٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
عُقد في العاصمة السورية دمشق اليوم مؤتمر صحفي مشترك جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان، وذلك عقب زيارة رسمية رفيعة المستوى لوفد تركي إلى سوريا، في توقيت دقيق تشهده المنطقة على المستويين السياسي والأمني.
وفي مستهل تصريحاته، أكد الشيباني أن الرئيس أحمد الشرع أجرى مباحثات موسعة مع الوفد التركي تناولت ملفات أساسية، في مقدمتها التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، ولا سيما بعد رفع العقوبات الأميركية عن سوريا.
كما بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون الاستخباراتي والعسكري، إضافة إلى ملف عودة اللاجئين السوريين، باعتباره أحد المحاور ذات الأولوية في المرحلة المقبلة.
وأشار الشيباني إلى أن المباحثات شملت أيضاً مكافحة الإرهاب، مع التركيز على محاربة تنظيم “داعش” ومنع إعادة ظهوره داخل الأراضي السورية، إلى جانب مناقشة رؤية مشتركة للتعامل مع الأوضاع في شمال شرقي سوريا، بما يضمن وحدة البلاد واستقرارها.
وشدد وزير الخارجية السوري على أن العلاقات بين دمشق وأنقرة علاقات استراتيجية، مؤكداً أنها تشهد تطوراً متواصلاً في مختلف القطاعات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.
وتطرق الشيباني إلى اتفاق العاشر من آذار الموقع مع “قسد”، معتبراً أنه يعبر عن الإرادة السورية في توحيد الأراضي السورية. إلا أنه أشار إلى أن الحكومة السورية لم تلمس حتى الآن إرادة جدية من جانب “قسد” لتنفيذ الاتفاق. وأوضح أن دمشق بادرت مؤخراً بتقديم مقترح يهدف إلى تحريك الاتفاق بصورة إيجابية، وقد تلقت رداً عليه يوم أمس يجري حالياً دراسته.
وأكد الشيباني أن منطقة الجزيرة تمثل جزءاً أساسياً من الدولة السورية وتحظى باهتمام خاص من الحكومة، محذراً من أن أي تأخير في اندماج “قسد” من شأنه أن يؤثر سلباً على استقرار المنطقة ويعرقل جهود إعادة الإعمار والتنمية فيها.
من جانبه، وصف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان اللقاءات التي عقدت في دمشق بالمثمرة، مؤكداً أنها تناولت قضايا مهمة استناداً إلى التعاون الاستراتيجي بين البلدين. وشدد على أن تركيا تولي أهمية كبيرة لاستقرار سوريا، معرباً عن استعداد أنقرة لتقديم مختلف أشكال الدعم لتحقيق هذا الهدف.
وفيما يتعلق بالتصعيد الإقليمي، أوضح فيدان أن المباحثات تطرقت إلى الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، مؤكداً ضرورة تخلي إسرائيل عن سياساتها التوسعية لما لذلك من أثر مباشر على استقرار سوريا والمنطقة ككل.
وأشار فيدان إلى أن الجانبين بحثا آليات التعاون المشترك في محاربة تنظيم “داعش”، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة تنفيذ اتفاق العاشر من آذار بين الحكومة السورية و”قسد”.
واعتبر أن اندماجها ضمن مؤسسات الدولة السورية سيكون في مصلحة الجميع، إلا أنه لفت إلى أن الانطباع السائد هو عدم وجود نية حقيقية لدى “قسد” لتنفيذ الاتفاق.
واختتم فيدان تصريحاته بالتأكيد على أهمية رفع قانون قيصر عن سوريا، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل عاملاً مهماً في دعم استقرار سوريا والمنطقة بشكل عام.
ويأتي هذا المؤتمر الصحفي عقب وصول وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق، ضم وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، في إطار زيارة رسمية تعكس تنامياً في مستوى التنسيق السياسي والأمني بين البلدين، في ظل مرحلة إقليمية بالغة الحساسية.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
تشهد محافظة السويداء تصعيداً خطيراً في ملف منازل أبناء العشائر العربية "البدو"، لم يعد يقرأ بوصفه تجاوزات فردية أو فوضى عابرة، بل عملية ممنهجة وموجهة تقودها مجموعات ميليشيا "حكمت الهجري"، ومقرّبون منه، بهدف تثبيت أمر واقع جديد لا يسمح بعودة المدنيين المهجّرين إلى منازلهم منذ أحداث تموز الفائت.
وأكدت مصادر محلية متطابقة أن عمليات النهب والتخريب والاستيلاء تُنفذ بشكل انتقائي وفي مناطق محددة، وتحت حماية مباشرة أو تغطية من ميليشيا الهجري، في سياق سياسة ضغط واضحة تقوم على تدمير البيئة السكنية للبدو وتجريدهم من ممتلكاتهم، بما يجعل عودتهم أمراً بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً.
وتحولت مناطق عدة خاضعة لسيطرة ميليشيا الهجري إلى ساحات نهب مفتوح، لا سيما في مدينة السويداء ومحيطها، حيث سجلت عمليات حرق واستيلاء على منازل البدو، وجرى توطين نازحين فيها بدلاً من توجيههم إلى مراكز الإيواء، في خطوة تعكس سعياً واضحاً لإعادة رسم الخريطة السكنية بالقوة.
وتبرز قرية ريمة اللحف في ريف السويداء الغربي كنقطة الذروة في هذه الانتهاكات، إذ تعرض أكثر من 130 منزلاً تعود لعائلة الحمود لعمليات نهب وتخريب واسعة، شملت سرقة الحديد من الأسقف، تفكيك البلوك، وهدم أجزاء من الأبنية المهجورة.
