بعد الفصائل.. "تحرير. الشام" تواصل سياستها في شيطنة إعلام الثورة "أورينت مثالاً"
عادت "هيئة تحرير الشام"، التي يتزعمها "أبو محمد الجولاني"، للتضييق على "قناة أورينت" المملوكة لرجل الأعمال السوري "غسان عبود"، يندرج ذلك ضمن "سياسة ممنهجة" لمحاربة كل صوت يخالف توجهاتها وينتقد ممارساتها، إذ أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيه المؤسسة ووكالات أخرى للتضييق بوسائل عدة، والتهديد بوقف العمل.
وفي جديد ماتقوم به الهيئة اليوم، لاسيما عبر الإعلام الرديف التابع لها، هي عملية "شيطنة" لقناة "أورينت"، والتحريض عليها بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي وكروبات الأخبار، بعد حملات تصعيد إعلامية من القناة ضد ممارسات الهيئة وصل الأمر لوصف الأخيرة بـ "ميليشيات الجولاني" والتي أثارت حفيظة الهيئة واعتبرتها انحرافاً عن "خط الثورة".
تضييق جديد.. وذباب الهيئة الالكتروني يعمل
وبدأت "هيئة تحرير الشام" مؤخراً، التضييق على القناة من خلال طلب ترخيص لعمل أبراج الإذاعة التابعة للقناة، والموجودة بمناطق سيطرتها، والتهديد بوقف عملها وبثها في المحرر، على خلفية تصعيد القناة بعد التعدي على نشطاء بينهم مراسلين لها من قبل الجهاز الأمني للهيئة في منطقة باب الهوى في 12/ أيلول/ 2022 الجاري.
وتحتج "هيئة تحرير الشام" لتبرير شيطنتها لـ "أورينت"، بأن الأخيرة تجاوز الحدود الثورية، مع تصاعد انتقاده لممارسات الفصائل شمال غرب سوريا ممثلة بـ "هيئة تحرير الشام والجيش الوطني" على حد سواء، ووصفهم بـ "الميليشيات"، إلا أن مصادر أخرى أكدت أن هذا القرار في سياق مساعي الهيئة للتفرد بالعمل الإعلامي والتضييق الذي تمارسه، وأن ممارساتها بحق العمل الإعلامي ليس بجديد.
وخلال الأيام الماضية، تصاعدت الحملات التحريضية من قبل "الذباب الإلكتروني" التابع لـ "هيئة تحرير الشام" على مواقع التواصل أبرزها "فيسبوك" من خلال مئات الحسابات بأسماء وهمية، تشرف على مجموعات وصفحات باسم "المستعمل وغيرها"، في وقت بدا واضحاً أن الهيئة وعبر مسؤوليها الإعلاميين باتت تقوم على "تقييم الإعلام الثوري"، فتمنح صكوك الثورية من وجهة نظرها هي فقط أو تسحب تلك الصكوك.
مكتب العلاقات الإعلامية للهيئة يبرر
وجاء في تعليق لـ "مكتب العلاقات الإعلامية لهيئة تحرير الشام" وصل لـ "شام" نسخة منه، قوله: "كما اعتدنا على "أورينت" في نشر الأخبار الكاذبة؛ نشرت خبرًا كاذبًا جديدًا ادعت فيه أن "هيئة تحرير الشام تحاصر أبراج البث الخاصة بهم"، ولكن الجديد أن إدارتهم نفسها بحسب بعض العاملين في القناة تعلم أن الخبر كاذب وأصرت على نشره بشكل متعمد بهدف الابتزاز!".
وأضاف: "أما القضية كما بيّناها مسبقًا ألا وهي إيقاف لإجراءات الصيانة التي طلب تسهيلها فريقهم التقني؛ وتمت الموافقة عليها من قبل مديرية الشؤون الصحفية بناءً على تحسن في سياساتهم وعودتهم لقدر من المهنية والموضوعية حينها، عليه وتشجيعًا للعودة إلى خط الثورة حصلوا على هذه التسهيلات".
