٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات، خلال زيارتها اليوم الخميس إلى محافظة حماة، أن الأولوية في المرحلة الراهنة هي توجيه جميع البرامج والإمكانيات الممكنة لخدمة المهجرين العائدين من الخارج والمخيمات، لاسيما في المناطق التي تعرضت لأكبر قدر من الأضرار.
وخلال اجتماع موسع عقد في مبنى المحافظة مع ممثلي منظمات المجتمع المدني، شددت قبوات على أهمية تنسيق الجهود لتأمين الاحتياجات الأساسية للمهجرين، وتفعيل دور المجتمع الأهلي في تعزيز صمودهم ومساعدتهم على الاندماج مجدداً في بيئاتهم المحلية.
كما تفقدت الوزيرة فرع التأمينات الاجتماعية ومديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بحماة، واطلعت من القائمين عليهما على أبرز الصعوبات والمعوقات، وناقشت إمكانية نقل مبنى التأمينات إلى مقر مبنى الإعاقة الذهنية بما يسهّل وصول المواطنين، ويوفر بيئة أكثر ملاءمة لتقديم الخدمات.
وفي إطار جولتها، التقت قبوات مع عدد من الأطفال والعاملين على رعايتهم في الجمعية الإسلامية لكفالة الأيتام، حيث استمعت إلى شرح حول الجهود المبذولة لتأمين الرعاية للأيتام وأسرهم.
وكان محافظ حماة عبد الرحمن السهيان قد استقبل الوزيرة في قصر المحافظة، وبحث معها سبل تعزيز الخدمات الاجتماعية، وتطوير الشراكة مع منظمات المجتمع المدني لتوجيه الموارد نحو الشرائح الأكثر حاجة في المحافظة.
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
أصدر معتقلون سوريون في لبنان، على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية، بياناً من داخل سجن رومية يوم الخميس 21 آب 2025، رحبوا فيه بما تردد عن نية الرئيس السوري أحمد الشرع تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة الملفات العالقة بين دمشق وبيروت، وفي مقدمتها ملف الموقوفين السوريين.
وأكد المعتقلون أن أوضاع السجون اللبنانية بلغت مرحلة كارثية مع تزايد الوفيات بين الموقوفين، داعين الحكومة اللبنانية إلى التعاون الجاد مع الوفد السوري وتجاوز الحسابات السياسية لصالح حلول إنسانية عاجلة تفتح صفحة جديدة بين البلدين.
كما شدد البيان على ضرورة عدم إغفال المعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين وغيرهم ممن شاركوا السوريين رحلة الثورة وتقاسموا معهم عذابات السجون، معتبرين أن التضامن معهم واجب وطني وأخلاقي، خاصة بعد التضحيات التي قدموها في مواجهة نظام الأسد البائد.
وختم المعتقلون مناشدتهم بالتأكيد على أملهم أن تسفر زيارة الوفد السوري إلى لبنان عن نتائج ملموسة تنهي معاناتهم، وتعيد الاعتبار لمسار العدالة، قبل أن يلفّهم الموت واحداً تلو الآخر ويصبحوا مجرد أرقام في الأخبار.
ولا تزال قضية المعتقلين ومعاناة عائلاتهم مستمرة في سوريا، تُدخل المآسي إلى حياتهم وتمنعهم من العيش بصورة طبيعية. ورغم سقوط نظام آل الأسد بعد عقود من الظلم والطغيان، الذي كان السبب الرئيسي لهذه الأزمة، لا يزال هناك سجناء عالقون خلف القضبان في لبنان، يعانون من ظروف احتجاز قاسية، بانتظار الحرية.
نظّم مؤخراً عدد من الأهالي السوريين اعتصامًا في ساحة الساعة بمدينة حمص للمطالبة بالإفراج عن ذويهم المعتقلين في سجن رومية بلبنان. وأكد المحتجون عزمهم على مواصلة المطالبة بأبنائهم، لا سيما أن معظم المساجين من منطقة القصير في حمص، مشيرين إلى أن مطالبهم مستمرة منذ التحرير وحتى الآن.
كذلك، اعتصم أهالي المعتقلين السوريين (أطفال ونساء ورجال) في لبنان أمام معبر جوسية الحدودي، رافعين أصواتهم للمطالبة بتسليم أبنائهم المعتقلين في لبنان إلى السلطات السورية. ورفعوا أعلام الثورة، وهتفوا: "بدنا المعتقلين، بدنا المعتقلين".
يعيش أهالي المعتقلين ظروفا قاسية في ظلّ الاختفاء القسري الذي يعاني منه أبنائهم، وحاولوا مراراً المطالبة بهم لكن دون جدوى، وصاروا يخافون على أولادهم من أن يلحق بهم الأذى، لاسيما أن سجن رومية معروف بسمعته السيئة.
فسبق وقام أحد المحتجزين الشاب السوري محمد فواز الأشرف (40 عاماً) بإنهاء حياته شنقاً داخل سجن رومية في لبنان، وفق ما أفادت به مصادر من داخل السجن. الأشرف، الذي ينحدر من محافظة حمص، كان موقوفاً منذ أكثر من عامين ونصف دون أن تُعقد له جلسات محاكمة، ما أدى إلى تدهور حالته النفسية تدريجياً.
وأوضحت المصادر أن الأشرف كان يعاني من مرض الصدفية، ولم يُسمح له بإدخال الأدوية اللازمة للعلاج، الأمر الذي فاقم من حالته الصحية والنفسية، وانتهى بالحادثة المؤلمة.
في السياق ذاته، دعت لجنة أهالي السجناء في لبنان الجهات المعنية إلى فتح تحقيق جاد ومحاسبة المقصرين في إدارة السجن، كما ناشدت الحكومة السورية للتدخل الرسمي للاطلاع على مجريات التحقيق وحقوق مواطنيها المحتجزين.
يشهد سجن رومية في لبنان أوضاعًا صحية كارثية تهدد حياة المعتقلين السوريين، ولا سيما من شاركوا في الثورة السورية، في ظل تفشي أوبئة خطيرة داخل وحدات الاعتقال، أبرزها الكوليرا، التيفوئيد، وإنفلونزا الخنازير، إلى جانب التهابات جلدية حادة ناجمة عن الإهمال الطبي المزمن.
وأكدت مصادر حقوقية أن المرافق الصحية داخل السجن تشهد انهيارًا شبه كامل في شروط النظافة والتعقيم، وسط اكتظاظ كبير في الزنازين، وانعدام الرعاية الطبية الأساسية، ما حول أقسامًا كاملة من السجن إلى بؤر وبائية مغلقة.
ويُخشى على حياة مئات المعتقلين السوريين – معظمهم من معارضي نظام الأسد الذين فروا من سوريا ثم اعتُقلوا لاحقًا في لبنان – من التدهور الصحي الحاد، خصوصًا في ظل تجاهل تام من إدارة السجن، وغياب أي تحرك فعّال من الجهات القضائية اللبنانية، أو حتى استجابة من المنظمات الإنسانية الدولية المعنية بحماية المعتقلين.
