١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
كشفت تحقيقات أجراها الجهاز المركزي للرقابة المالية عن حجم كبير من الفساد المالي في ما كانت تُعرف سابقاً بـ "دار البعث" خلال فترة النظام البائد، حيث بلغت قيمة الفساد المكتشف نحو ثمانية مليارات و490 مليون ليرة سورية.
و تأتي هذه التحقيقات في إطار المساعي التي يبذلها الجهاز لتعزيز الشفافية والمساءلة وحماية المال العام من التجاوزات.
وقد أظهرت البيانات والإحصائيات الصادرة عن تحقيقات الجهاز أن الفساد تمثل في عدة أوجه، أبرزها إبرام "دار البعث" عقود طباعة مع متعهدين من القطاع الخاص بشكل يخالف التعاميم الرسمية، مما رتب أثراً مالياً ضخماً قُدر بسبعة مليارات ليرة سورية، وذلك على مدى السنوات الممتدة من عام 2020 حتى 2024.
كما بينت التحقيقات قيام المسؤولين في تلك الفترة باقتطاع ضرائب ورسوم بلغت قيمتها ملياراً و250 مليون ليرة سورية، والاحتفاظ بها ضمن الدار دون تحويلها إلى الدوائر المالية المختصة، إضافة إلى توريد كمية من مادة الغراء غير الصالحة للاستخدام بمبلغ 240 مليون ليرة سورية.
لم يقتصر الفساد داخل "دار البعث" على العقود المشبوهة وحرمان خزينة الدولة من الإيرادات المستحقة، بل امتد أيضاً إلى عمليات شراء آلات طباعة مستعملة دون وجود جدوى اقتصادية واضحة من شرائها، حيث بلغت قيمتها 200 ألف دولار أمريكي.
وتجدر الإشارة إلى أن دار البعث كانت تمثل المقر الرئيسي لحزب البعث العربي الاشتراكي، الحزب الذي كان حاكماً في البلاد طوال 61 عاماً، وكان مركزاً للسلطة السياسية وارتبط ارتباطاً وثيقاً بحكم عائلة الأسد الذي استمر لأكثر من خمسة عقود.
وفي أعقاب انهيار النظام وسقوط حكم بشار الأسد في كانون الأول 2024، أعلن حزب البعث السوري في 12 يناير 2025 عن تعليق عمله ونشاطه الحزبي بشكل مؤقت، وقرر تسليم جميع أملاكه ومقراته، ومن ضمنها دار البعث، بالإضافة إلى مركباته وأسلحته، إلى وزارتي الداخلية والمالية.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
يحرص السوريون على استذكار الشهداء في كل مناسبة ذات طابع وطني، إذ يعود الحديث عن الذين ناضلوا وضحّوا بأنفسهم كلما مرّت لحظة أو محطة عامة تحمل دلالة على مسار التحرير. فهؤلاء الذين بذلوا أرواحهم حتى نالت البلاد حريتها من المجرم بشار الأسد وحلفائه، ما زالوا حاضرِين في الوجدان الشعبي رغم رحيلهم.
وخلال الاحتفالات التي عمّت ساحات القرى والبلدات والمدن السورية يوم الاثنين الماضي، بمناسبة مرور السنة الأولى على تحرير سوريا في الثامن من كانون الأول، حرص المشاركون على إحياء ذكرى الشهداء وتضحياتهم. وأكد المحتفلون أن ما وصلت إليه البلاد من حرية وانتصار على الظلم لم يكن ليُكتب لولا الدماء التي روت تراب الوطن.
وشارك في الفعاليات أهالي الشهداء وزوجاتهم وأطفالهم، فيما رفع كثيرون صور أحبّتهم للتذكير بأن ذكراهم لا تزال حاضرة، وأن من أبسط حقوقهم أن تُستحضر أسماؤهم وتُخلّد تضحياتهم في مثل هذه المناسبة. ولم يتمالك عدد من ذويهم دموعهم، معبّرين عن شوقهم وحنينهم، ومتمنّين لو أنهم كانوا حاضرين ليشهدوا لحظة الفرح بالنصر.
وأبدى السوريون مشاعر الفخر والسرور بالوصول إلى هذه المرحلة، مرحلة الخلاص من الطغيان، مؤكدين أن الشهداء الذين قضوا في المعتقلات أو سقطوا تحت القصف أو ارتقوا في خطوط المواجهة والمعارك، لم تذهب تضحياتهم سدى، وأن حقهم بقي محفوظاً في الذاكرة والوجدان.
ويجسّد حرص السوريين على إحياء ذكرى شهدائهم في ذكرى التحرير وفي مختلف المناسبات الوطنية قيماً عميقة، أبرزها الوفاء لهم والاعتراف بتضحياتهم، وتقدير الدماء التي بُذلت في سبيل الحرية. كما يعكس هذا السلوك شعوراً واسعاً بالامتنان لهم ولعائلاتهم التي ذاقت مرارة الفقد، فيما يجعل الاحتفاء بسِيَرهم في هذه اللحظة أسرهم ومجتمعاتهم المحلية أكثر فخراً بهم.
