أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها، أن الألغام الأرضية والمخلفات المتفجرة خلّفت أكثر من 600 ضحية بين قتيل وجريح في سوريا، وذلك منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وبيّنت المنظمة الحقوقية الدولية أن الأسلحة المتروكة خلال سنوات الحرب الـ14 في سوريا تسببت في مقتل ما لا يقل عن 249 شخصًا، بينهم 60 طفلًا، إلى جانب إصابة 379 آخرين، بحسب بيانات المنظمة الدولية المعنية بسلامة العاملين الإنسانيين.
ورصدت المنظمة تصاعدًا واضحًا في معدلات الإصابات والوفيات الناتجة عن الألغام خلال الأشهر الأخيرة، مرجحةً أن يعود هذا الارتفاع إلى تزايد أعداد العائدين إلى منازلهم في مناطق كانت خاضعة للقتال، حيث تنتشر هذه المخلفات القاتلة.
وشددت *هيومن رايتس ووتش* على ضرورة تحرك الحكومة الانتقالية السورية بشكل فوري لرصد أماكن الألغام والمخلفات الحربية، وتأمين مستودعات الأسلحة التي كانت تابعة للنظام المخلوع.
وأكدت المنظمة أن أمام سوريا اليوم فرصة فريدة للتعامل مع "التلوث الواسع بالألغام ومخلفات الحرب المتفجرة" بطريقة منهجية وشاملة، مشيرةً إلى أن البلاد تفتقر منذ أكثر من عقد لعمليات منظمة وواسعة النطاق في إزالة الألغام.
ونقلت المنظمة عن أحد باحثيها المتخصصين تحذيره من استمرار سقوط المدنيين في غياب استجابة حكومية سريعة، قائلًا إن "الضحايا سيستمرون في السقوط ما لم تُبادر الحكومة بجهود وطنية لحماية من يعودون إلى أراضيهم بحثًا عن الحياة والكرامة".
ودعت "هيومن رايتس ووتش" الحكومة الانتقالية السورية والجهات المانحة إلى إعطاء أولوية قصوى لرصد وتطهير المناطق الملوثة، وتكثيف حملات التوعية بالمخاطر لضمان عودة آمنة للنازحين والمقيمين، مؤكدة أن المعالجة الفاعلة لهذا الملف تمثل خطوة أساسية في مسار التعافي وإعادة الإعمار.
وفق التقرير، يواجه السكان في سوريا خطراً كبيراً نتيجة الألغام والذخائر غير المنفجرة من مخلفات الحرب أكثر من أي وقت مضى رغم توقف المعارك بعد سقوط نظام الأسد، حيث أدت حرب نظام الأسد على السوريين خلال 14 عاماً إلى تلويث مساحات شاسعة من المناطق السكنية والأراضي الزراعية، وخاصة مع التغيرات التي كانت تشهدها مناطق السيطرة وخطوط التماس خلال تلك السنوات.
ومع عودة جزء من السكان إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح، إلى المناطق التي كانت ضمن خطوط التماس أو في المناطق التي تعرضت للقصف أو كان سكانها مهجرون منها وتنتشر فيها مخلفات الحرب، ازدادت بشكل كبير حوادث انفجار هذه المخلفات موقعة ضحايا في صفوف المدنيين، ليكون عدد الضحايا منذ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 30 آذار 2025 هو الأعلى في سوريا منذ عام 2011، وتهدد مخلفات الحرب والألغام أرواح المدنيين وتتسبب بإصابات بليغة بينهم وتقوّض الأنشطة الزراعية والصناعية وسبل العيش وتعرقل عودة المهجرين إلى ديارهم بمناطق سورية واسعة.
بعض أنواع مخلفات الحرب تكون على سطح الأرض ، بينما توجد أنواعٌ أخرى منها كقنابل الطائرات مدفونة تحت سطح الأرض بعدة أمتار مما يجعل من إزالتها أمرًا صعبًا، الذخائر غير المنفجرة مختلفةٌ في آليتها عن الألغام، إذ إنّ الألغام زرعت بغرض التسبب بإصاباتٍ، بينما تكون الذخائر غير المنفجرة عبارةً عن أدواتٍ فشلت في أداء عملها، فقد لا تنفجر أبدًا أو قد تنفجر بأي لحظة ولا يمكن تحديد مدى تأثيرها وخطرها على ما حولها، وطوال السنوات الماضية وثقت فرق الذخائر في الدفاع المدني السوري استخدام نظام الأسد وروسيا أكثر من 70 نوعاً من الذخائر المتنوعة في قتل المدنيين منها 13 نوعاً من القنابل العنقودية المحرمة دولياً
وكشف تقرير مرصد الألغام الأرضية (Mine Action Review) السنوي الصادر عام 2023، والذي ساهم فيه الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) من خلال توفير البيانات، وجمع وإدارة المعلومات المتعلقة بالألغام في شمال غربي سوريا وتحديد المناطق الملوثة، أن سوريا سجلت و للعام الثالث على التوالي، أكبر عدد من الضحايا الجدد للألغام المضادة للأفراد أو مخلفات الحرب القابلة للانفجار، حيث وثق التقرير 834 ضحية في عموم سوريا خلال العام 2022 والنصف الأول من العام 2023، ويعد التقرير بمثابة الأساس للعمل المنتظم للدول الـ 164 الموقعة على اتفاقية أوتاوا لحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد (APMBC) واتفاقية الذخائر العنقودية (CCM).