وحملت مصادر ميدانية مجموعات مسلحة، معظمها من بلدة عريقة المجاورة، مسؤولية تنفيذ هذه العمليات، مؤكدة أنها تتحرك بأوامر مباشرة أو بضوء أخضر من الهجري، في ظل غياب كامل لما يسمى للجنة القضائية العليا وميليشا الحرس الوطني، ما يعزز فرضية التواطؤ والتغطية المقصودة.
وترى مصادر أهلية أن الهدف الأساسي من هذه الانتهاكات ليس السلب المادي فقط، بل منع عودة البدو إلى مناطقهم عبر تدمير منازلهم وتحويلها إلى هياكل غير صالحة للسكن، بما يكرّس تهجيراً دائماً ويمنح ميليشيا الهجري نفوذاً أوسع على الأرض.
وتؤكد أن هذا النهج يترافق مع تفكك إداري وقانوني متعمّد، يتجلى في تعطيل المحاسبة، وتجاهل الشكاوى، وترك الممتلكات العامة والخاصة عرضة للانتهاك، كما يظهر في قضية بلدية ريمة اللحف، حيث سُجّلت تجاوزات قانونية خطيرة دون أي إجراء رادع.
وتظهر توثيقات مصورة من تجمع المنشية عمليات تفكيك المنازل وسرقة محتوياتها، في مشاهد تعكس حجم الانتهاك، وتؤكد أن ما يجري ليس حالات فردية، بل سياسة مستمرة تُدار من أعلى.
وفي ظل هذا الواقع، تتصاعد الأسئلة حول دور الجهات المحلية، وصمتها إزاء ما يحدث، بينما تستمر ميليشيا الهجري في فرض معادلة تقوم على القوة والنهب لتكريس واقع جديد في السويداء.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
أعلنت وزارة الداخلية يوم الأحد 21 كانون الأول/ ديسمبر، أن وحدات الأمن الداخلي، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، نفذت عملية أمنية محكمة في مدينة داريا بريف دمشق استهدفت وكرًا تابعًا لتنظيم داعش الإرهابي، وذلك بعد تحريات دقيقة ومتابعة استخبارية مستمرة لتحركات عناصر الخلية خلال الأسابيع الماضية.
وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، العميد "أحمد الدالاتي"، إن العملية أسفرت عن تفكيك الخلية الإرهابية بالكامل وإلقاء القبض على متزعمها وستة من أفرادها، إضافة إلى ضبط أسلحة وذخائر متنوعة وأموال كانت معدّة لتمويل أنشطة إرهابية.
وأوضح أن العملية نُفذت وفق أعلى درجات التخطيط والدقة، مع الالتزام الكامل بالإجراءات الاحترازية لضمان سلامة المدنيين، مشيرًا إلى أن نجاحها يعكس مستوى التنسيق العالي بين وحدات الأمن الداخلي وجهاز الاستخبارات العامة، وقدرتهما على تفكيك الخلايا الإرهابية ومنع تهديدها للأمن المجتمعي.
وأضاف أن هذه العملية تأتي في إطار استراتيجية مستمرة لتجفيف منابع الإرهاب وتعزيز السلم والاستقرار، مؤكدًا أن جميع المضبوطات تمت مصادرتها ونقلها إلى الجهات المختصة، فيما جرى تحويل متزعم الخلية وأفرادها إلى إدارة مكافحة الإرهاب لاستكمال التحقيقات تمهيدًا لعرضهم على القضاء المختص واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.
أكدت مصادر أمنية، صباح أمس، أن قوى الأمن الداخلي في محافظة درعا شنت حملة مداهمة في بلدة صيدا، واعتقلت شخصين متهمين بالانتماء لتنظيم داعش الإرهابي.
وأكد نشطاء لشبكة شام أن قوات الأمن ما تزال تواصل عملياتها لملاحقة جميع الأفراد المتهمين بالإنتماء لتنظيم داعش، حيث اعتقلت اثنين من أبرز قيادات التنظيم في المحافظة.
وأكد نشطاء لشبكة شام أن قوات الأمن الداخلي نفذت مداهمة مركزة لأحد المقار في بلدة صيدا بريف درعا الشرقي، أسفرت عن إلقاء القبض على كل من محمد مسالمة الملقب بـ“هفو”، و"مؤيد حوفوش" الملقب بـ“أبو طعجة”.
والموقوفين متهمان بالانخراط في أنشطة مرتبطة بخلايا متطرفة تابعة لتنظيم الدولة "داعش"، وأيضا نفذا أعمال إجرامية ساهمت في زعزعة الأمن والاستقرار في مدينة درعا وريفها، إضافة إلى تورطهما بالتعاون مع عصابات مسلحة استغلت حالة الفوضى خلال مرحلة النظام البائد.
وأكد النشطاء أو قوات الأمن الداخلي تواصل عملياتها وتستهدف كل من يثبت تورطه بالتعاون مع العصابات الخارجة عن القانون والمجموعات المتطرفة، دون أي اعتبارات عشائرية أو اجتماعية.
ولم يصدر أي تصريح رسمي من وزارة الداخلية بعد، أي أو جهة رسمية في محافظة درعا، حيث يبدو أن الحملة ما تزال مستمرة، حيث نوه نشطاء أن قوات الأمن على ما يبدو عثرت على أسلحة ومعدات وعبوات ناسفة في المقرات.
