مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١٧ يونيو ٢٠١٨
برّي وتحرير السوريين!

باغتنا رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، بتصريح قال فيه إن إيران وحزب الله باقيان في سورية إلى أن يتم تحريرها. ومصدر المباغتة أننا كنا نتوقع صدور تصريح على هذا القدر من الخفّة عن طهران وحزب الله، وليس عن رجلٍ كنا نأمل أن لا يكون ضالعاً في خطط إيران ضد العرب ودولهم، ومغامرات حزب الله بما تحمله من تهديد لشعب لبنان، ولشيعته قبل غيرهم.

لم يفهم السوريون ما قصده الرئيس بري بـ"التحرير". إذا كان يقصد تحريرها من شعبها فقد قطع بشار الأسد وحسن نصر الله شوطاً طويلاً على هذه الطريق، وهما ليسا بحاجة إلى دعمه، بعدما استقدما إلى حربهما ضد سورية أعداداً كبيرة من مجرمي العالم السفلي في بلدان مجاورة وبعيدة، موّلها وسلّحها ودرّبها ملالي يرتكبون جرائم لم يسبق أن عرف تاريخ منطقتنا العربي/ الإسلامي ما يضاهيها في الفظاعة، بدعم من عسكر روسيا الذي غزا سورية لإنقاذ سفاحٍ أوهم نفسه أن باستطاعة قلة إخضاع كثرة، على الرغم من إرادتها وإلى الأبد، ولم يفهم أن عاقبة القمع والتخويف ستكون وخيمة عليه، وعلى مواطني سورية إناثاً وذكوراً، وأن هذا الشرق الذي ننتمي إليه، شرق السلطات التي لا تعترف بالمواطن والإنسان أو بحقوقهما، ولا تستند سلطاتها إلى عقد سياسي أو ميثاق مع مجتمعاتها، ولا تعرف القانون ودولة المؤسسات، وغيَّب حكامه رحمانية دين حوله فقهاؤهم إلى أيديولوجية سلطة مستبدة وغاشمة... إلخ، عرف على امتداد تاريخه تمرّداتٍ وانتفاضاتٍ وهبّات مظلومين ضد عالمهم الظالم، وضعوا خلالها دماءهم على أكفّهم ومضوا إلى نهاية شوط التمرّد، على الرغم مما تكبدوه دوماً من خسائر علي يد جلاديهم، كما يفعل شعب سورية اليوم، وسيظل يفعل إلى أن ينهار عالم البطش والفساد الأسدي الذي يقتل السوريين، ويدمر مقومات وجودهم المادي وعمرانهم. أعتقد أنك، أستاذ بري، تعلم أنه لم يعد لدى السوريين كثير مما يخسرونه. وفي المقابل، لم يعد لدى الأسد ونظامه فرصة حقيقية للبقاء، بعد أن غدا مجرد "شخشوخة" في يد من باعهم سورية، وأدت سياساته إلى إبادة من كان يحكم بهم، وأن من استجلبهم لقتل السوريين لن يختلفوا عن "وصيف وبغا"، قتلة الخلفاء اللذين سيلتهمان لحمه نيئاً، مثلما كانا يلتهمان من سبقوه، كلما جاعا إلى سلطتهم.

لا أعرف لماذا أحسست أنك ستصدر تكذيباً لما نُسب إليك، لاعتقادي، الذي أتمنى أن يكون صحيحاً، أنك ترى الأمور من منظور فيه بعض رحابة الحس الإنساني الذي يجعلك لا تصدّق أن شعباً معروفاً باعتداله الديني وحسّه المدني وعيشه المشترك، وخرج ينادي بالحرية لجميع السوريين، بمن فيهم الذين كانوا يطلقون النار عليه، صار إرهابياً بين ليلة وضحاها، وأن قتلته يحرّرونه من تطرف يهدد ايران المسالمة المسكينة، التي أرسلت آلاف القناصة إلى سورية قبل أسابيع من ثورتها، ثم أرسلت حزب الله إليها، وفي يدي مقاتليه قوائم بأسماء إرهابيين يهدّدون العتبات والمراقد المقدسة، فقتل بمحض الخطأ نيفاً وألف سورية وسوري غيرهم، وطرد ثمانين ألفاً من القصيريّين من بيوتهم ومواطنهم، قبل أن يلحق بهم إلى عرسال، ليحرّض جيش لبنان عليهم، كإرهابيين/ تكفيريين، على الرغم من أنهم عزل وجياع ويعصف بخيامهم حقد حزبٍ لم يجد أحداً ينسب نفسه إليه غير الله!.

دولة الرئيس بري: ينتظر السوريون أن تقوم بما ليس لديك اليوم ما هو أكثر أهمية منه: نفي أنك تنطق باسم إيران، وتؤيد حزباً يقتلهم ليحرّرهم مما يستحيل انتزاعه منهم: تصميمهم على حريتهم وحقهم فيها.

اقرأ المزيد
١٧ يونيو ٢٠١٨
"اللثام" من يقتل أمن "إدلب" فاقتلوه ....

تتعقد طبيعة المرحلة في محافظة إدلب التي تخطوا باتفاق الضامنين "روسيا وتركيا وإيران" باتجاه وقف شامل لإطلاق النار، لتبدأ مرحلة تحريك الخلايا الأمنية النائمة في المحافظة مؤخراً لتحل مكان القذائف والصواريخ في قتل المدنيين والعسكريين، زاد ذلك عمليات الخطف وضياع الأمن في كثير من المناطق.

هذه الحالة الأمنية المتردية في المحافظة باتت سمة بارزة ومصدر خوف وقلق للمدنيين، تديرها جهات خفية تحرك جل الخلايا الأمنية سواء كانت مرتبطة بتنظيم الدولة أو النظام أو روسيا أو ضمن مكونات الفصائل، تتشارك جميعها في خلق حالة عدم استقرار وتخوف، وصل لمرحلة اختطاف كوادر طبية وصاغة وتجار ومبادلتهم على فديات كبيرة بألاف الدولارات.

تقود هذه العمليات جميعاً عناصر ملثمة مجهولة تتخفى وراء قطعة قماش وتعرف نفسها باسم فصيل ما لتضمن التحرك بحرية في المناطق المحررة وتنفذ عملياتها، ليغدو هذا اللثام هو القاتل وهو المجرم الذي لابد من قتله ومنعه لكشف وجوه المجرمين المتسترين ورائه.

وبات اللثام سلاح للتخفي وراءه وتنفيذ العمليات الأمنية إضافة للعسكرية، بعد أن تخفت ورائه قطاع الطرق ومنفذي عمليات الاغتيال والتصفية والسرقة والتشليح، يستخدم للقتل والسلب والسرقة، في الوقت الذي بات مصدر رعب وهلع للمدنيين بشكل كبير، باتوا يخافون من أي ملثم لمجرد التقائه في طريق أو أي مكان.

لطالما تصاعدت الدعوات من قبل نشطاء الثورة والفعاليات المدنية، تطالب الفصائل بضرورة وضع حد لاستخدام اللثام، ووقف التعامل به من قبل الجميع، لكشف المجرمين وقطاع الطرق، ممن باتوا يختبئون خلف لثامهم ويقومون بعملياتهم دون أي رقيب أو محاسب، كما أنه بات باباً للخصوم بين الفصائل، ولكم من اقتتال سببه ملثم وكم من حادثة جرت سببها ملثم وكم من اعتقال تم من قبل ملثمين لم تعرف هوياتهم حتى اليوم ضاعت معها الحقوق وبات اللثام مصدر الرعب الأكبر في المحرر.

اقرأ المزيد
١٦ يونيو ٢٠١٨
ما لم يفعله رفعت الأسد

في بداية عام 2011، وبدايات حالات التململ لدى الشعب السوري التي لم تكن قد ظهرت إلى العلن، قرأت أجهزة الأمن السورية هذه التململات بعمقٍ، وشمَّت روائحها ككلب بوليسي، وراحت تستنفر كل ما لديها من إمكانات، فالسلطة منتهى الغاية والهدف. ومن ذلك أنها توجهت إلى زعماء العشائر وتجار المخدرات والممنوعات كافة (لديها من سقطة المجتمع ونفاياته ما يكفي لتدمير أمة بأكملها)، طالبةً دعمهم ضد "المؤامرة الكونية" على "النظام الوطني" في سورية. كان جواب أحد زعماء آل برّي إلى رئيس فرع الأمن السياسي في حلب: "لسنا بحاجة لمن ينبهنا إلى واجبنا، فهذا النظام نظامنا، وحمايته حق علينا". (وصل اثنان من آل برّي إلى مجلس الشعب السوري في الدور التشريعي السادس 1999/ 2003 مقابل أربعة عشر مليون ليرة سورية، ما يعادل آنذاك 300 ألف دولار).

وبالفعل، كانت أولى مساهمة هؤلاء، (قبل معركتهم مع الجيش الحر ومقتل رأس حربتهم زينو بري عام 2012 على يد جيش التوحيد)، مداهمتهم اعتصاماً سلمياً، قام به سبعة وعشرون طالب دراسات عليا من كلية الطب في حي العزيزية أمام نقابة الأطباء، إذ كان نصيب الطلاب ضرباً بالعصي والسكاكين. ولولا احتماؤهم بالنقابة، لذهب بعضهم ضحية وعيه السياسي وتفوقه العلمي.

