افتُتحت مساء الأمس في مدينة المعارض بدمشق فعاليات الدورة العشرين للمعرض العربي الدولي للصناعات الغذائية والتعبئة والتغليف "فود إكسبو 2025"، بمشاركة نحو 200 شركة من سوريا وعدة دول عربية وأجنبية، تمثل أكثر من 800 علامة تجارية، على مساحة تمتد إلى 25 ألف متر مربع.
ويستهدف المعرض شريحة واسعة من المهتمين بالقطاع الغذائي، من مستوردين ومصدّرين، ورجال أعمال وصناع قرار، إلى أصحاب المنشآت السياحية والمراكز التجارية، إضافة إلى باحثين وأكاديميين ومهنيين في مجالي التغذية والتغليف.
وفي كلمته خلال الافتتاح، أكد الدكتور هيثم الجفان، رئيس الاتحاد العربي للصناعات الغذائية، أن المعرض يشكل منصة سنوية رئيسية للترويج للمنتج الغذائي السوري، وإبراز جودته وتنوعه في الأسواق الإقليمية والدولية، لافتاً إلى أن الانتشار الواسع للجاليات السورية في الخارج يمنح هذه الفعالية بعداً تسويقياً استراتيجياً.
من جهته، شدد المهندس محمد أيمن المولوي، رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، على أهمية "فود إكسبو" بوصفه من أبرز المعارض المتخصصة في الصناعات الغذائية على مستوى المنطقة، مشيراً إلى الزيادة الواضحة في عدد الشركات المشاركة هذا العام، ما يعكس تحسن الظروف العامة وتنامي الثقة بالبيئة الاستثمارية في سوريا.
وأكّد نائب رئيس الغرفة، طلال قلعه جي، أن الحضور اللافت للشركات يعكس الانفتاح الاقتصادي الذي تشهده البلاد بعد التحرير، ويفتح آفاقاً واسعة أمام المنتج المحلي للوصول إلى أسواق جديدة وواعدة، بينما أشار عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، لؤي الأشقر، إلى أن المعرض تحوّل من فعالية محلية إلى حدث دولي يسهم في تعزيز الصادرات الغذائية السورية.
من جانبه، أوضح غياث شماع، الرئيس التنفيذي لمجموعة دلتا للمعارض والمؤتمرات الدولية، الجهة المنظمة، أن الدورة الحالية تتميز بتنظيم لقاءات عمل مباشرة بين المنتجين والمستوردين، إلى جانب جلسات استثمارية وعروض لأحدث الابتكارات التقنية في مجالات التعبئة والتغليف، مستفيدين من المناخ الاقتصادي المنفتح بعد تخفيف القيود والعقوبات.
ويستمر المعرض حتى السابع والعشرين من شهر حزيران الجاري، بمشاركة شركات سورية كبرى في مجال الصناعات الغذائية، إضافة إلى عدد من الشركات التركية العاملة في مجال المواد الغذائية والمعدات والمواد الأولية اللازمة للإنتاج، ويفتح المعرض أبوابه أمام الزوار يومياً من الساعة 4:30 مساءً حتى 10:30 ليلاً، مع توفير خدمات النقل من فندق الشام وتقاطع الزبلطاني إلى مدينة المعارض.
في أعقاب الهجوم الإرهابي الغادر الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، تصدّر علماء الدين في سوريا المشهد الوطني بخطابٍ واضحٍ وقويّ يعكس تحوّلاً جذريًا في الدور الديني بعد سقوط نظام الأسد البائد، حيث بات صوت العلماء ركيزة أساسية في ترسيخ قيم الوحدة ونبذ الفرقة الطائفية، ورفض استغلال الدين كأداة للفتنة أو التجييش.
وفي موقف لافت، أدان الدكتور محمد راتب النابلسي، عضو مجلس الإفتاء، الجريمة الإرهابية، مؤكدًا أن استهداف دور العبادة في لحظة وطنية حرجة تحاول فيها سوريا النهوض من رماد الاستبداد، ما هو إلا محاولة لإجهاض حلم السوريين باستعادة وطنهم.
واعتبر النابلسي أن سوريا الجديدة بدأت تتلمّس ملامحها، وأن القوى الظلامية – سواء من فلول النظام السابق أو الجماعات المتشددة – تحاول إعادة البلاد إلى مربع الكراهية والتناحر، من خلال ضرب الرموز الدينية المشتركة.
وتميّز بيان النابلسي بتأكيده على الطابع الوطني الجامع للضحايا، رافضًا اختزال الجريمة في بعدها الديني، ومشدداً على أن ما حدث ليس استهدافًا لمكوّن بعينه، بل هو اعتداء على سوريا كلها، وعلى نسيجها التاريخي القائم على التعايش والاحترام، ودعا إلى مواجهة الفكر المتطرّف بكل أشكاله، وإلى سنّ تشريعات تعزّز العدالة الانتقالية، وتحاصر المساحات التي يمكن أن تتسلّل منها دعوات الغلو والكراهية.
وفي الاتجاه ذاته، عبّر الشيخ أسامة الرفاعي، المفتي العام للجمهورية، عن موقف وطني جامع، أدان فيه الهجوم وأكّد أن العنف والإرهاب لا يمثّلان أي دين، وأن استهداف دور العبادة هو جريمة بحق الإنسان السوري بكل طوائفه، موجهًا التعازي إلى كل السوريين دون تمييز.
كما أدان رئيس المكتب الاستشاري للشؤون الدينية في رئاسة الجمهورية، عبد الرحيم عطون، التفجير الإرهابي، مؤكداً أن ما جرى يُعد جريمة محرّمة في الشرع ومجرّمة قانوناً، ومرفوضة من حيث القيم والأعراف الوطنية.
وقال عطون، إن "ما جرى يمثل جملة من الجرائم المتداخلة التي ترفضها الشريعة الإسلامية، ويعاقب عليها القانون، وتتعارض مع أعراف وتقاليد المجتمع السوري، وهي شكل صارخ من أشكال الإفساد في الأرض، ما يستوجب إنزال أقصى العقوبات بحق مرتكبيها وردع كل من تسوّل له نفسه تكرار هذا الفعل الجبان".
