مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٦ يونيو ٢٠١٥
حان الان موعد تهجير"العرب السنة" حسب التوقيت المحلي لمدينة الحسكة وضواحيها

الأمر بات بحاجة لتحديد دقيق على شكل "صفعة" في وجه الجميع ، حتى تتبين الحقيقة و أين تتجه الأمور ، فقد باتت الحسكة اليوم على موعد ليتم تفريغها من "العرب السنة" بيد من قال أنه "خلافة على نهج النبوة" ، و ها هو يضيف منطقة جديدة على قائمة إزالة الوجود السني العربي بأي منطقة تكون ربما مكاناً لتنفيذ مشروع لدى هذا أو ذلك .

و مع دخول داعش الحسكة بشكل مفاجئ ، ووصوله إلى أحد أكبرالأحياء العربية السنية "النشوة" أول ما اشترطه هو الخيار للقاطنين " بين الخروج القسري من الحي أو قتلهم" ، بينما بدأ اليوم الجمعة حملة نزوح من حي الغزل والعزيزية باتجاه الأحياء الكردية و المناطق الشمالية ، رغم أنه يعرف تماماً أنهم من أهل السنة العرب و المكون الذي من المفروض جاء لينصره و يحميه ، كما يخطب زعمائه و على رأسهم "الخليفة" و الناطق باسمه .

وفي الوقت الذي اكتسح فيه اجزاء من الحسكة ، نفذ مجزرة حقيقة بحق المدنيين في عين عرب ، في عملية لا فائدة منها اطلاقاً ، اللهم الإيغال في زرع الفتنة بين العرب و الأكراد أكثر فأكثر ، ليتحول التهجير إلى أمر طبيعي و عادي ، لا بل مطالب به من قبل كل الأكراد الوطنيين الذين رفضوا التصرفات التي قامت به بعص الفصائل الكردية المتعصبة .

اليوم جاء الدور على مدينة الحكسة بعد تل أبيض و مناطق شاسعة من ريف الرقة و ريف الحسكة و ريف حلب ، و باتت السياسية تقتضي أن ينتهي من الجزء الشرقي و المتمثل في الحسكة و آخر ما تبقى في القامشلي ، ليكون الموعد القادم جرابلس ، و الطريق يتم التمهيد له بحذافيره أمام الإمتداد أكثر فأكثر ، للوصول إلى عزاز ، ليكون داعش قد نفذ مهمته ، و تعليمات "الخليفة" المتخلف عن كل شيء.

عندما نقول أن داعش رأس الإرهاب ، لا يعني أنه الوحيد ، و إنما رأس الحربة الذي يستخدمه الجميع كمطية لتحقيق كل مآرابهم ، من النظام القاتل الذي تم تثبيته كل هذه الفترة بفضل داعش و لازال و من الممكن أن يبقى و يفنى الجميع ، إلى الفئة من القوات الكردية العنصرية التي تتخذه وسيلة فعّالة في طرد الوجود العربي في المنطقة ككل ، إلى العالم بأسره الذي يجد فيه طريقة ناجعة لمحاربة الإسلام السني و رفع أسهم "الشيعي" ، على مبدأ "مطيع و مُطاع .. أفضل من متمرد و بدون عقال" .

اقرأ المزيد
٢٣ يونيو ٢٠١٥
حكم حافظ الأسد .. ودروس للمستقبل في سورية

ثلاثة عقود بقي خلالها حافظ الأسد ممسكاً بالسلطة في سورية من 1970 حتى 2000، في بلد اشتهر بالانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي بعد الاستقلال عن فرنسا عام 1946، ثم استطاع بعد موته أن ينقلها بسلاسة إلى ولده بشار، فلا شك أن الرجل لا ينقصه الذكاء والدهاء، لكن، ما هي القواعد الذهبية التي اتبعها لتثبيت حكمه؟
كان الأسد يعلم أن الاحتفاظ بالسلطة أصعب من القفز إليها، وإن ذهبت فلن تعود، فصمم على أن يحافظ عليها بأي ثمن. قبل انقلابه في نوفمبر/تشرين الثاني 1970، اتخذ الأسد ضمن القيادة السورية موقفاً براغماتياً، جعل كثيرين يرحبون به، فقد عارض نهج صلاح جديد المتشدد، فتقرب أكثر من الفئات الاجتماعية المدينية، ومن طبقة رجال الأعمال، وقدم وعوداً بإقامة برلمان وتحالف للأحزاب السياسية، فرحبوا بانقلابه، وكتب رجال الأعمال شعارهم الشهير "طلبنا من الله المدد فجاءنا حافظ أسد".
وعلى صعيد علاقاته العربية، عارض نهج جديد المتشدد تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه بلدان الخليج، وتجاه العلاقة مع مصر ومع بلدان الغرب، ورأى فيه الروس والأميركان نهجاً سياسياً معتدلاً، فرحبت جميعها بقدومه، فأشاع بهذا كله مناخا مرحباً به، ساعده على تثبيت سلطته.
كانت قاعدة حافظ الأسد الرئيسية، من أجل تثبيت حكمه، هي "تعطيل قدرة المؤسسة العسكرية على القيام بأي انقلاب"، فهنا مكمن الخطر، فعطل وظيفتي هيئة الأركان ووزارة الدفاع، وأبقاهما هيكلاً فارغاً من دون صلاحيات حقيقية، وربط جميع قادة الفرق والألوية والوحدات العسكرية به شخصياً وكل بمفرده، وكان يختارهم بنفسه، وحرّض على التنافس بينهم، كي لا يتفقوا على أمر ضده.
"كان الأسد يعلم أن الاحتفاظ بالسلطة أصعب من القفز إليها، وإن ذهبت فلن تعود، فصمم على أن يحافظ عليها بأي ثمن"

كانت القاعدة الثانية "القوة والرهبة هي من يبقيه في الحكم"، فأقام "مملكة للخوف"؛ دولة أمنية بمواصفاتها المكتمله، وتفاصيلها كثيرة ومعروفة، فضاعف حجوم فروع الأجهزة الأمنية وشبكتها، ووسع صلاحياتها لتتدخل في كل شيء، واختار بنفسه قادتها وربطها به مباشرة، وكل بمفرده، وتعمد تداخل صلاحياتها، ويراقب كل منها الآخر، وأصبح ضابط الأمن وضابط الجيش هو من يلجأ إليه الناس لقضاء حاجاتهم، بدلاً من لجوئهم، في السابق، إلى العائلات المعروفة في المدن، وإلى كبار رجال الأعمال السابقين، وأصبحوا هم من يركب السيارات الفارهة، إشارة إلى الجاه والسلطان، بعد أن أصبحت السيارة الفارهة نادرة بين أيدي المدنيين، بعد منع استيرادها للمدنيين. وضرب بقسوة مفرطة أي شكل من أشكال المعارضة، وقدم مثالاً في أثناء مواجهته مع الإخوان المسلمين، أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، وبلغت قسوته ضدهم الذروة في شباط/فبراير 1982، عندم دمر جزءاً كبيراً من مدينة حماه، وقتل عدة آلاف من المدنيين، مقدماً مثالاً لما يمكن أن يفعله ضد كل من يعارض سلطته.
كانت قاعدته الثالثة "إضعاف المجتمع وتكسير عظامه"، لكي لا يمتلك قدرة على التحرك ضد سلطته، فإضافة إلى تعزيز مصادرة الحريات العامة الذي بدأ مع 8 مارس/آذار 1963، دجّن الأحزاب القائمة ضمن جبهة وطنية باهتة لا دور لها، ولم يصدر قانوناً للأحزاب، ومنع قيام أية أحزاب جديدة، ووضع كل من سعى إلى تشكيل تنظيم سياسي في السجن مدداً وصلت حتى ربع قرن. كما منع تشكيل جمعيات مدنية جديدة، وأقام مجلس شعب (برلمان) صورياً، يُنتَخَب بحسب رغبة أجهزة الأمن، ولا يملك أية صلاحيات حقيقية، وأصدر دستوراً منح لنفسه فيه صلاحيات مطلقة، فأصبح رئيس الجمهورية يسمى من قيادة حزب البعث التي يسيطر هو عليها، ويتم باستفتاء مسبق النتائج على شخصه، وأصبح هو رئيس السلطتين، التنفيذية والقضائية، ويملك حق حل البرلمان وهو القائد العام للجيش، إضافة إلى أنه الأمين العام لحزب البعث (الحاكم). وبالتالي، أضفى الأسد على سلطته شرعية دستورية من صنعه، وأخذ تصديق الناس بالإكراه الناعم المستند إلى قدر كبير من الإكراه الصلب. وأكمل حلقة السيطرة بالإطباق على النقابات العمالية والنقابات المهنية، من محامين وأطباء ومهندسين ومعلمين، وعلى منظمات الفلاحين والنساء وغيرها، ودجّنها جميعها وحولها إلى منظمات بيروقراطية، توجه إدارتها الأجهزة الأمنية. كما حوّل حزب البعث نفسه، والذي هو "قائد الدولة والمجتمع" بحسب الدستور، إلى جهاز إداري بيروقراطي بمهام أمنية، مهمته تثبيت السلطة، وأخضعه هو نفسه لرقابة الأجهزة الأمنية. والخلاصة هي مؤسسات كثيرة وشرعية مصطنعة، ومجتمع ضعيف ودولة متغّولة.
"حافظ الأسد جعل من نفسه "طوطماً" لا يمس ولا يقترب منه أحد، وغدا كشخص متعالٍ، ينظر الناس إليه برهبة وخوف"

