أفادت مصادر في الدفاع المدني السوري بمقتل مدنيَّين وإصابة آخرين، في حصيلة أولية لانفجار مجهول السبب وقع ظهر اليوم في مزارع جبرين بمحيط مدينة حماة.
وأوضحت فرق الإنقاذ أنها انتشلت جثتين من المكان، وتواصل العمل بحثًا عن عالقين تحت الأنقاض.
ولم تُعرف بعد طبيعة الانفجار أو مصدره، بينما باشرت الجهات المختصة التحقيقات لكشف الملابسات، في حين جرى نقل المصابين إلى المشافي القريبة لتلقي العلاج وفق ناشطين محليين.
ويُعد هذا الحادث واحداً من سلسلة انفجارات شهدتها مناطق مختلفة من سوريا خلال السنوات الأخيرة، ويُرجّح أن تكون ناجمة عن مخلفات الحرب والألغام غير المنفجرة التي خلّفها النظام السابق أو تنظيم داعش، ما يجعلها تهديدًا يوميًا لحياة المدنيين، خصوصًا في المناطق الزراعية ومحيط المدن.
وفي هذا السياق، كانت وزارة الطوارئ والكوارث السورية قد أكدت خلال الأشهر الماضية أن البلاد تواجه واحدة من أكبر تحديات إزالة الألغام في المنطقة، مشيرة إلى أن مخلفات الحرب تُعد من الأسباب الرئيسة لإعاقة عودة الأهالي إلى مناطقهم وتهدد الأمن الغذائي بسبب تلويث الأراضي الزراعية.
وأعلن وزير الطوارئ رائد الصالح عن إعداد خطة وطنية متكاملة لتأسيس مركز مختص بإزالة الألغام، بالتعاون مع الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) الذي تم دمجه مؤخراً ضمن المنظومة الحكومية، بهدف تعزيز الاستجابة السريعة والتوعية المجتمعية، وضمان بيئة أكثر أماناً للمدنيين وفق قولهم.
وتأتي هذه الجهود ضمن توجه حكومي أوسع لإعادة تأهيل المناطق المتضررة، وتوفير بيئة آمنة تسهم في استقرار الأهالي، وتحد من تكرار المآسي الناجمة عن مخلفات الحرب المهملة وغير المعالجة
تشهد محافظة القنيطرة، كسائر المحافظات السورية، أزمة مائية حادة نتيجة التغيرات المناخية وتراجع الهطل المطري خلال المواسم الأخيرة، ووصلت نسبة التخزين المائي في سدود المحافظة إلى مستويات غير مسبوقة، حيث بات 98% منها ضمن ما يُعرف بـ"الحجم الميت"، ما يعني أنها غير قادرة على تزويد المزروعات أو تغذية السدود المجاورة.
ووفقًا للمديرية الموارد المائية في المحافظة، لم تتجاوز كمية الأمطار لهذا الموسم 25% من المعدل السنوي البالغ 900 مم، ما انعكس مباشرة على مخزون السدود، وتسبب بجفاف تام لخمسة سدود رئيسية، باستثناء "سد المنطرة" الذي حافظ على 18 مليون م³ من الموسم السابق.
وأطلقت مديرية الموارد المائية كامل الكمية المتبقية في "سد المنطرة" والبالغة 18 مليون م³ خلال الموسم الحالي، بهدف تزويد سدود محافظتي درعا والقنيطرة بالمياه.
وحسب المهندس "بسام الشمالي"، مدير الموارد المائية في القنيطرة، تم تقسيم الكمية إلى قسمين
10 ملايين م³ خُصصت لسدود درعا 8 ملايين م³ لمزارعي القنيطرة، توزعت بين الري الشتوي (2 مليون م³) والري الصيفي (6 ملايين م³)
أوضح "الشمالي" أن جميع سدود القنيطرة الستة (الهجة، الرقّاد، بريقة، غدير البستان، رويحينة، كودنة) لم تتلقَّ أي كميات من مياه الأمطار أو الثلوج هذا العام، ما أدى إلى بلوغها "الحجم الميت".
وتبقى فقط 2.5 مليون م³ في سد المنطرة تُستخدم حالياً لري المحاصيل الصيفية، مع توقّع نضوبها بنهاية الموسم نظراً لخطورة الوضع، لجأت مديريتا الموارد المائية في القنيطرة ودرعا إلى التعاون لتأمين "حصص إسعافية" من المياه.
وتم فتح مفرغ سد كودنة بتاريخ 16 نيسان لتغذية سد الرقاد في درعا بغزارة 1 م³/ثانية، لكن عمليات الضخ توقفت في 10 أيار بعد وصول السدود إلى الحجم الميت ودعا "الشمالي" المزارعين إلى ترشيد استهلاك المياه، وزراعة محاصيل أقل استهلاكاً والابتعاد عن الزراعات التقليدية المستنزفة للمياه.
كما أكد استمرار مديرية الري في إجراء الصيانات الدورية لشبكات الري، رغم تقادمها وترهل بنيتها التحتية، مشيراً إلى أن المديرية تعمل يومياً على إصلاح الأعطال وتنظيف القساطل والأقنية لضمان وصول المياه القليلة المتبقية إلى المزارعين.
وقال "الشمالي" إن مواجهة الأزمة المائية تتطلب إدارة أكثر رشادة، ومتابعة دقيقة لكل نقطة مياه، خاصة في ظل محدودية المصادر السطحية والجوفية وازدياد الطلب من القطاع الزراعي. ولفت إلى ضرورة إصلاح شبكات الري القديمة التي تزيد من معدلات الهدر.
ويذكر أن هناك تحذيرات تشير إلى أن ما يحدث في القنيطرة ليس مجرد أزمة موسمية، بل مؤشر خطير على تحولات مناخية ومائية أعمق، تتطلب استراتيجية وطنية شاملة لإدارة الموارد، والاستثمار في شبكات ري حديثة، وتوزيع مصادر المياه، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة زراعية واقتصادية لا يمكن احتواؤها.