أماكن انتشار الذخائر غير المنفجرة:
تنتشر الذخائر غير المنفجرة في عموم مناطق سوريا التي باتت ساحة حرب لتجريب واختبار الأسلحة الروسية، فحجم الترسانة العسكرية الهائل التي تم قصف المدنيين فيها، كبير جداً وانتشرت مخلفات الحرب في المدن والقرى وفي الأحياء السكنية وفي الأراضي الزراعية، ولا يقتصر خطر مخلفات الحرب بما تخلفه من ضحايا فقط، فلها آثار آخرى إذ تمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم وتشكل خطر على حياتهم ، وتمنع الصناعيين من العمل في بعض الورشات التي طالها القصف، كما تؤثر تلك المخلفات على عودة السكان لمنازلهم ولاسيما في المناطق التي تعرضت للقصف بشكل مكثف أو التي كانت خطوط تماس وهي الأكثر تلوثاً.
أماكن انتشار الألغام:
تخلف الألغام (المضادة للأفراد أو للمدرعات) إرثاً يستمر أمداً بعيداً، فهي إن لم تقتل، تُحدث إصابات ومعاناة شديدة، وغالباً ما يسفر عن الدعس على لغم إصابة أو قتل شخص أو أكثر، وكثيرًا ما يكون هؤلاء الضحايا من الأطفال، مع ما يترتب على ذلك من عواقب ينوء بها الضحايا وأسرهم مدى الحياة، وإن وجود ألغام أرضية يجعل من المستحيل استخدام مساحات شاسعة من الأراضي، ما يعرض إنتاج الغذاء لخطر بالغ ويدمر سبل العيش، وغالباً ما يستمر تأثير الألغام على المجتمعات عقوداً طويلة.
حددت فرق مسح مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري 141 حقلاً ونقطة تنتشر فيها الألغام، في المناطق المدنية وبالقرب من منازل المدنيين وفي الحقول الزراعية والمرافق، وعثرت الفرق على العشرات من حقول الألغام التي تحتوي على الألغام المضادة للآليات والمضادة للأفراد المحرمة دولياً، والتي تسببت حالات انفجارها بمقتل وإصابة العشرات من المدنيين خلال الأيام السابقة، وباتت تشكّل خطراً يهدد الحياة ويقوض عودة المدنيين لمنازلهم والعمل في مزارعهم بمناطق واسعة في سوريا.
عمل فرق إزالة مخلفات الحرب
تواصل فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) أعمالها في سوريا من مخلفات الحرب النظام وتتنوع أعمال الفرق من عمليات مسح غير تقني وتحديد المناطق الملوثة بمخلفات الحرب وإزالة المخلفات إلى جلسات التوعية بتلك المخلفات، وأجرت فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري منذ 1 نيسان 2024 حتى 1 نيسان 2025، أكثر من 2300 عملية إزالة وتم التخلص فيها من 2931 ذخيرة غير منفجرة، وتنفيذ أكثر من 1185 عملية مسح غير تقني، وتم تحديد 832 منطقة ملوثة بمخلفات الحرب، وبلغ عدد جلسات التوعية 3694 و عدد المستفيدين الكلي 72808 مستفيد.
وبعد سقوط نظام الأسد والتغيرات التي حدثت وتلاشي خطوط التماس وعودة جزء من المهجرين لمنازلهم ازدادت بشكل كبير حوادث انفجار مخلفات الحرب وكثف فرقنا عملها بشكل كبير.
وأجرت فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري منذ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 1 نيسان 2025، أكثر من 1450 عملية إزالة وتم التخلص فيها من 2059 ذخيرة غير منفجرة، وتم تنفيذ أكثر من 370 عملية مسح غير تقني، وتم تحديد 453 منطقة ملوثة بمخلفات الحرب، وبلغ عدد جلسات التوعية 690 و عدد المستفيدين الكلي 14843 مستفيد.