كانت القاعدة الرابعة أن حافظ الأسد جعل من نفسه "طوطماً" لا يمس ولا يقترب منه أحد، وغدا كشخص متعالٍ، ينظر الناس إليه برهبة وخوف. ونقلاً عن شخص رافقه في زيارته إلى كوريا الشمالية مطلع السبعينات، أن الأسد في طريق الذهاب كان يتحدث مع أعضاء الوفد المرافق ويخالطهم، لكنه في طريق العودة، وبعد أن شهد تقديس كيم إيل سونغ، عزل نفسه عن الوفد، وجعل هناك مسافة بحيث لا يقترب منه أحد. وقد كرست مكنة الإعلام والمكنة الحزبية وجهاز الأمن هذه الصورة، وتم اخترع شعار "الأسد للأبد".
ومن جهة أخرى، لم يسمح لأية شخصية لعبت دوراً قيادياً في مرحلة ما خلال حكمه أن تبرز، مهما كان دورها، فلا دور لأحد سواه. وعلى كل من ينتهي من خدمته أن يختفي ويصمت إلى الأبد، فلا يعود أحد ويسمع به.

شراء الولاءات واستخدام الدولة
كانت القاعدة الخامسة في حكم الأسد هي "القبض على المصالح"، واستخدامها لترسيخ سلطته وشراء الولاءات، "فالناس عبيد مصالحهم"، ومن يأكل على طبق السلطان يضرب بسيفه"، وسعى إلى خلق مجموعات يرتبط مصيرها بمصيره، وترتبط مصالحها ببقائه، فإن ذَهَبَ ذَهَبَتْ معه، وبالتالي، ستكون هذه القوى حريصة على بقائه بأي ثمن، للحفاظ على مصالحها. وقد سعى الأسد إلى استمالة نخب من الأكثرية السنية، عبر مكاسب مادية لمن يواليه من نخبها الثقافية ورجال أعمالها ورجال دينها وشيوخ عشائرها، وطبّق سياسة التعددية الاقتصادية التي فتحت الباب موارباً أمام قطاع الأعمال الخاص، كما توجه إلى العشائر وإيجاد مصالح لكثيرين من شيوخهم بأشكال مختلفة، منها تولي نشاط التهريب الواسع عبر الحدود، واستعمل الفساد والإفساد أداة لإنتاج الثروة والسيطرة وشراء الولاء. وسعى إلى استمالة الطائفة السنية، ببناء المساجد ومدارس تحفيظ القرآن وربط المؤسسة الدينية بالسلطة، عبر سلة من "مشايخ السلطان"، مثل المفتي أحمد كفتارو، وبعض كبار العلماء، وكان أبرزهم الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، ورعاية منظمة القبيسيات، بل وأخذ يصلي في مساجد السنة، وفق تقاليدهم في الصلاة.
القاعدة السادسة، استخدام "شرعية الدولة وجهازها، فهي أداة السيطرة على المجتمع وعلى قطاع الأعمال، وأداة توزيع المنافع وكسب الولاء، خصوصاً أن الدولة السورية سيطرت، بعد إجراءات التأميم والإصلاح الزراعي، أواسط ستينات القرن العشرين، على جزء كبير من الدخل الوطني وتحكمت بتوزيعه. وبالتالي، أصبح بيدها أداة تأثير على مصالح طبقة رجال الأعمال، وعلى العاملين في مختلف القطاعات الاقتصادية، وعلى العاملين في القطاع الحكومي الواسع، الذي بات يشكل أكثر من 60 – 65% من الاقتصاد الوطني السوري، أواسط سبعينات القرن العشرين. وقد استمر الأسد بسياسة اقتصادية وخدمية وسعرية محابية للفئات الفقيرة التي بدأت منتصف الستينات، ما شكل قاعدة شعبية واسعة للحكم. واستخدم الفساد أداة لكسب الولاء، ولتكوين ثروات للمسؤولين عبر الرشاوى وعبر الشراكة مع قطاع الأعمال الجديد الصاعد، بعد القضاء على قطاع الأعمال القديم، بعد إجراءات أوساط الستينات.
"استخدم الفساد أداة لكسب الولاء، ولتكوين ثروات للمسؤولين عبر الرشاوى وعبر الشراكة مع قطاع الأعمال الجديد الصاعد، بعد القضاء على قطاع الأعمال القديم"

القاعدة السابعة، إحداث صدام اجتماعي مستمر، فقد وضع حافظ الأسد مقاليد الأمور في كل محافظة في يد الفئات التي كانت مهمشة (أبناء ريف وفقراء مدن) لتتحكم بالفئات التي كانت سيدة، فهؤلاء السادة المحليون الجدد سيبقون يخافون عودة الماضي، فيعملون بإخلاص على تثبيت حكمه، وأفسح في المجال لأبناء الريف في القدوم إلى المدينة، وإقامة أحزمة واسعة من الفقر، تحيط بالمدن الكبرى، وخصوصاً دمشق، ليشعر أغنياء المدن الكبرى أن الخطر محدق بهم، وأن نظام الأسد هو من يلجم تلك الفئات الوافدة. كان الأسد يسعى إلى أن يشعر ساكن حي المالكي، أو حي أبو رمانة، في دمشق، أن السلطة تحميه من هجوم محتمل لقاطني حي الـ 86 أو حي جبل الرز أو الحجر الأسود في دمشق ليستولوا على بيوتهم الفارهة، بدل مساكنهم البائسة، وأن يشعر أهالي حي الشهباء أو حي المحافظة في حلب أن السلطة تحميهم من قاطني حي الهلك أو الكلاسة الذين يمدون رقابهم نحو بيوتهم الفاخرة.
القاعدة الثامنة، تأميم الطائفة العلوية، وسلب إرادتها وتوريطها. فقد وجد في طائفته المهمشة والفقيرة أداة رئيسية لحكمه، فهمش مرجعياتها الدينية وعائلاتها التقليدية، ليصبح هو مرجعها الذي قدم لها منافع واسعة، بإتاحة إمكانية واسعة للتوظيف في الجيش والأمن ومؤسسات الدولة، وعبر تقديم منافع كبيرة لبعض شخوصها. وفي الوقت نفسه، ضرب بقوة فئات واسعة منها عارضت حكمه، وجعلها تدفع ثمناً غالياً. وبالتالي، ربط مصالح فئات واسعة من الطائفة العلوية ببقائه، وعمل على تمكينها بإيجاد طبقة قوية من كبار رجال الأعمال من أبنائها، وكذلك بإيجاد عدد كبير من كادرات الدولة وقياداتها التقنية والبيروقراطية والعلمية. فربط الجزء الأكبر من أبناء هذه الطائفة مصيرهم ووضع طائفتهم ومصالحها ببقاء الأسد، اعتقاداً أن ذهاب نظامه سيهدد مكاسبها، إضافة إلى تحميلها مسؤولية ما فعله النظام عبر عقود حكمه.

إسرائيل .. والسياسة الخارجية
القاعدة التاسعة، تحويل العدو الإسرائيلي إلى أداة لتثبيت حكمه، فقد وجد الأسد في إسرائيل واحتلالها الجولان ضالته، لكي تستمر مناخات اللاحرب واللاسلم، فبعد أن ساهمت حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 في تثبيت حكمه، أصبح استمرار هذا العدو ضرورياً، فهو يوجه اهتمامات السوريين نحو التهديد الخارجي، ويخلق بيئة شعبية وطنية موالية، ويبرر استمرار حالة الطوارئ منذ 1963 وتطبيق الأحكام العرفية والمحاكم العسكرية، والاحتفاظ بجيش واسع وأجهزة أمنية متضخمة، وعزّز وضعه هذا برفع الشعارات القومية والعداء للإمبريالية والممانعة.

