أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن بلاده لا تعتزم في الوقت الراهن فتح أي قنوات اتصال مع الحكومة السورية الجديدة، ما لم تتمكن السلطات في دمشق من بسط الأمن والاستقرار على الأراضي السورية.
وفي مقابلة مع قناة "روسيا اليوم"، أوضح عراقجي أن طهران لا تتعامل حالياً مع الحكومة السورية القائمة، مشيراً إلى غياب أي تواصل رسمي أو دبلوماسي بين الطرفين في هذه المرحلة. وقال: "لسنا في عجلة من أمرنا لإقامة هذه الاتصالات، كما أننا لا نتخذ أي إجراءات عدائية ضد الحكومة، لكننا ننتظر تحقيق شروط أساسية تتعلق بإعادة الأمن وتشكيل حكومة شرعية جامعة".
وأكد الوزير الإيراني أن بلاده تعتبر تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع المكونات العرقية في سوريا شرطاً أساسياً لأي انخراط سياسي مع الإدارة الجديدة، مضيفاً أن الاستقرار السياسي والأمني هو المدخل الطبيعي لأي حوار مستقبلي.
كما أشار عراقجي إلى أن الملف السوري كان حاضراً على طاولة مباحثاته الأخيرة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، مبيناً أن كلاً من طهران وموسكو تتقاسمان قلقاً مشتركاً إزاء تطورات الأوضاع في سوريا، وتسعيان إلى دعم جهود التهدئة وضمان الأمن الإقليمي.
وأوضح أن البلدين يعملان على بلورة موقف متوازن يساهم في تجنيب سوريا مزيداً من الاضطرابات، ويهيّئ أرضية ملائمة لحل سياسي شامل يراعي تطلعات مختلف مكونات الشعب السوري.
وفي تصريحات نشرها الحساب الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية على "تلغرام"، قال عراقجي: "منطقة الشرق الأوسط بأكملها هي ميدان استراتيجي لنا. لكل دولة فيها أهميتها الخاصة. أما بالنسبة للأحداث الأخيرة في سوريا، فالأهم بالنسبة لنا هو استقرار الدولة السورية والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها. هذا أمر بالغ الأهمية ليس فقط لنا، بل للشرق الأوسط بأسره."
"إيران" تنفي تورطها بأحداث الساحل السوري وتستنكر استبعادها من اجتماع الأردن
نفت "وزارة الخارجية الإيرانية"، أي تدخل لها في الشأن السوري، معبرة عن قلقها العميق حيال تصاعد أعمال العنف في الساحل السوري، وأدانت الوزارة كافة أشكال العنف والاعتداءات، معتبرة أن استهداف الأقليات العرقية والدينية في سوريا يثير استنكاراً واسعاً على الصعيدين الإقليمي والدولي.
جاءت هذه التصريحات على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الذي أكد في حديثه يوم الاثنين أن الأحداث الأخيرة في سوريا تشكل اختبارًا حقيقياً للحكومة السورية الجديدة في حماية جميع المواطنين، ودعا بقائي الأطراف ذات النفوذ إلى تحمل مسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد.
إيران تندد باستبعادها من اجتماع الأردن
في السياق، استنكرت "وزارة الخارجية الإيرانية"، استبعادها من الاجتماع الذي عقد في الأردن بشأن سوريا، مشيرة إلى أن الاجتماع شمل عددًا محدودًا من دول الجوار دون إشراك كافة الأطراف المؤثرة في الأزمة السورية.
وقال المتحدث باسم الوزارة: "إن الدول التي تلعب دورًا في سوريا مسؤولة عن استقرارها وعليها إدراك تداعيات قراراتها على أمن المنطقة"، وكان الاجتماع الذي عقد في عمان يوم الأحد قد ضم وزراء خارجية ودفاع ورؤساء أجهزة المخابرات من الأردن وتركيا وسوريا والعراق ولبنان، وناقش التحديات الأمنية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح.
توتر دبلوماسي بين طهران وأنقرة
وأوضح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن استدعاء السفير الإيراني في أنقرة جاء ردًا على تصريحات "غير مقبولة" لمسؤولين أتراك حول السياسة الإيرانية في المنطقة. وأكد أن إيران نقلت احتجاجها الرسمي إلى الجانب التركي، الذي استدعى السفير الإيراني بدوره لنقل وجهة نظره.
وكان وزير الخارجية التركي قد صرح مؤخرًا بأن "السياسة الإيرانية في المنطقة تنطوي على مخاطر كبيرة"، مشيرًا إلى أن طهران تكبدت "تكلفة أكبر" للحفاظ على نفوذها الإقليمي. ودعت أنقرة طهران إلى إعادة تقييم سياستها الخارجية في ظل التغيرات الإقليمية الأخيرة.
وجاء هذا التصعيد في وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات متزايدة، حيث تستمر القوى الإقليمية في إعادة تموضعها داخل المشهد السوري وسط استمرار النزاع والتدخلات الخارجية، بينما تسعى إيران لتأكيد دورها في المعادلة السورية، والتي وجدت نفسها معزولة ومرفوضة من قبل السلطات السورية الجديدة التي رحبت بالتعاون مع روسيا وكل الأطراف الدولية، ورفضت التفاوض أو قبول التواصل مع إيران التي خسرت أبرز حليف لها وخسرت نفوذها في المنطقة.
استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم السبت 19 نيسان، عضو الكونغرس الأمريكي كوري ميلز في قصر الشعب بدمشق، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في أول زيارة رسمية لمشرعين أمريكيين منذ إسقاط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
ووفق ما أكدته مصادر في الوفد الأمريكي، فإن اللقاء بين الرئيس الشرع والنائب الجمهوري ميلز استمر 90 دقيقة، وتركزت النقاشات حول العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، والدور الإيراني، والعلاقات الثنائية المستقبلية بين دمشق وواشنطن. ومن المنتظر أن يجتمع الشرع بالنائبة الجمهورية مارلين ستوتزمان في وقت لاحق اليوم.
زيارة رسمية تحمل أبعاداً سياسية وإنسانية
وتأتي الزيارة، التي تضم كلاً من كوري ميلز ومارلين ستوتزمان، إلى جانب ممثلين عن "التحالف السوري الأميركي من أجل السلام والازدهار"، في إطار سعي الإدارة الأمريكية إلى تقييم المرحلة الانتقالية الجارية في سوريا، وبحث سبل إعادة رسم العلاقة السياسية والاقتصادية مع الحكومة السورية الجديدة.
