الحق ينتصر والباطل ينهار: مفارقة "المذهان" وداعمي الأسد أمام العدالة
الحق ينتصر والباطل ينهار: مفارقة "المذهان" وداعمي الأسد أمام العدالة
● مقالات رأي ١١ ديسمبر ٢٠٢٥

الحق ينتصر والباطل ينهار: مفارقة "المذهان" وداعمي الأسد أمام العدالة

تزامن عرض المقاطع المصوّرة المقتطعة من التحقيق مع وسيم الأسد، ابن عم المخلوع بشار الأسد والمتورّط في انتهاكات جسيمة بحق السوريين، مع الإعلان عن تسلّم فريد المذهان المعروف باسم "قيصر" الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان وسيادة القانون. 

المذهان الذي عُرف بشجاعته حين خاطر بحياته وسرّب صور آلاف المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام، ليُعرف عالمياً باسم “قيصر”. هذا التزامن بين سقوط أحد رموز القمع وصعود صاحب موقف أخلاقي نبيل إلى منصة التكريم يقدّم مثالاً صارخاً على أن الموقف الأخلاقي هو من يرسم النهاية.

منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس عام 2011، تباينت المواقف داخل البلاد وانقسمت إلى ثلاث اتجاهات واضحة. فهناك من اختار الحياد وفضّل التزام الصمت من دون تعليق على ما يجري. 

وفي المقابل برزت فئة أعلنت موقفها المعارض للنظام بكل صراحة، فانتقدت سياساته القمعية، وشاركت في المظاهرات والفعاليات المطالبة بالحرية. وعلى الجانب الآخر، اصطفّ أشخاص إلى جانب الأسد، وأيدوا انتهاكاته وجرائمه ضد السوريين.

أوهم بشار الأسد مواليه بأن السلطة ستبقى في يد آل الأسد إلى الأبد، تماماً كما كان يفعل والده سابقاً حين قدّم نفسه بوصفه القائد الخالد وصاحب الحق المطلق في الحكم. هذا الخطاب رسّخ لدى كثيرين قناعة بأن النظام غير قابل للسقوط، فاندفع آلاف الأشخاص إلى التورّط في الانتهاكات دعماً له. فمنهم من شارك بالسلاح والقمع المباشر، ومنهم من وفّر له الغطاء الإعلامي والدعائي. 

وفي المقابل، دفع المعارضون للنظام ثمن مواقفهم المناهضة للأسد وكلمة الحق التي تمسّكوا بها، فعانوا من النزوح والقصف والدمار وسلب الحقوق غيرها من الظروف القاسية التي شهدها السوريين طوال سنوات الثورة.

لكن الباطل لا يدوم، والحق لا بد أن ينتصر مهما طال الزمن. ومن اختار الوقوف إلى جانب الظلم وتورّط في انتهاكات بحق أبناء الشعب السوري، كان عليه أن يدفع ضريبة خياره في النهاية. فقد انتهى المطاف بكثير منهم خلف القضبان، يرتدون البدلات المخططة، وتطاردهم دعوات السوريين المظلومين، وينتظرون مصيراً مظلماً. 

أمّا الذين اصطفّوا إلى جانب الحق، فصمدوا مع الثورة في أحلك ظروفها، وبقوا أوفياء لقيم الحرية والكرامة، فحظوا بمحبة السوريين وتقديرهم، وتحولوا إلى رموز أخلاقية وشخصيات خالدة في ذاكرة الأهالي، تقديراً لمواقفهم وشجاعتهم، وصار يمشون في كافة أنحاء البلاد مرفوعي الرأس.

ختاماً، فإن الفارق بين فريد المذهان الذي تحوّل إلى رمز وتكرّم، وحظي بمحبة ملايين السوريين، وبين وسيم الأسد الذي يقف اليوم مذلولاً أمام قاضي التحقيق محاولاً إنكار الجرائم المنسوبة إليه، يؤكد أن من يقف مع الحق هو من ينتصر في النهاية، وأن من يختار الوقوف مع الباطل سيدفع الثمن غالياً على كل المستويات. وهكذا يتبيّن أن الموقف الأخلاقي هو وحده الذي يرسم النهاية الحقيقية لكل مسار.

 

 

الكاتب: سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