على صعيد سياسته الخارجية، طبق حافظ الأسد ببراعة قاعدته العاشرة، وهي "مع الجميع ولست مع أحد"، فقد صادق الروس الشيوعيين، وكان يأخذ المساعدات من السعودية "الرجعية"، وأقام علاقات متأرجحة مع الأميركان، وأخذ تفويضاً عربياً وغربياً بإدارة لبنان، ووقف مع إيران في حربها على العراق "الشقيق"، وفي الوقت نفسه، تلقى مساعدات من دول النفط العربية المعادية لإيران، وكانت القوى القومية واليسارية العربية تدافع عنه، وفي الوقت نفسه، كانت أحزاب الإخوان المسلمين في الخارج تتخذ منه الموقف الإيجابي نفسه، على الرغم من أنه يحكم على من ينتمي لحزب الإخوان داخل سورية بالإعدام، وهذه براعة تحسب له.
في المحصلة، لم يكن هذا النمط من السلطة من ابتكار حافظ الأسد، فقد طبق قبله في أماكن كثيرة في العصر الحديث، مثل الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي وإيطاليا الفاشية وألمانيا النازية، وفي بلدان عربية أيضا مثل مصر عبد الناصر ونظام الجزائر، بل كان انقلاب 8 مارس/آذار 1963 قد وضع أسس هذا النظام، لكن الأسد برع في تطبيقه وتكييفه مع البيئة السورية، وإنتاج نسخة سورية خاصة، أهم خصائصها أنها عطلت قدرة المؤسسة العسكرية على تدبير انقلابات. ومن المعروف أن هذه الأنظمة الشمولية تحقق عدد من الإنجازات في بداياتها، ولكن استمرارها يوجِد حالة من الركود والجمود ومراكمة مشكلات كثيرة، يفتقد هذا النظام لآلية لحلها، فتتراكم ثم تنفجر في النهاية محطمة كل شي. وهذا ما نحصد نتائجه في سورية اليوم.
ولكن هذه هي دروس لمستقبل السوريين.

اقرأ المزيد
٢٣ يونيو ٢٠١٥
المكمن الأخير لقوة الأسد

بخلاف أي منطق أبلغ بشار الأسد المبعوث الدولي دي ميستورا أن أولويته هي الحل العسكري وليس السياسي، ورفض تماماً فكرة الدعوة إلى انتخابات مبكرة. اللامنطق يظهر جلياً في أن قوات الأسد باتت تسيطر على أقل من ربع البلاد، وهي سيطرة محض عسكرية لأن النظام لم يعد يتمتع بأية ميزة على الصعيد المدني. ويمكن القول أن فرضية احتفاظه بسوريا المفيدة المزعومة قد بانت على حقيقتها، وهي ليست أكثر من أوهام لمن لا يعرف الخريطة السورية، وفي أحسن الأحوال ليست سوى شريط وظيفي إيراني غير قابل للحياة إلا على المعونات الخارجية. الأراضي التي لا يزال يسيطر عليها النظام هي في قسم كبير منها "سوريا المستفيدة" اقتصادياً من الثروات والخيرات الموجودة في القسم الآخر. ولولا الصفقات الجانبية مع داعش وحتى مع بعض الفصائل المنسوبة إلى "الجيش الحر" لعانت دمشق حصاراً خانقاً على صعيد الطاقة والمياه؛ ولولا الخطوط الحمراء الدولية والإقليمية لامتدت الحرب إلى معقل النظام في الساحل. إذاً، ما الذي يجعل الأسد يحافظ على عنجهيته ويكرر إصراره على الحل العسكري؟ أهو محض انفصال عن الواقع؟

الفرضية الأخيرة روّجتها بخاصة وسائل الإعلام الغربية التي تستخدم تعبيرات مهذبة إزاء الأسد. مع ذلك لا يجوز رد "تعنت" الأسد إلى انفصاله عن الواقع، ولا يجوز الزعم بأنه السبب وراء إصراره على حسم عسكري يدرك استحالته ميدانياً، واستحالته بقرار من المجتمع الدولي الذي يصر على عدم وجود حل سوى الحل السياسي. الأقرب إلى التصور أن يكون الأسد عارفاً بنوعية الحل الذي تريده القوى الدولية الفاعلة، وعارفاً بالصعوبات التي تواجهها لتوليف الحل. أي أنه مدرك لحقيقة وجود قناعة نظرية بتنحيته، لكنها لم تكتسب بعد ديناميات عملية، وهو واثق "عن خطأ أو صواب" من فشل الجهود الدولية في المدى المنظور، وواثق تالياً من أن لحظة الإطاحة به لم تقترب كما يتخيل أعداؤه.

كلمة السر في ما سبق هي إيجاد شريك مناسب ينتمي إلى الطائفة العلوية من خارج أزلام النظام الذين تورطوا في الدم السوري. طبعاً الأمر لا يتعلق هنا بأن جميع أبناء الطائفة متورطون في الدم، وإنما يتعلق بوجود شركاء يمتلكون حداً أدنى من الحيثية المجتمعية التي تضعهم في موقع تمثيلي وفي موقع الشراكة معاً. الواقع الصادم والمؤذي أن كافة الشخصيات المعروفة خارجياً ومحلياً هي ابنة النظام نفسه، وبخاصة هي ابنة الطبقة العسكرية والأمنية منه، وتكاد تنعدم الاستثناءات في ما بينها إذ يملك أفرادها سجلاً أسود قائما على المشاركة الحثيثة في أفعال النظام. أما الشخصيات القليلة المدنية المعروفة فهي من مستوى الوزراء الذين يطويهم النسيان بعد إقالتهم، أو من مستوى رجال الأعمال الذين ظهروا فجأة بشراكة مع العصابة الحاكمة، وهم لا يحظون بأي احترام مجتمعي أسوة بنظرائهم من طبقة أثرياء الفساد في عموم البلاد.

ينبغي ألا ننسى أن نسبة لا يُستهان بها من المجتمع الدولي تنظر إلى ما يجري في سوريا على أنه حرب أهلية، وهي نظرة لم يعد الواقع يكذبها برمتها. ضمن هذه النظرة لا بد للحل السياسي أن يضمن تمثيلاً ضامناً للجميع. ومع أن الأضواء سُلّطت طوال الوقت على عدم وجود بديل "مقبول" من المعارضة إلا أن الحقيقة كانت في مكان آخر، وهي صعوبة إيجاد بديل مقبول وذي وزن من أبناء الطائفة العلوية. يُشار هنا إلى أن هناك صياغات مختلفة من الانفصال عن النظام راحت تتبلور شيئاً فشيئاً في المناطق الكردية وجبل العرب، وإن كان عمادها مفهوم الأمن الذاتي، أي أن هاتين المجموعتين مؤهلتان ليكون لهما تمثيلهما المنعزل عن النظام وأيضاً عن الانضواء في ما يُنظر إليه كحراك عربي سني.

ضمن الرؤية الدولية هذه، تبرز قوة الأسد في عدم وجود بديل له ضمن الطائفة نفسها، وهو يدرك مكمن قوته، وأكثر من يدرك ما فعله نظامه لتصحير الطائفة وإلحاقها بالعائلة الحاكمة. طوال أربعة عقود نسفت العائلة الحاكمة كافة الأطر التقليدية للطائفة، كما فعلت بالمجتمع السوري ككل وكما لم تفعل به أيضاً. فالعائلات العريقة ذات الحيثية الاجتماعية جرت إهانتها على الملأ في حال عدم انضوائها ضمن النظام، وتحولت إلى عائلات ذليلة في حال انضمامها. مشايخ الطائفة التقليديين، على رغم عدم وجود دور سياسي بارز لهم، لم يعد لهم وجود بالمعنى المألوف للكلمة وصار معتاداً رؤية أولئك الذين كانوا برتبة مساعد في المخابرات وقد تقاعدوا ليصبحوا شيوخاً، وهو حال ليس أفضل بالتأكيد من حال طبقة السلطة الدينية لدى كافة المذاهب. تقليدياً، المعارضون من أبناء الطائفة لم يكونوا أفضل حالاً من أقرانهم، لا بسبب القمع الذي تعرضوا له فحسب وإنما لأنهم يشتركون مع كافة المعارضين الآخرين قبل الثورة في تهميش حراكهم عن الفضاء المجتمعي العام. نذكّر هنا بأن الأسد، في مهزلة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، سمح باصطناع مرشحين من حلب ودمشق لكن لم يكن وارداً على الإطلاق وجود ولو مرشح صوري من جبلة أو طرطوس على سبيل المثال، لأنه لا يقبل بأن ينال هكذا مرشح ولو نسبة ضئيلة جداً من الأصوات التي يقررها هو بنفسه.