استقبل وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي، وفدًا من معهد بيت الجودة للاستشارات والتدريب (باكت) في دولة الإمارات العربية المتحدة، ضمّ المدير التنفيذي للمعهد أمير الحريري والمديرة الأكاديمية الدكتورة يارا يحيى، وذلك بحضور الدكتورة عبير قدسي معاون الوزير، والدكتور نمير عيسى مدير العلاقات الثقافية في الوزارة.
وجرى خلال اللقاء بحث آفاق التعاون المشترك في مجالات التدريب والتأهيل المهني، في ظل اعتماد معهد "باكت" على تقديم مؤهلات مهنية وتعليمية معتمدة من المملكة المتحدة ووزارة التربية والتعليم الإماراتية.
وأكد الوزير الحلبي أهمية إقامة شراكة مؤسساتية مع معهد "باكت" في إطار مذكرة تفاهم مستقبلية، تُسهم في دعم خطط الوزارة التطويرية، لا سيما في مجالات التحول الرقمي والتأهيل الأكاديمي والتقني، مشيرًا إلى أهمية الاستفادة من خبرات المعهد في تصميم برامج تدريب نوعية، وتقديم منح للطلبة المتميزين.
من جهته، عبّر السيد الحريري عن رغبة المعهد في تعزيز التبادل الثقافي والتعليمي مع سوريا، والعمل على نقل تجربة "باكت" الناجحة إلى السوق السورية، من خلال إعداد برامج تدريب وتأهيل متقدمة، وتوفير منح دراسية للمتفوقين السوريين لمتابعة تحصيلهم الأكاديمي والمهني في جامعات ومعاهد بريطانية.
واتفق الطرفان على أهمية المتابعة المشتركة للخطوات التنفيذية، ووضع خطة عمل تترجم هذا التعاون إلى برامج واقعية تخدم التنمية البشرية والقطاع الأكاديمي في سوريا.
يأتي هذا اللقاء بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومعهد "باكت" الإماراتي بعد يوم واحد فقط من اختتام الملتقى العلمي السوري في باريس، والذي أكّد خلاله وزير التعليم العالي الدكتور مروان الحلبي أهمية الانفتاح الأكاديمي والتعاون الدولي في تطوير قطاع التعليم العالي السوري، خاصة في مجالات التأهيل المهني، والتدريب، والتحول الرقمي.
ويمثّل لقاء اليوم استمرارًا لجهود الوزارة في بناء شراكات مع مؤسسات تدريبية وتعليمية مرموقة خارج سوريا، بما يضمن إدماج التجارب الناجحة في منظومة التعليم السوري، وتمكين الطلبة السوريين من الوصول إلى فرص تعليمية ومهنية معترف بها دوليًا، ضمن رؤية إصلاحية شاملة للمرحلة القادمة.
صرح مدير النقل البري في وزارة النقل التابعة للحكومة السورية المهندس "علي أسبر"، خلال مقابلة متلفزة عبر الإعلام السوري الرسمي، تناول فيها تفاصيل مذكرة التفاهم السورية الفرنسية الهادفة إلى إعادة تأهيل الجسور المتضررة في سوريا.
وقال المهندس ""أسبر،"، إن المذكرة، التي وُقعت عام 2023، تهدف إلى تأهيل 37 جسرًا استراتيجيًا في مختلف المحافظات السورية، مشيرًا إلى أن المشروع يحظى بتمويل عبر منح دولية ويجري تنفيذه ضمن خطة تنموية مدروسة، تراعي أولويات البنية التحتية وتأثيرها المباشر على الحركة الاقتصادية.
تعديل البنود وزيادة عدد الجسور
وأوضح "أسبر" أن عدة اجتماعات عقدت لاحقًا مع الجانب الفرنسي، أسفرت عن تعديلات في بعض بنود الاتفاقية، شملت زيادة عدد الجسور المشمولة وتحسين آليات ترتيب أولويات التنفيذ، وفقًا لدرجة الأهمية الاستراتيجية والحاجة الخدمية.
وأشار إلى أن تنفيذ المشروع يتطلب المرور بمراحل متعددة، تبدأ من إعداد الدراسات الفنية وانتهاءً بتأمين التمويل اللازم، مؤكداً أن التعاون الدولي في هذا المجال يُعد عنصرًا محوريًا في دعم جهود إعادة الإعمار.
85 جسرًا مدمّراً.. و40 منها أُعيد تأهيلها
وقدّر مدير النقل البري عدد الجسور المدمّرة خلال السنوات الماضية بنحو 85 جسرًا استراتيجيًا، مشيرًا إلى أن 40 جسرًا تمت صيانتها عبر مشاريع سابقة، فيما لا تزال 45 جسرًا بحاجة إلى تدخل عاجل، تم إدراج 37 منها ضمن الاتفاقية السورية – الفرنسية الأخيرة.
وختم أسبر بالتأكيد على أهمية هذه الجسور التي يشكل بعضها نقطة تحول تنموية، تنعكس بشكل مباشر على تحسين المستوى الاقتصادي والمعيشي، ولا سيما في المناطق التي تضررت شبكاتها الحيوية بفعل الحرب، معربًا عن أمله في أن تسهم هذه الخطوة في تسهيل الحركة التجارية والإنسانية وتعزيز الاستقرار في البلاد.
وفي 30 حزيران/ يونيو الفائت عقدت المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية، اجتماعاً في دمشق مع وفد من شركة "ماتيير" الفرنسية، بهدف تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين وتحويلها إلى خطوات عملية لتأهيل البنية التحتية المتضررة، وفي مقدمتها 37 جسراً في مختلف المحافظات السورية.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن الاجتماع ناقش أولويات صيانة الجسور، مع الأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المالية المتاحة، وبما يعزز جهود التنمية المتوازنة في البلاد. وتمت الموافقة خلال اللقاء على ضم خمسة جسور جديدة إلى القائمة الأساسية التي تضم 32 جسراً وفق الاتفاق الموقع عام 2023.