ضحايا مخلفات الحرب:
بشكل شبه يومي تشهد سوريا حوادث انفجار لمخلفات الحرب، وتهدد مخاطر مخلفات الحرب والألغام التي زرعها نظام الأسد البائد كموت مؤجل للسوريين أرواح المدنيين وتتسبب بإصابات بليغة بينهم و تعمق مأساة المدنيين وتحد من أنشطتهم وتنقلاتهم والعودة لديارهم.
واستجاب الدفاع المدني السوري منذ تاريخ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 31 آذار 2025، لـ 69 انفجاراً لمخلفات الحرب أدت لمقتل 72 شخصاً، بينهم 17 طفلاً و7 نساء و48 رجلاً ولإصابة 108 آخرين بينهم 33 طفلاً و4 نساء.
أغلب الانفجارات والضحايا كانت ناجمة عن الألغام إذ استجابت فرقنا لـ 62 انفجار للألغام منذ تاريخ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 31 آذار 2025، أدت لمقتل 46 بينهم 7 أطفال ولإصابة 74 بينهم 13 طفلاً، وأعلى محافظة بعدد حوادث انفجار مخلفات الحرب التي استجابت لها فرقنا هي إدلب بـ 29 حادث، تليها دير الزور قم حلب ثم اللاذقية.
فيما استجاب الدفاع المدني السوري منذ تاريخ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 31 آذار 2025 لـ 7 حوادث انفجار مخلفات الحرب أدت لمقتل 26 شخصاً بينهم 10 أطفال و7 نساء.
وبمقارنة بسيطة يظهر الفرق بين عدد حوادث الألغام وعدد ضحاياها، وبين عدد انفجارات الذخائر غير وعدد ضحاياها، إذا ساهمت أعمال فرق الدفاع المدني السوري الخوذ البيضاء بالمسح والإزالة والتوعية في الحد بشكل كبير من مخاطر الذخائر غير المنفجرة رغم انتشارها الكبير وعودة جزء من السكان لديارهم.
واستجاب الدفاع المدني السوري منذ تاريخ 1 نيسان 2024 حتى 1 نيسان 2025، لـ 39 انفجار لمخلفات الحرب أدت لمقتل 24 شخصاً، بينهم 7 طفلاً وإصابة 54 آخرين بينهم 26 طفلاً..
وبالمقارنة يظهر الارتفاع الكبير بعدد حوادث انفجار مخلفات الحرب وعدد الضحايا بشكل كبير بعد سقوط نظام الأسد، ويرجع ذلك لعدة أسباب، أهمها عودة السكان لمناطق ملوثة بشكل كبير، عدم امتلاك السكان للوعي حول مخاطر مخلفات الحرب.
التوعية مهمة أساسية للحفاظ على الأرواح
إن زيادة الوعي بمخاطر الألغام ومخلفات الحرب أمر بالغ الأهمية، وتساهم حملات التوعية بتزويد السكان بالمعرفة والمهارات اللازمة لتجنبها، وتشمل تثقيف السكان حول كيفية التعرف على الألغام وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، فضلاً عن توفير التدريب على كيفية البقاء بأمان في المناطق التي قد تكون ملوثة، ويساعد رفع مستوى الوعي بالمخاطر المرتبطة بالألغام والذخائر غير المنفجرة في تقليل مخاطر الإصابة والوفاة وتعزيز مجتمعات أكثر أماناً، وتأمين الحماية لها وخاصة الأطفال.
وتهدف التوعية لزيادة الوعي في حالات الطوارئ، وتغيير السلوك على المدى الأطول، إضافة لإعطاء المجتمعات المحلية دور مهم في تعلم حماية أنفسهم والإبلاغ على وجود مخلفات الحرب، وتعتمد فرق التوعية على الملصقات والجلسات الفيزيائية المباشرة بالاعتماد على نهج التواصل مع المجتمع المحلي وهو الأكثر فعالية، لأن متطوعي الدفاع المدني السوري هم أفراد ينتمون إلى مجتمعاتهم المحلية وبالتالي يكون تواصلهم عالي الأثر.
أنشطة فرق إزالة مخلفات الحرب في الخوذ البيضاء
وتقوم فرق إزالة مخلفات الحرب في الخوذ البيضاء بثلاثة أنشطة رئيسية، ولا بد من التنويه إلى أن فرقنا لا تقوم بإزالة الألغام وينحصر عملها فقط بإزالة الذخائر غير المنفجرة من مخلفات القصف.
1ـ المسح غير التقني: وعدد الفرق العاملة في هذا النشاط 6 فرق وتقوم بمهامها بمسح القرى والمجتمعات على مرحلتين:
أ ـ عبر المسح غير التقني وجمع الاستبيانات من المجتمع المحلي بمختلف أطيافه للوصول للمناطق الملوثة.