لقد كانت لعبة النظام طوال عقود هي أخذ سوريا كرهينة، الآن لم يبقَ له سوى الحصن الأخير المتمثل بالطائفة، لا لأنه يجد حمايته فيها فذلك أصبح مشكوكاً فيه بعد الهزائم الفادحة الأخيرة، لكن لأنه يدرك أنه لم يعد لديه رهينة حقيقية سوى الطائفة، وصارت مهمته الأسهل تتلخص في إعاقة تظهير أي بديل منها.

اقرأ المزيد
٢٣ يونيو ٢٠١٥
تل أبيض ووعد بلفور الأسود

كشفت معارك تل أبيض وما تلاها من رفع علم حزب العمال الكردستاني ورفع علم الثورة السورية على استحياء، إضافة لاستبدال اسم المدينة، وإطلاق اسم كردي وغير ذلك من عمليات التهجير التي تعرضت لها القرى العربية، والتركمانية أن الساحة السورية لم تعد ساحة لتصفية الحسابات بين دول الإقليم فحسب، بل باتت سورية هدفا لمشروع استعماري خطير كان سببا رئيسا في بقاء الأسد على فراش الموت حيا حتى الوقت الراهن.

بدت تتكشف الحقائق التي من أجلها منعت القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة سقوط الأسد، لأن سقوط الأسد قبل هذه الفترة سيمكن الثوار الأحرار الإمساك بزمام الأمور والحفاظ على وحدة سورية، ورسم مستقبلها وفق ما يطمح له السوريون.

لا يختلف حال سورية اليوم عن حال الدولة العثمانية التي كانت أواخر عهدها نهبا لذئاب الاستعمار الغربي التي نهشت جسدها المريض فرسمت حدود سايكس بيكو، وأعطيت فلسطين عبر وعد بلفور هدية من التاج البريطاني للصهاينة، واليوم يجري الأمر ذاته على مستوى المنطقة العربية عموما بالانقلاب على الثورة المصرية ونصب المشانق للأحرار، وتسليم البلاد لشرذمة حاقدة تعتبر إسرائيل صديقا استراتيجيا، وحماس وحركات المقاومة تنظيمات إرهابية. ناهيك عن الانقلاب على الثورة اليمنية، ودعم الدولة العميقة في تونس، وخلق فتنة في ليبيا.

ولكن يبقى وعد بلفور الجديد ومشروع التقسيم أخطر ملمح استعماري، فلم يكتف المجتمع الدولي في ظل عجز وصمت عربي مثير للشكوك بتقسيم سورية طائفيا وعرقيا عبر تفتيت النسيج الاجتماعي وحرف الثورة عن مسارها الطبيعي، إذ تشير التطورات الأخيرة لنية واضحة بإعادة تقسيم سورية على نحو قريب من التقسيم الذي حاول الاستعمار الفرنسي فرضه بداية احتلاله لسورية، ولكن هذه المرة بيد السوريين.

ويضاف لهذا التقسيم وعد بلفور بنسخته الأمريكية للكرد والمتمثل بمحاولة إنشاء دويلة كردية تشمل شمال العراق وسورية، واتخذت أمريكا من الحرب على تنظيم الدولة الظلامي غطاء ومبررا لكل الإجراءات المساعدة لبروز هذه الدولة، فتعرض المحيط العربي السني والتركماني لحملة تهجير ممنهجة بوطأة أخف من تلك التي تعرض لها الفلسطينيون على يد عصابات الهاغانا لضرورات يتطلبها مشاركة العرب بالتحالف وحضارة القرن الحادي والعشرين.

ولا يخفى على أحد أن حزب العمال الكردستاني يفوق داعش في ظلاميته وإجرامه فضلا عن نهجه الإقصائي المتطرف الحاقد، ومما يؤكد المخاوف مدى التنسيق الرفيع بين التحالف الدولي (الأمريكي) وبين القوات الكردية على الأرض، فتقدم الولايات المتحدة غطاء جويا مكثفا لتحقيق تقدم كردي مترافق مع حملات تهجير، وممارسات لا تدع مجالا للنية الحسنة.

لا يغيب عن البال هنا العلاقات الإسرائيلية الكردية الجيدة التي تكاد تصل مستقبلا لعلاقات إستراتيجية علنية بعد أن تصل الدولة الكردية لموطئ قدم على البحر المتوسط، فإسرائيل تضغط على أمريكا لمنع سقوط الأسد بالوقت الراهن، وتقدم دعما لوجستيا للكرد في مشروعهم فضلا عن السماح للإسرائيليين المشاركة مع القوات الكردية على مستوى الأفراد، ولا نعلم إذا ما كان هناك دعما آخر على مستوى الدولة.

ينبغي على الولايات المتحدة لو كانت صادقة في حربها على تنظيم الدولة لكان عليها إزالة الأسباب التي برزت لبروز التنظيم بداية، لا العمل على تعزيز عوامل بقاء التنظيم من خلال الحرص على بقاء الأسد، ودعم الكرد في عمليات تهجير العرب السنة، ودعم المليشيات الشيعية الطائفية في العراق.

وقد بددت الولايات المتحدة الشكوك من خلال بيان التحالف الذي نص على أن ضربات التحالف تستهدف استئصال التنظيم في العراق، وإضعافه في سورية، إذ لا تريد الولايات المتحدة إنهاء تنظيم الدولة في سورية بل بقاءه ضعيفا لتبرير الدولة الكردية، ولإضعاف الدولة السورية المستقبلية كي لا تقوى على الوقوف بوجه وعد بلفور الأسود.

تسعى أمريكا من خلال الدولة الجديدة السيطرة على ثروات هائلة في الشمال العراقي والجزيرة السورية، ثروة تمكنها من إبقاء السيطرة على عجلة الاقتصاد العالمي، ناهيك عن بناء دولة صديقة لإسرائيل تتكفل بتحقيق أمنها المستقبلي، وهنا لم تعد إسرائيل دولة طارئة على المنطقة فلها مثيل ولو على درجة مختلفة فاليهود حققوا حلما إمتد عمره لآلاف السنين شأنهم شأن الكرد الذين يدعون أن هذه أرض معادهم.

وستكون هذه الدولة الجديدة في حال رؤيتها للنور عدا كونها مبررا لوجود إسرائيل ورقة ضغط بيد الولايات المتحدة تهدد بها دول الشرق الأوسط مجتمعة، وبؤرة توتر دائمة تستنزف الدولة السورية المستقبلية، وبذلك يتحقق الأمن الإسرائيلي عبر دول ضعيفة أو أنظمة موالية في المحيط.
ومما يؤسف له أن المشروع الأمريكي يجري بموافقة ومشاركة عربية مخزية، وسيكتب التاريخ أن تحالفا وضع لمواجهة الإرهاب ظاهريا بينما مهد عمليا لوعد بلفور.

وعليه ينبغي على العرب ألا ينجروا وراء مزاعم أمريكا وأن تكون تل أبيض إنذارا يعيدهم لرشدهم، ويقوموا بخطوات عملية حقيقية على الأرض تمكن السوريين من بناء سورية الموحدة والقضاء على الإرهاب الظلامي والمشروع الانفصالي الأشد ظلاما وخطرا.