وتم الاتفاق على ترتيب الجسور المستهدفة حسب الأهمية والأولوية، والبدء بإعداد الكشوف التقديرية للأعمال الفنية المطلوبة، بالتزامن مع السعي لتأمين التمويل اللازم لضمان تنفيذ سريع وفعّال للمشروع.
وأكد "خضر فطوم"، القائم بأعمال المؤسسة، أن الحكومة السورية منفتحة على التعاون مع أي جهة راغبة في المساهمة بإعادة تأهيل شبكة الطرق المركزية، نظراً لأهمية هذا القطاع في دعم الحركة الاقتصادية والاجتماعية.
من جانبه، شدد "فيليب ماتيير"، مدير شركة "ماتيير"، على التزام شركته الكامل بتطبيق بنود الاتفاق، والمباشرة بأعمال الصيانة في أسرع وقت ممكن، مؤكداً أهمية المشروع في تحسين بنية النقل في سوريا.
ويُذكر أن قطاع النقل في سوريا تكبد خسائر واسعة بسبب القصف والتدمير الممنهج الذي طال الجسور والطرق الرئيسية طيلة سنوات الحرب التي شنّها النظام البائد، فيما تسعى الحكومة حالياً إلى إعادة تأهيل هذه المرافق الحيوية كجزء من استراتيجية أوسع للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.
أكد مدير الاتصال الحكومي في وزارة الطاقة السورية، السيد "أحمد السليمان"، أن الوزارة تابعت ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي من تسجيلات صوتية منسوبة لإحدى الموظفات العاملات في الشركة السورية للغاز بحمص، وتدعى "غزل عثمان"، مشيرًا إلى أن ما ورد في تلك التسجيلات "يتضمن إساءات وتعبيرات تمس الوحدة الوطنية وتخالف القوانين والأعراف الوظيفية".
وقال "السليمان"، في تصريح رسمي "إن الوزارة قامت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وأحالت الملف إلى الجهات القضائية المختصة للتحقيق في مضمون هذه التسجيلات"، مضيفًا أن الوزارة تؤكد التزامها الكامل بـ"تطبيق معايير النزاهة والمساءلة، وعدم التهاون مع أي تجاوز من شأنه المساس بقيم المجتمع أو الإساءة إلى مؤسسات الدولة".
واطلعت شبكة شام الإخبارية على مضمون التسجيلات الصوتية المنسوبة للموظفة غزل عثمان، والتي تم تداولها بشكل واسع خلال اليومين الماضيين، ووفق ما ورد في تلك التسجيلات، فإن أحد زملاء الموظفة بادر بإرسال رسالة معايدة لها، أشار فيها إلى "الاحتفال بانتصار الثورة السورية"، ما دفعها إلى الرد عليه بأسلوب ينطوي على عنجهية وتهجم لفظي.
وتكشف التسجيلات، وفق ما تداوله ناشطون، استخدام الموظفة ألفاظًا نابية بحق الرئيس السوري أحمد الشرع، إضافة إلى شتم صريح للدين الإسلامي وتحريض طائفي مباشر. كما ورد في كلامها تمجيد لرأس النظام البائد "بشار الأسد"، وتبرير للقصف الذي تعرض له الشعب السوري عبر البراميل المتفجرة.
وتأتي هذه القضية في وقت تؤكد فيه مؤسسات الدولة على أهمية تكريس القيم الوطنية ومنع التحريض الطائفي، وضرورة التزام الموظفين بالضوابط القانونية والأخلاقية في كل ما يصدر عنهم داخل مكان العمل أو خارجه، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، وأشارت مصادر مطلعة إلى أن اللجنة المختصة في وزارة الطاقة ستتابع التحقيقات مع الجهات القضائية لضمان اتخاذ الإجراءات المناسبة، وفق ما ينص عليه القانون.
أصدرت وزارة العدل في الحكومة السورية، يوم الثلاثاء 1 تموز/ يوليو، بيانًا رسميًا حول المرسوم الرئاسي رقم 121 لعام 2025، القاضي بإعادة تشكيل اللجنة القضائية المختصة بالنظر في الاعتراضات المقدّمة من المواطنين المتضررين من قرارات وأوامر عرفية صدرت خلال فترة الطوارئ التي امتدت لعقود في سوريا.
وجاء في البيان أن المرسوم، يهدف إلى تمكين المواطنين الذين لم يتمكنوا سابقًا من تقديم اعتراضاتهم، أو الذين يمتلكون أدلة جديدة، من اللجوء إلى اللجنة القضائية المختصة التي ستُعاد هيكلتها بموجب هذا القرار، كما منح المرسوم للجنة الحق في إعادة النظر في القرارات السابقة عند توفر معطيات قانونية جديدة.
سياق تاريخي
أوضحت الوزارة أن هذه الخطوة تأتي استجابةً لما وصفته بـ"تاريخ طويل من الظلم والاستبداد" ارتبط بفترة إعلان حالة الطوارئ عام 1962 بموجب المرسوم التشريعي رقم 51، والتي استمرت لما يزيد عن خمسين عامًا، وشهدت خلالها البلاد صدور أوامر عرفية من الحاكم العرفي ونائبه، أفضت إلى الاستيلاء على أملاك المواطنين وحرمانهم من حقوقهم لصالح شخصيات نافذة وعائلات مقربة من السلطة.
وأضاف البيان أن النظام البائد حاول في أعقاب انطلاق الثورة السورية القيام ببعض الإجراءات الشكلية مثل إلغاء حالة الطوارئ وتشكيل لجان للنظر في الاعتراضات، غير أن تلك اللجان لم تتمكن من أداء مهامها بشكل مستقل وفعّال بسبب القيود المفروضة على عملها.
إصلاحات عدلية متواصلة
وأشارت وزارة العدل إلى أن المرسوم الجديد يأتي في إطار خطة أشمل لإزالة الآثار القانونية الجائرة التي خلفتها أوامر وقرارات النظام السابق، وتشمل هذه الخطة إصلاح بنيوي في المؤسسة القضائية.
