ناجي المصطفى" الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير، أن روسيا ورغم نجاحها في توسيع سيطرة النظام على الأرض، إلا أنها وبعد خمس سنوات تبدو غارقة في المستنقع السوري، حيث راهنت على كسر الثوار خلال ثلاث أشهر من تدخلها، إلا أنها اليوم تنهي عامها الخامس دون قدرتها على كسر إرادة الثوار والقضاء على الثورة السورية.
وتحدث النقيب في حديث لشبكة "شام" عن تمكن روسيا خلال خمس سنوات من تدخلها عسكرياً في سوريا، من استعادة مناطق كبيرة لصالح النظام، عبر زج ترسانتها العسكرية من طائرات وبوارج وصواريخ عابرة للقارات، واتباع سياسية الأرض المحروقة، وجعلت من الشعب السوري حقل لتجربة أسلحتها الفتاكة.
وأوضح "النقيب ناجي" أن ما ساعد روسيا في ذلك هو تواطئ المجتمع الدولي وصمته عن كل المجازر والجرائم التي ارتكبتها وتدمير المدن، وتعاجز مجلس الأمن والأمم المتحدة عن لجم روسيا ووضع حد لجرائمها.
ولفت إلى روسيا لم تقتصر في حربها بسوريا على استخدام الأسلحة الفتاكة، بل كان لها مشاركة فعلية على الأرض، من خلال قوات عسكرية خاصة بعد عجز النظام وميليشيات إيران على تحقيق التقدم على الأرض، تتمتع هذه القوات بتفوق عسكري كبير، وترسانة كبيرة، مقارنة مع القوة العسكرية والدعم المقدم للقوى العسكرية، والذي توقف من قبل المجتمع الدولي، أحدث فارقاً كبيراً في القوة والقوة المواجهة.
ونوه النقيب ناجي لـ "شام" إلى أن روسيا قامت بتجربة العديد من الأسلحة المتطورة الروسية في الأراضي السورية، ضد المدنيين، وقتلت آلاف المدنيين من خلال استهداف المشافي والمدارس والأسواق وارتكاب الكثير من المجازر، لتدافع عن النظام السوري، بسياسات الأرض المحروقة والتدمير الشامل لتحقيق التفوق.
وأشار إلى أن الموقف الروسي الذي يتسم بالإجرام والبطش ونهب ثروات السوريين، لم يتغير بعد خمس سنوات على تدخلها، في وقت تواصل ممارسة الخداع والتضليل والكذب لمواصلة عملية القتل والتدمير، مؤكداً أن الفصائل تنظر لروسيا كقوة احتلال، وستواصل قتالها ومواجهتها حتى الوصول للخلاص من النظام ومن يسانده.
حصائل الموت الروسية
تشير الإحصائيات الحقوقية التي قدمتها "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى مقتل 6859 مدنياً بينهم 2005 طفلاً و969 سيدة، على يد القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا حتى 30/ أيلول/ 2020، جاءت حلب في المرتبة الأولى بـ "2843 شهيداً مدنياً، تلتها بالترتيب وفق تعداد الضحايا " إدلب:2537 - دير الزور: 714 - حمص:249 - الرقة:241 - حماة:142 - دمشق وريفها: 67- الحسكة:43 - درعا:22 - اللاذقية:1".
ووفق "الشبكة السورية" فقد توزَّعت حصيلة الضحايا المدنيين على يد القوات الروسية بحسب الأعوام إلى 3564 مدنياً بينهم 1027 طفلاً، و404 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2015 حتى 30/ أيلول/ 2016، و1547 بينهم 448 طفلاً، و236 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2016 حتى 30/ أيلول/ 2017.
أيضاَ 958 مدنياً، بينهم 354 طفلاً، و211 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2017 حتى 30/ أيلول/ 2018، و447 بينهم 79 طفلاً، و47 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2018 حتى 30/ أيلول/ 2019، وفي آخر عام 343 بينهم 97 طفلاً، و71 سيدة، منذ 30/ أيلول/ 2019 حتى 30/ أيلول/ 2020.
مجازر بوتين في سوريا
تشير الإحصائيات الحقوقية في "الشبكة السورية" إلى إمعان القوات الروسية عبر أسلحة الجو والبحر في استهداف التجمعات المدنية بشكل مباشر، وارتكاب المجازر بشكل مقصود، حيث تشير الإحصائيات لارتكاب روسيا ما لا يقل عن 354 مجزرة، منذ تدخلها في 30/ أيلول/ 2015 حتى 30/ أيلول/ 2020.
توزعت المجازر المرتكبة من قبل القوات الروسية وحدها حسب الأعوام، إلى 172 مجزرة في العام الأول من التدخل الروسي، نالت حلب النصيب الأكبر بـ 93 مجزرة، وسجل العام الثاني 90 مجزرة تصدرت إدلب فيها بـ 36 مجزرة، والعام الثالث 59 مجزرة تصدرتها دير الزور بـ 28 مجزرة، وفي العام الرابع سجل 14 مجزرة، كانت نصيب إدلب منها 9 مجازر، وفي العام الخامس سجل 19 مجزرة جلها في إدلب.
المرافق المدنية هدف مباشر لروسيا
دأبت قوات الاحتلال الروسي منذ بدء تدخلها على استهداف المرافق المدنية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بسياسة ممنهجة لإنهاء كل مايقدم الحياة أو يدل عليها في تلك المناطق، مخالفة بذلك كل القواعد والاتفاقيات الدولية التي تحييد تلك المرافق في وقت الحروب، ولكن روسيا كان لها أسلوب آخر في تدميرها ووضعها على قائمة الأهداف المباشرة.
