مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١٩ يونيو ٢٠١٥
يحفر "الاكراد" قبرهم بايديهم

في بدايات القرن الماضي  اتفق غربيا على تقسيم تركة الرجل المريض فكانت بريطانيا تعد العرب ببلاد الشام والخليج العربي في حال كانوا معها في محاربة الخلافة العثمانية آنذاك وبالفعل تم اقتطاع الشام والعراق وشبه الجزيرة العربية من الخلافة العثمانية لكن ليس ليد العرب وإنما ليد الانتداب الفرنسي والبريطاني .

توالت حركات التحرر المسلحة منها والسياسية حتى جلاء الفرنسي والبريطاني عن العراق وسورية ليتسلمها ابناء البلدين , والذي كانت تعصف فيه تيارات عروبية فاقعة , في ظل سبات شبه تام من الاكراد الذين كانوا موجودين في المنطقة الا ان التوجه العام لهم كان منصرفا الى التدين وطلب العلم الشرعي جاعلين أمر الوطنية او القومية الكردية خلف ظهورهم وهذا ما يفسر سقوطهم من حسابات راسم الحدود آنذاك .

الا أنهم وحتى خمسينيات القرن الماضي بدأت تضرب فيه تيارات داعية إلى اقامة دولة عرقية كردية على غرار الدولة التركية والدول العربية , وبدؤوا ينظرون إلى العرب أنهم من سلبهم حقهم وجاءت حقبة البعث العربي الذي أراد من الكردي أن يكون عربيا بل وعليه أيضا أن يعتز بعروبته , فكتم من الأكراد الكثير , والمكتوم مصطلح يعني عدم امتلاك الشخص لأي أوراق ثبوتية فلا يستطيع الدراسة ولا العمل ولا حتى السفر وقد حدثني بعض أصدقائي الأكراد  انه لجأ إلى عمليات تزوير معقدة حتى يستطيع الذهاب الى الحج ,

في ظل هذه الحياة  قوي التيار القومي الكردي وبدأ ينمو في السر بعيدا عن أنظار الحكومات التي رفضت الاستماع لأي مظلومية من الجانب الكردي ,

حتى لو دققت في أسماء العائلة الكردية لوجدت ما ألمحت إليه من ميل التوجه الكردي من التدين إلى التوجه القومي الكردي فتجد الشاب صاحب العشرين ربيعا اسمه كانيوار وهي تعني ( اين الوطن ) واسم أبيه حسين وهو ابن الستين  واسم جده محمد وهو ابن المية عام  والواقع ان حسين هو من سمى ابنه كانيوار ومحمد الجد هو من سمى ابنه حسين  فهذا التوجه بد أ ينمو في منتصف القرن الماضي ويرون في سايكس بيكو انه اكل حقهم ويرون في الدين هو من ساهم في ابتعادهم عن  تحقيق دولة كردية فنظروا النظرة العدائية الى الدين والى الجيران باعتبار الجميع ظلمهم ,

وفي الحقيقة من ظلمهم هو من يتحالفون معه الآن نعم انه حزب البعث ونظام الأسد الذين يرون فيه حليفا ويحافظون في القامشلي والحسكة على رموز ذلك النظام وقد كنت حاضرا في نيسان 2004 أحداث الأكراد وكيف طوقت الدبابات السورية مدينة القامشلي ولولا تدخل العقلاء لكانت أبيدت القامشلي في صبيحة اليوم التالي ,

نعم لقد نظر العرب الى القضية الكردية بعين العطف والألم على المظلومين الأكراد في حكم آل الأسد  ولكن هذا لا يعني أبدا السماح للأكراد بتهجير العرب بحجة أنها أرضنا قبل مئات السنين ,

ان تحالف الأكراد مع الولايات المتحدة الأمريكية لا يعطيها الحق في طرد العرب من بلادهم فما تحويه الجزيرة السورية من الأكراد لا يزيد عن ثلث تلك المنطقة ,

إن  اتباع  الأكراد هذه السياسة سيدفن مشروعهم في مهده ومن غير المقبول في عصر العولمة قيام دولة قومية خالصة .

 

اقرأ المزيد
١٩ يونيو ٢٠١٥
رهان موسكو الخاسر على تغيير سعودي

تأتي زياره محمد بن سلمان لروسيا ولقائه المتوقع مع بوتين في إطار الاعداد المتعدد الاطراف لحقبة ما بعد الاسد في سورية، بعد أن انهارت قواته وأصبح هناك إجماع حول عدم قدرته على الاستمرار. وتنبع أهميتها أولا أنها جاءت بمبادرة روسية وثانيا لأنها تأتي بعد تسريبات متواصلة عن احتمال تغيير موسكو موقفها في الازمة السورية مقابل ضمان مصالحها الاستراتيجة وثالثا لأن نظام الأسد يواجه منذ أشهر مصاعب كبيرة وهو مهدد بالانهيار في أي وقت.

تسعى موسكو بعد إدراك الطريق المسدود الذي وصلت إليه سياسة الأسد التي دعمتها خلال السنين الخمس الماضية إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ورسم خط دفاع ثان للنظام بعد أن انهار خط الدفاع الأول القائم على التمسك بالأسد كتجسيد للشرعية الدولية بوصفه "رئيسا" منتخبا. وتأمل أن تجد لدى ولي ولي العهد السعودي أذنا صاغية لمخاوفها وتصوراتها ومصالحها مقابل دعم المملكة والضغط على طهران في اليمن وغيرها. باختصار ضمن العملية العامة لإعادة تقييم الوضع السوري تحاول موسكو بالتفاوض مع المملكة السعودية أن تعيد تعريف المصالح الاستراتيجية التي تستطيع أن تنتزعها بضمانة السعودية على حساب الشعب السوري.

تعلم السوريون في السنوات الماضية أن لا يضعوا ثقتهم في الروس وأن يشككوا في كل خططهم ومبادراتهم أو مناوراتهم. فقد كانت جميعها بهدف خنق الثورة، أي ثورة من دون استثناء، و الالتفاف على مطالب الشعب السوري وتجريده من تطلعاته الأكثر من مشروعة نحو الحرية ووضع حد للانتهاكات الصارخة لحقوق الأفراد والجماعات. رهاننا على قوة الموقف السعودي وتماسكه وثقتنا بإدراك السعوديين والخليجيين عموما بأن معركة السوريين ضد الطاعون الفاشي والسياسة الامبرطورية الطائفية لطهران هي أيضا معركة الخليج وأمنه واستقراره ومستقبله. ونحن لا نبيع هنا شعارات. سورية مستهدفة لتتحول إلى منصة ايرانية خامنئية للهجوم على الخليج واحتوائه ووضعه تحت السيطرة والنفوذ الايرانيين.