وفي موازاة الموقف الإسلامي، جاءت كلمات القادة الروحيين المسيحيين لترسّخ ذات المعنى، فقد أدان بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، يوسف العبسي، التفجير ووصفه بأنه "جريمة بحق الوطن بأكمله"، داعيًا إلى التمسك بوحدة السوريين وإفشال محاولات التفرقة.
كما شدد المطران نقولا أنطونيو، متروبوليت حلب والإسكندرونة للروم الأرثوذكس، على أن سوريا لا يمكن أن تعود إلى زمن الخوف والتشظي، وأن الكنيسة ترفض الردّ على الكراهية بالكراهية، بل بالدعوة إلى المحبة والسلام والمواطنة المتساوية.
وأشارت بطريركية السريان الأرثوذكس في بيانها إلى أن استهداف الأبرياء في دور العبادة هو استهداف لمفهوم سوريا العريقة، التي كانت دومًا موئلًا للتعايش بين المسلمين والمسيحيين، وبين كافة المكوّنات.
بالإضافة إلى المواقف الإسلامية والمسيحية التي صدرت عقب الهجوم الإرهابي على كنيسة مار إلياس، شكّلت مواقف رجالات الدين الدروز في سوريا ركيزة أساسية في تأكيد وحدة الدم السوري، ورفض أي محاولة للعب على الوتر الطائفي، كما عبّرت عن وعي عميق بأهمية حماية السلم الأهلي في لحظة انتقالية مفصلية تعيشها البلاد بعد سقوط نظام الأسد البائد.
من جهتها، أصدرت الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز بيانًا رسميًا دانت فيه الجريمة "بأشد العبارات"، مؤكدة أن استهداف دور العبادة، أياً كان انتماؤها، هو عمل إرهابي جبان لا يُمثّل أي مكوّن وطني، بل يمثل عدوًا مشتركًا للسوريين جميعاً.
تلاقت هذه المواقف، رغم تنوّع مرجعياتها، على تأكيد أن الجريمة لم تكن موجهة ضد المسيحيين كمكوّن ديني، بل ضد سوريا الجديدة، وضد مشروعها الوطني الجامع الذي بدأ يتشكّل بعد سقوط منظومة الاستبداد.
وشكّل صوت القيادات الدينية في سوريا مظلة حقيقية للوحدة، وردًا بليغًا على محاولات إعادة إحياء مناخات الطائفية، التي استخدمها نظام الأسد البائد لتقسيم الشعب وإضعاف الدولة، وبدلًا من الوقوع في فخ ردود الأفعال الغاضبة، جاءت بيانات الإدانة مليئة بالوعي، مؤكدة أن سوريا التي تتطلع للعدالة لا يمكن أن تتغذى على الكراهية.
ما يميّز هذا الخطاب الديني الجديد هو خروجه من أسر الاصطفاف الذي ساد في زمن نظام الأسد البائد، حيث تم توظيف المؤسسة الدينية طويلاً في تكريس الانقسام، وتغذية خطاب الحماية الطائفية، والتمييز بين المواطنين على أساس الانتماء المذهبي أو الديني.
أما اليوم، وبعد انعتاق البلاد من قبضة الاستبداد، ينهض علماء الدين في سوريا بدور محوري في إعادة بناء الوعي الديني على أسس وطنية، قِوامها احترام التعدد، ومواجهة الفكر التكفيري، وإرساء خطاب جامع يتّسق مع مشروع الدولة المدنية الجديدة التي تحتضن جميع أبنائها دون تفرقة.
لقد عبّر موقف العلماء من تفجير كنيسة مار إلياس عن نضج ديني ووطني في آنٍ معاً، فهم لم يكتفوا بإدانة الجريمة، بل قدّموا نموذجًا في توحيد صفوف السوريين، ورفض استخدام الدين وقودًا للصراع، وتأكيد أن ما جمع السوريين عبر قرون لا يمكن أن تفرّقه رصاصة أو تفجير.
أصدر الدكتور محمد راتب النابلسي، عضو مجلس الإفتاء في سوريا، بياناً مؤثراً حول الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، مشيراً إلى أن هذه الجريمة النكراء جاءت في لحظة يتلمّس فيها السوريون طريقهم نحو الأمل واستعادة الوطن، بعد سنوات من الضياع والانكسار.
وأكد النابلسي أن الشعب السوري، الذي بدأ يرى ملامح النصر والانعتاق من الظلم، فوجئ بمحاولات "قوى الظلام" لإفساد هذا المسار الوطني، عبر استهداف بيوت العبادة وانتهاك حرمة أماكن مقدّسة تجمع السوريين على المحبة والتعايش. وقال إن سوريا، بتنوّعها الفسيفسائي الفريد، كانت عبر التاريخ نموذجًا للانسجام، وإن هذه الجريمة ما هي إلا محاولة بائسة لضرب هذا النموذج والعودة بالبلاد إلى دوائر الفوضى والانقسام.
وأشار النابلسي إلى أن الفكر الظلامي الذي تغذيه قوى محلية وخارجية، سواء عبر بقايا النظام البائد أو الجماعات المتشددة، لا يزال يشكّل تهديداً لوحدة المجتمع السوري، داعيًا إلى توحيد الصفوف لمواجهة هذا الخطر عبر ترسيخ ثقافة التماسك المجتمعي والعدالة الشاملة.
وأكد أن من واجب المرحلة الراهنة العمل على إصدار القوانين الكفيلة بتفعيل العدالة الانتقالية، لمنع استغلال الشباب في مشاريع الغلو والتطرف، متذكّراً الحديث الشريف: "لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حرامًا"، ومشدداً على حرمة قتل الأبرياء داخل دور عبادتهم.
وفي ختام بيانه، توجّه النابلسي بأحرّ التعازي إلى أسر الضحايا، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين، وداعيًا المسؤولين إلى كشف جميع خيوط الجريمة ومعاقبة من يقف وراءها دون هوادة، ليكونوا عبرة لغيرهم، مؤكداً أن سوريا لا يمكن أن تنهض إلا بوحدة أبنائها وصدقهم في بناء وطن جديد.