وتشير حصيلة حوادث الاعتداء على المراكز الحيوية المدنيَّة، من قبل القوات الروسية إلى تسجيل ما لا يقل عن 1217 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 222 مدارس، و207 على منشآت طبية، و58 على أسواق، توزعت حسب المحافظات إلى حلب: 403، إدلب: 607، حماة: 84، حمص: 11، درعا: 4، دير الزور: 48، الرقة: 37، الحسكة: 7، اللاذقية:7، ريف دمشق: 7، دمشق: 2.
وتوزعت حوادث الاعتداء حسب الأعوام، إلى 452 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 74 على مدارس، 77 على منشآت طبية، 35 على أسواق خلال العام الأول: 30/ أيلول/ 2015 - 30/ أيلول/ 2016، جاءت حسب المحافظات في حلب: 257، إدلب: 112، حماة: 7، حمص: 11، درعا: 4، دير الزور: 15، الرقة: 26، الحسكة: 7، اللاذقية: 7، ريف دمشق: 6.
وسجل في العام الثاني: 309 حوادث اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 65 على مدارس، و54 على منشآت طبية، و12 على أسواق، منذ 30/ أيلول/ 2016 - 30/ أيلول/ 2017، توزعت إلى حلب: 102، إدلب: 178، حماة: 5، دير الزور: 10، الرقة: 11، دمشق: 2، ريف دمشق:1.
أما العام الثالث: 30/ أيلول/ 2017 – 30/ أيلول/ 2018: 193 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 37 على مدارس، و35 على منشآت طبية، و8 على أسواق، توزعت في حلب:10، إدلب: 120، حماة: 40، دير الزور: 23.
وسجل في العام الرابع منذ 30/ أيلول/ 2018 – 30/ أيلول/ 2019: 129 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 25 على مدارس، و24 على منشآت طبية، و1 على أسواق، توزعت إلى حلب: 2، إدلب: 95، حماة: 32، وفي العام الخامس: 30/ أيلول/ 2019 – 30/ أيلول/ 2020: 134 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 21 مدارس، و17 منشآت طبية، و2 أسواق.
الكوادر الإنسانية عدو روسيا وهدف لها
لم يقتصر استهداف القوات الروسية للمرافق المدنية الحيوية، أيضاً لاحقت طائراتها وصواريخها الكوادر الإنسانية التي تعمل على إنقاذ المدنيين من كوادر طبية وإسعاف وعناصر دفاع مدني، والمحميون بموجب القانون الدولي من الاستهداف، إلا أن روسيا لم تتوانى في قصفهم وملاحقتهم حتى في مراكزهم وأماكن عملهم.
وحسب توثيق "الشبكة السورية" فقد سجل مقتل 69 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، على يد القوات الروسية في سوريا، منذ تدخلها في 30/ أيلول/ 2015 حتى 30/ أيلول/ 2020، توزعوا إلى 39 بينهم 7 سيدة، في العام الأول، و11 بينهم 2 سيدة، في العام الثاني، و9 بينهم 3 سيدة، في العام الثالث، و6 في العام الرابع، و4 في العام الخامس.
وسجلت "الشبكة" مقتل 42 من كوادر الدفاع المدني، توزعوا إلى 15 عنصر في العام الأول، و10 في العام الثاني، و8 في العام الثالث، و9 في العام الرابع، في وقت لم يوثق أية حوادث قتل لكوادر في الدفاع المدني خلال السنة الخامسة للتدخل العسكري الروسي.
محاربة الإعلام واستهداف موثقي انتهاكاتها
منذ بداية الحراك الشعبي، كانت الكمرة وحاملها هدف مباشر للنظام، بالملاحقات الأمنية والاعتقال والقتل، وأكملت روسيا منذ تدخلا ذات السياسة في استهداف الكوادر الإعلامية التي توثق وتسجل الانتهاكات وجرائم الحرب التي تمارسها بحق المدنيين السوريين، فقتلت القوات الروسية 22 ناشطاً وصحفياً إعلامياً منذ تدخلها في 30/ أيلول/ 2015 حتى 30/ أيلول/ 2020.
أجساد السوريين ميدان تجارب للأسلحة الروسية
من الأهداف الغير معلنة للتدخل الروسي عسكرياً في سوريا، هو استخدام الأراضي السورية ميدان ومضمار تجارب لأسلحتها المتطورة منها الأسلحة المحرمة دولياً، جربتها على أجساد السوريين، وفي تدمير مدنهم وبلداتهم، حيث سجلت "الشبكة السورية" ما لا يقل عن 236 هجوماً بذخائر عنقودية، وقرابة 125 هجوماً بأسلحة حارقة.
التَّشريد القسري للتغيير الديمغرافي
كانت سياسة الحصار أحد الأساليب التي اتبعتها روسيا في حربها ضد السوريين، لتجويع المدنيين، وإرهاقهم بالقصف والقتل، تمهيداً لإجبارهم على قبول التسويات، والخروج من بلداتهم وفق اتفاقيات أجبروا على القبول فيها قسراً، وتم نقلهم لمناطق الشمال السوري وحصارهم هناك لاحقاً، لتكون مع النظام وميليشيات إيران شريك في تشريد قرابة 4.5 مليون نسمة معظم هؤلاء المدنيين تعرضوا للنزوح غيرَ مرة.
خاتمة:
ورغم كل ما ارتكبته روسيا من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، على أعين العالم أجمع، إلا أنها تواصل التغني بـ "انتصاراتها" في سوريا، على حساب الشعب السوري ودمائه، ليخرج وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ويكشف تفاصيل التحضير للعملية العسكرية الروسية في سوريا، متفاخراً بقتل أكثر من 133 ألف مسلح وفق زعمه، 4.5 ألف منهم من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق كما قال، بينهم أيضا 865 من القياديين في الجماعات المسلحة، حسب تعبيره.