وتجدر الاشارة أن نشطاء قد وثقوا انتماء "محمد المسالمة" الملقب (هفو) لتنظيم داعش، مؤكدين تورطه في عدة عمليات تفجير واغتيال استهدفت مقرات عناصر الجيش الحر في درعا قبيل اتفاق التسوية عام 2018 وبعده ووايضا بعد التحرير.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
سجلت حملات التبرع التي أُطلقت في مختلف المناطق السورية حصيلة مالية غير مسبوقة، تجاوزت ملياراً و63 مليون دولار أمريكي حتى تاريخ 22 كانون الأول 2025، في مؤشر واضح على تصاعد الحراك المجتمعي والتضامن الشعبي لدعم القطاعات المتضررة والخدمات الأساسية وإعادة الإعمار المحلي.
وبحسب بيانات صادرة عن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، تصدّرت حملة "حلب ستّ الكل"، قائمة الحملات من حيث حجم التبرعات، محققة نحو 426 مليون دولار، لتكون الحملة الأكبر على مستوى البلاد من حيث الانتشار وحجم المشاركة.
وجاءت حملة "فداء لحماة" في المرتبة الثانية بإجمالي 210 ملايين دولار، تلتها حملة "الوفاء لإدلب"، التي جمعت 208 ملايين دولار، بينما حققت حملة "ريفنا بستاهل" نحو 76 مليون دولار، ما يعكس تركزاً واضحاً للحراك الإغاثي في المحافظات ذات الثقل السكاني والتحديات الخدمية الكبيرة.
وفي الجنوب السوري، سجّلت حملة "ابشري حوران" تبرعات بلغت 44 مليون دولار، في حين جمعت حملة "دير العز" نحو 30 مليون دولار، ما يشير إلى حضور لافت للمبادرات المناطقية في دعم الاحتياجات المحلية.
كما أظهرت البيانات تفاوتاً في حصيلة الحملات متوسطة الحجم، حيث بلغت تبرعات "السويداء منا وفينا" نحو 14 مليون دولار، و"أربعاء حمص" حوالي 13 مليون دولار، إلى جانب "فزعة منبج"، التي سجلت 11 مليون دولار، و"فجر القصير"، بنحو 10 ملايين دولار.
في حين حققت حملة "باب الخير" نحو 5 ملايين دولار، بينما سجلت حملة "أربعاء الرستن"، 3.5 ملايين دولار، وجمعت حملة "تفتناز بدنا نعمرها" حوالي 3.3 ملايين دولار، إلى جانب "وفاء لكفرنبل" و"لعيونك يا جرجناز" اللتين سجلت كل منهما 3 ملايين دولار.
كما بلغت تبرعات حملة "الكسوة بتستاهل" مليوني دولار، في حين جمعت حملة "أهل العز لا ينسون" نحو 1.2 مليون دولار، وسجّلت حملة الخفسة تجمعنا"، تبرعات بلغت 52 ألف دولار، في إطار مبادرات أصغر حجماً لكنها ذات بعد اجتماعي محلي.
وبحسب الحصيلة النهائية، بلغ إجمالي التبرعات 1,063,052,000 دولار أمريكي، ما يعادل ملياراً و63 مليوناً و52 ألف دولار، وهو رقم يعكس اتساع رقعة المبادرات المجتمعية وتحول حملات التبرع إلى أحد أبرز روافد الدعم الإنساني والخدمي في البلاد.
ويرى مراقبون أن هذا الزخم الشعبي يعكس مستوى عالياً من التكاتف الاجتماعي في مواجهة الأزمات الاقتصادية والخدمية، وسط مطالب متزايدة بضرورة ضمان الشفافية في إدارة هذه الأموال وتوجيهها نحو مشاريع مستدامة تلبي الاحتياجات الأكثر إلحاحاً، وتسهم في دعم الاستقرار المجتمعي وإعادة ترميم البنية الخدمية في مختلف المناطق السورية.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
وصل وفد تركي رفيع المستوى، اليوم الإثنين، إلى العاصمة السورية دمشق، ضمّ كلاً من وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، في إطار زيارة رسمية تأتي في مرحلة حساسة تشهدها المنطقة.
لقاء مرتقب مع الرئيس أحمد الشرع
ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الوفد التركي وصل دمشق في زيارة رسمية، بينما نقل "التلفزيون العربي" عن مصادر تركية، أن المسؤولين الأتراك سيعقدون اجتماعاً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي المتصاعد في جنوبي سوريا، وما يشكله من تهديد مباشر على الأمن الإقليمي.
دعم تركي معلن للاستقرار السوري
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد هنأ قبل أيام الشعب السوري بمناسبة الذكرى السنوية لسقوط نظام الأسد البائد، مؤكداً التزام أنقرة بمواصلة دعمها الكامل لوحدة الأراضي السورية وتعزيز الأمن والاستقرار.
أشاد أردوغان بصمود الشعب السوري خلال العام المنصرم، رغم ما وصفه بمحاولات التخريب والاستفزاز، مثمّناً الجهود التي بذلها السوريون في سبيل استعادة السيادة وبناء الدولة الجديدة، في ظل التحديات المتلاحقة التي تواجهها البلاد.
وسبق أن أكد وزيرا الخارجية والدفاع التركيان أنقرة أن استقرار سوريا يمثل أولوية للأمن القومي التركي، مع الإشارة إلى تنسيق متقدم وقوي بين تركيا ودمشق في الملفات الأمنية والعسكرية، خصوصاً عقب معركة "ردع العدوان" وسقوط نظام الأسد البائد.
