أعلنت جامعة حلب، يوم الاثنين 24 أيار/ مايو، عن فصل 42 طالباً من كلية الاقتصاد على خلفية ثبوت تورطهم في عمليات تزوير وغش امتحاني، مؤكدة إحالة عدد من الملفات إلى القضاء المختص، واعتبار القضية جزءاً من "إرث الفساد الإداري" الذي تعمل الجامعة على اجتثاثه في مرحلة إعادة بناء الدولة.
التزوير كُشف عبر منظومة رقابة داخلية..فصل فوري وإحالة للقضاء
أوضحت الجامعة في بيان رسمي، أن الكشف عن عمليات التزوير جاء نتيجة تطبيق نظام رقابي داخلي "دقيق" يعتمد على التحقق المتقاطع والاستقصاء، بعد ورود معلومات أولية أثارت الشبهات.
إلى ذلك بيّنت الجامعة أن مراجعة بعض السجلات الأكاديمية كشفت ملاحظات استدعت تشكيل لجنة تحقيق موسعة بالتنسيق مع الجهات الرقابية المختصة، وبمتابعة شخصية من رئيس الجامعة.
ووفقًا للبيان أفضت نتائج التحقيق، إلى فصل 42 طالباً ثبت تورطهم بالمخالفات، كما أحيلت الملفات التي تنطوي على شبهة جرم جزائي إلى الجهات القضائية لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، "في إطار التزام الجامعة بسيادة القانون واستقلال السلطة القضائية".
قضية ليست معزولة.. وإصلاحات شاملة قادمة
في حين أكدت رئاسة الجامعة أن الحادثة ليست "واقعة معزولة"، بل تعبّر عن تراكمات فساد إداري وأكاديمي تمتد من عهود سابقة، وتشكل أحد أبرز التحديات في مسار بناء المؤسسات الأكاديمية الجديدة بعد التحرير.
وفي هذا السياق، أطلقت الجامعة خطة إصلاح إداري شاملة تشمل رقمنة الأرشيفات الجامعية، اعتماد التوقيع الإلكتروني، ربط قواعد البيانات بمنظومة الامتحانات المركزية، تطبيق آلية تحقق مزدوجة لكل وثيقة جامعية مستقبلية.
تدقيق شامل وقائي في كليات الجامعة
رغم عدم تسجيل حالات مشابهة في كليات أخرى حتى اللحظة، اعتبرت الجامعة الواقعة "مؤشراً إنذارياً"، وأمرت بتدقيق شامل لكافة قواعد البيانات الأكاديمية في جميع الكليات، في مسعى للوقاية من تكرار التجاوزات.
وأشارت الجامعة إلى أن تصريحات رئيسها حول هذه الواقعة، والتي نُشرت في وسائل إعلام وتفاعلت معها منصات التواصل الاجتماعي بشكل واسع، تأتي في إطار "سياسة الشفافية والمكاشفة" التي تتبعها المؤسسة لردع أي محاولة للنيل من المصداقية الأكاديمية.
كما شددت الجامعة على أن إجراءات مشددة تم اتخاذها لضبط العملية الامتحانية منذ بداية العام الدراسي الحالي، مع الإعداد لتعزيز هذه التدابير خلال الامتحانات المقبلة لضمان النزاهة والعدالة.
وختم البيان بتأكيد الجامعة أن الحفاظ على سمعتها الأكاديمية محلياً ودولياً يمثل "أولوية لا تقبل المساومة"، وأن الحادثة الأخيرة كانت فرصة لإعادة تقييم الأنظمة وتدعيم منظومة النزاهة والرقابة، وسط إشادة عدد من الجهات الوطنية والدولية بهذه الإجراءات.
في خضم هذه التحديات، برزت جامعة حلب في الفترة الأخيرة كمركز متجدد للحراك الأكاديمي والعلمي، حيث شهدت تنظيم أول ملتقى للطيران والفضاء بعد سقوط النظام البائد، بمشاركة خبراء ومهندسين ناقشوا آخر المستجدات في مجالات الطيران واستكشاف الفضاء، في خطوة لاقت ترحيباً واسعاً من الطلاب، لما وفّرته من فرص تواصل مباشر مع المختصين وربط فعّال بين التعليم وسوق العمل.
كما استقبلت الجامعة في الأسابيع الماضية عدداً من الوفود الدولية، من بينها القنصل التركي في حلب، معمر هاكان، وسفير إيطاليا لدى سوريا، ستيفانو رافاجنان، حيث تم بحث توسيع آفاق التعاون الأكاديمي والثقافي، وتعزيز مشاريع التوأمة والتبادل الطلابي. إلى جانب ذلك، احتضنت الجامعة المؤتمر الطبي الثاني، الذي جمع طلاب الطب مع نخبة من الأطباء في منصة واحدة تهدف إلى دمج الجانب العملي بالتعليمي لرفع كفاءة الكوادر الطبية في مرحلة إعادة بناء القطاع الصحي.
اجتمع وزير التنمية الإدارية السيد "محمد حسان السكاف" مع وزير السياحة السيد "مازن الصالحاني" قي مقر وزارة السياحة السورية، ويأتي هذا اللقاء ضمن إطار الجهود المبذولة لتطوير البنية التنظيمية للوزارات.
وخلال لقاء العمل تم اعتماد الهيكلية التنظيمية لوزارة السياحة، بحسب ما ذكرت وزارة التنمية الإدارية من خلال منشور عبر قناتها على تلغرام يوم الاثنين الأمس الموافق لـ 23 حزيران/يونيو الجاري.
