أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن تخصيص 130 مليون دولار ضمن مشروع موازنتها لعام 2026، لدعم "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) و"جيش سوريا الحرة"، وذلك بهدف تعزيز جهودهما في مكافحة تنظيم داعش والحيلولة دون إعادة انتشاره في سوريا والعراق.
وجاء في بيان رسمي للبنتاغون أن الولايات المتحدة ما تزال ملتزمة بتحقيق هزيمة دائمة لتنظيم الدولة، من خلال تقديم الدعم لقوات محلية موثوقة تحافظ على الضغط العسكري المستمر على التنظيم، مشيرة إلى أن عودة داعش تشكّل تهديدًا مباشراً لمصالح واشنطن القومية، ولشعوب المنطقة، وعلى رأسها سوريا والعراق ولبنان، كما تهدد الاستقرار الدولي.
وأكدت الوزارة أن الدعم المالي المعلن عنه يندرج ضمن إطار استراتيجية شاملة لمنع إعادة تشكل التنظيم، والتصدي لأي خلايا نائمة قد تسعى لإعادة النشاط داخل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري.
ويأتي هذا التمويل استمرارًا للسياسة الأميركية في دعم الشركاء المحليين، لا سيما "قسد" في شمال شرقي سوريا، و"جيش سوريا الحرة"، المدرّب أميركيًا والذي يتمركز في منطقة التنف قرب المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق، ويُعرف سابقًا باسم "جيش سوريا الجديد" أو "مغاوير الثورة".
وتُعد هذه الخطوة مؤشرًا واضحًا على استمرار الوجود العسكري الأميركي غير المباشر في سوريا من خلال شركائه المحليين، وسط تحذيرات متكررة من واشنطن بشأن خطر تصاعد نشاط داعش في ظل الأوضاع الأمنية في البلاد.
قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن تحسن الأوضاع الأمنية في سوريا يدفع المزيد من اللاجئين السوريين في الأردن إلى التفكير بالعودة الطوعية إلى بلادهم، رغم وجود عقبات اقتصادية وخدمية لا تزال تؤخر القرار لدى كثيرين.
وأوضح الناطق باسم المفوضية في الأردن، يوسف طه، السبت، أن مسح النوايا الإقليمي الذي أُجري مطلع عام 2025 أظهر أن 40% من اللاجئين السوريين في دول المنطقة ينوون العودة، فيما بلغت النسبة في الأردن تحديداً 27%.
وأضاف طه، في تصريح لقناة “المملكة”، أن المفوضية تتوقع عودة نحو 200 ألف لاجئ سوري من المسجلين لديها بحلول نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن معظم اللاجئين الراغبين في العودة ينحدرون من محافظات درعا وحمص وريف دمشق ودمشق.
ورغم ما وصفه طه بـ”تحسن أمني ملموس” داخل سوريا، فإن غياب فرص العمل، وانعدام البنية التحتية، وافتقار المسكن المناسب، تبقى من أبرز العوامل التي تؤجل قرار العودة، وفق نتائج الاستبيانات الأخيرة التي أجرتها المفوضية.
وفيما يتعلق بالدعم المالي، أشار طه إلى أن المفوضية لم تتلقَ سوى 25% من التمويل المطلوب لخطة الاستجابة في الأردن، إذ لم تحصل سوى على 92 مليون دولار من أصل 372 مليوناً، ما يهدد استمرارية بعض الخدمات الأساسية المقدمة للاجئين.
وبحسب أرقام المفوضية حتى بداية يوليو/تموز الجاري، يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن 511 ألفاً، إلى جانب 35 ألف عراقي، وأكثر من 10 آلاف يمني، و5 آلاف سوداني، ولاجئين آخرين من 42 جنسية مختلفة.
وكانت المفوضية قد أعلنت في وقت سابق أن أكثر من 100 ألف لاجئ سوري عادوا طوعاً من الأردن إلى سوريا منذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، أي بعد أيام من سقوط نظام بشار الأسد، في حين كشف وزير الداخلية الأردني مازن الفراية السبت، أن عدد العائدين الطوعيين منذ بداية العام الحالي تجاوز 97 ألف لاجئ.
أعلنت الحكومة البريطانية، اليوم السبت، أن زيارة وزير الخارجية ديفيد لامي إلى العاصمة السورية دمشق تمثّل بداية مرحلة جديدة من الانفتاح الدبلوماسي بين المملكة المتحدة وسوريا، بعد قطيعة استمرت أكثر من 14 عاماً.
