أعلن جهاز الموساد الإسرائيلي عما أسماها تنفيذ عملية استخباراتية سرية بالتعاون مع جهاز استخبارات "صديق"، تمكن من خلالها من استعادة الأرشيف الرسمي السوري المتعلق بالجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين.
جاء ذلك عقب ما أفادت صحيفة "معاريف" العبرية أن الحكومة السورية أعربت عن استعدادها لتسليم رفات الجاسوس الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي أُعدم في دمشق عام 1965، بعد أن أخفت سلطات نظام الأسد مكان دفنه لعدة عقود.
ووفقًا لما نشره مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأرشيف، الذي تم استعادته من دمشق، يتضمن أكثر من 2500 وثيقة وصورة ومقتنيات شخصية تعود للجاسوس الذي أُعدم في دمشق عام 1965.
وأكد البيان أن "الأرشيف السوري الرسمي" كان محفوظًا لدى أجهزة الأمن السورية منذ إعدام كوهين، وتم استعادته في عملية سرية بمشاركة جهاز استخبارات شريك، تزامنًا مع الذكرى الستين لإعدامه. الأرشيف يتضمن عدة مواد مهمة، بينها وصية كتبها كوهين بخط يده، تسجيلات من التحقيقات التي أجريت معه، بالإضافة إلى صور ومراسلات عائلية وأغراض شخصية.
وتشمل الوثائق تفاصيل عن أنشطة كوهين الاستخبارية في سوريا، من بينها مهمات تعقب وتوثيق منشآت عسكرية سورية، فضلاً عن نسخة من قرار المحكمة التي أصدرت حكم الإعدام عليه. كما تم العثور على مفاتيح شقته في دمشق، جوازات سفر مزورة استخدمها، وذكريات من فترة نشاطه السري.
سوريا وإسرائيل: مفاجأة جديدة بشأن رفات كوهين
وكانت أفادت صحيفة "معاريف" العبرية أن الحكومة السورية أعربت عن استعدادها لتسليم رفات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين بعد سنوات من إخفائه، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه خطوة مفاجئة.
وفقًا للمصادر، فإن هذه المبادرة تأتي في إطار محاولات الحكومة السورية الجديدة للتقارب مع إسرائيل، حيث تم عقد اجتماعات بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين خلال الأشهر الأخيرة، تخللتها محادثات حول استعادة رفات كوهين.
وفي وقت لاحق، كشفت وسائل إعلام عبرية أن مسؤولين سوريين وإسرائيليين اجتمعوا في العاصمة الأذرية باكو لمناقشة الوضع في سوريا، وهو جزء من مناقشات أوسع بين تركيا وإسرائيل بشأن الوضع في المنطقة. وتضيف التقارير أن الاجتماعات جرت بوساطة إماراتية وقطرية، مع التركيز على التنسيق لمنع التصعيد في المنطقة.
وقبل أيام كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن جهاز الموساد الإسرائيلي أعاد رفات الجندي تسفي فلدمان إلى إسرائيل، بعد تنفيذ عملية استخباراتية معقدة داخل الأراضي السورية، استمرت خمسة أشهر ونُفذت بالتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، قبل سقوط نظام الأسد.
إسرائيل تطالب بوساطة للإفراج عن رفات كوهين
في عام 2023، طالبت صوفي بن دور، ابنة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، في مقابلة مع قناة "i24NEWS" العبرية، دولة الإمارات بالتوسط لدى نظام الأسد لإحياء مساعي استعادة رفات والدها الذي أُعدم في الستينات. جاء حديث بن دور بعد القصف الإسرائيلي الذي طال مطار دمشق الدولي، حيث قالت: "في كل مرة يتجدد القصف الإسرائيلي على سوريا، نصبح بعيدين أكثر عن استرجاع الرفات".
كشف آخر برقية من إيلي كوهين
وكان كشف رئيس جهاز "الموساد" الإسرائيلي، ديفيد برنياع، خلال افتتاح متحف "إيلي كوهين" في مدينة هرتسليا، النقاب عن آخر برقية أرسلها الجاسوس الإسرائيلي إلى مشغليه في جهاز "الموساد"، والتي كانت سببًا في القبض عليه في دمشق وإعدامه في 1965. وأوضح برنياع أن البرقية، التي أُرسلت في 19 فبراير 1965، تحدثت عن اجتماع هيئة الأركان العامة السورية الذي جرى في ذلك اليوم برئاسة الرئيس السوري آنذاك، أمين الحافظ.
حول حياة كوهين وجاسوسيته في سوريا
إيلي كوهين، الذي وُلد في الإسكندرية عام 1924 لأسرة سورية هاجرت إلى مصر، عمل جاسوسًا للموساد في سوريا بين عامي 1961 و1965 تحت اسم مستعار هو "كامل أمين ثابت". خلال هذه الفترة، أقام كوهين علاقات قوية مع النخبة السياسية والعسكرية في سوريا، واستخدم هذه الروابط لنقل معلومات استخباراتية هامة لإسرائيل، بما في ذلك عن انتشار الجيش السوري في هضبة الجولان المحتلة. في ذروة نشاطه، كان كوهين مرشحًا لمنصب نائب وزير الدفاع السوري، قبل أن يُكتشف أمره ويُحكم عليه بالإعدام في 1965.
وافق مجلس الوزراء الأردني، يوم الأحد، على الإطار العام لإنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين الأردن وسوريا، والذي سيكون برئاسة وزيري خارجية البلدين. يأتي هذا القرار لتحديد أجندة عمل مشتركة وتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات عدة، أبرزها التجارة والنقل والطاقة والصحة، مع إمكانية التوسع لاحقًا إلى مجالات أخرى.
وفقا لوكالة "عمون" الأردنية، سيضم المجلس وزراء من مختلف القطاعات مثل: الطاقة والصحة والصناعة والتجارة والنقل والزراعة والمياه وتكنولوجيا المعلومات والتعليم والسياحة، حيث سيعقد الاجتماعات بشكل متناوب في كلا البلدين. من المتوقع أن يكون الاجتماع الأول في الأردن، مع عقد دورات نصف سنوية، بالإضافة إلى إمكانية عقد اجتماعات استثنائية عند الحاجة.