من جهته، أصدر المفتي العام للجمهورية العربية السورية، الشيخ أسامة الرفاعي، بياناً أدان فيه بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف الكنيسة، وعبّر عن بالغ حزنه واستنكاره الشديد لهذا العمل الإجرامي، الذي وصفه بـ"غير المبرر"، مؤكداً الموقف الثابت لدار الإفتاء في رفض العنف والإرهاب بجميع أشكاله.
وشدد الرفاعي على أن استهداف دور العبادة وترويع المدنيين يُعد عدواناً على كل قيم الأديان، وعلى روح التعايش التي تميز المجتمع السوري، داعياً إلى الوقوف صفاً واحداً ضد محاولات تمزيق البلاد. وختم بيانه بتقديم التعازي الحارة إلى أسر الضحايا، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين.
أثار التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة السورية دمشق، يوم الأحد 22 يونيو، موجة إدانات عربية ودولية غير مسبوقة، وسط دعوات واسعة لمحاسبة الجناة وتعزيز حماية دور العبادة في البلاد التي تخطو خطواتها الأولى نحو التعافي من عقد دموي من الحرب والانقسام.
رحّبت وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية بقرار الاتحاد الأوروبي القاضي بفرض حزمة عقوبات جديدة استهدفت خمسة من أبرز رموز نظام الأسد البائد، معتبرة القرار خطوة متقدمة نحو مساءلة المتورطين في الجرائم الجسيمة التي ارتُكبت بحق السوريين خلال العقود الماضية.
وأوضحت الخارجية في بيان رسمي أن الشخصيات الخمس المشمولة بالعقوبات – وهم سهيل الحسن، غياث دلة، مقداد فتيحة، مدلل خوري، وعماد خوري – لعبوا أدوارًا بارزة في تنفيذ سياسات القمع والقتل، وساهموا بشكل مباشر في إذكاء الفتنة الطائفية، والتسبب في موجات عنف وتهجير واسع، لا سيما في المناطق الساحلية التي شهدت فظائع ممنهجة بحق المدنيين.
وكان أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي أن هذه العقوبات تأتي في إطار استمرار جهوده لمحاسبة المتورطين في جرائم الحرب والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في سوريا، مشيرًا إلى أن الإجراءات تشمل **تجميد الأصول المالية** وحظر دخول أراضي الاتحاد.
وتضمنت القائمة ثلاثة ضباط خدموا في الحرس الجمهوري والقوات الخاصة في عهد الأسد، وهم مقداد فتيحة، غياث الحسن، وسهيل الحسن" واتُّهموا بالضلوع في حملات تعذيب وإعدامات ميدانية، وتحديدًا في سياق تصعيد العنف الطائفي خلال أشهر ربيع العام الحالي، فيما طالت العقوبات أيضًا رجلَي الأعمال مدلل وعماد خوري المقيمين في روسيا، بتهمة تقديم دعم مالي مباشر لشبكات تمويل عمليات النظام الأمنية والعسكرية، واستغلال موارد الدولة في الخارج لدعم ممارساته القمعية.
وشددت الخارجية السورية على أن القرار يعكس إدراكًا متزايدًا لدى الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لحجم الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها نظام الأسد بحق السوريين، كما يُعدّ اعترافًا ضمنيًا بمسؤولية هذه الشخصيات عن تقويض الاستقرار وزرع الفوضى في البلاد.
وأشار البيان إلى أن اللجنة المكلفة بالتحقيق في جرائم النظام البائد، والتي تعمل تحت إشراف رئاسة الجمهورية، تقترب من استكمال ملفات التحقيق في تلك الجرائم، تمهيدًا لرفع نتائجها إلى الجهات القضائية العليا ومحاسبة المسؤولين عنها.
وفي ختام بيانها، أكدت الحكومة السورية التزامها بملاحقة كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء، داخل البلاد أو خارجها، لضمان تقديمهم إلى العدالة وإنصاف الضحايا، وإعادة الاعتبار لأرواح السوريين التي أُهدرت طيلة عقود الاستبداد.
أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وذلك بعد تصعيد عسكري غير مسبوق شهدته المنطقة، تمثل في الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الجوية في قطر، وأوضح أن وقف إطلاق النار سيدخل حيّز التنفيذ خلال ست ساعات، وسيستمر مبدئيًا لمدة 12 ساعة، تمهيدًا لإعلان انتهاء الحرب رسميًا.
وأشاد ترامب بما وصفه بـ"شجاعة وذكاء" الطرفين في التوصل إلى هذا الاتفاق، معتبرًا أن القرار يجنّب المنطقة حربًا كانت ستدمّر الشرق الأوسط بالكامل، وكتب في ختام تصريحه: "حفظ الله إسرائيل وإيران".
وساطة قطرية ناجحة وجهود أميركية حاسمة
جاء الاتفاق بعد تحركات دبلوماسية مكثفة قادتها قطر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني رفيع تأكيده أن طهران وافقت على وقف إطلاق النار بناءً على اقتراح قدمته واشنطن عبر الدوحة، كما كشف مصدر مطّلع أن رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أجرى اتصالًا مباشرًا بطهران لضمان قبولها بالعرض الأميركي.
وفي موازاة ذلك، تواصل ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاتفياً لتثبيت الاتفاق، بينما تولى فريق من كبار المسؤولين الأميركيين - بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ونائبه جيه دي فانس، والمبعوث ستيف ويتكوف - إدارة الاتصالات غير المباشرة مع طهران.
وأكّد البيت الأبيض أن الاتفاق يشمل تعهّدًا إيرانياً بعدم شن هجمات جديدة، وأن ترامب طلب شخصيًا من أمير قطر التدخل لإقناع طهران، بعد حصوله على موافقة إسرائيلية مبدئية.
موقف الدوحة وتفاصيل الهجوم
في بيان رسمي، عبّر ترامب عن امتنانه لأمير قطر، مشيدًا بجهوده من أجل السلام، ولا سيما في أعقاب الهجوم الإيراني على قاعدة العديد مساء الإثنين. ووفق تصريحات نائب رئيس الأركان القطري شايق الهاجري، أطلقت إيران 15 صاروخًا، تم اعتراض 13 منها، فيما سقط أحدها داخل القاعدة دون أن يخلّف إصابات أو أضرار كبيرة.