وأشارت الوزارة إلى أن هذا الاعتماد يأتي بعد تحليل شامل لواقع العمل، ومراجعة توزيع المهام والصلاحيات، بهدف رفع كفاءة الأداء وتعزيز مرونة الهيكل الإداري.
وأضافت أن هذا الإنجاز يُشكّل خطوة نوعية في مسار الإصلاح المؤسساتي، يعزز من جاهزية الوزارة لدعم قطاع السياحة، ويُسهم في الاستثمار الأمثل للموارد البشرية والارتقاء بجودة الخدمات المقدّمة.
وسبق أن أكد معاون وزير السياحة السوري لشؤون الجودة والفنادق، الأستاذ "فرج القشقوش"، أن الوزارة تواصل جهودها في تأهيل وتدريب الكوادر العاملة في القطاع السياحي، بالاعتماد على مناهج وتقنيات حديثة، بهدف رفع سوية الخدمات المقدمة للسائحين والزوار داخل سوريا.
وأوضح القشقوش، أن الوزارة تستند في برامجها التدريبية إلى تجارب الدول المتقدمة في المجال السياحي، وتسعى إلى تطبيق هذه المناهج في المشاريع والمنشآت السياحية ضمن البلاد، من خلال برامج مدروسة تواكب المتطلبات الحديثة وتدفع بعجلة القطاع السياحي نحو الأمام.
وذكر أن الوزارة تجري تواصلاً مستمراً مع مستثمرين وعدة جهات خارجية تُعنى بالتعليم السياحي والأكاديمي، بهدف إقامة مشاريع ومنشآت سياحية جديدة تتميز بجودة عالية تضاهي المعايير الدولية، مشيراً إلى أن تطوير جودة "المنتج السياحي" يبدأ من تحسين مستوى الخدمة المقدمة في مختلف المنشآت.
أفادت مصادر إعلاميّة محلية بأنّ محافظ السويداء "مصطفى البكور"، عاد إلى المحافظة، برفقة وفد رسمي من دمشق، معلناً استئناف مهامه الرسمية بعد نحو شهر من تقديم استقالته في أعقاب حادثة اقتحام مسلحين لمكتبه، وتأتي عودته وسط تصاعد في وتيرة الانفلات الأمني بالمحافظة وارتفاع حاد في جرائم القتل خلال الأسابيع الماضية.
جولة مرتقبة على المراكز الامتحانية
ونشرت وسائل إعلام محلية مقاطع مصورة لوصول "البكور" إلى السويداء، حيث يُتوقع أن يبدأ نشاطه بجولة تفقدية على المراكز الامتحانية برفقة وزير التربية وممثل عن وزارة الداخلية، في خطوة تُقرأ كرسالة تطمين بعد أسابيع من التوتر والفراغ الإداري.
وأجرى البكور سلسلة زيارات هامة، شملت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز ومشيخة العقل، فزار الشيخ حكمت الهجري في دارة قنوات، واطمأن على صحة الشيخ حمود الحناوي في مشفى الحكمة، كما توجه إلى دار الطائفة حيث استقبله الشيخ يوسف جربوع.
وتقدم "البكور"، باستقالته يوم الجمعة 23 أيار/مايو الماضي، إثر اقتحام مسلحين لمبنى المحافظة واحتجازه داخله، يوم الأربعاء 22 مايو/أيار الماضي أثناء تأديته لعمله للضغط باتجاه إطلاق سراح موقوفين دروز بتهم جنائية بدمشق ورغم تعليق الاستقالة طيلة الأسابيع الماضية، بقيت المحافظة دون محافظ فعلي، وسط إدارة مؤقتة من أعضاء المكتب التنفيذي.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن "البكور" لعب دوراً محورياً في محاولة ترميم العلاقة بين الحكومة والمرجعية الروحية في السويداء، ممثلة بالشيخ "حكمت الهجري"، عبر نسج علاقات مع فعاليات دينية واجتماعية، ما جعل غيابه موضع قلق لدى من يراهنون على تحسين العلاقة بين السويداء ودمشق.
وسبق عودة المحافظ رفع العلم السوري مجدداً فوق مبنى المحافظة صباح الأحد الماضي، في خطوة اعتُبرت انعكاساً لمقررات "مؤتمر السويداء العام"، الذي شدد على وحدة الأراضي السورية واستقلال القرار الوطني وعودة الرايات الدينية إلى أماكنها الطبيعية داخل دور العبادة.
انفلات أمني وتصاعد العنف.. مطالب بحلول جذرية
تعاني السويداء من حالة انفلات أمني متصاعد، تمثلت مؤخراً بارتفاع غير مسبوق في جرائم القتل. فقد شهدت المحافظة وقوع 12 جريمة قتل خلال الفترة من 2 إلى 22 حزيران/يونيو الجاري، بحسب ما وثقه ناشطون بالإضافة لحالتي وفاة نتيجة انفجار ألغام.
وخلال أربعة أيام فقط، بين 18 و21 يونيو، قُتل تسعة أشخاص، بينهم أطفال ونساء، وأُصيبت فتاة، في سلسلة من الحوادث المرتبطة بإطلاق نار عشوائي أو سوء استخدام للسلاح، ما يعكس خطورة ظاهرة انتشار السلاح في أيدي المدنيين.
دعوات لتنظيم الفصائل وتعزيز الضبط الأمني
من جانبه، دعا المحامي "معتصم العربيد"، عضو المكتب التنفيذي، إلى تنظيم الحالة الفصائلية في المحافظة ضمن "جسم عسكري واحد"، يخضع لوزارة الدفاع بشكل مباشر من حيث التعيينات والرواتب، معتبراً أن هذا التوجه قد يسهم في ضبط الانفلات المتفاقم.