ومساءلة القضاة المتورطين في انتهاكات قانونية أو التستر عليها ورفع الحجوزات التي صدرت بموجب قرارات أمنية غير قضائية وإلغاء الآثار المترتبة على أحكام المحاكم الاستثنائية، مثل محاكم الميدان ومحاكم الإرهاب، عبر لجان قضائية خاصة شكّلها مجلس القضاء الأعلى.
التزام باستعادة الحقوق
وأكدت وزارة العدل بيانها على أن المرسوم رقم 121 يمثل "خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة وإنصاف المتضررين"، ويجسّد التزام الدولة السورية بإعادة الحقوق لأصحابها ومعالجة المظالم التي تراكمت خلال عقود من الحكم الاستثنائي والطوارئ، وفي سياق متصل أعلنت وزارة العدل عن قرار بإعادة تشكيل اللجنة القضائية المذكورة في المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 56 لعام 2011.
وأصدر الرئيس السوري "أحمد الشرع"، يوم الثلاثاء، المرسوم رقم 121 لعام 2025، القاضي بإعادة تشكيل اللجنة القضائية المعنية بالنظر في الاعتراضات المقدمة على أوامر الحجز الاحتياطي، الصادرة استنادًا إلى قانون الطوارئ الملغى.
وبحسب المرسوم، تم تكليف وزارة العدل بإعادة تشكيل اللجنة المذكورة في المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 56 لعام 2011، والتي تنظر في اعتراضات المتضررين من مفاعيل الأوامر والقرارات الصادرة استنادًا إلى أموال مشمولة بأحكام الطوارئ السابقة.
ونص المرسوم على أن تتابع اللجنة أعمالها وفقًا للأحكام القانونية النافذة، على أن يُسمح بإعادة النظر في القرارات السابقة في حال تقديم اعتراضات تتضمن أدلة جديدة تدعم ادعاءات المتضررين.
وأكدت المادة الثالثة من المرسوم على أن جميع الجهات المعنية تُبلّغ بمضمون المرسوم للعمل على تنفيذه ويأتي هذا الإجراء في إطار ما وصفته مصادر قانونية بــ"محاولة لتصفية آثار مرحلة الطوارئ" التي كانت مفروضة بموجب المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 1963.
ويذكر أن أول قانون رسمي للطوارئ في سوريا صدر بالمرسوم رقم 51 في 22 كانون الأول لعام 1962 وتم إعلان هذا المرسوم إبان الانقلاب العسكري الذي قام به حزب البعث في يوم 8 آذار 1963 وكأن هذا القانون ظهر بذات الوقت الذي بدأت به سيطرة النظام البائد ليغدو بعد نصبه كحالة طوارئ من وضع مؤقت إلى حالة عامة موجودة حكماً وقسراً على الجميع، حتى زواله على يد الثورة السورية.
أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة طرطوس، يوم الثلاثاء 1 تموز/ يوليو عن توقيف أحد الضباط العاملين سابقًا في سجن صيدنايا، وذلك بعد تنفيذ عملية أمنية دقيقة في إحدى المناطق النائية بريف المحافظة.
وبحسب بيان وزارة الداخلية، فقد تمكنت الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على العقيد الركن ثائر حسين، الذي كان يشغل منصب معاون مدير سجن صيدنايا العسكري، حيث تم رصده وملاحقته إلى أن جرى توقيفه وتحويله إلى القضاء المختص، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه.
وأشارت مصادر مطّلعة إلى أن العملية تمت بعد تحرٍّ ومتابعة استمرت لعدة أيام، في ظل ورود معلومات عن محاولة "حسين"، الاختباء بعيدًا عن الأنظار، ما استدعى تنسيقًا أمنيًا عالي المستوى لضمان توقيفه وتقديمه للعدالة.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر إعلامية بتوقيف المدعو "ماهر درويش"، المنحدر من ريف تلكلخ غربي حمص، والذي عمل سابقًا ضمن طاقم سجن صيدنايا، وتحديدًا في ما يُعرف بـ"الجناح الأحمر"، حيث يُشتبه بضلوعه في عمليات تعذيب طالت عشرات المعتقلين خلال السنوات الماضية.
وتُعد هذه التوقيفات من أبرز الخطوات الأمنية التي طالت شخصيات خدمت ضمن مؤسسات احتُفظ بها خارج الرقابة القضائية لفترات طويلة، وتأتي وسط حديث متزايد عن ملفات قضائية وإدارية يجري تحريكها بحق شخصيات أمنية سابقة.
وأعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية عن تنفيذ سلسلة عمليات أمنية دقيقة أسفرت عن توقيف عدد من كبار الضباط والمسؤولين السابقين في أجهزة النظام الأمني البائد، ممن يواجهون تهماً تتعلق بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
هذا وأكدت وزارة الداخلية ووزارة الدفاع أن هذه العمليات تأتي في إطار حملة أمنية منظمة تستهدف تفكيك شبكات النظام البائد، وملاحقة المتورطين في قضايا قتل وانتهاكات أمنية، في مسعى لاستعادة الاستقرار ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق السوريين.
إجراءات تنظيمية في درعا منها فصل أكثر من 200 عنصر من "الأمن الداخلي"
أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة درعا، عن تنفيذ سلسلة من الإجراءات التنظيمية والتأديبية، شملت فصل ما لا يقل عن 200 عنصر بسبب مخالفات سلوكية وارتكاب تجاوزات لا تتوافق مع القيم والمبادئ الأمنية.
وأوضحت القيادة، في بيان رسمي، أن الإجراءات تأتي ضمن جهود مستمرة لتعزيز الانضباط والارتقاء بالأداء الأمني، عبر خطة تطوير تستهدف تأهيل الكوادر ورفع كفاءتها المهنية، إلى جانب اتخاذ إجراءات صارمة بحق كل من يخلّ بالمبادئ والانضباط المؤسسي.