وكان وفد مماثل من وزارة الخارجية الأميركية، برئاسة باربرا ليف ومبعوث الرهائن روجر كارستينز، قد زار دمشق في ديسمبر/كانون الأول 2024، ما مثل حينها أول تحرك دبلوماسي أمريكي بهذا المستوى منذ أكثر من عقد.
جولة ميدانية في جوبر وزيارة مرتقبة لصيدنايا
في بداية جولته، زار الوفد الأمريكي حي جوبر في شمال شرق دمشق، أحد أكثر الأحياء تضرراً خلال سنوات الحرب، حيث عاين الوفد حجم الدمار الحاصل في البنية التحتية. وتوقعت مصادر مطلعة أن يتوجه الوفد لاحقاً إلى سجن صيدنايا، والذي يُعد من أبرز رموز الانتهاكات المرتكبة في عهد النظام المخلوع.
محاور النقاش: العقوبات ومصير المقاتلين الأجانب
في تصريحات لموقع "الجزيرة"، أكد كوري ميلز أن "مسألة رفع العقوبات عن سوريا ترتبط بإجراءات ملموسة من جانب الحكومة السورية"، مشدداً على أهمية رؤية حكومة منتخبة تمثل جميع السوريين. ولمّح إلى إمكانية عقد لقاء مستقبلي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الشرع، معتبراً أن السياسة الخارجية الأمريكية تعتمد على رؤية الرئيس ومساراته في تحقيق الاستقرار.
أما النائبة مارلين ستوتزمان، فقد عبّرت عن تطلعها لـ"سوريا جديدة صديقة للغرب"، وقالت في حديث لوكالة الأنباء الألمانية: "ما رأيناه من دمار في الأحياء السكنية يدعو للحزن، لكنه يرافقه تصميم شعبي على النهوض". وأضافت: "سأنقل تفاصيل هذه الزيارة والمواقف التي لمستها إلى الإدارة الأميركية، لأن هذه الفرص لا تتكرر كثيراً".
التحالف السوري الأميركي": تخفيف العقوبات ضرورة إنسانية
وفي هذا السياق، أكد مجد عبار، عضو التحالف السوري الأميركي من أجل السلام والازدهار، أن الزيارة تهدف إلى تسليط الضوء على الأثر الإنساني للعقوبات الأميركية على الشعب السوري، مشيراً إلى أن "هناك حاجة ملحة لفصل العقوبات عن المساعدات الإنسانية". وأوضح عبار أن جدول الزيارة يشمل لقاءات مع قيادات دينية أبرزها البطريرك الآشوري في دير مار تقلا، بالتزامن مع احتفالات عيد الفصح المجيد.
وأضاف عبار أن الوفد سيجري زيارات ميدانية في عدد من المناطق بهدف الاطلاع المباشر على النسيج الاجتماعي السوري، ونقل صورة دقيقة إلى المؤسسات الأميركية. وأشار إلى أن التحالف يسعى إلى تقديم تقارير موثقة حول الواقع الإنساني والاقتصادي في سوريا، في محاولة للضغط من أجل تخفيف الإجراءات العقابية المفروضة على المدنيين.
زيارة رمزية لمرحلة انتقالية حاسمة
تشكل هذه الزيارة خطوة رمزية في توقيت حساس من المرحلة الانتقالية السورية، وتفتح باباً للنقاش حول طبيعة العلاقات المستقبلية بين دمشق وواشنطن. كما أنها تعكس اهتماماً أميركياً متزايداً بمصير الاستقرار الإقليمي، ودور الحكومة السورية الجديدة في بناء بيئة سياسية شاملة، قادرة على التعامل مع ملفات الأمن والاقتصاد وحقوق الإنسان.
عقد رئيس الهيئة العامة للطيران المدني والنقل الجوي السوري، السيد أشهد الصليبي، اجتماعًا رسميًا مع رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السعودي ورئيس المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للطيران المدني، السيد عبد العزيز الدعيلج، بحضور وفدين من الجانبين، على هامش فعاليات مؤتمر المنظمة الدولية للطيران المدني (الإيكاو) المنعقد في العاصمة القطرية الدوحة،
وبحسب بيان الهيئة السورية، تناول اللقاء سبل تعزيز التعاون المشترك في مجال الطيران المدني وتطوير الشراكات الاستراتيجية بين البلدين، بما يشمل رفع مستوى السلامة الجوية وتسهيل إجراءات النقل، بالإضافة إلى مناقشة ملف نقل الحجاج السوريين خلال موسم الحج القادم.
ويأتي هذا الاجتماع في إطار تنامي التعاون السوري السعودي في ملف الحج، حيث إعلنت وزارة الأوقاف السورية بدء التحضيرات الرسمية لموسم الحج لعام 1446 هـ، وذلك عقب اجتماع جرى في مدينة جدة بين وفد الوزارة ونظرائه من وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية.
وأجرى الوفد السوري حينها مباحثات موسعة مع الجانب السعودي، تم خلالها الاتفاق على تخصيص حصة قدرها 22,500 حاج سوري لموسم 1446 هـ، والبدء بتنسيق العقود مع شركات النقل والإقامة والرعاية الصحية، بما يضمن توفير خدمات متكاملة للحجاج السوريين وفقًا لأعلى المعايير.
وأكدت وزارة الأوقاف السورية أن الاستعدادات جارية بالتعاون مع مختلف الشركاء لضمان سلاسة موسم الحج، وأن الوزارة تعمل على تنفيذ جميع الترتيبات اللوجستية وفق أحدث البروتوكولات الصحية والتنظيمية المعتمدة دوليًا.
ويعكس لقاء الصليبي بالدعليج استمرار التنسيق بين المؤسسات المعنية في البلدين، لضمان وصول الحجاج السوريين إلى الأراضي المقدسة بأمان وتنظيم عالٍ، ويُعتبر هذا التنسيق خطوة عملية على طريق تطبيع العلاقات الخدمية بين الرياض ودمشق الجديدة، بما يخدم المواطن السوري ويعزز انفتاح سوريا على محيطها العربي.
أعلنت السلطات الأردنية عن استكمال أعمال الكشف الفني على مسار الخط الحديدي الحجازي، في خطوة تمهيدية لتسيير رحلات سياحية إلى مدينة درعا جنوب سوريا خلال المرحلة المقبلة.