ورغم كل آلة القتل التي استخدمت في محاربة الشعب السوري، وثنيه عن مطالبه في الحرية والعدالة والديمقراطية، إلا أن روسيا وحتى اليوم بعد خمس سنوات من الحرب المدمرة والقتل الممنهج، لم تستطع حسم المعركة الغير متكافئة، ولايزال ثوار سوريا بكل أطيافهم يصرون على مطالبهم ليس في إسقاط الطاغية بشار فحسب، بل وكسر شوكة كل من يحالفه بصمودهم وثباتهم على مواقفهم وحقوقهم لحين تحرير كامل التراب السوري من كل من دنسه.
((نحن نصنع الأماكن وبعد بنائها هي تصنعنا)) بهذه العبارة لخص "وينستن تشرشل" العلاقة بين العمارة والإنسان، فالعمارة مرآة لحالة مجتمعية وسياسية وأخلاقية وعاطفية من جهة وكفلسفة للحياة وتصورات للدين من جهة أخرى وهناك نوع من التواصل بين العمارة والمجتمع فهي تلعب دور هاما في تفكيك المجتمع أو تعاضده.
بالنظر الى منطقتنا كان يسود نوع من التناغم بين الإنسان وبيئته متعلقة بشكل الأبنة والفراغات المعمارية التي تحتضن نشاطه، فكنا نلاحظ التنوع المعماري بين قرية وأخرى هذا ما انعكس على طبيعة المجتمع ونفسيته وكان ضامنا للحفاظ على قيم التسامح وتقبل الآخر.
بنى هذا التناغم بين الإنسان وبيئته شخصية المجتمع فالقارئ للتاريخ يلاحظ الصورة الجميلة التي ارتسمت عن مجتمعات الشرق الأوسط والعلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة فيه، وفي المقابل وبعد الحداثة وذوبان الحضارات في بوتقة العولمة جاء القبح.. ولا نعبر هنا عن حالة فقدان لمعايير الجمال البصري فقط بل فقدان الأصالة و ارتباط الإنسان بأرضه من الأساس فأصبحنا نعيش في جحيم العمارة التي تفتقد إلى الروح الإنسانية او القومية.
بحيث تبدو العمارة الحديثة وما بعدها محض مسوخ من الحجارة والرمل والأسمنت فاقدة للروح المعمارية وموسيقاها أو عمارة مستنسخة من أنماط عالمية تتفق مع مجتمعاتها وعصرها وقد لا تتفق وتتناسب مع ثقافتنا الوطنية والمحلية.
العمارة في سوريا لم تكن استثناء فقد تحولت فيها فلسفة العمارة من عمارة متخصصة بكل رقعة جغرافية فيها إلى عمارة عامة توافق توجهات الحكم الاشتراكي الذي حكم البلاد، وهذا ما خلق نوع من الخضات الاجتماعية التي عصفت بأساس الشعب فلا تخلو منطقة من صور العمارة الوحشية بكل مفرزاتها التي تدعو إلى العنصرية وتقسيم المجتمع الى فئات وخلق نوع من العداء بين هذه الفئات وتخطيط المدن على أساس يدعم حكم القطيع.
كل هذا أدى الى نشوء جو من عدم الاستقرار ساد المجتمع وكان سبب في تعزيز حكم الديكتاتورية وتسلطها على الناس، فالحكم السلطوي يهمه نمط من العمارة يستطيع من خلالها حكم الناس والتضييق عليهم فالعمارة في سوريا لم تكن صافية النوايا بل كانت بتوجيه من الفئة الحاكمة التي انتهجت نهج النازية والاشتراكية في تطويع العمارة لخدمتها.
فعلى سبيل المثال لا الحصر نلاحظ في التقسيم التنظيمي للبلدات في سوريا وجود توجه حكومي نحو أفكار حزب البعث الحاكم ومزج العمارة الكلاسيكية مع العمارة الواقعية الاشتراكية الستالينية.
فكل بلدة في سوريا كان التخطيط العمراني لها أشبه بالسجن فهي تنطلق من منطقة بلدة قديمة تليها توسعات هذه البلدة يليها السكن المنفصل وآخرها السكن الأول ومحاطة بمنطقة صناعية وتجارية فتقسيم البلدات بهذا الشكل وأحاطت منطقة الاكتظاظ السكاني بكتل السكن الأول أشبه ما يكون بالسجن وأبراج الحراسة فأغلب مناطق السكن الأول التي تعبر بالفيلات والكتل المنفصلة تحولت في المناطق الثائرة الى أبراج حراسة تضمن السيطرة على السكان المتواجدين داخل المدينة حتى توزع الفراغات المعمارية والساحات العامة كان يدعم مبدأ المراقبة الشاملة والسيطرة على الحركة.
لم تكن التقسيمات التنظيمية في سوريا محض الصدفة بل كانت أسلوب متبع في قبل السلط الحاكمة لضبط واحتواء السكان ناهيك على شكل العمران والأبنية وتنظيم المرافق العامة الذي انعكس على شخصية الشعب السوري الحالية.
الآن وبعد تدمير أغلب البلدات السورية فلا بد أن نهتم بالتخطيط العمراني ووضع مخططات جديدة للمدن تساهم في بناء الشخصية العامة للمجتمع السوري وتعتمد أسلوب العدالة والمساواة وملتزمين أيضا بوضع تصورات معمارية جديدة وتطوير الكتل المعمارية ونمط عيش السكان فيها من أجل الحفاظ على ما تبقى من الهوية السورية.
