أعلن "محمد شياع السوداني" رئيس الحكومة العراقية، فتح البعثة الدبلوماسية العراقية أبوابها وبدء مهامها في العاصمة السورية دمشق، بعد أن كان غادر طاقمها إلى لبنان عقب سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وقال السوداني، في مقابلة مع قناة "العراقية" الإخبارية مساء الخميس، إن بلاده حريصة على التواصل مع الإدارة الجديدة في سوريا طالما يؤدي ذلك إلى استقرار المنطقة، لافتا إلى أنه لم يحدث تواصل حتى الآن بين الجانبين.
وأكد أن بلاده تنتظر من حكام سوريا الجدد "أفعالا لا أقوالا"، معتبراً أن "ثمة حالة من القلق من طبيعة الوضع في الداخل السوري"، داعيا الإدارة السورية الجديدة إلى أن "تعي خطورة هذا القلق من الدول العربية والإقليمية وأن تعطي ضمانات ومؤشرات إيجابية حول كيفية احترامها التنوع الموجود في سوريا وإعدادها لعملية سياسية لا تقصي أحدا".
وكانت أكدت بغداد على "ضرورة احترام الإرادة الحرّة" للسوريين والحفاظ على وحدة أراضي سوريا التي تتشارك مع العراق حدودا يزيد طولها عن 600 كيلومتر، وحذر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين من خطورة هروب عناصر تنظيم الدولة من السجون، ومن انفلات الوضع في مخيم الهول، الذي يعد أحد أكبر المخيمات في شمال شرق سوريا.
وسبق أن أكد "باسم العوادي" المتحدث باسم الحكومة العراقية، أن العراق يدعم وحدة الأراضي السورية ويعتبر تقسيمها خطا أحمرا لكنه في الوقت نفسه لا يسعى إلى التدخل العسكري فيها.
وأوضح العوادي في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية "واع": "أن العراق تمكن من عبور التحديات التي واجهت المنطقة، ولم يتعرض إلى أزمة مالية أو سياسية، ولولا أحداث غزة لكان وضعنا أفضل".
ولفت المتحدث إلى أن "التهديدات التي وجهت إلى بلاده كانت مخيفة"، مؤكدا أن "العراق مع وحدة الأراضي السورية ويرفض أي مساس بوحدة سوريا وتعريض أبناء الشعب السوري للمزيد من المعاناة والآلام".
وأكد أن "كل ما يجري في سوريا مرتبط بالأمن القومي العراقي"، وذكر أن "العراق يعمل بقوة على إيجاد حل سياسي متوازن للتداعيات الأخيرة"، وشدد على أن "تقسيم سوريا خط أحمر"، لافتا إلى أن "العراق ما زال جزءا فعالا من التحالف الدولي لهزيمة داعش في سوريا والعراق".
وبين أن "العراق لن يتساهل بأي تعرض لأمنه وسيادته، وأن الحكومة العراقية تبذل حاليا جهودا سياسية ودبلوماسية استثنائية لإيجاد حل للأزمة في سوريا"، واختتم بالقول: إن "العراق لا يسعى إلى التدخل العسكري في سوريا".
في السياق، كان قال "فالح الفياض"، رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق، إن "الحشد الشعبي"، المظلة الجامعة لأكثر من 70 فصيلاً مسلحاً في العراق، لن تتدخل في الشأن السوري كما يروج البعض، مؤكداً الالتزام بتوجيهات وقرارات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وأوضح الفياض في كلمة ألقاها خلال اجتماع أمني في كركوك، أن "سورية بلد عزيز وجار قريب، والعراق من حقه أن يتكلم في الشأن السوري، وإن رأي العراق لم يؤخذ بما جرى في سورية طيلة السنوات السابقة"، وفق موقع "العربي الجديد".
وأضاف الفياض: "لا نتمنى للسوريين أن تدب بينهم الفرقة، فسورية مجالنا الحيوي وبيننا تناظر اجتماعي وتاريخ مشترك، والحشد الشعبي لن يتدخل في شأن الشعب السوري، لكن العراق وسورية بمساحة أمنية واحدة".
ولفت إلى أن الحشد الشعبي "يأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، ونحن الأكثر التزاماً بالتوجيهات، ونحن حماة أساسيون للدولة ولا نلتفت لما يطلقه المغرضون من هنا وهناك"، مضيفاً: "لم نرسم موقفاً نهائياً عما يجري في سورية لحد الآن لأن الامور ما زالت غير واضحة هناك". وهذا الموقف الجديد، من "الحشد الشعبي"، هو الأحدث الذي يحمل تأكيداً آخر على عدم تدخلهم بالشأن السوري.
قال "مظلوم عبدي" قائد ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية"، في تصريح لوكالة "رويترز"، إن المقاتلين الأكراد الذين قدموا إلى سوريا من مختلف أنحاء الشرق الأوسط لدعم "قسد" سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة مع تركيا بشمال سوريا.
جاء التصريح بعد نفى مسؤول في وزارة الدفاع التركية، يوم الخميس، وجود أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين فصائل الجيش الوطني السوري المدعومة من أنقرة وقوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي سوريا، في وقت تعهدت "قسد" بالقتال في مدينة عين العرب (كوباني).
وقال المسؤول التركي إن "التهديد الذي تواجهه أنقرة من الشمال السوري مستمر"، لافتاً إلى أن بلاده "ستواصل استعداداتها حتى تتخلى الميليشيات الكردية عن أسلحتها ويغادر المقاتلون الأجانب سوريا".
وجاء الرد من قيادة "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تعهدت بالقتال في مدينة عين العرب (كوباني) ، بعد خسارتها مدينة منبج، وأكدت على أهمية وقف التصعيد ووقف جميع العمليات العسكرية وحل كافة المواضيع العالقة عبر الحوار، وقالت إنها لن تتردد في "التصدي لأي هجوم أو استهداف لشعبنا ومناطقنا"، وفق رويترز.
وكنت أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الثلاثاء، أن وساطة قادتها أفضت إلى تمديد هدنة بين فصائل الجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديمقراطية في منطقة منبج بريف حلب الشرقي، وأنها تسعى إلى إرساء تفاهم أوسع نطاقا مع أنقرة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، إن الهدنة في منبج والتي كانت قد انقضت مدتها "تم تمديدها حتى نهاية الأسبوع"، موضحاً أن واشنطن "ستعمل على تمديد وقف إطلاق النار إلى أقصى حد ممكن في المستقبل".
في السياق، عبر قائد قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، عن استعداد قواته تقديم مقترح إنشاء "منطقة منزوعة السلاح" في مدينة عين العرب "كوباني"، وقال في منشور على موقع إكس: "تأكيداً على التزامنا الثابت بتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في كافة أنحاء سوريا، نعلن عن استعدادنا لتقديم مقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني، مع إعادة توزيع القوات الأمنية تحت إشراف وتواجد أميركي".
وأضاف أن هذه المبادرة تهدف إلى "معالجة المخاوف الأمنية التركية"، وكانت دخلت الهدنة السابقة في مدينة منبج شمال سوريا، حيز التنفيذ الجمعة الماضية بعد وساطة أميركية، وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في وقت سابق التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في مدينة منبج شمالي سوريا مع فصائل الوطني بوساطة أميركية، وفق ماقال "مظلوم عبدي".
وكانت أعلنت القيادة الوسطى الأميركية "سنتكوم" أن قائدها مايكل كوريلا زار سوريا، والتقى بقيادات القوات الأميركية هناك وبقوات سوريا الديمقراطية في قواعد عسكرية عدة.
وكان أكد الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية لدى الإدارة الذاتية الكردية، فنر الكعيط، في تصريحات لـ"العربية" و"الحدث"، أن قوات سوريا الديمقراطية مستعدة للحوار مع الحكومة المؤقتة السورية والسلطات الجديدة في دمشق ضمن مسار العملية السياسية الحالية، ولفت إلى أن قوات سوريا الديمقراطية مستعدة أيضا لحوار يفضي لدمج قواتها وعناصرها ضمن تشكيلات الجيش السوري.
وكانت صدمت أطماع "حزب الاتحاد الديمقراطي" الذي يعتبر الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، والذي تبنى تطلعات المكون الكردي في الحرية كباقي مكونات الشعب السوري، لتحقيق مشروعه الانفصالي عن الوطن الأم سوريا وبناء كيان انفصالي باسم " الأكراد"، من خلال استغلال الحراك الثوري والسيطرة مناطق واسعة من التراب السوري، بدعم من التحالف الدولي وباسم محاربة الإرهاب.
بدأت الحكاية مع استغل "حزب الاتحاد الديمقراطي" قضية الأقليات " الأكراد" واضطهادهم من قبل نظام الأسد، للحصول على دعم غربي على أنه مكون عسكري مناهض لحكم الأسد، مظهراً نفسه في صف الثورة السورية، مع العمل على استمالة المكونات العربية منها والسريانية والتركمانية لصفه ليبعد عن نفسه النزعة الانفصالية.
ولادة “قسد”
في تشرين الأول 2015 تم الإعلان عن تشكيل عسكري جديد تقوده وحدات الحماية الشعبية باسم "قوات سوريا الديمقراطية" يتكون بشكل أساسي من وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، والمجلس العسكري السرياني، وجيش الثوار مدعومة بشكل كبير من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية باسم "محاربة الإرهاب".
ومنطقة منبج هي ثاني منطقة ذات غالبية عربية، بعد تل رفعت الواقعة شمال مدينة حلب، تخلي منها قوات سوريا الديموقراطية قواتها، منذ شنّ فصائل الجيش الوطني السوري بدعم تركي عملية "فجر الحرية"، والتي أفضت لاستعادة السيطرة على كامل منطقة الشهباء شمالي حلب، ومنطقة منبج بريف حلب الشرقي.
شدد "هاني مجلي" عضو لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق بشأن سوريا، على أهمية حماية الأدلة التي ستساعد السوريين في سبيلهم نحو تحقيق العدالة والمساءلة على جرائم الحرب والانتهاكات، مشيراً إلى أن اللجنة طلبت من السلطات الانتقالية في سوريا حماية الأدلة.
وأكد مجلي، في تصريح نشره موقع "الأمم المتحدة"، إن هناك فرصة الآن لأن يلعب الشعب السوري نفسه دوراً في المساءلة والمحاسبة، وألا يكون هناك أي شك في أن أطرافاً خارجية تتلاعب بتلك المعلومات أو تدير تلك الإجراءات.
ولفت إلى أن الخطوات القادمة "ليست فقط محاكم ومحاسبة جنائية، بل تشمل أيضاً الخطوات تحديد مصير المفقودين، وأن تعرف الناس الحقيقة، وأن يكون هناك تعويضات وإصلاح للضرر الذي لحق بالشعب، وإصلاح القوانين والمؤسسات".
وأكد استعداد اللجنة للمساعدة في المرحلة المقبلة، موضحاً أن المعلومات المتوافرة لديهم لا يتم إرسالها للحكومات، بل للمحاكم، معبراً عن أمله، في أن يكون هناك اهتمام بإصلاح القضاء السوري، وأن يكون مستقلاً بالفعل ويستطيع إجراء محاكمات عادلة، "وحينئذ يمكن أن نساعدهم بما لدينا من معلومات".
وسبق أن ناشدت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، السلطات في سوريا ووسائل الإعلام بضرورة تحمل مسؤولياتهم في احترام وحماية أماكن المقابر الجماعية" من العبث، ووقف مايحدث من انتهاكات خطيرة وغير مسؤولة بكشف أماكن المقابر الجماعية ونبشها وحدوث تدخلات غير مهنية واستخراج عشوائي للرفات.
وقالت المؤسسة إن التدخلات غير المهنية التي تتعرض لها المقابر الجماعية تمثل انتهاكاً لكرامة الضحايا وحقوقهم وحقوق عائلاتهم، وتؤدي إلى إلحاق ضرر بالغ بمسرح الجريمة والأدلة الجنائية التي يمكن أن تساعد في كشف مصير المفقودين والمتورطين في جرائم اختفائهم ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم، وتعيق هذه التدخلات غير المهنية جهود العدالة وتضاعف من معاناة العائلات التي تنتظر بفارغ الصبر معرفة مصير أبنائها، وتقوّض الجهود المستقبلية لتحقيق المساءلة والعدالة.
وأكدت المؤسسة أن لديها ضوابطها الصارمة في العمل بهذا الملف الشائك، ولا تقوم فرقنا بفتح أي مقابر جماعية ولا تستخرج أي رفات مدفونة فيها، وإنما تعمل في إطار الاستجابة للتعامل مع الجثامين والقبور المفتوحة التي تكون فيها الرفات بحالة خطر وتعرضت للعبث أو الرفات المكشوفة خارج المقابر الجماعية، إذ أن التعامل مع المقابر الجماعية يحتاج إلى ولاية قضائية وجنائية وإلى فرق مختصة وتفويض قانوني، بالإضافة إلى وجود تقنيين مختصين ومختبرات متخصصة لضمان التعامل مع الرفات بشكل علمي ودقيق.