يُذكر أن سجن رومية يعاني من اكتظاظ شديد، حيث يضم أكثر من 6300 سجين، رغم أن قدرته الاستيعابية لا تتجاوز 1500 سجين، مما يفاقم من معاناة السجناء وظروف احتجازهم، وتأتي هذه التحركات في إطار جهود مشتركة بين الحكومتين السورية واللبنانية لمعالجة القضايا الإنسانية العالقة وتعزيز التعاون الثنائي بما يخدم مصلحة الشعبين.
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
تتعرض وزارة الخارجية السورية وعلى رأسها الوزير "أسعد الشيباني" منذ أيام لحملة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تصاعدت عقب إعلان وكالة "سانا" عن لقاء جمعه بوفد إسرائيلي في واشنطن، ورغم الجدل، يرى مراقبون أن هذه الحملة لا تنفصل عن محاولات للتشويش على "إنجازات الشيباني" التي أعادت للخارجية السورية وهجها خلال ثمانية أشهر فقط من تسلّمه المنصب عقب سقوط نظام بشار الأسد.
استطاعت وزارة الخارجية السورية عقب سقوط نظام الأسد، وخلال فترة قصيرة لاتتعدى ثمانية أشهر من "استعادة الحضور الدبلوماسي" حيث قاد الشيباني تحولاً جذرياً في موقع سوريا الدولي، إذ عقد خلال الأشهر الماضية مئات اللقاءات والزيارات الدبلوماسية، شملت رؤساء دول ووزراء خارجية ومسؤولين دوليين، فيما تحرك فريق الخارجية داخلياً لتأمين تنسيق يومي مع المنظمات الأممية والجهات الحكومية العاملة في سوريا بعد التحرير، هذه التحركات أنهت عزلة طويلة، وأعادت لسوريا حضورها في المؤتمرات الدولية.
تعتبر خطوة رفع جزء كبير من العقوبات الدولية على سوريا من أبرز إنجازات الخارجية السورية، فقد عملت الوزارة مع "المجلس الأمريكي السوري" لممارسة ضغط مباشر على الكونغرس الأمريكي، وأسهمت هذه الجهود في صدور قرار رفع العقوبات وعودة العلم السوري إلى الأمم المتحدة، في لحظة وُصفت بالتاريخية.
من أبرز ملامح السياسة الخارجية، إشراك الجاليات السورية في صياغة صورة البلاد الجديدة، فقد عقد الوزير وفريقه أكثر من 40 اجتماعاً مع الجاليات في أوروبا والخليج وأمريكا، وأشرك كوادر شابة في مواقع دبلوماسية وإدارية لم يكن لها مكان في عهد النظام السابق، ما عكس صورة أكثر شمولية وتنوعاً.
كان للوزارة دور بارز في إعادة عضوية سوريا إلى منظمة التعاون الإسلامي بعد تعليق دام أكثر من عشر سنوات، كما مثّل الوزير سوريا في منتديات عالمية كبرى مثل مؤتمر ميونيخ للأمن، المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وقمة الحكومات العالمية، مقدماً رؤية سوريا الجديدة القائمة على المصالحة الوطنية والانفتاح.
يرى منتقدو الوزير الشيباني أن اللقاء مع الجانب الإسرائيلي، حتى وإن كان في إطار وساطة أو تفاوض، كان يجب أن يُعرض بشفافية أكبر أمام الرأي العام، وأن يقدَّم في سياق واضح يضمن عدم إساءة تفسيره، كما اتهمه البعض بالتسرع في خطوات التقارب مع الغرب على حساب القضايا الوطنية.
في المقابل، تؤكد مصادر دبلوماسية أن الحملة الموجهة ضد الوزير بشخصه تقف وراءها جهات تسعى إلى إخفاء نجاحات الخارجية، لاسيما في ملف رفع العقوبات، وإعادة العلاقات مع الدول العربية، وإعادة إدماج سوريا في المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة، وتوضح هذه المصادر أن أي انفتاح دبلوماسي لن يتم على حساب الثوابت الوطنية، بل هو جزء من رؤية متوازنة لإعادة بناء الدولة السورية.
وبينما تواجه الحكومة السورية تحديات جسيمة في الداخل، تبقى إنجازات وزارة الخارجية في إعادة سوريا إلى الخارطة الدولية أحد أهم علامات التحول في مرحلة ما بعد الأسد، ورسالة واضحة بأن دمشق عادت لتكون حاضرة في المعادلات السياسية العالمية.
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
عقدت اللجنة المكلفة بإعداد الصياغة النهائية لمشروع قانون الخدمة المدنية اجتماعها الثامن في مقر وزارة التنمية الإدارية برئاسة الوزير محمد حسان السكاف، حيث خُصصت الجلسة لمناقشة الباب السادس من مشروع القانون والمتعلق بالالتزامات والمساءلة الوظيفية، بوصفه محوراً أساسياً في إعادة هيكلة العلاقة بين الموظف والجهاز الحكومي، وفق منظومة متوازنة تضمن الحقوق وتُرسّخ المسؤوليات.
استعرضت اللجنة المبادئ العامة التي تهدف إلى تعزيز الانضباط داخل المؤسسات الحكومية وترسيخ الأداء المهني القائم على الشفافية والمساءلة، مع بحث التزامات الجهات العامة تجاه موظفيها، ولا سيما ما يتعلق بتأمين بيئة عمل آمنة ومحفزة، وضمان السلامة المهنية، وتكافؤ الفرص.
تعمقت المناقشات في التزامات الموظف على الصعيدين المهني والسلوكي، سواء في علاقته مع الرؤساء والمرؤوسين أو مع متلقي الخدمة، إضافة إلى دوره في الحفاظ على المال العام. كما تم التطرق إلى تعزيز قيم العمل الجماعي وروح الفريق والاحترام المتبادل.
ناقشت اللجنة أيضاً البنود المرتبطة بالمحظورات المهنية، وتضارب المصالح، والعقوبات التأديبية، بما يضمن ترسيخ العدالة الوظيفية، وتوفير أدوات قانونية واضحة تحكم قواعد الوظيفة العامة وتؤسس لثقافة مؤسسية مسؤولة.
أكد الوزير السكاف خلال الاجتماع أن هذا الباب يشكل أحد الأعمدة الرئيسية للحوكمة الوظيفية في القانون الجديد، مشيراً إلى أن ربط الأداء بالمسؤولية وتحديد الحدود القانونية للسلوك الإداري يمثلان شرطاً ضرورياً لإرساء بيئة عمل مستقرة وموثوقة، تسهم في دعم التحول المؤسسي وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة.
ومن المقرر أن تكثف اللجنة اجتماعاتها خلال الأيام المقبلة لاستكمال الصياغة النهائية لمشروع القانون قبل نهاية الشهر الجاري، تمهيداً للانتقال إلى مرحلة الإقرار الرسمي وإطلاق قانون حديث وشامل يعيد تنظيم الوظيفة العامة في سوريا على أسس الكفاءة والانضباط والعدالة.
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
حذّر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، من أن عملية الانتقال السياسي في سوريا لا تزال "على حافة الهاوية"، وأن خطر تجدد العنف قائم في أي لحظة، خاصة في محافظة السويداء التي شهدت الشهر الماضي اشتباكات دامية.