اضطلعت إيران منذ اندلاع الثورة السورية بدور كبير في قلب موازين الصراع الدائر بين الأسد ومعارضيه لصالح "الأسد"، متخذة في سبيل ذلك كافة الإجراءات الممكنة عسكريا وماديا وميدانيا، حيث ساندت الأسد في عدة معارك ميدانية، وساهمت في إسقاط عدد من المدن وحصار مدن أخرى، في إطار الحفاظ على نظام الأسد من السقوط، لما في ذلك من مصالح استراتيجية لها.
وفي سياق ذلك نشرت إيران الميليشيات والقواعد العسكرية في كل أرجاء سوريا، وحازت على عدة عقود تجارية، وعملت على نشر المذهب الشيعي في مناطق تواجدها، كما عمدت إلى فرض سيطرتها على عدة مواقع استراتيجية ومفيدة في سوريا.
تتواجد الميليشيات الأجنبية المدعومة من إيران في دمشق، متمثلة في: الحرس الثوري الإيراني، قوات الباسيج، حزب الله، فيلق بدر، سرايا أنصار الله، لواء المنتظر، لواء اليوم الموعود، حركة الأبدال، كتائب سيد الشهداء، كتائب حزب الله العراقي، سرايا طليعة الخراساني، كتائب الإمام علي، حركة النجباء، لواء أبو الفضل العباس.
أما الميليشيات المحلية المدعومة من إيرن المتواجدة في دمشق فهي: لواء ذو الفقار، لواء الإمام الحسين، فوج التدخل السريع، قوات الدفاع المحلي.
وفيما يتعلق بأماكن تواجد بعض الألوية، يتكفل لواء الإمام الحسين بحماية مرقد السيدة زينب بدمشق، ويتواجد أيضا في منطقة مشفى البيروني بدمشق وفي مدينة حرستا بالغوطة الشرقية بريف دمشق ، فيما تتواجد ميليشيات لواء فاطميون في الغوطة الشرقية، ويتواجد لواء اليوم الموعود جنوب العاصمة دمشق، ويتواجد لواء أبو الفضل العباس في منطقة السيدة زينب، كما يتواجد لواء ذو الفقار في السيدة زينب والغوطة الشرقية، وتعمل كتائب سيد الشهداء في دمشق، فيما يحمي لواء الإمام الحسن المجتبى المنطقة المحاذية لمطار دمشق الدولي، وأيضا في بلدة شبعا بريف دمشق، ويعمل لواء أسد الله في العاصمة دمشق، وتظهر صوره في قلب سوق الحميدية بدمشق.
يعتبر مطار دمشق الدولي أهم مركز للوجود الإيراني والميليشيات التي يقودها "فيلق القدس" التابع "للحرس الثوري الإيراني" في سوريا، ويتم فيها استقبال المقاتلين وتنسيق الدعم اللوجستي للميليشيات الإيرانية المتواجدة في سوريا، بالإضافة إلى نقل الأسلحة المتطورة تقنياً مثل الصواريخ دقيقة التوجيه من إيران إلى ميليشيا حزب الله عبر سوريا، واستخدام مطار شراعي في منطقة الديماس غرب دمشق إلى حين تطوير مطار خاص بالإيرانيين في سوريا.
ويوجد قواعد في منطقة الكسوة العسكرية بريف دمشق الجنوبي، وتضم مستودعات أسلحة تعد جزءاً من عملية نقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان، والتي تحوي أيضاً مقرات قيادة وتحكم تدير العمليات وانتشار الميليشيات في جنوب سوريا.
كما أن هناك وجوداً واسعاً للمستشارين الإيرانيين في غرف العمليات الرئيسية بمدينة دمشق، والتي تنسق عمليات القوات السورية في عموم سوريا، مثل غرفة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان، وغرفة عمليات الميليشيات العراقية في حي الشاغور.
أما الجبهة المركزية والقلمون التي تضم حمص وحماة والمنطقة الشرقية وتشمل مراكز الحرس الثوري، فهناك 3 قواعد بالقرب من مدينة الضمير في ريف دمشق على طريق (دمشق – بغداد) السريع.
و الجبهة الجنوبية والتي تشمل ريف دمشق ودرعا والقنيطرة والسويداء، من بين القواعد هناك قاعدة (18000 أو زينب)، التي تستخدم الجامعة الافتراضية مقرا لها، وتقع على طريق "دمشق – درعا، ويضم قوات مدرعة تابعة للحرس الثوري الإيراني، وقوات الدفاع الوطني، ووحدات دعم الحرس الثوري الإيراني، ولواء فاطميون.
مركز الشيبان بدمشق (قاعدة الإمام الحسين): يقع في منطقة الشيباني شمال غرب دمشق بين العاصمة والزبداني، وكان في السابق قاعدة للحرس الجمهوري السوري، تضم قوات الكوماندوز "الفيرقة 19 فجر شيراز"، إلى جانب قوات حزب الله وفاطميون، والتي يمكن أن يصل عددها إلى 3000.
قاعدة جلاس هاوس التي تقع بالقرب من مطار دمشق ويعتقد أنها مقر قيادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، لنشر قوات الحرس الثوري الإيراني التي تصل إلى سوريا عن طريق الجو إلى مناطق مختلفة في البلد.
بالإضافة إلى وجود للمستشارين الإيرانيين في غرف العمليات الرئيسية بمدينة دمشق، والتي تنسق عمليات القوات السورية في عموم سوريا، مثل غرفة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان، وغرفة عمليات الميليشيات العراقية في حي الشاغور.