الأردن يعزز انخراطه الاقتصادي في سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية
وفي خطوة تسعى لتوسيع الانخراط التجاري والاقتصادي في سوريا، بدأت الأردن بتنفيذ خطوات متسارعة في ظل رفع العقوبات الأميركية وتخفيف القيود المالية المفروضة على دمشق. هذا التحول يأتي مع بداية مرحلة جديدة من الانفتاح الإقليمي والدولي تجاه الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
وفي هذا الصدد، وصف رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان، المهندس فتحي الجغبير، قرار رفع العقوبات بأنه خطوة استراتيجية ستساهم في تنشيط العلاقات الاقتصادية بين الأردن وسوريا، مشيرًا إلى أن البلدين يرتبطان بروابط تاريخية ومصالح مشتركة.
كما أشار الجغبير إلى أن رفع العقوبات، وخاصة "قانون قيصر"، سيسهم في تسهيل حركة البضائع والتحويلات المالية، مما يمهد الطريق أمام القطاع الخاص الأردني للمساهمة بشكل كبير في السوق السوري، خصوصًا في قطاعات حيوية مثل إعادة الإعمار، البنية التحتية، مواد البناء، الطاقة، والصناعات الدوائية والغذائية.
وفي خطوة عملية، تُخطط غرفة صناعة عمان لتنظيم زيارة لوفد صناعي أردني إلى دمشق في 21 أيار 2025، حيث سيتضمن الوفد ممثلين عن شركات صناعية من قطاعات متعددة. تهدف الزيارة إلى تعزيز التبادل التجاري مع المؤسسات السورية وتنسيق الشراكات الصناعية.
كما أعلن الجغبير عن مشاركة 25 شركة أردنية في المعرض الدولي للبناء المزمع إقامته في دمشق في 27 أيار 2025، وهو أول حضور صناعي أردني بهذا الحجم في الفعاليات الاقتصادية السورية منذ سنوات. خلال المعرض، سيتم تنظيم لقاءات جانبية مع الوزارات والمؤسسات السورية لمناقشة مشاريع مستقبلية.
خطوات استراتيجية أردنية في مرحلة ما بعد العقوبات
وانت أعربت وزارة الخارجية الأردنية عن ترحيبها بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، معتبرةً الخطوة "إيجابية" في سبيل إعادة بناء سوريا وفتح أفق التعاون الاقتصادي مع دمشق. يشير هذا القرار إلى رغبة الأردن في تعزيز دوره الإقليمي والمشاركة الفاعلة في جهود إعادة الإعمار، بعد انتهاء فترة العقوبات.
أعلن وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، عبر منصة "X"، عن لقائه برئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، حيث ناقشا ضرورة الإسراع في إنهاء معاناة السوريين الموقوفين في سجن رومية اللبناني. وأشار الشيباني إلى الاتفاق على بعض الخطوات العملية بهذا الخصوص.
يأتي هذا الإعلان في ظل تقارير إعلامية حديثة تسلط الضوء على أوضاع السجناء السوريين في سجن رومية، حيث تشير البيانات إلى أن أكثر من 2000 سوري، بين موقوفين ومحكومين، يقبعون في السجون اللبنانية، ويشكلون حوالي 30% من إجمالي السجناء في البلاد. وقد شهد السجن احتجاجات وإضرابات عن الطعام من قبل السجناء السوريين، مطالبين بتسريع محاكماتهم وتحسين ظروف احتجازهم.
تجدر الإشارة إلى أن زيارة نواف سلام إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع تناولت ملفات عدة، من بينها ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية مشتركة لمتابعة هذه القضية وغيرها من الملفات ذات الاهتمام المشترك. المركزية
يُذكر أن سجن رومية يعاني من اكتظاظ شديد، حيث يضم أكثر من 6300 سجين، رغم أن قدرته الاستيعابية لا تتجاوز 1500 سجين، مما يفاقم من معاناة السجناء وظروف احتجازهم.
وتأتي هذه التحركات في إطار جهود مشتركة بين الحكومتين السورية واللبنانية لمعالجة القضايا الإنسانية العالقة وتعزيز التعاون الثنائي بما يخدم مصلحة الشعبين.
قُتل ثلاثة أشخاص وأُصيب آخرون في انفجار استهدف مخفر الشرطة في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، مساء الأحد 18 أيار 2025، في هجوم يُعتقد أنه ناجم عن سيارة مفخخة.
ونقلت وكالة سانا عن مصدر أمني أن الانفجار أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى في حصيلة أولية، مضيفًا أن فرق الإنقاذ والجهات المختصة باشرت عملها في الموقع، في حين لا تزال التحقيقات جارية لتحديد هوية المنفذين وخلفيات الهجوم.
وفي أعقاب التفجير، أعلنت إدارة الأمن العام فرض حظر للتجول في مدينة الميادين يبدأ من لحظة الإعلان وحتى الساعة الخامسة صباحًا، وذلك كإجراء احترازي عقب الهجوم الذي وقع بالقرب من مقر الشرطة.
ويُعد هذا الهجوم هو الأول من نوعه الذي يستهدف منشأة أمنية في الميادين منذ سقوط نظام بشار الأسد، ما يعزز المخاوف من تجدد نشاط الجماعات المتطرفة أو الخلايا النائمة في المنطقة.
وتقع مدينة الميادين ضمن نطاق سيطرة الحكومة السورية، بينما تخضع أجزاء من ريف دير الزور الشمالي لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في ظل استمرار التوترات الأمنية وتكرار الحوادث المشابهة على جانبي نهر الفرات.
يشهد السوريون الراغبون في العودة إلى وطنهم استنزافاً مادياً غير مبرر من قبل شركات الطيران، التي تفرض أسعاراً باهظة للتذاكر مقارنة بالوجهات الأخرى. هذا الواقع يثير تساؤلات جدية حول غياب الضوابط وبدائل النقل الجوي الوطني، ويضع شريحة واسعة من السوريين، خصوصاً في فترات الأعياد والمناسبات، أمام تحديات مالية كبيرة تعيق عودتهم إلى البلاد.
المقارنة بين أسعار الرحلات توضح حجم الفجوة. على سبيل المثال، الرحلة من إسطنبول إلى دمشق في 20 أيار تصل تكلفتها إلى 1100 دولار، في حين أن الرحلة من إسطنبول إلى نيويورك – الأطول زمنياً بمراحل – لا تتجاوز 580 دولاراً. أما من الدوحة إلى دمشق، فتصل التكلفة إلى 550 دولاراً مقابل 490 دولاراً فقط للرحلة من الدوحة إلى لندن، رغم أن الأخيرة تستغرق أكثر من ضعف الوقت. كذلك الرحلة من عمّان إلى حلب تُكلف 785 دولاراً، مقابل 268 دولاراً فقط لرحلة من عمّان إلى لندن.
