
معركة دمشق الممتنع غير السهل ...
تتخذ المعارك التي تدور شمالاً و جنوباً ، شرقاً و غرباً ، محور واحد و هدف باتجاه موحد ، وهو دمشق ، و أي خسارة يعني الإبتعاد عن القضية المركزية ، و أي إنتصار مهما كان بعيداً يعني أن القضية باتت في حكم "القضية المقضية" ، و أي خيانة أو تقصير ، تأخر أو تباطئ يعني أن أنك تلعب بمصير البلاد و العباد ، وكأنها قضية من نوع "السهل الممتنع" و إن كان الوصف المثالي لها "الممتنع غير السهل" .
قبل سنوات وُضعت ثمانية خطط لإقتحام دمشق و إنهاء حكم الأسد في عقر دار الحكم و مركز قوته ، و ليس بسر أن الخطط الثمان لم يتوافر في أي واحدة منهم الأسباب التي تجعل معركة دمشق قاب قوسين أو أدنى مننا ، فالخط الأساسي لخمسة خطط يتمثل بمدينة التل التي تقع في أول سلسلة القلمون التي لم تتمكن من بناء سدها القوي و خطوط الإمداد اللازمة ، و تكللت باسترجاع النظام لغالبية النقاط في باقي المدن الخلفية و كذلك الجرود ، أما باقي الخطط فتعتمد على جنوب دمشق المحصن بفرق دفاعية حصينة ، تحتاج لإنهيارات في درعا و القنيطرة بشكل كامل حتى يتم تجاوزها ، و أخيراً عن طريق الغوطة التي تقع في حصار لا يمكّنها من الإقدام على الإنتحار وحدها .
والحقيقة أن الخطط جميعها تصب في قالب الإقتحام من الخارج لا من الإنفجار من الداخل ، و هذا ما يوضح كثير من النقاط التي أبرزها الإنجرار صوب التخون و الإتهام لهذا أو ذلك ، و اعتباره سبب في تأخير النصر و تأجيل الإنهاء و إطالة أمد الموت .
اليوم دمشق تحولت لثكنة عسكرية تحتاج لقوة هائلة حتى يتمكن من اقتحامها مع مساعدة من "الطابور الخامس" ، بالمعنى العسكري الإيجابي لصالح القوات المهاجمة لزرع البللة و خللة صفوف المدافعين ، مع وجود طريقة أخرى تتمثل بإنهيار داخلي نتيجة ضربات متنوعة و موزعة يتعرض لها الأسد في الشمال و الجنوب و المناطق الشرقية (الساحلية) ، مع بعض المناكفات و الضربات من المناطق القريبة بالعاصمة ، كضرب مراكز القرار ابتداء من القصر الرئاسي و إنتهاء بالإذاعة و التلفزيون.
قد أُتهم بأني أدافع عن هذا أو ذاك ، و لكن نحن بحاجة لقراءة الواقع كما هو و التحضر لكل السيناريوهات ، و تبقى الفرضية الأقوى أن الإنهيار سيتم بفعل الضربات على غالبية جسد النظام في عدة مناطق بنفس الوقت هو الذي يعجل من سقوط النظام ككل و تصبح مسألة "معركة دمشق" هي مسألة حماية الأمن في الفترة التي تلي الإنهيار.