غولر: تنسيق متصاعد مع دمشق وأولوية لمحاربة الإرهاب
صرّح وزير الدفاع التركي يشار غولر بأن التواصل مع الجانب السوري وصل إلى مستويات متقدمة، مشدداً على أهمية دمج "قسد" ضمن الجيش السوري وفق خارطة طريق واضحة، كما انتقد الممارسات الإسرائيلية في الجنوب السوري واعتبرها سبباً لزعزعة الاستقرار.
فيدان: قسد تستقوي بإسرائيل والجنوب السوري أخطر تهديد
من جانبه، اتهم وزير الخارجية هاكان فيدان "قسد" بالارتهان لإسرائيل، واعتبر أن تدخل تل أبيب في الجنوب السوري يمثّل تهديداً مباشراً لتركيا، داعياً إلى حوار مباشر بين دمشق و"قسد"، مشدداً على أن حل هذا الملف ضروري لاستقرار سوريا والمنطقة.
ورحّب فيدان برفع الولايات المتحدة لقانون "قيصر" عن سوريا، معتبراً ذلك خطوة مهمة لدعم جهود الإعمار، داعياً إلى تنسيق دولي لدعم هذه المرحلة، خاصة في ما يخص إعادة اللاجئين، وتفعيل الاستثمارات الاقتصادية بين سوريا وتركيا.
وكان جدّد فيدان رفض بلاده لأي مشاريع تقسيم أو فيدرالية، مؤكداً أن تركيا تعمل مع واشنطن ودمشق لضمان وحدة سوريا واستقرارها وخروج جميع قوى الإرهاب والاحتلال من أراضيها.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
سقط النظام البائد، وانتصرت الثورة السورية بعد أربعة عشر عاماً من التضحيات، وأُلغِي قانون قيصر، وحُلّت ملفات كانت تبدو مستحيلة، تغيّرت ملامح البلد، وتبدّلت الأحوال، وحتى الأزمات الكبرى وُضعت على طريق الحل.
لكن، وعلى الرغم من كل ذلك، بقي خلاف واحد عصيّاً على التسوية: الصراع الأزلي بين الحماصنة والحموية حول ملكية وأصل حلاوة الجبن، خلاف يهدأ أحياناً بدافع المجاملة، ثم ما يلبث أن يشتعل من جديد في مناسبة وطنية أو جلسة أصدقاء، أو حتى أمام صينية حلاوة بريئة لا ذنب لها سوى أنها وُضعت في المكان الخطأ.
يصرّ الحمصيون على أن حلاوة الجبنة تعود أصلاً إلى حمص، مستندين إلى شواهد تاريخية لا يمكن إنكارها… أو على الأقل لا يمكن لأحد يريد الضحك أن ينكرها! يقولون إن الحلوى كانت تُحضَّر وتُباع هناك منذ عقود، قبل أن تنتشر إلى باقي المدن السورية وكأنها اكتشاف عظيم للعالم كله.
وفي الذاكرة الشعبية الحمصية، حلاوة الجبنة حاضرة في كل مناسبة: من الزيارات العائلية إلى الاحتفالات، وحتى على الطاولة اليومية، لتذكّر الجميع بأن “الجبنة الحمصية هي الأصل”. كما يؤكد الحمصيون أن معظم الحرفيين المشهورين في صناعة الحلوى، حتى الذين فتحوا محالهم في مدن أخرى، هم حمصيون الأصل، حاملين معهم سر الحلاوة المثالي.
لكن، بالطبع، لم يمر ادعاء الحمصيين دون ردّ: الحمويون رفضوا الرواية بكل قوة، مؤكدين أن حلاوة الجبنة اشتهرت في حماة منذ عقود طويلة، وكانت تُحضَّر وتُباع في المعاصر والمنازل كأنها روتين يومي لا غنى عنه.
ويشيرون بفخر إلى أن العديد من صانعي الحلوى المشهورين في سوريا ينحدرون من حماة، وعملوا فيها لسنوات طويلة، كأنهم حراس سريّون للجبنة. كما شددوا على أن حلاوة الجبنة ليست مجرد طعم، بل جزء من هويتهم الثقافية والغذائية، وأن ذكرها في الذاكرة الشعبية مرتبط مباشرة بالمدينة.
وفي ظل هذه النقاشات المستمرة، حاولت شخصيات رسمية وحكومية بارزة، من مدن وبلدان مختلفة، التدخل لتهدئة الوضع ووضع حد للخلاف… لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل! فالحماصنة متمسكون بموقفهم، والحمويون مصرّون على ملكيتهم لحلاوة الجبنة، ليبقى الصراع بين الحماصنة والحموية أبدياً ومستحيلاً حله.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
شهدت غالبية المحافظات السورية عرض الفيلم الوثائقي "ردع العدوان"، وسط حضور لافت ضم نخبة من رجال الدين، والمثقفين، إلى جانب شخصيات رسمية، وجمهور واسع من مختلف شرائح المجتمع.
العرض الذي تحوّل إلى تظاهرة وطنية، جاء ليكرّس لحظة فارقة في الوعي الجمعي للسوريين، وليُعيد سرد واحدة من أعظم المعارك في تاريخ البلاد الحديث، من خلال رواية مدعّمة بالشهادات والوثائق.