وقال زاهي خليل، مدير مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني، إن عمليات الكشف شملت المسار الممتد من منطقة المفرق وصولاً إلى نقطة الصفر على الحدود الأردنية السورية، وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة. وأضاف: "نعمل حالياً على التنسيق مع الجانب السوري لضمان الجاهزية الفنية الكاملة، استعداداً لإطلاق الرحلات السياحية".
وأوضح خليل أن إعادة تفعيل الخط الحجازي التاريخي بين الأردن وسوريا تأتي ضمن رؤية شاملة لتنشيط الحركة السياحية وتعزيز الروابط بين البلدين عبر هذا المعلم العريق.
وأوضح خليل أن مسار الرحلة سينطلق من محطة الحجاز في عمان، مروراً بمحطتي الزرقاء والمفرق، وصولاً إلى معبر جابر الحدودي، ومن هناك باتجاه محطة درعا، قبل أن ينتهي عند محطة القدم في العاصمة دمشق، التي تُعد آخر محطة في مسار الخط الحجازي.
وأشار إلى أن الجانب السوري سيتولى مهمة صيانة الجزء الممتد من الخط داخل الأراضي السورية، فيما لا تزال الترتيبات اللوجستية والفنية قيد التنسيق بين الطرفين، تمهيداً لإطلاق المشروع بشكل رسمي. كما لفت إلى أن استئناف الرحلات يتوقف أيضاً على موافقة الجهات الحكومية الأردنية، وتوفر الظروف الفنية والأمنية في سوريا، لاسيما في المناطق التي تعرض فيها الخط لأضرار.
ورجّح خليل أن تبدأ الرحلات بواقع ثلاث رحلات أسبوعياً، مشيراً إلى أن المشروع يحمل طابعاً سياحياً وتراثياً، لما يمثّله الخط الحجازي من إرث حضاري يعود إلى زمن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، الذي أمر بإنشائه عام 1900 لتسهيل رحلة الحج بين الشام والحجاز.
ويُذكر أن أولى مراحل المشروع التاريخي بدأت بتمديد السكة من المزيريب إلى درعا، ثم من درعا إلى عمان، وصولاً إلى تدشين أول رحلة إلى المدينة المنورة في آب/أغسطس 1908، وكان على متنها حجاج من سوريا وتركيا.
ويتميز مبنى محطة الحجاز وسط دمشق بتصميمه المستوحى من الطابع المعماري الدمشقي العريق، والذي وضعه المعماري الإسباني فيرناندو دي أراندا. وكانت المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي قد سعت في عام 2014 لدخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، إلا أن ظروف الحرب آنذاك حالت دون تحقيق ذلك الهدف.
في خطوة تؤكد تنامي التنسيق الأمني بين بيروت ودمشق، أعلن الجيش اللبناني مساء الجمعة توقيف عصابة متورطة في تهريب أسلحة وذخائر حربية من سوريا إلى الأراضي اللبنانية، وذلك في إطار حملة أمنية متواصلة لتأمين الحدود الشرقية للبنان.
وذكر بيان صادر عن الجيش اللبناني أن دورية من مديرية المخابرات أوقفت ثمانية مواطنين في بلدة كفرزبد بمنطقة البقاع الشرقي، لتورطهم في تشكيل عصابة متخصصة بتهريب وبيع الأسلحة من سوريا إلى لبنان، مشيرًا إلى ضبط كميات من الأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى عدد من السيارات المستخدمة في عمليات التهريب.
وأوضح البيان أن التحقيقات بدأت مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص، وأن المضبوطات سُلّمت إلى الجهات المعنية.
وفي عملية متزامنة، تمكنت وحدة من الجيش اللبناني تؤازرها دورية من مديرية المخابرات من ضبط كمية كبيرة من الصواريخ والأسلحة والذخائر وأجهزة تفجير في مناطق حرجية تقع بين بلدتي عيحا ومرج التوت في قضاء راشيا، دون تحديد الجهة المسؤولة عن تخزينها.
وتأتي هذه التطورات في وقت تبذل فيه الإدارة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، جهودًا حثيثة لبسط سيطرة الدولة على الحدود مع دول الجوار، لا سيما لبنان، حيث يشمل ذلك ملاحقة مهربي الأسلحة والمخدرات، وفلول النظام السابق الذين يُنظر إليهم كمصدر تهديد أمني دائم.
وكانت قضايا التهريب عبر الحدود قد تصاعدت في السنوات الماضية، خصوصًا مع تداخل التضاريس الجغرافية المعقدة بين البلدين وغياب الترسيم الواضح في العديد من المناطق الجبلية والوديان الممتدة على طول نحو 375 كيلومترًا.
وفي 27 مارس/آذار الماضي، وقع وزيرا الدفاع السوري مرهف أبو قصرة واللبناني ميشال منسَّى اتفاقًا في جدة يؤكد ضرورة ترسيم الحدود وتفعيل آليات التنسيق الأمني والعسكري المشترك، وهو ما اعتُبر مؤشرًا على بداية مرحلة جديدة من التعاون الحدودي بين البلدين.
وبعد يوم من ذلك، عقد الرئيس اللبناني جوزاف عون لقاءً مع نظيره السوري أحمد الشرع في العاصمة الفرنسية باريس، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث شدد الجانبان على ضرورة تعزيز التنسيق الاستخباري لضمان أمن الحدود ومواجهة التهديدات الإرهابية.
أعلن وفيق صفا، مسؤول التنسيق في “حزب الله”، أن انسحاب الحزب من مواقع على الحدود الشرقية مع سوريا جاء نتيجة تغييرات ميدانية داخل سوريا، وتم بتنسيق كامل مع الجيش اللبناني وبدعم من الأهالي والعشائر.
وأكد أن الجيش تولى المسؤولية الأمنية في المنطقة، معربًا عن أمله بتوسيع هذا الانتشار ليشمل كامل الشريط الحدودي.
وأوضح صفا أن العلاقة مع الجيش “طبيعية ومستقرة” منذ توقيع القرار 1701، مشيرًا إلى تنفيذ كافة الالتزامات المطلوبة من “المقاومة”، بينما تواصل إسرائيل خرق الاتفاق.
وردًا على شائعات حول مصادرة أسلحة أو تفجير مستودعات، قال صفا إن “كل ذلك حملة أكاذيب”، موضحًا أن التعامل مع الأسلحة التالفة في الجنوب يتم بالتنسيق مع الجيش.