ووصف ترامب الرد الإيراني بأنه "ضعيف ومتوقع"، موضحًا أن القوات الأميركية كانت على علم مسبق بالهجوم، بفضل رسالة إيرانية نُقلت عبر قطر.
تعليق طهران وتحفّظ على المدى الطويل
من جهته، صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن بلاده لا تنوي مواصلة الهجمات إذا التزمت إسرائيل بوقف "عدوانها"، وأضاف أن القرار النهائي بشأن إنهاء العمليات العسكرية سيتخذ في وقت لاحق، مؤكدًا أن بلاده تراقب تطورات الميدان.
وكان الهجوم الإيراني على قاعدة العديد جزءًا من عملية أطلقت عليها طهران اسم "بشائر الفتح"، وجاء ردًا على غارات أميركية استهدفت منشآت تخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز وأصفهان، بعد دخول الولايات المتحدة إلى الحرب بشكل مباشر إلى جانب إسرائيل.
نهاية أولى لمواجهة خطرة
بعد سلسلة ضربات إسرائيلية بدأت في 13 يونيو واستهدفت شخصيات ومواقع نووية وعسكرية بارزة داخل إيران، بدا أن المنطقة تتجه نحو مواجهة مفتوحة. إلا أن الوساطة القطرية، والتحرك المباشر من جانب واشنطن، نجحا في احتواء التصعيد ووضع حد مؤقت للنزاع.
ونقلت وسائل إعلام أميركية، بينها شبكة ABC، أن إيران أبلغت الولايات المتحدة بموعد الهجوم مسبقًا عبر قنوات دبلوماسية في الدوحة، وهو ما ساعد في امتصاص الضربة وتفادي الخسائر.
وفيما عبّر نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس عن تفاؤله قائلاً: "غدًا يبدأ السلام"، تبقى علامات الاستفهام قائمة بشأن مدى التزام الأطراف، وإمكانية أن يتحوّل وقف إطلاق النار إلى اتفاق مستقر طويل الأمد، في منطقة لم تعرف الهدوء يومًا.
أعربت وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية، اليوم الإثنين، عن تضامنها الكامل مع دولة قطر وسائر دول مجلس التعاون الخليجي، في مواجهة ما وصفته بـ"التهديدات والتصعيد العسكري الإيراني" الذي شهدته المنطقة مؤخرًا، وذلك عقب تعرض عدد من المنشآت والمناطق الحيوية في دول الخليج لهجمات مصدرها طهران.
وجاء في بيان رسمي نشرته الوزارة أن الجمهورية العربية السورية تدين بشدة أي أعمال عدائية تستهدف أمن واستقرار دول الخليج العربي، مؤكدة أن أمن الخليج يشكل جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي السوري، وأن أي مساس به يُعد تهديدًا مباشرًا للسلم العربي المشترك.
وشدد البيان على أن موقف دمشق يأتي انطلاقًا من التزام سوريا بمبادئ التضامن العربي، مشيرًا إلى أن سوريا تقف إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها في وجه أي تهديدات تمسّ أمنها وسلامتها.
وكان قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إن الهجوم اعتبر مفاجئا في ظل حرص قطر على الوساطة لحل الأزمات، مجددا دعوة الدوحة جميع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات وحل النزاعات سلميا.
بدوره، أوضح نائب رئيس الأركان للعمليات المشتركة القطرية شايق بن مسفر الهاجري تفاصيل تتعلق بالتعامل مع الهجوم الإيراني الذي استهدف قاعدة العديد، وقال الهاجري "وردتنا معلومات أن قواعد بالمنطقة مستهدفة بينها قاعدة العديد"، مضيفا أنه "في 7:30 مساء (4:30 بتوقيت غرينيتش) وردنا أن 7 صواريخ انطلقت من إيران نحو قاعدة العديد".
وأشار إلى أن الدفاعات الجوية أسقطت كل الصواريخ الإيرانية، عدا صاروخ واحد سقط في القاعدة دون أن يخلف أي إصابات أو خسائر مادية، وجدد نائب رئيس الأركان للعمليات المشتركة القطرية طمأنة المواطنين والمقيمين بالجاهزية التامة لتوفير الأمن في البلاد.
ويأتي هذا الموقف في سياق تصعيد التوترات الإقليمية، حيث تواجه دول الخليج تحديات أمنية متزايدة بفعل الاستهدافات الإيرانية، في ظل استمرار الخلافات بشأن الملفات الإقليمية والدور الإيراني في زعزعة استقرار المنطقة. كما يعكس البيان تحوّلًا واضحًا في السياسة الخارجية السورية الجديدة بعد سقوط نظام الأسد، نحو ترسيخ الشراكات العربية والدفاع عن المصالح المشتركة ضمن مظلة الأمن القومي العربي.
شهد المركز الثقافي في محافظة إدلب انطلاق فعاليات "مؤتمر كارلتون الاستثماري الأول"، تحت شعار "فرص واعدة لمستقبل مستقر"، في خطوة تُعد الأولى من نوعها في المحافظة منذ سنوات، وبمشاركة رسمية واسعة ضمت محافظ إدلب محمد عبد الرحمن، وعدداً من المستثمرين، إلى جانب ممثلين عن الجهات الحكومية والمؤسسات الاقتصادية.
ويهدف المؤتمر إلى وضع أسس جديدة للاستثمار في محافظة إدلب، وفتح الباب أمام القطاعين العام والخاص لتعزيز الشراكات التنموية، بما يسهم في دعم الاستقرار الاقتصادي وترسيخ مسار التعافي في المنطقة، التي بدأت تستعيد مكانتها الاقتصادية تدريجياً بعد سنوات من التحديات.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد المحافظ محمد عبد الرحمن أن المؤتمر يمثّل بداية مرحلة جديدة تتجه فيها إدلب نحو التنمية المستدامة، مشيراً إلى أن المحافظة تمتلك مقومات استثمارية واعدة، وإرادة سياسية جادة لتوفير بيئة جاذبة وآمنة لرؤوس الأموال، من خلال تسهيل الإجراءات، وتطوير البنى التحتية، وتحقيق الشفافية الإدارية.