استغرق عرض الوثائقي أكثر من ساعتين، كُشف خلالهما لأول مرة عن الكواليس العسكرية والسياسية لمعركة "ردع العدوان"، التي شكّلت منعطفاً تاريخياً في مسار الثورة السورية. استعرض الفيلم تفاصيل دقيقة من لحظات التحضير والانطلاق، وصولاً إلى دخول قوات الثورة السورية إلى العاصمة دمشق في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بعد تحرير حلب وحماة، في مشهد يصفه كثيرون بـ"الملحمة الوطنية الكبرى".
معركة كُتبت تفاصيلها بدماء الشهداء وصبر السوريين
رصد الوثائقي الأحداث بين 27 تشرين الثاني/نوفمبر وحتى لحظة سقوط نظام الأسد البائد، مسلطاً الضوء على القرار الاستراتيجي الذي اتخذته القيادة الثورية بإطلاق عملية التحرير، بعد سنوات من الاستنزاف والمعارك المتقطعة، ليشكّل الفيلم تأريخاً بصرياً لواحدة من أهم لحظات التحول في البلاد.
إنتاج وطني لرواية سورية خالصة
الفيلم من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، ويُعد أحد أبرز الأعمال التوثيقية التي أنتجت بعد سقوط الإرهابي الفار بشار الأسد، حيث يهدف إلى حفظ ذاكرة الثورة والانتصار، ونقلها للأجيال القادمة، ضمن رؤية وطنية تسعى إلى بناء سردية موحدة حول ما جرى، بعيداً عن التشويه أو التزوير.
رؤية فكرية توازي الانتصار العسكري
ما ميّز العرض أيضاً هو تزامنه مع النقاشات الفكرية والسياسية حول المرحلة الانتقالية، لا سيما بعد تسريب مشاهد من الفيلم تُظهر الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وهما يخطّان على سبورة بيضاء ملامح المرحلة المقبلة، في خطاب سياسي شامل، وجّه رسائل إلى الداخل السوري وإلى المجتمع الدولي، مؤكداً على قيام سوريا الجديدة على العدالة والانضباط، لا على الفوضى والانقسام.
لاقى الفيلم تفاعلاً كبيراً في الأوساط الشعبية والثقافية، واعتبره كثير من الحضور “وثيقة وطنية” تعيد الاعتبار لبطولات الثوار وتضحيات الشعب السوري، وتمنح الجمهور فهماً أعمق لما جرى خلف الكواليس، كما أسهمت بعض المشاهد المؤثرة في استحضار مشاعر الفخر، والحزن، والانتصار في آنٍ واحد.
ورأى نشطاء وباحثون أن معركة "ردع العدوان" كانت نتيجة جهود جبارة بدئها السوريون جميعاً منذ الصرخة الأولى ضد نظام الأسد البائد في عام 2011، وقدمت فيها فصائل الثورة وفعالياتها ومختلف شرائح المجتمع السوري ضروباً في التضحية والصبر والفداء للوصول للملحلة الأخيرة التي سطرت معركة التحرير، وباتت فاصلة تاريخية ليست في عمر سوريا وتاريخها بل أثرها على عموم الشرق الأوسط.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
بثّت قناة الإخبارية السورية، مساء الأحد، فيلماً وثائقياً حمل عنوان "معركة ردع العدوان"، وثّق فيه تفاصيل العملية العسكرية والسياسية الكبرى التي انطلقت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وانتهت بسقوط نظام الإرهابي الفار بشار الأسد، ودخول الرئيس أحمد الشرع إلى العاصمة دمشق في 8 كانون الأول/ديسمبر من العام ذاته.
ما بعد النصر.. ما الذي كشفت عنه السبورة البيضاء؟
رغم أهمية اللحظات الميدانية والسياسية التي عرضها الوثائقي، إلا أن مشهداً عابراً استحوذ على انتباه رواد مواقع التواصل الاجتماعي: ظهور الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني أمام سبورة بيضاء كُتبت عليها ملاحظات واستراتيجيات بدت وكأنها تمهّد لمعالم المرحلة المقبلة في سوريا.
لم يمر وقت طويل حتى بادر ناشطون ومتابعون إلى تفريغ ما كُتب على السبورة، ليظهر أنها تحمل خطاباً سياسياً متماسكاً وموجهاً لأطراف داخلية ودولية، يتضمّن رسائل واضحة، تؤسس لمرحلة جديدة عنوانها: السيادة، والوعي، والانضباط.
خطاب إلى موسكو.. تحييد لا قطيعة
أكدت الوثيقة ضرورة تحييد الموقف الروسي دون استفزاز، مشددة على أن العلاقة التاريخية بين دمشق وموسكو لا ترتبط بشخص النظام البائد، بل هي علاقة مصالح يمكن أن تستمر شرط ألا تُستخدم سوريا مجدداً في الإضرار بالمصالح الروسية أو الدولية، مع دعوة صريحة لوقف مساندة نظام الأسد البائد، والانحياز لخيار الشعب السوري.
رسائل إلى العالم.. النظام البائد أصل الفوضى
كشف الخطاب الموجه إلى المجتمع الدولي عن سردية متماسكة لفضح ممارسات النظام السابق، من التورط في تهريب الكبتاغون، إلى تنسيقه مع إيران و"حزب الله"، وتحوله إلى كيان ميليشيوي خارج عن الشرعية، لا يمكن التعويل عليه كحليف استراتيجي. كما حذّر الخطاب من آثار تلك السياسات على الجوار الإقليمي، من تدمير لبنان، وتهديد الأردن، إلى زعزعة الأمن في العراق وتركيا، وإثارة موجات هجرة طالت أوروبا بأكملها.