وأوضح بيدرسن، في إحاطة قدمها عبر الفيديو لمجلس الأمن الدولي، أن اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 19 تموز صمد إلى حد كبير، لكنه أكد أن "أعمالاً عدائية ومناوشات خطيرة ما زالت تُسجل على أطراف السويداء، والعنف قد يستأنف في أي وقت"، وأضاف أن "شهراً من الهدوء العسكري النسبي يخفي خلفه مناخاً سياسياً متوتراً ومتفاقماً"
وشدد المبعوث الأممي على ضرورة أن تثبت قوات الأمن التابعة للحكومة الانتقالية، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، أنها تعمل لحماية جميع السوريين دون استثناء، كما دعا إلى إجراء إصلاحات شاملة في قطاع الأمن، تشمل نزع سلاح القوات غير الحكومية وتسريحها وإعادة دمجها في المؤسسات الرسمية.
كما حذر من أن الدعم الدولي لسوريا "قد يُهدر أو يُوجَّه بشكل خاطئ" إذا لم يُقترن بانتقال سياسي حقيقي يمهّد للاستقرار طويل الأمد، والحكم الرشيد، والإصلاحات الموثوقة، والالتزام الجاد بسيادة القانون والعدالة.
بدوره، وصف توم فليتشر، مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، الوضع الإنساني في سوريا بأنه "مأساوي"، مشيراً إلى أن 16 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وأكد أن سلامة عمال الإغاثة مهددة، بعد تعرض قوافل إنسانية لإطلاق نار هذا الشهر.
ولفت فليتشر إلى أن نداء الأمم المتحدة لتوفير 3.19 مليار دولار لمساعدة سوريا خلال عام 2025 لم يُموّل سوى بنسبة 14% فقط، ما يهدد بزيادة المعاناة الإنسانية إذا لم يتم توفير التمويل اللازم.
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
في ظل الظروف القاسية التي مرت بها سوريا خلال السنوات الأخيرة، وجد العديد من الشباب والرجال أنفسهم مضطرين للبحث عن فرص عمل غير تقليدية، فاختاروا السير في شوارع المدن والأحياء كباعة متجولين، يحملون بضائعهم البسيطة بأيديهم أو على عرباتهم المتواضعة، وينادون بأصواتهم على زبائن محتملين، وكل ما يطمحون إليه هو بيع ما يكفي حاجتهم اليومية، ربحٌ متواضع بالكاد يغطي الاحتياجات الأساسية.
تُعد مهنة البيع المتجول قديمة في سوريا، إذ لطالما تنقل الباعة بين الأزقة والأحياء، عارضين بضائعهم على الأرصفة والشوارع. ومع اندلاع الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية، ازداد عدد من انخرطوا في هذا المجال بشكل كبير، نتيجة البطالة والفقر وغياب فرص العمل، ما جعل البيع المتجول خياراً اضطرارياً لتأمين دخل يومي.
ينتمي الباعة المتجولون إلى فئات متنوعة من المجتمع، من الشباب الباحثين عن فرص عمل، والرجال في منتصف العمر الذين فقدوا وظائفهم أو مواردهم، وكبار السن الذين لا يملكون أي دعم اجتماعي، وحتى الأطفال من الأسر الفقيرة التي تضطر لإشراك أبنائها في العمل لتأمين الحد الأدنى من نفقات المعيشة.
ويشير الباعة الذين تحدثنا معهم إلى بعض المزايا التي تساعدهم على الاستمرار رغم صعوبات العمل. فهم لا يضطرون لاستئجار محل تجاري أو دفع فواتير، ولديهم حرية نسبية في تحديد مواعيد العمل، على الرغم من أن الغالبية يبدأون يومهم باكراً ويعودون مساءً.
أدوات العمل تختلف بحسب الإمكانيات، بين عربات يدوية خشبية أو معدنية، ودراجات هوائية، وعربات صغيرة مثل "البيك أب"، فيما يحمل الفقراء بضائعهم على ظهورهم أو في أكياس كبيرة ويفرشونها على قطعة قماش في الأماكن العامة الأكثر ازدحاماً.
لكن هذه المهنة لا تخلو من صعوبات يومية، فالتنقل المستمر والتعرض لحرارة الشمس أو برد الشتاء، والعمل في ظروف مناخية متقلبة يجعل يومهم شاقاً للغاية. كما يواجهون رفض بعض الأهالي لوجود الباعة أو البسطات في أحيائهم، معتبرين أن أصواتهم العالية وتجمع البسطات تضر بالمظهر الحضاري.
تأثر عدد من الباعة، ولا سيما العاملين ضمن البسطات العشوائية، بحملات الإزالة التي نُفذت في بعض المناطق السورية، وذلك عقب تلقي شكاوى من المواطنين. وجاءت هذه الحملات بهدف الحد من الازدحام وتحسين المظهر الحضاري للمدن.
وفي محاولة للتخفيف من آثار هذه الإجراءات، سعت الجهات المعنية إلى توفير بدائل للباعة، حيث تم في العاصمة السورية دمشق – على سبيل المثال – تخصيص مواقع محددة يمكنهم البيع فيها بشكل منظم.
ورغم كل هذا الجهد والتنقل المستمر لساعات طويلة، تظل أرباح الباعة محدودة جداً مقارنة بالجهد المبذول، إذ بالكاد تغطي احتياجاتهم اليومية. ومع ذلك، يواصلون عملهم، إذ يظل الخيار الوحيد أمام الكثيرين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها السوريون.
يبقى الباعة المتجولون في سوريا شاهدين على صمود الإنسان أمام قسوة الظروف الاقتصادية والاجتماعية. هذا العمل، الذي قد يبدو بسيطًا للوهلة الأولى، إلا أنه يعكس واقعاً مليئاً بالتحديات. وبينما تسعى السلطات لتنظيم أماكن البيع وحماية المظهر الحضاري للمدن، يواصل هؤلاء الباعة العمل في الشوارع، حاملين بضائعهم ومثابرين على تأمين لقمة العيش، شاهداً حيًا على قدرة الإنسان على الكفاح اليومي في مواجهة قسوة الحياة.
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
أحيت مدينة معضمية الشام في ريف دمشق مساء أمس، الذكرى الثانية عشرة لمجزرة السلاح الكيماوي التي ارتكبها نظام الأسد البائد في 21 آب 2013، وذلك بفعالية جماهيرية ورسمية أقيمت في ساحة التحرير بمشاركة واسعة من الأهالي وذوي الضحايا وعدد من الشخصيات الرسمية والثقافية.
صرح تذكاري ورمزية البالونات الصفراء
تضمنت الفعالية عرض فيلم توثيقي عن المجزرة وشهادات لذوي الضحايا والناجين، إضافة إلى إزاحة الستار عن صرح يجسد ذكرى الجريمة، ومعرض لوحات فنية عكست حجم المعاناة وآلام الأهالي. كما أطلق المشاركون آلاف البالونات الصفراء، رمزاً للسلاح الكيماوي الذي حصد أرواح المئات في تلك الليلة المأساوية.
الصالح: معضمية الشام كتبت تاريخ سوريا بدمائها
وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح قال في كلمته: "نقف اليوم في حضرة الذاكرة، لا لنرثي فقط، بل لنؤكد أننا لن نسمح بالإنكار والنسيان"، مضيفاً أن المجزرة ستبقى محفورة في ضمير السوريين، وأن ذوي الضحايا هم "حراس الحقيقة" الذين يجب أن تُروى شهاداتهم للأجيال.