ويكرّر السوريون الحديث عن الشهداء للتأكيد أن الحرية التي وصلوا إليها لم تكن منحة، بل ثمرة تضحيات كبيرة. كما يسعون إلى ترسيخ سيرتهم في أذهان الأجيال الجديدة ليكونوا نموذجاً يُحتذى في البذل والعطاء.
ويظل أبناء البلاد في سوريا مرتبطين بذكرى الشهداء، وأوفياء لمن ناضلوا وحاربوا في سبيل الحرية ولم يُكتب لهم البقاء، إذ تستعاد مآثرهم في كل مناسبة ذات أهمية للتأكيد على أن ذكراهم ستبقى حيّة، تُنقَل من جيل إلى جيل.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
قدّم السوريون خلال أربعة عشر عاماً تضحيات جسيمة دفاعاً عن ثورتهم المطالِبة بالحرية والعدالة والكرامة. وخلال هذه السنوات عاشوا ظروفاً قاسية تجسدت في الفقد والنزوح والتشرد والقصف والرعب والخوف والإعاقات، لتنشأ عن ذلك آلاف القصص المأساوية التي شكّلت جانباً مؤلماً من مسار الثورة.
وفي هذا السياق تبرز قصة الشاب علي جرجنازي، المنحدر من ريف حماة، والذي أصيب عام 2012 بانفجار لغم حين كان في الحادية عشرة من عمره، ما أدى إلى فقدان كلتا يديه وإحدى عينيه. وفي ذلك الوقت انتشر له مقطع مصوّر ظهر فيه يقول إن يديه "سبقتاه إلى الجنة"، وإن الله منحه عينين "فأخذ واحدة وترك له الأخرى كي يرى انتصار الثورة".
بعد مرور 14 عاماً، أطل علي على الشاشة مرة أخرى شاباً من خلال منصة جعفر توك، بعد أن تحققت أمنيته ورأى بعينه التي بقيت سقوط نظام الأسد الذي تسبب بإعاقته ومعاناته، واسترجع ذكريات الحادثة القديمة، فقال إن أهله في تلك الأثناء كانوا يخافون عليه ويمنعونه من الخروج من المنزل، ثم بدافع الفضول خرج، وصار يلعب مع أصدقائه.
وتابع علي رواية قصته قائلاً إنه شاهد جسماً على الأرض، وما إن حمله بكلتا يديه حتى انفجر. وحينها هرع والده إليه وحمله وهو يركض ويبكي ويصرخ. وأضاف أنه واجه خلال السنوات اللاحقة تحديات قاسية، إذ تهجّر وتعرّض للقصف وسُرقت أمواله، واضطر إلى خوض رحلة هجرة صعبة في طريقه إلى ألمانيا؛ فكان قاب قوسين من الغرق في البحر، وكاد أن يموت جوعاً في طريق مقدونيا. ورغم هذه المحن، أكد أن أصعب لحظة في حياته كانت رؤية والده يبكي عليه.
اجتمعت في قصة علي آثار القصف والخوف منه، والإعاقة الناجمة عن مخلفات الحرب، إضافة إلى الهجرة وما رافقها من مشاقّ قاسية. وهي معاناة عاشها آلاف السوريين خلال سنوات الثورة، لكن هذه التضحيات لم تذهب سدى، ولا سيما بعد سقوط المجرم بشار الأسد، وهو الحدث الذي تحقق معه حلم علي وأمنية شريحة الشعب السوري.
وتؤكد قصة علي، كغيرها من القصص التي حفرت مسار الثورة، أن ثمن الحرية كان باهظاً، وأن طريق النصر كان طويلاً احتاج إلى الصبر على الألم والتضحيات والنضال والشهداء، حتى اكتمل وأسقط الطاغية ونظامه.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
أكّد وزير التربية والتعليم في سوريا الدكتور "محمد عبد الرحمن تركو" أنّ المعلم سيبقى في صدارة أولويات الوزارة، وذلك وفق تصريح رسمي على هامش احتفالية نقابة المعلمين بذكرى عيد التحرير.
وذكر أنّ العمل جارٍ على مشروع قانون جديد خاص بشؤون المعلمين يهدف إلى تعزيز مكانتهم وتحسين واقعهم الوظيفي وشدّد الوزير على أهمية الشراكة المؤسسية ودور ترميم المدارس في دعم حقوق المعلم والطالب معاً.
لافتاً إلى أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع وزارتي التنمية الإدارية والمالية لتحقيق خطوات ملموسة نحو تحسين الوضع المعيشي للمعلمين ضمن الإمكانات المتاحة.
وفي سياق الفعالية، أعلن نقيب المعلمين في سوريا محمد مصطفى عن مضاعفة شرائح نهاية الخدمة للمعلمين بنسبة 200 بالمئة، مؤكداً أن هذا القرار يأتي تقديراً لصمود المعلم السوري ودوره خلال سنوات الحرب، إذ واصل رسالته التربوية رغم الفقر والجوع والنزوح، ولم يتوقف عن أداء واجبه حتى في الخيام والوديان.