تضمّن المؤتمر جلسات عمل ناقشت أبرز الفرص المتاحة في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات، وركزت على سبل تفعيل المشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى استعراض نماذج ناجحة من مبادرات محلية ومشاريع ناشئة، تهدف إلى خلق فرص عمل وتوظيف الطاقات الشابة في إعادة الإعمار والتنمية.
كما تم طرح مقترحات عملية لإنشاء مناطق صناعية وحاضنات أعمال، وتقديم حوافز للمستثمرين من خلال الإعفاءات الضريبية وتبسيط إجراءات التراخيص، بالتعاون مع الوزارات المعنية.
يُذكر أن المؤتمر يستمر لمدة يومين، ويتخلله معرض للفرص الاستثمارية، وعروض توضيحية لمشاريع ذات أولوية، بمشاركة واسعة من رجال الأعمال والجهات المانحة وممثلي الهيئات المحلية.
يحمل المؤتمر دلالة رمزية وسياسية هامة، كونه يعكس إصرار المجتمع المحلي والجهات الرسمية على الانطلاق نحو المستقبل، وتحويل إدلب إلى بيئة اقتصادية فاعلة تشجّع على التوطين والاستثمار، وتعيد الأمل للسكان بفرص العيش الكريم في مناطقهم.
وحّد التفجير الذي استهدف كنيسة مار إلياس يوم الأحد الفائت، السوريين بكل أطيافهم، ليقفوا صفاً واحداً في وجه الإرهاب، متجاوزين كل الانقسامات الطائفية. ورغم أن الجريمة أسفرت عن مقتل 22 مدنياً وإصابة أكثر من 59 آخرين، فإن الرد الشعبي كان أبلغ من أي خطاب: السوريون، مسيحيين ومسلمين ومن كافة الطوائف الأخرى، وقفوا إلى جانب بعضهم البعض، وملأت مشاعر الحب والتضامن الشوارع والمستشفيات ومواقع التواصل.
لم يكن المشهد بعد التفجير مشهد حزن فقط، بل تجلت فيه أسمى معاني التراحم والتكافل بين السوريين. لمسنا على الأرض مواقف لا تُنسى: شبان وشابات من مختلف الطوائف يهرعون إلى مراكز التبرع بالدم، كي يساعدوا المصابين، ومن بينهم سيدة محجبة ظهرت في لقاء إعلامي وقالت، إن زمرة دمها نادرة وقد يحتاجونها.
إلى جانبها، وقف شباب مسيحيون ومسلمون في صفوف واحدة، يحملون هوية واحدة فقط هي الانتماء للوطن، وقلوبهم مليئة بالقلق على بعضهم البعض، وكأن كل مصاب هو أخ أو جار أو صديق. ورصدنا في مواقع التواصل دعوات للوحدة والتعاضد والمحبة بين السوريين.
وتعاطف أبناء البلد مع ضحايا الحادث، وأعربوا عن حزنهم عليهم واستعدادهم التام لمساعدتهم، وأكدوا في الوقت ذاته أن الفاجعة لن تفرّقهم، بل تزيدهم تمسكاً ببعضهم البعض، ورأينا تعليقات ومنشورات من كل الاتجاهات، تواسي وتشد على الأيادي.
ومثل كل مرة، لم تغب محاولات المتصيدين عن المشهد، إذ حاولت بعض الصفحات المشبوهة استغلال التفجير لإشعال فتنة طائفية، لكن الرد كان صادماً لهم. وبدل أن تنتشر لغة الكراهية، وتتغذى النزعات والخلافات، وجدوا أمامهم جداراً من الوعي والمحبّة: شبان وشابات من مختلف الطوائف يتصدّون لأي خطاب فتنة، ويرفضون أي محاولة لتقسيم الصف.
وبعض الناشطين المسيحيين والمسلمين ذكّروا بمواقف إنسانية قدّمتها الدولة لأبناء الكنائس، وجهود الأمن العام بحمايتها، وأكدوا أن الاستهداف لم يكن موجّها ضد طائفة، بل ضد أمن السوريين جميعاً، ونشروا دعوات للحذر من الصف
ما حدث في كنيسة مار إلياس ليس سوى تأكيد جديد على ما يعرفه السوريون جيداً: أنّهم أقوى معاً، وأن اختلافاتهم هي مصدر غنى لا صراع. والأيام الماضية كانت محملة بصور التعايش المشترك، ومنها قيام عزفت فرقة موسيقية مسيحية بعزف أنشودة "طلع البدر علينا" تزامناً مع حلول عيد الفطر، كما وزّع شباب مسلمون الحلوى أمام الكنائس في أحد الشعانين.
أراد منفذو التفجير أن يبثوا الخوف والانقسام، لكنهم اصطدموا بصورة مغايرة تماماً: شعب يداوي جراحه بحب، ويتجاوز آلامه بوحدة، ويردّ على الكراهية بالتضامن. دماء السوريين التي امتزجت في الكنيسة وفي المشافي لا تُفرّق بين طائفة وأخرى، بل تؤكد أن المصير واحد، والوجع واحد، والقلب واحد.
أثار مرسوم زيادة الرواتب بنسبة 200% موجة تفاعل واسعة في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، وسط حالة من الترقب لما ستؤول إليه أسعار السلع والخدمات، في ظل ضعف الإنتاج المحلي والاعتماد شبه الكامل على المستوردات.
قال الدكتور "عبد الهادي الرفاعي"، عميد كلية الاقتصاد في جامعة تشرين، إن هذه الزيادة تشكل "نقلة مهمة" بالنسبة للفئات ذات الدخل المحدود، التي باتت غير قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها اليومية.
وأضاف أن التحسن المتوقع في القوة الشرائية قد ينعكس إيجاباً على مستوى الإنفاق الأسري، لا سيما في قطاعات التعليم والصحة، مما يسهم في تخفيف الضغط الاجتماعي وتعزيز الاستقرار المجتمعي.
رغم الإيجابية المبدئية، حذّر "الرفاعي"، من أن غياب الرقابة الفعلية وضعف الإنتاج المحلي سيجعلان الأسواق عرضة لاستغلال بعض التجار، ما قد يؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، تمتص كامل الزيادة الممنوحة للرواتب.
ودعا في هذا السياق إلى "ضبط الأسواق وتفعيل الرقابة على التسعير ومنع الاحتكار"، إلى جانب دعم القطاعات الإنتاجية لتعزيز التوازن بين العرض والطلب.