وأكدت قيادة الأمن الداخلي أن العمل مستمر بوتيرة متصاعدة على تنفيذ برامج تطوير وتأهيل تهدف إلى ترسيخ السلوك المهني والانضباطي، وتطوير المهارات الفنية والقدرات العملية للعناصر، بما ينعكس إيجابًا على جودة الأداء ويعزز الثقة الشعبية بالمؤسسة الأمنية.
وذكرت القيادة أن الخطة تتضمن برامج تدريب دورية تركّز على تعزيز الالتزام بالقيم المؤسسية، وترسيخ مبادئ احترام القانون، والتعامل المسؤول مع المواطنين، وذلك ضمن منهجية شاملة تضع المهنية والانضباط في صدارة الأولويات.
وفي هذا السياق، قامت قيادة الأمن الداخلي بفصل أكثر من 200 عنصر من منتسبيها في محافظة درعا، بعد ارتكابهم مخالفات سلوكية وتجاوزات لا تتوافق مع قيم المؤسسة ومبادئها. وأكد البيان أن الخطوة تأتي في سياق سياسة محاسبة صارمة، لا تتهاون مع أي تجاوز يمس سمعة المؤسسة الأمنية أو يخرج عن الصلاحيات الوظيفية.
واختتم البيان بالتأكيد على حرص القيادة على تطوير الأداء المؤسسي ورفع الجاهزية المهنية والأخلاقية لقوى الأمن، مجددة التزامها بالحفاظ على الأمن والاستقرار، وصون هيبة الدولة وسيادة القانون، في إطار خطة تطوير شاملة لتعزيز الانضباط ورفع الأداء المهني داخل المؤسسة الأمنية.
وكانت قررت "إدارة الأمن الداخلي"، في محافظة ديرالزور شرقي سوريا، فصل عدد من العناصر الأمنية من الخدمة، بعد ثبوت تورطهم في مخالفات عديدة، ونوهت إلى أن المخالفات المرتكبة تتضمن تجاوزات قانونية وأخلاقية تتنوع بين الرشوة، التهريب، إساءة استخدام السلطة، وحيازة مواد ممنوعة.
وأعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية، يوم الأحد 15 حزيران/ يونيو 2025، عن افتتاح أول دائرة لاستقبال شكاوى المواطنين، وحددت الوزارة موقع الدائرة المُحدثة، خلف مبنى وزارة الداخلية القديم في حي المرجة بدمشق، وفق بيان رسمي.
ووفقًا لما أورده المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية فإنّ الدائرة الجديدة تندرج في إطار سعي وزارة الداخلية لبناء علاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل بين المواطنين ورجال الأمن والشرطة، ولتحقيق هدف حفظ كرامة المواطنين وخدمة المصلحة العامة.
وأشارت الوزارة إلى أن 4 دوائر أخرى متخصصة في هذا المجال سيتم افتتاحها تباعاً في محافظات حلب، اللاذقية، حمص، ودير الزور، بهدف تمكين المواطنين في مختلف المناطق من إيصال شكواهم بكل سهولة ويُسر وذلك ضمن خطة وزارية مُحكمة.
وذكرت وزارة الداخلية السورية أن هذه الدوائر تعنى باستقبال ومعالجة الشكاوى المُقدَّمة بحق أي عنصر أمني أو شرطي يتجاوز صلاحياته أو يخالف القانون، بما يضمن رفع المظالم وتحقيق العدالة داخل المؤسسة الأمنية.
هذا ودعت الوزارة المواطنين إلى التفاعل مع هذه الدوائر وتقديم شكواهم، مؤكدةً أن جميع الشكاوى ستحظى بالمتابعة، وأنه سيُحاسَب كل من يثبت تقصيره أو تجاوزه، وفق الأنظمة والقوانين.
واختتمت وزارة الداخلية البيان بالتأكيد على أنها ماضيةٌ بثبات في ترسيخ مبدأ سيادة القانون، في إطار الهيكلية التنظيمية الجديدة للوزارة، وتعزيزاً للانضباط والرقابة الداخلية وتنظيم العمل المؤسسي.
وتبذل قوى الأمن الداخلي في سوريا جهودا كبيرة في بسط الأمن والأمان وملاحقة المطلوبين من فلول النظام البائد في عموم المحافظات السورية وتقوم بمحاسبة أي عنصر أمني يرتكب تجاوزات بحق المدنيين.
وتجدر الإشارة إلى أن إدارة الأمن الداخلي ووزارة الدفاع السورية تمكنت من ضبط أشخاص ينتحلون صفات أمنية وعسكرية ويقومون بارتكاب تجاوزات حيث عملت السلطات الأمنية على ملاحقة هؤلاء وإحالتهم إلى القضاء المختص.
كشف تحقيق استقصائي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن شبكات إلكترونية خارجية تُشرف على حملات إعلامية منظمة تنشر خطاب الكراهية والطائفية وتروّج لمعلومات مضللة عن الوضع في سوريا، وذلك بالتزامن مع التحولات السياسية الجارية في البلاد.
وبيّن فريق تقصي الحقائق أن هذه الشبكات نشطة على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، وتدار من خارج سوريا ضمن حملات مركزة تستهدف الإدارة السورية الجديدة، وبعض الأقليات، كما تُروّج لخطاب تحريضي من أطراف معارضة وموالية على حد سواء.
تحليل البيانات: ملايين المنشورات وخطاب كراهية
أجرى الفريق تحليلاً لأكثر من مليوني منشور، منها 400 ألف منشور خضع للفحص الدقيق، أظهرت مؤشرات على استخدام حسابات وهمية وبرامج آلية (روبوتات)، واعتماد تكتيكات النشر المتزامن، وإعادة تدوير مقاطع فيديو قديمة، وبث روايات زائفة تُحرّض على العنف أو تعمّق الانقسامات المجتمعية.