وأوضح النقيب أن سوريا تحتفل اليوم بعيد التحرير بروح متجددة، مشيراً إلى أن رعاية المعلم مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع، وأن النقابة ستواصل تبني مطالبهم وتقديم المزيد من الامتيازات المالية والصحية في إطار دعمها للكوادر التربوية في هذه المناسبة الوطنية.
ويواجه قطاع التعليم في شمال غرب سوريا انهيارًا مستمرًا في دعم الرواتب وغيابًا شبه تام للتمويل الحقيقي، الأمر الذي أدى إلى موجات استقالات عديدة وتراجع جودة التعليم واضطرابات متكررة في سير العملية التدريسية، ويؤكد المعلمون أن تحسين الرواتب وتأمين مستلزمات التعليم بات ضرورة ملحة لضمان مستقبل آلاف الطلاب.
وفي سياق متصل، أصدرت نقابة المعلمين في الجمهورية العربية السورية بيانًا أشارت فيه إلى متابعتها مطالب المعلمين في إدلب واعتبارها "محقة وتعكس الواقع الصعب" وقالت إن هذه المطالب رُفعت عبر القنوات الرسمية، وإن إجراءات زيادة الرواتب باتت في مرحلتها الأخيرة، متوقعة صدور القرارات قريبًا ضمن حزمة إصلاحات اجتماعية واقتصادية.
هذا ودعت النقابة إلى الدفع بالمطالب عبر الأطر النقابية لضمان وحدة الموقف وحماية حقوق المعلمين، مؤكدة التزامها بمتابعة تنفيذ الوعود الحكومية وممارسة دورها في الدفاع عن كرامة المعلم.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن الموقف الهجومي الذي تتبناه إسرائيل تجاه الحكومة السورية الجديدة أصبح سبباً لخلاف نادر مع واشنطن، التي أعلنت دعمها للرئيس السوري أحمد الشرع، وتعمل حالياً على دفع تل أبيب إلى تبنّي نهج أكثر مرونة تجاه دمشق.
وبحسب تقرير الصحفي دوف ليبر – مراسل الصحيفة في إسرائيل – فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب شدد على ضرورة التوصل إلى اتفاق “يضمن ازدهار سوريا واستقرارها”، في وقت تواصل فيه إسرائيل فرض شروط قاسية على دمشق، الأمر الذي ترى واشنطن أنه يعرقل جهودها في المنطقة.
وقالت الصحيفة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – اشترط موافقة سوريا على إقامة منطقة منزوعة السلاح تمتد من دمشق إلى الحدود الإسرائيلية، وهو مطلب رفضه الرئيس الشرع “رفضاً قاطعاً” لأنه، بحسب الصحيفة، “يشكل تهديداً لأمن البلاد وسيادتها”.
وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن ترامب يأمل في ضم سوريا إلى اتفاقيات أبراهام، لكن مسؤولين من الأطراف الثلاثة (الولايات المتحدة، إسرائيل، سوريا) يعتبرون أن الحديث عن ذلك مبكر جداً، وأن التركيز حالياً ينصبّ على حل القضايا الأمنية الملحّة.
وأضافت الصحيفة أن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم بارّاك أبلغها بأن “الحكومة السورية تلبي طلبات واشنطن المتعلقة بإسرائيل”، لكنه حمّل الجانب الإسرائيلي مسؤولية “عرقلة المفاوضات”.
وتقول وول ستريت جورنال إن التصعيد العسكري بين دمشق وتل أبيب ازداد في الأسابيع الأخيرة، مشيرة إلى اقتحام الجيش الإسرائيلي بلدة بيت جن بريف دمشق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ما أسفر عن مقتل 13 سورياً وإصابة 6 جنود إسرائيليين. كما رصدت الصحيفة هتافات مناوئة لإسرائيل خلال احتفالات الذكرى الأولى لسقوط النظام المخلوع، معتبرة أن ذلك ساهم في توتير المشهد.
ونقلت الصحيفة عن كارميت فالنسي، رئيسة برنامج سوريا في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قولها إن “الأسابيع الأخيرة كشفت عن نبرة أكثر تشدداً من دمشق تجاه إسرائيل”.
كما نقلت عن ويليام ويكسلر، المدير الأول لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، قوله إنه التقى مسؤولين حكوميين في دمشق أكدوا انفتاحهم على العمل مع إسرائيل في ملفات مشتركة، لكنه حذر من أن “تشدد تل أبيب قد يدفع سوريا أكثر نحو تركيا، الداعم الإقليمي الرئيسي للشرع”.
وتضيف الصحيفة أن خبراء إسرائيليين، بينهم مسؤولون سابقون في مجلس الأمن القومي، أعربوا لها عن خشيتهم من أن نتنياهو “يبالغ” في تشدده تجاه سوريا، بما قد يضر بعلاقة إسرائيل مع واشنطن ويجعلها تبدو دولة “عدوانية ومعزولة” في المنطقة.