نظرة داخلية جامعة
على المستوى الداخلي، أكدت النقاط المكتوبة على استحالة إلغاء أي طائفة سورية، والدعوة إلى حلول مستدامة تضمن العيش الآمن للجميع، مشيرة إلى أن الثورة السورية، رغم مرور 14 عاماً، مرت بأخطاء وإنجازات، وخرجت بخبرات عميقة ستشكل أساساً للمرحلة القادمة.
خطاب مباشر إلى مكونات المجتمع
توجّه الرئيس الشرع ووزير خارجيته بنداء مباشر إلى مكونات المجتمع السوري: العشائر، والتجار، والمشايخ، والأكراد، واللاجئين. دعوهم للابتعاد عن الأجندات الخارجية، والانخراط في عملية بناء وطني شامل، تقوم على الانضباط، ونبذ الفوضى، وتأسيس دولة العدالة والكرامة. كما وجّهوا رسالة خاصة إلى أبناء الثورة للمشاركة في صناعة التاريخ، داعين إلى ترك الخلافات والتركيز على اللحظة المصيرية.
الملف الإسرائيلي.. الغائب الحاضر
في ملاحظة لافتة، أشار محللون إلى غياب أي إشارة لإسرائيل في النقاط المعروضة، معتبرين أن هذا الصمت deliberate، وينطلق من قناعة لدى القيادة الجديدة بأن لا جدوى من التفاهم مع كيان يُدار من واشنطن، وأن مخاطبة الولايات المتحدة مباشرة وضمان عدم التهديد لمصالحها –ومنها أمن إسرائيل– هو النهج الواقعي لضمان عدم التصعيد.
فهم استراتيجي جديد للعلاقات الدولية
يقرأ بعض المراقبين هذا الطرح كتحول في سياسة سوريا الجديدة، إذ تسعى إلى بناء علاقة عقلانية مع واشنطن، والتأكيد على عدم تشكيل تهديد للمصالح الإقليمية والدولية، بما يعكس إدراكاً عميقاً لطبيعة التحالفات الدولية وطريقة إدارة النفوذ في الشرق الأوسط.
يرأي متابعين، لم يكن الفيلم الوثائقي مجرد عرض لمعارك ميدانية، بل وثيقة سياسية تمهّد لخارطة طريق واضحة، تعكس رؤية متقدمة لسوريا ما بعد سقوط نظام الأسد البائد، دولة تُبنى على الوعي والانضباط والوحدة، لا على الشعارات والولاءات العابرة.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
أعلنت عدة جهات في محافظة السويداء جنوب سوريا عن إلغاء جميع مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وتساؤلات متزايدة حول ما إذا كان القرار نابعاً من قناعة دينية واجتماعية، أم جاء نتيجة ضغوط وتهديدات مباشرة تعرّض لها المسيحيون في المدينة خلال الأيام الماضية.
وأصدر الأب "طوني بطرس"، راعي كنيسة شهبا، بياناً مصوراً أعلن فيه إلغاء أي مظاهر احتفالية، داعياً الأهالي إلى الالتزام بالقرار، ومبرراً الخطوة بـ"احترام دماء الشهداء" و"الظروف الحساسة التي تمر بها المدينة" ومشدداً على ضرورة تغليب القيم الإنسانية والوطنية في هذه المرحلة.
غير أن هذا الإعلان جاء بعد أيام من تداول مقاطع فيديو وتصريحات علنية صادرة عن أشخاص محسوبين على ميليشيات الهجري، تضمّنت تهديدات مباشرة بمنع الاحتفالات المسيحية في السويداء، وهو ما دفع ناشطين وحقوقيين إلى الربط بين تلك التهديدات وبين قرار الكنيسة، واعتباره نتيجة إكراه غير معلن أكثر منه خياراً طوعياً.
وبالتوازي، أصدرت ما يسمى "غرفة عمليات شهبا، بياناً منعت فيه أي مظاهر احتفالية أو إطلاق نار بمناسبة رأس السنة، تحت أي ذريعة كانت، مبررة القرار باحترام دماء الشهداء والحفاظ على السلم الأهلي، ومتوعدة بمحاسبة المخالفين.
كما أعلن "محمد الخطيب"، سائس مدينة شهبا، تعليق المظاهر الاحتفالية الدينية خارج المنازل، محذراً من أي خرق للقرار تحت طائلة الحرم الديني، ومؤكداً أن هذا التوجه يأتي انسجاماً مع بيان خوري المدينة الأب طوني بطرس.
وأثارت هذه القرارات موجة تساؤلات واسعة، في ظل استمرار تنظيم فعاليات اجتماعية وترفيهية في محافظة السويداء خلال الفترة نفسها، شملت سباقات دراجات هوائية مختلطة، وحفلات داخل مقرات تابعة للحرس الوطني، وفعاليات رسم وأنشطة شبابية، إضافة إلى استمرار الأعراس والمناسبات الاجتماعية دون قيود مماثلة.
ويرى ناشطون أن هذا التباين يضع علامات استفهام كبيرة حول انتقائية المنع، ويعزز فرضية أن قرار إلغاء الاحتفالات المسيحية لم يكن مرتبطاً فقط بالحِداد، بل جاء في سياق مناخ ترهيب متصاعد يطال الأقليات الدينية في بعض مناطق المحافظة.
وكانت مقاطع مصورة قد انتشرت قبل نحو أسبوع، ظهر فيها شخص محسوب على ميليشيات "الهجري"، يلوّح صراحة بمنع احتفالات المسيحيين، مستخدماً لغة تهديد وتحريض، ما أثار قلقاً واسعاً داخل الأوساط المسيحية، ودفع كثيرين إلى الحديث عن تراجع مساحة الأمان الديني في السويداء.