يمثل جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالمناطق الملوثة بالسلاح وضحاياها الأساس الذي يستند إليه كل تخطيط، وتقوم الفرق المختصة بعمليات المسح غير التقني بجمع البيانات وتحليلها، فهي تستخدم النتائج التي حصلت عليها خلال المسح غير التقني لتحديد المناطق الخطرة والأشخاص الأكثر عرضة للخطر للتخطيط لعمليات المسح الأولي والتطهير والحد من المخاطر وأنشطة التوعية بالمخاطر ووضع الأولويات الخاصة بذلك.
ب ـ تحديد المناطق الملوثة ورسم الخرائط اللازمة وإرسالها لفرق الإزالة التي تقوم بعملية البحث التقني لاحتمالية وجود الذخائر في المنطقة المستهدفة والتخلص النهائي من الذخائر كل ذخيرة على حدى وبدون أن يتم نقلها أو تحريكها.
2ـ الإزالة (التخلص النهائي): وعدد الفرق العاملة في هذا النشاط 6 فرق أيضاً، فبعد الوصول للمنطقة الملوثة والمحددة من قبل فريق المسح تجري عملية بحث بصري وبمساعدة الأجهزة في المكان الملوث بشكل دقيق وتتم عملية إتلاف الذخائر (كل ذخيرة على حدى) بحرفية عالية ومهنية من قبل الفرق التي تحرص على إتلافها بشكل كامل.
يبلغ عدد فرق الإزالة 6 فرق متوزعة قامت حتى الآن بالتخلص من أكثر من 26 ألف ذخيرة متنوعة من بينها نحو 24 ألف قنبلة عنقودية ضمن ظروف عمل صعبة للغاية في كثير من الأحيان كلفت 4 شهداء من الدفاع المدني السوري.
3ـ التوعية: وتعتبر عملية التوعية من أهم إجراءات مواجهة خطر الذخائر غير المنفجرة، وتقوم الفرق بجلسات توعية من مخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة للمدنيين لزيادة الوعي المجتمعي من خطر هذه الذخائر، وركزت على خطر الذخائر غير المنفجرة وضرورة الابتعاد عن الأجسام الغريبة، وأهمية إبلاغ فرق الدفاع المدني السوري المختصة عنها فوراً.
خطط الخوذ البيضاء:
تخطط الخوذ البيضاء لزيادة عدد ونوعية تدريب الفرق العاملة في إزالة مخلفات الحرب، الخطط أولية وتشمل زيادة عدد فرق الإزالة من 6 فرق إلى 11 فريقاً، وزيادة عدد فرق المسح غير التقني من 6 فرق إلى 10 فرق، واستحداث 8 فرق توعية، وتدريب فرق إزالة يدوية وميكانيكية للألغام.
عواقب مخلفات الحرب على الأفراد والمجتمعات:
تؤدي الألغام ومخلفات الحرب غير المنفجرة حرمان مجموعات سكانية بأكملها من المياه والأراضي الزراعية والرعاية الصحية والتعليم، كما تعيق أعمال الإغاثة وقد تحرم السكان من المساعدات الإنسانية بسبب المخاطر:
الأثر الجسدي: يمكن أن تنفجر مخلفات الحرب بشكل غير متوقع وتتسبب بأذى جسدي وحالات بتر أو وفاة، الأطفال معرضون للخطر بشكل خاص لجهلهم خطرها، ولعبهم وتنقلهم في أماكن خطرة وموبوءة بمخلفات الحرب.
تعد الإصابات الناجمة عن مخلفات الحرب كارثية لتسببها بإعاقات دائمة على الأغلب، إذ يؤدي انفجارها إلى الإصابة بجروحٍ شديدةٍ قد ينجم عنها تمزقٌ في الأعضاء الداخلية وتضررٌ في الأجزاء الحيوية للجسم، أو بترٌ في الأطراف أو فقدان حاستَي السمع والبصر كذلك الأمر.
الأثر على المأوى: وتعتبر مخلفات الحرب واحدة من أكبر عوائق عودة النازحين لمنازلهم وخاصة في المناطق التي كانت نقاط تماس أو تعرضت للقصف.
الأثر الاقتصادي: يمكن أن تتسبب مخلفات الحرب تقييد للأنشطة الزراعية بالحد من الوصول للأراضي الزراعية أو استثمارها، على الأنشطة الصناعية و الإنتاجية ما ينعكس سلباً على النمو الاقتصادي والتنمية وخاصة في المجتمعات الهشة كما في شمال غربي سوريا، وينعكس ذلك سلباً على معدلات الفقر والبطالة وبالتالي تفاقم التحديات التي تواجهها المجتمعات.