اقرأ المزيد
٢٣ يونيو ٢٠١٥
داعش بين دمشق وبغداد

بدأ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) اتباع استراتيجية جديدة في توسيع دولته المعلنة على حساب جغرافية سورية والعراق معاً، بعد سيطرته على مدينة تدمر الأثرية والرمادي العراقية، ورفع الحدود بين البلدين، حيث بات يفكر جدياً في الدخول إلى عاصمتين، هما دمشق وبغداد، معتمداً على الحديقة الخلفية من حكومتيهما، عبر تنسيق وتعاون بينهما في صفقات تسليم واستلام المواقع العسكرية مع أسلحتها إلى تنظيم الدولة، كما حصل سابقاً في الموصل، إحدى أكبر المدن العراقية، وكذلك في سورية، ما حدث في الفرقة 17 في مدينة الرقة (شرق) بما فيها مطار الطبقة العسكري واللواء 93 مدرعات في بلدة عين عيسى شمالي الرقة، وآخرها مدينة تدمر.
كانت الخطة واضحةً من النظام السوري في تسليم مدينة مع سجنها الذي يعد من أسوأ السجون في المنطقة العربية، بهدف طمس معالم الاستبداد التي قام بها النظام السوري على مر أربعة عقود بحق معتقلي الرأي. وعلى ما يبدو، غيّر تنظيم الدولة من تكتيكه في تجنب ضربات التحالف الدولي، كما حصل في مدينة كوباني الكردية في شمال البلاد، بانسحابه من عدة مناطق في محافظة الحسكة، منها جبل عبد العزيز من دون مقاومة تذكر. وما يحصل الآن في مدينة تل أبيض في شمال البلاد أيضاً، في ظل انسحابه من معظم المناطق الحدودية، حيث خسر تنظيم الدولة أهم منطقة استراتيجية، بما فيها بوابة تل أبيض الحدودية مع تركيا الجارة.
هنا السؤال الذي يطرح نفسه: هل بدأ العد التنازلي حيال تقلص دور تنظيم الدولة في الجزء الشمالي من سورية، بعدما فقد عدة مواقع وبوابات حدودية تشد الخناق على ولاية الرقة الواقعة تحت سيطرته، أم أن تنظيم الدولة سيتجه نحو المدن الداخلية، ليصل إلى مناطق العلويين في الساحل السوري، وإنشاء منفذ البحري ليكمل أركان دولته المعلنة تحت راية الإسلام؟ وبالتالي، الحديث عن القضاء على تنظيم الدولة مرهون بمصالح الدول الإقليمية، وعندما تطرح الولايات المتحدة الأميركية بنوداً عن برنامج تدريب عناصرٍ من مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة، لمواجهة خطر تنظيم الدولة من دون التطرق إلى تنحي بشار الأسد، وغض النظر عن جرائمه اليومية بحق السوريين من البراميل المتفجرة فوق رؤوس الأطفال والنساء وكبار السن وتدمير المدن والبلدات السورية.
تضعنا كل هذه الأمور أمام سيناريوهات عدّة، منها أن المنطقة مقبلة على تغيرات جديدة، لا تقف عند حدود سورية، وإنما ستدخل إلى العمق اللبناني، عبر حزب الله اللبناني. وفي المحصلة، نجد أن كل الدول التي تدعي محاربة تنظيم الدولة والقضاء علية تندرج في خانة المصالح الاقتصادية على توسيع رقعة الحرب في سورية والعراق. وبالتالي، لن يتم القضاء على تنظيم الدولة إلا بقطع رأس الأفعى، المتمثل بهرم النظام السوري، بشار الأسد، وكذلك أقطاب من الحكومة العراقية التي تدعم تنظيم الدولة بطريقة عير مباشرة. وعلى سبيل المثال، حوّلت الحكومة العراقية الأموال إلى مدينة الموصل، وهي تحت سيطرة تنظيم الدولة.
وقد يعني ما سبق أنه لا بد من إسقاط الحكومة العراقية وبشار الأسد لتكون نهاية "داعش" مع سقوطهما، قبل أن تصبح كل من دمشق وبغداد عاصمةً للخلافة الداعشية! وتشير كل تقييمات الخبراء العسكريين والاستراتيجيين إلى اعتماد تنظيم الدولة أسلوب فتح جبهات جديدة في كل الاتجاهات من دون الاعتراف بالحدود بين الدول، وبات قربياً جداً من تحقيق أهدافه في بلاد الشام والعراق، وإعلان عاصمة له في نهاية الأمر، سيكون المفاجأة الأكبر، وجلاء الصورة متروك للأيام المقبلة

اقرأ المزيد
٢٣ يونيو ٢٠١٥
داعش "يتقهقر" .. هل شهدنا "صحوة الموت" أم وصلنا لـ"حصد النتائج" !؟

شهدت الأيام الماضية حالة من التقهقر الكبير الذي أصاب داعش في مقتل بعد الفورة التي شهدناها بعد ظهور البغدادي في كلمته الأخيرة ، فقفز بعدها داعش إلى تدمر و تمدد في ريف حلب و أعلن وصوله إلى القلمون و اكتسح الأنبار في العراق مقترباً من تحقيق التعليمات التي أعطاها البغدادي في خطابه.

و لكن الإنكسارات المتتالية التي مُني بها التنظيم في سوريا ، تدل على أحد الأمرين أن داعش قد تحرك "صحوة الموت" هذا بالنسبة للمشكيين في دوره و المعتبرين أنه لا يمت بصلة للعدو ، أو أنه دخل مرحلة الجد الحقيقي في تنفيذ كل ما طلب منه في سوريا و بات الوقت الحالي هو حصد للنتائج لسلسلة الأعمال التي قام بها.

ففي مواجهة القوات الكردية التي يدعمها جواً سلاح التحالف الدولي نجد التنظيم ينتقل إلى مواقعه الخلفية دون مقامة تذكر و العملية تسري وفق استلام و تسليم ، تل أبيض و من ثم اليوم تم الإنتهاء من سيطرته على اللواء 93 في ريف الرقة و باتت خلافته المركزية في سوريا مهددة بشكل فعلي .

أما في تدمر فبعد الفورة السريعة و السيطرة على كافة أرجائها و خصوصاً حقول الغاز و الطاقة ، و بات على بعد كلو مترات من حمص ، نجده اليوم يتراجع بشكل مريب أمام من أدعى أنه سحقهم في ضربة خاطفة (قوات الأسد) .

أما على جبهة مواجهاته مع الثوار في ريف حلب ، فهو ثابت و متمسك بمواقعه و يعمل على الإمتداد و لاتراجع أو ساتسلام إنما الموت للثوار ، الهروب أما البقية .

التطورات الدراماتيكية لداعش تجعل القادم يحمل في طياته فكرة انسلاخ أول جزء من سوريا عنها ، ألأ وهو "روج آفا" أو كردستان سوريا ، و لم يبق إلا "جرابلس" التي تفصل عن تحقيق هذا الأمر ، التي بدأ الحديث عنها بشكل جدي ، و توقع مراقبون أن سقوطها بيد القوات الكردية مسألة وقت ، ريثما يتم ترتيب الأوراق جيداً .

اقرأ المزيد
٢٣ يونيو ٢٠١٥
فتى التل / المعضمية يُعذّب حتى الموت

لم يكن بالنسبة لي غريباً أو مفاجئاً أو صادماً فيديو يُعذب فيه طفل صغير بهذه الوحشية ..

فهذا الفتى عُذب مثله آلاف الأطفال ..

قتل مثله آلاف الأطفال .. والفتيان .. والنساء ..

وذلك منذ أن استلم العلوية الجيش في سوريا ..

ومنذ أن استلم البعثيون في سوريا ..

لم يكن فيديو قرية البيضا في بانياس إلا أمر بدهي ، وكان بالنسبة لي البحث في حقيقته ومصداقيته كالبحث في حقيقة الشمس ..

..

هؤلاء ليسوا إلا وحوش بفطرتهم ..

بتربيتهم ..

بأخلاقهم ..

كان قيام الثورة ليس فقط واجباً وطنياً أو أخلاقياً ..

بل هو واجب إنساني ..

إنساني لكل البشرية جمعاء ..

لسنا فقط نحن من يرى أن الحياة مستحيلة مع العلوية في وطن واحد ..

البشرية كلها تقول ذلك ..

..

ليست المشكلة في وحشية العلوية

ولا إجرام العلوية

ولا دناءة الجيش العربي السوري وحقارته ..

ولا إجرام كل جنوده وضباطه بدءاً من الطباخ أو الحاجب وانتهاءاً بالطيار .. أو رامي البراميل ..

المشكلة أننا نأكل الصفعة تلو الصفعة ولا نعي ..!

نُضرب على قفانا ، ونبتسم في وجه الضارب : سامحنا ..

تشرق الشمس كل رابعة نهار على جرائم طائفية من قبل #الشيعة أو العلوية ..

على مجازر ..

على اغتصابات ..

على قتل جماعي ..

على تعذيب حتى الموت ..

ونتساءل عن ذلك المعارض الفريد الوحيد الذي ينتمي لهم لنجد مبرراً لهم نَخلُصُ من خلاله لنتيجة :

إنها حالات فردية ، والتعميم من العمى ...!!!

لعله هو العمى الذي أصابنا ..

عمينا عم مجازر العلوية

وعمينا عن مجازر الشيعة

وعن اغتصاب النساء

وحرق الشباب

ودفن الأحياء ..

واليوم الدروز الذين يتخبطون بين موالاة الأسد ، ومعاداة الشعب السوري

يغوصون في جريمة جديد بقتل مصاب سوري أسعفه الصهاينة إلى مشفى إسرائيلي ..!!

وهم قبل أيام كانت التطمينات تنهال عليهم بالجملة من قبل كلّ من هبّ ودبّ ..!