وتابع بيان العلاقات الإعلامية: "لتعود لاحقًا "أورينت" من جديد لسياسة البلطجة الإعلامية التي يصر عليها مالك القناة وممولها بمال المافيا الروسية ورعاية دول الثورات المضادة، وعليه أُبلغ فريق الراديو في الداخل بإلغاء الموافقة على إجراءات الصيانة نتيجة لعودة سياسة إدارتهم اللامهنية، واتباعها أساليب البروباغندا الرخيصة".
وعلل قراره أيضاً بـ "أيضًا نتيجة لاستخدامها مجددًا وصف "ميليشيات" مع الفصائل الثورية التي تضحي بدمائها وكل ما تملك من أجل حفظ المناطق المحررة، علمًا أن مديرهم شخصيًا كما بلغنا "غير موافق" على هذا المصطلح وحاول سابقًا إيقافه، مما يثبت وجود توجيه متعمد يصر عليه ممول القناة؛ بغية الإساءة للثورة السورية ولكل مافيها من مكونات وعاملين خدمة لنظام أسد والتطبيع معه!، فهل فعلًا مديرها لا يرضى هذه الأساليب الرخيصة؟!"، وفق تعبيره.
وقال البيان إنه "بعد انتشار هذا الخبر قامت الجهة المعنية بالتواصل مع العاملين على الأرض من فريق الراديو لاستيضاح الموضوع، وبدورهم بيّنوا أنهم "غير موافقين" على الكذب الذي نشرته إدارتهم، وقد وصلَنا من خلالهم رسالة ابتزاز إعلامي وتهديد من إدارة القناة؛ مفادها أنهم قيد تجهيز حملة إعلامية مضادة تشوه المنطقة إن لم يُسمح لموظفي الراديو بإجراء الصيانة!".
ولفت إلى أن الرد على هذا "الابتزاز الصريح" كان :"بصراحة هذا اسلوب عصابات، وكان حري بالقناة إذا بتحترم حالها تتراجع عن الخبر الكاذب الذي نشرته وخاصة بعد ما عرفت من موظفيها أنفسهم أن كلامها كذب وتهويل، ونحن لا يليق بنا ولا بثورتنا أن نتفاوض مع قناة بعقلية عصابة، ولا أن نسمح لها بالتواجد على الأرض مع أهلنا وهذه آخر محادثة بيننا".
وطرح مكتب العلاقات تساؤلاً بقوله: "ويبقى السؤال إلى أين تسير "الأورينت" بعد أن أصرت على التخلي عن روحها الثورية وانقلبت على ما كانت تدعو إليه بيوم من الأيام، وبعد أن نزعت كل معايير المهنية والأخلاق الصحفية، وأصبحت أداة للدعاية الرخيصة، كنموذج جديد لقناة الدنيا!"، وفق تعبيره.
أسلوب داعش لتقييد الإعلام
ووفق نشطاء، فإن الهيئة تتبع أسلوب تنظيم داعش في تغييب أي صوت مناهض لها أو حتى خارج سطوتها الإعلامية عبر مؤسساتها، ولكن بنفس طويل، أي أنها من خلال ممارساتها والتضييق على النشطاء تجعلهم أمام خيارين إما العمل ضمن الشركة الإعلامية الجديدة لها، أو الهجرة وترك العمل وإلا فإن التضييق سيتواصل بحقهم.
وتعمل الهيئة، على تغييب أي صوت مناهض لها، حتى من المدنيين، وهذا مابدا واضحاً من خلال سلسلة الاعتقالات التي تقوم بها لمجرد التعليق على منشور على مواقع التواصل، والتي طالت نشطاء وفعاليات مدنية، في سياق عملية الترهيب الممارسة ضد الإعلام وحرية العمل الإعلامي.