تتحكم المليشيات الإيرانية بالعديد من الجمعيات في دمشق، ومنها اللجنة الخيرية الاجتماعية، جمعية الزهراء الخيرية، جمعية جهاد البناء، مؤسسة الأمين للأعمال الاجتماعية، مجمع الصراط الثقافي، جمعية الرحمة الخيرية، مؤسسة الإمام الساجد، مؤسسة الشهداء.
وتقوم هذه الجمعيات والمؤسسات تحت غطائها الديني بإقامة علاقات مع الأهالي، وإقامة المهرجانات الخطابية في المناسبات الشيعية، وتشجيع الراغبين بالتشيع وإغرائهم بالرواتب المرتفعة، ومساعدة الفقراء بالقروض والأموال، وإقامة المعارض التي تنشر كتب المعتقدات الشيعية، وفتح مكتبات تسمى بالحوانيت، وتخصيص رواتب وهبات للقراء، وتقديم تسهيلات للدراسة في الجامعات الإيرانية في مختلف التخصصات، وتمويل بناء المستشفيات والمستوصفات الخيرية.
توجد أيضا في كل المحافظات السورية فروعا لجامعة آزاد الإسلامية، كما يوجد مكتب تنسيق خاص بالمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بدمشق، فيما أنشأ المجمع كلية المذاهب الإسلامية بدمشق.
تعمل إيران على إغراق السوق السورية باستثماراتها المتنوعة، وفي سبيل ذلك تقوم بإنشاء المركز الإيراني التجاري وسط العاصمة دمشق، والذي يضم شركات إيرانية من كافة الاختصاصات، فيما تقوم الغرفة الإيرانية السورية المشتركة بمهمة الترويج للاستثمارات الإيرانية في سوريا، والتي تأسست عام 2019 لمنح الإيرانيين امتيازات خاصة على الصعيد التجاري والاستهلاكي.
وحسب التقارير فإن الميزان التجاري الإيراني تأثر تأثرا إيجابيا بفعل الحرب في سوريا، حيث ارتفعت قيمة التجارة الإيرانية في عام 2017 إلى 869 مليون دولار، بعد أن كانت في 2011 حوالي 361 مليون دولار.
وفي عام 2019 تم التوقيع على 11 اتفاقية تشمل السكك الحديدية والإسكان والأشغال العامة، والجيوماتيك (هندسة المساحة الرقمية) والاستثمار ومكافحة غسيل الأموال والتعاون الثقافي والسينمائي، كما وقع اتفاق عام 2019 يقضي بإنشاء بنك مشترك بين البلدين في دمشق.
وبحسب مصادر سورية رسمية "تم نقل أكثر من 8 آلاف عقار في منطقة دمشق إلى مالكين أجانب خلال السنوات الماضية، حيث استغل "حزب الله" و"الحرس الثوري الإيراني" هذا الوضع لشراء عقارات عديدة.
وقع النظام السوري وإيران 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجا تنفيذيا، في مجالات اقتصادية وثقافية وتعليمية في ختام اجتماعات الدورة الـ 14من أعمال ما تسمى "اللجنة العليا السورية الإيرانية المشتركة" في دمشق.
ووقعت وزارة تربية الأسد في 2010، مذكرة تفاهم مع وزارة التربية والتعليم الإيرانية، تقضي بإشراف إيران على تعديل المناهج الدراسية السورية وطباعتها في إيران، إلى جانب مساهمات أخرى في السياق ذاته.
وحاليا تدخل الاتفاقية الموقعة بين وزارتي التربية السورية والإيرانية حيز التنفيذ، والتي تقضي بالتزام إيران بترميم آلاف المدارس السورية وإعادة تأهيلها وتأمين الدعم اللوجستي لها.
وهكذا تحاول إيران جاهدة تقاسم الكعكة السورية مع الجانب الروسي، وفي حين استولت روسيا على المفاصل العسكرية والقيادية، اتجهت أنظار إيران إلى الفعاليات الاقتصادية والاستهلاكية، عملا على ترسيخ نفوذها على الأراضي السورية، واستمرارا في استخدام تلك الأدوات في نشر المذهب الشيعي في سوريا.
أدانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية مؤخرا نظام الأسد باستخدام الغازات السامة ضد المدنيين، حيث أكد منسق فريق التحقيق التابع للمنظمة "سانتياغو أوناتي لابوردي" أن فريقه تأكد من أن أشخاص ينتمون إلى القوات الجوية في نظام الأسد قاموا باستخدام "السارين" و"الكلور" كسلاح كيماوي في منطقة "اللطامنة" شمال غرب محافظة حماة عام 2017.
من جهته ذكر المتحدث باسم هيئة التفاوض "يحيى العريضي" في تصريح خاص لشبكة شام أن إدانة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لنظام الأسد باستخدام الكيماوي في اللطامنة، هي عامل مساعد لتضييق الخناق على النظام، مؤكدا أن ذلك يؤثر تأثيرا إيجابيا على فتح وتقديم ملفات النظام الإجرامية إلى المحاكم الدولية، بالإضافة إلى التضييق على داعميه، خشية من أن تطالهم تلك الدمغة، مشيرا إلى احتمال اتخاذ الأمم المتحدة خطوات فاعلة في سياق محاكمة نظام الأسد على ممارساته الإجرامية ضد المدنيين.