وشدد الصالح على أن العدالة والمحاسبة ركيزة أساسية في مسار سوريا الجديدة، مؤكداً أن الحكومة تواصل العمل على توثيق الجرائم ورفعها إلى المحاكم الدولية لمحاسبة المجرمين.
العلي: الجريمة الصامتة التي حوّلت الليل إلى سم
من جانبه وصف وزير الصحة مصعب العلي المجزرة بأنها "الجريمة الصامتة" التي حوّلت الهواء إلى غاز سام والمنازل إلى قبور جماعية، مؤكداً أن استمرار الإفلات من العقاب يشكل تهديداً لمستقبل الأجيال، وأن العدالة والقصاص من المنفذين مطلب لا يسقط بالتقادم.
الصالح: المجزرة جرح في قلب الإنسانية
أما وزير الثقافة محمد ياسين الصالح فأكد أن أرواح الشهداء تحولت إلى "نجوم نضيء بها دربنا"، معتبراً أن المجزرة لم تكن نهاية بل بداية عهد جديد من الصمود. وأضاف: "إذا حاول القتلة أن يطفئوا أنفاس المعضمية، فإن دماء شهدائها رفعت راية الحرية وأثبتت أن العدالة لا تموت".
الحرية هي الرد على الموت
محافظ ريف دمشق عامر الشيخ شدد في كلمته على أن إحياء الذكرى اليوم هو رسالة وفاء للشهداء، مؤكداً أن المعضمية لم تنكسر، وأن الحرية التي ينعم بها أبناؤها اليوم هي الرد الأول على الموت.
الأهالي: لن ننسى
عدد من أهالي المعضمية أكدوا أن هذه المناسبة ستبقى محفورة في وجدانهم، وأنهم لن يتوقفوا عن المطالبة بالعدالة. وقال الدكتور وائل الخطيب إن أكثر من 100 شخص استشهدوا و500 آخرين أصيبوا في الهجوم، مضيفاً: "حق الضحايا لن يضيع وسنبقى نطالب بمحاسبة المجرمين وإعادة إعمار سوريا الجديدة".
الفنانة جنى وائل الشيخ التي شاركت بأربع لوحات فنية أكدت أن رسالتها هي توثيق الألم والإصرار على العدالة، فيما قالت نور الشيخ إن إحياء الذكرى يمنح الأهالي عزيمة للاستمرار في المطالبة بحقوقهم.
واختتمت الفعالية بأناشيد ثورية قدمها المنشد اللبناني إبراهيم الأحمد، لتبقى المجزرة علامة فارقة في ذاكرة السوريين وجرس إنذار يذكّر العالم بجرائم لم تجد طريقها بعد إلى العدالة.
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
دعت منظمة "اليابان تقف مع سوريا"، يوم الخميس، إلى الإسراع في كشف هوية جميع المسؤولين عن مجزرة الكيماوي التي ارتكبها نظام الأسد المخلوع في الغوطتين الشرقية والغربية بريف دمشق عام 2013، ومحاسبتهم أمام العدالة الدولية.
وقالت المنظمة في بيان على منصة "إكس"، تزامناً مع الذكرى الثانية عشرة للمجزرة: "لقد مرّت اثنتا عشرة سنة على أفظع هجوم كيماوي في سوريا، وما زال مطلب الحقيقة والمساءلة والعدالة ملحّاً أكثر من أي وقت مضى". وأضافت أنها تتقدم بأحر التعازي وأصدق مشاعر التضامن مع عائلات الضحايا الذين تجاوز عددهم 1300 مدني من رجال ونساء وأطفال وشيوخ.
شدد البيان على أن المطالبة بالعدالة تبدأ من رأس النظام، الإرهابي الفار بشار الأسد، مروراً بالمنفذين على الأرض، وصولاً إلى كل من ساعد وسهّل وحمى مرتكبي هذه الجريمة من المساءلة. وأكدت المنظمة أن مجزرة الغوطتين التي وقعت في 21 آب 2013 لن تُمحى من الذاكرة، تماماً كما الجرائم الأخرى التي ارتكبها النظام في أنحاء سوريا.
أشارت المنظمة إلى أن النظام البائد عمل على إنكار الجريمة وتدمير الأدلة عبر غارات لاحقة، وابتداع روايات مضللة، وإسكات الشهود، غير أن الناجين وأهالي الضحايا ما زالوا اليوم أحراراً ليقولوا الحقيقة وليحملوا أصواتهم في مسار العدالة.
أكد البيان أن أحد أعمدة العدالة الانتقالية هو كشف الحقيقة كاملة، مشيراً إلى أن الضحايا وعائلاتهم يملكون الحق في معرفة من ارتكب الجريمة، وكيف نُفذت، ولماذا وُضعت العقبات أمام محاسبة المجرمين. وأضاف أن تخليد معاناة الضحايا في الذاكرة الوطنية للسوريين هو ضمانة أساسية لعدم تكرار مثل هذه الفظائع.
وشددت المنظمة على أن السوريين الأحرار ما زالوا يطالبون بالحرية والكرامة والعدالة، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن شفاء وطني أو مصالحة حقيقية أو مستقبل أفضل من دون محاسبة الجناة. وختمت بالقول: "لن نتوقف حتى تُعاد الحقوق إلى أصحابها، ويُحفظ تاريخ الشهداء في ضمير سوريا الجمعي".
تجدر الإشارة إلى أن منظمة "اليابان تقف مع سوريا" مؤسسة مدنية مقرها طوكيو تأسست عام 2012، وتعمل على دعم الشعب السوري عبر النشاط الحقوقي والإغاثي، إضافة إلى توثيق الانتهاكات والدفاع عن العدالة الانتقالية، كما تسعى إلى بناء جسور تواصل بين المجتمع المدني الياباني والسوري وتعزيز الوعي الدولي بقضية المعتقلين والضحايا.
الذكرى الثانية عشرة لأضخم هجوم كيميائي في سوريا: العدالة والمساءلة أولوية في المسار الانتقالي
أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً اليوم، بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لأكبر هجوم بالأسلحة الكيميائية في سوريا، الذي استهدف الغوطتين الشرقية والغربية في ريف دمشق فجر الأربعاء 21 آب/أغسطس 2013. نفذت قوات نظام بشار الأسد هجوماً منسقاً بصواريخ محمّلة بغاز السارين، ضمن سياسة ممنهجة لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد السكان المدنيين، مع استهداف واضح للأطفال والنساء، بقصد إرهاب المجتمع وفرض السيطرة بالقوة.
وفق الشبكة، تحلّ هذه الذكرى في مرحلة مفصلية من تاريخ سوريا، مع دخول البلاد مساراً انتقالياً يشهد التزاماً حكومياً متزايداً بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما يفتح نافذة حقيقية لتحقيق العدالة، وكشف الحقائق كاملة، وضمان محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم.
وثقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان هذا الهجوم منذ دقائقه الأولى، وأصدرنا أول تقرير حقوقي عن هذه الحادثة المروعة. فقد شنت قوات نظام الأسد ليلة 21 آب/أغسطس 2013 أربع هجمات كيميائية متزامنة على مناطق مأهولة في الغوطة الشرقية والغوطة الغربية، بما في ذلك بلدة معضمية الشام، مستخدمةً ما لا يقل عن عشرة صواريخ محمّلة بغاز السارين بكمية إجمالية تُقدَّر بنحو 200 لتر.