"أورينت" تاريخ طويل في دعم الحراك الثوري
وقبل أن توجد "جبهة النصرة وأخواتها" وصولاً لـ "هيئة تحرير الشام" التي يتزعمها "أبو محمد الجولاني"، كانت "قناة أورينت" بجميع منصاتها، منبراً لأبناء الحراك الثوري السوري منذ الصرخة الأولى، نقلت ولاتزال أوجاع ومعاناة السوريين بصوت عال، يتحدى الأنظمة الاستبدادية، وكل من يخطو بنهجها لتغييب صوت الحقيقة، رغم بعض النقاط التي تؤخذ على سياستها الأخيرة بالتعامل مع ممارسات الفصائل والتي تباينت من يؤيد ومن يرفض الأوصاف بحق فصائل الثورة.
وسياسة "الشيطنة" ليست وليدة اليوم، فقد اتبعتها "هيئة تحرير الشام وأخواتها" سابقاً، ضد جميع فصائل الجيش السوري الحر، وعملت ضمن حملات إعلامية ممنهجة ومدروسة، على "شيطنة" تلك الفصائل واحدة تلو الأخرى، من خلال تلفيق المعلومات والأخبار عن العمالة والتواطئ في التحرير، تمهيداً لمرحلة إنهائها تباعاً.
وفي شهر أغسطس ٢٠٢١، كان أعلن "تلفزيون أورينت"، تلقيه بلاغاً من مسؤول في "هيئة تحرير الشام"، بوقف عمل التلفزيون في مناطق سيطرة الهيئة بريف إدلب، ولاقى القرار الصادر ضد القناة حينها، موجة ردود كبيرة بين نشطاء الحراك الشعبي رافضاً لأي تضييق على العمل الإعلامي في المناطق المحررة.
قرارات مشابهة بحق وسائل أخرى
وفي سياق حالة تخبط واضحة، كانت اتخذ مكتب العلاقات الإعلامية في حكومة "الإنقاذ"، قراراً بتقييد عمل مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية "afp"، والمتعاونين معها، بعد سلسلة حجج ساقها المكتب، واستدعاء العاملين والمتعاونين مع الوكالة، قبل أن تتراجع وتحدد لهم شروط مقابل الاستمرار بعملهم في مناطق سيطرتها.
وفي وقت سابق كانت شبكة"شام" نشرت تقريراً تحت عنوان ""تحرير الشام" وأداتها "الإنقاذ" تواصلان التضييق على العمل الإعلامي بإدلب وهذه وسائلها"، تطرقت فيه لتنوع الوسائل والأساليب التي تمارسها "هيئة تحرير الشام" وأدواتها ممثلة بـ "حكومة الإنقاذ"، للتضييق على النشاط الإعلامي في مناطق سيطرتها، في محاولة مستمرة لفرض هيمنتها على النشطاء والعمل الإعلامي ككل والتحكم به.
وسبق أن أصدر مكتب العلاقات الإعلامية في حكومة "الإنقاذ" قراراً بمنع العمل مع "قناة الآن، وقناة اليوم" وإرسال أي مادة لتلك الجهات، ولا حتى المداخلات التلفزيونية، وكذلك "وكالة ستيب"، مؤكدة أن إرسال أي مادة لتلك الجهات تعرض صاحبها للمساءلة القانونية.
وشكل تصاعد تسجيل حالات التعرض لنشطاء إعلاميين في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" تحديداً في السنوات الماضية، فضلاً عن مساعي حثيثة لتقويض تحركات النشطاء وعملهم وفق قوانين ناظمة أوجدتها المؤسسات التابعة للهيئة مؤخراً، وبات الحديث عن "سياسة ممنهجة" واضحة لمحاربة كل مخالف لها ولسياساتها، على حساب تقديم مؤسسات إعلامية بديلة ودعمها لتكون هي الصوت المراد سماعه وحده وصولاً للهيمنة على إعلام الثورة ككل وإضعاف كل صوت آخر.