ولفتت إلى دور فرق الدفاع المدني السوري يركز حالياً على الاستجابة الطارئة لنداءات الأهالي بوجود رفات مكشوفة غير مدفونة لتقوم الفرق بتوثيق وجمع الرفات وأخذ عينات منها ليتم مطابقتها لاحقاً، وفقاً للبروتوكولات الخاصة والتنسيق لاستكمال كافة الإجراءات الخاصة بحفظها بما يساعد في إمكانية التعرف عليها لاحقاً.
وقالت "في الوقت الذي تظهر فيه أهمية الدور المحوري لوسائل الإعلام في تسليط الضوء على قضية المفقودين والمقابر الجماعية والجرائم في سوريا، من الضروري أن تتم التغطية بمهنية وأخلاقية عالية ملتزمة بأخلاقيات العمل الصحفي ومبدأ عدم الضرر، مع احترام كرامة الضحايا ومشاعر العائلات، ومن هذا المنطلق نوصي بالامتناع التام عن تصوير الرفات أو المقابر بطريقة تنتقص الكرامة البشرية، والحرص على تقديم تغطية تساهم في رفع الوعي بهذه الجرائم وخطورتها وتكريم ذكرى الضحايا ودعم العائلات في سعيها لتحقيق العدالة".
ووجهت رسالة "لأهلنا السوريين ولذوي المعتقلين والمخفيين قسراً الذين لم يُعرف مصير أبناءهم حتى الآن، بأننا نتفهم تماماً شعورهم بانتظار أحبابهم وفلذات أكبادهم ونعبّر عن تضامننا الكامل معهم، ولكن نناشدهم الصبر و بعدم التوجه لأماكن المقابر الجماعية وعدم نبش أي قبر أو فتحه، ونعدهم بالعمل لكشف مصير أبنائهم وأحبائهم وهذا الأمر أولوية لنا، وسنسعى لمحاسبة من ارتكب جرائم الإخفاء القسري وجرائم الاعتقال والمسؤولين عن المقابر الجماعية".
وأكدت أن تضافر جهود السوريين والمؤسسات والجهات الفاعلة والآليات الدولية في هذا الملف الإنساني القانوني ضرورة ملحة للحفاظ على المقابر الجماعية وحمايتها والحفاظ على الأدلة وتوثيقها بدقة خلال هذه المرحلة الصعبة ريثما تسمح الظروف (للعمل المهني والقانوني في هذه المقابر) بما يساعد في معرفة مصير عشرات آلاف المفقودين وتقديم الأجوبة الشافية لعائلاتهم ومحبيهم وضمان المساءلة والعدالة.
وكانت قالت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، في بيان لها، إن معالجة المقابر الجماعية بعد النزاعات المسلحة تشكل تحدياً قانونياً وإنسانياً يتطلب اتخاذ تدابير دقيقة ومبنية على أسس القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، والقانون الجنائي الدولي.
وقدمت الشبكة عدد من التوصيات التي تهدف إلى ضمان احترام كرامة المتوفين، تحقيق العدالة للضحايا، ومساءلة الجناة. وهي موجهة بشكل أساسي للحكومة الجديدة في سوريا، ووسائل الإعلام، والمجتمع السوري.
وأكدت الشبكة على ضرورة حماية المقابر الجماعية والحفاظ عليها، من خلال منع العبث والتعدي، إذ يجب حماية المقابر الجماعية من العبث أو الوصول غير المصرح به، نظراً لأهميتها كأدلة رئيسة في التحقيقات القانونية والجنائية.
وشددت على أهمية توثيق المواقع ووضع العلامات، إذ ينبغي تسجيل مواقع المقابر الجماعية، ووضع علامات واضحة عليها لضمان حمايتها وإمكانية الوصول إليها لأغراض التحقيق، واحترام كرامة المتوفين إذ يجب التعامل مع رفات الضحايا باحترام وكرامة، وضمان حظر التشويه أو الإساءة، امتثالاً لأحكام القانون الدولي.
كذلط أكدت على ضرورة التحقيق وضمان المساءلة، من خلال إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة: من الضروري تنفيذ تحقيقات فعالة ونزيهة تكشف ظروف الوفاة وتدعم مبدأ المساءلة، بما يتوافق مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان.
وشددت على أهمية جمع الأدلة الجنائية، إذ تحتوي المقابر الجماعية على أدلة حاسمة على ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. لذا يجب ضمان تحقيقات دقيقة وشاملة تسهم في توثيق الأدلة واعتبارها مقبولة قضائياً.
وبينت الشبكة أهمية تحديد هوية الضحايا وإعادة رفاتهم، إذ ينبغي استخدام أدوات التحليل الجنائي، واختبارات الحمض النووي، وغيرها من الوسائل التقنية لتحديد هوية الضحايا. يسهم ذلك في تحقيق العدالة لأسر الضحايا ويمنحهم معرفة مصير أحبائهم، وإعادة الرفات إلى الأسر، إذ يجب تسليم رفات الضحايا إلى أسرهم أو مجتمعاتهم المحلية لدفنها وفقاً للتقاليد الثقافية والدينية، مما يضمن عملية دفن لائقة وكريمة.
وكانت أعلنت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، انتشا فرق البحث في الدفاع المدني، رفات 21 جثة منقولة مجهولة الهوية، يوم الاثنين 16 كانون الأول من موقع في ريف دمشق الشرقي، موضحة أن عملية الانتشال جاءت بعد بلاغ وصل لفرق الدفاع المدني السوري بوجود رفات منقولة غير مدفونة في موقع طريق مطار دمشق الدولي في ريف دمشق الشرقي.
وتوجهت فرق من الدفاع المدني السوري للموقع وعاينته وهو عبارة عن أرض زراعية غير مستثمرة، يوجد فيها ركام وأتربة، وبحسب شهود عيان وأهالٍ في المنطقة فإن هذه الرفات لم تكن موجودة في المكان وشاهدوا سيارة محملة بهذه الرفات ووضعتها في المكان وغادرته وكان ذلك بتاريخ 9 كانون الأول 2024.
وعملت فرق الدفاع المدني السوري على توثيق هذه الرفات وفقا للبروتوكولات الخاصة بتوثيق وجمع الرفات، وتتابع الفرق التنسيق لاستكمال كافة الإجراءات الخاصة بحفظها بما يساعد في إمكانية التعرف عليها لاحقاً.
ووفق المؤسسة، تحتاج آلاف العائلات السورية لمعرفة مصير أبنائها الذين كانوا معتقلين أو مختفين قسرياً ، كل شخص مفقود يمثل عائلة تعيش حالة من الحسرة وتعاني من الألم المصاحب لحالة عدم اليقين والتأثير البالغ على حياتها اليومية وعلى المجتمعات التي تعيش فيها هذه العائلات.
تعتبر المقابر الجماعية والرفات البشرية الموجودة في سوريا واحدة من أهم المصادر لمعرفة مصير آلاف المفقودين والمختفين قسرياً وتوفر ادلة فيزيائية عن مرتكبي هذه الجرائم والمتورطين فيها.
وتقوم فرق الدفاع المدني السوري كمرحلة أولى من الاستجابة في التعامل مع هذا الواقع بثلاثة أنشطة رئيسة، أولها: تلقي البلاغات عن وجود رفات بشرية في مناطق مكشوفة وغير مدفونة والاستجابة لهذه البلاغات وتوثيقها وانتشالها ونقلها إلى مقابر مخصصة ودفنها بطريقة لائقة وكريمة وتتناسب مع العادات والتقاليد الدينية للمجتمعات وبما يساعد في إمكانية التعرف عليها لاحقاً من قبل ذويها.
تحديد مواقع المقابر الجماعية وإجراء تقييم أولي لها دون أي عمل مباشر فيها الآن لحساسية الموضوع وما يتطلبه من موارد وآليات وحماية، وتلقي البلاغات عن وجود جثامين مجهولة الهوية في مختلف المناطق السورية، بحيث تعمل الفرق على توثيق هذه الجثث وحفظ مقتنياتها، ومن ثم نقلها ودفنها في أماكن مخصصة وبطريقة لائقة تتناسب مع العادات المجتمعية والدينية، وبما يساعد في إمكانية التعرف عليها من قبل ذويهم في المستقبل.
وطالبت الدفاع المدني السوري من الأهالي الإبلاغ عن أي مكان يوجد فيه رفات أو يعتقد بوجود رفات فيه أو مقبرة جماعية، وأكدت على أهمية عدم تحريك أو نقل أي رفات يتم العثور عليها أثناء القيام بأعمال الحفر أو عن طريق الصدفة، وعدم المساس بالمقابر الجماعية وضرورة إبلاغ أقرب مركز للدفاع المدني السوري أو إبلاغ الجهات العاملة في هذا المجال.
ولفتت إلى أن نقل الرفات أو تحريكها أو تغيير أي وضع كانت عليه يؤثر بشكل كبير على تحديد هوية الرفات والطريقة التي أدت للوفاة، وقد يكون اكتشاف مواقع الدفن مهماً ليس فقط في البحث عن المفقودين ولكن أيضاً في تحديد مرتكبي الجرائم ومحاكمتهم المحتملة لاحقاً.
وتشكل المقابر الجماعية والرفات إرثاً متكرراً للنزاعات والحروب وانتهاكات حقوق الإنسان، ويحتاج الناجون إلى معرفة الحقيقة بشأن مصير أحبائهم، ولهم الحق بموجب القانون الدولي في السعي إلى معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة وجبر الضرر.
وشددت المؤسسة على أنه من الضروري أن تتكاتف جهود جميع الأطراف بدءاً بالمؤسسات والجهات العاملة في هذا المجال و المجتمعات المحلية والسلطات للتعامل مع هذا الملف على نحوٍ عاجل وبقدر عالٍ من المهنية، لمعرفة مصير عشرات آلاف المفقودين وتقديم الأجوبة الشافية لعائلاتهم ومحبيهم.
وسبق أن قال "روبير بوتي"، رئيس الآلية الدولية المحايدة المستقلة التي أنشأتها الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، إنه بعث برسالة إلى الحكومة السورية الجديدة، مبدياً استعداده للتعامل معها والسفر إلى سوريا للحصول على أدلة قد تدين كبار المسؤولين في النظام السابق.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي في جنيف "ستكون أولويتنا القصوى هي الذهاب ومحاولة تحديد حجم المشكلة ومعرفة ما هو متاح بالضبط من حيث الوصول للأدلة والأدلة المحتملة ثم معرفة أفضل السبل للمساعدة في الحفاظ عليها"، معتبراً: "أصبحت هناك الآن إمكانية للوصول إلى أدلة بحوزة أعلى مستويات النظام".
وكان قال "فضل عبد الغني" مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إن فلسفة الإخفاء القسري ترتكز على استدامة الألم وتعميق الجراح النفسية والجسدية لعائلات المختفين قسريًا، حيث يتم ذلك عبر إثارة التساؤلات والشائعات بشكل دوري.
ولفت إلى أن تداول الإشاعات والخرافات، منذ الأيام الأولى، حول وجود طوابق أو مراكز احتجاز سرية لم تكتشف بعد، يُعد من أكبر الخدمات التي قدمت لنظام الأسد البائد، إذ ساهم في تشتيت الجهود ونكأ الجراح.
وأشار إلى أن مراكز الاحتجاز والمقابر الجماعية، فهي مواقع تُعتبر مسارح جرائم كبرى، ولا يجوز لأي جهة أو فرد الدخول إليها أو السير داخلها بشكل عشوائي. فذلك قد يؤدي إلى تدمير الأدلة الجنائية، بنقل آثار من الخارج إلى الداخل أو العكس. كان ينبغي على إدارة العمليات العسكرية، منذ تحرير مراكز الاحتجاز في حلب، أن تضع حماية هذه المواقع والحفاظ على أدلتها في قمة أولوياتها.
كشفت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" يوم الخميس، عن هناك 2000 جندي أميركي في سوريا، وهو رقم أعلى من الرقم المعلن سابقا وهو 900 جندي، إذ تشير المصادر إلى أن واشنطن عززت قواتها في سوريا على مراحل خلال الأشهر الماضية.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، باتريك رايدر"كما تعلمون، دائما كنا نقول أن هناك حوالي 900 جندي أميركي موجودين في سوريا، علمت اليوم أن هناك عمليا حوالي 2000 جندي أميركي في سوريا".
وأوضح رايدر للصحفيين أنه لا يعرف منذ متى وصل العدد إلى 2000 جندي، لكن ربما كان ذلك منذ أشهر على الأقل وقبل سقوط الأسد، مبيناً أنه كان يوجد 900 عسكري في سوريا عندما كان بشار الأسد لا يزال رئيسا، وأُرسلت قوات إضافية إلى البلد لتعزيز "مهمة دحر داعش".
وبين أن الجنود الإضافيين بمثابة قوات مؤقتة أُرسلت لدعم مهمة محاربة تنظيم داعش، في وقت كان شدد نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، جون فاينر، على أن قوات بلاده ستبقى في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، في إطار مهمة لمكافحة الإرهاب تركز على تدمير تنظيم "داعش".