شاهد من الواقع:
في مايو من هذا العام، حاول أحد السوريين المقيمين في إسطنبول حجز تذكرة سفر إلى دمشق لقضاء عطلة عيد الأضحى مع عائلته، ليفاجأ بأن تكلفة التذكرة على الخطوط التركية بلغت 1100 دولار أمريكي لرحلة لا تتجاوز ساعتين. وللمقارنة، وجد أن تذكرة السفر من اسطنبول إلى نيويورك، وهي رحلة تستغرق أكثر من 11 ساعة، لم تتجاوز 580 دولاراً في اليوم نفسه.
هذا المثال يبرز التناقض الكبير في التسعير، ويؤكد أن ارتفاع الأسعار لا علاقة له بتكاليف التشغيل أو المسافة، بل يعكس استغلالاً مباشراً للطلب المرتفع على السفر إلى سوريا، في ظل محدودية البدائل المتاحة.
هذا الواقع لا يؤثر فقط على من يسافر بشكل متكرر، بل يضرب بشكل مباشر أصحاب الدخل المحدود، الذين ينتظرون سنوات طويلة حتى تتاح لهم فرصة زيارة بلدهم. كثير منهم يعملون في وظائف متواضعة ويقتصدون لأشهر، وربما لسنوات، كي يجمعوا ما يكفي لتذكرة سفر، فما بالك إذا كانت التكلفة تتجاوز ألف دولار؟
يقول أحد المغتربين:
"لي أكثر من 10 سنوات لم أزر سوريا. لدي عائلة وأقارب وأصدقاء هناك، ومن الطبيعي أن أزورهم ومعي بعض الهدايا، ولو بسيطة. هناك أيضاً مصاريف الإقامة والتنقل داخل البلد. فكيف يمكنني تحمل كل ذلك، وفوقه تذكرة سفر بهذا السعر؟ هذا يمنعنا حرفياً من رؤية أهلنا."
هذه الفجوة بين الواقع الاقتصادي للمغتربين وبين الأسعار المفروضة تجعل السفر إلى الوطن حلماً مؤجلاً بالنسبة لكثيرين، في وقت هم في أمسّ الحاجة إلى التلاقي العائلي بعد سنوات من الغربة والانقطاع.
وفق تقديرات تقريبية، فإن شركات الطيران تجني شهريًا أكثر من 20 مليون دولار من جيوب السوريين، في ظل غياب أي رقابة أو تدخل فعّال.
وطالب سوريون بوضع حلول لهذه المشكلة، واقترحوا فرض رقابة حكومية على أسعار التذاكر من وإلى سوريا، وتفعيل الناقل الوطني "السورية للطيران" وتحديث أسطوله عبر استئجار طائرات حديثة في مرحلة أولى، وفتح المجال لرأس المال الخاص للمشاركة في تطوير النقل الجوي الوطني. وإرغام شركات الطيران الأجنبية على وضع سقف سعري للتذاكر، خاصة في فترات الذروة.
مع اقتراب عيد الأضحى وموسم الصيف، حيث يزداد تدفق السوريين إلى بلادهم، تبرز الحاجة الملحة لتدخل حكومي واضح يضع حداً لهذا الاستغلال، ويعزز من سيادة الدولة على واحد من أكثر القطاعات ارتباطاً بحياة المواطنين في الخارج.
نفى العقيد رياض الأسعد، مؤسس الجيش السوري الحر، في مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، صحة الأنباء التي تم تداولها مؤخرًا حول تعيينه نائبًا لوزير الدفاع في الحكومة السورية الجديدة. وأكد الأسعد أن هذه الأخبار عارية تمامًا عن الصحة، معربًا عن استغرابه من انتشار مثل هذه الشائعات في هذا التوقيت، ومشيرًا إلى أنه تلقى العديد من الاتصالات والاستفسارات حول الموضوع.
كما أشار مصدر حكومي مطلع إلى أن وزارة الدفاع السورية لم تصدر أي قرار بتعيين العقيد رياض الأسعد في منصب نائب وزير الدفاع، داعيًا إلى عدم الانجرار وراء الشائعات والاعتماد على المصادر الرسمية في الحصول على المعلومات.
يُذكر أن العقيد رياض الأسعد كان من أوائل الضباط المنشقين عن قوات النظام السوري، حيث أعلن انشقاقه في يوليو 2011، وأسّس الجيش السوري الحر الذي لعب دورًا بارزًا في بداية الثورة السورية. تعرض الأسعد لمحاولة اغتيال في مارس 2013 أدت إلى بتر ساقه اليمنى.
بعد سقوط النظام، صرح الأسعد بأنه تعرض للتهميش من قبل الإدارة السورية الجديدة، مشيرًا إلى أنه لم يتلقَ اهتمامًا من المسؤولين، ولم يتمكن من لقاء قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع. لاحقًا، اجتمع وزير الدفاع مرهف أبو قصرة بالأسعد في دمشق، لبحث دور الضباط المنشقين في دعم المرحلة الانتقالية، إلا أن الاجتماع اعتُبر من قبل البعض بمثابة مجاملة.
تجدر الإشارة إلى أن العقيد رياض الأسعد لا يشغل حاليًا أي منصب رسمي في الحكومة السورية، وأن الأخبار المتداولة حول تعيينه في منصب نائب وزير الدفاع لا أساس لها من الصحة
في خطوة غير مسبوقة منذ عقود، كشف حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية أن بلاده تلقت عروضاً من شركات متخصصة في طباعة العملة من تسع دول عربية وأجنبية، تشمل الإمارات وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والنمسا، وذلك في إطار خطة لاستصدار عملة سورية جديدة بتصميم حديث، بعد سنوات من انهيار الليرة وتفشي التضخم.
وأوضح حصرية في تصريح لصحيفة إندبندنت عربية أن العروض تخضع حالياً للدراسة الفنية والمالية، مؤكداً أن المشروع لا يزال في طور الإعداد، ويتطلب تهيئة ظروف اقتصادية وتشريعية ملائمة قبل البدء بتنفيذه. وأضاف: “نطمح إلى جعل الليرة السورية قابلة للتحويل، ونعمل على إعادة تفعيل نظام سويفت المالي العالمي، بعد سنوات من العزلة التي فرضتها العقوبات”.
ويأتي هذا التوجه في ظل مؤشرات على انفتاح اقتصادي وسياسي غير مسبوق، بعد إعلان الولايات المتحدة مؤخراً رفع العقوبات المفروضة على دمشق، ما أعاد فتح الباب أمام الاستثمارات الخارجية والتعاملات المصرفية الدولية.