و أطلقت الصواريخ من منصات مخصّصة بعد منتصف الليل، واستُغلت الظروف الجوية التي أبقت الغازات السامة قريبة من سطح الأرض، ما أدى إلى سقوط أكبر عدد ممكن من الضحايا أثناء نومهم، في دلالة واضحة على نيةٍ مبيّتة لاستهداف المدنيين المطالبين بالتغيير السياسي. ترافق ذلك مع حصار خانق مفروض منذ نهاية عام 2012، منع دخول الوقود والدواء والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاج المصابين، مما فاقم الكارثة الإنسانية.
الحصيلة البشرية قرابة 80 % من ضحايا الكيماوي في سوريا سقطوا في هجوم الغوطتين
سجّلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 1144 شخصاً اختناقاً، أي ما يعادل قرابة 76 % من إجمالي ضحايا الهجمات الكيميائية التي نفذها النظام منذ كانون الأول/ديسمبر 2012 وحتى أيار/مايو 2019. وتوزّعت حصيلة هذا الهجوم على النحو الآتي: مقتل 1119 مدنياً، بينهم 99 طفلاً و194 سيدة (أنثى بالغة)، ما يثبت الاستهداف المباشر للمدنيين؛ إضافة إلى مقتل 25 من مقاتلي المعارضة المسلحة. كما أصيب نحو 5935 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، بأعراض تنفسية وحالات اختناق جرّاء التعرّض للغازات السامة.
التداعيات المستمرة
لا تزال آثار الهجمات على الغوطتين تتبدّى في أمراض مزمنة تصيب الجهازين التنفسي والقلبي، واضطرابات نفسية تشمل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، إلى جانب عيوب خلقية ومشكلات نمو لدى الأطفال المولودين لآباء تعرّضوا للهجوم. وتفاقمت التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية بفعل فقدان المعيل وتدهور القدرة الإنتاجية للمصابين. هذه التداعيات مجتمعةً تؤكد الحاجة الماسّة إلى تعويض شامل، وبرامج إعادة تأهيل طويلة الأمد للضحايا وأسرهم.
سجلّ الهجمات الكيميائية بين 2012 وسقوط نظام بشار الأسد:
وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان 222 هجوماً كيميائياً في سوريا منذ أول استخدام للأسلحة الكيميائية في 23 كانون الأول/ديسمبر 2012 وحتى 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، نُفِّذ قرابة 98 % منها على يد قوات نظام بشار الأسد، ونحو 2 % على يد تنظيم داعش.
وتوزعت الهجمات وما نتج عنها من ضحايا وفقاً للجهة المنفذة على النحو الآتي: نفذت قوات النظام 217 هجوماً كيميائياً أسفرت عن مقتل 1514 شخصاً، من بينهم 1413 مدنياً بينهم (214 طفلاً و262 سيدة)، و94 من مقاتلي المعارضة المسلحة، و7 من أسرى قوات النظام المحتجزين لدى المعارضة، كما أُصيب 11080 شخصاً، بينهم 5 أسرى من قوات النظام كانوا محتجزين لدى المعارضة. في المقابل، نفذ تنظيم داعش خمس هجمات كيميائية في محافظة حلب تسببت بإصابة 132 شخصاً.
دعوة الشَّبكة إلى تدمير المخزون الكيميائي المتبقي بعد سقوط نظام الأسد
عقب سقوط نظام بشار الأسد، أكدت الشَّبكة في بيانها الصادر بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 2024 ضرورة التعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لكشف جميع مواقع الأسلحة الكيميائية المتبقية في سوريا وضمان تدميرها نهائياً، منعاً لأي استخدام مستقبلي، نظراً لما تمثله هذه الأسلحة من خطر جسيم على حياة المدنيين.
وقد واصلت الشَّبكة متابعة هذا الملف من خلال توثيق الهجمات وإصدار تقارير وبيانات مفصلة، والتعاون مع الفرق والمنظمات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وأظهرت تقارير فريق التحقيق وتحديد المسؤولية الصادرة في 8 نيسان/أبريل 2020 و12 نيسان/أبريل 2021 و27 كانون الثاني/يناير 2023 مسؤولية النظام عن خمس هجمات كيميائية، فيما أكدت تقارير التقدم الصادرة عن المنظمة، وآخرها بتاريخ 24 تموز/يوليو 2024، أنَّ الإعلان الذي قدّمه النظام السابق بشأن مخزونه لم يكن دقيقاً أو كاملاً بسبب ثغرات وأوجه عدم اتساق لم تُحل.
وبناءً على ذلك، يتضح أنَّ النظام لم يعلن عن كامل مخزونه أو عن جميع المنشآت المستخدمة في إنتاجه أو حيازته، كما يُرجَّح تخصيص أو إنشاء منشآت جديدة بعد تدمير المنشآت المعلنة عند انضمامه إلى الاتفاقية في أيلول/سبتمبر 2013.
الاستنتاجات القانونية المترتبة على الهجمات الكيميائية في سوريا
1. مسؤولية نظام بشار الأسد المباشرة: تُشكِّل الهجمات الكيميائية التي نفذها نظام بشار الأسد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بمقتضى أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما أنَّ تنفيذ الهجمات الكيميائية عملية معقدة تتطلب قدرات فنية ولوجستية عالية لا يمكن أن تتم من دون معرفة وموافقة مباشرة من رأس النظام بالنظر إلى طبيعته شديدة المركزية.
وعليه، يعكس استخدام هذه الأسلحة قراراً مركزياً وسياسة متكررة اعتمدتها القيادة السابقة، تورطت فيها مؤسسات الجيش والأجهزة الأمنية، ولا سيما قيادة شعبة المخابرات العسكرية، وشعبة المخابرات الجوية، ومكتب الأمن القومي، إضافة إلى مركز الدراسات والبحوث العلمية، وبشكل خاص المعهد 1000 والفرع 450.
2. إفلات كبار المسؤولين من المحاسبة: رغم توثيق أكثر من 217 هجوماً كيميائياً، لم تُفعَّل إجراءات محاسبة بشار الأسد ولا كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين، في خرقٍ صارخٍ لالتزامات الدول بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية والقواعد العامة للقانون الدولي.
3. تحديد المتورطين وإجراءات العقوبات: تشير قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان إلى تورط ما لا يقل عن 387 شخصاً من كبار ضباط الجيش والأجهزة الأمنية والعاملين المدنيين والعسكريين، بما يستوجب إدراجهم على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية. وقد سبق أن قدّمت الشَّبكة في تقريرين سابقين عيّنات من أبرز المتورطين بغرض فضحهم وتمهيد إدراجهم على قوائم العقوبات الدولية.
4. تورط المؤسسات الأمنية والعسكرية: ثبت أنَّ الهجمات نُفِّذت بتخطيط وموافقة من مؤسسات عسكرية وأمنية عليا، شملت المخابرات العسكرية والمخابرات الجوية ومكتب الأمن القومي ومركز الدراسات والبحوث العلمية، بما يؤكد الطبيعة المركزية لصنع القرار وصعوبة وقوع هذه الهجمات من دون توجيه مباشر من رأس النظام.