وفي بيان رسمي، كشفت الحكومة عن تخصيص حزمة مساعدات إضافية بقيمة 94.5 مليون جنيه إسترليني، تهدف إلى تقديم دعم إنساني عاجل للسوريين داخل البلاد وفي مناطق اللجوء، مؤكدة أن هذه الخطوة تعكس التزام لندن بمسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب السوري، وفق ما نقلته وكالة "رويترز".
وجاءت زيارة الوزير البريطاني في سياق متغيرات سياسية كبرى يشهدها الملف السوري، وضمن مقاربة بريطانية جديدة تسعى لإعادة صياغة دور لندن في منطقة الشرق الأوسط، عبر الانفتاح الحذر والانخراط البنّاء مع حكومات ما بعد الحرب.
في دمشق، استقبل رئيس الجمهورية العربية السورية، السيد أحمد الشرع، وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني. وشكّل اللقاء خطوة متقدمة في مسار تطبيع العلاقات الثنائية، حيث بحث الطرفان سبل تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، واتفقا على أهمية بناء شراكة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وأكد الرئيس الشرع خلال اللقاء أن سوريا منفتحة على التعاون والحوار مع المجتمع الدولي، مرحباً بالدور الذي يمكن أن تؤديه بريطانيا في دعم العملية السياسية، ومساندة جهود إعادة الإعمار والاستقرار في البلاد. من جانبه، أعرب الوزير لامي عن رغبة بلاده في "فتح صفحة جديدة" مع سوريا، مشدداً على أهمية التنسيق في ملفات رئيسية كـمكافحة الإرهاب، وعودة اللاجئين، وإعادة البناء المؤسسي.
وتحمل زيارة لامي، التي تُعد الأولى من نوعها لمسؤول بريطاني رفيع منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، طابعاً سياسياً ورمزياً بالغ الأهمية، في ظل الانفتاح المتزايد للمجتمع الدولي على دمشق بعد سقوط النظام السابق في كانون الأول 2024. كما تعكس رغبة بريطانيا في الانخراط مجدداً في صياغة مستقبل سوريا، من خلال دعم جهود العدالة الانتقالية وتحقيق التوازن الإقليمي.
وكانت المملكة المتحدة قد نسّقت في نيسان الماضي مع دولة قطر لإطلاق برنامج مشترك لدعم سوريا، ركّز على المساعدات الإنسانية وتعزيز التعافي الاقتصادي. وجاء ذلك في إطار لقاء جمع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ونظيره البريطاني ديفيد لامي، تحت شعار: "شركاء من أجل المستقبل".
تواصلت في دمشق أعمال المؤتمر الطبي الدولي الثالث والعشرين الذي تنظمه الجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز)، بالتعاون مع وزارتي الصحة والتعليم العالي والبحث العلمي، تحت شعار: *"معاً لبناء النهضة الطبية والتعليمية في سوريا"*. وتركزت محاور اليوم الثاني على ملفات الصحة العامة، والصحة النفسية، وأمراض القلب والدم، والأورام، وطب الأسنان.
وشهد المؤتمر نقاشات موسعة حول تعزيز قدرات النظام الصحي السوري، وتطوير برامج الرعاية الصحية الشاملة، لا سيما في مجالات التغذية، وطب الأسرة، والصحة النفسية للعاملين في المجال الطبي، إضافة إلى قضايا طبية تخصصية مثل السمنة لدى الأطفال، وأمراض الدم الخبيثة، ومبادئ علاج الأورام، والتشخيص الوراثي.
وقال وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور مروان الحلبي، في تصريح صحفي، إن الوزارة تضع دعم البحث العلمي وتطوير قدرات الأطباء على رأس أولوياتها، مؤكداً توافق ذلك مع أهداف المؤتمر في بناء الكفاءات الطبية السورية ومواكبة التطورات العالمية.
وأوضح أن محاضرته ركّزت على التشخيص الوراثي قبل الانغراس كوسيلة لتفادي الأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب، عبر تقنيات التلقيح المساعد وإرجاع الأجنة السليمة.
من جهته، أشار رئيس الجمعية الطبية السورية الأمريكية، الدكتور عارف الرفاعي، إلى أهمية المؤتمر الذي يُعد الأول من نوعه في سوريا بعد التحرير، بمشاركة 70 محاضراً و600 طبيب من مختلف الاختصاصات، إضافة إلى 30 بحثاً علمياً.