وأشار "الرفاعي" إلى احتمال حدوث انتعاش مؤقت في قطاعات مثل الغذاء واللباس نتيجة زيادة الاستهلاك، لكنه نبّه في المقابل إلى مخاطر الضغط على العملة المحلية وارتفاع سعر الصرف، إذا لم تكن هناك مصادر تمويل حقيقية ومستدامة للزيادة.
واعتبر أن نجاح هذا الإجراء مرهون بتنفيذه ضمن رؤية اقتصادية متكاملة، تشمل ضبط سعر الصرف، وتحقيق عدالة في توزيع الموارد، وتحفيز الإنتاج المحلي لتجنب التبعات التضخمية.
الخبير الاقتصادي "جورج خزام"، كان أكثر تشاؤماً، مؤكداً أن ارتفاع الدولار والأسعار "أمر حتمي" طالما لا ترافق الزيادة مع نمو في الإنتاج.
وقال إن زيادة الرواتب دون إنتاج تعني ببساطة زيادة الطلب دون زيادة في المعروض، وبالتالي ارتفاع الأسعار. وأشار إلى أن معظم السلع المتداولة في الأسواق إما مستوردة أو يدخل في تصنيعها مواد أولية مستوردة، ما يجعل من ارتفاع سعر الصرف نتيجة شبه مؤكدة.
وأضاف أن الصرافين سيعملون سريعاً على التخلص من السيولة بالليرة السورية عبر شراء الدولار، مما يضاعف الطلب عليه ويفاقم ارتفاعه، خاصة إذا كان تمويل الزيادة يتم عبر طباعة العملة وليس عبر معونات خارجية.
من جانبه، وصف وزير الاقتصاد والصناعة "محمد نضال الشعار"، مرسومي زيادة الرواتب بأنهما "خطوة بالغة الأهمية" من حيث التوقيت والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد أن هذه الزيادة تمثل رسالة التزام حكومي تجاه تحسين الواقع المعيشي للمواطنين، رغم كل التعقيدات التي تحيط بالاقتصاد الوطني. كما ناشد الشعار القطاع الخاص للاستجابة ورفع الرواتب والأجور بما ينسجم مع الخط العام للدولة، مشدداً على ضرورة التكامل بين القطاعين العام والخاص.
هذا وتتفق غالبية التحليلات الاقتصادية على أن زيادة الرواتب خطوة ضرورية للتخفيف من الأعباء المعيشية، لكنها محفوفة بالمخاطر في حال غابت الضوابط، وخصوصاً في سوق غير مستقرة تعتمد على الاستيراد.
وفي ظل غياب مؤشرات واضحة على تحفيز الإنتاج وضبط الأسواق، تبقى مخاوف التضخم وارتفاع سعر الصرف حاضرة بقوة، ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى قدرة الاقتصاد السوري على امتصاص هذه الزيادة دون تداعيات سلبية على المدى المتوسط.
قررت وزارة الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية يوم الاثنين 23 حزيران/ يونيو إلغاء حفل افتتاح معرض "فود إكسبو"، وذلك حداداً على أرواح شهداء التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس، وتماشياً مع ما تمر به البلاد من أحداث مؤلمة.
وفي التفاصيل أعلن مدير المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية، الأستاذ "محمد حمزة"، أن القرار جاء بناءً على توجيه من وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور "محمد نضال الشعار".
وأكد "حمزة" في بيان رسمي أن فعاليات المعرض ستستمر كما هو مخطط لها في الأيام المحددة، مشدداً على التزام الوزارة بدعم القطاع الغذائي والإنتاجي، ومواصلة العمل لتعزيز الأمن الغذائي الوطني رغم التحديات الراهنة.
ويعتبر المعرض من أهم الفعاليات السنوية المتخصٌصة في الصناعات الغذائية في سوريا، ويشكّل منصة رئيسة للترويج للمنتجات المحلية وتعزيز التعاون بين المنتجين والمستوردين والمصدرين.
وكانت أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإجرامي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في منطقة الدويلعة بدمشق، إلى 25 شهيداً و59 مصاباً.
ووقع التفجير الانتحاري مساء أمس، 22 حزيران، داخل كنيسة مار الياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة في دمشق أثناء قدّاس حضره مئات المصلّين.
ويأتي هذا الاعتداء الإجرامي في محاولة لضرب جهود الاستقرار النسبي الذي تشهده البلاد بفضل الجهود المكثفة التي تبذلها الحكومة منذ تحريرها من النظام البائد، من أجل إعادة الأمن إلى عموم المناطق وتثبيت التعايش بين مختلف مكونات المجتمع.
ويذكر أن الهجوم الإرهابي على الكنيسة شكل صدمةً شعبيةً واسعة، كما قوبل بموجة إدانات عربية ودولية، واعتبرته جميع مؤسسات الدولة جريمةً تمسّ وحدة النسيج السوري واستهدافاً مباشراً لحرية العبادة والسلم الأهلي في البلاد.
أعلن وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، أن وحدات الأمن نجحت في تنفيذ عمليات دقيقة في حرستا وكفر بطنا، أسفرت عن تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش، متورطة بشكل مباشر في التفجير الذي استهدف كنيسة مار إلياس بحي الدويلعة في دمشق.
وأسفرت هذه العمليات، التي جرت بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات العامة، عن إلقاء القبض على متزعم الخلية وخمسة من عناصرها، بينما قُتل عنصران خلال الاشتباك، أحدهما مسؤول عن تسهيل دخول الانتحاري إلى الكنيسة، والآخر كان يخطط لهجوم إرهابي وشيك في العاصمة.
وبيّن خطاب أن التحقيقات التي أعقبت التفجير قادت إلى سلسلة من الإجراءات الاستخبارية الدقيقة، شملت تحليل الأدلة، وجمع المعلومات، وإنشاء غرفة عمليات مشتركة لمقاطعة البيانات والتأكد من مصادرها.
وأضاف أن وحدات الأمن عثرت خلال المداهمات على كميات من الأسلحة والذخائر وستر ناسفة وألغام، بالإضافة إلى دراجة نارية مفخخة، كانت مجهزة لاستهداف المدنيين، ما يشير إلى أن الخلية كانت تُعد لعمليات أخرى تهدف إلى ضرب الأمن والاستقرار.