وأشار "العربيد"، إلى أن التأخر في تفعيل قوى الضابطة العدلية كان له أثر سلبي كبير، ما دفع السكان المحليين إلى إقامة حواجز عشوائية في المدينة وريفها منذ منتصف أبريل، وسط عجز واضح في تأمين المباني الحكومية.
السويداء في مهب الفوضى
حذّر ناشطون حقوقيون من أن المحافظة تسير نحو مزيد من الفوضى، نتيجة غياب فعالية الدولة وانتشار السلاح خارج المؤسسات الرسمية وقال الناشط الحقوقي "خالد حرب"، إن ما يجري هو "انفلات يهدد الجميع دون استثناء"، مضيفاً أن "السلاح تحوّل من أداة دفاع إلى مصدر تهديد دائم لحياة المدنيين".
وأشار حقوقيون إلى أن استمرار هذه الحالة من الفوضى يشكل تهديداً مباشراً للنسيج الاجتماعي، ويكرّس حلقة مفرغة من العنف، حيث يحمل الأفراد السلاح اتقاءً للآخرين، ما يجعل أي خلاف قابلاً للتحوّل إلى مأساة، وطالب آخرون بزيادة انتشار قوى الأمن الداخلي في مناطق المحافظة، شدد على أن الحل يبدأ بتعزيز هيبة الدولة وضمان تدخل سريع وفاعل في مواجهة الحوادث الأمنية المتكررة.
أصدرت السفارة الأمريكية بياناً تحذيرياً جديداً دعت فيه المواطنين الأمريكيين الموجودين في سوريا إلى اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر، في ظل ما وصفته بـ”استمرار المخاطر الإرهابية والتدهور الأمني في المنطقة”، مشددة على أن الوضع الأمني “لا يزال معقداً ويمكن أن يتغير بسرعة”.
البيان الذي نُشر عبر الموقع الرسمي للسفارة، أشار إلى أن الأجواء السورية لا تزال مغلقة أمام الطيران المدني، في حين أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن الخيار الوحيد لمغادرة الأراضي السورية حالياً هو عبر المنافذ البرية إلى لبنان أو الأردن، بالإضافة إلى الحدود مع العراق، بما في ذلك معبري فيشخابور وإبراهيم الخليل.
كما كشف البيان أن الحكومة التركية قررت بشكل مؤقت السماح بدخول السوريين أو الرعايا الأجانب الذين دخلوا سوريا جواً من تركيا، عبر المعابر البرية، شريطة تقديم تذاكر الطيران ووثائق الإقامة أو التأشيرة في تركيا، دون الحاجة إلى إذن إضافي.
حذرت وزارة الخارجية الأمريكية من “إمكانية وقوع أعمال عدائية في أي وقت”، وطلبت من المواطنين الأمريكيين تحديد مواقع الملاجئ القريبة منهم، وتجنب التجمّعات والمظاهرات والمناطق ذات الوجود الأمني الكثيف.
كما دعت إلى:
• متابعة وسائل الإعلام المحلية
• اتباع تعليمات السلطات السورية
• الحفاظ على مستوى منخفض من الظهور العام
• التسجيل في برنامج “المسافر الذكي” الخاص بالخارجية الأمريكية
وأكدت وزارة الخارجية مجددًا توصيتها بعدم السفر إلى سوريا إطلاقاً، وذكّرت بأن السفارة الأمريكية في دمشق علّقت عملياتها منذ عام 2012، ولا يمكنها تقديم أي خدمات قنصلية، سواء كانت روتينية أو طارئة.
ونوّه البيان إلى أن جمهورية التشيك تُواصل القيام بدور الدولة الحامية للمصالح الأمريكية في سوريا، عبر سفارتها في دمشق، لكنها تقدم خدمات قنصلية محدودة للغاية، وطلبت من المواطنين الأمريكيين التواصل مع القسم الأمريكي في السفارة التشيكية.
وفي حال عدم التمكن من التواصل مع السفارة التشيكية، نصحت السفارة المواطنون الأمريكيون بالتواصل مع السفارة الأمريكية في العاصمة الأردنية عمّان.
يأتي هذا التحذير الأمني في أعقاب تفجير انتحاري دموي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، وأعلنت الحكومة السورية أن تنظيم داعش يقف خلف الهجوم، وذل في حادثة اعتُبرت الأعنف منذ استقرار الأوضاع في العاصمة عقب المرحلة الانتقالية.
ويؤشر هذا التحذير الأمريكي إلى مخاوف حقيقية من تصاعد العمليات الإرهابية التي تستهدف استقرار سوريا، خصوصاً بعد سلسلة هجمات وقعت في الجنوب والعاصمة خلال الأسابيع الأخيرة، وسط تأكيد الحكومة السورية على أنها مستمرة في “تفكيك الخلايا المتطرفة وملاحقة فلول الإرهاب”.
هذا وتشير التقديرات الأمنية إلى أن التنظيمات المتطرفة تسعى لاستغلال أي فراغ أمني أو سياسي لزعزعة الاستقرار، بينما تسعى الحكومة السورية إلى تطويق هذه التهديدات بالتنسيق مع شركائها الدوليين.