بدءاً من  المجلس الإسلامي السوري ، وانتهاءاً بـ  جبهة النصرة التي أقرت أعينهم ببيان ، ودية ، ومحاسبة ، وصلحة ..!!

لم يحلم بذلك أحد في سوريا .. ولن يحلم ..

فهذه التطمينات حكر للأقليات ..

..

ومع ذلك لم يتوانوا عن مد يد الأذى ، وقتل الجريح متى سنحت لهم الفرصة ..

..

وكذلك ما حدث في  سجن رومية

أو ما يحدث من تطهير في مناطق  الأكراد

أو تطهير وإبادة طائفية في  العراق

إنَّ هَذا الطفل الذي ضُرب بيدٍ وحشيّة ، تحت سمع العالم وبصره،

وعلى مرأى منا ..

يجب ألا نستغرب من علوي أن يفعل ذلك

ولا نستغرب من طفل مسلم أن يُفعل به ذلك ..

فلن يكون هنالك أقسى مما تعرض له ( حمزة الخطيب) و ( ثامر الشرعي) أو ( زينب الحصني) ..

فإن لم نستيقظ ونكن على قدر الحدث ..

((فستبقى الأكثرية تُحكم من قبل الأقلية))

وتبقى ((الأمة)) ملطشة للـ ((طوائف)) ..

ونصبح ، حتى وحوش الغاب ، تستغرب من حماقتنا وجهلنا ..!!!

اقرأ المزيد
٢١ يونيو ٢٠١٥
وماذا عن تعذيب المعتقلين سوريين في السجون لبنان ؟؟

تسريب تسجيلين لتعذيب معتقلين اسلاميين في لبنان على أيدي قوى الأمن هناك ، فجر حالة من السخط و الشجب و استدعت الإستنفار لدى الأوساط السياسيين من الطائفة السنية للبحث في امور التعقيب وراء المرتكبين و تحويلهم للقضاء ، و لكن السؤال ماذا عن تعذيب المعتقلين السوريين لدى السلطات اللبنانية عموماً ، و لدى المخابرات العسكرية الخاضعة لسيطرة حزب الله بشكل كامل ؟؟

فمع استعار الحملة ضد مخيمات اللاجئين السوريين (خيم – بشر) ارتفع عدد المعتقلين السوريين لما يزيد عن 3000 آلاف معتقل ، غيبتهم السجون اللبنانية الضيقة على أهل البلد لكنها كانت رحبة للمستضعفين ، و باتت الزنازين تحوي العشرات الذي يحملون صفة لصيقة "الإرهاب" ، إلى حد وصل إلى اعتبار المليون و نصف من السوريين المتواجدين في لبنان بفعل حرب الأسد و داعمه حزب الله ، إلى "إرهابيين" مالم يثبت العكس.

مئات و تصل للآلاف حالات التعذيب التي تعرض لها السوريين على أيدي ما تسمى شكلاً بالدولة اللبنانية و فعلاً على أيدي جلادي حزب الله الذي اخذ على عاتقه ملاحقة السوريين في كل مكان و الحاق أكبر ضرر ممكن بكرامتهم و حياتهم ، كعقوبة على الإنتفاض في وجه ولي الأمر بشار الأسد .

في معتقلات لبنان قصص و حكايا لمعتقلين سوريين ، قد تكون مايجري الحديث عنه في سجن رومية ، شيء لا يسستحق الذكر ، إضافة لتحويل المعتقلين إلى سلعة تبادل على جثث قتلاه هنا و هناك ، و استخدامهم كأكياس تفرغ الحقد و الكره نتيجة ما فقده الحزب من عناصر في حربه ضد الشعب السوري.

المعتقلين اللبنانيين المعذبين وجدوا من يدافع عنهم و لو بعد حين ، فماذا عن المعتقلين السوريين في سجون السلطات اللبنانية ، الذين نُسيوا في المعتقلات و تم التغاضي على الإجحاف و الإحتقار الذي لاقوه و يلاقوه ، كون من يُعذب هو السلطة ذاتها في سوريا ، أما المعارضة فلا حول و لاقوة لها ، أقسى ما يمكن أن تفعله هو بيان شجب صدر لمرة واحدة ، و قد تلق بناء عليه بعض التوبيخ من الكثيرين لأنه إنتقد سلطات لبنان و جيشها .

في لبنان يوجد مليون و نص سوري يتعرضون للتعذيب المادي و المعنوي ، و هم بحاجة لمن يزود عنهم .

اقرأ المزيد
٢٠ يونيو ٢٠١٥
اسم من ذهب وفعل من ورق"2"

كنا قد تحدثنا في قسمنا الأول عن الثوابت التي أعلنها مجلس قيادة الثورة العشوائية وغير المنتظمة في التراتبية والأولوية وذلك لأن هذا الوليد الخَدج لم يخرج من الحاضنة بعد ولادته فما زال يعاني من اليرقان والاصفرار وما زال مضطرب النمو و هو بحاجة لدم وقلب جديد ينعشه ويخرجه من حالته الراهنة وهذا الدم متوافر بكثرة لكن أهله لا يبحثون عنه بل هم يفتشون عن القديم المهترئ ذو الصمامات المغلقة والتي هي بالأصل تحتاج لإنعاش .

ففي القاعدة العامة لأي مؤتمر يتم تنظيمه يكون هناك خطوط عريضة تُبحث وجدول أعمال جدي يُعمل به  وورش عمل تنطلق قبل تنظيمه حتى يتم إقرارها والأخذ بها وإحصاءات ودراسات تَناقش لكن مجلس قيادة الثورة نسي كل شيء فهو يريد أن يحضر الناس على عجل فمؤتمر الرياض على الأبواب و لا بد من تسمية المدعوين لهناك أو لينبه القائمين عليه أننا هنا لا تنسونا بالله عليكم فنحن أهل الثورة وجاهزون للتوقيع على ما تريدون لكن يجب أن نحضر فقد نحصل على العطايا .

و في خلال عقد المؤتمر تم وضع استبيان من سبعة عشر بنداً وهي تكرار للثوابت التي وضعوها  وتم أخذ رأي الحاضرين من خلال ورقة وزعت تحمل هذه البنود ولكن المفاجأة التي ستذهل السوريين الشرفاء الأحرار بين إجابات الحاضرين و التي أستغرب فعلاً أنهم مدعوون لمجلس قيادة الثورة  وحتى من أنهم ثوريون بالمطلق .

جاء البند رقم ثلاثة عشر في الاستبيان كالتالي :

لا حل سياسي في سوريا ما لم تتوقف كل أشكال القتل والترويع والقصف بالصواريخ والبراميل المتفجرة .

صّوت لهذا البند 198 صوت بنعم و 5 بلا و7 امتنع عن التصويت ، هؤلاء الأشخاص الذين صوتوا بلا أو امتنعوا عن التصويت أسألكم بالله  أنتم مع الثورة أم مع الأسد وعصابته ، أسأل ضمائركم إن كنتم تحملونها تطلبون حل سياسياً وبراميل الأسد ما زالت تحصد الأرواح جيئة وذهابا ، توافقون على الحل السياسي وهو يزرع الدمار ويقطف الطفولة ، ما أنتم سوى 

جاء البند رقم خمسة عشر في الاستبيان كالتالي :

التفاوض مع النظام المجرم يكون على تسليم السلطة .

صّوت لهذا البند 173 بنعم و 16 بلا و11 امتنعوا عن التصويت . أعود أقول للممتنعين و للرافضين ماذا تريدون بالضبط هل تؤيدون العمل العسكري البحت وسحق الأسد وعصابته بالقوة إذا كنتم تريدون ذلك فعليكم بالموافقة على وحدة العمل العسكري و توحيد الفصائل  فلماذا صّوت البعض بالامتناع عن بند التوحيد رقم واحد وأن التوحد هو الضامن لأي حل سياسي  . أعتقد أنكم حضرتم لتفشلوا مؤتمراً بالأصل هو هزيل البنية ضعيف الهوية .

جاء بالبند السادس عشر كالتالي :

محاكمة النظام المجرم بكافة أركانه على جرائمه بحق الشعب السوري أمام محكمة سورية خاصة واسترداد ما نهبوه من ثروات .

صّوت بالموافقة 200 وبلا 2 وامتنع 8 عن التصويت ، حقيقة مستغرب موقفكم ورأيكم هذا إن كنتم ثوريون حقاً فماذا تريدون ؟

  هل ترغبون بالعفو عنهم أم ماذا ؟ أم تخافون أن تشملكم المحاكمة ، ما هو مطلب الشعب السوري الحر الثائر على الطغيان أليس سيادة العدل والحكم بالميزان وعودة الحق لأصحابه أم لكم رأي أخر ؟ .