نحن نتطلع إلى أن يحمل الأمير محمد بن سلمان إلى بوتين والقادة الروس معاناة السوريين في هذا الشهر الفضيل، وتقدير العرب لأي جهد يقوم به الروس من أجل وضع حد للمجازر اليومية في بلدنا ولأزمة العلاقات الأقليمية التي فجرتها العدوانية الايرانية والتي تهدد المنطقة بأكملها ومن ورائها روسيا بالفوضى وزعزعة الاستقرار.

اقرأ المزيد
١٨ يونيو ٢٠١٥
إسم من ذهب وفعل من ورق

أعلم أن ما سأكتبه سيكون مجالاً للهجوم علي وانتقادي بكل الطرق لكن كلمة الحق أولى أن تُسمع  وطريق الصواب الأفضل أن يُتَبع . فرغم مرور فترة  على إنشائه ووضع بنائه غير المكتمل إلا أنه لم يعبر حقيقة عما أنشئ من أجله حمل اسم كبير فضفاض لكنه قليل المردود ضعيف الهيكل لم يستطع تشكيل بنيته التنظيمية ولم يتمكن من إيضاح رؤيته السياسية فظل متخبطاً  تارة هنا وتارة هناك .

إنه مجلس قيادة الثورة المنبثق من مبادرة واعتصموا  فهذا المجلس لم يقنع حتى نفسه ولم يستطع التحلي بالاسم الذي يحمله  ففي كل الثورات يكون مجلس قيادة الثورة هو الهم والاهتمام وهو العباءة التي ينضوي الجميع تحتها و هو القادر على فرض رؤاه وأجندته الوطنية إلا عندنا ، هذا المجلس ولد بالأصل وهو يحمل التناقضات في بنيته العسكرية وصرحنا بهذا كثيراً فقد كانت هناك خلافات عميقة بين مكوناته وصلت لحد الاتهامات والاقتتال لكن البعض قال لنا انتظروا فالجميع سيلتزم ببنود المجلس فتأملنا خيراً وتم تعيين المستشار قيس الشيخ رئيساً له وهو رجل محبوب أمين توافقي وبدأ الرجل بالعمل لكن مشيئة الله أقعدته بالمستشفى  وتوقف هذا المجلس عن العمل لكن فصائله الثورية  كانت تعمل منفصلة . دون قيادة جماعية ودون غرف عمليات منتظمة  . فلا قرارات تنظم عمله ولا هيئة عسكرية تضبط تحركاته  ولا هيئة سياسية تطرح ثوابته وأفكاره فكان جسداً هلامياً غير مترابط الأعضاء .

ولكن هناك في الأجواء ما يتطلب أن يبدأ العمل فمؤتمر الرياض على الأبواب فكان لا بد من الدعوة لاجتماع ما فتم تحديد الموعد لكن هذا الموعد حوصر بمؤتمرين مؤتمر القاهرة ومؤتمر عمان الذي حاول الخوجة عقده مع العسكريين . وتم دعوة شخصيات أصبح المواطن السوري مشمئز منها لأسباب متعددة فكانت سقطة المجلس كبيرة في هذه .

المهم أن مجلس قيادة الثورة في مؤتمره وضع ثوابت للثورة السورية هي من البديهيات لكن ترتيبها وتسلسلها عشوائي غير منتظم وهو دليل على العشوائية في العمل وعدم إدراك لأهمية التنظيم في الأولويات واستخدام تعابير متناقضة وغير مناسبة في ثورة شعبية وقد جاء في أول هذه الثوابت :

استقلالية القرار السوري ورفض الإملاءات الخارجية.

وكان من المفترض أن يكون أول هذه الثوابت هو التذكير والتأكيد على إسقاط العصابة المافيوية الأسدية لا أن يكون هذا الأمر في المرتبة الثالثة بسلم الثوابت.

- محاكمة أفراد النظام ممن ارتكبوا جرائم أمام  محاكم خاصة سورية . وقد أتى هذا البند قبل العمل على تشكيل قضاء مستقل ومحاكم سورية خاصة بند 11

 - محاربة قوات النظام والمحتل الإيراني وحزب الله والميليشيات الأخرى هي أولوية للثورة لكنها جاءت بالبند 13

واستخدام كلمة محاربة تأتي في غير مكانها فهي تعبير عن تساوي بالقوى والأسلحة وتوافر جيوش منظمة بين الطرفين , فكان لا بد من استخدام تعبير يعبر بشكل صحيح عن الواقع كأن يكون مثال ( الدفاع عن الشعب – رد عدوان العصابة – حماية الشعب).

 - إرساء قيم مشتركة تحظى بإجماع وطني تنتهي بموجبها كافة مخلفات النظام الفاسد.

لا بأس لكن ما هي تلك القيم المشتركة وهل هناك تلاقي بين مكونات الشعب السوري حول هذه القيم أم أن هناك شعور لدى الغالبية أنها منتهكة وغير مجمع عليها في ظل الفرز الطائفي الكبير.

هذا غيض من فيض بحيث أن هذا المولود مازال في الحاضنة ينتظر الرعاية الدقيقة والعناية الفائقة وربما بعد نجاح الثورة يكون قد خرج من الحاضنة وأصبح قابلاً للحياة.

اقرأ المزيد
١٨ يونيو ٢٠١٥
"الائتلاف" يسعى لتبرئة مجرمي التهجير .. وتبرير تصرفات الأقليات !!؟

أصدر الائتلاف قرار بتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول عمليات التهجير التي جرت في منطقة تل أبيض ، و طبعاً استبق الأمر وصول أول عضو في الائتلاف على جناح السرعة إلى تلك المنطقة ليؤكد و ينفي و يشجب الكذب و يخون الجميع ، و يشدد أم أمراً لم يحدث و لاتهجير و لانزوح و لا أي شيء ، كل ما في الأمر كما قال أحد الزملاء "أهالي تل أبيض رغبوا بأن يمضوا رمضان في تركيا استجماماً".

القرار الذي حمل في شكله ، أن الائتلاف يسعى لكشف الحقيقة الواضحة جداً ، في حين أن الغاية الفعلية هو طي صفحة هذه الجريمة و جعلها تهمة باطلة ، فاللجنة و المحققون و المرافقون و الحامون لتحركاتها ، هم من هجر و شاركك بالعملية .

ولابد ان المبرر موجود بأن القوات الكردية كانت تحارب الإرهابيين التكفيرين و تمكنت من الإنتصار و تحرير الأرض ، و حتى أن القوى الظلامية "تقهقرت" أمام قوة المطهرين وفق ماجاء في بيان الائتلاف بعد اندحار داعش ، في بيان شريع يحمل في طياته سعادة و سرور و نشوة ، أمرٌ افتقدناه تماماً و كلياً في انتصارات الثوار هعبر جيش الفتح التي كانت البيانات عبارة عن دعوة للمجتمع الدولي بوضع الإنتصار الذي حدث "إدلب – جسر الشغور-....." في خانة ضرورة الحل السياسي و إنتقال السلطة له .

في كل مرة يجتهد الائتلاف لتبرير أعمال كل الطوائف و يدافع عنها باستماته و يهاجم كل من يدعي ، ابتداء من الطائفة العلوية التي استقبل لؤي الحسين و جعل منه معارضاً بعد أنم كان في حضن النظام ، إلى الطائفة الدرزية التي هاجم كل الجبهة و ندد و شجب و أرعد و أزبد و تواصل و بأسرع ما يمكن و شكل لجنة حماية ، في حين صمت صمتٌ مطبق عن غدر اللجان الشعبية للثوار في درعا في معركة مطار الثعلة ، وكأن الأمر لا يعنيه ، و اليوم يقف أما حوادث التهجير التي مضى عليها شهور طويلة و لديه كل المعلومات و الأدلة و البراهين على حدوثها ، لكنها صمت و خرج ببيان خجول و اليوم سيبرر للمجرم جريمته ، و القصص كثيرة .

و ليت الأمور يتم التعامل بها بنفس نفس التعامل بشؤون الأقليات ، فالمهجرين باتوا أياماً على الحدود بين تركيا و سوريا ، لم يزرهم أحد و لم يجروء الائتلاف حتى الحديث عن الأمر ، و عندما فُتحت الحدود برغبة و جهد تركي ، قفز الائتلاف شاكراً ، في حين عند الحديث على التهجير قفز عضو الائتلاف "قاسم الخطيب " ، إلى تل أبيض و أرسل للائتلاف رسالة البراءة و طالب بصكها رسميا بلجنة ، و عجز الائتلاف عن تشكيل لجان تقصي حقائق و جمع أدلة عن استخدام الكيماوي أو حتى توثيقه ، فلا يملك أرقاماً أو بيانات ، و إذا ما حدثت ضجة موخراً فكانت بفضل أطباء سوريين إجتهدوا بعيداً عن الائتلاف الذي يحق له وصف "ائتلاف الأقليات" لا مكان فيه لبقية سوريا التي تفترش المخيمات ، و تتجرع النزوح و التهجير و القتل و التدمير و الجوع و العوز ، فهذا الشعب لم و لن يكون بحاجة للاتئتلاف ، و صحيح أن الحاجة منفية له و لكن استمراره يؤثر سلباً على مسيرة الثورة التي شهدت تشويهاً  لم تشهده ثورة من قبل .

اقرأ المزيد
١٦ يونيو ٢٠١٥
هل بات قصف دمشق غداً أمراً مباحاً ...

عندما عبر قائد جيش الإسلام زهران علوش عن قدرته على توجيه ألف صاروخ على دمشق دفعة واحدة ، دون أن يحدد التوقيت لتنفيذ هذا التهديد ، فتح المجال أمام الجميع للتكهن عن التوقيت و طرح نظريات المؤامرة و العمالة ، و طبعاً قائمة التسميات تطول لعدم تنفيذ التهديد .

و لكن وفقاً للإتفاق الذي حدث في القيادة العسكرية الموحدة في الغوطة أن علوش لن يقدم على تنفيذ وعده إلا في حالة إرتكاب النظام مجزرة جديدة في الغوطة ، و اليوم شهدنا حدوث مجزرة رهيبة راح ضحيتها ما لايقل عن 20 شهيد غالبيتهم من الأطفال و عشرات الجرحى ، إضافة إلى بقاء عدد غير معروف تحت أنقاض المنازل التي تحولت إلى كتل الركام يدأب الدفاع المدني على التنقيب عن بصيص حياة في ثنايا القبر الكبير الذي بات الاسم الأفضل للغوطة.

 فوفق الإتفاق و التعهد ، فإن شرط اللازم ، قد تحقق و بالتالي التوقع بالقصف قد يحدث مباشرة أو المفروض على أبعد تقدير في صباح الغد ، ولكن حتى هذا التوقيت لن يكون ثابتاً و محققاً كون التحذير الذي يسبق القصف لم ينشر أو يتم تداوله حتى لحظة إعداد هذه الكلمات.

و من الممكن أن لا يتم تنفيذ التعهد بتاتاً إذا ما حدث الخلاف حول وصف ماحدث اليوم في دوما ، هل يرتقي لمستوى المجزرة ، ام أنه مجرد جريمة عادية إعتاد النظام على تنفيذها في كل رقاع سوريا و ليس الغوطة فحسب.

الغوص بالتفاصيل يجعلنا نبحث عن تعريفات و تحديدات لأمور كثيرة لنتوه في الكلام كعادتنا و لانرى أي نتيجة على أرض الواقع ، و لكن هل سيرحم الجميع جيش الإسلام و تحديداً زهران علوش في حال عدم الرد أم سيشفع له تواجده إلى جانب المقاتلين في حلب لصد هجمة داعش هناك و بعضاً من جيشه يكمل الحرب على داعش في القلمون الشرقي .

اقرأ المزيد
١٦ يونيو ٢٠١٥
مهزوم من دون منتصرين

بعد انطلاق الثورات العربيّة، لا سيّما السوريّة، انفجرت ديناميّة من التفتّت تردّ على الديناميّة التي أطلقتها الثورات. فقد كان واضحاً أنّ نظام بشّار الأسد يسعى، عبر بطشه، إلى منع الثورة من أن تبقى سلميّة، أي الحؤول دون اندراجها في وجهة الثورات التي شقّتها أوروبا الوسطى والشرقيّة أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، وإبقاءها أقرب إلى النمط العنفيّ القديم للثورات.

هكذا وبالتضامن بين حرب دينيّة – مذهبيّة وحروب أمراء حرب كثر، لم تبق طائفة أو جماعة إثنيّة أو منطقة إلاّ وأفصحت عن وجودها بطرق كثيرة أبرزها العنف. وكان مدهشاً أنّ الفترة الفاصلة بين إنكار طوباويّ لوجود الطائفيّة والجهويّة وانقشاع الواقع المقيم تحت سطح الظاهر، تُعدّ بالأسابيع. وفي هذا كلّه، بدا ما يكفي لمناهضة الاستواء الوطنيّ المعوّل عليه أن يكون رافعةً لسلطة بديلة، ممّا تفترضه الثورات وتقود أحياناً إليه.

بلغة أخرى، تمكّنت ديناميّة التفتّت من أن تغلب ديناميّة الثورة والوحدة، لأسباب كثر التطرّق إليها، بينها ما يتعلّق بالاستبداد، وبينها ما يتعلّق بالتراكيب السوسيولوجيّة أو بالمقدّمات الثقافيّة المتينة التي لم تتعرّض لأيّ تحدٍّ.

وفضلاً عن تركيبة القوى السياسيّة – العسكريّة الفاعلة، والمترجّحة بين إسلاميّة قصوى وأخرى توصف بإسلام الاعتدال، تجلّى انهزام الثورة في مسألة الحرّية التي رفعها الثوّار الأوائل، لتنتهي الحال مع القوى الصاعدة توسيعاً لرقعة الاستبداد بمدّه إلى مجالات الضمير والإيمان والحياة الشخصيّة في أشدّ جوانبها حميميّة. ولم يعد مجال للشكّ في الفارق الضخم بين تقاطع المشروع الثوريّ مع السنّة، بوصفهم الأشدّ ألماً والأكثر راديكاليّة في المشرق الراهن، وبين كون المشروع الثوريّ، إذا جاز اعتباره كذلك، مشروعاً سنّيّاً راديكاليّاً يسكنه البرم بكلّ آخر، حتّى لو كان سنّياً عربيّاً موصوفاً بالعلمانيّة.

وأهم مما عداه، أنّ الإطار الوطني للنزاع اضمحلّ تماماً: فبشّار الأسد لم تبدُ عليه الحماسة لأن يتكبّد الأكلاف التي يرتّبها ضمّ ما يتجاوز «سورية المفيدة»، فيما «داعش» معنيّ بالخلافة التي تجمع سورية والعراق تمهيداً لضمّ بلاد الإسلام الواسعة. وبدورهم، لا يسع الأكراد، فيما كلّ جماعة مستغرقة في ذاتها، إلاّ أن يفكّروا في إطار كرديّ يرون من داخله واقعهم ومستقبلهم. أمّا الوجه الآخر للعملة، فيجسّده انكفاء الصراعات على محاور لا حصر لها، يصعب الربط بين قوى أحدها وقوى المحور الآخر.

واليوم، نجدنا أمام وضع يمكن معه أن تسقط سلطة الأسد في أيّة لحظة، إلاّ أنّ أحداً لن يكون مؤهّلاً لالتقاط السلطة. وقد تنشأ هزيمة مؤكّدة في جانبٍ من دون أن يكون هناك منتصرون في الجانب الآخر، اللهمّ إلاّ بضع جماعات محلّية متناثرة وبضع قوى إقليميّة لن يكون من الوارد إفضاؤها إلى أيّ مشروع «وطنيّ» سوريّ.

وهذا معناه دم كثير، بطبيعة الحال، لكنّه دم سيبقى مجبولاً بكذب كثير مداره قضايا متوهّمة، وكلام معاد للمرّة المليون حول الأوطان والقضايا والثورات مع رشّة من ملح فلسطين فوق الأطباق الافتراضيّة.

اقرأ المزيد
١٦ يونيو ٢٠١٥
"رش الرز" سياسة داعش ضد المناطق المحررة

تشير الخريطة التي يسير عليها داعش في خطى ثابتة ، واضحة ، مدروسة ، و المتمثلة بأن يكون لـ"الخلافة" السيطرة الكاملة على منابع الطاقة و الثروة ، وكما قال لي أي أحد مؤيدي "الخلافة" يجب أن نسيطر على "أراضي الرز لنستطيع التحكم بالرش" ، وعملية الرش هذه تخضع لفتاوي الشرعيين ، الذين لهم شؤونهم و أهوائهم ، و طبعاً لا يدخل في الحسبان أي جانب إنساني ، و إنما تلعب "المصالحة" الدور الأبرز.

مع دخول حرب داعش على المناطق المحررة في ريف حلب اسبوعها الثالث طفت إلى السطح أصعب أزمة إنسانية تشهدها تلك المناطق و إمتدادت إلى جبال اللاذقية ، نظراً لإتخاذ داعش سياسة إيقاف "رش الرز" ، و المعاقبة بكيفية الرش و لى من و متى سيتم التوقف أو معاودة الضخ ، عشرات المخابز توقفت ، والمشافي باتت قاب قوسين أو أدنى من التوقف ، فلا مصادر للطاقة باتت موجودة ، والموت بحصار من نوع لا يتقنه إلا كل "مصلحي" أو "عنصري" أو "طائفي" أو أي شخص لا يفهم لغة الخلاف و لو كان شكلياً.

"رش الرز" سياسة لا نعرف على أي مبدأ تعتمد ، أو اي مقياس يحكمها ، فأيقاف "رش الرز" لا يكون إلا ضد المناطق المحررة ، و إيقاف "رش الرز" لا يكون إلا مع الثوار ، و إيقاف "رش الرز" لم يكن إلا ضد المدنيين ، كما يحدث في دير الزور الذي تم اتخاذ قرار بإيقاف "رش الرز" في حين مطار ديرالزور العسكري يتمتع بالرز و يستخدمه في التحليق و القصف .

في جغرافية مصادر الطاقة في سوريا ، لم يبقى لدى نظام الأسد إلا الفتات القليل جديداً و اللهم إلا حقل "جزل" للغاز في ريف حمص ، بينما تم إخراج كل المصادر الأخرى من يده لصالح داعش وبات يتربع على عرش الطاقة في سوريا ، و لكن رغم هذا التربع لم يتأثر النظام و مناطقه كثيراً كما هو الحال في المناطق المحررة ، فمازال مركباته تسير و عنفاته تدور و مولدات الكهرباء تعمل ، و لو إنخفضت لكنها لم تتوقف و لا يتوقع أن تقف فهنا إيقاف "رش الرز" لا مكان له ، فالعراب الذي يبرم الصفقات بين الجانبين "النظام – داعش" يملك مفاتيح شرعي داعش الذين يروا أن المصلحة موجودة مع العدو الوهمي بينما هو منفية مع العدو الفعلي "الثوار و المناطق المحررة".

اقرأ المزيد
١٦ يونيو ٢٠١٥
من أجل نزع فتيل الفتنة العربية الكردية

يزداد التوتر في شمال شرقي الجزيرة السورية بين العرب والكرد في سياق الحرب الضارية التي يتواجه فيها نظام الأسد والمعارضة السورية وقوات الحماية الكردية وداعش. وتتضارب الآراء حول نوايا بعض التنظيمات الكردية القومية في إبعاد العرب والتركمان وغيرهم عن قراهم وبلداتهم من أجل تحقيق التواصل بين البلدات ذات الكثافة الكردية وخلق منطقة كردية متجانسة.

ليس هناك بعد أي تقارير أو تحقيقات جدية تثبت وجود هذه السياسة. لكن حتى لو وجدت لدى بعض التنظيمات، فلا يعني ذلك اتهام الكرد الذين هم ضحية التهجير منذ عقود، ولا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك. فالحرب الضارية في المناطق الشمالية مثلما هي في كل مناطق سورية كافية بذاتها لدفع الناس إلى ترك مناطقهم والرحيل إلى أي بر أمان. ونحن نتحدث عن ملايين اللاجئين السوريين.

وبدل صب الزيت على النار وتهييج المشاعر القومية لدى الأطراف مما لا يمكن إلا أن يخدم الأسد وداعش على حد سواء ويهدد مستقبل سورية ووحدة الشعب السوري، لا بد أن يقوم من لديه القدرة والوسيلة لوصل ما انقطع بين الاطراف، وتبديد الشكوك وإصلاح العلاقات، وهم كثر بين الكرد والعرب على حد سواء.

وأفضل سبيل لتحقيق ذلك هو تاكيد جميع القوى المقاتلة، عربية وكردية، إسلامية ووطنية، التزامها بالمحافظة على حقوق الناس، وعدم التفريط بها بأي ذرائع كانت، قومية أو دينية أو مذهبية، وضمان حقهم في الرجوع إليها واستعادتها.

لا أمل بإعادة الحياة لسورية المتعددة والمتنوعة وإنقاذ السوريين من المخاوف والشكوك التي تفاقم من بؤسهم ومحنتهم من دون الاعتراف بحقوق الأفراد وضمان احترامها، بما فيها حقوقهم الجماعية في الحفاظ على بيئتهم الوطنية والثقافية. هذا كان الحافز لتضامن جميع السوريين مع الشعب الكردي في سورية والعراق وتركيا وايران ضد أنظمتهم القمعية نفسها واعتراف جميع أطياف المعارضة السورية، بما فيها القومية، بالحقوق الجماعية والفردية للكرد السوريين. وهذا هو مضمون الخيار الديمقراطي السوري، وما يميزه عن خيار المتشددين الدينيين والقوميين الذين لا يرون في المختلف سوى عقبة تقف أمام سيطرتهم الشاملة واستبدادهم.

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠١٥
لماذا لا ينهون جحيم سورية!

 من جديد ينبغي تكرار هذه المعلومة الأولى القائلة أن لا نهاية لفظائع «الربيع» المنكوب في مختلف جبهاته المستمرة إلا بإطفاء البركان السوري. هذا لا يعني أن سوريا، دولتها، أو بعض منظماته هي الفاعلة في كوارث الجحيم العربي الراهن. بل لأن لهذا الجحيم ثمة مركزية ما مستوطنة في هذا البلد. فما دامت كل فظائع المهالك غير المسبوقة في تاريخ الشر المحض قد ارتكبت نماذجها ما بين جحامل الهمجيات الفالتة في هذا البلد، فأمثالها وأشباهها تنتشر وتتجاوز كل حدود في أقاليم المنطقة كلها.
يدرك هذه الحقيقة السيد أوباما الذي أحبط كل حل عسكري، ثم سياسي، كان ممكناً لإغلاق الاتون السوري. فهو لا يفتأ يكرر عدم امتلاكه لاستراتيجية تقضي على داعش. لا يريد لها أن تزول كما لا يريد لسوريا أن تستعيد سلامها.. ذلك أن أبواب الجحيم لم تفتح جميعها بعد. فلا تزال هناك مهمات كبرى أخرى بانتظار أن تصلها الشرارات المتفجرة.
في خزائن عشرات من مراكز الأبحاث الأمريكية مصنّفاتٌ مكدّسة من سيناريوهات التغيير لكليانات العالم العربي. إنها مكتبة الامبريالية العالمية، متخمةً بمشاريع الانقلابات البنيوية لمختلف أقطار العرب، وفي مقدمتها تبرز الدول النفطية. هنالك شبه إجماع (عقائدي) يتبناه أهم كتاب هذه السيناريوهات. وينطلق من اعتبار أن دول النفط ليست كيانات سياسية. وما يحكمها ليس سوى إدارات صدفوية وموقتة. فهي فاقدة ركائزها البنيوية. وقد قامت على عجل ما بعد نمط العيش الصحراوي من دون التمكن الواقعي من إنشاء مؤسسات دولة مدنية لمجتمع يريد أن يصبح متمدناً حقاً.
مئات من صنوف الدراسات المستقبلية المؤلَّفة والموضوعة من قبل «خبراء» الاستراتيجيات الدولية المكرَّسة لاستكمال هيمنة الامبريالية العظمى، بانتظار حكم العالم دفعة واحدة. والكثير من هذه الوثائق تنصب على نوعية مستقبل العرب والإسلام، من خلال الأديان والعقائد والمنظمات وأشكال الحكومات التي ستضبط شعوب وأمم هذا النمط الخاص من البشر.
مراكز الأبحاث المتناثرة ما بين الجامعات الأمريكية والدوائر الدبلوماسية والمعاهد الخاصة، أعمالها شبه علنية، ومحصولها «العلمي» متوفر لطلابه في مراكزه المعروفة. وإذا كان المحور العربي والإسلامي يشغل حيزاً رئيسياً في معظمها، فذلك أمر طبيعي نظراً لبالغ الأهمية التي توليها أمريكا الدولة لقضايا الشرق العربي ومؤسساته الدولتية والمجتمعية.. فالمتابعة المعرفية والمعلوماتية الدقيقة لمختلف أحداثه ووقائع حياته اليومية جماعياً وفئوياً وحتى فردياً، هي التي توفر المواد الأولية لبناء خطط التعامل. وإنجاز القرارات التي تعتمدها دوائر الدولة ذات العلاقات الخارجية بعالم ما وراء المحيطات. إذ أن ثقافة الهيمنة الأمبريالية اعتمدت دائماً على عناصرها الثلاثة: وهي العقل والمال والجغرافية السياسية والاقتصادية. وهي العناصر المؤسسة لمختلف عوامل التقدم أو التخلف في العصر الراهن. وإن فهمها يتطلب ملاحقة شمولية لتطوراتها واكتشاف علاقاتها المضطردة فيما بينها. فالسياسة المعرفية هي أهم ما تميزت به ثقافة الهيمنة العصرية. وقد يفسر ذلك نجاحاتها الكبرى، بالأخص منذ الحرب العالمية الثانية. لكن سجل الانتصارات محفوف كذلك بسجل آخر مكتوم في معظمه، ويخص خانة الانهزام وفواجعه المسكوت عنها. غير أن مراكز الأبحاث التي لا تُقرّ بأية هزيمة نهائية إلا أنها لا تعفّ عن درس وقائع الفشل. فما بين مناورات التعليل والتسويغ قد تبرز مكامن الأخطاء وتنكشف الأسباب والنتائج. وحــين تتعلم الهيمنةُ من بعض أخطائها فإنها تضاعف من عنفها. وتحسّن من خططها وأدواتها، تجنباً لمواجهة ما لا يمكن إصلاحه في المستقبل.
نقول هذا ونحن نعتقد أن قضايانا العربية كانت الفريسةَ المفضلة لمغامرات الهيمنة الأمبريالية. بل يمكن الجزم أن ما من قضية مصيرية إلا و تكون فيها الهيمنة هي الخصم الأقوى والأفعل، وبما يتجاوز القوى المحلية المضادة؛ أي أن العوامل الخارجية ، والمصطلح على تسميتها بالدولية من استعمار واستغلال وسواهما، قد تكون غالباً هي صاحبة مخططاته وهي راعية تنفيذها، وهي المستفيدة الأولى من وقائعها ونتائجها.
نقول هذا لا لنثبت ما هو شائع ومعروف عن تسلط الهيمنة الأمبريالية على معظم الحدث العربي والإقليمي. بل لكي نقول بالفم الملآن. ودون الخشية من تهمة الانصياع لأسطرة «المؤامرة» أن الربيع العربي الذي يفخر بعض ثوارنا أنه كان مفاجأة للأجنبي وليس الوطني وحده، فهو جاء مفاجأةً لأصحاب الهيمنة أنفسهم، إذ رأوا فيه فرصة سعيدة نادرة لفتح كل أبواب المنطقة أمام كل متدخل. فمن يمكنه اليوم أن يمارس أية تمييزات قاطعة ما بين عوامل الداخل وعوامل الخارج في سوريا والعراق أولاً، وفي الأقطار الأخرى.
علينا الاعتراف أن ربيعنا العربي متساقط بين أحابيل كل الشبهات التي يمكنها أن تقلب أغلب راياته البيضاء إلى الأعلام السوداء الداكنة. أعظم التحديات الحقيقية لرصيده الثوري هو الفوز بنظام سلمي حقيقي لثورة واحدة ناجحة نسبياً. مثل هذا التحدي (الخارق؟) تعمل على تأجيله كل يوم نكسةٌ تليها نكسة أخرى في هذا القطر أو ذاك.
يتفق مراقبون غربيون كثيرون أن نكبة المشرق لم تعد من قضايا الثورة والتحرر، باتت كرة نارية طائشة توزع جحافلها الحمراء وتقذفها إلى كل مكان، وتنتج كل شياطين العنف لما قبل التاريخي. هنالك نوع من الطيش الجحيمي تغذيه أدنى الغرائز الحيوانية المعجونة بأحقاد غيبية دهرية..
ثقافة الهيمنة لم تعد في حاجة إلى «المؤامرات». أمسى ضحايا المؤامرة هم أبطال مخططيها ومنفذيها. لقد انتهى عصر الأحزاب وشعاراتها وطقوسها. فالبراكين الصاخبة تفجرها صخورها النارية عينها. هي التي تتولى الإعلان عن ثوراتها، وهي التي تخمدها وتبدّد نيرانها. والجميع يترقب البراكين الأخرى القادمة. لا أحد يتصور سيناريو مسبقاً سلفاً لإنهاء جحيم واحد ما.
لماذا لا يريد أوباما إغلاق المجزرة السورية، لأن عصر الأرض العربية المحروقة (كلياً) لم تكتمل مراحله بعد.
فما زالت هناك براكين أخرى كثيرة يمكن وصفها أنها لم تزل عذراء لم تخترقها فوهات الجحيم من صميم صخرها شبه المستكين، حتى اللحظة. ذلك أن ســــوريا دأبت أن تقدم أمثلة الفظائع جميعها في أفجع رموزها المطلقة، كل انفجار (ثوروي) في قطر آخر يصـــير أشبه بحاصل تحصيل عادي. لا بد إذن من استمرارية المختبر القياسي الأعلى حتى تبدو لواحق الثوريات الآتية غداً أشبه بنتائج تطبيقات فرعية عن نماذجها الكبرى في بلادنا الشامية الجميلة..

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠١٥
الجميع يدفعنا لتقبيل خاتم "الخلافة" ..!؟

في كل مرة نحزم أمتعتنا بعيداًعن الخلافة و نقرر الجلوس في الطرف المعادي لها و محاربتها بكل ما أوتينا من قوة بشكل يتناسب مع بقية الأعداء ، يظهر شيء جديد أو وباء جديد إن صح التعبير لكي نعود من جديد و نضع "الخلافة" بفكرنا و نقرر أن نختارها بين الرمضاء و النار التي دائماً نوضع فيها .

اليوم مع تمدد القوات الكردية و استحواذها على مناطق شاسعة كانت تحت سلطان الخلافة ، و عمليات التهجير المنظم و الممنهج للعرب و التركمان ، و ابعادهم خارج أراضيهم إلى تركيا كخطوة أولية ، نجد أننا اليوم أمام خيار جديد و تحدٍ من نوع آخر ، ألا وهو بين "الخلافة" التي تقتل كل من يخالفها بالممارسات الدينية ، و بين القوات الكردية التي ترفض كل من يخالفها بالإنتماء القومي ، و كل من يحمل جينات لا تناسبهم .

وهاهو الخيار يعود من جديد بعد أن مررنا في السنة الماضية التي كان فيها  الوضع أن نكون بين"الخلافة" أو الأسد ، خيار بين الحقد و القتل الأعمى بينهما ، و في الغالب نجد أنفسنا بشكل لا شعوري نلجأ إلى الخيار الأبعد و الأقل قتلاً ألا وهو "الخلافة" .

و تفس الأمر يتكرر حينما نوضع في ظروف لنختار بين "الخلافة" و المليشيات الشيعية المتنوعة ، فتجدنا كذلك نختار خير الشريرن أو اهونهما أو على الاقل أبعدهما شراً في الوقت الراهن .

هذه العملية تجمعنا نوقن ان الجميع يدفعك صوب "الخلافة" و لتقبل خاتمها ، و القبول بأن تكون أحد رعيتها ، حفاظاً على حياتك بشكل مؤقت .

فالتطرف لا يواجه إلا بالتطرف ، و التعصب يحتاج لتعصب ، و التشدد لابد من تشدد يواجه ، فالأسد هو وجه للتطرف و إيران للتشدد و القوات الكردي و حلم الدولة المستقل يكون في سياق التعصب ، أما "الخلافة" فهو الوجه الكامل للأطراف الثلاثة ، و لا يمكن أن نواجههم جميعاً إلا باللجوء إليها .

ليس دعوة لـ"الخلافة" و إنما استهزاء من العالم الذي يخطط و ينفذ مخططاته بدقة على حساب وجودنا و حياتنا و يدفعنا لمزيد من التشرد و الضياع ، و كل ما مطلوب منا ، إما أن نتحول لبيدق بيده أو نكون أعداء له .

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠١٥
محطة حوران.. التحدّي الكبير لثورة سورية


ما كان ممكنًا أن يكون توقيت المجزرة التي ارتكبها عناصر من «جبهة النصرة» في قرية قلب لوزة بجبل السمّاق (الجبل الأعلى) في شمال محافظة إدلب أسوأ بالنسبة لمآلات الثورة السورية ومضامينها السياسية.
هنا، أنا لا أتكلم عن حجم المأساة، لأن سوريا شهدت منذ مارس (آذار) 2011 مجازر أكبر وأفظع. ولا يجوز الإفراط في التركيز على «الأقلية» التي تعرّضت للمجزرة، بينما ارتكب أضعاف أضعافها بحق «الأكثرية» طيلة السنوات الأربع الأخيرة.
ليس من الإنسانية في شيء تناسي حقيقة ساطعة، بقدر ما هي مؤلمة، هي أن ثمة قيادات في سوريا توهّمت أن بمقدورها الهروب إلى الأمام من أخطاء حساباتها وسوء فعالها، فاختارت تكرارًا أن تغطي كل جريمة ترتكبها بجريمة أكبر. وهكذا، بنتيجة الدعم الخارجي والتواطؤ الدولي، بلغنا المأساة الفظيعة التي نعيش.
إن الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق نحو 25 من أبناء قلب لوزة «جزء من كل»، ونموذج من نماذج انهيار الدولة – وفق المفهوم السياسي للدولة – من دون توافر البديل الناضج الثوري لها. لكن لماذا ما حدث في قلب لوزة كان مفجعًا، وكان التوقيت سيئًا، بل كارثيًا؟
الجواب هو أن المجزرة ارتكبت قبل ساعات معدودات من بدء ثوار الجنوب السوري معركة تحرير مطار الثعلة العسكري. وكما أن سكان قلب لوزة، ومعها 16 قرية أخرى مجاورة في الريف الشمالي لمحافظة إدلب، من الموحّدين الدروز، فإن بلدة الثعلة المتاخمة للمطار تشكل البوابة الغربية لمحافظة السويداء، التي يعيش فيها أكبر تجمّع للدروز في العالم.
لقد عاش الموحّدون في جبل السمّاق وسفوحه الجنوبية الشرقية منذ نحو ألف سنة حافظوا خلالها على أفضل العلاقات مع إخوانهم وجيرانهم. وعندما قامت «ثورة الشمال السوري» في مطلع العشرينيات ضد الفرنسيين كان البيت الذي لجأت إليه عائلة المناضل إبراهيم هنانو، بطل الثورة الكبير، بيت الوجيه الدرزي محمد علي القصّاب في قرية مرتحوان. ثم عندما اندلعت الثورة الحالية عام 2011 وقفت القرى الدرزية في الشمال السوري مع الثورة، فأمنت الملاجئ والأغذية واعتنت بالجرحى والمصابين.
أما في الجنوب، في محافظة السويداء، فإن سكانها كانوا وما زالوا منذ 400 سنة جزءا من نسيج حوران، ولا حاجة لتوثيق الحقب التاريخية فهي معروفة لكل من قرأ تاريخ سوريا المعاصر، سواء إبان الثورات الوطنية ضد الانتداب الفرنسي، أو المشاركة في الحركات الوطنية والأحزاب والقوى القومية في فترة ما قبل انحرافها وتشوّهها.
للأسف الشديد، يجب الإقرار بأن نظام الأسد نجح في عدد من الرهانات القاتلة في طريقه لتدمير سوريا، وكان أفظعها وأقساها الإفراط في القمع الدموي وإطالة أمده لتدمير أي اعتدال عند الأكثرية السنيّة. ومن ثم، بعد تغليب خطاب الغضب والشك والانتقام في الشارع السنّي الجريح، باشر ابتزاز الأقليات الدينية والمذهبية بهذا الغضب فحشرها أمام خيارين مريرين: إما القبول بحماية نظام هو في حقيقة الأمر يحتمي بها، أو مواجهة خطر التطرّف الانتقامي. وفي سبيل زيادة فرص طغيان التطرّف، أقدم النظام بالفعل على فتح أبواب السجون مفرجًا عن عدد كبير من الحَركيين الذين يعرف جيدًا تاريخهم السياسي والعنفي. وفي وقت لاحق، غضّ النظر عن تنامي الجماعات المتطرفة وتمدّدها، وعلى رأسها «داعش»، كما فعل في الرقّة وريف حلب وتدمر وريف دمشق الجنوبي.
وحقًا، قال أحد دمى النظام السوري في لبنان، أخيرًا، ما معناه أنه عندما ظهر «الجيش السوري الحر» قرّر النظام العمل على إضعافه عبر ترك التنظيمات الإرهابية المتطرفة تنمو في البلاد عمدًا، وهكذا تقضي على هذا «الجيش»، فيجد السوريون أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما: أما النظام أو التطرف الإرهابي.
دعم إيران وروسيا المباشر، ثم تواطؤ الولايات المتحدة، أهديا النظام هامش مناورة ممتازًا. بل لقد أدى إحجام واشنطن عن العمل جديًا على إسقاط النظام، برفضها تكرارًا تقديم أي دعم نوعي للمعارضة، إلى توقف الانشقاقات في صفوف الجيش والطبقة السياسية، وإحباط نسبة عالية من أبناء الأقليات ودفعها إلى السكوت والتزام الحياد.
وفي هذه الأثناء، كان توافد الجماعات المتطرّفة «المهاجرة» من غير السوريين – وأحيانًا من غير العرب – على الساحة السورية يغيّر شيئًا فشيئًا طبيعة الثورة، ويقضي تدريجيًا على هدفها الأساسي. كذلك أخذ الإحباط والضيق يتسلل إلى أفئدة مناضلي الثورة الذين خذلهم المجتمع الدولي، وعاقبهم على اعتدالهم وسعيهم إلى سوريا حرّة ومستقلة وديمقراطية، تعيش فيها كل مكوّناتها بحرية وكرامة وعدالة.
في أي ظرف طبيعي، لا بد من تحرير مطاري الثعلة وخلخلة العسكريين في محافظة السويداء، مع العلم أن النظام لم يفعّل المطارين إلا لقصف الثوار وتدمير قرى حوران وريف القنيطرة. غير أن ربط بعض السذّج والمشبوهين بين تحرير مطارين عسكريين و«دخول السويداء»، بما يستبطن التأديب والمساءلة بعد ساعات مما حدث في قلب لوزة، كان ربطًا خاطئًا.
وبسرعة البرق استغل النظام الفرصة. وبعد أيام من محاولته سحب الأسلحة الثقيلة لتسهيل اقتحام «داعش» للسويداء عقابًا على رفض 27 ألف من شبابها الخدمة العسكرية والقتال ضد إخوانهم، «تحمّس» النظام فجأة لتدعيم المطار.
ما سيحدث في حوران سيحدد مآل الثورة السورية. إن أبناء السويداء، والدروز في كل مكان لا يراهنون، على بشار الأسد ولا على داعميه، لكن مصلحة الدروز وكل مكوّنات سوريا، أكثرية وأقليات، تكمن في استعادة الثورة السورية هدفها السياسي، وإبعاد مَن يريد تصنيف السوريين والتسابق لمنحهم شهادات في الإيمان والوطنية.
إذا كان العالم قد أشاح بوجهه حتى اليوم عن معاناة سوريا قبل أن تسقط تحت قبضة التطرّف، فكيف لنا توقّع سكوته عنها وهي بؤرة للتطرف؟
وإذا كنا اليوم نناشد العالم كله التنبه لمأساة الروهينغيا المسلمين في ميانمار (بورما)، فكيف نقف صامتين إزاء القضاء على الثقة بوطن واحد في سوريا يسمو على الطوائف والمذاهب والعشائر؟

اقرأ المزيد
١٥ يونيو ٢٠١٥
ما العمل في سوريا!

و كيف سيُترجم العمل ومتى سينفّذ وعلى يد من؟، ينتظر الشعب السوري الذي يواجه أكبر كارثة إنسانية في القرن الواحد والعشرين أجوبةً لأسئلةٍ، يخلقها واقعه المشلول الذي يستوجب حلّا جذريا لإنهاء صراعٍ يتفاقم شره في كل يوم، ويشتد هوله في جميع المناطق السورية كافة. في الوقت نفسه، نقرأ مقالات صحفية يومية معارضة عديدة منذ مطلع عام 2015 تحمل عناوين ومانشيتات، على سبيل المثال، الأسد يتساقط، البعث أيامه قليلة، إنه ينهار..إلخ. وتحمل هذه القراءات التحليلية غالبا علاقة طفولية في التعاطي مع الواقع، مع العلم أن الصحف الموالية أيضاً، وفي كل يوم، تروّج بطولات قوات النظام وميليشياته، ولم نشهد أي بادرة حقيقية من كلا الطرفين، للتراجع وتخفيف المأساة السورية.

يمكننا، وبنظرة متفحصة يقينية، أن نثبت أن الاشتباكات بين الفرق المتقاتلة تزداد دموية ووحشية، لم تعرف لها الأرض مثيلا، من الجنوب السوري، حيث يعمل نظام الأسد جاهداً على إحداث فتنة بين حوران والسويداء، نتيجة امتناع نسبة كبيرة من أهل الجبل أن يلتحق شبابهم بالجيش السوري، فإذا نجح في هذا فقد يؤول الأمر إلى مجزرة كبرى، يفقد الأبرياء فيها أرواحهم، وتجعل الجنوب السوري يعيش حالة من القلق الشديد والرعب الكثيف. أما الشمال السوري فيشهد أمطارا في وسط شهر يونيو/ حزيران، فالبراميل المتفجرة التي تمطر بغزارة على أحياء حلب السكنية التي تسببت، وفقا لمنظمة العفو الدولية، بحصد أرواح ثلاثة آلاف مدني في حلب، السنة الماضية، وأكثر من 11 ألف مدني في سورية، منذ 2012، هذه البراميل المتفجرة التي اعتاد أن يرميها الأسد على أطفال شعبه، وأدمن عليها، ترسم للجيل المقبل لوحة ميتة لمستقبل مريض.

أن تقتل أحداً بقصد، يعطيك ذلك شعوراً بأنك حي وموجود في هذا العالم. يبدو أن داعش وجبهة النصرة وميليشات حزب الله وقوات الاحتلال الإيراني باتوا ينظرون إلى الوضع السوري من هذا المنظار، بالإضافة إلى المنظور الأيديولوجي الذي يستولي على فكرهم المسلمات والمسبقات الأيدولوجية التي يسعون إلى إثبات صحتها في الواقع، والمنظور الطائفي أو المذهبي، وهو القتل الذي يستند على خلفية مذهبية، أو موقف طائفي، وداخل هذه الدوامة الكبيرة من القتل والذبح والدم تكون دائما الأهداف السورية النبيلة غائبة.

المعارضة السورية التي لم نعد نعرف من تعارض!، فأصبح لديها دكتوراه في المؤتمرات، وصارت تهرول وتشارك في جلها، الائتلافية والإقليمية والدولية والتحالفية والتنسيقية، لكنها لم تقدم أي مقترح جدي ومتوازن، لمرحلة انتقالية تنهي المعاناة في سورية.

يقول إلياس مرقص: "الدبلوماسية هي فن الكذب"، وأكثر كلمة اختلط فيها الكذب بالكذب، لا بالصدق، هي السياسة، وأكثر إنسان تجرّد من إنسانيته، في أسمى معانيها، وهو الإحساس بالصدق، هو السياسي، فمعظم التصريحات الدولية التي تطربنا بها أميركا وأوروبا تحتوي شيئا من الكذب والتلفيق، فهي ليست ذات مصداقية عالية كما يصفها بعضهم، إنما تحتاج إلى إثبات حقائق وصحة ما يقال في الإعلام الغربي، بخصوص الملف السوري.

القدرة على خلق حل صائب وحقيقي للفاجعة في سورية ليس أمراً سهلاً، لكن، في الوقت نفسه، ليس مستحيلا أن يُتفق على تسوية سياسية تنقذ سورية من الهلاك، تكون جملة من القرارات الصائبة والضرورية. ولتنفيذ هذا الحل، لابد من مسوغات وعوامل وآليات تساعد على التنفيذ، فكل المؤتمرات التي انعقدت من أجل الملف السوري، بما فيها جنيف، كانت تدور حول قضايا جزئية، ولم تغوص في جوهر المشكلة، لإعطاء حلول واضحة، فإن الحل السياسي يجب أن يعالج حالة تصادم المصالح الدولية في سورية، والوصول بها نحو التوازن الإقليمي والدولي، من أجل ولادة دولة سورية ديمقراطية لا يكون للاستبداد مكان فيها، وتعلو فيها مبادئ الحرية والمواطنة والقانون فوق أي شيء آخر

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)