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية ودولية بأن إيران أطلقت ست موجات من الصواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص في مدينة بئر السبع جنوبي البلاد، وفق ما أكده الإسعاف الإسرائيلي، وذلك بعد أقل من ساعة من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران،
وشهدت مناطق قرب تل أبيب وبئر السبع انفجارات قوية، في وقت أكدت فيه وسائل إعلام ايرانية أن طهران أطلقت آخر دفعة من الصواريخ قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
إعلان إيران أن آخر دفعاتها الصاروخية جاءت قبيل سريان التهدئة، يُسلّط الضوء على نقطة غامضة في الاتفاق: التوقيت الفعلي لدخوله حيز التنفيذ لم يُعلن بدقة حتى الآن. وهذا الغموض يطرح تساؤلات حول مدى التزام إيران، وما إذا كانت تسعى لضربات محسوبة قبل الالتزام الكامل.
الضرر الكبير في بئر السبع وسقوط قتلى في صفوف المدنيين، يفتح الباب على مصراعيه أمام رد إسرائيلي محتمل، رغم تأكيد البيت الأبيض أن إسرائيل وافقت على الاتفاق شريطة توقف إيران عن أي هجوم جديد.
هل تلتزم إسرائيل بالاتفاق بعد هذه الخسائر؟ أم تعتبر أن إيران خرقت التفاهم وتردّ بضربة نوعية؟ خصوصًا أن الصمت الرسمي الإسرائيلي حتى اللحظة، وتوجيه نتنياهو للوزراء بعدم التصريح، قد يكون هدوءًا يسبق الرد.
وكشف مسؤول مطّلع لرويترز أن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لعب دورًا أساسيًا في إقناع طهران بقبول التهدئة، فيما كانت هناك اتصالات مباشرة وغير مباشرة بين مسؤولين أميركيين – بينهم نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو – مع الجانب الإيراني.
وأقرت إيران بأنها تعرضت لهجمات أميركية وإسرائيلية استهدفت منشآتها النووية تحت الأرض. وقال نائب الرئيس الأميركي إن هذه العمليات دمرت قدرة إيران على تطوير سلاح نووي، وهو ما يتناقض مع التقييمات الاستخباراتية الأميركية الرسمية التي لم تغيّر موقفها من عدم وجود برنامج نووي نشط.
يوم أمس تعرضت قاعدة العديد الأمريكرية في العاصمة القطرية الدوحة لضربة ايرانية، لم تسفر عن أي اصابة، حيث شكر الرئيس دونالد ترامب إيران علنًا على ما وصفه بـ”الإخطار المُبكر” قبل الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة جوية أمريكية في قطر، مُؤكدًا أنه لم يُصب أي أمريكي بأذى، وأن الأضرار المحدودة التي لحقت بالقاعدة مهَّدت الطريق لتهدئة محتمَلة في المنطقة.
وحثّ ترامب أيضًا على تهدئة التصعيد الإقليمي، قائلًا: “أود أن تمضي طهران نحو السلام والوئام في المنطقة، وسأشجع إسرائيل بحماس على أن تحذو حذوها”.
وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل وُلد في لحظة حساسة، لكن الصواريخ التي أُطلقت في الدقيقة الأخيرة قد تجرّ كل الأطراف إلى جولة جديدة… أو تُسرّع تثبيت تهدئة مؤجلة.
يشهد الجنوب السوري، سلسلة شبه يومية من التوغلات العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وسط حالة من التوتر المتصاعد بين السكان المحليين في محافظتي القنيطرة ودرعا، وفي ظل تحركات عسكرية إسرائيلية باتت تتخذ طابعاً أكثر رسوخاً على طول الشريط الحدودي.
بحسب مصادر محلية متقاطعة، توغلت قوات الاحتلال في عدد من قرى ريف القنيطرة الأوسط والجنوبي، شملت قرية روجينة حيث نفذت آليات إسرائيلية عمليات اقتحام وتفتيش داخل منازل المدنيين، استُكملت لاحقاً في قرية المعلقة التي شهدت إغلاقاً للطرق المؤدية إليها واستعراضاً عسكرياً لخمس مركبات ودبابتين.
وفي وقت سابق، اقتحمت قوة إسرائيلية قرية كودنة خلال ساعات الليل، حيث أُجريت مداهمات واعتُقل شاب لم يُفرج عنه حتى لحظة إعداد التقرير. كما توغلت قوات أخرى في قرية الحرية شمال غرب القنيطرة، وتمركزت لفترة قصيرة قبل الانسحاب.
أما في محافظة درعا، فقد تقدمت وحدة عسكرية إسرائيلية إلى شمال قرية معرية في منطقة حوض اليرموك، وأطلقت النار في الهواء لترهيب السكان، وفقاً لشهود عيان تحدثوا لـ”القدس العربي”. وشهدت المنطقة الغربية من قرية الرفيد حرائق اندلعت نتيجة اعتراضات جوية نفذتها الدفاعات الإسرائيلية قرب الخط الفاصل مع الجولان المحتل.
تؤكد شهادات محلية لـ”العربي الجديد” أن قوات الاحتلال الإسرائيلية، خلال هذه التوغلات، تقوم بـ”استبيانات ميدانية” عن السكان ومصادر دخلهم، وتبحث عن أي سلاح أو عناصر لها ارتباط سابق بفصائل المعارضة. وتُتهم القوات الإسرائيلية بتخريب الأراضي الزراعية وتوزيع مساعدات غذائية وطبية في محاولة لاستمالة السكان، إلا أن الغالبية ترفض التعاون.
كما أُصيب الطفل خليل محمد الخضر (8 أعوام) في قرية العشة بشظايا نتيجة سقوط طائرة مسيّرة أسقطتها القوات الإسرائيلية، وتم نقله إلى مركز طبي تابع للأمم المتحدة.