وتختم وول ستريت جورنال تقريرها بالقول إن بعض المسؤولين الأمنيين في إسرائيل يرون أن التوصل السريع إلى تسوية مع سوريا “ضرورة إستراتيجية”، مشيرين إلى أن تكلفة مواجهة واشنطن في هذا الملف قد تكون أكبر بكثير من أي مكسب تحاول تل أبيب تحقيقه عبر شروطها المشددة.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
أكد مدير التنمية الإدارية في وزارة النقل، الأستاذ أمجد مصطفى، أنّ معالجة ملف الموظفين الذين تم فصلهم بسبب مشاركتهم في الثورة السورية تُعد أولوية إنسانية ومهنية في الوقت نفسه، مشدداً على أن عودتهم إلى عملهم تمثل حقاً مشروعاً وواجباً لا بد من إنجازه.
وأوضح أن الوزارة بدأت فعلياً بإعادة جزء من هؤلاء الموظفين عبر عقود موسمية مؤقتة، وذلك لتلبية احتياجات طارئة والاستفادة من خبراتهم ريثما يصدر القرار الرسمي من الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية المتعلق بعودتهم الكاملة والأصولية إلى وظائفهم.
وأشار إلى حرص الوزارة على أن تكون العودة منظمة وعادلة، بما يضمن مراعاة الكفاءة والخبرة، ويسهم في تعزيز استقرار الموارد البشرية وسد النقص في بعض الاختصاصات، مؤكداً أن هذا الملف يُتابَع على أعلى المستويات بهدف الوصول إلى عودة شاملة.
هذا وختم مدير التنمية الإدارية في وزارة النقل، بالتأكيد على أن وزارة النقل مستمرة في العمل لضمان بيئة وظيفية عادلة تستوعب جميع أبنائها وتعيد الحقوق إلى أصحابها.
وأعلنت اللجنة المركزية المكلّفة بدراسة أوضاع العاملين المفصولين من ملاك القطاع العام منذ عام 2011 عن قرب انتهاء أعمالها، إيذاناً بإعداد مشروع قانون شامل يضمن إعادة الحقوق وإنصاف المتضررين.
وقال رئيس اللجنة، القاضي "جهاد الدمشقي"، إن عدد المتقدمين بطلبات إعادتهم إلى العمل بلغ نحو 75 ألف عامل من أصل قرابة 80 ألفاً، مشيراً إلى أن معالجة هذا الملف تأتي ضمن مسار العدالة الانتقالية التي تعمل عليها الدولة.
وأوضح أن اللجنة اعتمدت آليات مرنة تسمح بتقديم الطلبات من داخل البلاد وخارجها، مع ضمان احتساب فترة الانقطاع لأغراض التقاعد.
وأضاف أن لجاناً فرعية شُكلت في جميع المحافظات وتضم قضاة وخبراء لبحث الملفات والتحقق من الحالات بصورة فردية بما يمنع أي ظلم أو استغلال.
وأكد أن الدولة ماضية في إعادة الحقوق إلى أصحابها وتحقيق الإنصاف للمتضررين بما يعزز الثقة بالمؤسسات ويرسخ مبادئ العدالة الانتقالية في البلاد.
وفي أيار الفائت، شرعت وزارة الإدارة المحلية والبيئة بإجراء مقابلات مع الموظفين المفصولين تمهيداً لإعادتهم إلى وظائفهم، فيما أُطلقت إجراءات موازية بالتعاون مع الوزارات لإعادة المفصولين تعسفاً لأسباب سياسية أو مرتبطة بمواقفهم خلال أحداث عام 2011.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
نفى وزير العدل مظهر الويس، صحة الشائعات التي انتشرت خلال الأيام الماضية حول نية السلطات تنفيذ حكم الإعدام بحق مفتي الجمهورية السابق أحمد بدر الدين حسون، مؤكداً أن حسون "موجود بعهدة القضاء" ويخضع للإجراءات القانونية المعتادة.
وأوضح الويس في تصريح لقناة العربية، أن ملف حسون حُوّل من وزارة الداخلية إلى قاضي التحقيق الذي بدأ فوراً باتخاذ الإجراءات القانونية الخاصة بالقضية، مبيناً أن إيقاف حسون جرى في شهر آذار الماضي أثناء محاولته مغادرة مطار دمشق الدولي باتجاه الأردن لإجراء عملية جراحية، قبل أن يُحوّل ملفه إلى القضاء المختص.
ولفت الوزير إلى أن مسار القضية يتوقف على نتائج التحقيق، موضحاً أنه "في حال توصل القاضي إلى وجود جرائم تدين حسون، سيُعد قراره ويحيله إلى قاضي الإحالة، أما إذا بُرئ فسيُطلق سراحه فوراً". وشدد الويس على أن أحكام الإعدام ليست إجراءات بسيطة، بل تحتاج إلى محاكمة علنية وإجراءات قضائية شفافة، نافياً صحة ما يُتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن صدور حكم مماثل بحق حسون أو مسؤولين آخرين.