حققت سوريا خطوة متقدمة على الساحة الرياضية العربية، بنيلها عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لرياضات الكيك بوكسينغ، ممثَّلة برئيس الاتحاد السوري للكيك بوكسينغ والمواي تاي والقتال المختلط، سارية الجزائري، وذلك خلال الانتخابات الرسمية التي جرت يوم أمس في ليبيا.
وجاء انتخاب سوريا لهذا الموقع بعد منافسة شارك فيها عدد من ممثلي الدول العربية الفاعلة في هذه الرياضة، حيث تم اختيار أعضاء المكتب التنفيذي للدورة الجديدة ضمن اجتماع رسمي عُقد في العاصمة الليبية طرابلس، بحضور ممثلي اتحادات عربية من مختلف أنحاء المنطقة.
وفي تصريح عقب انتخابه، أكد سارية الجزائري أن انضمام سوريا إلى المكتب التنفيذي يعد خطوة نوعية لتعزيز الحضور السوري في المحافل الرياضية العربية، ويفتح المجال أمام تطوير رياضات الكيك بوكسينغ والمواي تاي والرياضات القتالية المشابهة ضمن أطر تنظيمية متقدمة. وأضاف أن هذا الإنجاز ينسجم مع رؤية الاتحاد السوري لتوسيع قاعدة المشاركة السورية عربياً ودولياً، ورفع كفاءة اللاعبين والمدربين في مختلف المحافظات.
وأشار الجزائري إلى أن المرحلة القادمة ستشهد مشاركة أوسع للرياضيين السوريين في البطولات العربية والدورات التدريبية، كما ستسعى سوريا إلى استضافة فعاليات نوعية في هذا المجال بالتعاون مع الاتحاد العربي، بما يعزز من مكانتها الرياضية الإقليمية.
يُذكر أن الكيك بوكسينغ تعد من الرياضات القتالية التي شهدت نمواً ملحوظاً في سوريا خلال السنوات الأخيرة، وسط جهود اتحادية لإعادة تأهيل الأطر الفنية والتنظيمية، وتفعيل مراكز التدريب في مختلف المناطق، بالتوازي مع مشاركة دولية فاعلة للاعبين السوريين في عدد من البطولات العالمية والإقليمية.
ويأتي هذا التمثيل في المكتب التنفيذي في سياق عودة سوريا إلى مؤسسات العمل العربي المشترك في مجالات متنوعة، وتأكيداً على الأثر الذي يمكن أن تلعبه الرياضة في تعزيز العلاقات العربية، وتفعيل الحضور السوري في المشهد الرياضي بعد سنوات من التحديات.
كشف الناشط السوري محمد منير الفقير عن شهادة مروعة تتهم الطبيب العقيد محمد سليمان، أحد أبرز ضباط الجهاز الطبي في إدارة المخابرات الجوية السورية خلال فترة اللواء جميل حسن، بارتكاب انتهاكات قاتلة بحق معتقلين داخل مشفى 601 العسكري.
وبحسب الفقير، فإن العقيد سليمان، الذي تم الإفراج عنه مؤخرًا في محافظة حمص، كان يحظى بمعاملة تفضيلية من قبل اللواء حسن، مكنته من تجاوز اختصاصه الطبي ومنحته سلطة اتخاذ قرارات مصيرية بشأن المعتقلين، تتراوح بين الإبقاء على الحياة أو الإرسال إلى الفرع الأمني أو الميدان أو المقبرة.
يصف الفقير سليمان بأنه "شخصية مزدوجة"، إذ كان يُظهر ملامح دماثة ومرح، لكنه في الواقع "سخّر مهنته الطبية كأداة للتعذيب والتصفية الجسدية"، وفق تعبيره، وأضاف ساخرًا: "قتلَ بكل لطف وإنسانية".
وسرد الفقير حادثة شخصية تعرّض لها في تموز 2013 أثناء احتجازه في مبنى "الرضوض" داخل مشفى 601، وهو قسم مخصص لمرضى المخابرات الجوية. وقال إن الطبيب هدده بالقتل في حال لم يتعافَ خلال أربعة أيام من نوبة إسهال مزمنة:
وأضاف، "قال لي وهو يبتسم: أمامك 4 أيام لتشفى، وإلا سأقتلك بحقنة. وبعد خروجه، همس لي بعض المرضى: لا تخطئ، سيقتلُك فعلًا"، وتابع أنه تعافى خلال يومين فقط خوفًا من تنفيذ التهديد، وأُعيد بعدها إلى الفرع الأمني.
لكن القصة الأكثر مأساوية، بحسب الفقير، كانت ما حدث مع معتقل شاب يُدعى مهند من جبل الزاوية في إدلب. كان يعمل نادلًا في مطعم بدمشق ويعيل خمس شقيقات بعد وفاة والده. حاول مهند إطالة بقائه في المشفى عبر رفع معدل السكر في دمه بتناول الحلاوة الطحينية، لكن الطبيب اكتشف ذلك، فأمر بحرمانه من الإنسولين والماء.
"عاد إلى العنبر منهكًا... شرب من بوله. مات على صدري وأنا أقرأ له سورة يس، ظننته نائمًا حتى فارق الحياة بين يدي"، وفي ختام شهادته، وجّه الفقير نداءً عامًا لمن يعرف عائلة الشاب مهند.
هذا ودعا إلى ملاحقة العقيد محمد سليمان قضائيًا، ومعلنًا استعداده للإدلاء بشهادته أمام أي جهة حقوقية أو قضائية مستقلة، و تشير مصادر متقاطعة إلى أن محمد سليمان شغل سابقًا منصب المسؤول الطبي الأول في فرع المخابرات الجوية.
أعلن وفيق صفا، مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في "حزب الله"، أن انسحاب الحزب من عدد من مواقعه على الحدود الشرقية مع سوريا جاء نتيجة التغييرات الميدانية في الداخل السوري، مشدداً على أن هذه الخطوة تمت بتنسيق كامل مع الجيش اللبناني، وبدعم مباشر من الأهالي والعشائر في تلك المناطق.
وفي تصريحاته التي تناولت العلاقة بين "الجيش والمقاومة"، أوضح صفا أن "حزب الله" اعتبر من الطبيعي أن يغادر بعض المواقع بعد المستجدات التي طرأت داخل الأراضي السورية، مؤكداً أن "المنطقة الحدودية الشرقية باتت الآن بعهدة الجيش اللبناني"، معرباً عن أمله في أن يمتد ذلك ليشمل كامل الشريط الحدودي الشمالي.
التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر
أكد صفا أن العلاقة بين الحزب والجيش اللبناني "طبيعية"، وأن التنسيق يجري منذ سنوات، منذ توقيع اتفاق وقف العمليات العدائية (القرار الدولي 1701)، مشيراً إلى أن لقاءات رسمية بدأت حينها مع الجيش، برئاسة العماد جوزيف عون، وما تزال مستمرة حتى اليوم.
وأضاف أن "كافة ما طُلب من المقاومة ضمن منطقة القرار 1701 تم تنفيذه"، لافتاً إلى أن الجيش اللبناني يقوم بدوره، في حين أن إسرائيل "لا تزال ترفض الالتزام بالاتفاق".
الرد على الاتهامات والشائعات
هاجم صفا "آلة الكذب"، بحسب وصفه، والتي قال إنها تعمل باستمرار منذ وقف إطلاق النار عام 2006، وتهدف لإثارة البلبلة الداخلية، مشيراً إلى أن بعض الأصوات تروج لفكرة "أن الحزب صُودرت أسلحته أو فُجرت مستودعاته"، معتبراً أن هذه المزاعم جزء من حملة منظمة.
وأوضح أن منطقة القرار 1701 تُعد منطقة منزوعة السلاح، وأن الجيش اللبناني يتعامل بشكل طبيعي مع ما يصادفه من أسلحة متروكة أو مدمرة أو تالفة جراء القصف الإسرائيلي، مؤكداً أن عمليات التفجير تأتي في هذا السياق.
موقف الحزب من إزالة الصور واليافطات
فيما يتعلق بحملة إزالة الصور واليافطات من طريق مطار بيروت، نفى صفا وجود أي خلفية سياسية للخطوة، وقال إن ما جرى "ليس جديداً"، مشيراً إلى أن حزب الله وحركة أمل اعتادا إزالة الشعارات بعد انتهاء كل مناسبة.
وأكد أن الحزب أبدى مرونة عالية في الاستجابة لطلب محافظتي بيروت وجبل لبنان، مشدداً على أن "الثنائي الشيعي" شارك بشكل طوعي في حملة الإزالة، من جهة حافظ الأسد وصولاً إلى قلب بيروت.
طمأنة للبيئة الحاضنة
واختتم صفا تصريحاته بدعوة مناصري الحزب وبيئة المقاومة إلى الاطمئنان، قائلاً إن "المقاومة بخير، وقيادتها بخير"، مشدداً على أن ما يجري في الجنوب أو البقاع أو الضاحية الجنوبية يأتي ضمن علم وتنسيق مسبق.
وأضاف أن "حزب الله" سيبقى ركيزة من ركائز الاستقرار الوطني، داعياً إلى التصدي لما وصفه بمحاولات "الوهن المعنوي" الذي تستهدف المقاومة عبر الحملات الإعلامية أو الإشاعات.
وقال قاسم: "هناك أحداث حصلت عند الحدود اللبنانية السورية وأخرى داخل سوريا، ولا علاقة لحزب الله إطلاقاً بهذه الأحداث"، موضحاً أن مسؤولية حماية المواطنين من أي اعتداءات على الحدود تقع بشكل أساسي على عاتق الجيش اللبناني.
وكانت استضافت مدينة جدة السعودية يوم الخميس 27 آذار، اجتماعًا بين وفدي سوريا ولبنان لبحث قضايا أمنية هامة، وذلك بوساطة سعودية. تركزت المباحثات حول تعزيز التنسيق الأمني بين البلدين وتبادل المعلومات الأمنية، بالإضافة إلى مسألة ترسيم الحدود وسبل ضبط المعابر غير النظامية، حسبما أفاد موقع "العربية".
وفي هذا الصدد، أوضح وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى أن هذه المبادرة السعودية جاءت نتيجة تعذر التواصل المباشر بين الطرفين، مشيدًا بالجهود التي أثمرت عن ترتيب اللقاء. وأضاف الوزير اللبناني أن أبرز الملفات العالقة التي سيتم مناقشتها في الاجتماع تشمل تشديد الأمن على الحدود اللبنانية السورية، بالإضافة إلى ملف النزوح السوري، واصفًا اللقاء بأنه "أمني بامتياز". كما أكد الوزير منسى أنه سيلتقي بنظيره السعودي الأمير خالد بن سلمان في جدة بعد الاجتماع.
الخلفية الأمنية: التوترات على الحدود
جاءت هذه الاجتماعات في وقت حساس بعد سلسلة من الاشتباكات المسلحة على الحدود اللبنانية السورية في الأيام الأخيرة، والتي أسفرت عن مقتل العشرات من الجنود اللبنانيين والسوريين. وقالت مصادر محلية إن سبب اندلاع هذه الاشتباكات يعود إلى ملاحقة الجيش السوري لعدد من المهربين بالقرب من الحدود، حيث أدى إطلاق النار إلى سقوط ثلاثة جنود سوريين. وتفيد بعض التقارير بأن مقتل الجنود السوريين تم على يد عناصر من حزب الله، إلا أن الحزب نفى أي علاقة له بالأحداث على الحدود.
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، عن بدء عملية إعادة هيكلة مدروسة للقوات الأميركية الموجودة في سوريا، في خطوة تهدف إلى دمج هذه القوات تحت قيادة "قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب"، وذلك في مواقع محددة داخل الأراضي السورية.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، إن القرار يأتي "نظراً للنجاحات التي حققتها الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم داعش، بما في ذلك هزيمته الإقليمية عام 2019 خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب"، مضيفاً أن وزير الدفاع أصدر توجيهاً رسمياً لبدء تنفيذ هذه العملية.
خفض القوات الأميركية إلى أقل من ألف جندي
وأكد البيان أن العملية تهدف إلى تقليص عدد القوات الأميركية في سوريا إلى أقل من ألف جندي خلال الأشهر القادمة، في إطار خطة منسقة تقوم على تقييم دقيق للأوضاع الأمنية الميدانية.
وأوضح أن هذه الخطوة تتماشى مع سياسة "السلام من خلال القوة"، التي تتبناها الإدارة الأميركية، مشيراً إلى أن القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) ستظل تحتفظ بالقدرة على توجيه ضربات دقيقة ضد بقايا تنظيم داعش في سوريا، بحسب تطورات المشهد الأمني.