توسعت التحركات الإسرائيلية لتشمل خطوات عسكرية أكثر رسوخاً، أبرزها إنشاء نقاط عسكرية دائمة في مواقع استراتيجية على امتداد الشريط الحدودي، لا سيما في جباثا الخشب والعدنانية.
في جباثا الخشب، أنشأت قوات الاحتلال نقطة عسكرية داخل محمية طبيعية، شرعت منذ مطلع كانون الثاني 2025 بتجريف غطائها النباتي، وتحويلها إلى موقع عسكري يضم سواتر ترابية ومرافق مراقبة. هذه الخطوة قضت على واحدة من أقدم المحميات البيئية في القنيطرة، ومنعت المزارعين من دخول أراضيهم، ما تسبب بأضرار اقتصادية جسيمة لعشرات العائلات.
أما في العدنانية، فأنشأت إسرائيل نقطة عسكرية محصّنة على تلة استراتيجية قرب سد المنطرة، تضم دبابات وغرفاً مدعّمة وآليات ثقيلة، وتُستخدم كمركز احتجاز مؤقت للمعتقلين خلال التوغلات، بالإضافة إلى فرض قيود مشددة على تحركات المدنيين، ومصادرة مياه الري التي يعتمد عليها الأهالي في الزراعة.
بحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ”القدس العربي”، فإن هذه النقاط العسكرية تأتي ضمن خطة إسرائيلية لتأسيس سلسلة مواقع مراقبة واستطلاع متقاربة على طول خط وقف إطلاق النار، ما يعكس توجهاً نحو تعزيز السيطرة العسكرية والبيئية والزراعية، وإعادة رسم المشهد الجغرافي والسياسي في جنوب سوريا.
يحمل هذا التصعيد الإسرائيلي في القنيطرة ودرعا مؤشرات واضحة على مساعٍ لفرض واقع أمني وعسكري دائم في الجنوب السوري، من خلال توغلات ميدانية متكررة، واقتحام منازل واعتقالات، إلى جانب تحويل المحميات الطبيعية والمناطق الزراعية إلى قواعد عسكرية. وفي ظل غياب أي رد رسمي مباشر حتى الآن، تبقى المناطق الحدودية عرضة لتصعيد مستمر قد يتجاوز نطاق العمليات المؤقتة إلى فرض نفوذ إسرائيلي مستدام في العمق السوري.
أثار مقطع مصور التقطته إحدى كاميرات المراقبة في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي موجة واسعة من الاستياء والغضب في الأوساط الشعبية، عقب توثيقه لحظة اعتداء عدد من عناصر الشرطة على رجل مدني وسط الشارع، في حادثة رافقت عملية اعتقال شقيقه على خلفية دعوى قضائية عائلية.
ويُظهر الفيديو، الذي انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، قيام عناصر من الشرطة التابعة لمخفر سرمدا بضرب المواطن "محمود أحمد سليم" بشكل مبرح أمام المارة، ما أدى إلى فقدانه الوعي وسقوطه أرضًا، قبل أن يغادر عناصر الدورية المكان دون تقديم أي إسعاف للمعتدى عليه، ما أثار موجة انتقادات حادة في الشارع المحلي، وُصفت الواقعة بأنها "انتهاك واضح لحقوق الإنسان واستخدام مفرط للقوة".
ووفقًا لمصادر محلية، فإن الحادثة وقعت أثناء تنفيذ دورية شرطة عملية توقيف لشقيق المعتدى عليه، المواطن "مصطفى أحمد سليم"، بناءً على شكوى تقدم بها شقيقهما الثالث "محمد"، على خلفية خلاف عائلي تخلله اتهام بقطع كابلات كهرباء وإنترنت.
وتشير الروايات إلى أن محمود سليم حاول الاستفسار من عناصر الشرطة عن وجود إذن قضائي رسمي لتنفيذ الاعتقال، وهو ما قوبل بدفعه والاعتداء عليه بالضرب، ليتم تركه ملقى على الأرض دون أدنى مراعاة لحالته الصحية، في تصرف وصفه الأهالي بـ"المهين وغير المسؤول".
من جهتها، أصدرت مديرية الأمن الداخلي في المنطقة الشمالية بمحافظة إدلب، بيانًا توضيحيًا عبر مديرها "حسين عبد الحكيم الحسين"، أكدت فيه أن توقيف مصطفى سليم جاء بناءً على دعوى مسجلة أوردت قيامه بقطع الخدمات الأساسية عن محل يعود لشقيقه، وأنه تم تبليغه عدة مرات لكنه امتنع عن المثول، ما استدعى إرسال دورية لإحضاره.
وحول حادثة الاعتداء على شقيقه، قال البيان إن المدعو محمود سليم حاول "منع الدورية من أداء مهمتها"، وأثار بلبلة في المكان بإلقاء نفسه على الأرض وادعاء الإغماء. وأشار البيان إلى أن العناصر استكملت مهمتها وغادرت المكان، كما أعلن عن فتح تحقيق مسلكي بالحادثة "حرصًا على الشفافية ومبدأ سيادة القانون"، مع التأكيد على ضمان حقوق جميع المواطنين ومساءلة أي تجاوز.
الحادثة أثارت جدلًا واسعًا بين من رأى أن التبرير الرسمي لا يلغي ضرورة التحقيق الجاد في سلوكيات أفراد الشرطة، ومحاسبة من يسيء استخدام سلطته، وبين من دعا إلى ضرورة تنظيم العلاقة بين المواطن والأجهزة الأمنية بما يكفل إنفاذ القانون دون مساس بالكرامة الإنسانية أو اللجوء إلى العنف غير المبرر.