حقيقة أثبت هذا المجلس أنه عبارة عن هلام غير قادر على الثبات إن لم يبادر أعضاؤه و منظموه على الإستعانة بالخبرات واستقطاب أهل الثقة و الوطنية الحقة وليست المكتسبة فلن تكون له قائمة ولن يكون جسداً يحمل روح الثورة .

فثورة كالثورة السورية  عظيمة بكل ما تحمل الكلمة من معانِ حري أن يكون لها جسدُ له أركانه ويتمتع بالحيوية والاستقلالية والديناميكية يعبر عن مكنوناتها الجبارة وتضحيات أبنائها الكثيرة .

اقرأ المزيد
٢٠ يونيو ٢٠١٥
مليون ونصف مليون "تكفيري" في لبنان

الدراسة التي نشرتها قبل أيام المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قرعت جرس إنذار في العالم باستثناء لبنان على رغم أنه البلد الاكثر استضافة للاجئين في العالم قياسا على عدد سكانه ومساحته. ففي هذه الدراسة يتبيّن أن عدد اللاجئين في العالم بلغ في نهاية عام 2014 نحو ستين مليون لاجئ. أما ما يعنينا مباشرة في هذه الدراسة فقولها أن"الصراع الدائر في سوريا منذ 4 أعوام، أدى الى لجوء 3 ملايين و880 ألف شخص في نهاية 2014 الى الدول المجاورة في الشرق الاوسط، كما أدى الى نزوح 7 ملايين و600 ألف داخل الاراضي السورية... إن واحداً من أصل 5 نازحين في العالم هو سوري الجنسية".

التحذير تلو التحذير الذي يطلقه وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس المعني مباشرة، وآخره الذي ورد في التقرير الذي رفعه الوزير الى الرئيس تمام سلام ضاع في زحمة الكلام على تلبية مطالب العماد ميشال عون المدعومة من "حزب الله" في شأن التعيينات الامنية كشرط لمعاودة مجلس الوزراء جلساته. والنقطة الاساسية في تقرير الوزير درباس تتناول تنسيق الجهود مع الاردن من أجل إيجاد مناطق آمنة يعود اليها اللاجئون السوريون الموجودون في لبنان (البالغ عددهم مليون ونصف مليون لاجئ) والموجودون في الاردن على السواء. فهل ما يقترحه الوزير درباس ضرباً من الخيال؟

تبعاً للأولويات التي يفرضها "حزب الله" على لبنان، يبدو اقتراح وزير الشؤون الاجتماعية خياليا فعلا، ومثله مقترحات وزير الداخلية نهاد المشنوق التي تردد أنه طرحها مجدداً على "حزب الله" لمعالجة وضع عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين في بلدة عرسال وحدها وتقضي بإنشاء مخيمات لهؤلاء اللاجئين في مناطق جديدة في الداخل اللبناني. والسبب هو أن هذا الحزب لا يريد أن يسمع اليوم كلمة "لاجئ" تبعد الاهتمام عن كلمة "تكفيري" المقدسة عنده.

يروي أفراد تمكنوا من الوصول الى الاراضي السورية عبر الحدود مع الهرمل أنهم شاهدوا دماراً هائلا في الممتلكات في مناطق واسعة انطلاقا من مدينة القصيّر التي شنّ عليها الحزب حربا في مثل هذه الايام قبل عاميْن أدت الى تهجير سكانها بالكامل فاستقر بضعة آلاف منهم في جرود عرسال والقلمون حاملين السلاح وصاروا يحملون وفق توصيف الحزب لقب "تكفيريين". وبحسب روايات هؤلاء الشهود لم يبق من المنازل القائمة سوى تلك التي يقطنها مسيحيون سوريون والذين رفعوا فوقها رايات الحزب الصفراء للدلالة على هوية سكانها فرضتها القوة المسيطرة على المنطقة. إن تدمير هذا العدد الهائل من الابنية ينطوي على قرار عدم السماح لسكانها بالعودة اليها كي يتحقق، كما يشاع، مشروع الدويلة الايرانية التي يقطنها العلويون وسائر الاقليات الموالية.

لا يبدو أن هناك أفقاً لعودة اللاجئين السوريين الى ديارهم قريبا في ظل هذا المخطط من التطهير العرقي. ولن يكون بعيدا اليوم الذي سنسمع فيه كلمة "تكفيري" تطلق على كل لاجئ.

اقرأ المزيد
٢٠ يونيو ٢٠١٥
"روج أفا" كردستان سوريا .. الكشف عنها بعد تحصينها من "الحسد"

"روج أفا" Rojava  هي ترجمة حرفية لكلمة غرب كردستان، حيث يطلق على الجزء الكردستاني الواقع في سوريا، "روج أفا" بقية هذا الكلمة حبيسة الكتمان و تم التعامل معها من خلال مصطلحات عدة و تشكيلات عدة كـ حماية الشعب الكردية "YPG" التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي "PYD" ، و تداول مصطلح "روج أفا" كان يعني التعجل المضر و الغير حميد و بالتالي تهديد المشروع ككل أو على الأقل محاصرته و تصعيب الأمر أكثر فأكثر.

و لكن كان المشروع يسير بهدوء و اغماض الأعين عنه و تغميضها ، من قبل المجتمع الدولي ، الذي ساهم عبر التحالف ضد داعش بمد يد العون للفصائل الكردية بغية تحقيق انتصارات و تقدم على الأرض بعد افتعال حرب عين عرب "كوباني" ، التي كانت شرارة البداية.

التقدم الذي تم مساندته بقوة من التحالف الدولي رافقه عملية مدروسة للوصول إلى "روج أفا" تدريجياً ، من خلال حملات التهجير لكل مكون غير كردي (عرب – تركمان – آشورين ....) ، اليد كانت داعش بدخولها في مناطق المراد الوصول إليها ، و الرعاية أمريكية ، و التنفيذ قوات كردية مطعمة ببعض العناصر "الجيش الحر" ، لتكتمل الفصول للوصول إلى "روج أفا".

و عملت القوات الكردية إلى جانب التهجير على تبديل أسماء المدن و القرى و منحها الصبغة الكردية ، و جعل الأسماء الجديدة هي الصحيحة و ما دونها عبارة عن حقبة "استعمارية عربية" قد تم إنهائها .

"روج أفا" مصطلح ظهر للعلن و بقوة و بات متواجد في كل التفاصيل ، و كشف النقاب عنه ، مع سقوط منطقة تل أبيض بيد القوات الكردية ، سقوطٌ كان مدروس بلا قصف تحالف و لا تدمير ، و إنما إنسحاب و إستلام و تهجير ، و تغير الإسم إلى "كري سبي" ، و بات التكلم أو الحديث غير الممجد عن "روج أفا" هو بمثابة طعن بالقضية الكردية و دليل على عدم النضوج الإنساني بأحقية هذه القومية بأن يكون لها دولة خاصة بها .

اليوم ظهور الخريطة المبدئية لـ"روج أفا" يعتبر إعلان رسمياً عن وصول الفكرة إلى مرحلة متقدمة في التنفيذ ، و أن لا يوجد شيء سيمنع ذلك .

و لكن في المقابل يوجد من يربك المشهد و يقد مضجعه ، خارجي و المتمثل بتركيا التي تقود حملة حالية من خلال اجتماعات داخليه أمنية و عسكرية ، و خارجية بمشاركة الناتو بمخاوفها ، و بالنسبة للمشاكل الداخلية التي ستواجهها "روج أفا" في سوريا هو الرفض العام من هذه الخطوة التي تهدف إلى أمور لطالما كانت خط أحمر ، و أعلنت غالبية الفصائل رفض هذا المشروع و محاربته ، و الذي سيهدد مناطق عديدة من الناحية الجغرافية و لا سيما في ريف حلب و قد تكون "جرابلس" النقطة القادمة ، ووصول إمدادات أمريكية للقوات الكردية لتحقيق هذا الخطوة ، و داعش تعمل حالياً في ريف حلب على التمهيد لدخول القوات الكردية و إنهاك أي معارض بضرب الفصائل الثورية و استزافها بحرب عبثية .

المدن الرئيسة التي تقع في "روج آفا" ، من الشرق إلى الغرب، هي: معبدة، رميلان، جوادية، قحطانية، قامشلي ، عامودا، الدرباسية، رأس العين، تل أبيض، عين العرب، وعفرين .

و يبقى هذا جزء من السلسلة التي تحتاج لحديث قادم ...