وكشف عن انطلاق بعثات طبية قبل المؤتمر في محافظات دير الزور وحلب وإدلب، على أن تستكمل في محافظات دمشق، حمص، حماة، اللاذقية، درعا، ودير الزور، بمشاركة 170 طبيباً.
وأوضح الدكتور الرفاعي أن الجمعية تركز بشكل خاص على دعم الصحة النفسية للأطفال والمعتقلين السابقين، وتعمل على تدريب وتأهيل الكوادر الطبية، انطلاقاً من إيمانها بدورها الوطني في إعادة بناء القطاع الصحي السوري.
بدوره، شدد رئيس الجلسة العلمية، الدكتور جهاد الحرش، على أهمية ما طُرح من محاور خلال الجلسة، ومنها دور الصيام المتقطع في تعزيز الصحة العامة، وطرق الحفاظ على الصحة الإنجابية، ووسائل الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية.
في السياق ذاته، أوضحت الدكتورة هزار جبر، عضو هيئة البورد في الجمعية، أن محور طب الأسنان شمل مستجدات علاج الأسنان لدى الأطفال، وجراحة الشفة والحنك، وزراعة الأسنان، مؤكدة السعي لتعزيز مفهوم الصحة الفموية وأهمية التشخيص المتكامل.
من جانبها، قدّمت طالبة الطب سوزانا سلطان (السنة السادسة) بحثاً تناول تحسين جودة العلاقة بين الطبيب والمريض، من خلال تحليل تجارب الأطباء ومواطن القصور في التشخيص والتدبير السريري، وتقديم حلول تضمن تحسين التواصل والخدمة الطبية.
وكانت فعاليات المؤتمر قد انطلقت يوم أمس على مدرج جامعة دمشق، وتستمر لعدة أيام، بهدف توفير منصة تجمع الأطباء والأكاديميين والخبراء في المجال الطبي والإنساني، لتعزيز التعاون العلمي، وتبادل الخبرات، وبحث سبل النهوض بالقطاع الصحي في سوريا بعد سنوات من الحرب والانقسام.
أكدت وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية، في بيان لها يوم السبت 5 تموز، استمرار صرف رواتب المعلمين والمعلمات في محافظة إدلب بالدولار الأميركي، كما هو معتمد سابقاً، دون أي انتقاص أو تعديل، وذلك رغم دخول العطلة الصيفية.
وأوضح البيان أن هذا الالتزام يشمل أيضاً فترة الإجازة الصيفية، ضمن إطار الأنشطة التربوية التي أعدّتها مديرية التربية في إدلب، بهدف تعزيز دور الكادر التعليمي وضمان استمرارية العملية التربوية.
وتأتي مواصلة صرف الرواتب خلال العطلة الصيفية كخطوة إضافية نحو تحسين الأوضاع المعيشية للمعلمين، في وقت تواجه فيه العملية التربوية في شمال غربي سوريا تحديات مالية وميدانية متواصلة.
وأكدت الوزارة أن وزارة المالية ستتولى، مشكورة، تأمين أي عجز محتمل في الموارد، بما يضمن انتظام الصرف وعدم تأثر المعلمين بأي ضغوط مالية خلال العطلة الصيفية، في ظل مساعٍ حثيثة من الجهات التعليمية للحفاظ على الكادر التعليمي ودعمه في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة.
وكان نظّم عشرات المعلمين والمعلمات في مدينة إدلب، وقفة احتجاجية أمام دائرة الامتحانات، اعتراضاً على قرار وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد الرحمن تركو، القاضي بمساواة معلمي إدلب بمعلمي بقية المحافظات السورية من حيث الرواتب، متجاهلاً الظروف الاستثنائية التي عانوها خلال سنوات الحرب من قصف ونزوح وانقطاع للرواتب.
وأثار القرار، فور انتشاره عبر منصات التواصل الاجتماعي، موجة غضب عارمة من الاستياء والرفض في الأوساط التعليمية بالمحافظة، دفعتهم إلى التعبير عن اعتراضهم بشكل علني، حيث رفعوا لافتات حملت شعارات ترفض القرار صباح يوم السبت 5 تموز/يوليو في تمام الساعة العاشرة. ومن أبرز العبارات التي رفعها المحتجون: "من حمل اللوح بين الأنقاض ليس كمن درس في القصور.. فلا تساوِ في الجزاء، فأين العدل والإنصاف؟".