ويُنتظر أن تُعلن نتائج التحقيق خلال الأيام المقبلة، في وقت دعا فيه نشطاء إلى مراجعة السياسات الأمنية وتدريب العناصر على احترام القواعد الحقوقية والتعامل المهني مع المدنيين، خاصة في المناطق التي تمر بمرحلة انتقالية حساسة، وتتطلب تعزيز الثقة بين المؤسسات الأمنية والمجتمع.
بدأت محافظة حمص، بالتعاون مع الجهات الأمنية والإدارية المختصة، تنفيذ خطة شاملة لتنظيم حركة الدراجات النارية في المدينة، في خطوة تهدف إلى تحسين الواقع المروري وضبط المخالفات المتزايدة المرتبطة بهذه الوسيلة، مع التأكيد على مراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين.
وجاءت هذه الحملة بعد تزايد شكاوى السكان من الضجيج الناتج عن الدراجات واستخدام بعضها في ممارسات خارجة عن القانون، حيث أعلنت المحافظة عن آلية جديدة للتعامل مع هذه الظاهرة، تنطلق من مبدأ التدرج في الإجراءات والتفريق بين الدراجات النظامية وغير النظامية.
وبحسب ما ورد في البيان الرسمي الصادر عن محافظة حمص، فإن الدراجات النارية المجمركة والمسجلة أصولاً، في حال ارتكاب مخالفة أو التسبب بإزعاج، سيتم حجزها للمرة الأولى، على أن تُعاد بعد تسديد غرامة مالية وتوقيع تعهد بعدم التكرار. أما الدراجات غير النظامية، سواء غير المجمركة أو التي تفتقر إلى أوراق ثبوتية، فستخضع للمصادرة الفورية وتحال إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحابها.
وأوضحت المحافظة أن الظروف التي مرت بها البلاد خلال سنوات الحرب فرضت واقعًا جديدًا، جعل من الدراجات النارية وسيلة نقل أساسية لشريحة واسعة من السكان، خاصة مع ارتفاع أجور النقل العام. إلا أن المتابعة الأمنية كشفت أن بعض هذه الدراجات تُستخدم أحيانًا من قبل عناصر خارجة عن القانون، وهو ما دفع الجهات المعنية إلى اعتماد مقاربة متوازنة تراعي الأمن العام دون إغفال الاحتياجات اليومية للمواطنين.
وفي السياق ذاته، أعلنت المحافظة عن إطلاق دراسة لتقييم أسباب ارتفاع أجور النقل، والعمل على تحسين خطوط المواصلات العامة وتطوير خدماتها، بهدف الحد من الاعتماد على وسائل النقل غير النظامية.
واختتم البيان بالتأكيد على أن هذه الإجراءات تمثل المرحلة الأولى من خطة متكاملة تسعى إلى جعل مدينة حمص خالية من الدراجات النارية المخالفة على المدى القريب، مع الإبقاء على الدراجات المرخصة والملتزمة بالشروط القانونية والفنية. كما دعت المحافظة المواطنين إلى التعاون مع الحملة، مشددة على أن جميع الإجراءات ستُنفذ وفق معايير العدالة وبما يضمن استعادة النظام والانضباط في شوارع المدينة.
حذر قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، من التهديد المستمر الذي يشكله تنظيم الدولة (داعش) عقب هجوم الدويلعة، معتبرًا أن خطره لا يقتصر على منطقة بعينها، بل يهدد جميع السوريين دون تمييز، مشيرًا إلى أن مواجهته تتطلب مسؤولية وطنية وتضافر الجهود من كل الأطراف. وأضاف في تغريدته: "داعش خطر يهدد جميع السوريين، والتصدي له مسؤولية وطنية تتطلب وحدة الجهود".
وشدد عبدي على أهمية حماية المسيحيين في سوريا وضمان أمنهم وسلامهم، مشددًا على أن لهم الحق في العيش بأمان في وطنهم دون خوف أو تهديد، وقال عبدي، في تغريدة نشرها يوم الإثنين على منصة "إكس"، إن "من حق إخوتنا المسيحيين أن يعيشوا بأمان وسلام في وطنهم، من دون خوف أو تهديد"، معربًا عن تعازيه لأسر الضحايا الذين سقطوا في التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق.
من جهته، دان مجلس سوريا الديمقراطية الهجوم الإرهابي بأشد العبارات، واصفًا الاعتداء على مدنيين داخل دار عبادة بأنه انتهاك صارخ للقانون الإنساني والقيم الوطنية والدينية، واعتبر المجلس أن المساس بحرمة دور العبادة والاعتداء على أرواح المدنيين جريمة مزدوجة، تمثل محاولة لزرع الخوف واستهداف النسيج السوري المتعدد.
وأعرب المجلس عن تضامنه العميق مع أسر الشهداء والجرحى، مؤكدًا أن الشعب السوري، بمختلف مكوناته الدينية والإثنية، سيبقى موحدًا في مواجهة الإرهاب والتطرف، ولن تنال مثل هذه الجرائم من إرادة السوريين في بناء وطن آمن وكريم للجميع.