وفي السياق أوضح الحقوقي ورئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن المعتقلين والمفقودين "ياسر الفرحان" في تصريح خاص لـ"شام" أن أهمية التقرير الذي يدين "الأسد" باستخدام الكيماوي تبرز في عدة نواحٍ:
أولاً - صدوره عن جهة مفوضة صاحبة اختصاص، فالفريق المكلف بالتحقيق أُنشأ من قبل الأمانة العامة لمنظمة حظر الأسلحة الكيمائية، وهي الجهة الدولية المختصة بهذا الشأن وتمثل 193 دولة موقعة على الاتفاقية من بينها سورية.
ثانياً - الفريق المكلف بالتحقيق مفوض بتحديد هوية مرتكبي جرائم استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، بموجب قرار 27 يونيو 2018 الصادر عن مؤتمر الدول الأطراف، ولقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها السنوي تبني ودعم مهام الفريق، الأمر الذي يشير إلى مزيد من الاعتماد الدولي لتفويض الفريق ولمخرجاته.
ثالثاً - النتائج التي خلص إليها الفريق معللة بالأدلة تؤكد الاستنتاج بتورط القوات الجوية للنظام السوري في استخدام غازي الكلور والسارين، وفضلاً عن تبيانها بدقة هوية المتورطين، توضح أن هذه الهجمات ذات طبيعة استراتيجية خاصة ولا يمكن أن تحدث إلا بناءً على أوامر من السلطات العليا للقيادة العسكرية في الجمهورية العربية السورية.
مشيراً إلى تزامن التقرير مع تقرير لجنة التحقيق في استهداف المشافي والمدارس، وما لذلك من دور في منع إعادة أي شكل من العلاقة مع نظام الأسد، ويدفع لسوقه إلى محاكمات عادلة؛ الأمر الذي يضع المجتمع الدولي تحت مسؤولية تنفيذ البند 6 من قرار مجلس الأمن 2209 الذي ينص على محاسبة الأشخاص المسؤولين عن استخدام أياً من المواد الكيمياوية أو السمية بما في ذلك غاز الكلور، والبند 21 من القرار 2118 الذي ينص على فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حالة عدم الامتثال لحظر استخدام أو تخزين الأسلحة الكيميائية.
وأكد "الفرحان" أن التقرير الصادر في 8 نيسان الحالي يدحض بالأدلة ادعاء النظام تخلصه من مخزونه الكيماوي، وبالرغم من أن تقارير لجان التحقيق الدولية الأخرى، قد بينت وفي أكثر من مرة، استمرار النظام باستخدام هذه الأسلحة المحرمة دوليا، إلا أن هذا التقرير يضيف حجاً قاطعة من النواحي الشكلية المتعلقة بالتفويض والاختصاص، والنواحي الموضوعية المتعلقة بقوة الأدلة في المحتوى ووضوح المخرجات في تحديد هوية الجناة.
وأشار "الفرحان" إلى مبادئ الإعلان للدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية بتاريخ 21 أبريل 2015، وإلى المبدأ المشترك الأساسي في الحظر المطلق لاستخدام الأسلحة الكيميائية والإدانة الجماعية المتكررة لأي استخدام للأسلحة الكيميائية، وإلى اعتبار خرق هذا الحظر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
مؤكداً أنه بعد إصدار فريق التحقيق وتحديد هوية الجناة لتقريره لن يكون بالإمكان الحديث عن إفلات نظام الأسد من العقاب، مثلما لن يكون بالإمكان التفكير في بناء علاقات مع مجرم حرب يقتل الأطفال بالسلاح الكيميائي.
وفي سياق التعليق على تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أن واشنطن تتفق مع استنتاجات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأن نظام الأسد احتفظ بقدرات كافية لتطوير أسلحة كيميائية، واعتبره دليلا جديدا ضمن المجموعة الكبيرة والمتزايدة من الأدلة على أن نظام الأسد يشن هجمات بالسلاح الكيميائي.
ودعم الاتحاد الأوروبي التقرير وأدان بشدة سلاح الجو التابع للنظام السوري، داعيا إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الأعمال الشنيعة، بدورها طالبت وزارة الخارجية البريطانية مجلس الأمن الدولي بالرد الحاسم على النظام السوري، عقب إثبات استخدامه الكيماوي ضد شعبه، داعية جميع الدول الأعضاء في اتفاقية الأسلحة الكيماوية ومجلس الأمن إلى تقديم النظام للعدالة.
وطالبت تركيا بضرورة محاسبة نظام بشار الأسد، واعتبرت استخدام الأسلحة الكيميائية انتهاكًا صارخًا لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، إلى جانب كونه جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب، كما وأدانت وزارة الخارجية الكندية هجمات "الأسد"، معتبرة ذلك انتهاكا بغيضا للقانون الدولي، مؤيدة محاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
بينما شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على ضرورة محاسبة المتورطين في استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
بالمقابل عبرت الحكومة الروسية عن قلقها حيال نتائج التقرير الذي أثبت اتهام الأسد بالضلوع في استخدام الكيماوي ضد المدنيين، متذرعة بأن التقرير مخالف لإجراءات التحقيقات المتبعة وأعراف القانون الدولي، متهمة بعض الجهات بالتأثير على منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لإخراج هذه النتائج وإدانة نظام الأسد بالهجوم الكيماوي.
ولكن تبقى العقبة الأهم والأبرز لاتخاذ أي إجراء بحق نظام الأسد هو مجلس الأمن الذي لن يتمكن من إصدار أي قرار يدينه أو يتخذ بحق المسؤولين عن الجريمة أية إجراءات، وذلك بسبب الفيتو الروسي والصيني الذي حمى الأسد أكر من مرة، فهل ستكون هذه المرة مختلفة؟، وهل ستكون الدول مضطرة للعمل خارج مجلس الأمن؟، هذه الأسئلة وغيرها من الصعب الإجابة عليها الآن، ولكن الفترة القادمة والتي لن تكون قريبة بسبب الكورونا ستحدد مصير الأسد ونظامه.