5. انتهاك القرارات الدولية: تكررت الهجمات عقب صدور قرارات مجلس الأمن 2118 و2209 و2235، بما يبرهن على فشل المجتمع الدولي في منع استخدام أسلحة الدمار الشامل وحماية المدنيين، ويُظهر قصور آليات الإنفاذ والردع المتاحة.
6. آثار مستمرة على المدنيين: خلّفت الهجمات أضراراً صحية طويلة الأمد، من أمراض مزمنة واضطرابات نفسية وعيوب خلقية لدى أطفالٍ وُلدوا لآباء وأمهات تعرضوا للهجمات، ما يرتّب حقاً ثابتاً للضحايا في التعويض الكامل وبرامج العلاج والاستشفاء الطبي والنفسي المتخصص.
التوصيات القانونية للمرحلة الانتقالية
أوصت الشبكة باتخاذ خطوة سيادية بالانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتقديم إعلان بموجب المادة 12(3) يَقبل اختصاص المحكمة على الجرائم المرتكبة في سوريا منذ 1 آذار/مارس 2011، بما في ذلك جرائم استخدام الأسلحة الكيميائية، على أن يُستكمَل ذلك بإصدار تشريع وطني يدمج الجرائم الدولية (جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، جريمة الإبادة) في المنظومة القانونية الداخلية، ويؤسِّس مكتباً وطنياً للتعاون القضائي الدولي يتولى حفظ الأدلة والأرشيفات ذات الصلة، وتزويد الآليات الدولية بما يلزم، وحماية الشهود والضحايا، وتنسيق طلبات التسليم والمساعدة القانونية المتبادلة.
وطالبت بتعويض الضحايا وإعادة التأهيل: تطوير برامج شاملة للتعويض المادي والمعنوي، تشمل العلاج الطبي المتخصص والدعم النفسي وإعادة التأهيل، ورعاية الأطفال المتأثرين، مع إنشاء قاعدة بيانات رسمية للضحايا تضمن شفافية توزيع التعويضات ومتابعة الحالات الصحية.
كذلك إصلاح المؤسسات الأمنية والعسكرية: استبعاد كل من تثبت مسؤوليته عن الجرائم الكيميائية أو الانتهاكات الجسيمة من مؤسسات الدولة الجديدة، وتدريب الكوادر الأمنية والعسكرية على احترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بما يعزز الثقة بين الدولة والمجتمع.
وأكدت ضرورة تعزيز التعاون الدولي: استمرار التعاون الوثيق بين الحكومة السورية الانتقالية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية للوصول إلى الأرشيفات والمواقع ذات الصلة وتوثيق الانتهاكات، مع طلب الدعم الفني والقانوني من المجتمع الدولي لضمان متابعة التحقيقات ومحاسبة المسؤولين، وبما يحفظ سيادة الدولة ومسارها الانتقالي.
ودعت إلى التوعية والذاكرة الوطنية: إدراج الجرائم الكيميائية ضمن المناهج التعليمية وخطط الإعلام الوطني لتعزيز الوعي بحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي، وإنشاء مراكز توثيق ومستشفى ميداني مُخصَّص للضحايا للحفاظ على سجلٍّ كامل وموثوق بالهجمات وآثارها.
وشددت الشبكة على ضرورة ضمان عدم التكرار: وضع استراتيجية وطنية للوقاية تتضمن آليات للإنذار المبكر ونظاماً فعالاً لمراقبة الأسلحة وتدابير وقائية مدنية، مع تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة والتوثيق لتعزيز المساءلة على المستويين المحلي والدولي.
٢١ أغسطس ٢٠٢٥
أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية تعميمًا رسميًا لكافة الجهات التابعة، بما في ذلك الإدارة العامة للاقتصاد، والإدارة العامة للصناعة، والإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، بخصوص معالجة أوضاع العمال المفصولين من قبل النظام البائد.
وجاء في التعميم أن آخر موعد لاستقبال طلبات العمال سيكون بتاريخ 28 أغسطس 2025، داعية جميع الجهات إلى استقبال الطلبات واستكمال الأوراق والبيانات اللازمة لجميع المتقدمين، سواء الذين وردت أسماؤهم عبر رابط وزارة التنمية الإدارية أو عبر الطلبات المقدمة بشكل مباشر.
كما شددت الوزارة في بيان رسمي لها على إجراء المقابلات للأخوة العمال الذين تقدموا حديثًا، وكذلك أولئك الذين سترد طلباتهم حتى تاريخ 28/8/2025 من قبل اللجان المخصصة لهذه الغاية.
وأكد التعميم على ضرورة استكمال كافة الأوراق المطلوبة والملفات الإلكترونية المعممة سابقًا، لضمان معالجة أوضاع جميع العمال واستعادة حقوقهم بشكل كامل وعادل.
وكان معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية لشؤون مجلس الوزراء قد أصدر في وقت سابق قراراً بتشكيل لجنة مركزية لدراسة أوضاع العاملين المفصولين من وظائفهم خلال حكم النظام البائد، بهدف تسريع إجراءات إعادتهم إلى العمل وإنصافهم.
وكانت ناقشت وزارة التنمية الإدارية السورية مع مديري التنمية في عدد من الجهات الحكومية سبل تسريع إعادة العاملين المفصولين تعسفياً من قبل النظام البائد، بسبب مشاركتهم في الثورة السورية، وذلك ضمن جهود رسمية لردّ الحقوق الوظيفية وإنصاف المتضررين.
وسلط الاجتماع الذي عقد في مقر الوزارة بدمشق، الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه تنفيذ عملية الإعادة، وفي مقدمتها غياب قاعدة بيانات شاملة للعاملين سابقاً في الدولة، إضافة إلى فقدان الأرشيف الوظيفي الذي يضم الثبوتيات وأسباب الفصل، ما يصعّب مهمة التحقق من الملفات ويؤخر البت بالطلبات.
وواصلت وزارة التنمية الإدارية في الحكومة السورية خطواتها في معالجة أوضاع العاملين المفصولين تعسفياً خلال حكم النظام البائد، بسبب مشاركتهم في الحراك الثوري، حيث نشرت دفعات جديدة من القوائم التي تضم أسماء المفصولين من وزارات الإعلام والصحة والأوقاف.
وأكدت الوزارة أن نشر القوائم يتم تباعاً وفق الأصول القانونية، بما يضمن إعادة تنظيم أوضاع المفصولين وإنصافهم ضمن المسار المؤسسي المعتمد، مشيرة إلى أن العمل مستمر لاستكمال باقي القوائم في الفترة المقبلة.
وأكد مصدر عامل في وزارة التنمية الإدارية" أن الحكومة السورية لا تزال بصدد دراسة ملفات الموظفين المسرحين تعسفياً من قبل النظام السابق، مشيراً إلى إجراءات جديدة ستطاول هذا الملف من بينها العمل على إعادة قسم من الموظفين إلى وظائفهم الحكومية، لكن ضمن خطة تدريجية تعمل عليها الوزارات المعنية.