وأضاف خلال مقابلة بمؤتمر "رويترز نكست" في نيويورك أن "هذه القوات موجودة لسبب محدد ومهم للغاية، وليس كورقة للمساومة بطريقة ما"، مبيناً أن القوات الأميركية "موجودة هناك الآن منذ ما يربو على عقد من الزمان أو أكثر لمحاربة تنظيم داعش"، مؤكداً: "ما زلنا ملتزمين بهذه المهمة".
ومنذ العام 2014، نشرت الولايات المتحدة نحو 900 من جنودها في سوريا و2500 في العراق في إطار التحالف الدولي الذي أنشئ لمكافحة تنظيم داعش، لكنها في عام 2018 سحبت معظم قواتها من سوريا، وأبقت على قوة طوارئ، بلغ تعدادها نحو 400 جندي، وازداد العدد لاحقا، حتى وصل في صيف عام 2024، وفق بيانات معهد بحوث الكونغرس، إلى نحو 900 جندي، بتمويل مقداره 156 مليون دولار، خُصصت لصندوق التدريب والتجهيز ضد تنظيم داعش في سوريا.
وفي وقت سابق، قالت مصادر إعلام غربية، إن الولايات المتحدة الأمريكية، أوفدت مسؤولة رفيعة في وزارة الخارجية إلى دمشق، لعقد لقاء مع السلطة الانتقالية الجديدة، وهو أول وفد أمريكي رسمي يدخل سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ومنذ سنوات بسبب القطيعة بين النظام السابق والولايات المتحدة.
وكشف مسؤول في الخارجية الأميركية، أن كبيرة دبلوماسيي الوزارة لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، تصل اليوم الجمعة إلى دمشق، وبين أن ليف ستلتقي "أحمد الشرع" الذي يقود حاليا "إدارة العمليات العسكرية"، ولفت إلى أن الوفد الأميركي سيعمل على الدفع بمخرجات اجتماع العقبة.
قالت مصادر إعلام غربية، إن الولايات المتحدة الأمريكية، أوفدت مسؤولة رفيعة في وزارة الخارجية إلى دمشق، لعقد لقاء مع السلطة الانتقالية الجديدة، وهو أول وفد أمريكي رسمي يدخل سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ومنذ سنوات بسبب القطيعة بين النظام السابق والولايات المتحدة.
وكشف مسؤول في الخارجية الأميركية، أن كبيرة دبلوماسيي الوزارة لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، تصل اليوم الجمعة إلى دمشق، وبين أن ليف ستلتقي "أحمد الشرع" الذي يقود حاليا "إدارة العمليات العسكرية"، ولفت إلى أن الوفد الأميركي سيعمل على الدفع بمخرجات اجتماع العقبة.
ووفق المصادر، سيرافق الدبلوماسية المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا دانييل روبنشتاين، الذي تقاعد من وزارة الخارجية إلا أنه استدعي مجددا من أجل التوجه إلى سوريا كأعلى دبلوماسي أميركي هناك.
وكان كرر وزير الخارجية الأميركي موقف بلاده من السلطات الجديدة في سوريا، معتبراً أن هناك حاجة لرؤية خطوات ملموسة على الأرض وفعلية من أجل تشكيل حكومة شاملة وغير طائفية.
وأضاف في مقابلة مع بلومبيرغ، أن بلاده تود أن توضح لـ"هيئة تحرير الشام" التي يقودها أحمد الشرع، والذي بات الحاكم الفعلي حالياً لسوريا، إثر سقوط الرئيس السابق بشار الأسد، وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة، أن الاعتراف بها ورفعه عن قائمة العقوبات يتطلب تحقيق توقعات معينة، ولفت إلى أن الإدارة الأميركية تنظر بالعقوبات المفروضة على البلاد خلال السنوات الماضية من حكم الأسد.
وسبق أن قالت "وزارة الخارجية الأميركية"، إن واشنطن تواصلت أكثر من مرة مع "هيئة تحرير الشام" أحد أكبر المكونات في "إدارة العمليات العسكرية" في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية، مؤكدة أنها لاتستبعد "إرسال وفد إلى دمشق" للقاء السلطة الجديدة بعد سقوط نظام الأسد.
وقال المتحدث باسم الوزارة ماثيو ميلر"، في إفادة صحفية، إن إزالة "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب مرتبط بالأفعال على الأرض، ولفت إلى أن الاتصال ركز على مناقشة مبادئ المرحلة الانتقالية في سوريا، وأوضح أن مصير القاعدتين الروسيتين داخل سوريا أمر يقرره الشعب السوري.
وبين المتحدث أن الاتصال مع "هيئة تحرير الشام" ركز إلى حد كبير على الحصول على المساعدة في العثور على أوستن تايس، الصحفي الأميركي الذي وقع في الأسر أثناء رحلة لإعداد تقارير عن سوريا في أغسطس آب 2012.
وأوضح أن الولايات المتحدة تواصل محاولاتها لتحديد مكان تايس، لكن ليس لديها معلومات محددة عن مكان وجوده، ولم يُعثر على أثر للمواطن الأميركي حتى الآن، وقال مسؤول أميركي إنه لا توجد أي دلائل يعول عليها عن مكان وجوده، لكن لا دليل دامغا أيضا على وفاته.
وكان قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن المسؤولين الأميركيين كانوا على اتصال مباشر مع "هيئة تحرير الشام" التي قادت عملية الإطاحة بنظام الأسد، رغم أن هذه الجماعة مصنفة كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأضاف بلينكن، أن واشنطن ستنظر في العقوبات ضد "هيئة تحرير الشام" بعد رؤية أفعالها، ورفض بلينكن مناقشة تفاصيل هذه الاتصالات، لكنه قال إنه من المهم للولايات المتحدة إيصال رسائل إلى الجماعة بشأن سلوكها وكيفية نيتها في إدارة الفترة الانتقالية.
وقال بلينكن: "نعم، نحن على اتصال مع هيئة تحرير الشام ومع أطراف أخرى"، وأضاف: "رسالتنا إلى الشعب السوري هي: نريد لهم النجاح ونحن مستعدون لمساعدتهم في تحقيق ذلك".
وسبق أن قال مسؤول أمريكي رفيع في تصريحات نقلت عنه عبر وسائل إعلام غربية، إن الولايات المتحدة تعتزم التعامل مع "هيئة تحرير الشام" مع وضع مصالحها بعين الاعتبار، كاشفاً عن أن وكالات الاستخبارات الأمريكية ومسؤولو إدارة بايدن يقيمون "هيئة تحرير الشام" وزعيمها، لإخراجها من التصنيف على قوائم الإرهاب.
ولفت المسؤول في تصريح لصحيفة "واشنطن بوست"، إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تعمل على ضمان الاستقرار في سوريا، مع ترك إمكانية إزالة تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية مفتوحة.
وأكد المسؤول، أن "هيئة تحرير الشام" التي سيطرت على دمشق، تُظهر مؤشرات إيجابية في تعاملها مع الوضع الراهن، وقال: "إنها مجموعة واسعة من الفصائل المختلفة، وأعتقد أننا بحاجة إلى التعامل بذكاء... مع الأخذ بعين الاعتبار الواقع على الأرض بحذر وبراغماتية".
وقدم مسؤول أمريكي آخر إحاطة للصحفيين بشرط عدم الكشف عن هويته. وعندما سُئل مرارًا عن إمكانية إزالة تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية من قبل إدارة بايدن، لم يستبعد المسؤول هذا الاحتمال.
وسبق أن قال "جيمس جيفري" المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، إن دعم هيئة "تحرير الشام" للقرار الدولي 2254، وتجنب جرائم الحرب، وقبول وقف إطلاق النار سيكون حاسماً في تقييم واشنطن للهيئة المصنفة على قوائم الإرهاب.
وأوضح جيفري في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن واشنطن التي تصنف هيئة "تحرير الشام" ضمن قوائم الإرهاب، لم تقم بوصف هجمات "تحرير الشام" بالإرهابية، ولفت إلى أن ما يجري في سوريا هو انعكاس على المستوى الإقليمي لانهيار إضافي للتحالف الإقليمي لوكلاء إيران، وأن التطورات في سوريا تشي بضعف متزايد لسلطة بشار الأسد.
وأكد جيفري أن الأسد الذي لم يعد قادراً بشكل كامل على المصالحة مع جزء حتى من المعارضة السورية الواسعة، أو التوصل لاتفاقات تسوية مع الدول العربية أو تركيا، ورجح في حال تمكن قوات دمشق من شن هجمات مضادة، أن تقوم أنقرة وسكان إدلب بالضغط على "تحرير الشام" بقبول وقف إطلاق النار، مستبعداً تدخلاً تركياً مباشراً، في أسفرت الهجمات المضادة عن وقف تقدم فصائل المعارضة السورية، ودفعها للتراجع.
وكان طالب "أحمد الشرع" القائد العام لـ "إدارة العمليات العسكرية"، برفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، كذلك المفروضة على "هيئة تحرير الشام" المصنفة على قائمة المنظمات الإرهابية، مؤكداً أن سوريا أنهكتها الحرب وأنها لا تمثل تهديدا لجيرانها أو للغرب
وأضاف "الشرع" في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" في دمشق، أن هيئة تحرير الشام ليست جماعة إرهابية، وأنها لم تكن تستهدف المدنيين أو المناطق المدنية وكانت ضحية لجرائم الرئيس المخلوع بشار الأسد.
تأتي التصريحات المتلاحقة لقيادة "إدارة العمليات العسكرية" التي تسلمت السلطة بعد سقوط نظام الأسد، بالتزامن مع حراك دبلوماسي غربي بشأن سوريا، حيث زرارت وفود فرنسية وبريطانية وإيطالية وتركية وقطرية وعدد من الوفود الأممية دمشق، وقابلت "الشرع" للحصول على تطمينات للمرحلة القادمة في سوريا، وتفعيل دور سفاراتها في دمشق.
علق مسؤولان في "الحرس الثوري الإيراني"، على تصريحات الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" حول نقل 4 آلاف عنصر إيراني من سوريا إلى إيران، مقدمين رواية مختلفة عن رواية "بوتين" حول أعدادهم وهوياتهم، كاشفين لأول مرة عن مقتل 15 من "المستشارين الإيرانيين" خلال المعارك الأخيرة بسوريا.
وقال الجنرال "إسماعيل كوثري" عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، في تصريحات لموقع "تشند ثانية" الناطق بالفارسية، إن "العناصر التي نقلت من سوريا إلى طهران بواسطة روسيا لم تبلغ 4000 شخص".
وبين الجنرال أن من ضمن هؤلاء مواطنون لبنانيون وأفغان ومن دول أخرى، يقومون بمهام استشارية في سوريا، ولم يكن لدينا أصلًا هذا العدد من العناصر العسكرية في سوريا"، وحول سبب تأخير سحبهم، أضاف كوثري: "أما بشأن تأخّرنا في سحب مستشارينا من سوريا، فقد كان ذلك لأننا قرّرنا البقاء حتى اللحظة الأخيرة دعما للجيش السوري على أمل أن يصمد، لكننا رأينا أن الجيش لم يصمد، ولا حتى السيد بشار الأسد."
في السياق، قال العميد محمد جعفر أسدي، مساعد قائد مقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري: "الروس ساعدونا في نقل المواطنين الإيرانيين وغيرهم، لكن هؤلاء لم يكونوا من المستشارين العسكريين الإيرانيين، لأننا قمنا بسحب مستشارينا من سوريا بشكل مستقل".
وحول طبيعة القوات التي نقلتها روسيا من سوريا إلى إيران أضاف أسدي يقول: "كان العديد من القوات تحت قيادة إيران في سوريا من الشيعة الأفغان أو الباكستانيين أو السوريين الذين تم نقلهم إلى إيران بسبب الظروف الأمنية والمذهبية، وبينهم بعض المدرّسين الإيرانيين الذين كانوا يعملون رسميا في سوريا، حيث طلبنا منهم العودة إلى إيران عبر لبنان."
وقال أسدي: "لن نسمح لروسيا بنقل قواتنا العسكرية، بل هؤلاء الذين تم نقلهم كانوا في الغالب مدنيين، وبعضهم كانوا من خدام مرقدي السيدة زينب والسيدة رقية، الذين جاؤوا إلى إيران حفاظًا على أرواحهم".
كشف الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، في تصريحات اليوم الخميس 19 كانون الأول، عن أن روسيا أجلت 4 آلاف مقاتل من قاعدة حميميم إلى إيران بطلب من طهران، ولفت إلى أن جزء من القوات المحسوبة على إيران غادرت إلى لبنان وآخر إلى العراق.
وكانت انسحبت عشرات المجموعات الشيعية الموالية لإيران من ريف حلب وحماة وحمص بشكل عشوائي باتجاه مناطق الساحل السوري ولبنان والبادية السورية باتجاه العراق، وذلك بعد تقدم فصائل "إدارة العمليات العسكرية" وسيطرتها بعد معارك طاحنة على مواقع استراتيجية كانت تتمركز فيها ميليشيات إيران في عدة مناطق بسوريا
كرر الجنرال "حسين سلامي"، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اليوم الأحد، الدفاع عن سياسات بلاده في سورية خلال السنوات الماضية قبل إسقاط نظام الأسد الحليف لطهران، معتبراً أن حوادث سوريا "فيها دروس وعبر مريرة".