الأثر النفسي: إن مخلفات الحرب يمكن أن تخلق حالة من الخوف والقلق لدى الأفراد والمجتمعات، مما يؤدي إلى صدمات نفسية أو حتى مشاكل مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، وخاصة في المناطق التي سقط فيها ضحايا جراء هذه المخلفات، بالإضافة للأثر النفسي المباشر على الأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بأحد هذه المخلفات (الشعور بالعجز والتغير في نمط الحياة ونظرة المجتمع لهم في حال حصول إعاقة دائمة).
الأثر البيئي: يمكن أن تضر المتفجرات من مخلفات الحرب بالبيئة وتلوث التربة ومصادر المياه بمواد خطرة، والجفاف بسبب صعوبة الوصول للأراضي الزراعية وزراعتها وحرمان الأراضي المروية من مياه الري نتيجة صعوبة الوصول لمصادر المياه اللازمة للزراعة وانعكاس ذلك كأثر طويل الأمد على النظام البيئي.
اليوم الدولي للتوعية بالألغام
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 8 كانون الأول 2005، يوم 4 نيسان من كل عام رسميا اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام والمواد المتفجرة والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام، ودعت إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام وتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديداً خطيراً على سلامة السكان.
الألغام والقنابل العنقودية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار في القانون الدولي الإنساني
تشكل القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني، والبروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 واتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد والبروتوكول الثاني المعدَّل والبروتوكول الخامس للاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة واتفاقية الذخائر العنقودية، تشكل في مجملها الآن الإطار القانوني الدولي الشامل لمنع ومعالجة المعاناة الإنسانية التي تسببها الألغام والذخائر العنقودية وغيرها من الذخائر المتفجرة.
وبموجب هذه الصكوك، يُحظر على الدول الأطراف استخدام الألغام الأرضية والذخائر العنقودية، كما أنّ عليها التزامات تتراوح من تطهير الأراضي الملوثة وتدمير المخزون إلى توفير المساعدة الشاملة للضحايا.
رغم كل الجهود المبذولة ما تزال أعداد كبيرة من الذخائر غير المنفجرة والألغام موجودة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية وفي أماكن لعب الأطفال، ناجمة عن قصف ممنهج للنظام وروسيا استمر على مدى سنوات ومايزال حتى الآن، وستبقى قابلة للانفجار لسنوات أو حتى لعقود قادمة، ومع وجود تلك الذخائر وانتشارها في جميع أنحاء سوريا، ستستمر الخسائر لفترة طويلة حتى في حال انتهاء الحرب، و تتركز جهود الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) على التعامل مع هذا الواقع المؤلم والحفاظ على أرواح المدنيين، عبر إزالة تلك الذخائر وتوعية المدنيين من خطرها، وإن الأعمال المتعلقة بالألغام وإزالة الذخائر غير المنفجرة هي استثمار في الإنسانية، فهي تساعد في رعاية المجتمعات وإعادة إحيائها، والحفاظ على الأمن الغذائي، وتمكين النازحين داخلياً العودة إلى منازلهم، والأطفال من الوصول لمدارسهم و أماكن لعبهم بأمان.
دعا ناشطون سوريون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة السورية "هند قبوات"، إلى النظر في قرار صادر عن الوزير السابق فادي القاسم، القاضي بترقية المدعوة "دالين بسام فهد" كونها متهمة بالتعامل مع مخابرات الأسد البائد وضالعة في تسليم أطفال معتقلين إلى دور أيتام وطمس هوياتهم.
وتظهر وثائق متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، أن توقيع وختم "دالين بسام فهد"، تفضح تعاملها مع قرار من إدارة "المخابرات الجوية" إلى جانب "فاطمة عادل رشيد" من مديرية الشؤون الإجتماعية بريف دمشق ومحافظ ريف دمشق السابق ومديرة دار الرحمة.
وأثار تكليف "دالين فهد"، بتيسير أعمال الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان في 8 كانون الثاني 2025 جدلا كبيرا سيما بعد تأكيد توقيعها على كتاب موجه إلى جمعية الأنصار الخيرية، تطلب فيه إيداع طفلين من عائلة "الرفاعي" في دار الرحمة، بناءً على تنسيق مباشر مع محافظ ريف دمشق وأحد ضباط المخابرات الجوية.
وجاء الكتاب الذي حمل توقيع وختم "دالين بسام فهد"، ردًا على مراسلات أمنية، ويشكل واحدًا من عدة كتب مماثلة تظهر تورط فهد في ملف حساس يهدد مصير أطفال المعتقلين، ويُرجّح أن بعضهم قد اختفى تمامًا عن وجه الأرض بعد طمس هوياتهم.