ووفق مصادر مصرفية تحدثت لـإندبندنت عربية، فإن سوريا باتت وجهة جاذبة لطباعة العملة، نظراً لحجم الصفقة المرتقب والعوائد المرتفعة، في وقت تسعى فيه الحكومة لإعادة هيكلة القطاع المالي وبناء الثقة بالعملة الوطنية بعد أن فقدت الليرة أكثر من 95% من قيمتها خلال السنوات الماضية.
وأكد حصرية أن العملة الجديدة ستأتي بتصميم محدث، وستكون جزءاً من خطة متكاملة لتثبيت استقرار السوق المحلية وتعزيز القدرة الشرائية، مضيفاً أن هناك جهوداً لتنظيم العلاقة بين المصرف ووزارة المالية على أساس الاستقلالية، بما يعزز من قدرة المركزي على إدارة السيولة وضبط الكتلة النقدية.
الخبير الاقتصادي دريد درغام أشار بدوره إلى أن إصدار عملة جديدة هو خطوة “ضرورية بل وأولوية”، لكنه حذّر من أن نجاحها مرهون بخطة اقتصادية شاملة وموارد حقيقية. ودعا إلى دراسة دقيقة للفئات الجديدة، وتحديد آلية واضحة لسحب العملة القديمة دون التسبب بارتباك في السوق.
من جانب آخر، رأى عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق أن التركيز يجب أن يكون على التحول إلى الدفع الإلكتروني بدل طباعة أوراق نقدية جديدة، مشيراً إلى أن هذا الخيار أكثر حداثة وفاعلية لكنه يتطلب بيئة تشريعية وتقنية متطورة، لا تزال غير جاهزة بالكامل في سوريا.
وشدد محللون اقتصاديون على أن تبديل العملة لن يكون حلاً سحرياً، بل هو جزء من إصلاحات أوسع تشمل مكافحة الفساد، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وضمان الشفافية، مؤكدين أن غياب الأسس الاقتصادية قد يؤدي إلى نتائج كارثية، على غرار ما شهدته دول مثل فنزويلا وزيمبابوي.
يرى الخبير الاقتصادي إبراهيم قوشجي أن تغيير العملة في سوريا يجب ألا يُفهم على أنه مجرد تغيير رمزي أو شكلي، بل هو مشروع لإعادة تشكيل السياسة النقدية بأكملها، وضبط السيولة بما يتناسب مع الناتج المحلي، وإغلاق الباب أمام الأموال المشبوهة التي كانت تتداول في السوق السوداء، في ظل سنوات من التهريب والاقتصاد غير الرسمي.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه سوريا واحدة من أعقد الأزمات الاقتصادية في تاريخها، حيث يرزح أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، فيما بلغ الناتج المحلي نحو 30 مليار دولار فقط مقارنة بـ62 ملياراً عام 2010، وفقاً لتقديرات أممية. وقد قُدّرت خسائر الاقتصاد السوري بأكثر من 800 مليار دولار، فيما لا تزال البلاد تسعى لاستعادة ثقة المواطنين والمستثمرين على السواء.
وتبقى طباعة العملة الجديدة، بحسب مراقبين، اختباراً دقيقاً لقدرة دمشق على ترجمة التحولات السياسية الإقليمية إلى أدوات إصلاحية حقيقية، تعيد رسم ملامح الاقتصاد السوري من جديد.
بحث وزير الزراعة السوري الدكتور أمجد بدر، اليوم، مع رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، ستيفان ساكاليان، سبل تعزيز التعاون بين الجانبين، ووضع برنامج عمل مشترك يستهدف دعم الفلاحين والمزارعين في البلاد.
وخلال اللقاء، شدد الوزير بدر على أهمية توسيع وتفعيل التعاون مع الصليب الأحمر، داعياً إلى تجاوز العقبات التي واجهت عمل المنظمة في السابق، وتسهيل تنفيذ المشاريع الجديدة المزمع دعمها في سوريا. وأكد أن الوزارة تضع في أولوياتها مصلحة الفلاح السوري، وتسعى لتقديم كل الخدمات والتسهيلات اللازمة لرفع إنتاجيته وتحسين ظروفه المعيشية.
كما أشار الوزير إلى ضرورة وضع خطة عمل دقيقة ومشتركة لتحديد معايير اختيار المستفيدين، داعياً إلى أن تشمل المعونات والمساعدات أكبر عدد ممكن من المحتاجين، ضمن إطار يضمن الكفاءة والاستدامة.
من جهته، أعرب ستيفان ساكاليان عن رغبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في توسيع مشاريعها داخل سوريا، وخاصة في المجالات التقنية، ومشاريع المياه، وتقديم اللقاحات للثروة الحيوانية، إلى جانب تدريب الكوادر الفنية في وزارة الزراعة.
واستعرض ساكاليان أبرز المشاريع التي تم تنفيذها بالتعاون مع الوزارة خلال السنوات الماضية، متطرقاً إلى الصعوبات التي واجهت بعض الأنشطة، ومقترحات التغلب عليها. كما أكد على أهمية الانتقال من مرحلة الإغاثة إلى مشاريع دعم سبل العيش الأكثر استدامة، في إطار مذكرة تفاهم تُحدَّد فيها أولويات التعاون في المرحلة المقبلة.
لم يكن وقع العودة إلى الديار سهلاً على كثير من أبناء ريفي حماة وإدلب، فمع لحظة التحرير التي طال انتظارها، كان الأمل معقوداً على استعادة الأرض والبناء والكرامة، لكن مشهداً قاسياً آخر كان بانتظارهم: أشجارهم المثمرة، التي طالما شكّلت مصدر رزقهم وامتداداً لذكرياتهم، قُطعت واجتثت على يد جنود الأسد، خلال سنوات الاحتلال الطويلة.
ففي القرى التي عاد إليها الأهالي بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، اصطدم العائدون بجريمة بيئية واقتصادية واجتماعية دفعت كثيرين منهم إلى وصف ما جرى بأنه "اجتثاث للهوية"، لا مجرد تخريب.
بحسب شهادات ميدانية، فإن سكان مناطق متفرقة في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة، ممن عادوا إلى قراهم، فوجئوا بغياب الأشجار التي كانوا يعتنون بها لعقود، وخاصة الزيتون والتين والفستق الحلبي. هذه الأشجار، التي كانت تمثل عماد الاقتصاد العائلي لآلاف الأسر، لم تعد موجودة، بعد أن قضت عليها سكاكين الانتقام وثقافة الإبادة.
يقول أحد العائدين: "كنا نخطط لجني محصولنا، كي نتمكن من إعادة بناء منازلنا، لكنهم لم يتركوا لنا حتى الظلّ". ويضيف آخر: "لم تكن مجرد أشجار، بل مواسم عمر، كنا نحيا من خيراتها".