وأكد الوزير أن هذه "الأعمال الجبانة" لن تُضعف من عزيمة الأجهزة الأمنية، بل ستزيدها إصرارًا على ملاحقة الإرهاب حتى اجتثاثه من جذوره، مشددًا على أن الرد سيكون صارمًا ومستمرًا، وأن أمن المواطنين خط أحمر لا يمكن المساس به.
إدانات وطنية ودولية واسعة: استهداف الكنيسة جريمة بحق وحدة السوريين
خلّف الهجوم الإرهابي على كنيسة مار إلياس صدمة عميقة داخل المجتمع السوري، وأثار موجة واسعة من الإدانات من مختلف مؤسسات الدولة، وفعاليات دينية ومدنية، تعبيرًا عن الرفض المطلق لأي محاولة لضرب التعايش الوطني، أو اللعب على وتر الطائفية في بلد يمرّ بمرحلة دقيقة من إعادة بناء ذاته بعد سقوط نظام الأسد.
فقد اعتبرت وزارة الداخلية التفجير اعتداءً على حرمة دور العبادة وعلى السلم الأهلي، فيما أكد وزيرا الداخلية والإعلام أنس خطاب وحمزة المصطفى أن الهدف من الهجوم هو ضرب صورة الدولة في لحظة تأسيسها الجديدة، والتشكيك بقدرتها على حماية مواطنيها، مؤكدين أن الرد سيكون قانونيًا وأمنيًا ووطنيًا.
في السياق ذاته، أصدرت الرئاسة الروحية للدروز، ورابطة الصحفيين السوريين، وحركة رجال الكرامة، وفعاليات دينية مسيحية بيانات إدانة شديدة، رافضة استخدام الدين أو الطائفة كذريعة للإرهاب، ومعتبرة أن استهداف الكنيسة هو استهداف لكل السوريين دون تمييز.
تضامن عربي شامل مع سوريا في وجه الإرهاب
عربيًا، أجمعت دول المنطقة على إدانة التفجير الإرهابي، حيث عبّرت كل من "الإمارات، السعودية، قطر، البحرين، والعراق عن تضامنها الكامل مع سوريا، مشددة على أهمية حماية السلم الأهلي ووحدة الشعب السوري.
ووصفت السعودية الهجوم بأنه "اعتداء سافر على دور العبادة وترويع للمدنيين"، فيما اعتبرت قطر التفجير انتهاكًا صارخًا للحرية الدينية والسلم الأهلي. أما العراق، فحذر من محاولات إشعال الفتنة، مؤكدًا دعمه لسوريا في مكافحة الإرهاب.
إدانات دولية تؤكد دعم الدولة السورية الجديدة
كما صدرت مواقف دولية واضحة من الاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وإيطاليا، وبلجيكا، والولايات المتحدة، وتركي، أكدت أن هذا النوع من الهجمات لا يستهدف مكونًا دينيًا فحسب، بل يضرب مشروع الدولة السورية الجديدة، وقد أدان المبعوث الأممي غير بيدرسون التفجير بشدة، ودعا إلى تحقيق شامل، مؤكدًا أن السلم الأهلي في سوريا مسؤولية جماعية.
من جهته، اعتبر المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، أن التفجير "محاولة لإحباط مشروع التعدد والتسامح في سوريا"، مشددًا على أن بلاده تقف مع الحكومة السورية في مواجهة الإرهاب، فيما دعا المبعوث الأوروبي ميخائيل أونماخت إلى ضرورة حماية المدنيين واحترام حرية الدين والمعتقد.
الإرهاب يخسر مجددًا أمام وحدة السوريين
جاء تفجير كنيسة مار إلياس كمحاولة واضحة من تنظيم داعش لإرباك المشهد السوري، واستثمار المرحلة الانتقالية لضرب السلم الأهلي، لكن الرد الأمني الحاسم، والمواقف الرسمية والشعبية المتماسكة، والدعم العربي والدولي لسوريا، جميعها وجّهت رسالة قاطعة: سوريا اليوم أكثر وعيًا ووحدة، ولا مكان للإرهاب في حاضرها أو مستقبلها.
أثار التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة السورية دمشق، يوم الأحد 22 يونيو، موجة إدانات عربية ودولية غير مسبوقة، وسط دعوات واسعة لمحاسبة الجناة وتعزيز حماية دور العبادة في البلاد التي تخطو خطواتها الأولى نحو التعافي من عقد دموي من الحرب والانقسام.
وبحسب الرواية الرسمية، اقتحم انتحاري ينتمي إلى تنظيم داعش الكنيسة أثناء أداء قداس الأحد، حيث أطلق النار على المصلّين قبل أن يفجّر نفسه مستخدمًا حزامًا ناسفًا. وأسفر الهجوم عن مقتل 25 شخصاً وإصابة أكثر من 60 آخرين بجروح متفاوتة، في واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ سقوط نظام الأسد.
الرئيس السوري أحمد الشرع قدّم تعازيه لأسر الضحايا، واصفًا التفجير بـ"الجريمة البشعة"، ومؤكدًا أن الحكومة ستعمل ليلًا ونهارًا لضبط المتورطين وتقديمهم للعدالة. كما دعا إلى التكاتف والوحدة في مواجهة الإرهاب، متمنيًا الشفاء العاجل للجرحى، ومعلناً أن سوريا ستظل صامدة أمام كل محاولات زعزعة استقرارها.
وشهد الداخل السوري مواقف رسمية متتابعة، حيث دان وزير الداخلية أنس خطاب الهجوم، وأكد أن التحقيقات جارية. وأعلن المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا أن التنظيم المسؤول هو داعش، وأن الهجوم وقع داخل القاعة الرئيسية أثناء القداس. من جهته، شدد وزير الإعلام حمزة المصطفى على أن العمل يتناقض مع قيم المواطنة والوحدة الوطنية. واعتبر محافظ دمشق ماهر مروان التفجير استهدافًا مباشرًا للمجتمع السوري.