وكانت أكدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل العثور على عدة كتب سرية محوّلة من قبل عدة أفرع أمنية بنظام الرئيس الهارب بشار الأسد تتعلق بإحالة عدد من الأطفال إلى جمعيات معنية بتربية الأيتام، وذلك بعد أنباء ترددت عن إرسال أبناء المعتقلين إلى دور الأيتام وتغيير أسمائهم.
وطلب المكتب الإعلامي للوزارة من ذوي الأطفال المفقودين التوجه إلى المديريات الفرعية المعنية بمديريات الشؤون الاجتماعية والعمل، لتقديم أسماء الأطفال وأي معلومات قد تُساهم في تسهيل عملية البحث وإحصاء الحالات بشكل دقيق.
وأفاد المكتب بأن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل واجهت صعوبات كبيرة في جمع الوثائق، لكنها تعمل حاليا على تحسين أنظمة الأرشفة وضمان استعادة البيانات المفقودة أو المتضررة، وذلك لتسريع عملية التحقيق وضمان الشفافية في معالجة هذه القضايا.
وكانت "إدارة قرى الأطفال" في سوريا اعترفت بإرسال النظام السابق أطفال معتقلين إليها دون إيضاح نسبهم، قائلة إن "أحدا منهم ليس لديها الآن".
وكان حسان العباسي، شقيق المعتقلة البارزة رانيا العباسي، أكد أن عددا من أطفال شقيقته الستة، الذين اعتقلوا مع أخته وزوجها عام 2011، تم نقلهم إلى مراكز "إدارة قرى الأطفال"، علما أن أكبرهم كان يبلغ من العمر حين اعتقاله مع ذويه 11 سنة، وأصغرهم سنة واحدة، ولا يزال مصيرهم حتى اللحظة مجهولا.
هذا وخلال حكم نظام الأسد البائد، اعتقل عدد غير معروف من الأطفال مع ذويهم، ولا يزال مصير ومكان وُجود غالبيتهم غير معروف حتى اللحظة، وسط تأكيد من معتقلات سابقات أنه تم أخذ أطفالهن منهن بعد الاعتقال إلى دور أيتام حيث يبقى مصير بعضهم مجولا.
خرج محمد الجابر، القائد السابق لميليشيا "صقور الصحراء" المدرجة على قوائم مرتكبي جرائم الحرب، في ظهور إعلامي مثير للجدل، من العاصمة الروسية موسكو، ليُعلن مسؤوليته عن محاولة انقلاب فاشلة ضد الحكومة السورية في الساحل.
وخلال مقابلة بثتها قناة "المشهد"، وجمعته بكل من الإعلامي طوني خليفة ومدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، قدّم الجابر نفسه بصورة المتحدي للدولة السورية، وأطلق تهديدات مبطّنة حملت في طياتها لهجة تصعيد واستعراض.
وخاطب الجابر الإعلامي اللبناني قائلاً: "لو خططت كما يجب يا أستاذ طوني، لما كنت سترى الشرع وعصابته في سوريا"، مضيفاً عبارته الشهيرة "وأنا محمد الجابر"، في مشهد اعتبره مراقبون رسالة استعلاء سياسية صريحة.
في السياق ذاته، بدا واضحاً حرص رامي عبد الرحمن خلال اللقاء على تلميع صورة الجابر وتقديمه كمتمرّد على النفوذ الإيراني، في محاولة لتحييد بعض عناصر النظام السابق عن الاتهامات بالعمالة لطهران وتنفيذ أجنداتها في سوريا.
رسائل من موسكو؟
يطرح هذا الظهور اللافت العديد من التساؤلات حول توقيت المقابلة، وطبيعة العلاقة التي تربط الجابر اليوم بمحور موسكو، لا سيما أن المقابلة جاءت في سياق سياسي متوتر، يُعاد فيه خلط الأوراق بين الداخل السوري ودوائر القرار الخارجي.
كما يثير الاعتراف بمحاولة انقلاب، وإن فاشلة، علامات استفهام حول مدى تورط أطراف أخرى، ومدى الجدية التي ستتعامل بها السلطات السورية الجديدة مع تهديدات قديمة تظهر مجددًا بوجوه مألوفة من الماضي القريب.
وبعد سقوط نظام الأسد البائد وجدت سوريا الجديدة نفسها أمام العديد من التحديات الخارجية والداخلية، لعل أبرزها على المستوى الداخلي هو كيفية التعامل مع فلول النظام السابق الذين لا يزالون يشكلون تهديداً مباشراً لاستقرار البلاد، وسط جهود أمنية مركزة لملاحقة فلول النظام المخلوع.