تعاني مناطق سيطرة النظام من اختناق اقتصادي، وأزمات متتالية تتمثل في أزمات المحروقات وتوفير المواد والسلع الاستهلاكية، ويزداد الوضع سوءا في ظل محاولات محاولات النظام التصدي لتفشي وباء "كورونا"، بالرغم من العقوبات والقيود الاقتصادية المفروضة عليه، والتي تسبب بها نتيجة مقتل مئات آلاف المدنيين وتهجير الملايين، حيث أصبح أكثر من ثلاث أرباع السكان يعيشون تحت خط الفقر.
وفي السياق يحاول النظام الالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه، وكسر الحصار الاقتصادي بعدة طرق، عبر تقيده بالبروتوكولات المفروضة لمواجهة تفشي "كورونا"، بالتزامن مع دعوة الاتحاد الأوروبي الدول خارج التكتل إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، والتي تعرقل تقديم المساعدات الضرورية لمكافحة فيروس "كورونا".
وفيما يتعلق بذلك أكد المستشار الاقتصادي "يونس الكريم"، لشبكة شام الإخبارية، أن النظام عمد إلى استغلال تفشي وباء "كورونا" للتخلص من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه، وذلك عبر اتخاذه عدة إجراءات تتعلق بتطبيق البروتوكول الدولي المتعلق بالعزل الصحي، حيث منع الناس من تداول النشاطات الاجتماعية والاقتصادية، كما عزل الأرياف عن المدن، وإن كان ذلك لا يتعدى كونه إجراء شكليا، إذ إن النظام لا يزال عاجزا عن تأمين احتياجات الناس وتوزيع رواتب الموظفين، ولكنه إعلاميا طبق البروتوكولات اللازمة، في محاولة لإيصال رسالة للمجتمع الدولي مفادها قيام النظام بكل واجباته حيال مواجهة الجائحة، وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية تفشي الوباء، باعتباره لم يقدم أي مساعدات للنظام.
وقد طالب النظام مؤخرا برفع أو تخفيف العقوبات عليه، متذرعا بمواجهة فيروس "كورونا"، كما طالب بدخول منظمات الأمم المتحدة، بهدف تأمين موارد مالية له، تمكنه من تجاوز الأزمات المتتالية التي تعصف بنظامه، المتعلقة بتدهور الاقتصاد وهبوط سعر العملة السورية، وأزمات الوقود والمحروقات، وخاصة بعد إقرار قانون "سيزر".
وأضاف "الكريم" أن نسبة السوريين الذين يقعون تحت خط الفقر حاليا تجاوز الـ91%، ما يجعل تأمين احتياجاتهم الأساسية أمرا في غاية الصعوبة، حيث صرح النظام بأن السلة الغذائية في حال تواجدها، فإنها تكلف 430 ألف ليرة سورية، فيما لا يتجاوز راتب الموظف حاجز الـ80 ألف ليرة، ما يشكل فجوة نقدية بين الراتب والسلة الغذائية الشهرية التي تحتاجها العائلة السورية.
بالإضافة إلى ما قام به النظام من تقنين توزيع مادة الخبز عبر البطاقة الذكية، بمعدل لكل عائلة من 3 أشخاص ربطة خبز تتكون من 8 أرغفة، وهذه الكمية لا تفي بالغرض صحيا، حيث عجز النظام عن توفير القمح التمويني الذي يحتاجه، والمقدر بـ مليون و200 ألف طن سنوياً، فيما استطاع الحصول على 600 ألف طن فقط.
كما أرسلت روسيا مؤخرا باخرة محملة بـ25 ألف طن من القمح الطري، ما يغطي الحاجة المحلية لأسبوع فقط، في حين فشل النظام في تأمين باقي الكمية سواء عبر الاستيراد، لعدم توفر القطع الأجنبي لهذه العملية، أو الشراء من الفلاحين، إذ إنه عرض أسعارا أقل مما عرضته الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى إلغاء الأمم المتحدة لبرامجها الإغاثية مؤخرا، لاستجماع قواها لتأمين اللقاح ضد "كورونا".
وحسب تقرير برنامج الأغذية العالمي، يقدر عدد الذين يحتاجون لمساعدات إنسانية بحوالي 11.1 مليون شخص، فيما يصل عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى 7.9 مليون شخص، حيث تتفاقم الكارثة بفعل ارتفاع الأسعار مؤخرا بسبب فيروس "كورونا"، في ظل فقدان مصادر الدخل وتدهور الاقتصاد وارتفاع أسعار الأغذية والسلع الأساسية.
وفي السياق ساهم إغلاق الحدود مع لبنان والعراق اللتين تعدان رئتي النظام في تعقيد الوضع الاقتصادي، وعجز إيران في ظل وضعها الراهن و المستفحل بمواجهة كورونا، عن تقديم المساعدة للنظام السوري، كداعم اقتصادي أساسي، ما جعل النظام يعاني حصارا اقتصاديا شديدا، بالإضافة إلى تحذير منظمة "هيومن رايتس" من مجاعة تهدد لبنان، جراء إجراءات الإغلاق الاقتصادي الجاري لمكافحة انتشار فيروس "كورونا".
وسلط "الكريم" الضوء على أن فعاليات الزراعة والحراثة باتت مستحيلة، في ظل إجراءات الحجر والعزل الصحيين ومنع تداول الفعاليات الاقتصادية، حيث لم يتم زراعة وحراثة الأراضي أو تقليم الأشجار في موسم الزراعة الجاري، ما ينذر بكارثة ومجاعة، نتيجة عدم زراعة الأراضي.