وشاركت وزارات الخارجية، الإعلام، الثقافة، العدل، الطوارئ، السياحة، الرياضة، والإسكان في الإدانة، مؤكدين أن التفجير محاولة لتمزيق النسيج الوطني. كما تعهد معاون وزير الداخلية اللواء عبد القادر طحان بـ"الانتقام من التنظيم الإرهابي"، بينما شدد وزير العدل مظهر الويس على أن العدالة ستطال كل المتورطين.
على صعيد المجتمع المدني، دانت رابطة الصحفيين السوريين التفجير ودعت لتحقيق فوري وشفاف. كما عبّرت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز، وحركة رجال الكرامة، عن تضامنهما مع المسيحيين، مؤكدةً ضرورة مواجهة الإرهاب. واعتبر عضو لجنة السلم الأهلي حسن صوفان أن الهدف من الهجوم هو إحراج الدولة، لكنه أعرب عن ثقته بتجاوز المحنة.
دوليًا، توالت الإدانات العربية والدولية. من الإمارات والسعودية وقطر والعراق والبحرين والكويت وسلطنة عمان واليمن والأردن ولبنان وفلسطين، وصولًا إلى الاتحاد الأوروبي وروسيا وتركيا وفرنسا وأذربيجان وبلجيكا وإيطاليا. كلهم أدانوا الهجوم، وعبّروا عن تضامنهم مع الشعب السوري.
في أنقرة، أدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الهجوم، مؤكدًا دعم بلاده الكامل لسوريا في حربها على الإرهاب. كما أعرب متحدثو حزب العدالة والتنمية ومستشارو الرئاسة عن مواقف مماثلة. وأكدت الخارجية التركية أن الهجوم يستهدف جهود الاستقرار، متمنية الصبر والسلوان لأسر الضحايا.
من موسكو، دانت وزارة الخارجية الروسية الهجوم، مؤكدة دعمها للسلطات السورية، وداعية لتعزيز الوحدة الوطنية. وأعلنت أذربيجان تضامنها الكامل مع سوريا، فيما دعا الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز حماية المدنيين وملاحقة مرتكبي الهجوم. وأعرب السفير الأوروبي ميخائيل أونماخت عن دعمه لحرية الدين والمعتقد في سوريا.
أبدت فرنسا دعمها الكامل للشعب السوري، بينما اعتبر المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك أن التفجير محاولة فاشلة لإجهاض مشروع التسامح، مجددًا دعم بلاده للحكومة السورية.
على مستوى الأمم المتحدة، أدان الأمين العام للأمم المتحدة، بقوة، الهجوم الإرهابي على كنيسة مار إلياس، وقدم خالص تعازيه لأسر الضحايا، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين، وأكد على ضرورة محاسبة جميع مرتكبي الإرهاب، مشيرا إلى أن أحاط علما بأن السلطات السورية المؤقتة قد أدانت هذا الهجوم، وبعد تحقيق أولي، نسبته إلى تنظيم داعش، وأعرب فيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين، عن تضامنه العميق، بينما شدد المنسق المقيم آدم عبد المولى على ضرورة تقديم المسؤولين إلى العدالة، كما دان المبعوث الأممي غير بيدرسون الهجوم ودعا لتحقيق شامل.
كما أدان السفير الإيطالي في دمشق ستيفانو رافانيان الهجوم، مؤكدًا أن كرامة الإنسان والحريات الدينية يجب أن تنتصر على العنف. وقدمت وزارة الخارجية البلجيكية تعازيها، ووصفت ما حدث بأنه اعتداء على المصلين خلال القداس.
إقليمياً، عبّر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن استنكاره، ودعا إلى تعاون إقليمي لمكافحة الإرهاب. كما شددت جامعة الدول العربية على أن التفجير يهدد وحدة المجتمع السوري، وأدان البرلمان العربي الهجوم بأشد العبارات.
من لبنان، دان الرئيس جوزيف عون الهجوم، مطالباً بحماية دور العبادة، فيما أكد رئيس الوزراء نواف سلام تضامن لبنان الكامل مع سوريا. وفي الأردن، شدد الناطق باسم الخارجية سفيان القضاة على دعم بلاده لاستقرار سوريا، ورفضه للإرهاب.
على الصعيد الديني، عبّر البطريرك الماروني بشارة الراعي عن ألمه، داعيًا إلى السلام والمحبة. وصرّح القس جوزيف قصاب أن ما جرى هو جريمة ضد الوطن والإنسانية. ووصفت الرئاسة الروحية للمسلمين الدروز التفجير بالعمل الإجرامي الدنيء، بينما شدد مجلس حكماء المسلمين على أن استهداف دور العبادة يتنافى مع كل القيم والشرائع.
كما أدان المفتي العام للجمهورية العربية السورية أسامة عبد الكريم الرفاعي التفجير وقال "تلقينا ببالغ الحزن خبر الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار الياس، واستنكر هذا العمل الغير المبرر، مححدا موقفه الثابت والرافض للعنف والإرهاب والأعمال الإجرامية مهما كانت الدوافع والأسباب ونشدد على رفضنا التام استهداف دور العبادة وترويع الآمنين.
أما رئيس المكتب الاستشاري للشؤون الدينية عبد الرحيم عطون، فوصف التفجير بأنه محرَّم شرعًا ومجرَّم قانونًا. كما أكد وزير الطوارئ رائد الصالح استمرار الدفاع المدني بالاستجابة، ودعا وزير السياحة مازن الصالحاني إلى الحفاظ على التعايش، فيما شدد وزير الشباب محمد حامض على أن الوحدة الوطنية ستنتصر.
الهجوم على كنيسة مار إلياس، وهو أحد أسوأ الهجمات التي تشهدها العاصمة منذ سنوات، مثّل صدمة كبرى داخل البلاد وخارجها. ومع استمرار التحقيقات، تتواصل الدعوات لتكثيف الجهود المحلية والدولية لحماية المدنيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي في بلد يتطلع بمرارة إلى مستقبل مستقر وآمن.
وفي السياق أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، عن عملية أمنية نوعية نفذتها الداخلية بالتعاون مع الاستخبارات العامة استهدفت أوكار تنظيم داعـش في دمشق وريفها، بينها وكر العصابة التي اعتدت على كنيسة مار إلياس.