روايات كاذبة وتضليل واسع النطاق
أحد الأمثلة التي رصدها التحقيق كان إشاعة نُشرت في 9 آذار/مارس تتحدث عن "إعدام كاهن في كنيسة مار إلياس" على يد "عصابات الجولاني"، تبيّن لاحقاً أنها غير صحيحة، حيث نفت الكنيسة حدوثها. كما انتشر فيديو يعود للعام 2013 على أنه حادثة حديثة تُظهر تدمير تمثال لمريم العذراء.
وأكّد التحقيق أن غالبية هذه المنشورات تم تحديد مصدرها الجغرافي في دول مثل العراق، إيران، لبنان، واليمن، بنسبة 60% من أصل 50 ألف منشور مضلل تم تحليلها.
التلاعب المنسّق والحسابات الوهمية
رصد التحقيق وجود نمط متكرر للحسابات المتورطة، منها استخدام أسماء متسلسلة مثل "قاصف 1، قاصف 2..." أو أسماء عشوائية من أحرف وأرقام، وهي دلالات على وجود شبكات روبوتية. هذه الحسابات تتبادل إعادة النشر ضمن أوقات زمنية متقاربة، في محاولة لإغراق المنصات بالمحتوى التحريضي.
تحريض ممنهج ضد العلويين والدروز
في قسم خاص من التقرير، كشفت بي بي سي عن حملة تحريضية ضخمة ضد الطائفة العلوية في سوريا، تضمنت أكثر من 100 ألف تعليق منذ تشرين الثاني 2024، مصدرها حسابات في السعودية وتركيا، تضمنت هذه المنشورات وصف العلويين بعبارات مثل "كفّار" و"الطغمة العلوية"، ووردت كلمة "مجرمون" في أكثر من 48 ألف منشور.
كما تم رصد حملات مشابهة ضد الدروز، استغلّت حادثة مفبركة نُسبت لأحد مشايخ الطائفة، نُشر فيها تسجيل صوتي تضمن إساءات دينية. أدّى هذا التسجيل إلى اشتباكات عنيفة في مدينة جرمانا، أسفرت عن ضحايا، رغم نفي الشيخ مروان كيوان علاقته به، وتأكيد وزارة الدفاع أنه تسجيل مزوّر يهدف لإشعال الفتنة.
حملات مؤيدة أيضاً للرئيس الشرع
على الجهة المقابلة، رصد التحقيق حملة منظمة أخرى مؤيدة للرئيس السوري أحمد الشرع، تروّج لصورة إصلاحية عنه، مستخدمة أكثر من 80 ألف منشور نُشر من حسابات تركزت في تركيا والسعودية، وتُظهر مؤشرات مشابهة من التكرار والتنظيم.
استقطاب حاد وخطاب انقسامي
وفي تعليقه، قال الباحث في مختبر الأدلة الرقمية، رسلان طراد، إن وسائل التواصل السورية باتت ساحة لصراع طائفي حاد، تُستغل فيها هذه الشبكات لفرض سرديات تخدم أجندات إقليمية مثل إيران، إسرائيل، وتركيا، إلى جانب دور روسي ملحوظ.
ورأى طراد أن الأحداث الأخيرة تعكس تصاعدًا في الدعوات إلى اللامركزية، أو حتى الانفصال، في مواجهة خطاب الحكومة الموحد. وأكد أن هذا التصعيد الطائفي يُستخدم في تبرير العنف أو فرض رؤى سياسية محددة تحت غطاء الانقسام المجتمعي.
شهد مطار دمشق الدولي عمليات تطوير شاملة بعد تحرير البلاد، شملت مختلف مرافقه بهدف استعادة مكانته كمرفق استراتيجي وحيوي على مستوى الإقليم، ما أسهم في عودة تدريجية لشركات الطيران الدولية والعربية، وتزايد حركة المسافرين الذين بلغ عددهم آلافاً يومياً.
تطوير البنية التحتية وإعادة تأهيل المرافق
مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للطيران المدني، علاء صلال، أوضح في تصريح لوكالة "سانا" أن عمليات إعادة التأهيل تضمنت صيانة كاملة لمدارج الطيران، وهيكلة الصالة الداخلية للمطار، وتجديد أنظمة المراقبة بالكاميرات، واستبدال أجهزة فحص الأمتعة (السكانر) بالكامل، إلى جانب تحديث الشبكة الداخلية للاتصالات، وإصلاح الأعطال الفنية في أجهزة الاتصال ولا سيما تلك الموجودة في برج المراقبة.
كما أشار إلى تركيب أجهزة ملاحية حديثة عند بدايات المدارج، وتأهيل مدرج "برافو" بشكل كامل، إضافةً إلى صيانة منظومة الإنارة الملاحية، التي تضمن سلامة الهبوط في ظروف الطقس السيئة.
وكشف صلال عن خطة لتزويد المطار بأول رادار حديث بالتعاون مع شركة تركية متخصصة، كخطوة أولى ضمن مشروع لتوزيع ثلاثة رادارات تغطي الأجواء السورية بشكل كامل.
تعزيز إجراءات الأمن والسلامة
ولضمان سلامة الرحلات، أوضح صلال أنه تم إدخال وحدة "K9" المختصة بتفتيش الحقائب عبر كلاب بوليسية مدرّبة، رغم أن هذا الإجراء غير إلزامي دوليًا، لكنه يعكس الحرص على رفع مستوى الأمن، خاصة في ظل التحديات الأمنية في مرحلة ما بعد الحرب.
وأوضح أن المطار حالياً يشغّل ما بين 22 إلى 25 رحلة يومياً، ينقل من خلالها نحو 3500 إلى 4000 مسافر، في ظل عمل عشر شركات طيران دولية منتظمة، مع توقعات بانضمام ثلاث شركات جديدة خلال الأيام المقبلة، من بينها "طيران الإمارات" و"طيران العربية".