الواقع الجديد فتح جرحاً عميقاً في الذاكرة الجمعية للأهالي، لا سيما أن عمليات القطع جرت بصورة ممنهجة، وسط صمت مطبق من النظام، بل وتواطؤ صريح. فقد استغل عناصر الأسد وجودهم في هذه المناطق لارتكاب أبشع الجرائم البيئية، إذ حوّلوا الحقول إلى مصدر حطب ومواد للبيع، ووسيلة انتقام من أهالي القرى الذين عرفوا بمواقفهم الثورية ضد النظام.
وبالرغم من أن رأس النظام أصدر سابقاً مرسوماً يفرض غرامات مالية على قاطعي الأشجار، تتراوح بين 150 إلى 200 ألف ليرة للدونم الواحد، إلا أن القرار لم يكن سوى حبر على ورق. لا أحد طُبّق عليه القانون، لأن من نفّذ الجريمة هم أنفسهم المحميون أمنياً والمغذَّون بسياسة العقاب الجماعي.
في أحد الفيديوهات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، يروي أحد العائدين بأسى: "أهل قريتي كانوا يعيشون من محصول الزيتون والتين، واليوم عادوا فلم يجدوا شجرة واحدة واقفة... الأرض تحولت إلى صحراء". شهادته تكررت على ألسنة كثيرين، الذين عبّروا عن ألمهم في تعليقات موجعة: "هدموا البيوت وسرقوا الأسقف، لكن قطع الشجر هو الكارثة الأكبر"، وآخر وصف المشهد قائلاً: "حتى مضخات المياه سرقوها، لم يتركوا حجراً على حجر، نحن عدنا من تحت الصفر".
في مشهد موازٍ، رأى بعض السكان أن قلع الأشجار لا يختلف عن قلع الأرواح، فهو عملية إبادة لا تختلف عن القتل أو القصف، بل هو امتداد لسياسة الأرض المحروقة التي انتهجها الأسد ضد معارضيه.
اليوم، يفكر العائدون في زراعة الأشجار من جديد، لكنهم يعلمون جيداً أن الزيتونة لا تثمر إلا بعد سنوات، وأنهم فقدوا مواسم متراكمة من الرزق والعيش. وكما يقول أحد الفلاحين: "بعض الأشجار التي قطعوها زرعها أبي بيده، واليوم أنظر مكانها فلا أرى إلا جذعاً محروقاً، وكأنهم يريدون محو أثرنا من الأرض".
تؤكد هذه المشاهد أن معركة السوريين لم تنتهِ مع تحرير الأرض فقط، بل بدأت فصولها الحقيقية مع إعادة الإعمار والعدالة، ومواجهة الآثار العميقة التي تركها نظام استخدم كل أدوات الإبادة، حتى الشجر لم يسلم من نيرانه.
لم يقتصر انتقام نظام الأسد من معارضيه على القتل والتعذيب داخل السجون، بل امتد ليشمل بعداً أفظع من ذلك: الانتقام بعد الموت، حيث حرمان الضحايا من حقهم الطبيعي في الوداع والدفن الكريم، وتحويل فقدانهم إلى مأساة مستمرة لعائلاتهم.
صدرت وثيقة داخلية عن الفرع 248 التابع لشعبة المخابرات العسكرية عام 2022، تضمنت توجيهات صارمة تهدف إلى إخفاء كل المعلومات المتعلقة بمصير المعتقلين وأماكن وجودهم، سواء كانوا أحياءً أو متوفين.
وشملت هذه التوجيهات تفاصيل دقيقة تنص على منع تقديم أي معلومات أو بيانات عن المعتقلين، حتى للجهات القضائية الرسمية، والامتناع التام عن الإفصاح عن حالات الوفاة داخل المعتقلات أو أماكن الدفن، بالإضافة إلى حجب المعلومات المتعلقة بالحالة الصحية وظروف الاحتجاز، وقطع أي وسيلة اتصال بين المعتقلين وأسرهم. بهذا الشكل، فرض النظام جداراً من الصمت والسرية التامة، ليُعمّق معاناة الأسر التي تعيش في ظلام تام حول مصير أحبّائها، ما يعكس سياسة انتقامية وحشية تستهدف كسر روح المعارضين وأسرهم حتى بعد فقدانهم حياتهم.
الكثير من الذين قضوا تحت التعذيب داخل المعتقلات لم تُسلّم جثثهم لأهاليهم، بل دُفنوا في مقابر جماعية مجهولة المواقع، بلا قبور مخصصة، وبلا شواهد تُخلّد أسمائهم. هذا الأسلوب في الدفن ليس مجرد إخفاء جسد، بل هو إرهاب معنوي مقصود يُريد أن يجعل من موت المعارض مجرد رقم أو اسم مجهول لا أثر له.
هذه المقابر الجماعية تحولت إلى كابوس لعائلات الضحايا، الذين يعيشون بين أمل المساعدة والانتظار الطويل، مع غياب أي معلومات موثوقة. الحزن يتضاعف مع غياب الوداع، ومع عدم قدرة الأهل على إقامة جنازة تليق بذكرى أحبّائهم.
الانتقام من المعارض لا ينتهي بموت جسده، بل يبقى معلقاً في روح أسرته التي تعيش بين انتظار لا ينتهي وألم لا يزول. فقدان الجثمان أو عدم معرفة مكانه يجعل الحزن في حالة تجمّد دائم، ويجعل من موت المعارض جرحاً مفتوحاً لا يشفيه إلا الحقيقة والعدالة. بهذا، يؤكد نظام الأسد أنه لا يكتفي بإزهاق أرواح المعارضين، بل يستمر في قهرهم وأسرهم بعد الموت، في محاولة بائسة لاستمرار السيطرة والانتقام.
ويُذكر أن رئاسة الجمهورية العربية السورية أصدرت في 17 أيار 2025، مرسوماً رئاسياً يقضي بتشكيل “الهيئة الوطنية للمفقودين” كهيئة مستقلة، وذلك بناءً على الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية وفقاً لأحكام الإعلان الدستوري. ويأتي هذا القرار في إطار حرص الدولة على كشف مصير الآلاف من المفقودين في سوريا، وإنصاف عائلاتهم، ويهدف إلى تقديم الدعم القانوني والإنساني لهم، فضلاً عن توثيق حالات المفقودين والمختفين قسرياً، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية لهذه الحالات.