وقال سلامي: "عندما كنّا في سورية، كان شعبها يعيش لأننا كنا نريد عزّتهم"، متهما قوى خارجية بأنها "تتحامل على سورية كذئاب جائعة" بعد سقوط نظامها، و"كل منها يجتزئ قطعة من البلد". وأشار إلى أن "الصهاينة يريدون جنوبها، وقوة أخرى شمالها، وآخر شرقها".
وأضاف: "لم نذهب إلى هناك لضم جزء من ترابها إلى أراضينا، ولأن نحولها إلى ساحة بحثا عن مصالحنا وطموحنا"، وقال: "إننا ذهبنا إلى هناك لكي لا نسمح بتدمير عزة المسلمين"، على حد تعبيره.
وأكد الجنرال أن "سورية ستتحرر على يد شبابها الشجعان"، و"الصهاينة سيدفعون ثمنا باهظا وسيدفنون في هذه الأرض، لكن ذلك بحاجة إلى وقت وصمود عظيم وهمّة رفيعة وإرادة قوية"، لافتا إلى أن الحرس يحمي أمن إيران واستقلالها ومصالحها "حازما".
وسبق أن أكد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أن ما حصل هو "نتيجة مخطط إسرائيلي أميركي" قائلا إن "الشباب السوريين الشجعان سيحررون المناطق التي جرت السيطرة عليها"، متهما تركيا ( من دون تسميتها) بالضلوع في ذلك، عندما قال إن "دولة جارة لسورية لعبت دورا واضحا في ذلك، وما زالت تلعبه، والجميع يرون ذلك، لكن المخطط الرئيس والمتآمر كان غرفة القيادة في أميركا والكيان الصهيوني".
وكان اعتبر "حسين سلامي" قائد "الحرس الثوري الإيراني"، إن انسحاب قوات الحرس وميليشيات إيران من سوريا، بالتوازي مع سقوط نظام الأسد، مرجعه إلى "تغير الاستراتيجيات بما يتناسب مع الظروف"، في رفض صريح للإقرار بالهزيمة التي أمنيت بها ميليشيات إيران في سوريا، وسقوط نظام حليفهم الأبرز في المنطقة "بشار الأسد".
وقال سلامي: "أود أن أقول لكم بفخر، إن آخر من غادر خطوط المقاومة في سوريا كانوا أبناء (الحرس الثوري)، وآخر شخص غادر هذا الميدان كان أحد أفراد الحرس"، وأضاف: "لا يمكننا معالجة القضايا المتعددة على المستوى العالمي والإقليمي بثبات وجمود في استراتيجياتنا".
وكان نقل نواب في البرلمان عن سلامي قوله في جلسة مغلقة بشأن سوريا، إن إيران "لم تضعف" بعد الإطاحة بحليفها الأسد، وقال سلامي إن إيران "كانت تحاول حقاً ليل نهار تقديم المساعدة بكل ما في وسعها، وعلينا أن نتكيف مع الوقائع في سوريا، ونحن نتابعها ونتصرف على أساسها"، وفق ما نقلت وكالة أنباء إيران الرسمية (إرنا).
وأضاف سلامي: "البعض يتوقع منا أن نقاتل بدلاً من الجيش السوري"، متسائلاً: "هل من المنطقي أن نُشغل كل قوات (الحرس الثوري) والباسيج في القتال داخل بلد آخر، بينما جيش ذلك البلد يقف متفرجاً؟".
واعتبر "من جهة أخرى، كانت جميع الطرق المؤدية إلى سوريا مغلقة أمامنا. النظام كان يعمل ليلاً ونهاراً لتقديم كل ما يمكن من الدعم، لكننا كنا مضطرين للتعامل مع حقائق الوضع في سوريا. نحن ننظر إلى الواقع ونعمل وفقاً للحقائق".
وكرر سلامي الرواية الرسمية الإيرانية بشأن اطلاعها المسبق على التمهيدات التي اتخذتها المعارضة قبل شهور من سقوط الأسد، بالقول: "كنا على علم بتحركات المسلحين منذ أشهر. وقد تمكن إخواننا باستخدام الأساليب الاستخباراتية من تحديد محاور هجماتهم ونقل هذه المعلومات إلى المستويين السياسي والعسكري في سوريا، لكن، للأسف، بسبب غياب الإرادة الحقيقية للتغيير، والقتال، والصمود في معناه الحقيقي، حدث ما رأيتموه".
وأضاف سلامي أن "البعض في الأوساط السياسية والنخبوية وبين عامة الناس يروجون لفكرة أن النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه"، وقال "الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً".
وأوضح أنه "نحن نتخذ قراراتنا ونعمل بناءً على إمكانياتنا وقدراتنا الداخلية. لدينا منطق سياسي قوي للقتال، ولدينا شرعية قوية للدفاع، ولدينا أمة عظيمة تقف بثبات، وقائد كبير يلهمنا ويوجهنا. قواتنا المسلحة قوية وباقية دون أن تُمس. لو كنا ضعفاء لما استطعنا تنفيذ عمليات (الوعد الصادق)".
وزعم أن وجود إيران المباشر في سوريا كان بهدف منع "هيمنة داعش"، مضيفاً: "كنا مضطرين للوجود في العراق وسوريا"، وقال سلامي: "كان من الضروري على إيران الوجود العسكري المباشر في العراق وسوريا، وتقديم الدعم الاستشاري، وحشد كافة الإمكانيات لمنع انتشار هذا الخطر".
وأضاف: "لو لم يكن قاسم سليماني، لكانت كل الإمكانيات المتوفرة حينها قد أصبحت عاجزة وغير فعالة"، واعتبر أنه "بعد القضاء على (داعش)، اضطررنا لسحب قواتنا غير الضرورية من سوريا. لم يكن من المصلحة البقاء هناك بعد استقرار الوضع، حيث تولى الجيش السوري الدفاع، وأصبح قادراً على تأمين الأمن، كما كان يرغب في تقليص الوجود الإيراني لتجنب إعطاء المعارضين فرصاً للهجوم".
ولفت سلامي إلى أن بلاده تواجه تحديات مع الغرب في ثلاثة محاور رئيسية: "الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وتقليص القدرة الصاروخية، وتدمير البرنامج النووي"، وأوضح أن "الغرب لم يتمكن من القضاء على النفوذ الإيراني باستخدام الوسائل التقليدية، ولذلك لجأ إلى طريقة أخرى تمثلت في إنشاء بديل يشبه الجمهورية الإسلامية والثورة".
وكان أدان "الحرس الثوري"، في بيان شديد اللهجة، "استمرار العدوان والتدخلات من قبل الحكومة الأميركية والكيان الصهيوني في سوريا"، وأعلن "بداية عصر جديد من عملية هزيمة أعداء إيران"، عادّاً ما حدث في سوريا "دروساً وعبراً تسهم في تعزيز وتقوية وتحفيز جبهة المقاومة؛ لمواصلة سعيها لطرد الولايات المتحدة من المنطقة".
ولفت البيان إلى الدعم الذي حصلت عليه طهران من دمشق خلال حرب الثمانينات مع العراق، وقال في هذا الصدد: "شعب إيران يعدّ مساعدة ودعم بلد كان قد قدم دعماً حيوياً وحاسماً خلال أيام صعبة مثل الحرب المفروضة التي استمرت 8 سنوات، واجباً كبيراً عليه"
وأشار بيان "الحرس" إلى ضرورة الحفاظ على السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية، كما أدان الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية والمرافق الحيوية في سوريا، وكرر البيان حرفياً ما ورد على لسان المرشد الإيراني علي خامنئي، قائلاً: "بمساعدة الشباب المؤمن والمجاهدين السوريين، سيتحطم المخطط المشترك الأميركي الصهيوني في هذه الأرض، وسنشهد تألق سوريا في ميدان دعم شعبي فلسطين ولبنان".
وقال خامنئي، الأربعاء: إن "المناطق التي احتلتها سوريا ستُحرر على يد الشباب الغيور السوريين؛ لا شك أن هذا سيحدث"، في حين قال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إن ما قاله خامنئي حول سوريا «فصل الخطاب للجميع، والانحراف عنه لا يغتفر".
وسبق أن نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني كبير، اليوم الاثنين، قوله إن طهران فتحت قناة مباشرة للتواصل مع فصائل في القيادة الجديدة في سورية بعد الإطاحة بالإرهابي "بشار الأسد"، الذي قدمت له دعم كبير على جميع المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية، قبل أن تنسحب ميليشياتها من سوريا مدحورة أمام تقدم فصائل الثوار ضمن عملية "ردع العدوان".
وقال المسؤول، إن حكام إيران من رجال الدين، الذين يواجهون الآن فقدان حليف مهم في دمشق وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني، منفتحون على التعامل مع القادة السوريين الجدد، لافتاً إلى أن "هذا التواصل مفتاح لاستقرار العلاقات وتجنب مزيد من التوترات الإقليمية".
وكان أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن مطلب إيران هو تحقيق مطالب الشعب السوري، وقال "نحن نراقب بدقة ما سيحدث. من الصعب بعض الشيء أن يصل السوريون إلى اتفاق بشأن الحكم، لكننا ندعم تغليب إرادة الشعب السوري. نحن نرغب في تحقيق مطالب الشعب السوري".
وأضاف أن "المشهد السياسي الحالي في سورية مفتوح على كل الاحتمالات. بعض دول المنطقة غاضبة حالياً، وأعتقد أن تحركات قد تبدأ من بعض الجهات. قد يؤدي تضارب المصالح إلى صعوبة تحقيق الاستقرار بسهولة".
أيضاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أكد في اجتماع للحكومة الإيرانية، ضرورة إطلاق الحوار بين مختلف شرائح المجتمع السوري، داعياً إلى إنهاء الاشتباكات المسلحة والعنف بأسرع وقت ممكن. وشدد بزشكيان على أهمية الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها، مضيفاً أن الشعب السوري "يجب أن يقرر بشأن مستقبل بلاده ونظامها السياسي وحكومته"، وفق التلفزيون الإيراني.
وقال عراقجي، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني إن "جميع المؤشرات والتحليلات كانت تدل على أن هذه العملية ستحدث، لكن ما شكل مفاجأة كان عجز الجيش السوري أولاً وسرعة التطورات ثانياً"، مضيفاً: "نحن كنا على اطلاع استخباري تام بالتحركات في إدلب ونقلنا جميع المعلومات إلى الحكومة السورية".
وعقب سقوط "بشار" وهروبه من دمشق، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان لها، ما أسمته على موقفنا الثابت والجوهري في احترام وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، معتبرة أن الشعب السوري هو من يحدد مصير بلاده بعيدا عن أي تدخلات تخريبية أو إملاءات أجنبية.
إيران التي لعبت دوراً محورياً في مساندة نظام بشار الأسد حتى أيام قليلة قبل سقوطه أمام ضربات الثوار واندحار ميليشياتها، شاركت عبر عشرات الميليشيات بتدمير بنية الشعب السوري ونشر الطائفية والقتل والموت في كل مكان من تراب سوريا، فكانت شريكاً في سفك الدم السوري وتهجيه وقتله بصبغة طائفية.
واعتبرت الوزارة، أنه من المتوقع أن تستمر العلاقات الطويلة الأمد والودية بين الشعبين الإيراني والسوري على أساس اتباع نهج حكيم وبعيد النظر من البلدين، وفق تعبيرها، وقالت إنها لن تدخر جهدا للمساعدة في تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا كونها دولة مؤثرة في المنطقة.
وفي تصريحات سابقة لها، اعتبرت ايران أن معركة "ردع العدوان" يمثل انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات الموقعة بين الدول الضامنة (إيران وتركيا وروسيا)، وحذر رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، في منشور له، جيران سوريا من الوقوع فيما وصفه بـ”الفخ الأمريكي الصهيوني”، مؤكداً دعم إيران الكامل لسوريا والمقاومة في مواجهة الإرهاب.
وفي السياق ذاته، كان دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة لمنع عودة وانتشار ما اسماها الجماعات الإرهابية التكفيرية في سوريا.
وأدان بقائي بشدة ما وصفه بتحركات الجماعات الإرهابية في الأيام الأخيرة، واعتبرها جزءاً من “مخطط شرير” تقوده الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لزعزعة الأمن في منطقة غرب آسيا، وشدد بقائي على أهمية التنسيق بين دول المنطقة، خصوصاً جيران سوريا، لإحباط ما وصفه بـ”المؤامرة الخطيرة”.
وأشار إلى أن مناطق أطراف حلب وإدلب تُعتبر، وفقاً لاتفاقيات أستانا بين الدول الضامنة (إيران وتركيا وروسيا)، مناطق خفض تصعيد، معتبراً أن أي هجوم إرهابي على هذه المناطق يمثل انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات ويهدد الإنجازات التي حققتها عملية أستانا.