أتيت بالمثال القريب هذا لأشير إلى أنَّ ظاهرة "التعفيش" هي الابن الشرعي للنظام السوري، فهي ملازمة له على مدى تاريخه. وإذا كانت هذه الظاهرة قديمةً، ترتبط بما كان يُعرف في المجتمعات القبلية القديمة بالغزو، فردياً كان أم جماعياً، وجوهرها الحصول على الغنائم، فإن جيوش الإمبراطوريات الغابرة قد أوجدت له أنظمة وقوانين تأخذ بالحسبان قدرات المقاتل ومكانته في ترتيبات تلك الجيوش، حتى إن المقاتل كان يرتقي بناءً على كفاءته القتالية وبلائه في المعارك. لكن هذا الشكل انتفى في العصور الحديثة، إذ ارتقت الدولة بوظائفها، وصارت لها مؤسساتٌ تقوم على أسسٍ من الحقوق والواجبات، ترتب على كل من ينضوي تحت لوائها قواعد يتقيد بها تحقيقاً لمفهوم المواطنة المعاصر. وما عاد لأفراد الجيش من وظيفةٍ غير حماية الدولة في مقابل رواتب مجزية، ومكانة مرموقة، وثمّة خدمة وطنية طوعية هي مجال اعتزاز المواطن وفخره.

وقد أخذ الجيش مكانة خاصة بين مفردات الوطن تصل إلى مرحلة القداسة، فهو حامي حياض الوطن، وموفر الأمن والسلام لمواطنيه.. وذلك كله حين تكون الدولة قائمة بمفهومها المعاصر. أما حين تكون سلطة لجماعة ما، فالمعايير تختل، وتغيب القيم وأهمها القيم الوطنية والإنسانية على غير صعيد، ويفقد الجيش مكانته الرفيعة، فهو ليس جيشاً للشعب، وإنْ سمي بذلك، (معروفة تسمية الجيش السوري جيش الشعب منذ استيلاء حزب البعث على السلطة أوائل ستينيات القرن الماضي)، فما إن تحين فرصةٌ ما حتى تبرز هذه العداوة بأبشع صورها؟! فما عرف بـ "ظاهرة التعفيش" التي مارسها الجيش وأعوانه في معظم المدن السورية حلقة في سلسلة طويلة صدئة، تمتد إلى عام 1984، حين نوى رفعت الأسد تعفيش مدينة دمشق عاصمة بني أمية.

يورد وزير دفاع حافظ الأسد، العماد مصطفى طلاس، في مذكراته التي أخذت اسم "مرآة حياتي" شيئاً عن تهديد دمشق بالدمار والاستباحة خلال فترة الصراع الذي دار حول السلطة بين رفعت الأسد وأخيه حافظ لدى مرض الأخير عام 1984، وما شابَهُ من حوادث لها دلالاتٌ تشير إلى عقلية الضابط المعفِّش أملاك الشعب، والمعفَّش ضميراً وطنياً وأخلاقاً إنسانية، فيقول: "تقوم كتائب المدفعية (ب م ـ 21) بقصف دمشق عشوائياً لإرهاب السكان، وقطع أنفاس الناس، حتى يصبح أهل الشام مثل أهل بغداد أيام الحجّاج سابقاً، وأيام صدّام لاحقاً. (ما حدث في سورية تجاوز الاثنين معاً). بعد ذلك، تقوم مفارز المشاة من سرايا الدفاع (كتائب خاصة برفعت الأسد) بعملية نهب وسلب للمدينة المنكوبة، وقد أبلغ العميد رفعت الأسد ضبّاطه وجنوده أنّ المدينة ستكون لهم حلالاً زلالاً مدّة ثلاثة أيام بلياليها.. وبعدها لا يجوز أبداً أن يظلَّ فقير واحد في سرايا الدفاع، وإذا طلب أي جندي بعدها مساعدة أو إكرامية ستقطع يده..".

وهنا لا بدَّ من التذكير بأنَّ صراع حافظ ورفعت جاء بعد إغراق مدينة حماة بالدم، واستباحتها بالكامل، وكذلك بعد الأفعال "التعفيشية" المشينة للجيش السوري فيها، وفي لبنان أيام كان مطلق اليد هناك (يحصد اليوم اللاجئون السوريون "عفش" تلك الأيام) ناهيكم بالمجازر التي حصلت بوجوده ضد الشعب الفلسطيني، وأدت إلى إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، وكان خروجها بدايةً للخراب الذي عمَّ ديار العرب والعروبة بعد عام 1967.

وفي متابعة رواية "مرآة حياتي" التي طبعت في بيروت، ومنعت في سورية طباعة وتوزيعاً، على الرغم من أنَّ مؤلفها يملك دار نشر مرموقة في دمشق، وعلى الرغم من أنَّ المذكرات تكيل المديح لحافظ الأسد في كل صفحةٍ من صفحاتها، لكنَّ الملاحظ أنَّ منع نشرها جاء من نثرياتها التي تكشف شيئاً عن شخصية الأسد، وجوهر سلطته القائمة على الولاء والفساد! يقول طلاس: "وفي حديثٍ هامسٍ لأبي دريد (رفعت الأسد) مع مستشاره السياسي محمد حيدر، وكانا يمشيان في ضوء القمر بمعسكرات القابون: "مو حرام، واأسفاه أن تهدم هذه المدينة الجميلة"، فيجيبه محمد حيدر: "والله صحيح حرام... وا أسفاه، ولكن شو طالع بأيدينا غير هيك".

وواضحٌ أنَّ هذا الحديث بين الاثنين ما هو إلا نوع من المراوغة والكذب المضلل للعقل، وهو محاولةٌ لإيجاد نوعٍ من الوهم النفسي، يبرّر للمجرم ما سيأتي به من أفعالٍ يقوم بها جيش مهزوم أمام عدو بلاده الحقيقي.

وتذكر "مرآة حياتي" حادثةً أخرى، تشير إلى جذر ما قامت به أجهزة بشار الأسد الأمنية، منذ الأيام الأولى للاحتجاجات الشعبية من تهيئةٍ لما جرى، فيما بعد، من حالات التعفيش المخزية لأملاك المواطنين السوريين في مدن حمص وحلب وداريا والقصير، وكان جديدها ومثالها الفاقع مخيم اليرموك وبلدة دوما، إذ يقول العماد طلاس: "في أوائل نيسان من العام 1984 وحوالي الساعة الرابعة بعد الظهر، تلقيت اتصالاً هاتفياً من قائد قواتنا في طرابلس، العميد سليمان حسن، أعلمني أنَّ علي عيد جهز مفرزة من اللصوص، قوامها حوالي مئتي عنصر مع عشرين سيارة متنوعة، وهم مسلحون ببنادق كلاشينكوف ومدافع مضادة للدروع (آر. ب. ج.7) وقنابل يدوية ومسدسات. وهناك اتفاقٌ ضمنيٌّ مع "أبو دريد"، يعني العميد رفعت الأسد، بأن هذه المجموعة سوف تشارك في نهب محلات المجوهرات، خاصة في دمشق، عندما تحين ساعة الصفر لاستباحة المدينة، ثم يهربون بالمسروقات إلى لبنان (طرابلس الشام)، وهناك تتم عملية الاقتسام".

بالطبع، لم تكتمل العملية، إذ جرى تسفير رفعت الأسد وصحبه، ودفع معمر القذافي "الثوري الآخر" ملايين الدولارات التي جرى اقتسامها ما بينه وبين البنك المركزي السوري الذي كان مصفِّراً حتى من الفئران، على حدِّ تعبير العماد طلاس نفسه.

ما يُراد الوصول إليه هنا أنَّ عملية التعفيش المخزية ليست ظاهرة جديدة، بل قديمة ترتبط ببنية السلطة الفردية المطلقة وفسادها، وبأخلاقيتها وجبنها وهزائمها المتلاحقة التي أوصلت المواطن السوري إلى ما لا يُحسد عليه، إذ أخذ يفاضل اليوم بين سلطة "بلاده الوطنية" وسلطة المحتل الروسي التي تتظاهر بتوفير الأمن له، وكأنَّ لسان حال السوري اليوم هو قول الشاعر المتنبي: ومن نكد الدنيا على الحرِّ أن يرى/ عدواً له ما من صداقته بدُّ.

اقرأ المزيد
١٦ يونيو ٢٠١٨
اليرموك.. الرقص على جثة المخيم!

أيها اللاجئ الفلسطيني في سورية، إنه مخيم اليرموك الذي كنت كلما فَرَغَتْ قربتك تزودت من معينه. كلما ضعفت أو تعبت، أسندت ظهرك إليه. كلما جار عليك الزمان، رميت رأسك على صدره. كلما ضاقت بك الدنيا وعبست بوجهك المدن، التجأت إلى فضاءه الرحب. كلما انتابك خوف أو جزع وجدت الطمأنينة فيه، ولا تبالي إن فاتتك الدنيا خارجه. صادمة هي الصور الآتية اليوم من المخيم، الحيز الجغرافي الذي شكل على مدار عقود، التجمع الأكبر للاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين. المخيم المدرسة، النهضة الاقتصادية والثقافية والسياسية، ساحة العمل الوطني الأهم خارج البلاد. المخيم الذي يضم في تربته عشرات القادة الشهداء الذين ارتقوا على طول سنوات الصراع مع الاحتلال.

