البيوت السورية المدمرة.. ألم الفقد يتجاوز الركام
لم تقتصر خسائر السوريين من تدمير منازلهم خلال سنوات الحرب على الأضرار المادية، بل امتدت إلى ما هو أعمق، حيث طالت الجوانب النفسية والوجدانية، إذ تحوّلت البيوت التي احتضنت أعماراً وذكريات إلى أنقاض، تروي وحدها قصص الفقد والحنين.
البيت، بالنسبة لكثير من السوريين، ليس مجرد جدران وسقف، بل مساحة عاطفية تحوي لحظات الفرح والحزن، وحاضنة للهوية العائلية والاجتماعية. فكل زاوية فيه ترتبط بشخص غاب، أو حدث لا يُنسى.
"لم أتعرف على منزلي"
تقوى مصطفى، شابة سورية نازحة في أورفا التركية، تروي لشبكة "شام" كيف أرسل لها أقارب صوراً حديثة لقريتها كفر سجنة بريف إدلب بعد تحريرها. تقول: "لم أتعرف على المكان في البداية. لم أصدق أن هذا هو البيت الذي وُلدت فيه. تحوّل إلى ركام، وكأن الزمان محاه". وتضيف: "شعرت بالانكسار. هذا ليس مجرد بيت، بل مكان كبرت فيه واحتوى تفاصيل حياتي الأولى".
منزل الأمومة والألم
أم محمد، وهي سيدة ستينية من ريف إدلب الجنوبي، تصف منزلها المدمر بأنه "أغلى ما تملك". عاشت فيه 35 عاماً، وأنجبت أبناءها العشرة بين جدرانه، وتعلّقها به ازداد بعد استشهاد اثنين من أبنائها عام 2013. تقول: "كنت أجد بعض الراحة حين أجلس في أماكنهما داخل المنزل. بعد النزوح، حُرمت من ذلك". وعندما عادت لزيارة بيتها بعد التحرير، لم تجد سوى الأنقاض. "بكيت كما لم أبكِ من قبل"، تضيف.
ذكريات لن تعود
قصص مثل تقوى وأم محمد تتكرر في أنحاء سوريا، حيث فقد آلاف السوريين منازلهم التي تحوّلت إلى رماد. وعلى الرغم من أن عودة البعض إلى قراهم حملت أملاً، إلا أن رؤية البيوت مدمّرة جعلت الفرح ناقصاً، والحزن متجدداً.
بعض الأسر بدأت بإعادة بناء منازلها، بينما ينتظر آخرون تحسّن الظروف المادية أو دعم الجهات الإنسانية. لكن يبقى السؤال الأعمق مطروحاً: إذا أعيد بناء الجدران، فهل تُبنى معها الذكريات التي تهدمت؟