وتدخلت إيران في سوريا بقوات من الحرس الثوري، قاتلت في صفوف قوات النظام السوري، كما شاركت في التأطير العسكري، حيث كشف قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2015 أن طهران نظمت مئة ألف مقاتل في قوات وتشكيلات شعبية بسوريا بحجة الحفاظ على الأمن والاستقرار.
واستخدمت إيران خلال حربها في سوريا إلى جانب نظام الأسد عشرات الميليشيات الطائفية التي نشرت التشيع وحاربت الشعب السوري على أساس طائفي عرقي، ابتداءم بالحرس الثوري الإيراني وتشكيلات مسلحة يغلب عليها الطابع الطائفي، ومنها:
– كتائب "عصائب أهل الحق" و"فيلق بدر" و"حزب الله"، التي قاتلت في العراق ثم انتقل كثير من عناصرها بتوجيه إيراني إلى سوريا.
– حزب الله اللبناني، وهو من أكثر الفصائل قربا من النظامين السوري والإيراني معا، ويعد الأفضل تسليحا وتدريبا، والقوة الأكثر رمزية بعد الحرس الثوري الإيراني.
– ألوية أبو الفضل العباس: وهي حركة شيعية مسلحة يُعتقد أنها تتبع للتيار الصدري في العراق. برزت خلال مشاركتها في الحرب الدائرة في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد بدعوى حماية المراقد المقدسة.
– كتائب سيد الشهداء وذو الفقار: بدأت في العراق، وانتقلت إلى سوريا بالتوجيه نفسه.
– فرقة "فاطميون" وفرقة "زينبيون" قالت المعارضة الإيرانية إن طهران شكلت الفرقة الأولى من السجناء الأفغان الذين أفرج عنهم شريطة القتال في سوريا، وشكلت الثانية من باكستانيين شيعة قاطنين بإيران.
– فيلق "ولي الأمر": مكلف أساسا بحماية المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي وقادة النظام الإيراني. لكنه أرسل عددا من أفراده -لهم تكوين عال- لسوريا وتحديدا إلى حلب.
ولم يكن تدخل إيران في سوريا ووقوفها إلى جانب نظام بشار الأسد في مواجهة المعارضة المسلحة مجرد تخمينات، بل حقيقة أكدها المسؤولون الإيرانيون بأنفسهم، حيث أكد ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي في الحرس الثوري علي سعيدي في آخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أنه لولا تدخل بلاده لدعم نظام دمشق "لكانت ضاعت" إيران والعراق ولبنان وسوريا.
بدأت رواسب نظام الأسد الساقط، تطفو على سطح الحراك الشعبي السلمي في سوريا، برزوا ضمن تكتلات جديدة باتت تحاول فرض نفسها في التظاهرات الشعبية في ساحة الأمويين في دمشق، تنادي بـ "الدولة العلمانية" وترفض علم الثورة السورية، كان هؤلاء إلى وقت قريب يمجدون الأسد ودولة القتل والبراميل ويدعون لسفك الدم وقمع الحريات.
في تظاهرة في ساحة الأمويين في العاصمة دمشق يوم الخميس 19 كانون الأول، بدأت تتعالى الأصوات المنادية بـ"حكم مدني وديمقراطي وعلماني" في سوريا، برز فيها من ادعوا أنهم نشطاء مدنيون وأدباء وفنانين وشخصيات برزت على مواقع السوشال ميديا ضمن برامج مخلة وضيعة منهم "الشيخ نيني - عباس جورك - إلينا سعد - ريم رسلان - ياسمين سليمان" وعدد من الأشخاص الذين ارتفعت أصواتهم لإقامة دولة علمانية، ورفعوا شعارات مناهضة لروح الثورة السورية.
من هذه التيارات ماعرف عن نفسه بـ "تجمع الشباب المدني"، الذي برز لأول مرة في الاحتجاجات بسوريا، لكن ليس لنصرة ثورة السوريين على طاغية الشام، وإنما للتشويش وطرح مطالب طرحها في منشورات وبوسترات تطالب بدولة علمانية، وترفض علم الثورة السورية كونه يمثل علم الاستقلال من الاحتلال الفرنسي، وفق زعمهم، وقاموا بالتشويش على قيادات من الثوار حين صعودهم المنصة وإلقاء كلمات تؤكد التشاركية والتعددية في سوريا المستقبل.
ودائماً مايكون شباب الثورة السورية بالمرصاد لمثل هؤلاء، إذ لم يكلف الأمر إلا بحث بسيط على حسابات هؤلاء "المتسلقين الجدد" على حراك الشعب السوري، لتظهر للعلن تبعيات وانتماءات هؤلاء في تمجيد الأسد ونظامه وجيشه ودعمه في قتل المدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام إلى وقت قريب.
رد الناشط الإعلامي المخضرم "ماجد عبد النور" في منشور له على "فيسبوك: "لسا بروفايلاتكم مليانة ببوستات تمجد الأسد وجيش الأسد، لسا في مئة ألف عيلة دموعها عم تنزف على أولادها المفقودين بصيدنايا، ١٣ سنة ونحنا عم نطالب بدولة مدنية ديمقراطية تعددية وأنتوا عم تتهمونا بالدعشنة وبالصهينة والخيانة وعم تطالبوا سيد الوطن يشقفنا بالبراميل، حتى الجولاني نفسه كنا ضده بإدلب بالوقت اللي كنتو عاشقين لجرابات الأسد".
وأضاف: "من حقكم التظاهر السلمي والمطالبة بحقوقكم ومن حقنا كمان نفتح الدفاتر بعد فترة ونشحط كل كلب فيكم عالمحاكم كان داعم لقتلنا ومؤيد لإبادتنا".
أيضاَ كتب الباحث "أحمد أبازيد" في منشور مطول: "مع الإبادة والقتل والبراميل في زمن الأسد .. مع المدنية والعلمانية ومعارضة الاستبداد في زمن الثورة"، وأكد أنه "مع حرية الرأي والتعبير والتظاهر للجميع، حتى لمن لم يقفوا مع الثورة ولم يعجبهم انتصارها، ولست مع قمع أي رأي أو تجريمه، ما لم يكن رأياً يشجع على الجريمة، لأجل هذه الحرية خرجنا ونادينا في ثورتنا".
وأضاف: "ربما لا تتسع المحاكم وضمان استقرار المرحلة الانتقالية لمحاسبة الشبيحة ومن أيدوا القتل والبراميل سابقاً، هؤلاء لا ننتظر منهم تغيير العلم، ولا الادعاء الكاذب بعدم معرفة جرائم النظام الأسدي التي غطت الكوكب، وليس من حقهم الآن الحديث عن مستقبل سوريا التي شجعوا قتل أبنائها طيلة 13 عاماً، ولن يمحو ماضيهم شيء".
وقام مايدعى "تجمع الشباب المدني" المنظم للتظاهرة في ساحة الأمويين، بتوزيع قصاصات مطبوعة على المتظاهرين في الساحة وتضمن أهداف التجمع في المطالبة بمؤتمر وطني لتشكيل لجنة من الكفاءات السورية لتشكيل دستور ديمقراطي مؤسساتي يضمن حقوق المواطن ويعزز دور المواطنة في بناء سوريا المستقبل.
أيضاَ يطالب التجمع بـ "المساهمة في تعزيز الوعي بضرورة استناد الدستور إلى شرعة حقوق الإنساني والوصول على دولة قانون تحمي حقوق المواطنين كأفراد بناءً على المواطنة دون تفرقة مبنيةً على الجنس أو العرق أو الدين أو الطائفة".
وقال "مؤمن مقدادي" معلقاً على موقع إكس: "خروج أول مظاهرة للعلمانيين بعد ما قام المسلمين بتحرير سوريا من علمانية الاسد كي يرجعوا العلمانية و يطالبوا بتقنين الشذوذ والدعارة ونكاح البها..ئم والدعارة ومنع الحجاب واللحى.ثريد.....".
وأضاف: "شهدت العاصمة دمشق اليوم مظاهرات لـ ((العلمانيين)) ضد ما أسموه ((السلطة الدينية، الرجعية... إلخ))، اللافت للنظر في هذه المظاهرات الغياب التام لعلم الثورة السورية بالإضافة إلى تغطيتها إعلاميا بشكل مكثف غير مسبوق من قبل وسائل إعلام إماراتية على رأسها قناة "سكاي نيوز".
وعلق بالقول: "ربما تأتي هذه المظاهرات في إطار التشويش على فرحة السوريين وإثارة الانقسامات والمشاكل والجدليات المستوردة الفارغة التافهة التي دارت بين رجال الكنيسة وفلاسفة الأنوار بأروبا في القرون الوسطى، أي منذ 300~500 عام خلت في بيئة غير بيئتنا وفي واقع غير واقعنا.
وتسائل: "ماذا قدم العلماني بشار الأسد ونظامه العلماني للسوريين سوى المعتقلات والمقابر الجماعية والفقر والتخلف والدمار والتهجير... وللعلم فإن سوريا عرفت عصرها الذهبي في العهد الأموي الإسلامي وعرفت أشد أوقاتها انحطاطا في عهد العلماني بشار الأسد"، مؤكداً أن "معركة الشعب السوري هي معركة إرساء العدل والكرامة وبناء الإنسان والنهضة بالاقتصاد والتطور العلمي في الإطار التاريخي للبلاد باعتبارها أهم حواضر العالم الإسلامي".
كانت "جمعة النصر" على الطاغية بشار الأسد، كأول جمعة تمر على السوريين بكل تراب الوطن السوري منذ 50 عاماً، من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، دون حكم لأسد، رسالة قوية لعبيد الأسد وشبيحته، إذ خرج ملايين السوريين في الساحات، كل الساحات دون استثناء، دون خوف من عناصر أمن تطلق النار، أو تسلط وقصف من جيش بشار، خرج السوريون يعبرون عن تحررهم وخلاصهم من حكم أكثر من 50 عاماً لعائلة الأسد، في مشهد مهيب يرسم معالم سوريا الحرة، سوريا لكل السوريين، سوريا التي تنفض غبار السنين لتبصر نور الحياة.
والمشهد الأكثر حضوراً كان في المسجد الأموي الكبير في دمشق، عاصمة سوريا الحرة، مشهد يرسم معالم مرحلة جديدة بإنهاء سلطة السفاح، وقطع المشروع الصفوي الإيراني، الذي حاول طمس معالم سوريا وتمكين مشروعه الطائفي، فكان الرد سريعاً من أحرار سوريا، بأن أعادوا أمجادهم وحرروا مقدساتهم من دنس الغزاة.
ولأول مرة، تعيش سوريا هذه الفرحة العارمة، سنة وشيعة وعلويين ودروز ومسيحيين وتركمان وكرد وإسماعيلية ومن كل الأطياف والملل، خرجوا في الساحات اليوم متكاتفين، مؤكدين مضيهم في بناء سوريا، إيذاناً بإنهاء حقبة مريرة من تاريخ سوريا التي عانت طويلاً حتى رأت النور، لم يكن الدرب قصيراً أو سهلاً ولم تكن تكاليف هذا اليوم إلا دماء وأشلاء وأرواح بمئات الآلاف، أنارت هذا الدرب للوصول للهدف المنشود.
قال "أنطونيو غوتيرش" الأمين العام للأمم المتحد، إن الأمم المتحدة تركز على تسهيل الانتقال السياسي في سوريا، مؤكداً على ضرورة أن يكون الانتقال شاملاً وموثوقاً وسلمياً، في وقت تشهد دمشق حركة متسارعة لوفود الدول الغربية للقاء السلطة الانتقالية الجديدة.
وأضاف غوتيريش، أنه عيّن محامية مكسيكية رئيسة للمؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، في وقت تطرق إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية تنتهك سيادة سوريا وسلامة أراضيها ويجب أن تتوقف.
واعتبر أمين الأمم المتحدة، أنه لا ينبغي وجود قوات عسكرية، بخلاف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، في المنطقة منزوعة السلاح في هضبة الجولان.
وكان قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إن هناك أملا كبيرا برؤية سوريا جديدة تعتمد دستورا لكل السوريين وتشهد انتخابات حرة ونزيهة، وأشار خلال مؤتمر صحفي في دمشق إلى أن الصراع في سوريا لم ينته بعد وهناك بعض التحديات في مناطق أخرى حسب تعبيره.
وقالت مصادر إعلام أوربية، إن القادة الأوربيون، يلتقون اليوم الخميس، لبحث تطورات الأوضاع في سوريا بعد سقوط نظام "بشار الأسد"، والخروج بقرارات بشأن كيفية التعامل مع القيادة الجديدة في البلاد، ومصير العقوبات المفروضة على سوريا واللاجئين.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون ديرلاين" قبل الاجتماع إنه يمكن إعادة النظر في العقوبات الاقتصادية واسعة النطاق على سوريا في حال أحرزت القيادة الجديدة تقدما نحو انتقال شامل وديمقراطي للسلطة.