تحركات منظمة تستهدف إشعال فتيل الطائفية
أكد التقرير أن المتمردين العلويين كثفوا من عملياتهم خلال الأسابيع الماضية، متبعين خطاباً يقدّمهم كمدافعين عن طائفتهم، وذلك في ظل شعور متزايد بالتهميش في ظل حكومة انتقالية ذات غالبية سنية، ووفقاً للتقرير، فإن الحكومة لم تتخذ خطوات كافية لتطمين العلويين، مما زاد من احتمالات توسع دائرة العنف.
هجمات طائفية متبادلة
أوضح التقرير أن التمرد العلوي بدأ باشتباكات في الساحل السوري مطلع مارس/آذار، ترافقت مع هجمات على مدنيين سنّة وقوات موالية للحكومة، تبعها ردود عنيفة من القوات الحكومية استهدفت قرى وبلدات ذات غالبية علوية، وهو ما فاقم المشهد الطائفي، وأشار أحد قادة التمرد، بحسب التقرير، إلى أن العمليات نُفذت عمداً لاستدراج الحكومة إلى ارتكاب مجازر انتقامية، تهدف لتقويض شرعيتها أمام المجتمع الدولي.
دعوات سابقة لعودة الاحتلال بزعم حماية الطائفة
وسبق أن أثار المدعو "صالح حسن منصور"، الذي ظهر بمقاطع مرئية تحريضية من الساحل السوري، جدلاً واسعاً في فيديو نشر في 15 كانون الثاني/ يناير، قدم فيه نفسه على أنه شيخ ممثل الطائفة العلوية، وطالب بعودة الاحتلال الفرنسي في الساحل السوري، وقال "منصور"، "إذا استمر قتل أبنائنا لأنهم علويون سأتقدم بوثيقة للأمم المتحدة تضم توقيع الملايين من أبناء الطائفة العلوية لنطلب الحماية فيها من الحكومة الفرنسية"
وأوضحت الشبكة في تحديث صادر على موقعها الرسمي للحصائل المسجلة لديها، أنها وثقت قتل فلول نظام الأسد (عصابات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة) ما لا يقل عن 445 شخصاً، توزعوا إلى 214 شخصاً من عناصر قوات الأمن العام، و231 مدنياً.
ووثقت تسبب القوى المسلحة المشاركة في العملية العسكرية ضد فلول نظام الأسد، شملت هذه القوى: (فصائل عسكرية، سكان محليين مسلحين (سوريين وأجانب)، عناصر الأمن العام)، بمقتل ما لا يقل عن 887 شخصاً، بينهم مدنيون وعناصر من فلول الأسد منزوعي السلاح، الغالبية العظمى من هؤلاء قتلوا على يد الفصائل العسكرية التي انضمت مؤخرا إلى إدارة الأمن العام.
وأوضحت الشبكة الحقوقية أنه من الصعوبة بمكان التمييز هنا بين المدنيين وفلول نظام الأسد الذين نزع سلاحهم، لأن الفلول كانوا يرتدون ملابس مدنية، وبينت أن هذا التحديث لا يعني أن حالات قتل جديدة سجلت خلال الأيام الماضية، لأن الأوضاع الأمنية هدأت بشكل ملموس، بل هي حالات وقعت بشكل أساسي أيام 6، 7، 8 و9 آذار.
وقالت الشبكة إنها هذه الأرقام الجديدة لم تتمكن من تسجيلها بسبب تحديات هائلة ذكرتها في تقريرها التفصيلي من ضمنها عدم إمكانية الوصول أو التواصل مع قرى بعيدة، وبسبب الأوضاع الأمنية وغير ذلك من تحديات، وتمكنت مؤخرا من الوصول إلى مناطق لم تصل إليها سابقا، كما تمكن العشرات من العوائل من التواصل مع الشبكة.
في تقريرها الأولي، قالت الشبكة إن سوريا شهدت في تلك الفترة تدهوراً أمنياً غير مسبوق، وصفه بأنَّه إحدى أسوأ موجات العنف التي شهدتها البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. وقد نفّذت المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة المرتبطة بنظام الأسد هجمات منسّقة استهدفت مواقع أمنية وعسكرية تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة الانتقالية، ما دفع القوات الحكومية الرسمية إلى شن عمليات أمنية موسعة لملاحقة المهاجمين.
وفق الشبكة، شاركت في هذه العمليات إلى جانب القوات الرسمية فصائل عسكرية محلية، وتنظيمات إسلامية أجنبية منضوية شكلياً تحت مظلة وزارة الدفاع دون أن تندمج معها تنظيمياً بصورة فعلية، بالإضافة إلى مجموعات محلية من المدنيين المسلحين الذين قدموا الدعم للقوات الحكومية دون أن تكون لهم تبعية رسمية لأي تشكيل عسكري محدد.