اعتراضات تستند إلى واقع استثنائي
يرى المعلمون أن القرار غير منصف ويُغفل الفروقات الكبيرة بين ظروفهم وظروف زملائهم في المحافظات الأخرى، فالكثير منهم تعرّض للفصل من عمله والحرمان من راتبه نتيجة مواقفه السياسية المناهضة للنظام البائد، وتعرض آخرون لتهم كيدية من قبل أجهزة الأسد الأمنية، بسبب نشاطهم أو تقارير كيدية قدمت بحقهم.
يأمل معلمو إدلب أن تعكس السياسات التعليمية بعد سقوط نظام الأسد حجم التضحيات التي قدموها، لا سيما أنهم صبروا على انقطاع الرواتب والعمل المجاني لسنوات، ويتطلعون اليوم إلى تحسين أوضاعهم ومعالجة ملفاتهم بروح العدالة، لا بمنطق المساواة الشكلية الذي يساوي بين من قدّم تضحيات ومن عاش في ظروف مستقرة. وقد عبّروا من خلال هذه الوقفة عن مطلبهم الأساسي: "إنصاف المعلم الذي صمد في وجه الحرب، لا معاملته كمجرد رقم في جدول الرواتب".
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم بلاده الكامل لسوريا في مساعيها نحو إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار، مشدداً على أن السلام الدائم في سوريا يخدم مصالح تركيا الإقليمية، محذراً في الوقت ذاته من أن أنقرة ستتصدى لكل من يحاول عرقلة هذه المسيرة.
وفي تصريحات أدلى بها للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته من زيارة رسمية إلى أذربيجان، نقلتها وكالة "الأناضول"، قال أردوغان: "تركيا ستبقى إلى جانب الشعب السوري في سعيه نحو الوحدة الوطنية والبناء، كما كانت منذ انطلاق الثورة السورية"، معرباً عن تفاؤله بأن الإدارة السورية الجديدة ستتحرك بخطى أسرع نحو التنمية، خاصة بعد قرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات المفروضة سابقاً.
وشدد الرئيس التركي على أن "سوريا القوية والمستقرة ستنعكس إيجاباً على محيطها وجيرانها"، مؤكداً أن أنقرة تواصل دعمها الكامل لبسط سيطرة الجيش السوري الوطني على كامل الأراضي السورية، باعتبار ذلك حجر أساس في ضمان وحدة البلاد، وهي مسألة وصفها أردوغان بأنها "بالغة الأهمية" بالنسبة لتركيا.
وفي ما يخص العلاقات الثنائية، أشار أردوغان إلى أن عملية إعادة بناء العلاقات بين أنقرة ودمشق تشهد تقدماً ملحوظاً، مؤكداً على أهمية تفعيل مشاريع اقتصادية مشتركة، مثل مناطق التجارة الحرة، والقواعد اللوجستية، والأسواق الحدودية، في شمال سوريا، كجزء من خطط دعم التنمية في البلاد.
كما جدّد أردوغان التزام بلاده بالمساهمة في القضاء التام على الإرهاب داخل الأراضي السورية، بما يشمل جميع الجماعات المسلحة غير الرسمية، بما يضمن توحيد السلاح تحت سلطة الدولة السورية، وبسط سيادة الجيش الوطني السوري وحده.
وتعليقاً على قرار رفع العقوبات الغربية عن سوريا، اعتبر الرئيس التركي أن الخطوة ستساهم في تسريع عملية التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، وتفتح الباب أمام فرص تنموية جديدة.
واختتم أردوغان بالإشارة إلى مبادرة أذربيجانية لدعم سوريا في مجال الطاقة، كاشفاً عن استعداد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لتقديم كافة أشكال الدعم لدمشق، خاصة في ملف الغاز الطبيعي، واصفاً المبادرة بأنها "في غاية الأهمية"، وتعكس التوجه الإقليمي نحو دعم سوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
يستعد السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، لعقد لقاء مرتقب مع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، في سياق مشاورات ثنائية تتناول مستقبل الاتفاق الموقع بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، إضافة إلى التنسيق المستمر في ملف مكافحة الإرهاب، خاصة مواجهة خطر تنظيم "داعش" في سوريا والعراق.