ولفتت إلى أن "سوريا القديمة اختفت لكن الجديدة لم تولد بعد"، واعتبرت أن الفترة المقبلة ستكون حاسمة لتشكيل سوريا الجديدة، وأن أوروبا ستلعب دورا في ذلك، وأكدت أن الاتحاد الأوروبي سيكثف اتصالاته المباشرة مع النظام الجديد وكافة الفصائل في سوريا، وإن من مصلحة الجميع حدوث انتقال سلمي يشمل الجميع في سوريا.
ويأمل القادة الأوروبيون أن يتم تصنيف سوريا دولة آمنة مجددا في ظل القيادة الجديدة، مما سيعني أنه يمكن للدول الأوروبية رفض طلبات اللجوء السورية والبدء في عملية الترحيل، وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إنه "من المريح انتهاء نظام بشار الأسد، ونحن بحاجة للنظر بحذر إلى من سيتولى الأمر ويملأ الفراغ في سوريا".
وقال المبعوث الهولندي السابق إلى سوريا نيكولاوس فان دام، إن الإدارة الجديدة في دمشق لديها "فرصة ذهبية" لإعادة إعمار البلاد عقب انهيار نظام البعث في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
في السياق، قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو إن بلاده "تحتاج للتعامل مع النظام الجديد في سوريا وتقديم كل أشكال الدعم"، مضيفا بأنه "يجب فعل كل ما بوسعنا لدعم استقرار سوريا حتى يتمكن الراغبون في العودة من القيام بذلك".
وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك، أن الإطاحة بنظام بشار الأسد هو من الاخبار الجيدة للسوريين ولبلادها التي رفضت الانجرار وراء طلبات التطبيع مع هذا النظام، ولفتت إلى أن دمشق بحاجة إلى عملية سياسية يقودها السوريون من الداخل لا من الخارج، واعتبرت أن احتلال إسرائيل للجولان يعد انتهاكا للقانون الدولي.
في السياق، شددت الوزيرة الألمانية على ضرورة أن يأخذ الانتقال السلمي للسلطة في الاعتبار حقوق جميع الطوائف العرقية والدينية في سوريا، بدوره قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إن رفع العقوبات عن سوريا وتقديم مساعدات إعادة الإعمار لها يجب أن يتوقفا على التزامات سياسية وأمنية واضحة من جانب الإدارة الجديدة لدمشق.
وكان قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو"، إن رفع العقوبات عن سوريا وتقديم مساعدات إعادة الإعمار لها يجب أن يتوقفا على التزامات سياسية وأمنية واضحة من جانب الإدارة الجديدة لدمشق، وبين أن فرنسا ستستضيف اجتماعا حول سوريا مع الشركاء العرب والأتراك والغربيين في يناير/ كانون الثاني.
في سياق مواز، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الإدارة الجديدة في سوريا إلى الوفاء بوعودها بالاعتدال إذا كانت تريد تجنب العزلة المفروضة على حركة طالبان الأفغانية، وقال "أظهرت حركة طالبان وجها أكثر اعتدالا، أو على الأقل حاولت ذلك، عندما سيطرت على أفغانستان، ثم ظهر وجهها الحقيقي. وكانت النتيجة أنها بقيت معزولة إلى حد كبير" على الصعيد الدولي"
وأضاف موجها كلامه إلى الإدارة الجديدة في سوريا "لذلك، إذا كنتم لا تريدون هذه العزلة، فهناك أمور معينة ينبغي أن تقوموا بها لدفع البلاد إلى الأمام".
وكان طالب "أحمد الشرع" القائد العام لـ "إدارة العمليات العسكرية"، برفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، كذلك المفروضة على "هيئة تحرير الشام" المصنفة على قائمة المنظمات الإرهابية، مؤكداً أن سوريا أنهكتها الحرب وأنها لا تمثل تهديدا لجيرانها أو للغرب
وأضاف "الشرع" في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" في دمشق، أن هيئة تحرير الشام ليست جماعة إرهابية، وأنها لم تكن تستهدف المدنيين أو المناطق المدنية وكانت ضحية لجرائم الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وأكد قائد "إدارة العمليات العسكرية" أنه لا ينبغي معاملة الضحايا بنفس الطريقة التي يعامل بها الجلادون، ونفى أنه يريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان، مشددا على أن البلدين مختلفان للغاية، ولديهما تقاليد مختلفة.
تأتي التصريحات المتلاحقة لقيادة "إدارة العمليات العسكرية" التي تسلمت السلطة بعد سقوط نظام الأسد، بالتزامن مع حراك دبلوماسي غربي بشأن سوريا، حيث زرارت وفود فرنسية وبريطانية وإيطالية وتركية وقطرية وعدد من الوفود الأممية دمشق، وقابلت "الشرع" للحصول على تطمينات للمرحلة القادمة في سوريا، وتفعيل دور سفاراتها في دمشق.
ناشدت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، السلطات في سوريا ووسائل الإعلام بضرورة تحمل مسؤولياتهم في احترام وحماية أماكن المقابر الجماعية" من العبث، ووقف مايحدث من انتهاكات خطيرة وغير مسؤولة بكشف أماكن المقابر الجماعية ونبشها وحدوث تدخلات غير مهنية واستخراج عشوائي للرفات.
وقالت المؤسسة إن التدخلات غير المهنية التي تتعرض لها المقابر الجماعية تمثل انتهاكاً لكرامة الضحايا وحقوقهم وحقوق عائلاتهم، وتؤدي إلى إلحاق ضرر بالغ بمسرح الجريمة والأدلة الجنائية التي يمكن أن تساعد في كشف مصير المفقودين والمتورطين في جرائم اختفائهم ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم، وتعيق هذه التدخلات غير المهنية جهود العدالة وتضاعف من معاناة العائلات التي تنتظر بفارغ الصبر معرفة مصير أبنائها، وتقوّض الجهود المستقبلية لتحقيق المساءلة والعدالة.
وأكدت المؤسسة أن لديها ضوابطها الصارمة في العمل بهذا الملف الشائك، ولا تقوم فرقنا بفتح أي مقابر جماعية ولا تستخرج أي رفات مدفونة فيها، وإنما تعمل في إطار الاستجابة للتعامل مع الجثامين والقبور المفتوحة التي تكون فيها الرفات بحالة خطر وتعرضت للعبث أو الرفات المكشوفة خارج المقابر الجماعية، إذ أن التعامل مع المقابر الجماعية يحتاج إلى ولاية قضائية وجنائية وإلى فرق مختصة وتفويض قانوني، بالإضافة إلى وجود تقنيين مختصين ومختبرات متخصصة لضمان التعامل مع الرفات بشكل علمي ودقيق.
ولفتت إلى دور فرق الدفاع المدني السوري يركز حالياً على الاستجابة الطارئة لنداءات الأهالي بوجود رفات مكشوفة غير مدفونة لتقوم الفرق بتوثيق وجمع الرفات وأخذ عينات منها ليتم مطابقتها لاحقاً، وفقاً للبروتوكولات الخاصة والتنسيق لاستكمال كافة الإجراءات الخاصة بحفظها بما يساعد في إمكانية التعرف عليها لاحقاً.
وقالت "في الوقت الذي تظهر فيه أهمية الدور المحوري لوسائل الإعلام في تسليط الضوء على قضية المفقودين والمقابر الجماعية والجرائم في سوريا، من الضروري أن تتم التغطية بمهنية وأخلاقية عالية ملتزمة بأخلاقيات العمل الصحفي ومبدأ عدم الضرر، مع احترام كرامة الضحايا ومشاعر العائلات، ومن هذا المنطلق نوصي بالامتناع التام عن تصوير الرفات أو المقابر بطريقة تنتقص الكرامة البشرية، والحرص على تقديم تغطية تساهم في رفع الوعي بهذه الجرائم وخطورتها وتكريم ذكرى الضحايا ودعم العائلات في سعيها لتحقيق العدالة".
ووجهت رسالة "لأهلنا السوريين ولذوي المعتقلين والمخفيين قسراً الذين لم يُعرف مصير أبناءهم حتى الآن، بأننا نتفهم تماماً شعورهم بانتظار أحبابهم وفلذات أكبادهم ونعبّر عن تضامننا الكامل معهم، ولكن نناشدهم الصبر و بعدم التوجه لأماكن المقابر الجماعية وعدم نبش أي قبر أو فتحه، ونعدهم بالعمل لكشف مصير أبنائهم وأحبائهم وهذا الأمر أولوية لنا، وسنسعى لمحاسبة من ارتكب جرائم الإخفاء القسري وجرائم الاعتقال والمسؤولين عن المقابر الجماعية".
وأكدت أن تضافر جهود السوريين والمؤسسات والجهات الفاعلة والآليات الدولية في هذا الملف الإنساني القانوني ضرورة ملحة للحفاظ على المقابر الجماعية وحمايتها والحفاظ على الأدلة وتوثيقها بدقة خلال هذه المرحلة الصعبة ريثما تسمح الظروف (للعمل المهني والقانوني في هذه المقابر) بما يساعد في معرفة مصير عشرات آلاف المفقودين وتقديم الأجوبة الشافية لعائلاتهم ومحبيهم وضمان المساءلة والعدالة.
وكانت قالت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، في بيان لها، إن معالجة المقابر الجماعية بعد النزاعات المسلحة تشكل تحدياً قانونياً وإنسانياً يتطلب اتخاذ تدابير دقيقة ومبنية على أسس القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، والقانون الجنائي الدولي.
وقدمت الشبكة عدد من التوصيات التي تهدف إلى ضمان احترام كرامة المتوفين، تحقيق العدالة للضحايا، ومساءلة الجناة. وهي موجهة بشكل أساسي للحكومة الجديدة في سوريا، ووسائل الإعلام، والمجتمع السوري.
وأكدت الشبكة على ضرورة حماية المقابر الجماعية والحفاظ عليها، من خلال منع العبث والتعدي، إذ يجب حماية المقابر الجماعية من العبث أو الوصول غير المصرح به، نظراً لأهميتها كأدلة رئيسة في التحقيقات القانونية والجنائية.
وشددت على أهمية توثيق المواقع ووضع العلامات، إذ ينبغي تسجيل مواقع المقابر الجماعية، ووضع علامات واضحة عليها لضمان حمايتها وإمكانية الوصول إليها لأغراض التحقيق، واحترام كرامة المتوفين إذ يجب التعامل مع رفات الضحايا باحترام وكرامة، وضمان حظر التشويه أو الإساءة، امتثالاً لأحكام القانون الدولي.
كذلط أكدت على ضرورة التحقيق وضمان المساءلة، من خلال إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة: من الضروري تنفيذ تحقيقات فعالة ونزيهة تكشف ظروف الوفاة وتدعم مبدأ المساءلة، بما يتوافق مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان.
وشددت على أهمية جمع الأدلة الجنائية، إذ تحتوي المقابر الجماعية على أدلة حاسمة على ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. لذا يجب ضمان تحقيقات دقيقة وشاملة تسهم في توثيق الأدلة واعتبارها مقبولة قضائياً.
وبينت الشبكة أهمية تحديد هوية الضحايا وإعادة رفاتهم، إذ ينبغي استخدام أدوات التحليل الجنائي، واختبارات الحمض النووي، وغيرها من الوسائل التقنية لتحديد هوية الضحايا. يسهم ذلك في تحقيق العدالة لأسر الضحايا ويمنحهم معرفة مصير أحبائهم، وإعادة الرفات إلى الأسر، إذ يجب تسليم رفات الضحايا إلى أسرهم أو مجتمعاتهم المحلية لدفنها وفقاً للتقاليد الثقافية والدينية، مما يضمن عملية دفن لائقة وكريمة.
وكانت أعلنت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، انتشا فرق البحث في الدفاع المدني، رفات 21 جثة منقولة مجهولة الهوية، يوم الاثنين 16 كانون الأول من موقع في ريف دمشق الشرقي، موضحة أن عملية الانتشال جاءت بعد بلاغ وصل لفرق الدفاع المدني السوري بوجود رفات منقولة غير مدفونة في موقع طريق مطار دمشق الدولي في ريف دمشق الشرقي.
وتوجهت فرق من الدفاع المدني السوري للموقع وعاينته وهو عبارة عن أرض زراعية غير مستثمرة، يوجد فيها ركام وأتربة، وبحسب شهود عيان وأهالٍ في المنطقة فإن هذه الرفات لم تكن موجودة في المكان وشاهدوا سيارة محملة بهذه الرفات ووضعتها في المكان وغادرته وكان ذلك بتاريخ 9 كانون الأول 2024.
وعملت فرق الدفاع المدني السوري على توثيق هذه الرفات وفقا للبروتوكولات الخاصة بتوثيق وجمع الرفات، وتتابع الفرق التنسيق لاستكمال كافة الإجراءات الخاصة بحفظها بما يساعد في إمكانية التعرف عليها لاحقاً.
ووفق المؤسسة، تحتاج آلاف العائلات السورية لمعرفة مصير أبنائها الذين كانوا معتقلين أو مختفين قسرياً ، كل شخص مفقود يمثل عائلة تعيش حالة من الحسرة وتعاني من الألم المصاحب لحالة عدم اليقين والتأثير البالغ على حياتها اليومية وعلى المجتمعات التي تعيش فيها هذه العائلات.
