حماس وتوازنات العلاقة مع إيران وسوريا
لم تنقطع علاقة حركة حماس بإيران وسوريا منذ العام 2000 تقريبا إلا عند اندلاع الثورة الشعبية في سوريا، عندما قرر الشعب السوري الانعتاق من حكم الأقلية مطالبا بحريته في إطار الثورات العربية التي انطلقت في العام 2011.
وتشاركت حماس قبل 2011 ضمن إطار ما أطلق عليه محور المقاومة المكون من سوريا وإيران وحزب الله. وطوال هذه الفترة، حصلت الحركة على دعم مالي وعسكري من إيران؛ تمكنت بفضل الله أولا ثم بفضله من الصمود في معارك طاحنة مع العدو الإسرائيلي في الأعوام 2008 و2012، فضلا عن العام 2014 في معركة العصف المأكول.
علاقة قديمة
وبالتالي، فإن العلاقة مع إيران ليست جديدة ولا هي كذلك مع سوريا، ويأتي استئنافها مع طهران كنتيجة طبيعية بسبب توقف الدعم العربي والإسلامي للحركة. وهي بهذا تشكل حالة اضطرارية، وليس خيارا أصيلا، لو لم يتوقف الدعم، بما في ذلك الدعم الذي كانت تحصل عليه من تركيا وقطر!!
المشكلة في هذا الإطار تكمن في التصريحات غير الموفقة والاستفزازية التي أدلى بها رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، وفي عدم تقديم هذه العلاقة بالشكل المناسب، الأمر الذي أثار سخط الجماهير التي ترى اعتداءات إيران وحزب الله على حواضر العرب، وارتكاب مجازر في سوريا والتدخل في العراق واليمن لدعم مليشيات طائفية هناك.
حركة حماس تريد مقاومة العدو، ولكنها لا تلقى دعما من العرب وتركيا، لذلك كان عليها اللجوء لإيران مرغمة، وهذه الأخيرة هي الوحيدة التي دعمت المقاومة الفلسطينية بالسلاح، وقدمت لها دعما ماليا لكي لا تصير لقمة سائغة للعدو. وإيران أيضا هي الوحيدة التي تطالب بفلسطين من نهرها إلى بحرها، بينما يلوذ العربان بالمبادرة العربية التي تدعو لسلام وتطبيع مع العدو وتفرط بحق اللاجئين في العودة!!
صحيح أن إيران تتدثر بهذا الدعم لاستمرار عدوانها على الأمة، ولكن من قال إن المصالح تأتي لطرف دون آخر في العلاقة؟
ويحسب لحماس أنها لم تسوق لإيران ولا للشيعة في المنطقة، وسبق لها أن دعت إيران للانسحاب من سوريا.
العلاقة مع سوريا
وفي هذا السياق، جاءت تصريحات زعيم حماس إسماعيل هنية لوكالة سبوتنك الروسية تجاه سوريا لتزيد الطين بلة، خصوصا وأن مبررات عودة العلاقة معها تبدو أقل من العلاقة مع إيران، إلا إن كان ذلك بطلب من إيران.
ويقول هنية: "نحن لم نقطع العلاقة مع سوريا، ولكن الكثير من الظروف الموضوعية أدت إلى شكل العلاقة الحالي، ونحن نعتبر سوريا دولة شقيقة وقف شعبها ونظامها دوما إلى جانب الحق الفلسطيني، وكل ما أردناه أن ننأى بأنفسنا عن الإشكالات الداخلية، التي تجري في سوريا، ونأمل أن يعود الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في سوريا، وأن تعود إلى دورها الإقليمي القومي".
ويضيف: "إننا لم نكن يوما في حالة عداء مع النظام السوري، والذي وقف إلى جانبنا في محطات مهمة وقدم لنا الكثير كما الشعب السوري العظيم".
ويقدم هنية هنا وصفا للصراع في سويا بأنه "تجاوز الفتنة إلى تصفية حسابات دولية وإقليمية، لذلك نأمل أن ينتهي هذا الاقتتال ويتوقف شلال الدم النازف، والذي يدمي قلوبنا ويضر أبلغ ضرر بالواقع القومي للأمة وبقضيتنا الفلسطينية على وجه الخصوص".
ويأتي ذلك لتبرير العلاقة المحتملة مع النظام، ولكنه يتجاهل استمرار النظام السوري في البطش بشعبه، الأمر الذي يشير إلى قصور هذا الموقف، والحاجة إلى بلورة موقف أكثر اتزانا منه!!
وفي كل الأحوال، فإن هذا الموقف يتعارض مع طموحات الأمة، فهو يظل موقفا غير مبرر ما دام هذا النظام يستمر في السلوك الإجرامي تجاه شعبه!!
وساطة ممكنة لحماس
حماس بقيت الأمل الوحيد للأمة في التصدي للمشروع الصهيوني القائم على الاحتلال والتوسع، ولذلك عليها أن توغل برفق في العلاقة مع إيران وسوريا في ضوء استمرار عدوان وإيغال ايران وحزب الله وسوريا والنظام السوري في دماء أهل السنة.
وفي ضوء علاقتها مع إيران، فإنها يجب أن تبحث عن تطويع الدور الإيراني تجاه تسوية سياسية مع العرب والمنطقة، لمنعها من استفزاز المجموع السني الغالب وأن تحد من طموحاتها في المنطقة.
صحيح أن حماس هي أضعف من أن تقوم بهذا الدور، ولكنها يمكن أن تمارس دور الوسيط في المنطقة والسعي لحوار عربي- إيراني يفكك الخلاف بين الطرفين، فضلا عن سعيها للحصول على مساعدات شعبية تقلل من اعتمادها على إيران!!