ونوه المصدر إلى عدم وجود رقم محدد حول تعداد الموظفين الذين سرحهم النظام السابق على مدار عقد وأربع سنوات من الثورة، لكن يبدو أن الرقم كبير جداً ويصل إلى عشرات آلاف الموظفين، وفق "اقتصاد" المحلي.
وكانت وزارة التنمية الإدارية أكدت إنجازها دراسة تهدف إلى إعادة العاملين المفصولين من وظائفهم بسبب مشاركتهم في الثورة، وذلك استناداً إلى معايير واضحة وشفافة، بدأ تطبيقها فعلياً في وزارة التربية والتعليم.
وأفاد المصدر أنه نظراً للعدد الكبير للموظفين المفصولين تعسفياً، فإن قرارات العودة لن تشمل الجميع على الأغلب، إلا إذا حدثت شواغر وظيفية في مؤسسات الدولة.
وبخصوص المستحقات السابقة للموظفين المفصولين، أكد أنه جرى بحث هذه القضية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، دون التوصل إلى قرار حاسم يخصها، لافتاً إلى أن المتاعب المالية وإفلاس الخزانة العامة قد يعيقان صدور قرار من هذا النوع.
هذا وشددت وزارة التنمية الإدارية على أن عملية معالجة الملفات تسير بعدالة وشفافية تامة، وأن جميع المحافظات والجهات مشمولة دون استثناء، ونُهيب بالجميع عدم الالتفات إلى الإشاعات المغرضة التي تهدف إلى التشويش على الجهود المبذولة لإنصاف المفصولين وإعادتهم إلى مواقعهم الوظيفية.
٢١ أغسطس ٢٠٢٥
سجّل سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطاً في السوق السورية انخفاضاً ملحوظاً بلغ 30 ألف ليرة، ليصل إلى مليون ليرة مبيعاً، مقارنة بسعر يوم أمس الذي بلغ مليون و30 ألف ليرة سورية.
وأعلنت نقابة الصاغة عبر نشرتها اليومية على صفحتها الرسمية في فيسبوك أن سعر شراء غرام الذهب من نفس العيار بلغ 980 ألف ليرة، بينما سجل غرام الذهب عيار 18 قيراطاً 860 ألف ليرة مبيعاً و840 ألف ليرة شراءً.
وأكدت النقابة ضرورة التزام أصحاب محال الصياغة بالتسعيرة الرسمية، مع التأكيد على عرضها بشكل واضح على واجهات المحال لضمان الشفافية وحماية المستهلك.
على الصعيد العالمي، لم يطرأ تغير يذكر على أسعار الذهب اليوم الخميس، حيث تراجع المعدن الأصفر في المعاملات الفورية بنسبة 0.1% إلى 3343 دولاراً للأونصة، بينما هبطت العقود الآجلة تسليم ديسمبر بنفس النسبة لتصل إلى 3386 دولاراً للأونصة.
وأظهر محضر اجتماع الفيدرالي الأخير أن عضوين صوتا لصالح خفض سعر الفائدة بربع نقطة مئوية لمواجهة ضعف سوق العمل، فيما بقي موقف الأغلبية دون دعم لتغيير السياسة النقدية.
وأكدت بيانات وزارة العمل الأمريكية تراجع خلق فرص العمل في يوليو وارتفاع معدل البطالة إلى جانب انخفاض مشاركة القوى العاملة، ما يعكس استمرار المخاوف الاقتصادية ويدفع الفيدرالي للبقاء على الفائدة دون تغيير حتى الآن، مع توقعات بخصم محتمل في سبتمبر بنسبة 85% وفق أداة "فيد ووتش".
فيما يخص المعادن النفيسة الأخرى، استقرت الفضة عند 37.88 دولاراً للأونصة، وهبط البلاتين 0.3% إلى 1335 دولاراً، فيما سجل البلاديوم انخفاضاً بنسبة 0.5% ليصل إلى 1109 دولارات للأونصة.
هذا التراجع الطفيف في الأسعار المحلية للذهب يأتي في ظل ترقب المستثمرين لحركة الفائدة الأمريكية وتأثيرها المحتمل على الأسواق المحلية، مع استمرار التزام الصاغة بالتسعيرة الرسمية لضمان حماية المستهلكين ومواكبة تقلبات الأسواق العالمية.
وتعافى الاحتياطي السوري تدريجياً من 15 طناً في 2014 إلى 26 طناً في 2024، وتسجل أسعار الذهب أرقاماً قياسية مع اقتراب الأونصة من 3500 دولار والليرة الذهبية تتخطى 40 مليون ليرة.
ويذكر أن المدّخرون يفضلون الذهب على العقارات والسيارات، بينما توقف عدد من الصاغة عن البيع بسبب الإقبال الكبير، وكان أحد الخبير "شفيق عربش" أن الذهب يبقى سيد التحوّط وقت الأزمات، لكن الشراء العشوائي يهدد بالخسائر.
وتجدر الإشارة إلى أن سوق الصاغة شهد حالة من التخبط بين صعود وهبوط و يُعزى ذلك إلى انخفاض وارتفاع سعر الذهب في الأسواق العالمية، إضافة إلى التخبط في تحسّن وتراجع في قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي.
٢١ أغسطس ٢٠٢٥
مع حلول الذكرى الثانية عشرة لمجزرة الكيماوي في الغوطتين، أعاد ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى الواجهة إحدى اللوحات التي عرضها مسلسل "كونتاك"، والتي أثارت جدلاً واسعاً حينها. اللوحة حملت سخرية واضحة من مجازر الكيماوي التي شهدتها البلاد خلال الحرب، في محاولة لتكذيب تلك الأحداث كما كان يدعي النظام البائد.
تضمنت اللوحة مشهداً يظهر أشخاصاً ترتدي ملابس توحي بانتمائهم للدفاع المدني، وهم يجبرون مدنيين على البكاء أمام الكاميرا، محاولين محاكاة وقوع مجزرة كيماوي. وشمل المشهد سيدة يُطلب منها البكاء على ابنها، وآخرون يُأمرون بإظهار الحزن والمأساة.
عُرضت هذه الحلقة في رمضان 2019، وأثارت حينها ردود فعل غاضبة من السوريين، الذين اعتبروها استهزاءً بدماء الأبرياء وتحقيراً للأرواح التي فقدت، ما دفع لاحقاً إلى حذفها من منصة "يوتيوب". واليوم بُجدد ناشطون مطالبهم بمحاسبة الفنانين المشاركين في تلك الحلقة.
ويعرف عن النظام المخلوع، خلال سنوات حكمه، التدخل الواسع في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، سعياً لتوظيفها في خدمة مصالحه وتعزيز صورته. ومن بين أساليب هذا التدخل استخدام الدراما السورية كأداة لتشكيل الرأي العام، وتمرير أفكاره، وتشويه صورة الثورة والمعارضة عبر الأعمال التلفزيونية التي يتابعها المواطنون.
يصادف اليوم 21 آب الذكرى السنوية الحادية عشرة لاستخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية في الغوطتين الشرقية والغربية بريف دمشق عام 2013، حيث يحيي السوريون هذا اليوم بذاكرة دامية وحالة حداد جماعية، مستحضرين صور الضحايا وآثار الجريمة التي ما تزال تترك بصمتها القاسية على الناجين، لاسيما الأطفال، في ظل غياب أي مساءلة حقيقية للمسؤولين عنها.