ووفقاً لما كشفه مصدر مقرّب من "قسد" لقناة "العربية"، فإن اللقاء يهدف إلى مراجعة آليات تنفيذ الاتفاق المبرم في 10 آذار/مارس 2025 بين عبدي والرئيس أحمد الشرع، والذي قضى بدمج مؤسسات الإدارة الذاتية المدنية والعسكرية ضمن هيكل الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطارات وحقول الطاقة، مقابل ضمانات دستورية للمكوّن الكردي ورفض أي مشاريع انفصالية.
ويُتوقع، بحسب المصدر، أن يقترح باراك إدخال تعديلات على الاتفاق السابق أو الدفع نحو صياغة اتفاق جديد بدعم فرنسي، بما يتلاءم مع المستجدات السياسية والأمنية في شمال شرقي سوريا.
من المنتظر أن يبحث اللقاء أيضاً استمرار التعاون العسكري بين التحالف الدولي و"قسد"، خاصة في ظل تصاعد نشاط تنظيم "داعش" في عدد من المناطق، ما أثار مخاوف واشنطن من احتمالات انهيار أمني وشيك، بحسب ما نقله المصدر عن اتصال هاتفي سابق بين باراك وعبدي.
كما سيتطرق اللقاء إلى العلاقة الشائكة مع تركيا، التي تعتبر "قسد" امتداداً لحزب العمال الكردستاني، وتعارض أي شراكة رسمية معها داخل سوريا.
ورغم عدم تأكيد مكان انعقاد الاجتماع حتى الآن، رجّحت المصادر أن يُعقد اللقاء خلال أيام في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، في ظل سوابق جمعت مظلوم عبدي بمسؤولين دوليين بارزين في المدينة، من بينهم وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو.
رجّحت مصادر أن يقوم باراك بزيارة ميدانية إلى قواعد التحالف الدولي المنتشرة في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، والتي تدار بالتعاون مع "قسد"، ما يعكس استمرار الدعم الأميركي العسكري والاستخباراتي لتلك القوات.
الاتفاق الذي تم توقيعه في آذار/مارس الماضي بين الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي مثّل تحولاً سياسياً كبيراً بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024. وقد نص الاتفاق على ما يلي "دمج الهياكل المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية في مؤسسات الدولة المركزية، وضمان التمثيل السياسي والدستوري للمكوّن الكردي بوصفه مكوّناً أساسياً من النسيج السوري، ورفض مشاريع التقسيم وخطاب الكراهية، مع التأكيد على وحدة سوريا أرضاً وشعباً.
ويُنظر إلى هذا الاتفاق بوصفه أحد الأعمدة الأساسية في عملية الانتقال السياسي التي تشهدها البلاد، كما أنه أعاد ضبط العلاقة بين الطرفين على أسس وطنية ودستورية، بعد سنوات من القطيعة والتوتر خلال حكم النظام السابق.
تأتي زيارة باراك في وقت تسعى فيه واشنطن وباريس إلى ضمان استقرار مناطق شمال شرقي سوريا، ومنع أي فراغ أمني أو فوضى قد يستغلها تنظيم "داعش"، أو تؤدي إلى تصعيد بين "قسد" وتركيا. وتُعدّ فرنسا من أبرز الداعمين للاتفاق بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، وتسعى إلى رعايته وضمان استمراره ضمن أطر قانونية ومؤسساتية واضحة.
تشير مجمل المعطيات إلى أن اللقاء المرتقب بين المبعوث الأميركي مظلوم عبدي سيكون محطة مفصلية في مسار العلاقة بين الإدارة الذاتية والتحالف الدولي، وربما يفتح الباب أمام تفاهمات أوسع مع دمشق، تصب في مصلحة الاستقرار السياسي والعسكري في شرق الفرات، وتُرسي قواعد جديدة للعلاقة بين القوى الدولية والقوى المحلية بعد تحوّل المشهد السوري.
استقبل رئيس الجمهورية العربية السورية، السيد أحمد الشرع، اليوم في العاصمة دمشق، وزير خارجية المملكة المتحدة، السيد ديفيد لامي، وذلك بحضور وزير الخارجية السوري السيد أسعد الشيباني.
وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين سوريا والمملكة المتحدة، وسبل تطويرها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، بما يعكس تطلعات البلدين إلى تعزيز أطر التعاون المتبادل بعد مرحلة التحولات الإقليمية الجذرية.