واعتبر المجلس أن هذا التفجير يمثّل إنذارًا خطيرًا في مرحلة ما بعد سقوط المنظومة الاستبدادية في 8 كانون الأول/ديسمبر، ويستدعي مراجعة جادة للسياسات الأمنية المعتمدة، بما يضمن منع عودة الإرهاب إلى قلب البلاد. وختم المجلس بيانه بالتشديد على أن الطريق نحو سوريا مستقرة يمرّ عبر توافق وطني ديمقراطي وتعاون فعّال بين القوى المؤمنة بالحل السياسي والعدالة، لبناء دولة مدنية تحترم الحقوق والحريات وتقطع الطريق على كل أشكال التطرف والعنف.
بعد أكثر من عقد من الحرب المدمّرة، تحوّلت مدن سورية كبرى إلى ساحات مفتوحة للأنقاض والركام، حيث تشير تقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي إلى أن حجم الدمار بلغ مستويات غير مسبوقة، لا سيما في مدينة حلب التي تعرّضت لأضرار طالت أكثر من 60% من بنيتها التحتية، بينما دُمّر نحو 50% من ريفها، وتكررت المشاهد ذاتها في حمص، ريف دمشق، ومعرّة النعمان، حيث تُغطي الأنقاض مئات الآلاف من الأمتار المكعبة، ما يجعلها عبئًا عمرانيًا واقتصاديًا وأمنيًا يعوق عودة السكان ويعرقل عمليات إعادة الإعمار.
في مواجهة هذا الواقع، برزت مبادرات محلية بدعم دولي تستهدف ترحيل الأنقاض وإعادة تدويرها لتكون رافعة للتعافي وإعادة البناء، ففي حلب، أطلق الدفاع المدني السوري مشروعًا بتمويل من "صندوق مساعدات سوريا" لترحيل أكثر من 75 ألف متر مكعب من الأنقاض في 16 حيًا، مع الالتزام الكامل بالمعايير الفنية والحقوقية، وتمت إعادة توجيه المواد القابلة للتدوير إلى معمل الراموسة لتحويلها إلى بلاط وبلوكات بناء، في حين نُقل الركام غير الصالح إلى مقالب مرخّصة.
وفي معرّة النعمان، استخدمت "الخوذ البيضاء" نحو 18 ألف متر مكعب من الأنقاض في تعبيد طرق محلية وإزالة العوائق أمام حركة السكان، أما في حمص القديمة، فقد نفّذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) و"موئل الأمم المتحدة" (UN-Habitat) مشروعًا لإنتاج طوب خرساني ومواد تعبيد من ركام المنازل، بينما شهد ريف دمشق، وخصوصًا منطقة عين ترما، مشروعًا مماثلًا بدعم من برنامج "مدد" الأوروبي، جرى خلاله تصنيع طوب مجوف باستخدام المواد الناتجة عن التدوير.
هذه المشاريع انطلقت عبر مراحل دقيقة تبدأ من المسح الهندسي للأحياء المتضررة وتوثيق ملكيات الأبنية، ثم فرز الأنقاض باستخدام معدات متخصصة لفصل المواد الصالحة، وصولًا إلى إعادة تدوير الركام وتحويله إلى مواد قابلة للاستخدام في الطرق والمرافق العامة والمنشآت منخفضة الكلفة.
وقد بيّنت هذه التجارب أن الاستفادة من الأنقاض تسهم في خفض تكلفة مواد البناء بنسبة تصل إلى 40%، كما تحدّ من الاعتماد على المقالع الطبيعية، وتسرّع من وتيرة عودة المهجّرين، إلى جانب دعم جهود تأهيل البنية التحتية في الأحياء المحررة.
ورغم النجاحات المحققة، تواجه عملية تدوير الأنقاض تحديات كبيرة، أبرزها وجود مخلفات حربية غير منفجرة، وغياب إطار قانوني واضح ينظّم هذه العمليات، إضافة إلى تعقيدات تتعلق بنزاعات الملكية، ونقص في التمويل والمعدات الثقيلة الضرورية للعمل في نطاق واسع.
ومن هنا، تُطرح خارطة طريق عملية تتضمن على المدى القصير إعداد دليل وطني لإدارة الأنقاض، وعلى المدى المتوسط تضمين الركام المعاد تدويره ضمن كود البناء السوري، أما على المدى الطويل فتتمثل الخطوة الاستراتيجية في إنشاء مراكز إقليمية متخصصة بالفرز والتدوير، عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص وجهات دولية مانحة.
وبات تحويل أنقاض الحرب إلى مورد حيوي لإعادة الإعمار ضرورة وطنية في مسار تعافي سوريا. التجارب الميدانية أثبتت أن الركام ليس مجرّد بقايا دمار، بل طاقة كامنة لبناء مستقبل أكثر استدامة، وأن التحوّل نحو إدارة وطنية متكاملة للأنقاض سيشكّل خطوة مفصلية نحو تجاوز آثار الحرب والانطلاق نحو مرحلة جديدة من البناء والأمل.
أطلق برنامج تعزيز المرونة المجتمعية في الدفاع المدني السوري مشروعاً متكاملاً لإزالة الأنقاض في مدينة حلب، بتمويل من صندوق مساعدات سوريا (AFS)، ضمن جهود مستمرة لدعم تعافي المدينة، وتمكين عودة السكان إلى أحيائهم المتضررة، وتسريع عمليات الإغاثة والوصول الإنساني. ويُعد هذا المشروع امتداداً لسلسلة من المبادرات التي نفذها الدفاع المدني سابقاً في المدينة المنكوبة.