بينما كان يعيش مخيم اليرموك، بكل ما يمثله من رمزية للشعب الفلسطيني، خرابه الأخير، كان هناك على المقلب الآخر، فلسطينيون، لديهم ما يكفي من الترف وفائض الوقت للحديث عن الزفاف الملكي البريطاني. آخرون انشغلوا بمتابعة الشائعات المتعلقة بصحة الرئيس الفلسطيني، وكأن هذا المخيم ينتمي لجزر الأرخبيل الإندونيسي، فيما عم الصمت الجهات الرسمية والفصائلية الفلسطينية، باستثناء تلك المحسوبة على النظام، حيث انشغلت بالحديث عن الانتصار والتحرير وطرد الإرهاب ودعاوى "إعادة الإعمار"!

في العودة إلى البدايات فإنه بعد مجزرة شارع الجاعونة الشهيرة منتصف تموز 2012، خرج المحلل السياسي "طالب إبراهيم" متحدثاً بلسان النظام، وقال بالحرف: "هذا المثلث الأخضر (يقصد المخيم) سيتحول إلى مثلث أحمر إن لم تكف "العصابات المسلحة" عن استخدامه ضد "الدولة السورية". بدا الحديث مفاجئاً ومستهجناً، إذ لم يكن ثمة "عصابات" حينئذ، ولا مسلحين، وكان المخيم يخضع بالكامل لما سمي حينها "اللجان الشعبية" التابعة للفصائل الفلسطينية المحسوبة على النظام (الجبهة الشعبية- قيادة عامة، فتح انتفاضة، جبهة النضال الشعبي، تنظيم الصاعقة). كل ما هنالك أن أهالي المخيم قرروا فتح المدارس والمساجد وتحويلها إلى مراكز ايواء للنازحين الذين قدموا من حي الميدان والعسالي وحي القدم والحجر الاسود وحي التضامن، وجادوا بالغالي والنفيس لإغاثتهم والتخفيف من معاناتهم.

الذي حصل أن إرادة الصهاينة المتمثلة بإزالة مخيم اليرموك والتخلص منه، لما هو عنصر تهديد ظل قائماً منذ النكبة، شاهداً عليها، حاضنة لكل ما يتصل بمعركة التحرير المنشودة، يرفد العمل الوطني بالكادر البشري، يحفظ الذاكرة الفلسطينية، ويبقيها حية، وحاضرة مهما تقادمت عليها السنوات، وجدت أخيراً هذه الإرادة من ينفذها. من نافل القول أن ما نزل بمخيم اليرموك يُعبر عن عقيدة النظام السوري تجاه أي منطقة أو مدينة، تشق عصا الطاعة، أو يصعب اخضاعها. الأدلة في هذا الباب أكثر من أن تحصى. بيد أن المختلف في قضية المخيم، هو خصوصيته، ورمزيته، وتاريخه، ودوره في معادلة الصراع مع الاحتلال منذ النكبة. كل هذا لم يشفع لمخيم اليرموك بالرغم من خطاب الممانعة الذي يتغنى به النظام دائماً.

في المشهد الأخير جاء "التعفيش" والنهب، والشماتة، والرقص على أنقاض مساكن اللاجئين الفلسطينيين المهدمة، والقهقهة أمام مشاهد الدمار، كبند أخير من بنود العقاب_ المؤامرة، على مخيم اليرموك وأهله. ومن جهة أخرى، فإن الصور التذكارية وتصريحات قادة الفصائل والشخصيات الفلسطينية التابعة للنظام، على أبواب المخيم، وفي شوارعه وساحاته، جاءت لذر الرماد في العيون، وفي سياق عملية تضليل وقلب للحقائق، مستمرة منذ قصف المخيم بطائرات الميغ عام 2012، ولتأكيد رواية النظام لما حل بالمخيم، وصولا إلى الترويج لما يسمى حاليا بعملية إعادة الإعمار.

الدمار الهائل الذي بدأ يتكشف مع خروج الصور والفيديوهات من مخيم اليرموك، يثبت صدقية هواجس الناس تجاه عملية اسقاط المخيم وظهور داعش كالفطر في جنوب دمشق، من ثم عملية "تحرير" المخيم وطرد التنظيم. اختصر المشهد السيد أنور عبد الهادي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير من دمشق عندما أكد أن العودة غير ممكنة ولن تكون قريبة بسبب الدمار الكبير، وطالب الأونروا والمنظمة بالاستعداد لعملية إعادة الإعمار. وأكد ذلك أيضاً الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا عندما قال أن الدمار طال أكثر من ثمانين بالمئة من مباني المخيم وما بقي واقفاً فهو متهالك وغير صالح للسكن.

الوضع الحالي للمخيم لا يسمح بإعادة إعمار دون إزالة الكتل المدمرة والتي تشكل أكثر من ثمانين بالمئة من المباني السكنية، ما يعني إزالة أحياء وشوارع أساسية. بمعنى آخر، سيتم تجريف المخيم بعد الانتهاء من عمليات النهب و "التعفيش" الجارية على قدم وساق، من ثم عليكم أن تنتظروا مثل بقية سكان المناطق المهجرة، عملية إعادة الإعمار المرتبطة بالحل السياسي وتعقيداتها.

المحصلة الأكيدة أن المخيم انتهى إلى غير رجعة، إذ حتى لو صدق السيد أنور عبد الهادي الذي أمنت منظمته الغطاء السياسي للنظام في كل إجراءاته المتخذة ضد المخيمات، فإن التركيبة الديموغرافية أو البنية السكانية والتي شكلت هدفاً أساسياً لمن قرر تجريف المخيم، يستحيل أن تعود. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل ستتم عملية اعادة اعمار الموعودة وفق المخطط والواقع التنظيمي السابق، بطريقة تحفظ خارطة المخيم وكينونته ورمزيته، وتضمن عودة السكان وفق التركيبة الديموغرافية السابقة، أم أنه سيعاد تنظيمه وهندسته وفق مخططات جديدة، تنهي وجود المخيم إلى الأبد، وتثبت عملية التجريف التي تعرض لها المجتمع الفلسطيني في مخيم اليرموك؟

وإذا ما أخذنا بالحسبان الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تمر بها دول الاقليم، لاسيما تلك التي تساهم بدعم الأونروا والسلطة الفلسطينية، في ظل الحديث عن صفقة القرن وشطب ما يسمى بقضايا الحل النهائي ومن ضمنها قضية اللاجئين وحق العودة، فهل ستقبل تلك الدول دعم عملية إعادة الإعمار في هذه الظروف، هذا فضلاً عن الأزمات التي تتعرض لها الاونروا على الصعيد المالي وهي بالكاد تستطيع تأمين متطلبات التعليم والصحة لهذا العام.

خلاصة القول، هناك تجارب مريرة لشعبنا الفلسطيني لا تزال ماثلة أمامه لمخيمات تم تدميرها وإزالتها وانتهت من الوجود، وأخرى تلقى أهلها وعوداً بالعودة إليها وإعادة الإعمار كمخيم نهر البارد الذي لم تنته عملية اعماره منذ أحد عشر عاماً، بيد أن الحقيقة المرة والمؤسفة، والثابت الوحيد الذي يُجمع عليه سكان مخيم اليرموك اليوم بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم، هو أن المخيم انتهى إلى غير رجعة.

اقرأ المزيد
١٦ يونيو ٢٠١٨
"تخلص".. عندما تتحرّر سورية من الاستبداد

عرْضُ ساحة الأمويين في دمشق والمباني المحيطة بها، ونافورة الماء فيها، والحافلات تملأها، والمذيعة العفيَة بصحتها، المزيَنة بثيابها الأنيقة، وضيفها الفيلسوف على شاشة تلفزيون نظام الأسد، ذلك كله وغيره، لا يلغي الساحات والمباني المدمًرة في معظم سورية، ولا شتم الأمويين أو اللطم الإيراني في مسجدهم، ولا انقطاع الماء في سورية وغرق السوريين هرباً في المياه الدولية، ولا حافلات "داعش" التي كانت تحميها مليشيات قاسم سليماني وحسن نصر الله في أثناء عبورها سورية من غربها إلى شرقها، ولا صورة المذيع المليشياوي الذي يبشَر مناطق الحصار والتجويع بالباصات الخضر، ولا صحة المعتقلين الذين تحولوا إلى ركام من العظام في معتقلات الأسد، ولا ما تبقى من ثياب رثة عند الأسر السورية المعوزة المغصوصة، ولا فلسفة الضيف تمتُ إلى أي سرديةٍ سوريةٍ لها علاقة بواقع الحال السوري البائس.

بعد بضعة أسابيع على انتفاضة أهل سورية على الاستبداد، أشاع نظام الأسد مفردة "خلصت". مرَ عام بعد عام على ثورة السوريين، وبقيت المنظومة الاستبدادية منفصمةً عن الواقع، متجاهلة، في خطابها وسياساتها، ما يحصل في سورية. والآن، تعود الأسطوانة المزيّفة ذاتها، ولكن على نطاق أوسع. تتصوّر أنها أوصلت السوريين إلى درجةٍ من اليأس والإحباط، لكي يسلموا بما تسميه "الأمر الواقع"، وما يسميها أبواقها "الواقعية السياسية". إنها ترى الأمور جغرافيا، لا نفساً وروحاً وإرادةً وموقفاً وقراراً بالخلاص مما كان قائماً. خرجت ثلاثة أرباع سورية من ربقة الاستبداد في وقت من الأوقات. كان الفاعل بالنسبة لمنظومة الاستبداد الإرهاب والمؤامرة الكونية، ولم تعترف يوماً بأنها روح شعب سورية، ونفسه وإرادته، وموقفه الرافض لاستبدادها والخلاص منه. استدعت له إيران، وبعدها روسيا لـ "تحرّر" أرض سورية من أهلها. استلزم "التحرير" حصاراً لم تقم به النازية، ودماراً لا يشبه إلا ما حدث في غروزني.