تم تعيين السيد محمد رضى جلخي رئيساً للهيئة، وكُلف بتشكيل فريق العمل المعني بوضع النظام الداخلي للهيئة في مدة أقصاها 30 يوماً من تاريخ الإعلان، وتتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وستباشر مهامها في جميع أنحاء الأراضي السورية.
وكان قد تطرّق وزير الخارجية “أسعد الشيباني” في كلمة في القمة العربية الـ34 التي عُقدت في العاصمة العراقية بغداد، إلى أن “سوريا بدأت خطوات جادة نحو التعافي الوطني، حيث خاضت لأول مرة تجربة وطنية جامعة تضم جميع الأطياف السورية، وتضمن التمثيل وتعزز الكرامة الوطنية”. وأكد أن الحكومة السورية تعمل على “تحقيق العدالة الانتقالية وكشف مصير المفقودين، لأننا نؤمن أن لا مصالحة دون إنصاف”.
وفي وقت سابق، دعت منظمة العفو الدولية “أمنستي”، الحكومة السورية الجديدة، إلى اتخاذ خطوات فورية وملموسة لمعالجة إرث الانتهاكات في البلاد، مشيرة إلى أهمية تحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة وتعويض الضحايا. وطالبت المنظمة بتطبيق إصلاحات مستعجلة تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان لمنع وقوع المزيد من الانتهاكات.
في تقريرها الذي صدر مساء الجمعة، أكدت المنظمة أنها وثّقت، بين عامي 2011 و2024، ارتكاب النظام السوري العديد من الجرائم التي تشمل انتهاكات قانونية واسعة، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فضلاً عن انتهاكات حقوق الإنسان على يد نظام بشار الأسد. كما وثّقت المنظمة جرائم فظيعة ارتكبتها القوى الحليفة للنظام، مثل روسيا، بالإضافة إلى الجماعات المسلحة المعارضة للنظام المدعومة من تركيا، وكذلك سلطات الأمر الواقع بقيادة الأكراد.
ورأت المنظمة الحقوقية أن أمام الحكومة الانتقالية الجديدة، التي يقودها الرئيس أحمد الشرع، فرصة حاسمة لتحسين الوضع في سوريا وطي صفحة الماضي عبر ضمان عدم تكرار الفظائع. وحددت المنظمة في تقريرها مجموعة من الخطوات الضرورية التي يجب على السلطات السورية اتخاذها لتحقيق ذلك، لضمان الامتثال لالتزامات سوريا بموجب القانون الدولي.
وكانت قد أعلنت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، عن توقيع مذكرة تفاهم مع المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية، المُنشأة بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لافتة إلى أنها تمثل خطوة إضافية في مسار السعي الدؤوب نحو الحقيقة والمساءلة، بهدف كشف مصير وأماكن وجود عشرات الآلاف من المفقودين في مختلف أنحاء سوريا.
وقالت الشبكة إنه من خلال هذه الشراكة، ستُسهم بخبرتها المتراكمة على مدى أربعة عشر عاماً في توثيق الانتهاكات، وقواعد بياناتها الواسعة، ومعرفتها المعمّقة بالسياق السوري، لتعزيز فعالية آليات التحقيق الدولية في الوصول إلى معلومات دقيقة عن المفقودين، والمساعدة في تحديد هوية الضحايا في المقابر الجماعية.
وعبرت الشبكة عن أملها أن يُسهم هذا التعاون في تحديد مواقع تلك المقابر، وحمايتها، والتعرف على هوية الرفات البشرية فيها، وضمان معاملتها بكرامة واحترام، وتسليمها لعائلاتها لدفنها بشكل لائق متى أمكن ذلك.
وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بأنها تؤمن بأنَّ هذه الشراكة ستُعزز جهود المناصرة التي تركز على الضحايا، وستدعم مسارات العدالة الانتقالية، ومبادرات كشف الحقيقة، واستعادة كرامة عدد لا يُحصى من العائلات التي ما زالت تعيش ألم الفقد وعدم اليقين.
وجددت الشبكة التزامها بالتعاون الوثيق مع المؤسسات المحلية والدولية المكرّسة للحقيقة والعدالة والمساءلة، مؤكدة دعمها الثابت لحقوق الضحايا والناجين في نضالهم الشجاع من أجل سوريا قائمة على العدالة، وحقوق الإنسان، وسيادة القانون.
نظام الأسد المجرم كان يعمل على إثارة الفتن بين أبناء الشعب السوري، ساعياً بكل وسيلة إلى تمزيق نسيجه الاجتماعي، وتفكيك ثقة الناس ببعضهم البعض. ومن أخطر أدواته لتحقيق هذا الهدف كانت فئة المخبرين، أو ما يُعرف في الأوساط الشعبية بـ”كتيبة التقارير”، والتي اشتهرت بين الناس بـ”جماعة الخط الحلو” بسبب أسلوبهم الماكر في الكتابة والتبليغ.
هؤلاء المخبرون، الذين كان يُجنّدهم النظام تحت مسميات متعددة، لعبوا دوراً حاسماً في رصد تحركات المواطنين، ونقل الأحاديث، وبث الرعب بين الناس، مما أدى إلى اعتقالات تعسفية، وتعذيب، وتدمير حياة مئات العائلات. ولعلَّ الأخطر من ذلك، هو دورهم في زرع الشك والريبة بين أبناء الحي الواحد، بل داخل العائلة الواحدة أحياناً.
قبل انطلاق الثورة السورية في شهر آذار/مارس عام 2011، كانت “كتيبة التقارير” إحدى أدوات النظام الأمنية التي تُستخدم لمراقبة المعارضين المحتملين، أو حتى المواطنين العاديين ممن يُظهرون استقلالية في الرأي أو نشاطاً ثقافياً أو اجتماعياً لا يخضع لرقابة النظام. المخبر لم يكن مجرد ناقل للمعلومة، بل كان عنصراً مُفعّلاً لإنتاج الخوف، وغالباً ما يُكافأ على عدد “التقارير” التي يرفعها.
كان الخوف من المخبرين يعشعش في تفاصيل الحياة اليومية للسوريين، حتى غدا جزءاً من الوعي الجمعي. لم يكن أحد يثق بأحد، فالصمت كان أضمن طريق للنجاة، والكلام حتى العابر منه قد يُحوَّر في تقرير يُفضي إلى الاعتقال أو الاختفاء. انتشرت أمثال مثل “الجدران لها آذان” و”نمشي الحيط الحيط وياربِّي السترة” كوصايا للسلامة، لا مجرد حكم شعبية. كان الناس يتهامسون في بيوتهم، يتحاشون الحديث في السياسة أو حتى التذمر من ضيق المعيشة، خشية أن يكون الجالس بينهم “عيناً” للدولة. صار الخوف عادة، والشك في الآخر غريزة دفاع. المخبر لم يكن غريباً بالضرورة؛ قد يكون زميلاً، جاراً، قريباً… أو حتى فرداً من العائلة.