وفي ظل المجريات يسعى النظام السوري إلى تعويم نفسه من خلال طلب المساعدات من المنظمات الأممية لكسر الحصار، أو طلب قرض من الصندوق الدولي، بحجة مواجهة "كورونا"، كما يحاول ابتزاز العالم من خلال ملف المعتقلين، للحصول على المساعدات، وتخفيف القيود الاقتصادية، وطلب المساعدة المادية من منظمة الصحة العالمية، فيما لن يسمح دوليا بتدخل منظمة الصحة العالمية لدعم القطاع الصحي التابع للنظام، حيث إن القطاع الصحي يستخدم كدعم للآلة العسكرية والأمنية.
قدم عدد من الأطفال السوريين المقيمين في اسطنبول التركية حفلا بمناسبة عيد الطفل العالمي ، حيث نظم الحفل إدارة " مدرسة شامنا " على مسرح أسنلر في اسطنبول مساء أمس الخميس .
و تحدث مراسل " شام " عن الفعاليات و الأنشطة التي قام بها الأطفال خلال الحفل موضحا الأثر الكبير الذي استحوذ على نفسية الاطفال و دفعهم للقيام بأدوراهم على أتم وجه ، فقد أوضح مراسل " شام " أن دافع الحب و الحنين للوطن ساعد الأطفال على تجسيد أدوراهم بإتقان عال ليعبروا بذلك أنهم و بيوم عيد الطفل العالمي هم بأشد الحاجة لوطنهم الذي يشهد ظروفا غاية بالصعوبة في الوقت الراهن .
وقد عبر الأطفال بمسرحياتهم عن الواقع الذي تعيشه الطفولة الأن في سوريا ، مجسدين مشاهد الخوف و الرعب ، كما تحدثوا عن جرح الأقصى خلال مسرحية حوارية جسدت فيها واحدة من الأطفال دور الشام الحزينة في حين جسدت ثانية دور الأقصى الجريح لترفع الأعلام في نهاية الحوار و الأمل بالنصر يحلق من حولهم .
و حضر الحفل عدد كبير من الأهالي السوريين الذين عبروا بدورهم عن فخرهم بما يقوم به أطفالهم حيث قدم الأطفال من خلال حفلهم رسالتهم للعالم ليثبتوا أنهم أطفال يستطيعون تقديم الكثير من التميز حتى و إن هجروا عن أرضهم عنوة و أبعدوا عنها .
و تحدت مدير المدرسة عن أهمية التعليم و مبدأ المدرسة الذي ينطلق من الكلمة العظيمة " اقرأ " ليتخذ منها قيمة أساسية من قيم التعليم و إرشاد الأطفال و توجيههم ، كما حضر الحفل السيد " محمد الشامي " ممثلا عن وزراه التربية و التعليم في الحكومة السورية المؤقتة .
والجدير بالذكر أنه بسبب امتنان السوريين للشعب التركي و حرصهم على شكره دائما ، فضل منظمو الحفل أن يكون هناك دمج لغوي بين العرب و الأتراك حيث تم ترجمة كلمة السيد مدير المدرسة للغة التركية و كذلك كلمة ممثل وزارة التربية ، إضافة لوجود فقرات مسرحية اتخذت من التركية لغة لها .
احتلت منظمات المجتمع المدني خط الدفاع الثاني في الثورة السوريا اذا ما اعتبرنا فصائل الجيش الحر هم الخط الأول فقد رعت هذه المنظمات امور أسرهم وتكفلت أبناء شهدائهم وعملت على إغاثة منكوبيهم، كما كان لها دور كبير في نشر الوعي الثوري من خلال الندوات العلمية والثقافية والمجلات الثورية التي اطلقتها في المجتمع .
كما ان لهذه المنظمات دور بارز في مساندة المجالس المحلية التي تعتبر السلطة المحلية في تنظيم وادراة المناطق المحررة فكانت هذه المنظمات والجمعيات رديف لهذه المجالس تنسق وتتعاون في ما بينها وبين المجالس المحلية كما ان هنالك علاقة تشاركية كما هو الحال في الحملة التي رعاها مجلس محافظة حلب الحرة والتي اطلقتها منظمة شباب الفرقان من خلال تقديم ادوات نظافة الى المجالس المحلية المقدمة من منظمة كومنكس تحت اسم "خليها نظيفة .
تنوعت الأعمال التي قامت بها هذه المنظمات فمنها من اختص برعاية الأيتام وكفالتهم ومنها من عمل في تأمين احتياجات ذوي الإحتياجات الخاصة بالإضافة الى الجمعيات التي اختصت بالجانب الإغاثي والطبي والى ما هنالك من حاجات متنوعة.
وبالتواصل مع المكتب القانوني بمجلس محافظة حلب الحرة ذكر لنا عدد المنظمات والجمعيات التي اعطى لها ترخيص من قبل المجلس حيث وصل الرقم الى " 105 " منظمة وجمعية في محافظة حلب تنوعت اختصاصاتها حسب الحاجة وقد صرح لنا السيد نائب رئيس منظمة شباب الفرقان السيد م . حسام أحمد عندما سألناه عن سبب ازدياد عدد هذه الجمعيات في ظل الثورة مع قلتها في زمن النظام ذكر لنا الأسباب التالية :
1- حاجة الماسة في الوقت الراهن نتيجة الحرب لوجود مثل هذه المنظمات .
2- التسهيلات التي يقدمها مجلس محافظة حلب الحرة من ترخيص هذه المنظمات والجمعيات وعدم وجود عائق " مخابراتي كما كان يفعل النظام .