وبخصوص وضعه الصحي، أكد الويس أن حسون "بصحة جيدة تماماً"، وأنه يتلقى الرعاية الطبية داخل السجن أسوة ببقية السجناء، مشيراً إلى أنه يخضع للمراقبة الطبية ولا يعاني من أي أمر يثير القلق. وأضاف أن تكرار الشائعات جعل الوزارة تمتنع لاحقاً عن الرد عليها لأنها "أصبحت أسطوانة مشروخة"، على حد تعبيره.
وكانت وزارة العدل قد نفت سابقاً صدور أي أحكام إعدام بحق حسون وعدد من رموز النظام المخلوع، مؤكدة أن الأسماء المتداولة لا تزال قيد التحقيق والمحاكمة، ولم يصدر بحقها أي حكم قضائي حتى تاريخه. ودعت الوزارة إلى اعتماد المصادر الرسمية في متابعة القضايا القضائية.
وجاء هذا النفي بعد انتشار واسع لشائعات تزعم صدور أحكام بالإعدام بحق أربعة من كبار المسؤولين السابقين في عهد الأسد، هم: أحمد بدر الدين حسون، وإبراهيم حويجة (رئيس فرع المخابرات الجوية سابقاً)، ومحمد الشعار (وزير الداخلية الأسبق)، وعاطف نجيب (رئيس فرع الأمن السياسي في درعا سابقاً). وكانت الوزارة قد أكدت أن تلك المعلومات لا أساس لها من الصحة، وأن جميع المعنيين يخضعون لإجراءات التحقيق في إطار مسار العدالة الانتقالية.
ويُذكر أن النائب العام للجمهورية، القاضي المستشار حسان التربة، كان قد أعلن في 30 تموز الفائت تحريك دعوى الحق العام ضد نجيب وحسون والشعار وحويجة، على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة بحق الشعب السوري، وذلك في إطار جهود الدولة السورية الجديدة لضمان المحاسبة وعدم إفلات المتورطين من العقاب.
ويعد أحمد بدر الدين حسون من أبرز الشخصيات الدينية التي ارتبط اسمها بدعم النظام السابق على مدى سنوات الحرب، إذ قدم دعماً علنياً ومستمراً لسياسات المخلوع بشار الأسد، وأسهم بطرحه الخطابي في تبرير الكثير من الانتهاكات. فقد برر استخدام البراميل المتفجرة على مناطق مدنية تحت ذريعة "محاربة الإرهاب"، واعتمد خطاباً طائفياً أدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية، كما لعب دوراً في الدفاع عن النظام في المحافل الدولية.
كما استُخدمت المؤسسة الدينية خلال فترة توليه منصب المفتي لدعم سرديات النظام ومنحها غطاءً دينياً، وهو ما دفع ناشطي الثورة إلى إطلاق لقب "مفتي البراميل" عليه، لارتباط تصريحاته بتبرير القتل والقصف والتهجير، إلى جانب سلسلة من التصريحات المثيرة للجدل، بعضها وصل إلى حد التلاعب بتفسير نصوص دينية لخدمة النظام البائد.
وبينما تستمر الإجراءات القانونية بحق حسون وبقية المسؤولين السابقين، تؤكد الحكومة السورية أن هذه المسارات جزء أساسي من بناء دولة العدالة والقانون، وضمان حقوق الضحايا، وترسيخ مسار العدالة الانتقالية الذي يمثل أحد أعمدة سوريا الجديدة.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
وقع القائم بأعمال سفارة اليابان والمنسق الخاص لسوريا أكيهيرو تسوجي، وممثل المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا غونزالو فارغاس يوسا، المذكرات المتعلقة بالمنحة التي تقدمها اليابان إلى سوريا ضمن إطار الشراكة مع المفوضية، والتي تبلغ قيمتها نحو 5.37 ملايين دولار أمريكي، بهدف دعم أنشطة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين داخل البلاد.
وأكدت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، سيلين شميت، في تصريح لسانا، أن المنحة اليابانية موجّهة لتنفيذ مشروع "الحماية الإنسانية للعودة المستدامة وإعادة الاندماج" بالتعاون مع المفوضية، مبينة أن المشروع يستهدف نحو 1.642.500 مستفيد بشكل مباشر من العائدين والنازحين داخلياً والمجتمعات المضيفة.
وأوضحت شميت أن المشروع يشمل إعادة تأهيل إدارة الهجرة والجوازات في محافظة دمشق بما يعود بالفائدة على نحو 200 ألف شخص، إضافة إلى إعادة تأهيل 16 مكتباً للسجل المدني والسجل العقاري في محافظات درعا والسويداء وريف دمشق ودير الزور، والتي من المتوقع أن يستفيد منها نحو 1.442.500 شخص.