وفي هذا السياق، عبّر ناشطون عن خشيتهم من أن تكون قرارات "الاحترام والحداد" غطاءً لتكريس واقع جديد يُفرض بالقوة، يُقيَّد فيه الحق في ممارسة الشعائر والاحتفالات الدينية، تحت ضغط السلاح والخطاب التحريضي.
ورغم أن بيان الأب "طوني بطرس"، لم يشر صراحة إلى وجود تهديدات، إلا أن توقيت القرار وسياقه الأمني والاجتماعي، وفق مراقبين، يوحيان بأن الكنيسة وجدت نفسها أمام خيارات محدودة، في ظل مخاوف من التصعيد أو الاعتداء، ما دفعها إلى اتخاذ قرار وقائي لتجنّب أي احتكاك.
هذا ويحذر حقوقيون من أن السكوت عن هذه الممارسات قد يفتح الباب أمام مزيد من التضييق على الحريات الدينية، ويقوّض التعايش الذي لطالما ميز السويداء، مطالبين ببيئة آمنة تضمن حق جميع المكونات في التعبير والاحتفال دون خوف أو تهديد.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
تشهد عدة مناطق سورية تحركاً بيئياً واسعاً يتمثل في حملات تشجير وطنية ومجتمعية تهدف إلى إحياء الغطاء النباتي الذي انهار تحت وطأة الحرب والحرائق لعقود، حيث تسعى هذه المبادرات، الممتدة عبر المحافظات، إلى ترميم ما دمّرته سنوات القصف والإهمال، ضمن رؤية وطنية لإعادة التوازن البيئي واستعادة التنوع الحيوي.
خسائر بيئية غير مسبوقة منذ عام 2011
شهدت سوريا منذ اندلاع الثورة في عام 2011 تراجعاً بيئياً يُعد الأكبر في تاريخها المعاصر، حيث تسببت المعارك والحرائق المتعمدة أو الناتجة عن الإهمال في فقدان مئات آلاف الهكتارات من الغابات والمزارع. كما ساهم الجفاف وقطع الأشجار العشوائي في اختفاء مساحات خضراء واسعة، خاصة في مناطق الساحل والجزيرة والسهول الداخلية، مما أخلّ باستقرار التربة والمناخ المحلي.
أولوية وطنية لإعادة التشجير
قدّر خبراء البيئة أن نحو 60% من الغابات السورية تضررت خلال سنوات الحرب، مما جعل من التشجير أولوية وطنية قصوى، لا تقتصر على إعادة الزراعة فحسب، بل تتعداها إلى ترسيخ رمزية الاستمرارية والحياة في وجه الدمار.
تشكل حملات التشجير مثالاً واضحاً على انخراط المجتمع المحلي في حماية بيئته، حيث يتعاون المواطنون والطلاب والبلديات ومنظمات المجتمع المدني على استعادة الخُضرة إلى الجبال والحقول، في تحرك يدمج التنمية البيئية بالوعي الجماعي.
تحولت حملات التشجير من نشاط موسمي محدود إلى حركة مستدامة، شعارها "البيئة مسؤولية الجميع"، بمشاركة الوزارات والنقابات والجمعيات التطوعية، مما أسّس لثقافة بيئية متجددة في المجتمع السوري.
تُسهم الأشجار المزروعة في تثبيت التربة والحد من الانجراف، كما تلعب دوراً في خفض درجات الحرارة، وتقليل الانبعاثات الضارة، وتحسين جودة الهواء، وهو ما يشكّل جدار حماية بيئي في مواجهة التغير المناخي، خاصة في المناطق التي شهدت حرائق أو قصفاً ممنهجاً.
وتعيد حملات التشجير الحياة إلى الاقتصاد الريفي عبر توفير فرص عمل في مجالات الزراعة والعناية بالغراس، ومن شأنها أن تسهم في دعم الأمن الغذائي المحلي واستقرار المجتمعات المتضررة، ما يجعل من الغرس فعلاً بيئياً وإنسانياً واقتصادياً في آنٍ معاً.
تُنفذ حملات التشجير بالتعاون بين وزارات عدة، إلى جانب البلديات ومديريات الحراج ومنظمات المجتمع المدني، تحت إشراف فرق هندسية متخصصة تضمن توافق نوع الغراس مع طبيعة الأرض والمناخ لضمان استدامة النتائج.
لا تُمثل هذه الحملات مجرد استجابة بيئية، بل تحمل بُعداً رمزياً عميقاً، إذ تعبّر كل غرسة تُزرع عن عودة الحياة إلى أرض أنهكتها الحرب، وتحمل رسالة أمل بأن البيئة، كما الإنسان، قادرة على التعافي، وأن التعاون بين الدولة والمجتمع كفيل بتحويل رماد الحرب إلى خُضرة متجددة.
وتُجسد هذه الجهود ملامح الدولة السورية الجديدة التي يسعى السوريون إلى بنائها؛ دولة تقوم على الشراكة والمسؤولية، وتحترم البيئة كما تحترم الإنسان، حيث تعود الغابات يوماً لتكون شاهدة على صمود الأرض وخصوبتها.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
مرّ عام كامل على سقوط نظام الأسد البائد، ورغم ذلك ما تزال آلاف العائلات تعيش في مخيمات شمال غربي سوريا، وسط ظروف معيشية قاسية ونقص حاد في الخدمات الأساسية والبنية التحتية. ويضيف فصل الشتاء معاناة جديدة، خاصة في ظل صعوبة تأمين مواد التدفئة بشكل كافي.
وتتعدد الأسباب التي تمنع الأهالي في المخيمات من العودة إلى قراهم وبلداتهم، ويأتي في مقدمتها تعرض المنازل والأحياء السكنية للدمار وسوء الأوضاع الخدمية، والحاجة لإعادة الإعمار وترميم البنى التحتية والخدمية اللازمة لعودة الحياة بشكل طبيعي.
وفي هذا السياق، يقول عمر المصطفى، أحد سكان المخيمات في قرية دير حسان بريف إدلب الشمالي لشبكة "شام": "بيتي مدمر بالكامل، والقرية لا تزال تعاني من ضعف حاد في الخدمات الأساسية، ففتح الصرف مكشوفة ويوجد آبار مفتوحة، كما أن المياه ليست متوفرة دائماً، ما يدفعني للبقاء في المخيم ريثما تتحسن الظروف وأتمكن من إعادة بناء منزلي".
ويؤكد عدد من النازحين الذين تحدثنا إليهم أن البقاء في المخيم والعودة كلاهما لديه سلبيات، إلا أن العودة إلى الديار أصعب بكثير من البقاء في المخيمات، مشيرين إلى أن الرجوع لا يقتصر على تأمين المنزل فقط، بل يشمل أيضاً إعادة الخدمات الأساسية للقرية، وتحسين الأوضاع الخدمية، بما في ذلك توفير الإنارة والمياه وغيرها من مقومات الحياة الضرورية.
ويشير محمد العمر، مدرس لغة عربية يقيم في مخيمات مشهد روحين لشبكة "شام"، إلى أن هناك عائلات في المخيم لا تملك حتى ثمن أجرة نقل أغراضها إلى قراها، فكيف تستطيع هذه العائلات بناء منزل وبدء حياة جديدة من الصفر؟ مضيفاً أن العودة لا تقتصر على توفر المساكن فحسب، بل تتطلب أيضاً وجود فرص عمل، فمصادر الرزق تشكّل أساس معيشة الأسرة.
ويتابع العمر أن العودة صعبة جداً خصوصاً بالنسبة للشخص الذي لا يمتلك مصدر رزق أو مهنة يمكنه العمل بها في القرية، سواء في مجالات مثل النجارة والحدادة والخياطة، أو شهادة تعليمية تؤهله للعمل في المدارس أو المؤسسات المتاحة. هؤلاء الفئات يضطرون للبقاء في المخيمات، رغم ظروفها القاسية ونقص الخدمات الأساسية.
ويظل النازحون يسمعون وعوداً متكررة من الجهات الرسمية بالعمل على مشاريع لتحسين واقع الحياة والخدمات، وإتاحة العودة الآمنة والكريمة إلى قراهم وبلداتهم التي اضطروا لمغادرتها قبل سنوات بسبب القصف الممنهج من قبل قوات الأسد، فيما يترقبون تطبيق هذه الوعود على أرض الواقع.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
جسّد الشاب السوري محمد راجح العبدالله مثالاً نادراً في الوفاء والأمانة، بعدما أعاد كاميرا تصوير فيديو كانت في عهدته منذ عام 2012، حين انشق عن نظام الأسد وعاد إلى بلدته كفرزيتا للمشاركة في توثيق جرائم النظام بحق المدنيين، مستخدماً تلك الكاميرا في أداء واجبه الثوري والوطني.
قال العبدالله، في منشور عبر صفحته، إنه كان يعمل أميناً لمستودع كلية التربية الثانية في جامعة البعث بحماة، وكانت الكاميرا جزءاً من عهدته. ومع تصاعد الثورة، قرر أخذها دون إذن رسمي، نظراً للحاجة الماسّة لتوثيق الأحداث والانتهاكات، وتمكّن من نقلها إلى مدينته رغم خطورة الطريق وكثرة الحواجز.
أوضح العبدالله أنه استشار أحد المشايخ المجاهدين في تلك الفترة، فأفتى له بأن الكاميرا تُعد في حكم "العارية" يجب إعادتها لاحقاً، كونها من المال العام. ومع سقوط الإرهابي الفار بشار الأسد وانتصار الثورة، اعتبر أن الوقت قد حان لإعادة الأمانة إلى الدولة الجديدة التي يُراد لها أن تُبنى على أسس النزاهة والعدالة.
لفت العبدالله إلى أن منزله تعرّض للقصف في وقت سابق، ما أدى إلى احتراق الكاميرا الأصلية تحت الأنقاض، وهو ما دفعه إلى البحث عن كاميرا مماثلة لها، قام بتسليمها لاحقاً للجهات المختصة، وفاءً بالأمانة واحتراماً للمال العام.
وجّه العبدالله نداءً لكل من استحوذ سابقاً على أي ممتلكات عامة، مهما كانت قيمتها، أن يُسارع إلى إعادتها، تعزيزاً لقيم المسؤولية وبناء مؤسسات وطنية نزيهة، تقوم على الاحترام والعدل لا على الغنيمة والمنفعة.
تعكس هذه القصة نموذجاً عميقاً في فهم معنى الأمانة، إذ لم تُبرر الظروف الثورية ولا انهيار النظام السابق الاستحواذ على المال العام. بل بقيت المسؤولية الأخلاقية حاضرة لدى العبدالله، حتى أصبحت ظروف ردّ الأمانة ممكنة، لتكون رسالته واحدة: "نحن نبني دولة تحترم نفسها وتاريخها، وتكرّس القيم لا الشعارات".