شرّد فِعْلُ منظومة الاستبداد نصف سكان سورية داخلاً وخارجا، هدّم نصفها، أفقر معظمها، خرّب النسيج الاجتماعي، حوّل الدولة إلى وقيع تتقاذف سيادته، وتستبيحها أكثر من عشر قوى. ولا يتوقف قادة منظومة الاستبداد عن التشدّق بالسيادة المتهتكة. قالها الإيرانيون والروس إنه لولاهم لسقطت تلك المنظومة. ذلك لا يهمهم؛ وتابِعوهم يشترون سرديتهم بكل وضاعة، وينعتون الروس والإيرانيين بالأصدقاء والحلفاء الذين يحاربون معهم الإرهاب.

عادةً، يختلف اللصوص؛ وها هم "الأصدقاء والحلفاء" يختلفون. منظومة الاستبداد بين المطرقة والسندان؛ إذا بقوا، لا سيادة ولا قيمة لهم، وإن خرجوا، السقوط المحتّم مصيرهم. إن خرج أحدهم، وإيران المرشح الأوفر حظاَ، زاد استعباد الروس لهم، وانفضحت كذبة السيادة أبدياً، والسقوط الحتمي هو المصير. هذا في السندان، أما في المطرقة، فأميركا تضع يدها على سورية المفيدة فعلياً، وتركيا على حدود الشمال؛ وحدود الجنوب والشرق لا تنفع معها بروباغندا التحشيد أو الاستسلام عن طريق "المصالحات".

تستمر مكابرة منظومة الاستبداد؛ فبعد التعنت وعرقلة أي فرصةٍ لحل سياسي، وبعد اضطرار روسيا لنوعٍ من الحصاد السياسي بعد ثلاثة أشهر من التدخل (تحولت إلى ثلاث سنوات)، وبعد تحايل روسيا على القرارات الدولية، وسعيها إلى تفصيل حل بمقاسها ومقاس المنظومة، تراها أخيرا مأزومةً على حل عبر تكوين لجنة دستورية تجاوبت معها منظومة الأسد مرغمة بعد سحبها القبول من فم الأسد أمام كاميرا بوتين في سوتشي... بعد كل ذلك الانسحاق، تشيع منظومة الاستبداد مفردة "خلصت" للمرة المئة.

لا أيتها المنظومة؛ ما خلصت؛ وكي تخلص لا بد من رسم دستور جديد، ينهي تحكم فردٍ بالبلاد والعباد، يخلق البيئة الطبيعية المحايدة المناسبة، ليختار شعب سورية مَن يريد أن يتعاقد معه لحمل مسؤولية الحكم الخالي من الاستبداد والظلم والإجرام.

منظر الشاشة الباهر، وخطاب المحبَطين والمحبِطين واليائسين والميأسين، وهراء إعادة الإعمار عن طريق دول السلاح والفقر، والقانون رقم عشرة، والمجتمع المتجانس، و"أنصاف الرجال"، والخطف، وأخذ الرهائن والأتاوات ممن تبقى من "جيش حماة الديار"، وتحكّم الشرطة العسكرية الروسية بمليشيات "الدفاع الوطني" وحلها، واستدعاء رئيس المنظومة إلى سوتشي، وهذر وليد المعلم، والشبيحة الذين تسللوا إلى أوروبا، وإسرائيل التي تريد أن تثبِت ضمها الجولان واستهدافها عصابات إيران في سورية، ومضافة امتحانات الثانوية، وحال "داعش" المتلاشي وجبهة النصرة المكشوف؛.... لا يشي ذلك كله بأنها خلصت. تخلص فقط عندما تخلصون؛ وستخلصون. ملفات الإجرام تنتظركم في لاهاي. صور التعذيب حتى الموت التي نقلها سيزر (القيصر) حاضرة. بيوت سورية ومشافيها وأسواقها المدمرة حاضرة جداَ. لا يزال مفعول السلاح الكيميائي حاضراَ جداَ جداَ، حتى عند أرواح من استخدمه.

الأهم من ذلك كله أن هناك من لا يزال مصمما على الخلاص، طالما عقله ونفسه يعملان. سـ"تخلص" وستعود سورية إلى سكة الحياة؛ ولكن حرة من الاستبداد والاستعباد والتزييف والبيع الرخيص من أجل بقاء الطغمة. هذا ليس تفكيراً رغبوياً؛ إنه المسار الطبيعي للتاريخ؛ حتمي، حتى ولو طال الزمن.

اقرأ المزيد
١٦ يونيو ٢٠١٨
هل تحوّلت قوات إيران في سورية عبئاً؟

بغض النظر عما قاله بشار الأسد، في مقابلته أخيرا مع صحيفة بريطانية، عن خلافات مع حليفه الروسي، ونفيه أن تكون روسيا تملي عليه قرارته؛ وبغض النظر عن كلام الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في ذكرى يوم القدس، إنه مستعد لإخراج قواته من سورية، إذا طلبت منه القيادة السورية ذلك؛ فالأكيد أن الأسد لا يقدر على رفض مطالبة الروس بخروج القوات الأجنبية من سورية، بما فيها الإيرانية ومقاتلي حزب الله. والأكيد أيضاً أن قرار خروج مقاتلي حزب الله في يد القيادة الإيرانية أولاً.

واضح اليوم أن مفاوضات الروس حالياً مع جميع الأطراف، لتحقيق استعادة جيش نظام الأسد على المنطقة الحدودية الجنوبية، شكلت تحولاً في العلاقات بين أعضاء التحالف المؤيد للنظام، وأظهرت إلى العلن التضارب بين المصالح الروسية والمصالح الإيرانية في سورية. كما أبرزت دور إسرائيل في رسم الخطوط الحمراء وبلورة الوقائع على الحدود في هضبة الجولان.

ضمن هذا السياق، تبرز خمس حقائق: الأولى التي ليس في وسع نظام الأسد إنكارها أنه لولا القوات الإيرانية ومقاتلي حزب الله والمليشيات الشيعية، لما استطاع الأسد الصمود في الحرب الأهلية السورية الدموية، لكن الروس هم من حققوا انتصاره في هذه الحرب، ورجّحوا الكفة لصالحه.
الحقيقة الثانية التي يعيها ضمناً نظام الأسد أن مصلحته الآن تتلاقى مع المصلحة الروسية، الرامية إلى تعزيز نظامه واستعادته السيطرة على كامل أراضي سورية. وهي تتعارض حالياً مع مصلحة إيران التي تهدف إلى تعزيز وجودها العسكري في سورية، الأمر الذي قد يعوق سيطرة الجيش السوري على هضبة الجولان، في ظل التهديدات الإسرائيلية ضد الوجود العسكري الإيراني.

الحقيقة الثالثة، أوضحت إسرائيل، في مفاوضاتها مع الروس، أنها ليست ضد عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبيل اندلاع الثورة في سورية. وفي الواقع الدعم الذي يقدمه بنيامين نتنياهو إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمثابة موافقة علنية على سياسة الأخير في سورية، أي قبول إسرائيل بعودة جيش الأسد إلى الحدود، لكنها تشترط حدوث ذلك بإبعاد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ومليشيا حزب الله عن الحدود، ولن تقبل التنازل عن هذا الشرط.

الحقيقة الرابعة، حتى سقوط مدينة حلب في 2016، نجحت العقيدة العسكرية التي طبقتها إيران في سورية باستخدام مليشيات شيعية تقاتل على الأرض، وتأتمر بأوامرها. وبحسب دراسةٍ نشرها معهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية، انتقلت إيران، بعد ذلك، إلى مرحلة جديدة، تميزت بترسيخ وجودها العسكري في سورية، واستأجرت لهذه الغاية أكثر من 20 منشأة عسكرية سورية لتخزين المدافع والصواريخ الباليستية للحرس الثوري، بالإضافة إلى منصات صواريخ والطائرات من دون طيار، والعمل على استكمال بناء ممر برّي يربط طهران بسورية. ما تفعله إيران اليوم هو دفاعٌ عن مصالحها البعيدة المدى من خلال وجود عسكري دائم في سورية. والسؤال الآن: هل مع قرب انتهاء القتال في سورية تحولت القوات الإيرانية من رصيد إلى عبء؟

الحقيقة الخامسة، على الرغم من التحالف القوي اليوم بين روسيا وإيران الذي يستند إلى مصالح مشتركة في سورية، وإلى سياسةٍ معادية للغرب إجمالاً، والولايات المتحدة خصوصاً، فإن لروسيا علاقات جيدة وقديمة مع تل أبيب، تعود إلى عدة أسباب، منها وجود أكثر من مليون مهاجر من أصل روسي في إسرائيل، وكون تل أبيب جسرا بين موسكو وواشنطن. وهذا يفسر التواصل الدائم والعلاقات الجيدة بين بوتين ونتنياهو. وقد كان الأخير من القادة البارزين القلائل الذين شاركوا بوتين في موسكو الاحتفالات بالانتصار على النازية. قد تكون روسيا بحاجة إلى إيران على المدى القصير. ولكن لا شيء يضمن استمرار ذلك بعد التسوية السياسية في سورية، خصوصاً إذا كان الوجود العسكري الإيراني هناك سيعرّض للخطر هذه التسوية، أو سيزعزع استقرار نظام الأسد مستقبلاً، في ظل التهديدات الإسرائيلية المعارضة لهذا الوجود.

يسعى الروس إلى تسويةٍ تضمن، بالدرجة الأولى، مصالحهم على المدى البعيد، وتعزّز استقرار نظام الأسد، ولا تغضب الإيرانيين، وتهدّئ من مخاوف الإسرائيليين. والسؤال: ما الذي ينتظره فعلا الإسرائيليون من الروس؟ برأي خبراء عسكريين إسرائيليين، الرعاية الروسية لإخراج المعارضة من جنوب سورية، وإبعاد الإيرانيين وحزب الله مسافةً معينة عن الحدود، يمكن أن تؤدي إلى نتائج تكتيكية قد تخدم إسرائيل في المرحلة الحاضرة. لكن مشكلة الوجود العسكري الإيراني لن ترى طريقها إلى الحل في رأي هؤلاء، ما لم يجر التوصل إلى حل لمشكلة المواقع العسكرية التي يشغلها الإيرانيون في أماكن متفرقة من سورية، وتفكيك منشآتٍ أقامتها لتطوير سلاح نوعي لحزب الله. وحل هذه المسألة سيكون على الأرجح على عاتق إسرائيل نفسها.

اقرأ المزيد
١٦ يونيو ٢٠١٨
لم يبق في لبنان إلا أزمة اللاجئين السوريين ...!؟

منذ قراية شهرين وحتى اليوم يواصل المسؤولين في لبنان حراكهم السياسي وتصريحاتهم ضد وجود اللاجئين السوريين، مصرين على ضرورة عودتهم إلى بلادهم، على اعتبار انها باتت أمنة في ظل سيطرة النظام وحلفائه على مناطق هؤلاء اللاجئين.

وكانت البداية مع إصدار النظام في سوريا القانون رقم 10 والذي من شأنه أن يحرم اللاجئين في لبنان من السوريين من ممتلكاتهم وينتزعها منهم النظام بهذه الأسالبب والقوانين مايعني بقائهم في لبنان وعدم قدرتهم على العودة، وهذا حق لحكومة لبنان في إبداء تخوفها، إلا أنه فيما يبدو لم يكن تخوفاً بقدر استغلال الأمر للتصعيد ضد اللاجئين.

طيلة سنوات الحرب الدائرة في سوريا ولجوء قرابة مليون سوري إلى لبنان هرباً من قصف وقتل النظام وحليفه الأبرز حزب الله اللبناني الذي يشارك النظام بشكل فاعل في قتل الشعب السوري وتهجيره ولم يحرك مسؤولي لبنان ساكناً واكتفوا بتصريحات هشة على وجود الحزب في سوريا.

ومع سيطرة النظام على جل المناطق في سوريا لاسيما حول العاصمة، والسعي للظهور بمظهر المدافع عمن قتلهم وهجرهم وانه كان يحارب الإرهاب لتسويق نفسه كان لابد لحزب الله وبأيادي عدة في لبنان من الدفع لإجبار اللاجئين على العودة للمناطق التي هجروا منها بشكل قسري، لتأكيد نظرية الأمن والأمان الذي نشره النظام وأنه حان الوقت لعودة من خرج منها على اعتبار أنه لم يخرج هرباً من النظام بل من "الإرهابيين".

يعاني لبنان منذ أعوام اضطراباً سياسياً واقتصادياً وخدماتياً بشكل كبير، وهناك عشرات المشكلات التي من المفترض أن يسعى مسؤولي لبنان الدولة الجارة التي احتضن السوريين أبنائهم إبان حرب تموز ولم يتوانى الشعب السوري من شماله حتى جنوبه في تقدم العون لهم، إلا أن مسؤولي لبنان لم يبق لهم قضية ومشكلة إلا قضية اللاجئين.

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠١٨
روسيا والعقدة الإيرانية في سورية

لم تتوقف القيادة الروسية منذ إعلانها الأول عن تحقيقها النصر في سورية عن السعي للحصول على إقرار الدول الفاعلة في الملف السوري (الولايات المتحدة، إيران، تركيا، إسرائيل، الأردن، السعودية، قطر) بانفرادها في التقرير على الأرض السورية والتسليم لها بصياغة الحل السياسي الذي يعبر عن هذا «الواقع».

وقد أخذ تعبيرها عن هذه الرغبة أشكالاً وصوراً ديبلوماسية وسياسية وعسكرية، من عرقلة مفاوضات جنيف ومنع تحقيق تقدم فيها إلى تشكيل مسار موازٍ في آستانة، ووضع مسودة دستور بديل للدولة السورية والعمل على تسويقها، وعقد مؤتمر حوار في سوتشي والعمل على تمرير نتائجه عبر الأمم المتحدة، مروراً بحماية النظام من المحاسبة والمعاقبة في مجلس الأمن الدولي باستخدام حق النقض (الفيتو) 12 مرة، واستخدام قوة نيران كبيرة وسياسة الأرض المحروقة للقضاء على المعارضة المسلحة وتهجير المواطنين ودفع المعارضة السياسية إلى القبول بما يملى عليها، وعقد اتفاقات على مناطق خفض التصعيد من دون العودة إلى النظام أو إشراكه في صياغتها، وفرض اتفاقات عسكرية عليه (اتفاقيتين حول القاعدة البحرية في طرطوس والجوية في مطار حميميم) واقتصادية (استثمار النفط والغاز والفوسفات واحتكار إعادة الإعمار)، وصولاً إلى صور إعلامية فجة من النوع الذي حصل في قاعدة حميميم بمنع رئيس النظام من التقدم مع الرئيس الروسي نحو المنصة، أو دعوته إلى القاعدة ليفاجأ بأنه أمام وزير الدفاع الروسي، أو حمله إلى روسيا في طائرة عسكرية وحيداً أكثر من مرة لمقابلة الرئيس الروسي، الذي سيقدم له أركان جيشه الذي حقق النصر على «الإرهاب» في سورية، ويبلغه بقراراته حول الشأن السوري.

صحيح أن القيادة الروسية حققت نجاحاً مهماً عبر صياغة تفاهمات وتحديد أدوار ومناطق نفوذ مع الدول الفاعلة على الأرض السورية، لكنها توهمت أن ما حققته قد حسم الصراع على سورية، بعد «إنهائها» الصراع في سورية بين النظام والمعارضة بإضعاف المعارضة السياسية واختراقها وسحق المعارضة المسلحة بفرض تسويات مناطقية ومصالحات مذلة عليها والسيطرة على مساحات شاسعة كانت تحت سيطرتها، وأنه بات في مقدورها فرض رؤيتها وصيغتها للحل على الدول الفاعلة، بمن في ذلك حليفتها في القتال إلى جانب النظام: إيران.

لقد وجدت القيادة الروسية، بإعطاء موافقتها على طلب إسرائيل إبعاد القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها مسافة 60 إلى 80 كيلومتراً عن حدود الجولان المحتل، نفسها في موقف حرج وخطر في ضوء رفض إيران وميليشياتها الشيعية لتفاهمها مع إسرائيل، وانكشاف هشاشة التوازنات السياسية والميدانية التي صاغتها، حيث عبرت ردود فعل إيرانية، سياسية وميدانية وإعلامية، عن رفض الاتفاق الروسي الإسرائيلي، رفضت إيران، بصيغ مباشرة وغير مباشرة، دعوتها إلى الخروج من جنوب سورية بالإعلان عن عدم وجود قوات إيرانية في الجنوب، ما يفقد الاتفاق الروسي الإسرائيلي مبرراته، وهو ما دفع القيادة الروسية إلى رفع سقف مطلبها بدعوة كل القوات الأجنبية، وتسمية القوات الإيرانية وحزب الله ضمن قائمة القوات المدعوة إلى الخروج من سورية. وردت إيران بالإعلان عن عدم وجود قوات إيرانية في سورية، مجرد مستشارين عسكريين، وبررت وجودهم بدعوتهم من قبل السلطة الشرعية فيها، وعرضت وسائل إعلامها وتصريحات مسؤوليها حجم مساهمتها في الصراع في سورية: الأموال (30 مليار دولار أميركي) والأسلحة والذخائر والميليشيات والقتلى (2000 قتيل إيراني و1640 من حزب الله وحوالى 8000 عراقي وأفغاني وباكستاني)، وبإلقاء قفازات التحدي في وجه القيادة الروسية بالإعلان عن رفض الانسحاب من سورية (إعلان أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، «أن عناصره لن يغادروا سورية حتى لو اجتمع العالم ضدهم»)، وهذا دفعها إلى الرد بنشر قوات لها على الحدود السورية اللبنانية في محافظة حمص في منطقة القصير، لإجبار قوات حزب الله هناك على الانسحاب، وفي القلمون ومعبر جوسية.

أطلقت الدعوة الروسية إلى انسحاب كل القوات الأجنبية من سورية، باستثناء القوات الروسية التي تتمتع وحدها بشرعية البقاء، مواقف محلية وإقليمية ودولية عكست رفض التقديرات الروسية حول الصراع على سورية والتصورات السياسية والميدانية المرتبطة بها. فقد وجد النظام الفرصة سانحة للتعبير عن تحفظه بالإعلان عن شرعية الوجود الإيراني على الأرض السورية وحصر الحق في دعوتها للخروج بالنظام، حق سيادي، واستثمار تركيا اللحظة السياسية بالضغط من أجل الحصول على ضوء أخضر لدخول تل رفعت، وعقد اتفاق مع الولايات المتحدة حول منبج، وتصعيد الضغط الأميركي والإسرائيلي على روسيا لتنفيذ دعوة رئيسها إلى خروج القوات الأجنبية بإخراج القوات الإيرانية، صعدت إسرائيل ضغطها بإجراء مناورات برية ضخمة في الجولان المحتل وتدريبات جوية فوق اليونان شملت كيفية التعامل مع صواريخ أس 300 الروسية خلال القصف، مكّنتها اليونان، التي تمتلك منصات منها منصوبة على أراضيها، من تحقيق ذلك، وعرقلة الإدارة الأميركية للتحرك الروسي لإعادة بسط سيطرة النظام على الجنوب السوري، عبر الإعلان عن تمسكها باتفاق خفض التصعيد وتحذيرها من القيام بعمل عسكري هناك. ربطت القيادة الروسية التصعيد الإسرائيلي بالتحريض الأميركي على ضرب إيران وإخراجها من سورية، تنفيذاً لتهديداتها التي تلت انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي معها، ما رفع توترها، لأنها ترى في انفجار حرب إسرائيلية- إيرانية في سورية نسفاً لكل ما حققته فيها، فشنت حملة ديبلوماسية وإعلامية ضد الولايات المتحدة اتهمتها بدعم «داعش»، والتخطيط لاستفزاز جديد عبر القيام بعملية تفجير مواد كيماوية سامة في محافظة دير الزور لتبرير هجوم جديد على النظام السوري.

لقد خلط الاتفاق الروسي- الإسرائيلي على سحب القوات الإيرانية بعيداً عن حدود الجولان المحتل الأوراق وفتح، من جديد، باب المساومات والمقايضات على ترتيبات بديلة للتفاهمات القائمة، كانت القيادة الروسية قد اعتبرتها راسخة ونهائية وقابلة للتوظيف في التقدم إلى الإمام على طريق فرض الشروط الروسية وتنفيذ التصور الروسي للحل في سورية، وقد رفع حدة حرج موقف القيادة الروسية كونها ما تزال تحتاج التحالف مع إيران وتوظيف الانتشار البري الإيراني في حماية مناطق سيطرة النظام، لأن البديل نزول قوات روسية وتحقيق هدف أميركي في استدراجها إلى مستنقع جديد، في إعادة للتجربة الأفغانية، تهزم فيه، أو دفعها إلى الاتفاق مع واشنطن على تفاهم على مستقبل المنطقة بالشروط الأميركية، ما وضعها بين نارين: بلع الإهانة الإيرانية والاحتفاظ بالتحالف معها ريثما تنجز تفاهمها مع واشنطن، وهذا ينطوي على خطر تحويل سورية إلى ملعب لإيران يصعب السيطرة عليه لاحقاً، أو القبول بالشروط الأميركية والاصطدام مع إيران لإخراجها من سورية وخسارة ورقة من أوراق القوة بتحالفها مع إيران.

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠١٨
عن جديد أوجاع السوريين في العيد

تتكشف في خصوصية العيد الصور الأكثر إيلاماً وغزارة عن شدة ما يكابده السوريون، جراء استمرار حرب دموية طالت وطاولت كل شيء في حيواتهم، مخلفة دماراً وخراباً هائلين، ومئات الآلاف من القتلى والجرحى، ومثلهم من المعتقلين والمفقودين، وملايين النازحين واللاجئين، ولا نحتاج إلى كثير من التأمل والتفكير كي نقدر المعاناة المضاعفة في يوم العيد للمقهورين والمشردين في شتى بقاع الأرض، ولأولئك الذين يستحضرون، صبيحة العيد، ملامح أحبتهم وأبنائهم من الضحايا أو المفقودين أو من المعتقلين والمغيبين قسرياً، لكن ما يزيد الطين بلة اليوم، تلك التبدلات الحاصلة في المشهد السوري والتي تعمق أوجاع الناس وتوجسهم من تفاقم هذا العذاب والخراب والضياع.

والبداية من ملايين السوريين الهاربين من أتون العنف والاعتقال، والذين يستقبلون العيد وقد كثرت أسئلتهم الحائرة والخائفة على مصيرهم، جراء ارتهان بقائهم وشروط حياتهم، ليس بواجب الحماية الإنسانية، بل بالتطورات السياسية التي تجري في بلدان الاغتراب. والأمثلة كثيرة، تبدأ بتنامي حالة من التوجس والخشية عند طالبي اللجوء في الغرب، مع تقدم وزن التيارات الشعبوية اليمينية التي لا توفر مناسبة لمحاصرتهم وتهديد وجودهم وشروط عيشهم، مروراً بالاندفاعات العدائية ضدهم التي تلت الانتخابات النيابية اللبنانية وتوجت بموجة من التصريحات تتعمد، زوراً وبهتاناً، تحميلهم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية من تدهور وفساد، ربطاً بتشديد المطالبة بإعادتهم إلى بلادهم دون الاهتمام باستقرار الأوضاع الأمنية والسياسية هناك، وبما يمكن أن ينتظرهم من عمليات انتقام وإذلال واعتقال، وأوضح التجليات المعركة التي افتعلها وزير خارجية لبنان مع منظمات الأمم المتحدة المعنية بشؤون اللاجئين، ومطالبته بوقف منح الإقامة المؤقتة للعاملين فيها وللنازحين السوريين، تلتها دعوة رئيس الجمهورية وفداً برلمانياً غربياً للتعاون من أجل الحد من تدفق السوريين وتسهيل عودتهم إلى بلادهم... انتهاء بتضاعف نوازع خوف اللاجئين السوريين من عدم الاستقرار والأمان في المخيمات أو المدن التركية، ليس فقط بسبب هشاشة حياتهم وتراجع فرص العيش والتعليم مع تراجع المعونات المقدمة من منظمات الإغاثة الدولية ومع إحكام حكومة أنقرة رقابتها على شروط حياتهم وحركتهم، وإنما أيضاً خشية من مستجدات سياسية قد تنعكس عليهم مع اقتراب الانتخابات البرلمانية التركية، ليصح تفسير بعض الاندفاعات التمييزية التي بدأت تظهر ضدهم، وإن على نطاق ضيق، بوصفها محاولة يتبعها حزب العدالة والتنمية، لإرضاء وكسب أوساط من المجتمع التركي لا تحبذ احتضان هؤلاء اللاجئين أو متضررة من وجودهم، مثلما يصح فهم تنامي ظواهر الخوف والقلق عند اللاجئين السوريين من احتمال قدوم حكومة في أنقرة لا تجد فيهم المنفعة؛ بل تعدهم أحد مسببات مشكلات تركيا الاقتصادية التي بدأت تتفاقم مع تراجع قيمة الليرة وتعدد ظواهر الركود.

ومن المشهد، تلحظ في العيد، حين تقترب من الوجوه وتلمس الأيادي المرتعشة، ثقل المعاناة ووطأة العوز والحاجة عند الناس، جراء التدهور المريع للوضع الاقتصادي، وانهيار كثير من المنشآت والقطاعات الإنتاجية، وتهتك الشبكات الخدمية والتعليمية والصحية، مما أفضى إلى تردي شروط الحياة وصعوبة الحصول على السلع الأساسية، في ظل تراجع شديد في القدرة الشرائية وتفشي غلاء فاحش لا ضابط له، ربطاً بتدهور غير مسبوق في قيمة الليرة السورية أمام الدولار وغيره من العملات الأجنبية، وأفضى تالياً إلى ازدياد كبير وخطير في أعداد الأسر السورية العاجزة عن توفير أبسط مستلزمات العيش، كالغذاء والكساء والدواء، وعن التكيف مع شح الماء والكهرباء، وتراجع الفرص التعليمية والصحية، خصوصاً لمئات الآلاف من الأطفال، فكيف الحال أمام متطلبات العيد؟! وكيف الحال مع الملايين الذين باتوا بلا مأوى وفي حالة قهر وعوز شديدين وقد فقدوا كل ما يملكون أو يدخرون، ومنشغلين بلملمة جراحهم وتسكين آلامهم؟! وكيف الحال مع تفكك قطاع الدولة وتراجع دوره في تخفيف معاناة العاملين فيه، ولنقل فقدانه القدرة على ضمان ولائهم عبر رشوتهم بزيادة أجورهم وتأمين بعض مستلزمات حياتهم؟!

ويكتمل المشهد المأساوي بوقوف غالبية السوريين هذا العيد في حضرة ما يسميه النظام «انتصاراً» وقد تمكن بعد استجرار دعم عسكري خارجي واسع من استعادة كثير من المناطق التي خرجت عن سيطرته لسنوات، وحشر مختلف فصائل المعارضة المسلحة في الشمال والجنوب السوريين. والأمر لا يتعلق فقط بما يثيره الترويج المستفز لهذا الانتصار الزائف؛ بل بما يرافقه من ممارسات ابتزازية وانتقامية ضد المجتمع السوري الذي تجرأ وثار على رعاته وسادته... كذا! فأي عيد للسوريين وقد تكرس القمع المنفلت وتشرعن وباتت لحظة خلاصهم بعيدة؟ وأي عيد مع هذه العودة المقززة لأساليب الماضي القهرية والتمييزية، لكن بأشكال أكثر احتقاراً وإذلالاً للإنسان وحقوقه؟ وأي عيد في ظل شيوع حالة رعب عامة جراء انحسار شروط الأمن والسلامة، وانتشار مراكز قوى وجماعات سلطوية غير منضبطة، تأمر وتنهى وتتحكم في الأرض وتقرر بقوة السلاح ما يحلو لها بمصائر البشر وممتلكاتهم، من دون أن يطال المرتكبين أي حساب أو عقاب؟ وتتواتر يومياً الحكايات عن حجم تعديات المسلحين وتنوع تجاوزاتهم ضد حيوات الناس وحقوقهم... عن مواطنين أبرياء يتعرضون، ولأسباب تافهة، للإذلال والابتزاز والأذى وللتنازل مثلاً، عن أراضيهم أو بيوتهم أو سياراتهم... عن تحسر عائلات على فشلها في تأمين «الفدية» لاسترداد أحد أبنائها المخطوفين!

والحال، في زحمة هذا المشهد المؤلم، أنه لن تخدعك جوقات صغيرة من السوريين تصطنع فرح العيد، وتبالغ في إظهار سعادتها وبهجتها، منهم ربما من لا يعنيهم ما حصل من خراب وضحايا ما داموا قد سلموا برؤوسهم وأموالهم، ومنهم من يريدون أن يهربوا من كوابيس مرعبة تحفزها ذاكرة مكتظة بصور التعذيب الشنيع والمجازر والتدمير والقتل المعمم، ومنهم من قد يتقصدون من وراء تعظيم هيصة العيد تفريغ انفعالات يحكمها الأسى والتشتت ومغالبة أرواحهم الحزينة والضائعة.

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠١٨
المعارضة السورية والانفصال عن الواقع

شيئاً فشيئاً بدأت المعارضة السياسية السورية تنفصل عن واقع شعبها الثائر، وثورتها التي طالبت بإسقاط النظام، وقدمت من أجل هذا أكثر من مليون شهيد، و12 مليون مشرد، ومئات الآلاف من المعتقلين، وأضعافهم جرحى ومعاقين، لنجدها اليوم تقصر عملها وشغلها على اعتماد دستور ثبت أن الاحتلال الروسي قد كتبه، وعمده شريكه الإيراني، وكأن الثورة والشهداء والعذابات والدمار والخراب، كلها من أجل إصلاحات دستورية، وكأن شبيحة وعفيشة العصابات الطائفية تنتظر دستوراً لكي تطبقه، وهي تعفش وتدمر وتخرب، وتستخدم الكيماوي والبراميل المتفجرة، وكل أسلحة الدمار الشامل.

مع كل يوم نرى ابتعاد المعارضة السياسية السورية عن اهتمامات وانشغالات الثورة والثوار، تجلى ذلك في داخلها يوم خرج من أبناء جلدتها رافضين سياستها، وبقدر اقترابها من العصابة الطائفية ومن منصاتها المعلنة والمستترة كانت المعارضة السياسية تبتعد عن شعبها وثورتها، يوم محضها دعمه وتأييده بتشكيلها المجلس الوطني السوري وما بعده، حتى غدت هذه المعارضة أكثر تمثيلاً واستجابة لرغبة مجتمع دولي مجرم، آثر ترديد رواية العصابة والاحتلال، أكثر من اهتمامه برواية المشرد والمعذب والشهيد والثائر.

كل المعارك السياسية التي خاضتها المعارضة كانت وبالاً على الثورة وشعبها، ولعل ما حصل في الآستانة ثم في سوتشي، وقبلهما جنيف خير دليل على ذلك، فالشعب المسكين لم يعرف حتى تفاصيل هذه الاتفاقيات ليحاكم موقعيها عليها، وإنما ظلت غامضة ومبهمة، والأصح أن المعارضة نفسها لم تعرف تفاصيل هذه الاتفاقيات، فكان حال شهود الزور أفضل منهم، فشهود الزور على الأقل يعرفون على ماذا يشهدون زوراً، أما هؤلاء فقد شهدوا على ما يجهلونه، وشهدوا على شيك بياض يريده الأعداء لهم أن يشهدوا عليه.

الانقلاب الذي حصل في مواقف المجتمع الدولي، ومعه المعارضة السياسية السورية، من إسقاط العصابة الطائفية، إلى رحيل النظام، ثم مجلس حكم انتقالي، فدستور لا يعلم أحد سقفه الزمني، ومعه تم شطب كل ما تعهدت به المعارضة أمام شعبها، وتعهد به النظام أمام قرارات دولية، وراح معه الحديث عن مئات الآلاف من المعتقلين المعذبين، كل هذا يذكرني بمقابلة للنائب عبد الحليم خدام، حين تحدث عن كيف كان يتلاعب النظام بالحديث عن الإصلاحات، فبعد أن تعهّد بشار يوم وصوله إلى السلطة بإصلاحات سياسية، تراجع إلى إصلاحات قانونية، ثم إصلاحات إدارية، ليتم تفريغ الإصلاح كله من مضمونه، وهي اللعبة التي يكررها مع المعارضة السياسية اليوم، الذي زاد عليها بزرع معارضات كاذبة في وسطها من صنعه وصنع أسياده، ليقوم بتفجيرها من الداخل، بل وتطالب حتى بعودة النظام السوري إلى مناطق حررها الآلاف من الثوار يوماً ما، ومع هذا تظل هذه المعارضات الصورية الداعمة للعصابة الطائفية من تمثل ثورته.

هل يتذكر من يطالب بتغيير الدستور إلغاء المادة الثامنة من الدستور الذي كلّ الشعب وملّ وهو يطالب بإلغائها لعقود، فألغيت فماذا كانت النتيجة؟ لقد بدأ الكثير يترحم عليها، بعد أن رأى ما حلّ به، المشكلة ليست في البردعة.. المشكلة في الحمار، وما لم يتغير الحمار فلن يكون هناك تحسن، أو تطور، الحصان قبل العربة، ويكفي بيع للوهم وحرث في البحر.;

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠١٨
عن التصعيد الروسي في إدلب

تعرضت مدن وبلدات في محافظة إدلب، الأسبوع الماضي، إلى قصف جوي عنيف من طيران النظام، بعد أشهر من الهدوء النسبي في إطار مسار أستانا. وكانت الكلفة البشرية مرتفعة جدا، في بلدة زردنا بصورة خاصة، حيث قتل 48 مدنيا، فيما استهدف القصف مشفى أطفال في تفتناز قتل فيها عشرة أشخاص نصفهم أطفال. كما استهدف القصف بلدات وقرى بنش وأريحا ورام حمدان وقرى أخرى. وشهدت تلك المناطق حركة نزوح كثيفة باتجاه الحدود التركية المغلقة في وجه اللاجئين.

ويمكن إدراك خطورة ما تواجهه منطقة «خفض التصعيد» هذه من قراءة تصريحات منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، بانوس موميتز، الذي حذر من موجات نزوح كبيرة قد تصل إلى مليونين ونصف المليون هم عدد السكان الأصليين إضافة إلى النازحين من مناطق أخرى على مدى السنوات السابقة. وتحدث موميتز عن «حالة تأهب قصوى» لدى فرق الإغاثة التابعة للأمم المتحدة في المناطق المستهدفة.

اللافت أن تركيا، بمسؤوليها وإعلامها، لزمت الصمت بشأن هذا التصعيد الخطير في منطقة مجاورة لحدودها، تنتشر فيها نقاط مراقبة للجيش التركي، ومن المفترض أنها تحت الحماية التركية وفقا لتفاهمات أستانا مع روسيا وإيران. وإذا كانت روسيا قد نفت مشاركة طيرانها في قصف تلك المناطق، فهذا لا يعفيها من مسؤولية ما يقوم به طيران النظام الكيماوي الذي لا يستطيع الإقلاع من أي مطار بدون موافقة روسية.

هذا ما يسمح لنا بطرح افتراضات عما يدور تحت الطاولة أو وراء الأبواب المغلقة. من المحتمل أن روسيا التي لم تنجح، إلى الآن، في الوصول إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، شبيهة بتفاهماتها مع الإدارة الأمريكية السابقة، تعمل على تخريب التقارب المحتمل بين أنقرة وواشنطن بصدد ما سمي بخارطة الطريق بشأن منبج. مع العلم أن القراءتين التركية والأمريكية مختلفتان، إلى الآن، لخارطة الطريق المذكورة. ففي حين تسعى تركيا إلى تسويقها كإنجاز لسياستها الخارجية، يحقق مطالبها بطرد القوات الكردية من المدينة، يحتفظ الأمريكيون بالغموض بشأنها، فيما يستمر تحالفهم الميداني مع «قوات سوريا الديموقراطية» في مطاردة بقايا قوات «تنظيم الدولة» شرقي نهر الفرات.

يمكن، إذن، قراءة كل من الغموض الأمريكي والتصعيد الروسي، كفكي كماشة تضغط على أنقرة لتحدد خياراتها الاستراتيجية وتموضعها في التنافس الأمريكي – الروسي، في وقت تنام تركيا وتستيقظ على وقع حملة انتخابية مزدوجة، برلمانية ورئاسية، يقترب موعد إجرائها باطراد، ويشتعل التنافس فيها بين الحكم والمعارضة، ولا يبدو فيها كل من الرئيس أردوغان وحزبه في أفضل حالاتهما.