التنسيق مع الشركاء في التحالف الدولي
وأشار المتحدث إلى أن الولايات المتحدة ستواصل العمل "عن كثب مع الشركاء القادرين والراغبين" ضمن التحالف الدولي، للحفاظ على الضغط على تنظيم داعش، ولمواجهة أي تهديدات إرهابية قد تبرز مستقبلاً.
ولفت إلى أن "تهديد الإرهاب لا يقتصر على الشرق الأوسط فحسب، بل يمتد إلى جميع القارات"، مؤكداً أن واشنطن ستبقى يقظة لضمان عدم توفر أي ملاذ آمن للتنظيمات المتطرفة.
تركيز على ملف المخيمات والاحتجاز
وشدد البيان على أن أحد الجهود الرئيسية في تقليص نفوذ داعش يتمثل في تقليل أعداد الأفراد المرتبطين بالتنظيم، والمحتجزين حالياً في المخيمات ومراكز الاحتجاز شمال شرق سوريا، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته واستعادة مواطنيه من تلك المرافق.
استعداد دائم لإعادة التمركز
واختتم المتحدث الرسمي تصريحه بالتأكيد على أن الولايات المتحدة "تحافظ على قدرات عسكرية كبيرة في المنطقة"، وأنها قادرة على "تعديل وضعية القوات بطريقة ديناميكية، استجابة لتطورات الوضع الأمني على الأرض"، في إطار حرصها على حماية مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة.
أحيا آلاف المواطنين من أبناء مدينة حمص، يوم الجمعة، الذكرى الرابعة عشرة لاعتصام ساحة الساعة الشهير، في أول فعالية شعبية من نوعها بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي كان قد ارتكب واحدة من أبشع المجازر بحق المعتصمين في ذلك اليوم التاريخي، 18 نيسان 2011.
الحدث الذي غيّر مسار الثورة
أقيمت الفعالية هذا العام في ساحة الساعة الجديدة وسط المدينة، حيث رُفعت اللافتات وصدحت الهتافات من جديد، بينما أُقيمت صلاة الغائب على أرواح الشهداء الذين قضوا خلال اعتصام 2011. تلك الحادثة كانت من أبرز المحطات المفصلية في مسيرة الثورة السورية، وأبرزت مدينة حمص كواحدة من أهم قلاع الحراك الشعبي.
من جنازة إلى اعتصام مفتوح
جاء الاعتصام الكبير إثر جنازة تحولت إلى مظاهرة عارمة، عقب استشهاد أربعة شبان من مدينة تلبيسة خلال تشييعهم يوم 17 نيسان. ومع تصاعد الغضب، توافد أكثر من 40 ألفاً إلى ساحة الساعة، في مشهد جماهيري وطني جامع ضم مختلف فئات المجتمع من رجال ونساء وكبار وشبان، طالبوا بالحرية وإنهاء حكم الاستبداد.
وقد انطلقت المسيرة من حي الحميدية، حيث استقبل الأهالي المشيعين بالماء والأرز، وصولاً إلى مقبرة الكثيب الأحمر، ومن ثم إلى ساحة الساعة إيذاناً ببدء اعتصام مفتوح.
إنذار آصف شوكت وتحذير المعتصمين
مع حلول منتصف الليل، تلقى الشيخ محمود الدالاتي اتصالاً هاتفياً من آصف شوكت، نائب وزير الدفاع حينها، هدّد فيه بفض الاعتصام بالقوة. وعلى الرغم من تحذير الدالاتي للمعتصمين عبر مكبرات الصوت، رفض الآلاف مغادرة الساحة، وأصروا على البقاء رغم الخطر المحدق.
مجزرة بدم بارد
مع حلول ساعات الفجر، هاجمت قوات النظام المكان بعنف، وأطلقت النار بشكل مباشر على المعتصمين، ثم سحبت الجثث باستخدام الجرافات دون توثيق رسمي. لم يُعرف حتى اليوم عدد الضحايا الحقيقي، بينما ظل مصير الكثير من المعتقلين مجهولاً.
شهود عيان تحدثوا عن تعمّد قوات الأمن إهانة الجثث والاعتداء على المصابين، بينما كان الشبيحة يرددون شعارات طائفية من قبيل: "شبيحة للأبد.. لأجل عيونك يا أسد".
شهادة من الداخل: تعليمات بإطلاق النار المباشر
نقلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" شهادة جندي منشق شارك في فض الاعتصام، قال فيها إن العقيد عبد الحميد إبراهيم من أمن القوات الجوية أعطى أوامر صريحة بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح. وأضاف أن الجثث جُمعت بجرافات ونُقلت إلى جهة مجهولة، في حين جرى تنظيف الساحة من الدماء باستخدام عربات الإطفاء.
أثر الاعتداء: كسر الاحتجاج السلمي بقوة السلاح
أشّرت مجزرة ساحة الساعة إلى بداية مرحلة جديدة في تعامل النظام مع الحراك الشعبي، إذ لم تكن المجزرة ردّ فعل عشوائي، بل جريمة ممنهجة تحمل طابعاً أمنياً بحتاً، هدفها إرسال رسالة تخويف لباقي المدن السورية.
وأكدت شهادة الجندي المنشق أن الأوامر كانت صارمة باستخدام الرصاص الحي وتفريق الاعتصام مهما كلّف الأمر، وهو ما أصبح لاحقاً قاعدة في قمع المظاهرات السلمية في كافة أنحاء البلاد.
عودة الذاكرة.. وعدالة لم تتحقق بعد
اليوم، وبينما تحتفل حمص بالذكرى الرابعة عشرة لهذا الحدث المفصلي، يُصر الأهالي على أن ذاكرة الشهداء ستبقى حيّة، وأن العدالة ما زالت غائبة. سقوط النظام لا يعني طيّ صفحة الجرائم، بل هو بداية الطريق نحو محاسبة الجناة وإنصاف الضحايا.
وفي لحظة رمزية بامتياز، أعاد أهالي حمص صوتهم إلى ساحة الساعة، لتظل شاهداً على أن الثورة بدأت بصوتٍ وهتاف، لكنها قُمعت بالرصاص والنار، وأن إرادة الشعوب لا يمكن كسرها مهما طال الظلم.
وصف مراقبون وسياسيون عراقيون، أول لقاء رسمي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بوساسطة قطرية العاصمة الدوحة، بأنها تمثل مؤشراً واضحاً على رغبة مشتركة في تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين.
توقيت استثنائي وتطور لافت
نقلت وكالة الأنباء العراقية عن مصدر حكومي مقرّب قوله إن "اللقاء الثلاثي جاء في ظل أحداث متسارعة تشهدها المنطقة، خصوصاً في سوريا"، مشيراً إلى أهمية الحوار في ظل التحديات الإقليمية المتصاعدة. من جهتها، أوضحت الرئاسة السورية أن المحادثات ركزت على تعزيز التعاون العربي المشترك، مشددة على عمق الروابط التاريخية التي تجمع الشعبين السوري والعراقي.
دعوة رسمية لحضور القمة العربية في بغداد
خلال اللقاء، أعلن رئيس الوزراء العراقي توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المرتقبة في بغداد خلال مايو/أيار المقبل. وتأتي هذه الخطوة بعد مكالمة هاتفية جرت بين الطرفين مطلع أبريل/نيسان، أكد خلالها الجانبان أهمية فتح صفحة جديدة من التعاون ومواجهة التحديات المشتركة.
موقف عراقي داعم.. وتحركات دبلوماسية واعية
فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي، أكد في حديث للجزيرة نت أن العراق ثابت في موقفه الداعم للشعب السوري، مشيراً إلى أن "انفتاح بغداد على دمشق يمثل ضرورة وطنية لحماية الأمن القومي العراقي".
وأضاف أن العراق يرى في تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع سوريا خطوة ضرورية لمنع التنظيمات الإرهابية من استغلال أي ثغرات حدودية، خصوصاً في ظل سجل طويل من العمليات عبر الحدود المشتركة.
السياسة العراقية: تصفير الأزمات وتشبيك المصالح
أكد الشمري أن السياسة الإقليمية العراقية باتت تركّز على تصفير الأزمات، والسعي لإطلاق مشاريع تنموية واقتصادية من شأنها ربط المصالح العربية وتعزيز الاستقرار. كما شدد على أن القمة العربية المقبلة تشكل "فرصة محورية لمراجعة المواقف العربية وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على غزة والاعتداءات المتكررة في سوريا ولبنان".
دور قطري محوري في الوساطة وتعزيز الاستقرار
ريزان شيخ دلير، العضوة البارزة في الاتحاد الوطني الكردستاني، أكدت في حديثها للجزيرة نت أهمية الدور القطري في تقريب وجهات النظر بين الدول العربية، معتبرة أن لقاء الدوحة يعكس قدرة قطر على تهيئة مناخات إيجابية للحوار.
وأشارت إلى أن العراق يجب أن يكون طرفاً فاعلاً في السياسة الإقليمية، وأن نجاحه في استضافة القمة العربية بمشاركة الرئيس السوري سيشكل نقطة تحول استراتيجية.
مواقف سياسية متباينة داخل العراق.. ودعوات لنهج محايد
علّقت شيخ دلير على بعض المواقف السياسية العراقية المعارضة لدعوة سوريا للقمة، معتبرة أن احترام سيادة الدول هو أساس العلاقات المتوازنة. وشددت على أن العراق يجب أن يتخذ دوراً محايداً يخدم مصالح جميع الشعوب العربية.
الدهلكي: مشاركة سوريا شرط لنجاح القمة
من جانبه، شدد النائب رعد الدهلكي، القيادي في تحالف العزم، على أهمية مشاركة سوريا في القمة العربية، معتبراً ذلك شرطاً لضمان نجاحها والخروج بقرارات تلامس تطلعات الشعوب العربية وتمنع التدخلات الخارجية في شؤونها.
الفتلاوي: المصالح الاقتصادية مدخل لتعزيز العلاقات
إياد الفتلاوي، رئيس تحالف الضمير الشيعي، أشار إلى أهمية الروابط الاقتصادية والتاريخية التي تجمع البلدين، مؤكداً أن المصالح المشتركة تتطلب علاقات متينة ومتماسكة.
وأشاد بالجهود التي يبذلها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في تعزيز روح الأخوة، مشيراً إلى أن بعض العقبات التي تعرقل العلاقات تعود لتصرفات شخصيات سياسية في العهد السابق لا تراعي العمق الحضاري والتاريخي بين الشعبين.
خلاصة وتوقعات المرحلة المقبلة
خلص المراقبون إلى أن لقاء الشرع والسوداني في الدوحة قد يشكل ركيزة لبناء شراكة استراتيجية جديدة بين سوريا والعراق، في ظل سعي الطرفين لترميم العلاقات ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، مع دعم إقليمي ملموس بقيادة قطر، ما يعزز الأمل بمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك.
أثار قرار نقابة الفنانين السوريين بسحب عضوية الممثلة سلاف فواخرجي تفاعلاً واسعاً بين السوريين، الذين اعتبروا القرار خطوة متأخرة لكنها محمّلة بدلالة رمزية، نظراً لمواقفها المؤيدة لرأس النظام المخلوع بشار الأسد، وتجاهلها لجرائمه طوال السنوات الماضية، وصولاً إلى سقوطه وفراره إلى موسكو في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
دعوات لفصل ممثلين آخرين
بالتزامن مع القرار، طالب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي باتخاذ إجراءات مماثلة بحق عدد من الفنانين الآخرين، وعلى رأسهم الممثل معن عبد الحق، المعروف بشخصية "صطيف الأعمى" في مسلسل "باب الحارة"، والذي لطالما أثار استفزاز السوريين بمواقفه التشبيحية وولائه المطلق للنظام السابق، كذلك المعروف بولائه للنظام "باسم ياخور" ومواقفه التشبيحة.
"صطيف الأعمى".. رمز استفزازي في ذاكرة السوريين
انتشرت على وسائل التواصل صورة للممثل عبد الحق، مرفقة بتعليق جاء فيه: "هاد لازم ينفصل من النقابة عشر مرات ليبرد قلبنا"، وتفاعل المستخدمون مع المنشور بسخرية واستنكار. وكتب أحد المتابعين: "ضيعان الحبر اللي بدهن يكتبو فيه قرار الفصل"، فيما قال آخر: "هاد لازم ما ينفصل من النقابة.. لازم ينفصل عن أرض الشام حفاظاً على طهارتها".
مواقف تشبيحية ومهاجمة للثورة
لطالما ارتبط اسم عبد الحق بمواقف مناوئة للثورة السورية، حيث لم يخفِ دعمه الصريح للنظام واستهزائه المتكرر بضحايا القصف الروسي في إدلب. ففي منشور ساخر قال ذات مرة: "قال مكسيم قرأ هاشتاغ الأمازون تحترق فكرها بريف إدلب"، في إشارة تهكمية على الضحايا والمآسي التي عاشها المدنيون.
هجوم مستمر على الفنانين المعارضين
هاجم عبد الحق مراراً زملاءه الفنانين الذين اختاروا الانحياز للثورة أو اتخذوا مواقف معارضة للنظام، منهم جهاد عبدو وسامر المصري وجمال سليمان. كما ظهر في لقاء على قناة "العالم سوريا" الإيرانية، واضعاً شروطاً "تعجيزية" لعودة الفنانين المعارضين إلى سوريا، من بينها أن يقدموا "ندماً واعتذاراً" لما وصفه بـ"تصريحاتهم المسيئة للقيادة السورية".
ولاء معلن لحسن نصر الله
وفي أحد تسجيلاته المصورة، ظهر عبد الحق وهو يردد بحماس: "لبيك يا نصر الله"، في تأييد صريح لزعيم ميليشيا حزب الله التي شاركت في دعم النظام السابق وارتكبت جرائم مروعة بحق السوريين. هذا السلوك اعتبره كثيرون دليلاً إضافياً على ضرورة محاسبته وطرده من أي إطار نقابي أو فني رسمي في سوريا الجديدة.
"أنا ابن هذا النظام" .. تأكيد الولاء
في لقاء سابق عبر شاشة لبنانية بتاريخ 24 شباط 2024، جدّد ياخور ولاءه العلني لبشار الأسد، قائلاً صراحة "أنا ابن هذا النظام"، نافياً صفة "الشبيح" عنه رغم تصريحاته ومواقفه المناهضة للثورة السورية منذ انطلاقتها عام 2011. كما برّر علاقته الوثيقة بماهر الأسد، معتبراً أن "رموز الدولة" يحبون الدراما ويتابعونها، مؤكداً على أنه يحظى بترحيب من أي وزير في الدولة.
انتقادات مبطّنة لزملائه المعارضين
شنّ ياخور خلال البودكاست هجوماً مبطناً على عدد من زملائه الفنانين والإعلاميين المعارضين، مثل فيصل القاسم وفارس الحلو وهمام حوت، واتهم بعضهم بالمزايدة، وادّعى أنه لم يكن من المستفيدين من النظام. كما حاول التبرؤ من وصف "التكويع"، رغم تصريحاته السابقة التي أكدت اصطفافه الكامل إلى جانب الأسد.
حزن على الشبيحة وتجاهل للضحايا
في لفتة مثيرة للجدل، أعرب ياخور عن حزنه لاعتقال عناصر تابعين للنظام خلال عمليات التحرير، واستند إلى تقارير من "المرصد السوري" للإشارة إلى عدد المعتقلين من صفوف النظام، متجاهلاً أن معظمهم متورط في جرائم وانتهاكات بحق المدنيين. هذه التصريحات اعتُبرت استفزازية للشارع السوري، خاصة أنها جاءت دون أي تعاطف حقيقي مع الضحايا أو ذكر لمجزرة واحدة ارتكبها النظام.
مواقف مهزوزة ورفض للمحاسبة
ورغم سقوط النظام، لم يُظهر ياخور أي ندم على مواقفه السابقة، ولم يأتِ على ذكر بشار الأسد أو جرائم الجيش الذي دافع عنه طيلة السنوات الماضية، بل حاول تصوير تلك الحقبة كخلاف في الرأي، قائلاً إن القضية أشبه بـ"نقاش حول إن كانت حلاوة الجبن حمصية أم حموية".
انتقادات لاذعة ودعوات للمقاطعة
أثارت تصريحات ياخور الأخيرة موجة من الانتقادات، إذ وصف الصحفي السوري عمر قصير اللقاء بـ"ثرثرة خاوية"، وكتب: "لم يعتذر، لم يُدن الجرائم، لم ينطق بحرف عن الأسد. كل ما قاله كان استعراضاً لموقف أخلاقي فاشل". وأضاف: "على الأقل لم يتظاهر بالتوبة كما فعل غيره بعد خمس دقائق من السقوط".
تغطية على السقوط الأخلاقي
حاول ياخور، من خلال نشاطه على قناته في يوتيوب، التفاعل مع مواضيع اجتماعية في مناطق سيطرة النظام، مثل "تكاليف الشتاء" و"جوازات السفر"، لكن هذه الخطوات فُسرت كمحاولة لصرف الانتباه عن تاريخه المتورط أخلاقياً وسياسياً، دون أي مراجعة حقيقية لمواقفه.
انقسام داخل الوسط الفني
منذ انطلاقة الثورة السورية، انقسم الفنانون السوريون بين مؤيد للثورة ومعارض لها، في وقت استخدم فيه النظام الأسد عدداً من الفنانين لتلميع صورته. اليوم، وبعد انهيار النظام، يواجه هؤلاء الممثلون مصيراً أخلاقياً وإنسانياً في الذاكرة الجماعية للسوريين.
قطيفان: لا مصالحة مع من دعم القمع
في موقف واضح، قال الفنان عبد الحكيم قطيفان: "لن أتسامح مع من دعم الإرهاب والتشريد والقمع"، مضيفًا أن الفن لا يبرر الوقوف ضد الشعب، وأن ذاكرة السوريين لا تنسى أولئك الذين خانوا دماء الضحايا بحجة "الدراما أو الحياد".
تنكّر لآلام السوريين وإنكار للجرائم المرتكبة
وجاء القرار نتيجة ما اعتبرته النقابة "إصراراً متكرراً من الفنانة سلاف فواخرجي على إنكار الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري"، إضافة إلى مواقفها المعلنة التي "تنكرت لمعاناة السوريين وآلامهم خلال سنوات القمع والاستبداد"، بحسب ما ورد في بيان النقابة.
سياق سياسي وفني محتقن بعد الثورة
ويأتي هذا القرار في ظل حالة من الانقسام الحاد داخل الوسط الفني السوري، بعد التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد، وتزايد الأصوات المطالبة بمحاسبة الشخصيات العامة التي دعمت أو غطّت ممارسات النظام السابق، سواء عبر الخطاب الإعلامي أو المواقف العلنية.