كما تناولت المباحثات آخر المستجدات الإقليمية والدولية، وسبل التنسيق المشترك في الملفات ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما الأوضاع في الشرق الأوسط، وتداعيات النزاعات الممتدة في المنطقة على أمن واستقرار الشعوب.
وأكد الرئيس أحمد الشرع خلال اللقاء على أهمية الحوار والانفتاح على المجتمع الدولي، مشددًا على أن سوريا تتطلع إلى علاقات متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، معربًا عن تقديره للدور البريطاني في دعم العملية السياسية والمساهمة في إعادة الاستقرار.
من جانبه، عبّر الوزير البريطاني ديفيد لامي عن حرص بلاده على فتح صفحة جديدة من العلاقات مع دمشق، مشيرًا إلى أن زيارة اليوم تأتي في إطار جهود لندن لتعزيز التعاون مع الحكومة السورية في ملفات محورية أبرزها مكافحة الإرهاب، وإعادة الإعمار، وملف اللاجئين.
وشدّد الجانبان على ضرورة استمرار التواصل والحوار المباشر، والتنسيق في المحافل الدولية بما يخدم السلم الإقليمي ويدعم جهود إعادة الاستقرار في سوريا بعد سنوات من الحرب والانقسام.
وتُعدّ زيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى دمشق، الأولى من نوعها منذ أكثر من عقد، وتشكل خطوة دبلوماسية لافتة في سياق الانفتاح الدولي على الحكومة السورية الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024.
وتحمل الزيارة دلالات سياسية مهمة، أبرزها اعتراف ضمني من لندن بشرعية السلطة الانتقالية في سوريا، وبدء تفكيك العزلة الغربية التي فُرضت على دمشق طوال سنوات الحرب، كما تعكس رغبة بريطانية في الانخراط الفاعل في مسار إعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتعزيز التعاون الثنائي في ملفات إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن دور محتمل للمملكة المتحدة في دعم مسار العدالة الانتقالية، ومواكبة التحولات الإقليمية الجارية في المنطقة.
كشف موقع "ذا ناشيونال" أن الولايات المتحدة بدأت تحركات داخل مجلس الأمن الدولي لطرح مشروع قرار يهدف إلى رفع العقوبات المفروضة على الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، إضافة إلى شطب "هيئة تحرير الشام" من قائمة الكيانات الإرهابية المعتمدة من قبل الأمم المتحدة.
ونقل الموقع عن مصادر دبلوماسية أن واشنطن باشرت مشاورات أولية مع الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس، وهي فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، في محاولة لبناء توافق حول المشروع، وسط انقسام واضح في المواقف تجاه الخطوة.
وأكدت المصادر أن المناقشات "معقّدة وتتطلب معالجة كل حالة بشكل منفصل"، مشيرة إلى أن اعتماد القرار يتطلب موافقة جميع أعضاء المجلس الخمسة عشر بالإجماع، وهو ما يجعل العملية محفوفة بالتحديات.
ورغم استمرار العقوبات، حصل الرئيس الشرع سابقاً على استثناءات سمحت له بزيارة السعودية في فبراير، ثم فرنسا في مايو، فيما يُتوقع أن يشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر، في حال جرى تبنّي المشروع.
تحفظات أوروبية وصينية
أبدت الصين تحفظاً على فكرة رفع العقوبات عن جماعات تضم مقاتلين أجانب، بينما أعربت باريس ولندن عن قلقهما من تداعيات تخفيف القيود على "هيئة تحرير الشام"، المصنّفة كتنظيم مرتبط بالقاعدة ومتهم بلعب دور رئيسي في النزاع المسلح في سوريا.
وكانت فرنسا وبريطانيا قد دفعتا عام 2014 لإدراج كل من الرئيس أحمد الشرع و"هيئة تحرير الشام" على لائحة العقوبات الدولية، بينما أُضيف اسم وزير الداخلية أنس خطاب لاحقاً بمبادرة أمريكية. وتشمل هذه العقوبات حظر السفر وتجميد الأصول ومنع نقل السلاح، ما قيد حركة الحكومة السورية على الساحة الدولية.
خلفيات سياسية وتحذيرات أمنية
وفي السياق، قالت مايا أونجار، المحللة في مجموعة الأزمات الدولية، إن العقوبات المفروضة على الشرع وخطاب والفصيل المسلح ترتبط مباشرة بعلاقتهم السابقة مع تنظيمي القاعدة وداعش، مشيرة إلى أن رفعها يجب أن يتم بناءً على مراجعة واضحة لفك هذا الارتباط.