في كثير من الأعمال الدرامية السورية قبل الثورة، كانت شخصية “المخبر” حاضرة بشكل ساخر وكوميدي، وكأنها جزء من النسيج اليومي الذي لا يمكن تجاهله. لم تكن هذه الأعمال تُخفي وجوده أو تنكره، بل كانت تسخر من حضوره المفضوح، وتُظهره في صورة الشخص الفضولي، ثقيل الظل، الذي يحاول التسلل إلى المجالس والأحاديث، ويسجل الملاحظات في دفتر صغير، بينما الجميع يعلم تماماً من يكون. كانت هذه الكوميديا في الحقيقة وسيلة ذكية للتعبير عن واقع مرير: أن المخبر كان يعيش بين الناس، ويأكل معهم، ويضحك، لكنه في النهاية ينقل ما يُقال ليلاً إلى أجهزة الأمن. ومن المفارقات أن الناس كانوا يتعاملون معه بنوع من “التطنيش الذكي”، يلقون النكات بوجوده وكأنهم يقولون له: “نحن نعلم من أنت، ونعرف لمن تكتب”. هذه المعالجة الدرامية الساخرة كانت متنفساً مؤقتاً، لكنها في الوقت ذاته فضحت كيف تحوّل الخوف إلى شيءٍ يومي، يُضحك عليه، رغم ما فيه من ألم.
مع انطلاق الثورة السورية، تصاعد دور “كتيبة التقارير” بشكل خطير، وتحولت من شبكة تجسس خفية إلى أداة علنية وفعّالة في خدمة آلة القمع والقتل التي يديرها نظام الأسد المجرم. المخبر لم يعد مجرد ناقل لمعلومة، بل أصبح شريكاً مباشراً في الجريمة، يتسبب بتقاريره الكاذبة في اعتقال الآلاف من الأبرياء، كثير منهم ماتوا تحت التعذيب أو أُعدموا ميدانياً أو فُقدوا في أقبية الأفرع الأمنية. بعضهم كانوا من الأطفال أو النساء أو نشطاء سلميين لم يحملوا سلاحاً يوماً، لكنهم وُصِفوا في تقارير هؤلاء بـ”محرضين” أو “إرهابيين” فقط لأنهم طالبوا بالحرية.
المخبر خلال الثورة لم يكن شخصاً مغرّراً به أو ضحية، بل كان أداة وضيعة بيد النظام، مجرماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لا يقل إجراماً عن بشار الأسد نفسه أو عن حلفائه الذين شاركوه سفك الدم السوري. كثير من المآسي التي عاشتها العائلات بدأت بتقرير كتبه أحد هؤلاء، وربما بابتسامة خبيثة خبّأ بها قلمه تحت عباءته ومشى بين الناس وكأن شيئاً لم يكن.
عندما سقطت بعض القرى والمدن بيد قوات الأسد المجرم، سارع العديد من المخبرين الذين انكشف أمرهم إلى الفرار نحو مناطق سيطرة النظام الديكتاتور السابق، مدفوعين بالخوف من المحاسبة أو الانتقام الشعبي. هؤلاء الذين خانوا جيرانهم وأصدقاءهم وكتبوا تقارير أودت بحياة الأبرياء، لم يكن لهم مكان بين من صمدوا أو عانوا من ظلم النظام، فاختاروا العودة إلى حضن الجريمة الذي خرجوا منه أول مرة. في مشهد يؤكد حقيقة انتمائهم، التحق بعضهم من جديد بصفوف أجهزة الأمن أو الشبيحة، مواصلين دورهم في الإيذاء والوشاية، وكأن شيئاً لم يتغير. هروبهم لم يكن مجرد هروب جسدي، بل إعلان صريح عن الولاء لنظام قتل ودمّر، ونبذٌ واضح من المجتمع الذي لفظهم بعد أن تبيّن من هم حقاً.
بعد تحرير المناطق من سيطرة نظام بشار الأسد المجرم، تم الوصول إلى سجلات هؤلاء المخبرين، وظهرت أسماء لأشخاص كانوا يُعتبرون في الأوساط المجتمعية “أناساً عاديين”، بل أحياناً “محترمين”. هذا الكشف لم يكن مجرد فضح لأشخاص، بل كان كشفاً لمنظومة تجسسية شاملة استخدمها النظام لإجهاض أي حلم بالحرية. في ظل انتصار الثورة، تبقى مسؤولية محاسبة هذه الكتيبة من أولويات العدالة الانتقالية. لأن هؤلاء لم يكونوا مجرد أدوات صامتة، بل فاعلين في صناعة الجريمة، وسبباً مباشراً في كثير من المآسي.
أدان محافظ السويداء مصطفى البكور الهجمات التي استهدفت مناطق في الريف الغربي للمحافظة، واصفاً إياها بمحاولات “زرع الفتنة والفوضى” بين أبناء المنطقة، ومؤكداً أن الجهات المختصة باشرت باتخاذ إجراءات ميدانية للتصدي لها.
وفي بيان رسمي صدر مساء السبت، قال البكور إن المحافظة “ترفض القاطع لأي محاولة تهدف إلى زعزعة استقرار السويداء والنيل من أمن سكانها”، مشيراً إلى أن الاعتداءات الأخيرة طالت المدنيين الآمنين، وشدد على أهمية التعاون بين الأجهزة الأمنية والمجتمع المحلي “الذي أثبت دوماً وعيه وحرصه على أمنه”، حسب تعبيره.
وأكد البكور أن “الطبيعة الجغرافية المعقدة للمناطق المحاذية للريف الغربي، تتطلب تنسيقاً احترافياً واستجابة ميدانية دقيقة”، لافتاً إلى اتخاذ جملة من الإجراءات التي تراعي هذه الخصوصية. كما وجّه نداءً إلى أبناء محافظة درعا من أجل “التحلي باليقظة في وجه الأيادي العابثة”، على حد وصفه.
في السياق ذاته، كشف الإعلامي السوري فيصل القاسم عن لقاءات مكثفة جرت أمس بين شخصيات من السويداء وكبار وجهاء محافظة درعا، مشيراً في منشور له إلى أنه تواصل مع بعض الحاضرين وتلمّس “إجماعاً كاملاً على التصدي للعصابات الخارجة عن القانون التي تطلق القذائف وتخرب منشآت المياه والكهرباء”، مؤكداً أن المشاركين تعهدوا “بحماية السلم الأهلي”.