حتى منافسي أردوغان في الانتخابات الرئاسية، وأحزاب المعارضة، لا يتوقعون أن يخسر أردوغان في الانتخابات الرئاسية، لكن حزب العدالة والتنمية قد يخسر غالبيته البرلمانية أمام مجموع أحزاب المعارضة، وإن كان سيبقى صاحب الحصة الأكبر في مقاعد البرلمان الـ600. وفي هذه الحالة قد لا يتمكن من تشكيل حكومة بمفرده أو مع حليفه الصغير «حزب الحركة القومية»، ما لم يتمكن من استمالة أحد أحزاب المعارضة، وتبدو هذه في حالة إجماع على وجوب تغيير الحكم.

خسارة الغالبية البرلمانية قد ترغم السلطة على إعادة الانتخابات، بعد ثلاثة أشهر، وهو ما يحتم إعادة الانتخابات الرئاسية أيضا، وفقا للتعديلات الدستورية التي ربطت بين البرلمانيات والرئاسيات.

الطريقة الوحيدة لعدم خسارة «العدالة والتنمية» وحليفه القومي الغالبية البرلمانية، هي في إفشال «حزب الشعوب الديموقراطي» في تجاوز حاجز العشرة في المئة المشترطة لدخول نوابه إلى البرلمان. ففي هذه الحالة تذهب أصوات ناخبي الحزب الكردي إلى منافسه التقليدي في مناطق نفوذه، أي حزب العدالة والتنمية. ويتراوح عدد المقاعد النيابية التي قد يخسرها «الشعوب الديموقراطي» ويكسبها «العدالة والتنمية»، في هذه الحالة، بين 60 – 70 مقعدا، من شأنها ترجيح الكفة للحكم أو مجموع المعارضة في مجلس النواب.

هذا ما يفسر غياب تصعيد إدلب، في المعركة الانتخابية، مقابل الحضور البارز لـ»خريطة طريق منبج» والحملة العسكرية على جبل قنديل حيث تتمركز القيادة الميدانية لحزب العمال الكردستاني. وحيث أن موضوع منبج لم يعط ثمارا واضحة وفورية، وبقي موضوع طرد قوات قسد منها، على ما تأمل القيادة التركية، غارقا في الغموض الأمريكي، تصاعدت نبرة الوعيد بشأن جبل قنديل التي تتعرض لقصف الطيران التركي فعلا منذ أشهر، ومن المتوقع أن يليه اجتياح بري «لتطهير تلك المنطقة من الإرهابيين»، كما توعد وزير الخارجية مولود شاويش أوغلو، اجتياح بري «يمكن أن يبدأ في أي لحظة» كما قال. وبالنظر إلى رغبة الحكومة في توظيف هذه الحملة العسكرية المرتقبة لمصلحة الحزب الحاكم في الحملة الانتخابية، سواء بكسب مزيد من أصوات التيار القومي المنقسم على نفسه، أو بدفع الحزب الكردي إلى ارتكاب حماقة ما عشية الانتخابات (كالدعوة إلى التظاهر مثلا، أو إطلاق تصريحات تخل بـ»الوحدة الوطنية»)، بما من شأنه دفنه تحت حاجز العشرة في المئة.

بالعودة إلى التصعيد الروسي في منطقة «خفض التصعيد» التركية في إدلب، لا بد من التذكير بما قاله وزير الخارجية الروسي، بعد لقاء بوتين – بشار في سوتشي، عن ضرورة انسحاب جميع القوات الأجنبية من الأراضي السورية. ولا تقتصر هذه على الإيرانيين وحدهم، بل تشمل تركيا أيضا التي تسيطر على منطقتي «درع الفرات» وعفرين، إضافة إلى 12 نقطة مراقبة في محافظة إدلب. من المحتمل، إذن، قراءة التصعيد الأخير بوصفه ضغطا مباشرا على تركيا يهدد بإخراجها من الأراضي السورية، ما لم تخضع خضوعا تاما للمطالب الروسية، والتزاما بالتحالف مع موسكو بدلا من التقارب مع واشنطن.

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠١٨
هيئة الحكم الانتقالي أولاً

انتشرت أواخر شهر رمضان سلسلة من الإشاعات تلقفها السوريون في مهاجرهم بتفاؤل كما يتلقف الظامىء رشفة ماء، وكان أبرزها إشاعة حول عزم النظام السوري إصدار عفو عام عن كل المعتقلين والمطلوبين، وقد زاد عدد الملاحقين على مليون ونصف المليون من الذين انتشرت أسماؤهم في مواقع الأنترنت، كما انتشرت أنباء عن إنهاء الحواجز الأمنية، وعن اقتراب صدور هيكلة جديدة لأجهزة الأمن، وجعلها مؤسسة واحدة تجتمع فيها عشرات الفروع الأمنية، وتسربت أنباء عن انتشار الشرطة العسكرية الروسية وسيطرتها على ميليشيات الشبيحة، وعن ضم هؤلاء في الجيش النظامي، وكبرت أفراح مؤيدي النظام بانتهاء القضية السورية، وبعودة الحياة في دمشق إلى طبيعتها بعد أن تم تدمير الغوطة واليرموك وريف دمشق، وتهجير سكان هذه المناطق، وكان الانتصار الأكبر حين أجبر النظام ميليشيات «داعش» على إعادة التمركز والانتشار في البادية أو الذهاب إلى معسكرات «داعش» في منطقة مزيريب في الجنوب (في انتظار دور جديد لهم)، وقبل النظام المشاركة في إعداد دستور جديد، أو إجراء تعديلات على دستور 2012، وفي الوقت ذاته، أعلن تنظيم (البي واي دي)، استعداده للتفاوض مع النظام دون شروط، وبدأت الأخبار تتوالى عن قرب عودة المهجرين من لبنان، وكل ذلك يوحي باقتراب الوصول إلى حل سياسي يضمن بقاء النظام واستمراره، وسيتم الاكتفاء بمنح المعارضة مشاركة في حكومة وحدة وطنية، حسب الخطة الروسية.

لا أدري إن كان أحد من أولياء الدم، أو من المهجرين، أو من ذوي المعتقلين أو من المهجرين قسراً أو طوعاً قد يقبل بهذه النهاية المفجعة للسوريين بعد ثماني سنين من كارثة الدمار الشامل والإبادة الجماعية، التي شغلت العالم كله، وهل يمكن لأحد أن يتخيل إمكانية أن يوافق هؤلاء المعذبون في الأرض على العودة أسرى إلى سيطرة من دمروهم وشردوهم، ولاسيما أن النظام وضع شرطاً للعودة تم إعلانه رسمياً، هو تقبيل «الحذاء» العسكري، بما يعني إذلال السوريين وإرغامهم وإهانتهم. هذا المخطط الذي تسعى له روسيا لترسيخ انتصار النظام على الشعب ليس عملياً، ومحال أن يؤسس لعودة الأمن والأمان، فسيبقى المطلوبون (حتى لو صدر عفو عنهم) حذرين من تعرضهم للاعتقال، بل إن النظام سيصبح أشد وأعتى في قبضته الأمنية، وسيكون الشعب المعارض كله قيد الاعتقال، ولن يكون الخطر على العائدين من النظام وحده، وإنما سيكون من الشبيحة الذين اعتادوا على القتل والإذلال.

يتجاهل الروس مانص عليه بيان جنيف، وما أقرته القرارات الأممية بتشكيل هيئة حكم انتقالي تضم المعارضة مع ممثلي النظام، مع مستقلين وتكنوقراط، لترسم مستقبل سوريا وتصل بها إلى حكم غير طائفي، وتقوم بتشكيل مجلس عسكري مشترك يقوم بإعادة هيكلة عامة للجيش ولأجهزة الأمن، ثم تقوم بإعداد الدستور والاستعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية.

إن البدء بإعداد دستور والانتقال إلى الانتخابات تحت سيطرة النظام (الذي لم يتوقف لحظة عن القصف والتدمير وهو يتابع رؤيته للحل العسكري ) سيكون التفافاً على الحل السياسي وإجهاضاً له، وامتهاناً لإرادة الشعب السوري، واستخفافاً بكل قرارات الأمم المتحدة، وانتصاراً لبقاء إيران وتحقيقاً لطموحاتها التوسعية في سوريا والمنطقة كلها عبر النظام الذي استدعاها للسيطرة على سوريا، ليضمن بقاءه من خلالها.

ولئن كانت الولايات المتحدة قد سلمت الملف السوري كله إلى روسيا، فإن عواقب هذا الموقف القاسي على الشعب السوري، ستنعكس سلباً على المنطقة كلها، فلن يعود اللاجئون في لبنان والأردن، لأنهم لن يكونوا في مأمن تحت سلطة النظام، ولن يعود اللاجئون السوريون من أوروبا التي بدأ اليمين فيها يعلن ضيقه بهم وبسواهم من اللاجئين، وستبقى القضية السورية مفتوحة على نزف الدماء وعلى الظلم، وعلى احتمالات الثأر المتبادل مستقبلاً.

يجب على المعارضة أن تتمسك بالقرار 2254،وألا تشارك في أي مقترح أو خطة تتجاوز تشكيل هيئة حكم انتقالي، ومجلس عسكري مشترك، وأن تحافظ على المبادئ التي أعلنها مؤتمر الرياض، ولن يكون بوسع أحد أن يفرض على السوريين ما يرفضونه، ولم يبق لدى شعبنا ما يخسره، ولتبق الحرية والكرامة وإنهاء الاستبداد أهدافاً لابد من الوصول إليها مهما طال الزمن.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان
● مقالات رأي
٣٠ يوليو ٢٠٢٤
التطبيع التركي مع نظام الأسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري 
المحامي عبد الناصر حوشان