متى وأين سيرد الحشد الشعبي على الغارة الإسرائيلية؟
أعلنت «هيئة الحشد الشعبي» العراقية أن قصفاً أمريكياً على أحد مواقعها قرب مدينة البوكمال، شرق سوريا، أسفر عن مقتل 22 وجرح 12 من أعضائها. وطالب البيان السلطات الأمريكية بتوضيح هذه الواقعة، «خصوصاً وأن مثل تلك الضربات تكررت طيلة سنوات»، وهدفها «تمكين العدو من السيطرة على الحدود».
من جانبه سارع النظام السوري إلى توجيه الاتهام إلى التحالف الدولي الذي «يعمد بين الفترة والأخرى إلى استهداف مواقع الجيش في محاولة يائسة لرفع معنويات التنظيمات الإرهابية المنهارة»، معتبراً أن «واشنطن تقدم مختلف أنواع الدعم لتنظيم داعش لمنعه من الانهيار والاستمرار في استثماره كأداة لإبقاء قواتها بشكل غير شرعي داخل الأراضي السورية».
والتحق بجوقة الاتهام موقع القاعدة العسكرية الروسية في مطار حميميم، على الساحل السوري، فأعلن أن «الغارة الجوية الغادرة» تتحمل مسؤوليتها «قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن»، وأنها «عمل عدائي يهدف إلى إفساح المجال لمقاتلي تنظيم داعش الإرهابي للتمدد في المنطقة من جديد».
لكن المفاجأة أتت من الجانب الآخر، حين نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر أمريكي مسؤول أن لدى الولايات المتحدة أسبابا للاعتقاد بأن الضربة كانت إسرائيلية، كما أعلن الكولونيل شون رايان المتحدث باسم التحالف الدولي أن «التحالف الدولي لم ينفذ أي ضربات بالقرب من البوكمال في سوريا، غرب نهر الفرات». وفي المقابل، كان رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكد خلال جلسة مجلس الوزراء أن إيران «يجب أن تنسحب من كل أنحاء سوريا»، مشدداً على اتخاذ إجراءات «سواء كان قرب الحدود أو في عمق سوريا».
وهكذا فإن المؤشرات ترجح أن الغارة كانت إسرائيلية، وأن تقويض الوجود العسكري الإيراني في سوريا لا يعرف أي محرم في عقيدة الردع الراهنة التي يعتمدها نتنياهو. لقد تم قصف مواقع «حزب الله» وقوافل التسليح المتجهة من داخل سوريا إلى لبنان، كما استُهدفت وحدات «الحرس الثوري» الإيراني ذاتها في مناطق مختلفة، وحان الآن أوان استهداف الميليشيات الشيعية العراقية ذات الولاء الإيراني في أقصى شرق سوريا على الحدود مع العراق.
الجديد هذه المرة أن الطائرات الحربية مجهولة الهوية التي أغارت على منطقة «الهري»، حيث مركز قيادة إحدى مجموعات «الحشد الشعبي»، كانت على الأرجح تتمتع بتغطية روسية، في مستوى الإعلام على الأقل، بدليل ذر الرماد في العيون الذي لجأ إليه موقع قاعدة حميميم حين اتهم التحالف الدولي بتنفيذ الضربة.
كذلك لا يخفى على كل ذي بصيرة أن نتنياهو أعطى الأوامر بقصف «الهري» متكئاً على تفاهماته الأخيرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول «ضرورة خروج إيران من جميع الأراضي السورية» حسبما أعلن بنفسه، وأن النفي الأمريكي كان يتعمد إبلاغ إيران بأن الضربة إسرائيلية بالفعل، وقواعد الاشتباك لا تحدها حدود.
والسؤال الآن هو ذاته الذي يتكرر طرحه عند كل غارة إسرائيلية داخل العمق السوري: متى وأين يرد النظام، أو ترد إيران، أو ميليشياتها وأحزابها وحشودها؟