تعتبر المقابر الجماعية والرفات البشرية الموجودة في سوريا واحدة من أهم المصادر لمعرفة مصير آلاف المفقودين والمختفين قسرياً وتوفر ادلة فيزيائية عن مرتكبي هذه الجرائم والمتورطين فيها.
وتقوم فرق الدفاع المدني السوري كمرحلة أولى من الاستجابة في التعامل مع هذا الواقع بثلاثة أنشطة رئيسة، أولها: تلقي البلاغات عن وجود رفات بشرية في مناطق مكشوفة وغير مدفونة والاستجابة لهذه البلاغات وتوثيقها وانتشالها ونقلها إلى مقابر مخصصة ودفنها بطريقة لائقة وكريمة وتتناسب مع العادات والتقاليد الدينية للمجتمعات وبما يساعد في إمكانية التعرف عليها لاحقاً من قبل ذويها.
تحديد مواقع المقابر الجماعية وإجراء تقييم أولي لها دون أي عمل مباشر فيها الآن لحساسية الموضوع وما يتطلبه من موارد وآليات وحماية، وتلقي البلاغات عن وجود جثامين مجهولة الهوية في مختلف المناطق السورية، بحيث تعمل الفرق على توثيق هذه الجثث وحفظ مقتنياتها، ومن ثم نقلها ودفنها في أماكن مخصصة وبطريقة لائقة تتناسب مع العادات المجتمعية والدينية، وبما يساعد في إمكانية التعرف عليها من قبل ذويهم في المستقبل.
وطالبت الدفاع المدني السوري من الأهالي الإبلاغ عن أي مكان يوجد فيه رفات أو يعتقد بوجود رفات فيه أو مقبرة جماعية، وأكدت على أهمية عدم تحريك أو نقل أي رفات يتم العثور عليها أثناء القيام بأعمال الحفر أو عن طريق الصدفة، وعدم المساس بالمقابر الجماعية وضرورة إبلاغ أقرب مركز للدفاع المدني السوري أو إبلاغ الجهات العاملة في هذا المجال.
ولفتت إلى أن نقل الرفات أو تحريكها أو تغيير أي وضع كانت عليه يؤثر بشكل كبير على تحديد هوية الرفات والطريقة التي أدت للوفاة، وقد يكون اكتشاف مواقع الدفن مهماً ليس فقط في البحث عن المفقودين ولكن أيضاً في تحديد مرتكبي الجرائم ومحاكمتهم المحتملة لاحقاً.
وتشكل المقابر الجماعية والرفات إرثاً متكرراً للنزاعات والحروب وانتهاكات حقوق الإنسان، ويحتاج الناجون إلى معرفة الحقيقة بشأن مصير أحبائهم، ولهم الحق بموجب القانون الدولي في السعي إلى معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة وجبر الضرر.
وشددت المؤسسة على أنه من الضروري أن تتكاتف جهود جميع الأطراف بدءاً بالمؤسسات والجهات العاملة في هذا المجال و المجتمعات المحلية والسلطات للتعامل مع هذا الملف على نحوٍ عاجل وبقدر عالٍ من المهنية، لمعرفة مصير عشرات آلاف المفقودين وتقديم الأجوبة الشافية لعائلاتهم ومحبيهم.
وسبق أن قال "روبير بوتي"، رئيس الآلية الدولية المحايدة المستقلة التي أنشأتها الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، إنه بعث برسالة إلى الحكومة السورية الجديدة، مبدياً استعداده للتعامل معها والسفر إلى سوريا للحصول على أدلة قد تدين كبار المسؤولين في النظام السابق.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي في جنيف "ستكون أولويتنا القصوى هي الذهاب ومحاولة تحديد حجم المشكلة ومعرفة ما هو متاح بالضبط من حيث الوصول للأدلة والأدلة المحتملة ثم معرفة أفضل السبل للمساعدة في الحفاظ عليها"، معتبراً: "أصبحت هناك الآن إمكانية للوصول إلى أدلة بحوزة أعلى مستويات النظام".
وكان قال "فضل عبد الغني" مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إن فلسفة الإخفاء القسري ترتكز على استدامة الألم وتعميق الجراح النفسية والجسدية لعائلات المختفين قسريًا، حيث يتم ذلك عبر إثارة التساؤلات والشائعات بشكل دوري.
ولفت إلى أن تداول الإشاعات والخرافات، منذ الأيام الأولى، حول وجود طوابق أو مراكز احتجاز سرية لم تكتشف بعد، يُعد من أكبر الخدمات التي قدمت لنظام الأسد البائد، إذ ساهم في تشتيت الجهود ونكأ الجراح.
وأشار إلى أن مراكز الاحتجاز والمقابر الجماعية، فهي مواقع تُعتبر مسارح جرائم كبرى، ولا يجوز لأي جهة أو فرد الدخول إليها أو السير داخلها بشكل عشوائي. فذلك قد يؤدي إلى تدمير الأدلة الجنائية، بنقل آثار من الخارج إلى الداخل أو العكس. كان ينبغي على إدارة العمليات العسكرية، منذ تحرير مراكز الاحتجاز في حلب، أن تضع حماية هذه المواقع والحفاظ على أدلتها في قمة أولوياتها.
أثارت تصريحات الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" خلال المؤتمر الصحفي السنوي، حول استعداد روسيا تحويل قاعدة حميميم الجوية بريف اللاذقية إلى قاعدة لإيصال المساعدات الإنسانية الدولية إلى سوريا، موجة استهجان في الأوساط الثورية السورية، في نية روسية واضحة لطمس تاريخ طويلة من القتل والتدمير الذي مارسته روسيا انطلاقاً من القاعدة "حميميم" بحق الشعب السوري.
وقال بوتين: "سنفكر في بقاء قواعدنا في سوريا، وسنقرر ما إذا كنا سنبني علاقات مع القوى السياسية التي تسيطر أو سوف تسيطر على الحكم في سوريا، هذا يتطلب البحث من الطرفين عن أرضية مشتركة"، ولفت إلى أن موسكو مستعدة لتنظيم إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر قاعدة "حميميم"، وقال: "اقترحنا على شركائنا بمن فيهم الموجودون على الأراضي السورية استخدام قاعدة حميميم.
أثار تبدل الموقف الروسي وكثير من الدول الداعمة لنظام الأسد، حالة من الاستغراب في أوساط أبناء الحراك الثوري السوري، بعد نجاحهم في إسقاط حكم الطاغية "بشار الأسد"، لتحاول تلك الدول في مقدمتها روسيا تبديل مواقفها وإظهار وجه آخر تجاه الشعب السوري، وهي التي مارست شتى أنواع القتل والتدمير وساهمت في "تثبيت الديكتاتور" حتى لحظة سقوطه.
لم تكتف روسيا بجرائم الحرب التي ارتكبتها في سوريا منذ تدخلها في 2015 لإنقاذ حكم "بشار الأسد"، بل عملت على حمايته بعد سقوطه من خلال منحه وعائلته وكبار ضباطه والمقربين منه حق اللجوء الإنساني، وسط تصريحات متبدلة تحاول فيها الخروج من مسؤوليتها على جرائم الحرب المرتبكة، دون أن تبادل حتى لتسليم الديكتاتور للمحاكمة العادلة.
ولطالما حاولت روسيا جاهدة وعبر أذرعها المتعددة في سوريا، التغلغل ضمن المجتمع السوري، والظهور بمظهر "حمامة السلام" و المظهر الإنساني، من خلال تقديم بعض المساعدات للمدنيين أو الأطفال في مناطق عدة، في وقت كانت طائراتها تواصل التدمير وقتل السوريين وارتكاب المجازر بحقهم.
قاعدة حميميم الجوية
و"قاعدة حميميم الجوية" هي قاعدة جوية عسكرية تقع في بلدة حميميم على بعد أربعة كيلومترات من مدينة جبلة، و19 كيلومترا من محافظة اللاذقية، وقريبة من مطار باسل الأسد الدولي، أنشئت لاستخدام الطيران المروحي، لكن القوات السورية استخدمتها لاحقا لاستقبال الطائرات المدنية الصغيرة والمتوسطة.
وفي أغسطس/آب 2015، ومع بدء تدخل القوات الروسية عسكرياً في سوريا لإنقاذ نظام الأسد، وقعت روسيا اتفاقا مع نظام الأسد، يمنح الحق للقوات العسكرية الروسية باستخدام قاعدة حميميم في كل وقت من دون مقابل ولأجل غير مسمى.
واستخدمت روسيا القاعدة الجوية منطلقاً لنشر الموت والدمار في عموم المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، مركزة على استخدام سلاح الجو لتغيير المعادلة على الأرض، وقد وفر هذا السلاح الدعم لقوات النظام والميليششيات الشيعية، وعملت طائرات ورسيا خلال سنوات مضت على نشر الموت وارتكاب أفظع جرائم الحرب بحق المدنيين السوريين، عبر استخدام عشرات الأنواع من الأسحلة التي جربتها على أجساد السوريين ومدنهم.
أعلنت روسيا في أغسطس/آب 2016 عزمها توسيع قاعدة حميميم بغرض تحويلها إلى قاعدة جوية عسكرية مجهزة بشكل متكامل، ونقلت الوكالات وقتها تصريحا لفرانس كلينتسيفيتش نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الاتحاد الروسي تأكيده أن موسكو تخطط لتوسيع "حميميم"، وتهيئة الظروف التي تتيح بقاء الجنود الروس فيها بشكل دائم.
وشملت عمليات توسعة قاعدة حميميم، المدرج الذي أصبح عرضه مئة متر، وطوله نحو 4600 متر، وذلك لتتمكن الطائرات الروسية الضخمة مثل أنطونوف التي تحمل الدبابات والمدافع من الهبوط بالقاعدة، وذلك إلى جانب الطائرات المتطورة مثل سوخوي 35.
وتم الإعلان عن تخصيص ساحات لهبوط وإقلاع طائرات النقل "آن-124" (روسلان) الثقيلة، وذلك حتى لا تعرقل عمليات شحن وتفريغ هذه الطائرات العملاقة وعمليات صيانتها الحركة الاعتيادية في المطار، إلى جانب تجهيز المطار وبناء ثكنات ومطاعم جديدة للعسكريين، ومستشفى ميداني وتجهيز مواقع لنشر منظومات صواريخ "بانتسير" الحديثة.
وينتشر نحو 4300 عسكري روسي في سوريا، أغلبيتهم في قاعدة حميميم، ومن الأسلحة التي خزنتها روسيا بقاعدة حميميم طائرات سوخوي 34 و24 و30 ومروحيات الهجوم وطائرات التجسس الإلكتروني، إلى جانب طائرات هجومية أخرى.
ومنذ تدخلها في سوريا سعت روسيا لتمكين قبضتها العسكرية، واللعب بشكل واسع على ضمان مصالحها من خلال عقود طويلة الأمد وقعتها مع الأسد من خلال امتلاك قواعد عسكرية أبرزها حميميم في اللاذقية وقاعدة بحرية في طرطوس ومواقع أخرى، إضافة لعقود التنقيب على الفوسفات والنقط في البادية السورية ودير الزور، في وقت أكد محللون خلال سنوات مضت أن روسيا لاتأبه لبقاء الأسد بقدر تحقيق مصالحها وأنها مستعدة للتخلي عنه في أي وقت تدرك فيه أنه بات بقائه في غير صالحها.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد اعتبر أن العمليات العسكرية في سوريا ساعدت الجيش الروسي على فحص الأسلحة واتخاذ خطوات حقيقية نحو تطويرها، في وقت تؤكد روسيا مراراً أن ها استخدمت أجساد ومدن السوريين لتجربة أسلحتها الفتاكة.
ووصف وزير الدفاع الروسي، العمليات في سوريا، بأنها "علامة فارقة منفصلة وانطلاقة حقيقية أعطت الجيش الروسي خطوة جادة ونوعية إلى الأمام"، حيث تواصل روسيا منذ 30 سبتمبر/ أيلول 2015، زج ترسانتها العسكرية في سوريا، وتجربتها على أجساد السوريين.
لم تكتف روسيا بجرائم الحرب التي ارتكبتها في سوريا منذ تدخلها في 2015 لإنقاذ حكم "بشار الأسد"، بل عملت على حمايته بعد سقوطه من خلال منحه وعائلته وكبار ضباطه والمقربين منه حق اللجوء الإنساني، وسط تصريحات متبدلة تحاول فيها الخروج من مسؤوليتها على جرائم الحرب المرتبكة، دون أن تبادل حتى لتسليم الديكتاتور للمحاكمة العادلة.
وكان قال متحدث باسم "الكرملين" الروسي، إن روسيا ستبحث مستقبل القواعد الروسية في سوريا، مع السلطات الجديدة بعد سقوط نظام "بشار الأسد"، لافتة إلة أنه لاخطط لدى "بوتين" للقاء الإرهابي الفار "بشار الأسد" في روسيا.