بيئة استثمارية تشاركية وتطوير للكوادر
وفيما يتعلق بالاستثمار، أكد صلال أن الهيئة منفتحة على إشراك القطاع الخاص في تطوير المطار، بالنظر إلى محدودية إمكانات القطاع العام، مشددًا على أهمية بناء بيئة استثمارية قائمة على الشراكة لدعم أحد أبرز المرافق السيادية في البلاد.
وفي جانب بناء الكوادر، تم تأهيل مركز التدريب التابع لهيئة الطيران المدني وتنظيم دورات مستمرة بإشراف مدربين معتمدين من منظمة الطيران المدني الدولي "إيكاو"، بهدف رفع كفاءة الكوادر الفنية والإدارية.
الاستماع لملاحظات المسافرين وتحسين مستمر
وختم صلال حديثه بالتأكيد على متابعة الهيئة لجميع الملاحظات التي ترد عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل، سواء كانت إيجابية أو نقدية، في إطار السعي الدائم لتطوير الخدمات وتحقيق أفضل تجربة سفر ممكنة.
وشدد على أن إعادة بناء مطار دمشق الدولي بعد سنوات طويلة من الإهمال والفساد خلال فترة النظام البائد تتطلب وقتاً وإمكانات ضخمة، إلا أن الإرادة الراسخة لإعادة هذا المرفق إلى موقعه الريادي هي المحرّك الأساسي لجهود التطوير القائمة.
نفذت قوة إسرائيلية خاصة فجر اليوم الأربعاء، عملية توغل مفاجئة داخل مزرعة البصالي في الريف الجنوبي لمحافظة القنيطرة، حيث اعتقلت ثلاثة مواطنين سوريين بينهم شقيقان، قبل أن تنسحب إلى مواقع الاحتلال في محيط الجولان المحتل.
وأكدت مصادر محلية لشبكة "شام" أن العملية تمت عند الساعة الثانية فجراً، واستهدفت تحديداً منزل عائلة الأحمد، حيث تم اعتقال كل من عامر الأحمد وشقيقه مالك الأحمد، إلى جانب المواطن سالم الأحمد، الذي تم استدراجه قسراً من مدينة نوى بريف درعا.
وأفادت المصادر بأن الجيش الإسرائيلي تواصل هاتفياً مع سالم الأحمد أثناء وجوده في نوى، وهدده بضرورة تسليم نفسه فوراً وإلا سيجري اعتقال عائلته. وتحت هذا الضغط، اضطر الأحمد للتوجه إلى مزرعة البصالي، حيث تم اعتقاله فور وصوله.
وأوضح شهود عيان أن القوة الإسرائيلية انسحبت بهدوء إلى جهة الغرب باتجاه مناطق الاحتلال، دون أن تسجل أي اشتباكات أو تدخل من القوات المحلية أو وحدات المراقبة المنتشرة في المنطقة.
ولم تُعرف حتى لحظة إعداد هذا التقرير دوافع العملية، كما لم يُكشف عن مصير المعتقلين الثلاثة، وسط تزايد القلق في أوساط الأهالي من احتمالات نقلهم إلى مراكز احتجاز إسرائيلية.
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتقال خلية مرتبطة بإيران بعملية ليلية في جنوب سوريا
في السياق، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم، تنفيذ عملية خاصة في الجنوب السوري، أسفرت عن اعتقال خلية قال إنها "مرتبطة بإيران" ومكوّنة من عناصر تخريبية كانت تنشط في منطقتي "أم اللوقس" و"عين البصلي".
ووفق بيان عسكري نُشر عبر المنصات العبرية الرسمية، فإن العملية جرت خلال الليل بمشاركة قوة من اللواء 474 التابع للفرقة 210، وبالتنسيق مع محققي الوحدة 504 الاستخباراتية.
وأشار البيان إلى أن العملية جاءت بناءً على معلومات تم جمعها خلال الأسابيع الأخيرة عبر تحقيقات ميدانية، ما أتاح تنفيذ "هجوم ليلي دقيق" انتهى بإلقاء القبض على عدد من الأفراد، وضبط أسلحة وذخائر، بينها قنابل يدوية.
وأكدت قوات الاحتلال أن الهدف من هذه التحركات هو "منع استقرار أي جهة إرهابية في سوريا"، على حد وصف البيان، وذلك بذريعة حماية أمن المستوطنين في الجولان السوري المحتل.
وحتى لحظة نشر الخبر، لم يصدر أي بيان رسمي من الحكومة السورية أو وزارة الدفاع بشأن هذه الحادثة، ويُذكر أن المنطقة تشهد توترات متصاعدة منذ الإعلان عن مفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل، في وقت أكدت فيه دمشق مراراً تمسكها بضرورة انسحاب إسرائيل من كامل أراضي الجولان المحتل كشرط لأي تفاهم مستقبلي.
وليست هذه العملية الأولى من نوعها، إذ شهدت عدة مناطق في محافظة القنيطرة منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، عمليات توغل متكررة للقوات الإسرائيلية، ترافقت مع اعتقالات طالت مدنيين من مختلف الأعمار، وما يزال غالبية المعتقلين مجهولي المصير، دون تمكُّن ذويهم من التواصل معهم حتى اللحظة، في ظل غياب أرقام رسمية دقيقة توضح عدد المعتقلين.
وتأتي هذه التوغلات في سياق تصاعد التوتر الأمني على الحدود السورية مع الجولان المحتل، إذ كثّفت إسرائيل من عملياتها العسكرية والاستخباراتية في الجنوب السوري بعد انهيار نظام بشار الأسد، بحجة “منع التهديدات الأمنية” على حدودها، وهو ما قوبل برفض رسمي وشعبي واسع داخل سوريا.
وكانت تعرضت بلدة بيت جن في 8 حزيران/يونيو لغارة جوية إسرائيلية نفذتها طائرة مسيّرة استهدفت سيارة مدنية في منطقة المزرعة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص، وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال حينها إن الغارة استهدفت "عنصرًا في حماس"، دون تقديم أدلة ملموسة، فيما أكدت مصادر محلية أن المستهدفين مدنيون ولا ينتمون لأي جهة مسلحة.