هدف المشروع
يركز المشروع على إزالة أكثر من 75 ألف متر مكعب من الأنقاض في 16 حيًّا سكنيًا، مع مراعاة الجوانب القانونية والفنية، خاصة ما يتعلق بحقوق الملكية العقارية، إلى جانب تطبيق معايير صارمة للسلامة المهنية أثناء العمل، كما يشمل المشروع إعادة تدوير الأنقاض القابلة للاستصلاح، من خلال دعم معمل الراموسة لإنتاج البلاط والبلوك ومواد بناء أخرى.
المدة الزمنية
تمتد مراحل المشروع على تسعة أشهر، من آذار حتى تشرين الثاني 2025، وتشمل أعمال التخطيط والتنفيذ والمتابعة التقنية.
مراحل المشروع
أولاً: مرحلة التخطيط والتنسيق
انطلقت هذه المرحلة بتعاون هندسي بين فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) ومجلس مدينة حلب، لتحديد مواقع العمل في الأحياء الأكثر تضررًا: السكري، صلاح الدين، بستان القصر، الأنصاري، هنانو، كرم الجبل، كرم ميسر، ظهرة عواد، كرم القاطرجي، الحلوانية، كرم حومد، بستان الباشا، البياضة، الشعار، جورة عواد، وقاضي عسكر.
كما تم التنسيق لاختيار مواقع التخلص من الركام غير القابل لإعادة التدوير في مقالب العويجة وخان طومان، في حين سيتم ترحيل الركام القابل للاستصلاح إلى معمل الراموسة، مع دعم المعمل بـ 30 ألف ليتر من الوقود وتزويده بقطع غيار للمعدات، لضمان استمرارية الإنتاج، وإلى جانب ذلك، أجرت فرق الخوذ البيضاء مسحاً شاملاً للأحياء المستهدفة، وحددت مواقع مخلفات الحرب، تمهيداً لإزالتها وتأمين محيط العمل.
ثانياً: مرحلة التنفيذ والمتابعة
شهدت هذه المرحلة التعاقد مع موردين محليين وخارجيين لتسريع عمليات ترحيل الأنقاض، بهدف إعادة فتح الطرقات وتحسين إمكانية التنقل داخل الأحياء المتضررة، بما يسهم في العودة الآمنة للمهجرين.
آلية العمل
قُسمت الأحياء المستهدفة إلى ثلاثة قطاعات عمل لتسريع التنفيذ وتقليل العوائق اللوجستية، وتم تحديد أولويات الترحيل وفقاً لحجم الدمار وكثافة السكان العائدين.
خلفية دمار المدينة
تُعتبر حلب، عاصمة سوريا الاقتصادية، من أكثر المدن تضرراً خلال سنوات الحرب، حيث تشير تقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي (2022)** إلى أن 60% من المدينة دُمّر بشكل كلي أو جزئي، بينما بلغت نسبة الدمار في أريافها نحو 50% في قطاعات الكهرباء والنقل والصحة والإسكان.
وتعرضت الأحياء الشرقية لحلب بين عامي 2012 و2016 إلى حملة قصف جوي عنيف، تضاعفت بعد التدخل الروسي المباشر عام 2015، وأسفرت عن تدمير أكثر من 85% من البنية التحتية، وحرمان مئات الآلاف من السكان من خدمات المياه، والكهرباء، والرعاية الطبية، ما فاقم المأساة الإنسانية إلى حد غير مسبوق.
زيارة ميدانية وتأكيد على الشفافية
وكان فريق من صندوق مساعدات سوريا قد أجرى زيارة ميدانية لمواقع المشروع خلال فترة التخطيط، للاطلاع على سير العمل وضمان الالتزام بالمعايير الإنسانية والفنية المعتمدة.
هذا المشروع يُشكل خطوة جديدة في مسار إعادة الحياة إلى المدينة الصناعية الأهم في سوريا، ويُترجم حرص الدفاع المدني السوري على ربط الإغاثة الفورية بجهود التعافي وإعادة البناء، عبر نموذج تشاركي يضع الإنسان وكرامته في مقدمة الأولويات.
تواصل مديرية تربية دمشق، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، تنفيذ المرحلة التجريبية من استمارة المسح الخاصة بتقييم احتياجات المدارس في العاصمة، وذلك في إطار الشراكة المستمرة بين القطاع التربوي السوري والمنظمات الدولية المعنية بالتعليم.
وشهدت مدرسة "محمد أحمد ناصيف" في دمشق زيارة ميدانية من مدير تربية دمشق، الدكتور غسان اللحام، يرافقه فريق من "اليونيسيف"، حيث جرى الاطلاع على واقع المدرسة وتحديد أبرز التحديات التي تواجهها. وتركّز التقييم على عدة جوانب رئيسية تشمل: البنية التحتية، واحتياجات الكادر التدريسي، ومتطلبات الطلاب، وذلك بهدف وضع تصور شامل لتحسين البيئة التعليمية.
وأكد اللحام أهمية هذا التقييم في بلورة رؤية واضحة حول الفجوات القائمة في المدارس، مشدداً على ضرورة دراسة نتائج الاستمارة بعناية، ومقارنتها بالوضع الفعلي في كل مدرسة، من أجل الوصول إلى خطة تنفيذية ترتكز على الأولويات وتُسهم في الارتقاء بالعملية التعليمية في دمشق.
وكانت وزارة التربية قد ناقشت في أيار الماضي، مع فريق هندسي من "اليونيسيف"، سبل التعاون في إعداد تصاميم مدرسية حديثة تراعي المواصفات العالمية، إلى جانب آليات تقييم الأبنية المتضررة، واحتياجات الترميم والتأهيل، من معدات وأدوات تضمن السلامة الإنشائية واستدامة استخدام المرافق التعليمية.