شنّت قوات النظام ليلة 21 آب 2013 أربع هجمات كيميائية متزامنة على مناطق مأهولة في الغوطتين، مستخدمة ما لا يقل عن عشرة صواريخ محمّلة بغاز السارين السام بقدرة إجمالية تصل إلى 200 ليتر، وجرى إطلاقها بعد منتصف الليل في توقيت مقصود تزامن مع انخفاض درجات الحرارة وسكون الهواء، ما أدى إلى بقاء الغازات الثقيلة قريبة من الأرض، وبالتالي وقوع أكبر عدد من الضحايا وهم نيام.
الحصار الذي فرضته قوات النظام منذ نهاية 2012 على الغوطتين، ومنع دخول الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية، أسهم في مضاعفة الخسائر البشرية وعجز المستشفيات الميدانية عن إنقاذ المصابين.
وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 1144 شخصاً اختناقاً، بينهم 1119 مدنياً من ضمنهم 99 طفلاً و194 سيدة، إضافة إلى 25 من مقاتلي المعارضة. كما أصيب نحو 5935 شخصاً بحالات اختناق وأعراض تنفسية مختلفة، لتكون هذه المجزرة وحدها مسؤولة عن 76% من إجمالي ضحايا الهجمات الكيميائية في سوريا منذ 2012 وحتى آخر هجوم مسجل في أيار 2019 بريف اللاذقية.
أكدت تقارير حقوقية أن تداعيات المجزرة لم تقتصر على لحظة وقوعها، بل امتدت إلى آثار جسدية ونفسية طويلة الأمد. فالعديد من الناجين ما زالوا يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي والعصبي، واضطرابات في الذاكرة والإدراك، فضلاً عن حالات الصدمة والاضطراب النفسي لدى الناجين وأطفالهم. كما أُبلغ عن ظهور عيوب خلقية ومشكلات نمو لدى مواليد لآباء وأمهات تعرضوا للهجوم.
بحسب بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن 222 هجوماً كيميائياً تم توثيقه في سوريا بين 2012 و2024، نفذ النظام السوري 217 منها، فيما نفذ تنظيم داعش 5 هجمات فقط. وقد تسببت هجمات النظام في مقتل 1514 شخصاً وإصابة أكثر من 11 ألفاً، فيما اعتُبرت قرارات مجلس الأمن الخاصة (2118، 2209، 2235) خروقات واضحة ارتكبها النظام دون أي رادع.
تشير قاعدة بيانات الشبكة إلى تورط ما لا يقل عن 387 شخصية عسكرية وأمنية ومدنية من الصف الأول في المؤسسة العسكرية والأمنية التابعة للنظام، وعلى رأسهم المخلوع بشار الأسد بصفته القائد الأعلى للجيش. وأكدت أن تنفيذ هجمات كيميائية بهذا المستوى لا يمكن أن يتم دون قرار مركزي عالي المستوى، ما يثبت أنها سياسة ممنهجة وليست حوادث فردية.
بعد اثني عشر عاماً، لا يزال السوريون يستحضرون مجزرة الغوطتين كأحد أكثر فصول الحرب دموية وجرماً، فيما يظل غياب العدالة والمحاسبة وصمة عار على المجتمع الدولي. وتؤكد ذكرى هذه الجريمة أن الذاكرة السورية لم ولن تنسى، وأن المطالبة بالعدالة تبقى واجباً مستمراً تجاه الضحايا والناجين.
٢١ أغسطس ٢٠٢٥
يتعرض اللاجئون السوريون لعنف عنصري في المجتمع اللبناني، ويتمثل هذا العنف بالاعتداء الجسدي، الشتائم، والمعاملة السيئة. تواجه هذه الممارسات اللاجئين سواء على أرض الواقع أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام اللبنانية.
بين الحين والآخر تقع حوادث تثير غضب الناشطين السوريين وتلفت انتباه الرأي العام. ومن أحدث هذه الحوادث، تعرض طفل سوري في صالون حلاقة في قضاء زغرتا شمالي لبنان للضرب المبرح على يد ثلاثة شباب، وقد أثار تداول الفيديو موجة غضب واسعة على منصات التواصل.
ووصف المتابعون الفيديو بالقاسي، خاصة أن الطفل كان يستغيث ويتألم، وسقط على الأرض وأُصيب رأسه، في حين لم يرحمه الشبان، الذين يُقال إنهم صاحب المحل وصديقيه، وكان الطفل يعمل في هذا المكان.
أثار مقطع الفيديو غضب الناشطين، الذين طالبوا الحكومة اللبنانية بالتحرك الفوري لمحاسبة المعتدين ومعاقبتهم، وضمان أخذ حق الطفل المتعرض للضرب. وبعد انتشار الفيديو، تحركت الأجهزة الأمنية بسرعة، وتمكنت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، عقب متابعة حثيثة، من تحديد هوية المتورطين. جرى توقيفهم بناءً على إشارة القضاء المختص، قبل أن يُفرج عنهم لاحقاً بموجب سندات إقامة.
تفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي والمغردون مع الفيديو بشكل واسع، حيث طالب ناشطون بمحاسبة المعتدين بأقصى العقوبات، معتبرين أن الإفراج عنهم يمثل "استهتاراً بحقوق الطفل". كما دعا حقوقيون ونشطاء في الجمعيات الإنسانية إلى تعزيز الرقابة على أماكن عمل الأطفال وتشديد تطبيق قوانين حماية القاصرين.
سبق أن تعرض السوريون في لبنان لعدة مواقف عنصرية خلال فترة تواجدهم في البلاد، عكست انعدام الأمان والاستقرار الذي يعانون منه. بعض هذه المواقف لم يُكشف عنها للعالم، وأخرى تناولتها وسائل الإعلام بشكل واسع.
قامت هذه الممارسات العنصرية على أساس التمييز والمعاملة السيئة تجاههم بسبب كونهم سوريين ولاجئين نازحين. يتعرض السوريون أيضاً للعديد من الاتهامات، من بينها أنهم سبب الأزمات الاقتصادية في البلاد، وأنهم يسرقون فرص العمل من اللبنانيين، وأنهم غير متحضرين، وغيرها من التهم غير المنطقية.
حتى أن العنصرية بدأت تظهر بشكل واضح في خطاب بعض وسائل الإعلام اللبناني وبعض الإعلاميين، مثل نضال الأحمدية، التي صرحت أكثر من مرة برفضها تناول الطعام في المطاعم اللبنانية بسبب عمل السوريين فيها. كما وجهت إليهم اتهامات بعدم التحضر، وأنهم لا يعرفون معنى الثقافة، وكانت تطلق بين الحين والآخر تصريحات تحمل طابعاً عنصرياً.
وسبق دعا عدد من الناشطين والشخصيات العامة اللبنانية إلى ضرورة وقف مثل هذه التصرفات العنصرية، مؤكدين على حق السوريين في الحماية والمعاملة الإنسانية. وقد شددوا على أهمية التضامن بين اللبنانيين والسوريين، ورفض أي ممارسات تنطوي على العنف أو التمييز، مؤكدين أن المجتمع يحتاج إلى تعزيز قيم الاحترام والمساواة لحماية جميع الفئات، وخاصة الأطفال منهم.