وأضافت المتحدثة أن المشروع يهدف إلى تحسين الوصول إلى الوثائق القانونية الضرورية للسجل المدني، على أن يبدأ تنفيذ أنشطته في الفترة الممتدة من كانون الثاني 2026 وحتى كانون الأول من العام نفسه.
وأشارت شميت إلى أن أكثر من 1.2 مليون سوري قد عادوا طوعاً من الدول المجاورة منذ كانون الأول 2024، فيما عاد أكثر من 1.9 مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية، مؤكدة أن المفوضية السامية مستمرة في التعاون مع حكومة اليابان والمجتمع الدولي لتعزيز التعافي الإنساني المبكر وزيادة القدرة على الصمود لدى المجتمعات المستهدفة.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، يوم الثلاثاء 9 كانون الأول، إن الفترة الماضية شهدت تركيزاً كبيراً على تحقيق الاستقرار المالي، ما أسفر عن تحسن مؤشر سعر الصرف بنسبة 30 بالمئة.
وأوضح أن سوريا كانت من بين أكثر الدول تعرضاً للعقوبات، متجاوزة في ذلك إيران وكوريا الشمالية، إلا أن رفع بعض هذه العقوبات ساهم في إعادة دمج سوريا تدريجياً ضمن النظام المالي العالمي، مشيراً إلى أن المصارف السورية بدأت في بناء علاقات جيدة مع نظيراتها الدولية.
وأكد الحاكم أن إلغاء قانون قيصر المرتقب سيشكل نقطة تحول كبيرة للبلاد، إذ سيؤدي إلى التخلص من واحدة من أشد وأقسى العقوبات المفروضة على سوريا، مشيراً إلى أن فتح حساب لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيكون عاملاً مهماً في تعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني.
وفيما يخص السياسات التجارية، شدد حصرية على عدم وجود أي قرار بوقف الاستيراد، مبيناً اتخاذ خطوات لتخفيض الرسوم الجمركية، وكشف عن توقيع اتفاقيات مع كبرى شركات البطاقات الائتمانية العالمية للعمل في السوق السورية.
وأشار إلى أن حجم انفتاح المؤسسات المالية السورية مع لبنان بلغ 1.6 مليار دولار، وأعلن عن خطة تمتد لستة أشهر لإعادة هيكلة المصارف السورية، حيث يجري حالياً العمل على هيكلة المصارف القائمة تمهيداً للترخيص بفتح مصارف جديدة.
واختتم حاكم مصرف سوريا المركزي تصريحاته بالإشارة إلى قرار يسمح بسحب الودائع بغض النظر عن تاريخ استحقاقها، لافتاً إلى عدم توفر أرقام دقيقة بشأن تحويلات السوريين من الخارج.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
أظهرت بيانات رسمية صادرة عن وزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا تسارعاً ملحوظاً في النشاط الصناعي خلال عام 2025، مع دخول 2002 منشأة جديدة حيّز الإنتاج منذ بداية آذار وحتى الآن، ما وفر نحو 29,810 فرص عمل في مختلف القطاعات.
وتصدرت الصناعات الهندسية قائمة المنشآت الجديدة بعدد 611 معملاً، تلتها الصناعات الكيميائية بـ574 معملاً، ثم النسيجية بـ493 معملاً، فيما سجل القطاع الغذائي دخول 323 معملاً جديداً إلى سوق الإنتاج.
إلى جانب المنشآت الجديدة، رصدت الوزارة توسعاً في الاستثمارات القائمة خلال الفترة نفسها، شمل 207 معامل ضمن فئة التوسعة، ما وفّر 1,591 فرصة عمل إضافية، بينما ساهمت 536 منشأة ضمن فئة المعامل المفردة في تشغيل 4,161 عاملاً.
وأظهرت البيانات تركّز الاستثمارات بشكل ملحوظ نحو القطاعين الهندسي والكيميائي عبر مختلف الفئات الإنتاجية. ففي فئة "المعامل المفردة"، جاء القطاع الكيميائي في الصدارة بـ199 منشأة، يليه القطاع الغذائي بـ153 منشأة، ثم الهندسي بـ122 منشأة والنسيجي بـ62 منشأة.
أما في فئة التوسعة، تصدر القطاع الكيميائي بـ78 عملية توسيع، تلاه الهندسي بـ53 منشأة، ثم الغذائي بـ46 منشأة والنسيجي بـ30 منشأة.
هذا وتعكس هذه المؤشرات زيادة في النشاط الاستثماري داخل القطاعات ذات القيمة المضافة الأعلى، لا سيما الصناعات الهندسية والكيميائية، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تعزيز القدرة الإنتاجية المحلية ودعم سلاسل التوريد الصناعية.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
اتهمت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، السفير الأميركي لدى أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، بـأنه "منحاز للمصالح التركية" ويؤثر بصورة سلبية في مواقف واشنطن تجاه ملفات الشرق الأوسط.
وذكر موقع "والا" الإسرائيلي نقلاً عن مسؤول حكومي رفيع قوله إن تل أبيب تبدي "قلقاً بالغاً" إزاء التصريحات الأخيرة لباراك، مضيفاً: "باراك يتصرف كما لو كان سفيراً لتركيا، ويؤثر بشكل سلبي على مجريات الأحداث في المنطقة".