وترى تقارير محلية ودولية أن هذه العمليات الإسرائيلية تأتي في سياق حملة متواصلة لإفشال جهود الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع في بسط السيادة على الجنوب السوري، خصوصًا بعد تصاعد الغارات التي طالت مواقع عسكرية في دمشق ودرعا والقنيطرة في 3 حزيران، بذريعة الرد على سقوط صاروخين في الجولان المحتل لم يوقعا أي خسائر.
وكانت حللّت شبكة "شام" الاستراتيجية الإسرائيلية بوصفها تقوم على منع أي استقرار مستدام في الجنوب السوري، وإبقاء المنطقة في حالة توتر دائم ما لم يتم التنسيق المباشر مع تل أبيب، في محاولة واضحة لفرض واقع أمني جديد يتعارض مع السيادة السورية، ويعرقل عملية إعادة بناء الدولة بعد سقوط نظام الأسد البائد.
تؤكد الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، التزامها باستعادة الأمن في الجنوب السوري دون التورط في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مع الاستمرار بتطبيق اتفاق فصل القوات لعام 1974، والعمل على توسيع سيطرة الدولة وبسط القانون، رغم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وتكرار استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية.
وتتكرر الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأراضي السورية، في ظل غياب أي ردّ دولي حاسم، ما يعزز من التحديات التي تواجهها دمشق في مسارها الانتقالي، ويؤكد أن معركة استعادة القرار السيادي الوطني ما زالت طويلة ومعقدة، وتشمل مواجهة جميع أشكال الاحتلال والهيمنة، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي للجولان والمناطق الحدودية.
وسط سعي الحكومة السورية لإعادة بناء مؤسساتها الأمنية بعد سنوات الحرب والانهيار، يبرز تيار من متصيّدي الأخطاء يسعى إلى تشويه صورة الأمن العام عبر تضخيم الزلات الفردية وتعميمها على الجهاز بأكمله، متجاهلين التحولات الجذرية التي طرأت على سلوك عناصر الأمن، ومساعي الحكومة لتصحيح المسار الأمني وبناء ثقة جديدة بين المواطن والدولة.
تشويه ممنهج وتجاهل للواقع الجديد
يعمد هؤلاء إلى تسليط الضوء على تجاوزات فردية ارتكبها بعض المنتسبين إلى قوى الأمن، دون تمييز بين الفعل الفردي والمؤسسة ككل، بل غالبًا ما يتم تهويل الحادثة وإرفاقها بتفاصيل مختلقة، لتبدو وكأنها سلوك منهجي يعكس الواقع العام، وهو ما يُستخدم لترويج سرديات سياسية تستهدف زعزعة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.
روايات مزيّفة وواقع مغاير
أكد ناشطون وفاعلون محليون أن غالبية القصص التي يتم تداولها في هذا السياق إما مشوبة بالمبالغة أو مفبركة بالكامل، في المقابل، يروي الأهالي يوميًا مواقف إنسانية لعناصر الأمن، تعكس تحسنًا ملحوظًا في التعامل والواجبات، كالواقعة التي وثّقتها شابة ظهرت في مقطع مصور تعبر فيه عن امتنانها لعناصر أحد الحواجز الأمنية قرب حرستا، بعد مساعدتها في ظرف صحي طارئ وتأمين وصولها إلى المشفى ومرافقتها حتى انتهاء العلاج.
تعامل مسؤول مع الشكاوى
كما سجّل موقف رسمي لافت عندما زار قائد الأمن الداخلي في ريف دمشق منزل سيدة تقدّمت بشكوى ضد أحد العناصر، وتم فتح تحقيق فوري وإحالة المتورطين إلى القضاء، ما يعكس توجّهًا جديدًا في التعامل الجدي والشفاف مع أي خرق.
من صورة الرعب إلى الأمن المسؤول
لطالما ارتبط اسم الأمن السوري في عهد النظام المخلوع بصور القمع والاعتقال والتعذيب، وبقيت تلك الصورة راسخة في وجدان السوريين طوال عقود، ثم تفاقمت خلال الحرب نتيجة تغوّل الأجهزة الأمنية التي استخدمها الأسد لقمع أي صوت معارض.
واليوم، تعمل الحكومة الجديدة على إزالة آثار تلك الحقبة، عبر حل أجهزة أمنية كاملة، وحصر المهام الأمنية بقوى الشرطة والأمن الداخلي، التي تضم في معظمها عناصر جدد لا يزالون في طور التدريب والتأهيل، ما يجعل الوقوع في بعض الأخطاء أمراً واردًا.
حرية الرأي… وتقدير الظروف
في المقابل، يعيش السوريون واقعًا جديدًا من حرية التعبير وانتقاد الأداء الحكومي والأمني دون خوف من اعتقال أو اختفاء قسري، وهو تطوّر لا يُمكن إغفاله. لكن في خضم ذلك، تبرز الحاجة إلى وعي شعبي قادر على التمييز بين النقد البنّاء والتصيد المغرض، وبين الزلة الفردية والمنظومة ككل.
جهود الأمن العام تتجاوز الأخطاء
لا يمكن تجاهل أن عناصر الأمن اليوم يقومون بأدوار جوهرية في حماية المجتمع، وملاحقة المجرمين، والتصدي للمليشيات الخارجة عن القانون، فضلًا عن المساهمة في حفظ الأمن الأهلي. وهي جهود يجب أن توزن بميزان الإنصاف، لا أن تُطمس تحت وطأة حملات التشويه.
في النهاية، يرى ناشطون ومتابعون للشأن السوري أن بناء مؤسسة أمنية محترفة يتطلب وقتًا وجهدًا، كما يتطلب بيئة مجتمعية حاضنة تدرك حجم التحديات، وتساند عملية التحول بدل أن تعرقلها. فالتغيير لا يكتمل إلا بتكافل الطرفين: الدولة والمجتمع، وفق تعبيرهم.