بالتزامن مع ذلك، أفادت مصادر محلية في درعا وشبكة “درعا 24” بأن قوى تابعة لوزارة الدفاع السورية نفّذت حملة مداهمات في قرى بويضان والعمرة البيضة والشرائع، ضمن منطقة اللجاة شمال شرقي المحافظة. وأسفرت الحملة عن مصادرة مضادين من عيار 23 ملم، وراجمة صواريخ “كاتيوشا”، إلى جانب سيارة عسكرية، في إطار خطة أوسع لنزع السلاح الثقيل من أيدي الفصائل غير المنضبطة.
وشهدت الأسابيع الماضية تصاعداً في التوتر على المحور الغربي لمحافظة السويداء، حيث وثّقت شبكة “السويداء 24” سقوط أكثر من 70 قذيفة هاون وذخائر مختلفة على مناطق متفرقة من الريف الغربي والشمالي، مصدرها الحدود الإدارية مع محافظة درعا، ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة أربعة آخرين.
وتأتي هذه التطورات بعد تنفيذ محافظ السويداء بداية الشهر الجاري للمرحلة الأولى من اتفاق تم التوصل إليه مع مشايخ العقل ووجهاء المحافظة، تضمن إجراءات لضبط الأمن ونزع السلاح الثقيل. وقد شهد محور الدارة – الثعلة تبادلاً للقصف بين مجموعات مسلحة بعضها ينتمي لعشائر البدو، وأخرى تابعة لـ”المجلس العسكري”، قبل أن يعود الهدوء تدريجياً إلى المنطقة.
وتضاف هذه الاشتباكات إلى التحديات التي تواجه الجنوب السوري، في ظل استمرار عمليات التفتيش عن السلاح وملاحقة المجموعات الخارجة عن القانون، ومحاولات حثيثة من قبل الحكومة السورية لضمان استقرار المنطقة ومنع انزلاقها نحو الفوضى مجدداً.
أعلنت وزارة الأوقاف السورية، اليوم الأحد، عن انطلاق أولى قوافل الحجاج السوريين من مطار دمشق الدولي إلى مطار الملك عبد العزيز في جدة، إيذاناً ببدء موسم الحج لهذا العام 1446 هـ/2025 م.
وقال المتحدث باسم الوزارة، أحمد الحلاق، إن الرحلات ستستمر بشكل يومي حتى الثاني من حزيران، ضمن جدول منظم يراعي راحة الحجاج وسلامتهم، مضيفاً أن الوزارة أنهت جميع الترتيبات الإدارية والشرعية والطبية، وجهّزت فرقاً من المشرفين والمرشدين الدينيين لمرافقة الحجاج وتقديم الدعم والإرشاد طيلة فترة الرحلة.
وقال مشرف البعثة السورية إلى الحج حيان درويش "لأول مرة في كل مواسم الحج تم وضع بطاقة صدرية للمسافرين تحتوي على رمز QR، عند مسح هذا الرمز يتم عرض معلومات عن الحاج، مثل طريقة التواصل مع رئيس مجموعته وروابط لموقع مخيم عرفات، وموقع فندق في مكة، وآخر في المدينة، ما يسهل على الحجاج سفرهم والوصول إلى أماكن إقامتهم".
وأكد مدير مكتب دمشق في مديرية الحج بوزارة الأوقاف الأستاذ عمران شيخ يوسف لـ سانا ان رحلات الحجاج السوريين من مطار دمشق الدولي ستكون بمعدل 5 رحلات يومياً بعدد إجمالي 66 رحلة انطلاقاً من مطار دمشق الدولي.
وشهد مطار دمشق الدولي انتشاراً لفِرق الدفاع المدني لتأمين خدمات الإسعاف والرعاية الصحية الأولية، والتدخل السريع عند أي طارئ، في خطوة تهدف لضمان سير الرحلات بسلاسة وكفاءة.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في نيسان الماضي عن تخفيض رسوم إصدار جوازات السفر بنسبة 50% للحجاج السوريين، سواء داخل البلاد أو خارجها، وذلك ضمن حزمة إجراءات تهدف إلى تسهيل أداء المناسك، خاصة لكبار السن والمقيمين في دول الجوار.
كما أُقيمت قرعة الحج بحضور وزير الأوقاف محمد أبو الخير شكري، وشخصيات دينية وإدارية، حيث خُصصت المرحلة الأولى لاختيار 1,575 حاجاً ممن تجاوزت أعمارهم 70 عاماً، التزاماً بالشروط الجديدة التي فرضتها السلطات السعودية، والتي حددت سقف الحجاج من كبار السن بنسبة 7% من الإجمالي.
وبحسب مدير الحج والعمرة، سامر بيرقدار، فإن التوزيع هذا العام خصص 65% من المقاعد لكبار السن، و35% للشباب، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية من القرعة ستُستكمل لاحقاً لاختيار بقية المقبولين بحسب أولوية العمر.
بلغت كلفة الحج لهذا الموسم 4,900 دولار، تشمل السكن والنقل والوجبات والخدمات الطبية والإدارية، وفق ما أعلنته اللجنة المعنية، على أن تبدأ عمليات التسديد خلال مدة أسبوعين من تاريخ الإعلان.
وأكد بيرقدار أن اللجنة حرصت على تأمين مساكن مريحة في مكة، ووسائل نقل آمنة بين أماكن السكن والحرم، مع تحسينات على مستوى الوجبات والخدمات الفندقية، بما يضمن أداء المناسك في بيئة صحية وهادئة.
ويُشار إلى أن ملف الحج السوري كان منذ عام 2013 تحت إشراف لجنة الحج العليا التابعة للائتلاف السوري المعارض، والتي أسهمت في تطوير الملف إداريًا وتقنيًا، ونجحت في كسب ثقة وزارة الحج السعودية.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد، نُقل الملف إلى وزارة الأوقاف السورية الحالية، ضمن عملية إعادة هيكلة شاملة للقطاع الديني والإداري، وسط تأكيدات رسمية على استمرار نهج التسهيل والشفافية، وضمان حقوق الحجاج السوريين دون تمييز.
انطلاق أولى الرحلات إلى الأراضي المقدسة يمثّل بداية موسم روحاني جديد للحجاج السوريين، وسط ترتيبات تنظيمية وصحية متكاملة، وتأكيد رسمي على تعزيز جودة الخدمات المقدّمة، في مشهد يعكس استقراراً إدارياً متقدماً في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد.