٢٣ يونيو ٢٠١٥
كشفت معارك تل أبيض وما تلاها من رفع علم حزب العمال الكردستاني ورفع علم الثورة السورية على استحياء، إضافة لاستبدال اسم المدينة، وإطلاق اسم كردي وغير ذلك من عمليات التهجير التي تعرضت لها القرى العربية، والتركمانية أن الساحة السورية لم تعد ساحة لتصفية الحسابات بين دول الإقليم فحسب، بل باتت سورية هدفا لمشروع استعماري خطير كان سببا رئيسا في بقاء الأسد على فراش الموت حيا حتى الوقت الراهن.
بدت تتكشف الحقائق التي من أجلها منعت القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة سقوط الأسد، لأن سقوط الأسد قبل هذه الفترة سيمكن الثوار الأحرار الإمساك بزمام الأمور والحفاظ على وحدة سورية، ورسم مستقبلها وفق ما يطمح له السوريون.
لا يختلف حال سورية اليوم عن حال الدولة العثمانية التي كانت أواخر عهدها نهبا لذئاب الاستعمار الغربي التي نهشت جسدها المريض فرسمت حدود سايكس بيكو، وأعطيت فلسطين عبر وعد بلفور هدية من التاج البريطاني للصهاينة، واليوم يجري الأمر ذاته على مستوى المنطقة العربية عموما بالانقلاب على الثورة المصرية ونصب المشانق للأحرار، وتسليم البلاد لشرذمة حاقدة تعتبر إسرائيل صديقا استراتيجيا، وحماس وحركات المقاومة تنظيمات إرهابية. ناهيك عن الانقلاب على الثورة اليمنية، ودعم الدولة العميقة في تونس، وخلق فتنة في ليبيا.
ولكن يبقى وعد بلفور الجديد ومشروع التقسيم أخطر ملمح استعماري، فلم يكتف المجتمع الدولي في ظل عجز وصمت عربي مثير للشكوك بتقسيم سورية طائفيا وعرقيا عبر تفتيت النسيج الاجتماعي وحرف الثورة عن مسارها الطبيعي، إذ تشير التطورات الأخيرة لنية واضحة بإعادة تقسيم سورية على نحو قريب من التقسيم الذي حاول الاستعمار الفرنسي فرضه بداية احتلاله لسورية، ولكن هذه المرة بيد السوريين.
ويضاف لهذا التقسيم وعد بلفور بنسخته الأمريكية للكرد والمتمثل بمحاولة إنشاء دويلة كردية تشمل شمال العراق وسورية، واتخذت أمريكا من الحرب على تنظيم الدولة الظلامي غطاء ومبررا لكل الإجراءات المساعدة لبروز هذه الدولة، فتعرض المحيط العربي السني والتركماني لحملة تهجير ممنهجة بوطأة أخف من تلك التي تعرض لها الفلسطينيون على يد عصابات الهاغانا لضرورات يتطلبها مشاركة العرب بالتحالف وحضارة القرن الحادي والعشرين.
ولا يخفى على أحد أن حزب العمال الكردستاني يفوق داعش في ظلاميته وإجرامه فضلا عن نهجه الإقصائي المتطرف الحاقد، ومما يؤكد المخاوف مدى التنسيق الرفيع بين التحالف الدولي (الأمريكي) وبين القوات الكردية على الأرض، فتقدم الولايات المتحدة غطاء جويا مكثفا لتحقيق تقدم كردي مترافق مع حملات تهجير، وممارسات لا تدع مجالا للنية الحسنة.
لا يغيب عن البال هنا العلاقات الإسرائيلية الكردية الجيدة التي تكاد تصل مستقبلا لعلاقات إستراتيجية علنية بعد أن تصل الدولة الكردية لموطئ قدم على البحر المتوسط، فإسرائيل تضغط على أمريكا لمنع سقوط الأسد بالوقت الراهن، وتقدم دعما لوجستيا للكرد في مشروعهم فضلا عن السماح للإسرائيليين المشاركة مع القوات الكردية على مستوى الأفراد، ولا نعلم إذا ما كان هناك دعما آخر على مستوى الدولة.
ينبغي على الولايات المتحدة لو كانت صادقة في حربها على تنظيم الدولة لكان عليها إزالة الأسباب التي برزت لبروز التنظيم بداية، لا العمل على تعزيز عوامل بقاء التنظيم من خلال الحرص على بقاء الأسد، ودعم الكرد في عمليات تهجير العرب السنة، ودعم المليشيات الشيعية الطائفية في العراق.
وقد بددت الولايات المتحدة الشكوك من خلال بيان التحالف الذي نص على أن ضربات التحالف تستهدف استئصال التنظيم في العراق، وإضعافه في سورية، إذ لا تريد الولايات المتحدة إنهاء تنظيم الدولة في سورية بل بقاءه ضعيفا لتبرير الدولة الكردية، ولإضعاف الدولة السورية المستقبلية كي لا تقوى على الوقوف بوجه وعد بلفور الأسود.
تسعى أمريكا من خلال الدولة الجديدة السيطرة على ثروات هائلة في الشمال العراقي والجزيرة السورية، ثروة تمكنها من إبقاء السيطرة على عجلة الاقتصاد العالمي، ناهيك عن بناء دولة صديقة لإسرائيل تتكفل بتحقيق أمنها المستقبلي، وهنا لم تعد إسرائيل دولة طارئة على المنطقة فلها مثيل ولو على درجة مختلفة فاليهود حققوا حلما إمتد عمره لآلاف السنين شأنهم شأن الكرد الذين يدعون أن هذه أرض معادهم.
وستكون هذه الدولة الجديدة في حال رؤيتها للنور عدا كونها مبررا لوجود إسرائيل ورقة ضغط بيد الولايات المتحدة تهدد بها دول الشرق الأوسط مجتمعة، وبؤرة توتر دائمة تستنزف الدولة السورية المستقبلية، وبذلك يتحقق الأمن الإسرائيلي عبر دول ضعيفة أو أنظمة موالية في المحيط.
ومما يؤسف له أن المشروع الأمريكي يجري بموافقة ومشاركة عربية مخزية، وسيكتب التاريخ أن تحالفا وضع لمواجهة الإرهاب ظاهريا بينما مهد عمليا لوعد بلفور.
وعليه ينبغي على العرب ألا ينجروا وراء مزاعم أمريكا وأن تكون تل أبيض إنذارا يعيدهم لرشدهم، ويقوموا بخطوات عملية حقيقية على الأرض تمكن السوريين من بناء سورية الموحدة والقضاء على الإرهاب الظلامي والمشروع الانفصالي الأشد ظلاما وخطرا.
٢٣ يونيو ٢٠١٥
بدأ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) اتباع استراتيجية جديدة في توسيع دولته المعلنة على حساب جغرافية سورية والعراق معاً، بعد سيطرته على مدينة تدمر الأثرية والرمادي العراقية، ورفع الحدود بين البلدين، حيث بات يفكر جدياً في الدخول إلى عاصمتين، هما دمشق وبغداد، معتمداً على الحديقة الخلفية من حكومتيهما، عبر تنسيق وتعاون بينهما في صفقات تسليم واستلام المواقع العسكرية مع أسلحتها إلى تنظيم الدولة، كما حصل سابقاً في الموصل، إحدى أكبر المدن العراقية، وكذلك في سورية، ما حدث في الفرقة 17 في مدينة الرقة (شرق) بما فيها مطار الطبقة العسكري واللواء 93 مدرعات في بلدة عين عيسى شمالي الرقة، وآخرها مدينة تدمر.
كانت الخطة واضحةً من النظام السوري في تسليم مدينة مع سجنها الذي يعد من أسوأ السجون في المنطقة العربية، بهدف طمس معالم الاستبداد التي قام بها النظام السوري على مر أربعة عقود بحق معتقلي الرأي. وعلى ما يبدو، غيّر تنظيم الدولة من تكتيكه في تجنب ضربات التحالف الدولي، كما حصل في مدينة كوباني الكردية في شمال البلاد، بانسحابه من عدة مناطق في محافظة الحسكة، منها جبل عبد العزيز من دون مقاومة تذكر. وما يحصل الآن في مدينة تل أبيض في شمال البلاد أيضاً، في ظل انسحابه من معظم المناطق الحدودية، حيث خسر تنظيم الدولة أهم منطقة استراتيجية، بما فيها بوابة تل أبيض الحدودية مع تركيا الجارة.
هنا السؤال الذي يطرح نفسه: هل بدأ العد التنازلي حيال تقلص دور تنظيم الدولة في الجزء الشمالي من سورية، بعدما فقد عدة مواقع وبوابات حدودية تشد الخناق على ولاية الرقة الواقعة تحت سيطرته، أم أن تنظيم الدولة سيتجه نحو المدن الداخلية، ليصل إلى مناطق العلويين في الساحل السوري، وإنشاء منفذ البحري ليكمل أركان دولته المعلنة تحت راية الإسلام؟ وبالتالي، الحديث عن القضاء على تنظيم الدولة مرهون بمصالح الدول الإقليمية، وعندما تطرح الولايات المتحدة الأميركية بنوداً عن برنامج تدريب عناصرٍ من مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة، لمواجهة خطر تنظيم الدولة من دون التطرق إلى تنحي بشار الأسد، وغض النظر عن جرائمه اليومية بحق السوريين من البراميل المتفجرة فوق رؤوس الأطفال والنساء وكبار السن وتدمير المدن والبلدات السورية.
تضعنا كل هذه الأمور أمام سيناريوهات عدّة، منها أن المنطقة مقبلة على تغيرات جديدة، لا تقف عند حدود سورية، وإنما ستدخل إلى العمق اللبناني، عبر حزب الله اللبناني. وفي المحصلة، نجد أن كل الدول التي تدعي محاربة تنظيم الدولة والقضاء علية تندرج في خانة المصالح الاقتصادية على توسيع رقعة الحرب في سورية والعراق. وبالتالي، لن يتم القضاء على تنظيم الدولة إلا بقطع رأس الأفعى، المتمثل بهرم النظام السوري، بشار الأسد، وكذلك أقطاب من الحكومة العراقية التي تدعم تنظيم الدولة بطريقة عير مباشرة. وعلى سبيل المثال، حوّلت الحكومة العراقية الأموال إلى مدينة الموصل، وهي تحت سيطرة تنظيم الدولة.
وقد يعني ما سبق أنه لا بد من إسقاط الحكومة العراقية وبشار الأسد لتكون نهاية "داعش" مع سقوطهما، قبل أن تصبح كل من دمشق وبغداد عاصمةً للخلافة الداعشية! وتشير كل تقييمات الخبراء العسكريين والاستراتيجيين إلى اعتماد تنظيم الدولة أسلوب فتح جبهات جديدة في كل الاتجاهات من دون الاعتراف بالحدود بين الدول، وبات قربياً جداً من تحقيق أهدافه في بلاد الشام والعراق، وإعلان عاصمة له في نهاية الأمر، سيكون المفاجأة الأكبر، وجلاء الصورة متروك للأيام المقبلة
٢٣ يونيو ٢٠١٥
شهدت الأيام الماضية حالة من التقهقر الكبير الذي أصاب داعش في مقتل بعد الفورة التي شهدناها بعد ظهور البغدادي في كلمته الأخيرة ، فقفز بعدها داعش إلى تدمر و تمدد في ريف حلب و أعلن وصوله إلى القلمون و اكتسح الأنبار في العراق مقترباً من تحقيق التعليمات التي أعطاها البغدادي في خطابه.
و لكن الإنكسارات المتتالية التي مُني بها التنظيم في سوريا ، تدل على أحد الأمرين أن داعش قد تحرك "صحوة الموت" هذا بالنسبة للمشكيين في دوره و المعتبرين أنه لا يمت بصلة للعدو ، أو أنه دخل مرحلة الجد الحقيقي في تنفيذ كل ما طلب منه في سوريا و بات الوقت الحالي هو حصد للنتائج لسلسلة الأعمال التي قام بها.
ففي مواجهة القوات الكردية التي يدعمها جواً سلاح التحالف الدولي نجد التنظيم ينتقل إلى مواقعه الخلفية دون مقامة تذكر و العملية تسري وفق استلام و تسليم ، تل أبيض و من ثم اليوم تم الإنتهاء من سيطرته على اللواء 93 في ريف الرقة و باتت خلافته المركزية في سوريا مهددة بشكل فعلي .
أما في تدمر فبعد الفورة السريعة و السيطرة على كافة أرجائها و خصوصاً حقول الغاز و الطاقة ، و بات على بعد كلو مترات من حمص ، نجده اليوم يتراجع بشكل مريب أمام من أدعى أنه سحقهم في ضربة خاطفة (قوات الأسد) .
أما على جبهة مواجهاته مع الثوار في ريف حلب ، فهو ثابت و متمسك بمواقعه و يعمل على الإمتداد و لاتراجع أو ساتسلام إنما الموت للثوار ، الهروب أما البقية .
التطورات الدراماتيكية لداعش تجعل القادم يحمل في طياته فكرة انسلاخ أول جزء من سوريا عنها ، ألأ وهو "روج آفا" أو كردستان سوريا ، و لم يبق إلا "جرابلس" التي تفصل عن تحقيق هذا الأمر ، التي بدأ الحديث عنها بشكل جدي ، و توقع مراقبون أن سقوطها بيد القوات الكردية مسألة وقت ، ريثما يتم ترتيب الأوراق جيداً .
٢٣ يونيو ٢٠١٥
لم يكن بالنسبة لي غريباً أو مفاجئاً أو صادماً فيديو يُعذب فيه طفل صغير بهذه الوحشية ..
فهذا الفتى عُذب مثله آلاف الأطفال ..
قتل مثله آلاف الأطفال .. والفتيان .. والنساء ..
وذلك منذ أن استلم العلوية الجيش في سوريا ..
ومنذ أن استلم البعثيون في سوريا ..
لم يكن فيديو قرية البيضا في بانياس إلا أمر بدهي ، وكان بالنسبة لي البحث في حقيقته ومصداقيته كالبحث في حقيقة الشمس ..
..
هؤلاء ليسوا إلا وحوش بفطرتهم ..
بتربيتهم ..
بأخلاقهم ..
كان قيام الثورة ليس فقط واجباً وطنياً أو أخلاقياً ..
بل هو واجب إنساني ..
إنساني لكل البشرية جمعاء ..
لسنا فقط نحن من يرى أن الحياة مستحيلة مع العلوية في وطن واحد ..
البشرية كلها تقول ذلك ..
..
ليست المشكلة في وحشية العلوية
ولا إجرام العلوية
ولا دناءة الجيش العربي السوري وحقارته ..
ولا إجرام كل جنوده وضباطه بدءاً من الطباخ أو الحاجب وانتهاءاً بالطيار .. أو رامي البراميل ..
المشكلة أننا نأكل الصفعة تلو الصفعة ولا نعي ..!
نُضرب على قفانا ، ونبتسم في وجه الضارب : سامحنا ..
تشرق الشمس كل رابعة نهار على جرائم طائفية من قبل #الشيعة أو العلوية ..
على مجازر ..
على اغتصابات ..
على قتل جماعي ..
على تعذيب حتى الموت ..
ونتساءل عن ذلك المعارض الفريد الوحيد الذي ينتمي لهم لنجد مبرراً لهم نَخلُصُ من خلاله لنتيجة :
إنها حالات فردية ، والتعميم من العمى ...!!!
لعله هو العمى الذي أصابنا ..
عمينا عم مجازر العلوية
وعمينا عن مجازر الشيعة
وعن اغتصاب النساء
وحرق الشباب
ودفن الأحياء ..
واليوم الدروز الذين يتخبطون بين موالاة الأسد ، ومعاداة الشعب السوري
يغوصون في جريمة جديد بقتل مصاب سوري أسعفه الصهاينة إلى مشفى إسرائيلي ..!!
وهم قبل أيام كانت التطمينات تنهال عليهم بالجملة من قبل كلّ من هبّ ودبّ ..!
بدءاً من المجلس الإسلامي السوري ، وانتهاءاً بـ جبهة النصرة التي أقرت أعينهم ببيان ، ودية ، ومحاسبة ، وصلحة ..!!
لم يحلم بذلك أحد في سوريا .. ولن يحلم ..
فهذه التطمينات حكر للأقليات ..
..
ومع ذلك لم يتوانوا عن مد يد الأذى ، وقتل الجريح متى سنحت لهم الفرصة ..
..
وكذلك ما حدث في سجن رومية
أو ما يحدث من تطهير في مناطق الأكراد
أو تطهير وإبادة طائفية في العراق
إنَّ هَذا الطفل الذي ضُرب بيدٍ وحشيّة ، تحت سمع العالم وبصره،
وعلى مرأى منا ..
يجب ألا نستغرب من علوي أن يفعل ذلك
ولا نستغرب من طفل مسلم أن يُفعل به ذلك ..
فلن يكون هنالك أقسى مما تعرض له ( حمزة الخطيب) و ( ثامر الشرعي) أو ( زينب الحصني) ..
فإن لم نستيقظ ونكن على قدر الحدث ..
((فستبقى الأكثرية تُحكم من قبل الأقلية))
وتبقى ((الأمة)) ملطشة للـ ((طوائف)) ..
ونصبح ، حتى وحوش الغاب ، تستغرب من حماقتنا وجهلنا ..!!!
٢١ يونيو ٢٠١٥
تسريب تسجيلين لتعذيب معتقلين اسلاميين في لبنان على أيدي قوى الأمن هناك ، فجر حالة من السخط و الشجب و استدعت الإستنفار لدى الأوساط السياسيين من الطائفة السنية للبحث في امور التعقيب وراء المرتكبين و تحويلهم للقضاء ، و لكن السؤال ماذا عن تعذيب المعتقلين السوريين لدى السلطات اللبنانية عموماً ، و لدى المخابرات العسكرية الخاضعة لسيطرة حزب الله بشكل كامل ؟؟
فمع استعار الحملة ضد مخيمات اللاجئين السوريين (خيم – بشر) ارتفع عدد المعتقلين السوريين لما يزيد عن 3000 آلاف معتقل ، غيبتهم السجون اللبنانية الضيقة على أهل البلد لكنها كانت رحبة للمستضعفين ، و باتت الزنازين تحوي العشرات الذي يحملون صفة لصيقة "الإرهاب" ، إلى حد وصل إلى اعتبار المليون و نصف من السوريين المتواجدين في لبنان بفعل حرب الأسد و داعمه حزب الله ، إلى "إرهابيين" مالم يثبت العكس.
مئات و تصل للآلاف حالات التعذيب التي تعرض لها السوريين على أيدي ما تسمى شكلاً بالدولة اللبنانية و فعلاً على أيدي جلادي حزب الله الذي اخذ على عاتقه ملاحقة السوريين في كل مكان و الحاق أكبر ضرر ممكن بكرامتهم و حياتهم ، كعقوبة على الإنتفاض في وجه ولي الأمر بشار الأسد .
في معتقلات لبنان قصص و حكايا لمعتقلين سوريين ، قد تكون مايجري الحديث عنه في سجن رومية ، شيء لا يسستحق الذكر ، إضافة لتحويل المعتقلين إلى سلعة تبادل على جثث قتلاه هنا و هناك ، و استخدامهم كأكياس تفرغ الحقد و الكره نتيجة ما فقده الحزب من عناصر في حربه ضد الشعب السوري.
المعتقلين اللبنانيين المعذبين وجدوا من يدافع عنهم و لو بعد حين ، فماذا عن المعتقلين السوريين في سجون السلطات اللبنانية ، الذين نُسيوا في المعتقلات و تم التغاضي على الإجحاف و الإحتقار الذي لاقوه و يلاقوه ، كون من يُعذب هو السلطة ذاتها في سوريا ، أما المعارضة فلا حول و لاقوة لها ، أقسى ما يمكن أن تفعله هو بيان شجب صدر لمرة واحدة ، و قد تلق بناء عليه بعض التوبيخ من الكثيرين لأنه إنتقد سلطات لبنان و جيشها .
في لبنان يوجد مليون و نص سوري يتعرضون للتعذيب المادي و المعنوي ، و هم بحاجة لمن يزود عنهم .
٢٠ يونيو ٢٠١٥
كنا قد تحدثنا في قسمنا الأول عن الثوابت التي أعلنها مجلس قيادة الثورة العشوائية وغير المنتظمة في التراتبية والأولوية وذلك لأن هذا الوليد الخَدج لم يخرج من الحاضنة بعد ولادته فما زال يعاني من اليرقان والاصفرار وما زال مضطرب النمو و هو بحاجة لدم وقلب جديد ينعشه ويخرجه من حالته الراهنة وهذا الدم متوافر بكثرة لكن أهله لا يبحثون عنه بل هم يفتشون عن القديم المهترئ ذو الصمامات المغلقة والتي هي بالأصل تحتاج لإنعاش .
ففي القاعدة العامة لأي مؤتمر يتم تنظيمه يكون هناك خطوط عريضة تُبحث وجدول أعمال جدي يُعمل به وورش عمل تنطلق قبل تنظيمه حتى يتم إقرارها والأخذ بها وإحصاءات ودراسات تَناقش لكن مجلس قيادة الثورة نسي كل شيء فهو يريد أن يحضر الناس على عجل فمؤتمر الرياض على الأبواب و لا بد من تسمية المدعوين لهناك أو لينبه القائمين عليه أننا هنا لا تنسونا بالله عليكم فنحن أهل الثورة وجاهزون للتوقيع على ما تريدون لكن يجب أن نحضر فقد نحصل على العطايا .
و في خلال عقد المؤتمر تم وضع استبيان من سبعة عشر بنداً وهي تكرار للثوابت التي وضعوها وتم أخذ رأي الحاضرين من خلال ورقة وزعت تحمل هذه البنود ولكن المفاجأة التي ستذهل السوريين الشرفاء الأحرار بين إجابات الحاضرين و التي أستغرب فعلاً أنهم مدعوون لمجلس قيادة الثورة وحتى من أنهم ثوريون بالمطلق .
جاء البند رقم ثلاثة عشر في الاستبيان كالتالي :
لا حل سياسي في سوريا ما لم تتوقف كل أشكال القتل والترويع والقصف بالصواريخ والبراميل المتفجرة .
صّوت لهذا البند 198 صوت بنعم و 5 بلا و7 امتنع عن التصويت ، هؤلاء الأشخاص الذين صوتوا بلا أو امتنعوا عن التصويت أسألكم بالله أنتم مع الثورة أم مع الأسد وعصابته ، أسأل ضمائركم إن كنتم تحملونها تطلبون حل سياسياً وبراميل الأسد ما زالت تحصد الأرواح جيئة وذهابا ، توافقون على الحل السياسي وهو يزرع الدمار ويقطف الطفولة ، ما أنتم سوى
جاء البند رقم خمسة عشر في الاستبيان كالتالي :
التفاوض مع النظام المجرم يكون على تسليم السلطة .
صّوت لهذا البند 173 بنعم و 16 بلا و11 امتنعوا عن التصويت . أعود أقول للممتنعين و للرافضين ماذا تريدون بالضبط هل تؤيدون العمل العسكري البحت وسحق الأسد وعصابته بالقوة إذا كنتم تريدون ذلك فعليكم بالموافقة على وحدة العمل العسكري و توحيد الفصائل فلماذا صّوت البعض بالامتناع عن بند التوحيد رقم واحد وأن التوحد هو الضامن لأي حل سياسي . أعتقد أنكم حضرتم لتفشلوا مؤتمراً بالأصل هو هزيل البنية ضعيف الهوية .
جاء بالبند السادس عشر كالتالي :
محاكمة النظام المجرم بكافة أركانه على جرائمه بحق الشعب السوري أمام محكمة سورية خاصة واسترداد ما نهبوه من ثروات .
صّوت بالموافقة 200 وبلا 2 وامتنع 8 عن التصويت ، حقيقة مستغرب موقفكم ورأيكم هذا إن كنتم ثوريون حقاً فماذا تريدون ؟
هل ترغبون بالعفو عنهم أم ماذا ؟ أم تخافون أن تشملكم المحاكمة ، ما هو مطلب الشعب السوري الحر الثائر على الطغيان أليس سيادة العدل والحكم بالميزان وعودة الحق لأصحابه أم لكم رأي أخر ؟ .
حقيقة أثبت هذا المجلس أنه عبارة عن هلام غير قادر على الثبات إن لم يبادر أعضاؤه و منظموه على الإستعانة بالخبرات واستقطاب أهل الثقة و الوطنية الحقة وليست المكتسبة فلن تكون له قائمة ولن يكون جسداً يحمل روح الثورة .
فثورة كالثورة السورية عظيمة بكل ما تحمل الكلمة من معانِ حري أن يكون لها جسدُ له أركانه ويتمتع بالحيوية والاستقلالية والديناميكية يعبر عن مكنوناتها الجبارة وتضحيات أبنائها الكثيرة .
٢٠ يونيو ٢٠١٥
الدراسة التي نشرتها قبل أيام المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قرعت جرس إنذار في العالم باستثناء لبنان على رغم أنه البلد الاكثر استضافة للاجئين في العالم قياسا على عدد سكانه ومساحته. ففي هذه الدراسة يتبيّن أن عدد اللاجئين في العالم بلغ في نهاية عام 2014 نحو ستين مليون لاجئ. أما ما يعنينا مباشرة في هذه الدراسة فقولها أن"الصراع الدائر في سوريا منذ 4 أعوام، أدى الى لجوء 3 ملايين و880 ألف شخص في نهاية 2014 الى الدول المجاورة في الشرق الاوسط، كما أدى الى نزوح 7 ملايين و600 ألف داخل الاراضي السورية... إن واحداً من أصل 5 نازحين في العالم هو سوري الجنسية".
التحذير تلو التحذير الذي يطلقه وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس المعني مباشرة، وآخره الذي ورد في التقرير الذي رفعه الوزير الى الرئيس تمام سلام ضاع في زحمة الكلام على تلبية مطالب العماد ميشال عون المدعومة من "حزب الله" في شأن التعيينات الامنية كشرط لمعاودة مجلس الوزراء جلساته. والنقطة الاساسية في تقرير الوزير درباس تتناول تنسيق الجهود مع الاردن من أجل إيجاد مناطق آمنة يعود اليها اللاجئون السوريون الموجودون في لبنان (البالغ عددهم مليون ونصف مليون لاجئ) والموجودون في الاردن على السواء. فهل ما يقترحه الوزير درباس ضرباً من الخيال؟
تبعاً للأولويات التي يفرضها "حزب الله" على لبنان، يبدو اقتراح وزير الشؤون الاجتماعية خياليا فعلا، ومثله مقترحات وزير الداخلية نهاد المشنوق التي تردد أنه طرحها مجدداً على "حزب الله" لمعالجة وضع عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين في بلدة عرسال وحدها وتقضي بإنشاء مخيمات لهؤلاء اللاجئين في مناطق جديدة في الداخل اللبناني. والسبب هو أن هذا الحزب لا يريد أن يسمع اليوم كلمة "لاجئ" تبعد الاهتمام عن كلمة "تكفيري" المقدسة عنده.
يروي أفراد تمكنوا من الوصول الى الاراضي السورية عبر الحدود مع الهرمل أنهم شاهدوا دماراً هائلا في الممتلكات في مناطق واسعة انطلاقا من مدينة القصيّر التي شنّ عليها الحزب حربا في مثل هذه الايام قبل عاميْن أدت الى تهجير سكانها بالكامل فاستقر بضعة آلاف منهم في جرود عرسال والقلمون حاملين السلاح وصاروا يحملون وفق توصيف الحزب لقب "تكفيريين". وبحسب روايات هؤلاء الشهود لم يبق من المنازل القائمة سوى تلك التي يقطنها مسيحيون سوريون والذين رفعوا فوقها رايات الحزب الصفراء للدلالة على هوية سكانها فرضتها القوة المسيطرة على المنطقة. إن تدمير هذا العدد الهائل من الابنية ينطوي على قرار عدم السماح لسكانها بالعودة اليها كي يتحقق، كما يشاع، مشروع الدويلة الايرانية التي يقطنها العلويون وسائر الاقليات الموالية.
لا يبدو أن هناك أفقاً لعودة اللاجئين السوريين الى ديارهم قريبا في ظل هذا المخطط من التطهير العرقي. ولن يكون بعيدا اليوم الذي سنسمع فيه كلمة "تكفيري" تطلق على كل لاجئ.
٢٠ يونيو ٢٠١٥
"روج أفا" Rojava هي ترجمة حرفية لكلمة غرب كردستان، حيث يطلق على الجزء الكردستاني الواقع في سوريا، "روج أفا" بقية هذا الكلمة حبيسة الكتمان و تم التعامل معها من خلال مصطلحات عدة و تشكيلات عدة كـ حماية الشعب الكردية "YPG" التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي "PYD" ، و تداول مصطلح "روج أفا" كان يعني التعجل المضر و الغير حميد و بالتالي تهديد المشروع ككل أو على الأقل محاصرته و تصعيب الأمر أكثر فأكثر.
و لكن كان المشروع يسير بهدوء و اغماض الأعين عنه و تغميضها ، من قبل المجتمع الدولي ، الذي ساهم عبر التحالف ضد داعش بمد يد العون للفصائل الكردية بغية تحقيق انتصارات و تقدم على الأرض بعد افتعال حرب عين عرب "كوباني" ، التي كانت شرارة البداية.
التقدم الذي تم مساندته بقوة من التحالف الدولي رافقه عملية مدروسة للوصول إلى "روج أفا" تدريجياً ، من خلال حملات التهجير لكل مكون غير كردي (عرب – تركمان – آشورين ....) ، اليد كانت داعش بدخولها في مناطق المراد الوصول إليها ، و الرعاية أمريكية ، و التنفيذ قوات كردية مطعمة ببعض العناصر "الجيش الحر" ، لتكتمل الفصول للوصول إلى "روج أفا".
و عملت القوات الكردية إلى جانب التهجير على تبديل أسماء المدن و القرى و منحها الصبغة الكردية ، و جعل الأسماء الجديدة هي الصحيحة و ما دونها عبارة عن حقبة "استعمارية عربية" قد تم إنهائها .
"روج أفا" مصطلح ظهر للعلن و بقوة و بات متواجد في كل التفاصيل ، و كشف النقاب عنه ، مع سقوط منطقة تل أبيض بيد القوات الكردية ، سقوطٌ كان مدروس بلا قصف تحالف و لا تدمير ، و إنما إنسحاب و إستلام و تهجير ، و تغير الإسم إلى "كري سبي" ، و بات التكلم أو الحديث غير الممجد عن "روج أفا" هو بمثابة طعن بالقضية الكردية و دليل على عدم النضوج الإنساني بأحقية هذه القومية بأن يكون لها دولة خاصة بها .
اليوم ظهور الخريطة المبدئية لـ"روج أفا" يعتبر إعلان رسمياً عن وصول الفكرة إلى مرحلة متقدمة في التنفيذ ، و أن لا يوجد شيء سيمنع ذلك .
و لكن في المقابل يوجد من يربك المشهد و يقد مضجعه ، خارجي و المتمثل بتركيا التي تقود حملة حالية من خلال اجتماعات داخليه أمنية و عسكرية ، و خارجية بمشاركة الناتو بمخاوفها ، و بالنسبة للمشاكل الداخلية التي ستواجهها "روج أفا" في سوريا هو الرفض العام من هذه الخطوة التي تهدف إلى أمور لطالما كانت خط أحمر ، و أعلنت غالبية الفصائل رفض هذا المشروع و محاربته ، و الذي سيهدد مناطق عديدة من الناحية الجغرافية و لا سيما في ريف حلب و قد تكون "جرابلس" النقطة القادمة ، ووصول إمدادات أمريكية للقوات الكردية لتحقيق هذا الخطوة ، و داعش تعمل حالياً في ريف حلب على التمهيد لدخول القوات الكردية و إنهاك أي معارض بضرب الفصائل الثورية و استزافها بحرب عبثية .
المدن الرئيسة التي تقع في "روج آفا" ، من الشرق إلى الغرب، هي: معبدة، رميلان، جوادية، قحطانية، قامشلي ، عامودا، الدرباسية، رأس العين، تل أبيض، عين العرب، وعفرين .
و يبقى هذا جزء من السلسلة التي تحتاج لحديث قادم ...
٢٠ يونيو ٢٠١٥
لطالما كان المهجر أو المنفى محطة مؤقتة، في معظم انشغالات المفكرين والأدباء العرب. ولذا، انطبعت معظم نتاجاتهم بطابع الحنين والتوق، بما في ذلك، من تشوق وذكرى وألم وفراق، ورفع الوطن المتروك أو الطارد إلى مصاف جنة الأحلام التي لا ينفكّون عن مناجاتها وتمني العودة إليها، ولو بعد الموت، كما عبر عنه الشاعر المهجري، نسيب عريضة، في قصيدة شهيرة له: هلْ عودةٌ تُرجى وقد فاتَ الظَّعنْ/ عُدْ بي إلى حمص ولو حشْو الكفنْ.
في تلك المرحلة، مثلت مدن الغرب مكاناً افتراضياً للهجرة والمغامرة والتجدد، على الرغم من أنها كانت تعاني أوضاعا متوترة، وثقافاتها مطعمة بالعنصرية والكراهية، بينما سياستها تصدّر الاستعمار، وتجلب اللاجئين يداً عاملة رخيصة من مختلف بلدان العالم الثالث. أما مدن الشرق فكانت خارج سياق تلك المقارنة. مثلاً، كان السياسيون والمثقفون السوريون الهاربون من الملاحقة في بلدهم يلجأون إلى بيروت، فيجدون فيها واحة من الأمان والحرية والانفتاح، وتنتشر منتدياتهم في مقاهي الحمراء والروشة والبسطة، إلى حين تغير الحال في دمشق، وينقلب الوضع، وما كان أسرعه بين فترة وأخرى. وذلك قبل عهد حافظ الأسد الذي سرعان ما استقر وتأبد، وامتد بطشه إلى لبنان، فافتقد السوريون واللبنانيون، معاً، ذلك الملجأ بما عرف عنه من أمان وحرية وانفتاح.
كذلك كانت القاهرة وتونس والجزائر وبغداد وغيرها، ففي هذه العواصم، ازدهرت منتديات اللاجئين العرب، وتطورت مساهماتهم الثقافية والسياسية، ومنها عاد بعضهم إلى قيادة المراحل الجديدة في بلده، وكان من أبرزهم قادة الثورة الجزائرية. لكن، منذ سيطرة الأنظمة الوطنية الجديدة، والعسكرية منها تحديداً، لم يعد مثل هذا الملجأ المؤقت متوفراً في العواصم والمدن العربية، فقد صارت كلها طاردة، لا ترحب باللاجئ العربي، وتحتاج إلى موافقة أمنية لزيارتها، بل لا تسمح أغلبها بدخول المثقفين والسياسيين، بل وتهددهم أيضاً. وذلك فضلا عن أن أوضاعها أصبحت لا تشجع ولا تغري، بالمقارنة مع ما صارت إليه أوضاع المدن الأوروبية التي استقرت اقتصادياً وسياسياً، وازدهرت في عصر العولمة، فشهدت انتشار ثقافة حقوق الإنسان وسيادتها، وخصوصاً منها الاعتراف باللاجئين وحقوقهم.
"يبقى مفهوم الملجأ مشدوداً بين قطبي تعويض الملاذ الآمن والمنفى، مع استمرار رحلات الموت التي تواجه اللاجئين المهربين في البحر وعلى الحدود اللاشرعية، وبين أجواء مخيمات اللجوء الجماعية، طالما بقي اللجوء مهرباً لا مطلبا"
وليس المقصود بهذه المقارنة، الإلحاح على مكانة العامل السياسي طرداً أو جذباً على أهميته، وهي مسلم بها، بل عرض جانب آخر، أصبح ملحاً ومتجددا مع تفاقم الأعداد المليونية للاجئين السوريين وغيرهم، في ظل استطالة لجوئهم، واستمرار اضطراب أوضاع بلادهم. وهو جانب ارتبط ببروز سياسة جديدة في بلدان اللجوء، لا تسعى فقط إلى إدماج اللاجئين في مجتمعاتها، وحل مشكلات التوتر البديهي بين الثقافات المختلفة، بل هي تتقصد الانفتاح على اللاجئين، وعلى ثقافاتهم ومساهماتهم، انطلاقا من نظرة إيجابية للمنفى، تعبر عن كوسموبوليتية العالم، وتقول بعائديته لجميع بني البشر. وإذ تلجأ لتجسير الفوارق الثقافية فهي تعترف بالتنوع الثقافي، وتغتني به، كما هو شائع مجدداً.
وهو ما يذكّر بما قاله المفكر والأديب اللبناني المهجري (ميخائيل نعيمة) قبل حوالي قرن: "أنا شطر الإنسانية الساكت... ولذلك، لا وطن لي، ولو كان لي وطن، لتبرأتُ منه، لأن العالم في نظري واحد لا يتجزأ. وإذا كان لا بد من وطن، فهذا العالم الذي لا يتجزأ هو وطني".
بذلك، تتغير الدلالة السابقة للملجأ أو المنفى، فيصبح مكان تلاقح وتعدد وتفاعل إبداعي، يعطي أفقا إنسانياً ومعنى جديداً. وهذا ما أبرزه انعقاد الملتقى الدولي باريس/مكسيكو مدن الملجأ، أوائل يونيو/حزيران الجاري، وشاركت فيه بوصفي ضيفاً على بلدية باريس وشبكة مدن الهجرة للكتاب (ICORN)، وهما اللتان نظمتا الملتقى، بالمشاركة مع بلدية مكسيكو. انصبت جلسات هذا الملتقى على مناقشة المفاهيم والمعاني العديدة المرتبطة بفكرة المدينة المفتوحة أمام الكتاب والفنانين اللاجئين أو المهاجرين، الأمر الذي مثلته هاتان العاصمتان منذ قرون، وصارت ثقافتهما وتاريخهما مرتبطين بنتاجاتهم وإسهاماتهم، ما كرّس قيم التعددية الثقافية، وانفتاح المجتمع فيهما، إلى درجة أنه لم يعد ممكنا التمييز بين الطابعين العالمي والوطني أو المحلي لكل منهما. فمن يستطيع فصل نتاجات بيكاسو ودالي الاسبانيين، وكذلك موديلياني ويوجين أونسكو وسترافنسكي وآنا بافولوفا عن باريس. أو تروتسكي أو وماريا لويزا ومارجو ومحسن العمادي عن مكسيكو.
وقد احتفى الملتقى بمفهوم مدينة الملجأ الذي طالما عبرت عنه المدينتان/ العاصمتان، وكانتا من أهم ساحات تجليه منذ القرن العشرين. وبين جدران قاعة الاحتفالات الرئيسية الفاخرة في مبنى بلدية باريس، والمغطاة بلوحات عصر النهضة المحتفلة بالطبيعة والجمال الفاتن، انتصبت لوحات جدارية لبعض المذكورين أعلاه، من أبرز الفنانين والكتاب والمفكرين والسياسيين اللاجئين، أو المهاجرين الذين عرفتهم المدينتان، منذ بداية القرن الماضي. وخلال ندوات الملتقى وجلساته، نوقشت مفاهيم اللجوء والهجرة والإبعاد والنفي والغربة والرحيل، وما مثلته مدينة الملجأ المعاصرة من انفتاح على الثقافات المتعددة، وعلى تمازجها، فاغتنت به، واغتنى اللاجئون بدورهم معه.
وكل ما سبق لا ينفي وجاهة نظرات أخرى، تتجاوز تداعيات الحنين المرضي إلى نقد الثقافة الإنسانية الجديدة للملجأ، سواء كان ذلك باعتبارها منفى مضاعفا، يتم بواسطته تبرير نفي اللاجئين عن محيطهم وأقرانهم، وعن تعبيراتهم بلغتهم، أو موادهم الأصلية، وبدون ذلك يتشوه كل إبداع. أو سواء، باعتبار أن ثقافة الملجأ الجديدة، تمثل حلاً أخلاقياً لمواجهة تمزق العالم واضطرابه المستمرين، تحت ادعاءات وحدته العولمية الجديدة.
وبذلك، يبقى مفهوم الملجأ مشدوداً بين قطبي تعويض الملاذ الآمن والمنفى، مع استمرار رحلات الموت التي تواجه اللاجئين المهربين في البحر وعلى الحدود اللاشرعية، وبين أجواء مخيمات اللجوء الجماعية، طالما بقي اللجوء مهرباً لا مطلبا، على الرغم من كل الإغراء الجديد المكرس في فكرة الملجأ مجالاً حراً ومفتوحاً، أمام تفاعلات التعدد والإبداع.
١٩ يونيو ٢٠١٥
في بدايات القرن الماضي اتفق غربيا على تقسيم تركة الرجل المريض فكانت بريطانيا تعد العرب ببلاد الشام والخليج العربي في حال كانوا معها في محاربة الخلافة العثمانية آنذاك وبالفعل تم اقتطاع الشام والعراق وشبه الجزيرة العربية من الخلافة العثمانية لكن ليس ليد العرب وإنما ليد الانتداب الفرنسي والبريطاني .
توالت حركات التحرر المسلحة منها والسياسية حتى جلاء الفرنسي والبريطاني عن العراق وسورية ليتسلمها ابناء البلدين , والذي كانت تعصف فيه تيارات عروبية فاقعة , في ظل سبات شبه تام من الاكراد الذين كانوا موجودين في المنطقة الا ان التوجه العام لهم كان منصرفا الى التدين وطلب العلم الشرعي جاعلين أمر الوطنية او القومية الكردية خلف ظهورهم وهذا ما يفسر سقوطهم من حسابات راسم الحدود آنذاك .
الا أنهم وحتى خمسينيات القرن الماضي بدأت تضرب فيه تيارات داعية إلى اقامة دولة عرقية كردية على غرار الدولة التركية والدول العربية , وبدؤوا ينظرون إلى العرب أنهم من سلبهم حقهم وجاءت حقبة البعث العربي الذي أراد من الكردي أن يكون عربيا بل وعليه أيضا أن يعتز بعروبته , فكتم من الأكراد الكثير , والمكتوم مصطلح يعني عدم امتلاك الشخص لأي أوراق ثبوتية فلا يستطيع الدراسة ولا العمل ولا حتى السفر وقد حدثني بعض أصدقائي الأكراد انه لجأ إلى عمليات تزوير معقدة حتى يستطيع الذهاب الى الحج ,
في ظل هذه الحياة قوي التيار القومي الكردي وبدأ ينمو في السر بعيدا عن أنظار الحكومات التي رفضت الاستماع لأي مظلومية من الجانب الكردي ,
حتى لو دققت في أسماء العائلة الكردية لوجدت ما ألمحت إليه من ميل التوجه الكردي من التدين إلى التوجه القومي الكردي فتجد الشاب صاحب العشرين ربيعا اسمه كانيوار وهي تعني ( اين الوطن ) واسم أبيه حسين وهو ابن الستين واسم جده محمد وهو ابن المية عام والواقع ان حسين هو من سمى ابنه كانيوار ومحمد الجد هو من سمى ابنه حسين فهذا التوجه بد أ ينمو في منتصف القرن الماضي ويرون في سايكس بيكو انه اكل حقهم ويرون في الدين هو من ساهم في ابتعادهم عن تحقيق دولة كردية فنظروا النظرة العدائية الى الدين والى الجيران باعتبار الجميع ظلمهم ,
وفي الحقيقة من ظلمهم هو من يتحالفون معه الآن نعم انه حزب البعث ونظام الأسد الذين يرون فيه حليفا ويحافظون في القامشلي والحسكة على رموز ذلك النظام وقد كنت حاضرا في نيسان 2004 أحداث الأكراد وكيف طوقت الدبابات السورية مدينة القامشلي ولولا تدخل العقلاء لكانت أبيدت القامشلي في صبيحة اليوم التالي ,
نعم لقد نظر العرب الى القضية الكردية بعين العطف والألم على المظلومين الأكراد في حكم آل الأسد ولكن هذا لا يعني أبدا السماح للأكراد بتهجير العرب بحجة أنها أرضنا قبل مئات السنين ,
ان تحالف الأكراد مع الولايات المتحدة الأمريكية لا يعطيها الحق في طرد العرب من بلادهم فما تحويه الجزيرة السورية من الأكراد لا يزيد عن ثلث تلك المنطقة ,
إن اتباع الأكراد هذه السياسة سيدفن مشروعهم في مهده ومن غير المقبول في عصر العولمة قيام دولة قومية خالصة .
١٩ يونيو ٢٠١٥
تأتي زياره محمد بن سلمان لروسيا ولقائه المتوقع مع بوتين في إطار الاعداد المتعدد الاطراف لحقبة ما بعد الاسد في سورية، بعد أن انهارت قواته وأصبح هناك إجماع حول عدم قدرته على الاستمرار. وتنبع أهميتها أولا أنها جاءت بمبادرة روسية وثانيا لأنها تأتي بعد تسريبات متواصلة عن احتمال تغيير موسكو موقفها في الازمة السورية مقابل ضمان مصالحها الاستراتيجة وثالثا لأن نظام الأسد يواجه منذ أشهر مصاعب كبيرة وهو مهدد بالانهيار في أي وقت.
تسعى موسكو بعد إدراك الطريق المسدود الذي وصلت إليه سياسة الأسد التي دعمتها خلال السنين الخمس الماضية إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ورسم خط دفاع ثان للنظام بعد أن انهار خط الدفاع الأول القائم على التمسك بالأسد كتجسيد للشرعية الدولية بوصفه "رئيسا" منتخبا. وتأمل أن تجد لدى ولي ولي العهد السعودي أذنا صاغية لمخاوفها وتصوراتها ومصالحها مقابل دعم المملكة والضغط على طهران في اليمن وغيرها. باختصار ضمن العملية العامة لإعادة تقييم الوضع السوري تحاول موسكو بالتفاوض مع المملكة السعودية أن تعيد تعريف المصالح الاستراتيجية التي تستطيع أن تنتزعها بضمانة السعودية على حساب الشعب السوري.
تعلم السوريون في السنوات الماضية أن لا يضعوا ثقتهم في الروس وأن يشككوا في كل خططهم ومبادراتهم أو مناوراتهم. فقد كانت جميعها بهدف خنق الثورة، أي ثورة من دون استثناء، و الالتفاف على مطالب الشعب السوري وتجريده من تطلعاته الأكثر من مشروعة نحو الحرية ووضع حد للانتهاكات الصارخة لحقوق الأفراد والجماعات. رهاننا على قوة الموقف السعودي وتماسكه وثقتنا بإدراك السعوديين والخليجيين عموما بأن معركة السوريين ضد الطاعون الفاشي والسياسة الامبرطورية الطائفية لطهران هي أيضا معركة الخليج وأمنه واستقراره ومستقبله. ونحن لا نبيع هنا شعارات. سورية مستهدفة لتتحول إلى منصة ايرانية خامنئية للهجوم على الخليج واحتوائه ووضعه تحت السيطرة والنفوذ الايرانيين.
نحن نتطلع إلى أن يحمل الأمير محمد بن سلمان إلى بوتين والقادة الروس معاناة السوريين في هذا الشهر الفضيل، وتقدير العرب لأي جهد يقوم به الروس من أجل وضع حد للمجازر اليومية في بلدنا ولأزمة العلاقات الأقليمية التي فجرتها العدوانية الايرانية والتي تهدد المنطقة بأكملها ومن ورائها روسيا بالفوضى وزعزعة الاستقرار.
١٨ يونيو ٢٠١٥
أعلم أن ما سأكتبه سيكون مجالاً للهجوم علي وانتقادي بكل الطرق لكن كلمة الحق أولى أن تُسمع وطريق الصواب الأفضل أن يُتَبع . فرغم مرور فترة على إنشائه ووضع بنائه غير المكتمل إلا أنه لم يعبر حقيقة عما أنشئ من أجله حمل اسم كبير فضفاض لكنه قليل المردود ضعيف الهيكل لم يستطع تشكيل بنيته التنظيمية ولم يتمكن من إيضاح رؤيته السياسية فظل متخبطاً تارة هنا وتارة هناك .
إنه مجلس قيادة الثورة المنبثق من مبادرة واعتصموا فهذا المجلس لم يقنع حتى نفسه ولم يستطع التحلي بالاسم الذي يحمله ففي كل الثورات يكون مجلس قيادة الثورة هو الهم والاهتمام وهو العباءة التي ينضوي الجميع تحتها و هو القادر على فرض رؤاه وأجندته الوطنية إلا عندنا ، هذا المجلس ولد بالأصل وهو يحمل التناقضات في بنيته العسكرية وصرحنا بهذا كثيراً فقد كانت هناك خلافات عميقة بين مكوناته وصلت لحد الاتهامات والاقتتال لكن البعض قال لنا انتظروا فالجميع سيلتزم ببنود المجلس فتأملنا خيراً وتم تعيين المستشار قيس الشيخ رئيساً له وهو رجل محبوب أمين توافقي وبدأ الرجل بالعمل لكن مشيئة الله أقعدته بالمستشفى وتوقف هذا المجلس عن العمل لكن فصائله الثورية كانت تعمل منفصلة . دون قيادة جماعية ودون غرف عمليات منتظمة . فلا قرارات تنظم عمله ولا هيئة عسكرية تضبط تحركاته ولا هيئة سياسية تطرح ثوابته وأفكاره فكان جسداً هلامياً غير مترابط الأعضاء .
ولكن هناك في الأجواء ما يتطلب أن يبدأ العمل فمؤتمر الرياض على الأبواب فكان لا بد من الدعوة لاجتماع ما فتم تحديد الموعد لكن هذا الموعد حوصر بمؤتمرين مؤتمر القاهرة ومؤتمر عمان الذي حاول الخوجة عقده مع العسكريين . وتم دعوة شخصيات أصبح المواطن السوري مشمئز منها لأسباب متعددة فكانت سقطة المجلس كبيرة في هذه .
المهم أن مجلس قيادة الثورة في مؤتمره وضع ثوابت للثورة السورية هي من البديهيات لكن ترتيبها وتسلسلها عشوائي غير منتظم وهو دليل على العشوائية في العمل وعدم إدراك لأهمية التنظيم في الأولويات واستخدام تعابير متناقضة وغير مناسبة في ثورة شعبية وقد جاء في أول هذه الثوابت :
– استقلالية القرار السوري ورفض الإملاءات الخارجية.
وكان من المفترض أن يكون أول هذه الثوابت هو التذكير والتأكيد على إسقاط العصابة المافيوية الأسدية لا أن يكون هذا الأمر في المرتبة الثالثة بسلم الثوابت.
- محاكمة أفراد النظام ممن ارتكبوا جرائم أمام محاكم خاصة سورية . وقد أتى هذا البند قبل العمل على تشكيل قضاء مستقل ومحاكم سورية خاصة بند 11
- محاربة قوات النظام والمحتل الإيراني وحزب الله والميليشيات الأخرى هي أولوية للثورة لكنها جاءت بالبند 13
واستخدام كلمة محاربة تأتي في غير مكانها فهي تعبير عن تساوي بالقوى والأسلحة وتوافر جيوش منظمة بين الطرفين , فكان لا بد من استخدام تعبير يعبر بشكل صحيح عن الواقع كأن يكون مثال ( الدفاع عن الشعب – رد عدوان العصابة – حماية الشعب).
- إرساء قيم مشتركة تحظى بإجماع وطني تنتهي بموجبها كافة مخلفات النظام الفاسد.
لا بأس لكن ما هي تلك القيم المشتركة وهل هناك تلاقي بين مكونات الشعب السوري حول هذه القيم أم أن هناك شعور لدى الغالبية أنها منتهكة وغير مجمع عليها في ظل الفرز الطائفي الكبير.
هذا غيض من فيض بحيث أن هذا المولود مازال في الحاضنة ينتظر الرعاية الدقيقة والعناية الفائقة وربما بعد نجاح الثورة يكون قد خرج من الحاضنة وأصبح قابلاً للحياة.