أوضح الكرملين، أن بوتين اتخذ شخصيا قرار منح "بشار الأسد اللجوء" في روسيا، وأكد أنهم على اتصال دائم مع أنقرة واللاعبين الإقليميين الآخرين بشأن الأوضاع في سوريا.
وكانت قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيا، إن الأسد قرر ترك منصبه وغادر البلاد نتيجة مفاوضاته مع عدد من المشاركين في النزاع المسلح، وناشدت جميع الأطراف توجيه دعوة إلى نبذ العنف وحل جميع قضايا الحكم بالوسائل السياسية.
وبينت الوزارة أنها على اتصال بكل فصائل المعارضة السورية، داعية إلى احترام آراء جميع الأعراق والطوائف، وأكدت دعم جهود إطلاق عملية سياسية شاملة وفق القرار 2254 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بالإجماع، وقالت إن القواعد العسكرية الروسية في سوريا في حالة تأهب قصوى ولا تهديد خطيرا لسلامتها.
أعلنت السفارة الروسية لدى دمشق أن جميع موظفيها في سوريا بخير، بعد دخول المعارضة المسلحة إلى دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد، وقال مصدر في السفارة لوكالة "تاس": "كل شيء على ما يرام"، دون أن يدلي بأي تفاصيل أخرى، في حين رفعت لاحقاً علم الثورة السورية على السفارة السورية في موسكو.
يصادف يوم الأربعاء الـ 30 من شهر أيلول لعام 2015، الذكرى السنوية لـ "التدخل الروسي" في سوريا، والذي جاء حاملاً معه الموت والدمار للشعب السوري، لتحقيق هدف واحد في بادئ الأمر متمثلاً في "تثبيت الديكتاتور بشار"، سرعان ماتحول للهيمنة على مقدرات الدولة وثرواتها وتملك القرار العسكري والسياسي فيها وبناء قواعد عسكرية روسيا في حميميم ومرفأ طرطوس، وتثبيت أسطولها قبالة السواحل السورية.
سنوات طويلة مضت، عاش السوريون خلالها مرارة الموت ليس بالصواريخ والقذائف وماحملته طائرات روسيا وبوارجها الحربية فحسب، بل الموت جوعاً بالحصار وخنقاً بالأسلحة الكيماوية، وتشريداً بحملات التهجير القسرية، وحرماناً من العودة للديار، علاوة عن التضييق الممنهج إنسانياً لحرمان المهجرين السوريين من أي حقوق حتى ولو بسلة المساعدات عبر المحافل الدولية.
وقفت روسيا ضد إرادة التغيير الديمقراطي في سوريا منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي، مستخدمةً تبريرات متنوعة وفي بعض الأحيان متناقضة، كما قدمت روسيا للنظام السوري مختلف أشكال الدعم اللوجستي سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، ووقفت ضد أي إدانة دولية للنظام السوري في مجلس الأمن.
وعملت روسيا على شلل مجلس الأمن تجاه مسائلة النظام السوري عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها، وذلك مِن خلال استخدام الفيتو 18 مرة، منها 4 استُخدمت قبل التدخل العسكري، و14 مرة استُخدمت بعد تدخلها العسكري المباشر في سوريا عام 2015.
وصوتت أن روسيا صوَّتت في جميع دورات مجلس حقوق الإنسان أي 21 مرة، ضد كافة القرارات التي من شأنها أن تدين العنف والوحشية التي يتعامل بها النظام السوري مع مخالفيه، بل وحشدت الدول الحليفة لها مثل: الجزائر وفنزويلا وكوبا وغيرها للتصويت لصالح النظام السوري.
حصائل الموت الروسية
في تقريرها السنوي الثامن عن أبرز انتهاكات القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015، تشير إحصائيات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى تورط روسيا بمقتل 6954 مدنياً بينهم 2046 طفلاً و1246 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد هذه القوات.
ووفق الشبكة الحقوقية، تسببت القوات الروسية بمقتل 6954 مدنياً بينهم 2046 طفلاً و978 سيدة (أنثى بالغة)، وما لا يقل عن 360 مجزرة، وأظهر تحليل البيانات أن العام الأول للتدخل الروسي قد شهد الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 52 % من الحصيلة الإجمالية). فيما شهدت محافظة حلب الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 41 %) بين المحافظات السورية، تلتها إدلب (38%).
كما وثق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، جلهم في محافظة حلب، وكانت الحصيلة الأعلى لهؤلاء الضحايا في العام الأول، إضافةً إلى مقتل 44 من كوادر الدفاع المدني، نصفهم في محافظة إدلب التي سجلت الحصيلة الأعلى بين المحافظات، وكانت الحصيلة الأعلى من الضحايا في العام الأول من التدخل العسكري الروسي (قرابة 35 %) وفق ما أورده التقرير. وسجل مقتل 24 من الكوادر الإعلامية جميعهم قتلوا في محافظتي حلب وإدلب.
وطبقاً للتقرير فقد ارتكبت القوات الروسية منذ تدخلها العسكري حتى 30/ أيلول/ 2023 ما لا يقل عن 1246 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة، بينها 223 مدرسة، و207 منشأة طبية، و61 سوق، وبحسب الرسوم البيانية التي أوردها التقرير فقد شهد العام الأول للتدخل الروسي 452 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية. كما شهدت محافظة إدلب الحصيلة الأعلى من حوادث الاعتداء بـ 629حادثة، أي ما نسبته 51 % من الحصيلة الإجمالية لحوادث الاعتداء.
كما سجل التقرير ما لا يقل عن 237 هجوماً بذخائر عنقودية، إضافةً إلى ما لا يقل عن 125 هجوماً بأسلحة حارقة، شنَّتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015.
وجاء في التقرير أنَّ حجم العنف المتصاعد، الذي مارسته القوات الروسية كان له الأثر الأكبر في حركة النُّزوح والتَّشريد القسري، وساهمت هجماتها بالتوازي مع الهجمات التي شنَّها الحلف السوري الإيراني في تشريد قرابة 4.8 مليون نسمة، معظم هؤلاء المدنيين تعرضوا للنزوح غيرَ مرة.
لفتَ التقرير إلى أن السلطات في روسيا تنكر إلى اليوم قيامها بأية هجمات ضدَّ المدنيين، وما زال وزير خارجيتها يصرح مراراً أن التدخل الروسي شرعي؛ لأن هذا التدخل كان بطلب من النظام السوري ولمحاربة تنظيم داعش، ويؤكد لافروف بأنَّ بلاده مُلتزمة بقواعد القانون الدولي الإنساني، إلا أنه يتجاوز فكرة أن روسيا لم تقم بفتح تحقيق واحد حول المعلومات المؤكدة على انخراط القوات الروسية في العديد من الهجمات بانتهاكات ترقى لتكون جرائم حرب بحسب عدد من التقارير الأممية والدولية والمحلية.
ووفق الشبكة، تورط النظام الروسي في دعم النظام السوري الذي ارتكب جرائم ضدَّ الإنسانية بحق الشعب السوري، عبر تزويده بالسلاح والخبرات العسكرية، وعبر التدخل العسكري المباشر إلى جانبه، أوضح التقرير أن روسيا استخدمت الفيتو مرات عديدة على الرغم من أنها طرف في النزاع السوري، وهذا مخالف لميثاق الأمم المتحدة، كما أن هذه الاستخدامات قد وظَّفها النظام للإفلات من العقاب. كما أكد أن السلطات الروسية لم تَقم بأية تحقيقات جدية عن أيٍ من الهجمات الواردة فيه أو في تقارير سابقة، وحمل التقرير القيادة الروسية سواء العسكرية منها أو السياسية المسؤولية عن هذه الهجمات استناداً إلى مبدأ مسؤولية القيادة في القانون الدولي الإنساني.
قال "رائد الصالح" مدير مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، إن الحريق الذي اندلع الليلة الماضية في ملعب حلب الدولي بحي الحمدانية في مدينة حلب، كان مفتعلا ومتعمداً، كانت أعلنت المنظمة في وقت متأخر من الليل تمكنها من إخماد الحريق الكبير.
وأكد "الصالح" على منصة "إكس"، أن هناك عدة قرائن مجتمعة ترقى للدليل تثبت أن الحريق كان مدبرا، وهي أن التحضيرات كانت جارية لمباراة ودية يوم الجمعة، وهي مباراة تحمل رمزية كبيرة بعودة الأنشطة الرياضية، وجاء الحريق ليوقف هذه الأنشطة.
ولفت إلى أن فرق "الخوذ البيضاء" تلقت بلاغين عن حريقين بالسكري والكلاسة في مدينة حلب في نفس توقيت بلاغ حريق الملعب، وعندما وصلت الفرق لمكان الحريق تبين عدم وجود أي حرائق في الحيين، وكان الهدف من البلاغات إشغال الفرق.
واعتبر الصالح أن هذا العبث والاستهتار بأرواح المدنيين وتدمير المرافق العامة نهجا خطيرا وجرائم الهدف منها زعزعة الاستقرار، محذرا من هذا النهج وخطورته، ومطالبا بضرورة محاسبة كل من تورط في هذه الأفعال.
وشدد مدير مؤسسة الدفاع المدني السوري، على أن هذه الجرائم والأفعال المرفوضة من السوريين لن تمنع من إعادة الحياة والأمل لكل سوريا، ونقف جميعا صفا في وجه هؤلاء العابثين وجرائمهم.
وكانت أعلنت المؤسسة إخماد حريق ضخم مجهول السبب، اندلع في قاعة استقبال استاد مدينة حلب الرياضي الدولي بحي الحمدانية، مساء يوم الأربعاء 18 كانون الأول، وعملت الفرق على إخماد الحريق وتبريد المكان بعد ساعتين من العمل المتواصل بمشاركة 15 متطوع من الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، مزودين بـ5 سيارات نجدة إطفاء وملاحق للتزويد بالمياه، وسيارتي إسعاف وسيارتي خدمة، وتأكدت الفرق من عدم وقوع إصابات بين المدنيين في المكان.
بدأت "إدارة العمليات العسكرية"، اليوم الخميس 19 كانون الأول، تسلم عناصر النظام الفارين إلى العراق، بالتنسيق مع السلطات العراقية، بعد أن أعلنت بغداد أنها ستبدأ بإعادة الجنود السوريين، وقال الناطق باسم الداخلية وخلية الإعلام الأمني العميد مقداد ميري، اليوم الخميس، إن الجهات المختصة ستباشر اليوم بإعادة الجنود السوريين إلى بلادهم.
وأضاف أنه تم التنسيق مع الجهات السورية المعنية في هذا المجال، لكي يتم نقل الجنود عبر منفذ القائم الحدودي، المقابل لمنفذ البو كمال السوري، في وقت يرفض قرابة 100 عنصر وضابط من جيش النظام الساقط العودة من أصل ألفي عنصر.
وتواصل مراكز التسوية التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية، فتح أبوابها في مراكز الشرطة التي حددتها في عدة محافظات سوريا، استقبال عناصر وضباط النظام لتسوية أوضاعهم ومنحهم بطاقات حماية مؤقتة، لحين البت في مصيرهم لاحقاً ومحاسبة المتورطين بالدم السوري.
وسبق أن تداولت صفحات إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعا مصورا يظهر ما قالت إنها وقفة لعدد من عناصر جيش "بشار الأسد" المخلوع، يطالبون بالعودة بعد أيام على فرارهم من سوريا إلى العراق.
وتظهر الصور المتداولة من أماكن إقامة العناصر الفارين إلى العراق، بأنهم يسكنون خيام قماشية وتشير تقارير إلى أن عدد العناصر من فلول ميليشيات الأسد الساقط تتجاوز 2000 عسكري بينهم ضباط.
وأصدرت وزارة الدفاع العراقية توجيهات للوحدات العسكرية في محافظة الأنبار الغربية بإقامة معسكر يضم مئات الخيام لـ 2150 عسكري من جيش بشار الأسد البائد، بحسب تصريح قائم مقام قضاء الرطبة "عماد الدليمي".
وقال إن الجنود سلموا أنفسهم للسلطات العراقية بعد إسقاط نظام الأسد في سوريا وأفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، الأسبوع الماضي، أن ما لا يقل عن 2000 جندي من جيش النظام السابق عبروا إلى العراق مع تقدم الثوار في سوريا.
ويتجرع عناصر من قوات الأسد تجربة الإقامة في المخيمات بعد أن كانوا سببا مباشرا في نزوح مئات الآلاف من السوريين ممن سكنوا داخل الخيام وسط ظروف إنسانية صعبة ويترافق ذلك مع استمرار انعدام أبسط مقومات الحياة من كهرباء ومياه وصرف صحي ووسائل تدفئة بالشتاء أو تبريد بالصيف.
وكانت كشفت مصادر إعلام عربية، عن معلومات تشير إلى وجود كلاً من "علي مملوك" مدير الأمن القومي السوري السابق و"ماهر الأسد"، في منطقة جبل قنديل شمال العراق والقريبة من الحدود الإيرانية، وذلك بعد نفي السلطات العراقية وجوده ضمن أراضيها.