وأشار الموقع إلى أن هذا التوتر يأتي بعد أيام من تصريح أدلى به باراك في العاصمة القطرية الدوحة، قال فيه: "قد تصف إسرائيل نفسها بالدولة الديمقراطية، لكن النظام الذي يثبت فعاليته في هذه المنطقة هو الملكية الخيرية"، وهو تصريح عدّته تل أبيب مؤشراً على ميل باراك إلى الخطاب التركي في مقاربة قضايا المنطقة، وخاصة الملف السوري.
وأوضح المسؤول أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ينظر إلى باراك بوصفه "شخصية تتعامل بعداء مع إسرائيل"، مؤكداً أن مواقفه "متأثرة بصورة مفرطة بالمصالح التركية في سوريا، وكأنه يعمل لخدمة أنقرة".
ولفت التقرير إلى أن إسرائيل تعمل خلال الفترة الأخيرة على تعزيز نفوذها داخل الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من خلال شخصيات تصفها بأنها "أكثر تفهماً" لمصالحها، وفي مقدمتهم وزير الخارجية ماركو روبيو ومندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك وولز، اللذان تعتبرهما تل أبيب حجر أساس في صياغة مواقف واشنطن المقبلة تجاه قضايا المنطقة، بما فيها الملف السوري.
ترامب يؤكد أهمية الحوار بين سوريا وإسرائيل : الشرع يعمل بجد لضمان حدوث أمور جيدة
عبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء اليوم الاثنين، عبر منصّة “تروث سوشيال”، عن رضا الولايات المتحدة الكامل عن “النتائج التي تحققت بفضل العمل الجاد والإصرار” في سوريا، مؤكداً أن بلاده تبذل كل ما تستطيع لضمان استمرار الحكومة السورية في تنفيذ ما وصفه بـ”المهام الجوهرية لبناء دولة حقيقية ومزدهرة”.
وأشار ترامب إلى أن رفع العقوبات الأميركية السابقة عن سوريا كان عاملاً مهماً في دعم السوريين، مضيفاً أن ذلك “حظي بتقدير من القيادة السورية والشعب السوري”، وفق تعبيره.
وشدد الرئيس الأميركي على أهمية حفاظ إسرائيل على “حوار قوي وصادق” مع سوريا، محذراً من أي خطوات قد تعرقل تطور البلاد نحو الازدهار. كما أكد أن الرئيس السوري أحمد الشرع “يعمل بجد لضمان حدوث أمور جيدة”، وأن المرحلة الحالية تمثل “فرصة تاريخية” تعزز ما وصفه بـ”النجاح المحقق من أجل السلام في الشرق الأوسط”.
وجاءت تصريحات ترامب في الوقت الذي أعلنت فيه الرئاسة السورية أن الرئيس أحمد الشرع استقبل في دمشق المندوب الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، حيث جرى بحث المستجدات الإقليمية والقضايا المشتركة، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، وفق بيان صادر عن الرئاسة عبر منصة “إكس”.
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
قال فضل عبد الغني، مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في مقال نُشر عبر موقع الجزيرة نت، إن مسار السعي إلى تحقيق المساءلة عن الفظائع الواسعة التي ارتُكبت خلال الحرب في سوريا ظلّ طوال سنوات يصطدم بعقبات قانونية عميقة في بنية النظام الدولي، خصوصاً عندما يكون المتهم رئيس دولة يتمتع بحصانة سيادية. وفي هذا الإطار، برزت الحملة القضائية الفرنسية الممتدة ضد الإرهابي الفار بشار الأسد بوصفها تطوراً نوعياً غير مسبوق في هذا المجال.
وأوضح عبد الغني أن هذه الحملة بدأت كتحقيقات أولية رفعتها منظمات حقوقية وناجون من الهجمات الكيميائية، ثم تطورت تدريجياً لتصل إلى إجراءات مباشرة، انتهت بإصدار مذكرات توقيف دولية تخترق عملياً ونظرياً المبادئ التقليدية للحصانة السيادية.
وفق "عبد الغني" شكّل انهيار نظام الأسد في نهاية عام 2024 نقطة تحوّل حاسمة؛ إذ أدى فقدانه حصانته الشخصية بعد الإطاحة به وهروبه إلى روسيا، بالإضافة إلى التطورات الفقهية التي رسّخها القضاء الفرنسي، إلى خلق بيئة قانونية غير مسبوقة لإمكانية محاكمة رئيس دولة سابق عن جرائم ضد الإنسانية.
وأشار عبد الغني إلى أن تفعيل الإنتربول للمذكرات الصادرة بحق الأسد يجعلها نافذة في 191 دولة، ما يخلق - نظرياً - آلية عالمية قد تؤدي إلى توقيفه وتسليمه في حال غادر الأراضي الروسية. لكنها في الوقت ذاته تفرض عليه عزلة دولية صارمة، أشبه بـ"القفص الذهبي".