اقرأ المزيد
٢٠ يونيو ٢٠١٥
اللاجئون بين ثقافتي التفاعل والنفي

لطالما كان المهجر أو المنفى محطة مؤقتة، في معظم انشغالات المفكرين والأدباء العرب. ولذا، انطبعت معظم نتاجاتهم بطابع الحنين والتوق، بما في ذلك، من تشوق وذكرى وألم وفراق، ورفع الوطن المتروك أو الطارد إلى مصاف جنة الأحلام التي لا ينفكّون عن مناجاتها وتمني العودة إليها، ولو بعد الموت، كما عبر عنه الشاعر المهجري، نسيب عريضة، في قصيدة شهيرة له: هلْ عودةٌ تُرجى وقد فاتَ الظَّعنْ/ عُدْ بي إلى حمص ولو حشْو الكفنْ.
في تلك المرحلة، مثلت مدن الغرب مكاناً افتراضياً للهجرة والمغامرة والتجدد، على الرغم من أنها كانت تعاني أوضاعا متوترة، وثقافاتها مطعمة بالعنصرية والكراهية، بينما سياستها تصدّر الاستعمار، وتجلب اللاجئين يداً عاملة رخيصة من مختلف بلدان العالم الثالث. أما مدن الشرق فكانت خارج سياق تلك المقارنة. مثلاً، كان السياسيون والمثقفون السوريون الهاربون من الملاحقة في بلدهم يلجأون إلى بيروت، فيجدون فيها واحة من الأمان والحرية والانفتاح، وتنتشر منتدياتهم في مقاهي الحمراء والروشة والبسطة، إلى حين تغير الحال في دمشق، وينقلب الوضع، وما كان أسرعه بين فترة وأخرى. وذلك قبل عهد حافظ الأسد الذي سرعان ما استقر وتأبد، وامتد بطشه إلى لبنان، فافتقد السوريون واللبنانيون، معاً، ذلك الملجأ بما عرف عنه من أمان وحرية وانفتاح.
كذلك كانت القاهرة وتونس والجزائر وبغداد وغيرها، ففي هذه العواصم، ازدهرت منتديات اللاجئين العرب، وتطورت مساهماتهم الثقافية والسياسية، ومنها عاد بعضهم إلى قيادة المراحل الجديدة في بلده، وكان من أبرزهم قادة الثورة الجزائرية. لكن، منذ سيطرة الأنظمة الوطنية الجديدة، والعسكرية منها تحديداً، لم يعد مثل هذا الملجأ المؤقت متوفراً في العواصم والمدن العربية، فقد صارت كلها طاردة، لا ترحب باللاجئ العربي، وتحتاج إلى موافقة أمنية لزيارتها، بل لا تسمح أغلبها بدخول المثقفين والسياسيين، بل وتهددهم أيضاً. وذلك فضلا عن أن أوضاعها أصبحت لا تشجع ولا تغري، بالمقارنة مع ما صارت إليه أوضاع المدن الأوروبية التي استقرت اقتصادياً وسياسياً، وازدهرت في عصر العولمة، فشهدت انتشار ثقافة حقوق الإنسان وسيادتها، وخصوصاً منها الاعتراف باللاجئين وحقوقهم.
"يبقى مفهوم الملجأ مشدوداً بين قطبي تعويض الملاذ الآمن والمنفى، مع استمرار رحلات الموت التي تواجه اللاجئين المهربين في البحر وعلى الحدود اللاشرعية، وبين أجواء مخيمات اللجوء الجماعية، طالما بقي اللجوء مهرباً لا مطلبا"

وليس المقصود بهذه المقارنة، الإلحاح على مكانة العامل السياسي طرداً أو جذباً على أهميته، وهي مسلم بها، بل عرض جانب آخر، أصبح ملحاً ومتجددا مع تفاقم الأعداد المليونية للاجئين السوريين وغيرهم، في ظل استطالة لجوئهم، واستمرار اضطراب أوضاع بلادهم. وهو جانب ارتبط ببروز سياسة جديدة في بلدان اللجوء، لا تسعى فقط إلى إدماج اللاجئين في مجتمعاتها، وحل مشكلات التوتر البديهي بين الثقافات المختلفة، بل هي تتقصد الانفتاح على اللاجئين، وعلى ثقافاتهم ومساهماتهم، انطلاقا من نظرة إيجابية للمنفى، تعبر عن كوسموبوليتية العالم، وتقول بعائديته لجميع بني البشر. وإذ تلجأ لتجسير الفوارق الثقافية فهي تعترف بالتنوع الثقافي، وتغتني به، كما هو شائع مجدداً.
وهو ما يذكّر بما قاله المفكر والأديب اللبناني المهجري (ميخائيل نعيمة) قبل حوالي قرن: "أنا شطر الإنسانية الساكت... ولذلك، لا وطن لي، ولو كان لي وطن، لتبرأتُ منه، لأن العالم في نظري واحد لا يتجزأ. وإذا كان لا بد من وطن، فهذا العالم الذي لا يتجزأ هو وطني".
بذلك، تتغير الدلالة السابقة للملجأ أو المنفى، فيصبح مكان تلاقح وتعدد وتفاعل إبداعي، يعطي أفقا إنسانياً ومعنى جديداً. وهذا ما أبرزه انعقاد الملتقى الدولي باريس/مكسيكو مدن الملجأ، أوائل يونيو/حزيران الجاري، وشاركت فيه بوصفي ضيفاً على بلدية باريس وشبكة مدن الهجرة للكتاب (ICORN)، وهما اللتان نظمتا الملتقى، بالمشاركة مع بلدية مكسيكو. انصبت جلسات هذا الملتقى على مناقشة المفاهيم والمعاني العديدة المرتبطة بفكرة المدينة المفتوحة أمام الكتاب والفنانين اللاجئين أو المهاجرين، الأمر الذي مثلته هاتان العاصمتان منذ قرون، وصارت ثقافتهما وتاريخهما مرتبطين بنتاجاتهم وإسهاماتهم، ما كرّس قيم التعددية الثقافية، وانفتاح المجتمع فيهما، إلى درجة أنه لم يعد ممكنا التمييز بين الطابعين العالمي والوطني أو المحلي لكل منهما. فمن يستطيع فصل نتاجات بيكاسو ودالي الاسبانيين، وكذلك موديلياني ويوجين أونسكو وسترافنسكي وآنا بافولوفا عن باريس. أو تروتسكي أو وماريا لويزا ومارجو ومحسن العمادي عن مكسيكو.
وقد احتفى الملتقى بمفهوم مدينة الملجأ الذي طالما عبرت عنه المدينتان/ العاصمتان، وكانتا من أهم ساحات تجليه منذ القرن العشرين. وبين جدران قاعة الاحتفالات الرئيسية الفاخرة في مبنى بلدية باريس، والمغطاة بلوحات عصر النهضة المحتفلة بالطبيعة والجمال الفاتن، انتصبت لوحات جدارية لبعض المذكورين أعلاه، من أبرز الفنانين والكتاب والمفكرين والسياسيين اللاجئين، أو المهاجرين الذين عرفتهم المدينتان، منذ بداية القرن الماضي. وخلال ندوات الملتقى وجلساته، نوقشت مفاهيم اللجوء والهجرة والإبعاد والنفي والغربة والرحيل، وما مثلته مدينة الملجأ المعاصرة من انفتاح على الثقافات المتعددة، وعلى تمازجها، فاغتنت به، واغتنى اللاجئون بدورهم معه.
وكل ما سبق لا ينفي وجاهة نظرات أخرى، تتجاوز تداعيات الحنين المرضي إلى نقد الثقافة الإنسانية الجديدة للملجأ، سواء كان ذلك باعتبارها منفى مضاعفا، يتم بواسطته تبرير نفي اللاجئين عن محيطهم وأقرانهم، وعن تعبيراتهم بلغتهم، أو موادهم الأصلية، وبدون ذلك يتشوه كل إبداع. أو سواء، باعتبار أن ثقافة الملجأ الجديدة، تمثل حلاً أخلاقياً لمواجهة تمزق العالم واضطرابه المستمرين، تحت ادعاءات وحدته العولمية الجديدة.
وبذلك، يبقى مفهوم الملجأ مشدوداً بين قطبي تعويض الملاذ الآمن والمنفى، مع استمرار رحلات الموت التي تواجه اللاجئين المهربين في البحر وعلى الحدود اللاشرعية، وبين أجواء مخيمات اللجوء الجماعية، طالما بقي اللجوء مهرباً لا مطلبا، على الرغم من كل الإغراء الجديد المكرس في فكرة الملجأ مجالاً حراً ومفتوحاً، أمام تفاعلات التعدد والإبداع.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)