واعتبرت أونجار أن المشروع المطروح يحمل أبعاداً سياسية تهدف إلى "منح سوريا فرصة للانخراط في مرحلة استقرار وتعافٍ طويلة الأمد"، لكنها حذّرت من التسرع في اتخاذ قرارات قد تساهم في تصعيد العنف، خاصة بعد الهجوم الأخير على كنيسة مار إلياس في دمشق، والذي وصفته بـ"المؤشر المقلق".
وأشارت إلى أن الحكومة السورية أظهرت بعض الجدية في مواجهة تنظيم داعش، عبر تنفيذ اعتقالات وتنفيذ أحكام بالإعدام بحق عدد من عناصره، ما دفع واشنطن لبحث إمكانية توسيع التعاون الأمني مع دمشق في ملف مكافحة الإرهاب، واختتمت أونجار بالإشارة إلى أن تمكين الرئيس الشرع من إدارة ملف الإرهاب بفعالية "يتطلب رفع العقوبات عنه ومنحه الموارد والصلاحيات اللازمة لتنفيذ مهماته الأمنية".
أعلنت وزارة المالية السورية أن لجنة الإصلاح الضريبي استعرضت خلال اجتماعها الأسبوعي الرابع، يوم السبت 5 حزيران/ يونيو، خطة لتوزيع ورقة مفاهيمية أولية تتعلق بالنظام الضريبي الجديد في البلاد، وذلك خلال الأسبوعين المقبلين، تمهيداً لإصدار القانون المرتقب للضريبة الموحدة على الدخل، المتوقع دخوله حيز التنفيذ مطلع عام 2026.
مراجعة رسوم البيوع العقارية وإلغاء ضريبة الإنفاق الاستهلاكي
وأفادت الوزارة، عبر معرفاتها الرسمية، بأن اللجنة أنجزت مراجعة رسوم البيوع العقارية، على أن تُطبق قريباً، كما أقرت إلغاء ضريبة الإنفاق الاستهلاكي واستبدالها بضريبة مبيعات مبسطة تتضمن إعفاءات موسعة، ضمن مسار تمهيدي للتحول إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة مستقبلاً.
وبحسب البيان، لا تزال المشاورات قائمة مع الوزارات والهيئات المختلفة لتعديل الرسوم، بالتنسيق مع لجنة الإصلاح الضريبي، التي شددت بدورها على أهمية التحول الرقمي في تسديد الرسوم الحكومية، وتحسين قنوات التواصل مع المواطنين، إلى جانب رفع القدرة على الاستجابة لشكاواهم، رغم أن بعض هذه المهام تقع خارج صلاحياتها المباشرة.
وفي تصريح عبر حسابه على "لينكد إن"، أقر وزير المالية "محمد يسر برنية"، بوجود تحديات عميقة وإرث ثقيل في ملف الضرائب والعدالة الضريبية، مؤكداً أن الوزارة تدرك وجود تقصير في الاستجابة لشكاوى المواطنين، لكنها مصممة على معالجة هذه القضايا، حتى وإن كانت خارج نطاق اختصاص لجنة الإصلاح الضريبي بشكل مباشر.
تندرج هذه الخطوات ضمن خطة وزارة المالية لتعزيز بيئة الأعمال في سوريا وتطوير الإدارة الضريبية عبر استخدام الوسائل التقنية الحديثة، في مسعى منها لتنشيط الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات في المرحلة المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة المالية كانت قد أصدرت في حزيران الماضي قراراً بتشكيل لجنة الإصلاح الضريبي، بهدف مراجعة منظومة الضرائب والرسوم، وإعداد نظام ضريبي عصري يعكس رؤية شاملة لإصلاح السياسة الضريبية في البلاد.
تواصل فرق الدفاع المدني والجهات المختصة في محافظة اللاذقية جهودها لإخماد سلسلة من الحرائق المندلعة منذ ثلاثة أيام في مناطق واسعة من ريف المحافظة، وسط ظروف ميدانية بالغة الصعوبة تفاقمها التضاريس الوعرة، وسرعة الرياح، والانفجارات المتكررة لمخلّفات الحرب.
وأفادت مؤسسة الدفاع المدني عن إصابة عدد من متطوعي الدفاع المدني واحتراق إحدى آلياتهم خلال محاولتهم تطويق النيران في منطقة قسطل معاف، حيث حاصرت النيران فرق الإطفاء وفريق القناة أثناء تغطيتهم لعمليات الإخماد.