من الشكاوى التحقيقية إلى الملاحقة المباشرة
يشير عبد الغني إلى أن المسار القضائي ضد الأسد شهد صعوداً وهبوطاً متتاليين. فقد بدأت الإجراءات بشكاوى حقوقية تتعلق بهجمات كيميائية، لكن مبدأ الحصانة الشخصية حال دون تقدم تلك الملفات. وفي عام 2023، حاول القضاء الفرنسي إصدار مذكرة توقيف رغم بقاء الأسد في السلطة، إلّا أن محكمة النقض ألغتها التزاماً بالقانون الدولي الذي يمنع ملاحقة رئيس دولة أثناء ولايته مهما كانت فظاعة الجرائم.
ومع سقوط النظام البائد في ديسمبر 2024، تغيرت المعادلة جذرياً. فقد اختفى الغطاء القانوني الذي وفرته الحصانة الشخصية، ما سمح بإصدار "مذكرة أكتوبر 2025" الأكثر قوة وإمكاناً للتنفيذ، وهي خطوة نقلت الملف من الإدانة الرمزية إلى المقاضاة الجوهرية الفعالة.
الحصانة الشخصية والحصانة الوظيفية: تفكيك آخر دفاعات الأسد
يوضح عبد الغني أن التطور الأبرز في الفقه القضائي الفرنسي تمثّل في التمييز الواضح بين نوعين من الحصانة: الحصانة الشخصية: تحمي الرؤساء أثناء توليهم المنصب من أي ملاحقة خارجية، وتسقط تلقائياً بخروجهم من السلطة، وهو ما حدث مع الأسد، والحصانة الوظيفية: تمنح المسؤولين السابقين حماية عن الأعمال التي نفذوها بوصفهم ممثلين للدولة.
لكن - وفق كاتب المقال - أسست سابقة أديب ميالة التي صدرت في تموز 2025 لمبدأ مفصلي: الجرائم الدولية الكبرى، مثل الهجمات الكيميائية، لا تُعدّ أفعالاً رسمية للدولة ولا يجوز حمايتها بالحصانة الوظيفية، وبناءً على ذلك، يصبح الأسد قابلاً للملاحقة القضائية على أفعاله رغم خروجه من السلطة، لأنه لا يمكن توصيف جرائم الإبادة والقصف الكيميائي بأنها "وظائف دولة مشروعة".
إطار قضائي مزدوج: الاختصاص العالمي والشخصية السلبية
تعتمد الإجراءات الفرنسية على ركيزتين قانونيتين: اختصاص الشخصية السلبية: وجود ضحايا سوريين يحملون الجنسية الفرنسية، والولاية القضائية العالمية: التي تسمح لفرنسا بملاحقة الجرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية مرتكبيها.
ويضاف إلى ذلك ميزة مهمة في النظام القضائي الفرنسي: إمكانية المحاكمة الغيابية حتى دون حضور المتهم، ما يجعل محاكمة عام 2027 محطة محورية في توثيق الجرائم وتثبيت المسؤوليات.
إستراتيجية تتجاوز رأس النظام: رسم خريطة سلسلة الأوامر
يشير عبد الغني إلى أن فرنسا لا تلاحق الأسد وحده، بل تعتمد أيضاً نهجاً يعرف بـ"التحقيق الهيكلي"، يهدف إلى تفكيك شبكة القيادة التي أدارت الجرائم، من ضباط الفرقة الرابعة إلى مسؤولي مركز الدراسات والبحوث العلمية المرتبط بتطوير البرنامج الكيميائي. وهذا يتيح إنشاء ملفات قابلة للمحاسبة بحق شخصيات أقل حصانة وأكثر عرضة للتوقيف.
خاتمة: سابقة عالمية تعيد تعريف العدالة الدولية
يؤكد عبد الغني أن الحملة القضائية ضد الأسد تمثل قطيعة مع عقود من "فجوة الحصانة" التي حالت دون مساءلة قادة متورطين في الفظائع. فبفضل تلاقي سقوط النظام والتطور القانوني الفرنسي، أصبح الطريق مفتوحاً نحو أول محاكمة شاملة لرئيس سوري سابق عن الجرائم الكبرى التي ارتكبت بحق الشعب السوري.
ويرى أن محاكمة عام 2027 لن تكون مجرد إجراء جنائي، بل اختباراً لمدى قدرة القضاء الوطني على أداء دور بديل عن المحاكم الدولية المشلولة سياسياً. كما أنها ستشكّل وثيقة تاريخية كبرى تساهم في تثبيت الحقيقة وتعزيز مبدأ العدالة الذي ناضل السوريون من أجله طويلاً.
وختَم عبد الغني مقاله بالتأكيد أن هذه السابقة القضائية الفرنسية قد تُعيد صياغة قواعد العدالة الدولية، وأنها خطوة مركزية على طريق مساءلة مرتكبي الجرائم الفظيعة في العالم—not just في سوريا.