وأشارت إلى أن ألسنة اللهب امتدت إلى قرى التفاحية والروضة والميدان ومحيط بلدة ربيعة، في ظل صعوبات كبيرة تعيق الوصول إلى بؤر الاشتعال بسبب تضاريس المنطقة الجبلية وتسارع حركة الرياح.
وقال المتطوع في الدفاع المدني شحود الحسين، في تصريح نشره الدفاع المدني عبر معرفاته الرسمية: "نواصل الليل بالنهار بعزيمة كبيرة لإخماد الحرائق الهائلة التي تلتهم غابات ريف اللاذقية، ورغم التحديات التي تفرضها الرياح والتضاريس الجبلية وانفجارات الألغام لم نتوقف، لأن ما يحترق ليس مجرد أشجار، بل رئة سوريا الخضراء وذاكرة أرضها".
من جانبها، أعلنت وزارة الزراعة أن مديرية الحراج في اللاذقية استأنفت صباح اليوم جهودها لعزل جبهات النار، بعد تسجيل هدوء نسبي في حركة الرياح.
وأوضح مدير الحراج مجد سليمان أنه جرى إعادة توزيع الآليات والكوادر على محاور السودة والخضرة والميدان، إضافة إلى بيت القصير والإيمان والغسانية الشقراء، باستخدام بلدوزرات وفرق ميدانية متخصصة، بهدف وقف تمدد النيران إلى مناطق جديدة.
وأعلن وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح، عن بدء مشاركة فرق تركية في جهود الإخماد، عقب اجتماع ميداني عُقد صباح السبت مع الجانب التركي في منطقة ييلا داغ الحدودية.
وأكد دخول طائرتين مروحيتين و11 آلية تركية إلى الأراضي السورية، مشيراً إلى أن العمليات تتم بتنسيق مشترك مع 62 فريقاً من الدفاع المدني وأفواج الغطاء الحراجي، موزعين على ستة محاور رئيسية.
وكان الوزير قد وصل مساء الجمعة إلى محافظة اللاذقية، حيث تفقد الأعمال ميدانياً برفقة المحافظ محمد عثمان، مشدداً على استمرار الجهود حتى السيطرة الكاملة على جميع البؤر المشتعلة.
وجّه عدد من النشطاء الفلسطينيين في سوريا انتقادات حادة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، متهمينها بتقليص خدماتها ومساعداتها المالية، في وقتٍ تتفاقم فيه الأزمة المعيشية والاقتصادية للاجئين داخل البلاد.
وأوضح النشطاء، من خلال تدوينات وتصريحات على منصات التواصل الاجتماعي، أن الوكالة لم تبادر إلى تقديم دعم مالي طارئ للأسر التي تضررت منازلها خلال سنوات الحرب، ما أعاق عودتهم إلى مساكنهم الأصلية وساهم في تفريغ المخيمات الفلسطينية من سكانها، وتعميق معاناة اللاجئين المستمرة.
وانتقدوا إدارة الأونروا في سوريا لاعتمادها على تقارير "غير دقيقة" – على حد وصفهم – بشأن الواقع الميداني، وعدم إيصال صورة حقيقية للأوضاع إلى المقرات الإقليمية والدولية، ما يؤدي إلى قرارات لا تعكس احتياجات اللاجئين الفعلية، وفق "مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا".
كما عبّر النشطاء عن استيائهم من غياب الشفافية في توزيع الموارد، مشيرين إلى أن "رواتب موظفي الوكالة في سوريا تتجاوز بكثير حجم الدعم المقدم للعائلات المتضررة"، وهو ما اعتبروه اختلالاً في أولويات التوزيع.
وتطرق المحتجون إلى صعوبة وصول اللاجئين إلى مقار الأونروا بسبب الحواجز الأمنية والإجراءات المشددة في محيط بعض المكاتب، مما يقيّد قدرتهم على متابعة شكاواهم أو إيصال صوتهم إلى المسؤولين.
وطالب النشطاء بإجراء مراجعة شاملة لأداء مكتب الأونروا في سوريا، داعين إلى تعزيز آليات الشفافية والمحاسبة، وضمان وصول الدعم إلى الفئات الأشد حاجة، في ظل استمرار ظروف التهجير والحرمان التي يعيشها الفلسطينيون في سوريا منذ أكثر من عقد.