وأوضحت أنَّ هذه العمليات الأمنية لم تقتصر على ملاحقة المتورطين مباشرةً في الهجمات، بل سرعان ما تحولت إلى مواجهات عنيفة ارتُكبت خلالها انتهاكات جسيمة واسعة النطاق، اتّسم معظمها بطابع انتقامي وطائفي، وكان للفصائل المحلية والتنظيمات الإسلامية الأجنبية التابعة شكلياً لوزارة الدفاع الدور الأبرز في ارتكابها.
وأوضح التقرير أنَّ هذه الأحداث تضمنت عمليات قتل خارج نطاق القانون، شملت إعدامات ميدانية وعمليات قتل جماعي ممنهجة بدوافع انتقامية وطائفية، إضافة إلى استهداف المدنيين، بمن فيهم أفراد الطواقم الطبية والإعلامية والعاملون في المجال الإنساني.
وطالت الانتهاكات المرافق العامة وعشرات الممتلكات العامة والخاصة، متسببة في موجات نزوح قسري طالت مئات السكان، فضلاً عن اختفاء عشرات المدنيين وعناصر من قوى الأمن الداخلي، الأمر الذي أدى إلى تفاقمٍ حادٍّ في الأوضاع الإنسانية والأمنية في المناطق المتضررة.
وأوضح التقرير أنَّ تعقيد المشهد الأمني الحالي يرجع إلى تعدُّد الأطراف المشاركة في النزاع وتداخل أدوارها، ما يجعل من تحديد المسؤوليات القانونية الفردية عملية شاقة ومعقدة للغاية، ويفرض تحدياتٍ كبيرة أمام الحكومة الانتقالية في مساعيها لضبط الأوضاع الأمنية ومنع وقوع المزيد من الانتهاكات.
ولفتت إلى إصدار الرئيس أحمد الشرع في 9 آذار/ مارس 2025 قراراً بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصّي الحقائق حول أحداث الساحل، على أن تقدم هذه اللجنة تقريرها النهائي إلى رئاسة الجمهورية في مدة لا تتجاوز 30 يوماً، مثمنة قرار تشكيل اللجنة، معتبرةً هذه الخطوة مؤشراً إيجابياً يعكس جدية الحكومة الانتقالية والتزامها بتحقيق العدالة وكشف الحقائق بشأن الانتهاكات الجسيمة التي بدأت اعتباراً من 6 آذار/مارس 2025.
ومع تقدير الشَّبكة لهذه المبادرة، فإنَّها توصي بتعزيز فاعلية اللجنة وضمان شفافية عملها من خلال إشراك ممثلين عن منظمات حقوقية مستقلة، مما يُسهم في تعزيز الشفافية وضمان إدماج المنظور الحقوقي غير الحكومي في التحقيق.
وأكدت على ضرورة إشراك أعضاء من الطائفة العلوية، وممثلين عن المناطق المتضررة التي شهدت الانتهاكات، بالنظر إلى الطابع الطائفي الواضح للعديد من هذه الجرائم، وهو ما يُعزّز الثقة في نتائج التحقيق ويضمن حيادية اللجنة واستقلاليتها عن أي تحيُّز.
ودعت الشَّبكة إلى توسيع النطاق الجغرافي لأعمال اللجنة ليشمل كافة المناطق التي شهدت انتهاكات جسيمة، وعدم اقتصار التحقيق على منطقة الساحل فقط، وطالبت الشَّبكة كذلك بتمديد الإطار الزمني لعمل اللجنة لأكثر من 30 يوماً، نظراً لتعقيد الأحداث المُراد التحقيق فيها وتعدد الأطراف المتورطة في ارتكاب الانتهاكات، مما يتطلب وقتاً كافياً لجمع الأدلة بشكلٍ دقيقٍ ومتكامل، ولضمان الوصول إلى الحقيقة بصورةٍ شاملة ومتكاملة.
وفي هذا الإطار، أكدت الشَّبكة استعدادها التام للتعاون مع اللجنة الوطنية المستقلة، عبر تقديم البيانات الموثّقة والمعلومات التي تمتلكها، إلى جانب الخبرات الفنية والتقنية لفرقها المختصة في عمليات التوثيق والتحقق، تعزيزاً لمسار العدالة والمساءلة.
كذلك وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تعرض تسعة على الأقل من النشطاء والعاملين في المجال الإعلامي لاستهدافٍ مباشر أثناء قيامهم بتغطية الاشتباكات بين القوى المسلحة المشاركة في العمليات العسكرية والمجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة والمرتبطة بنظام الأسد في محافظتي اللاذقية وطرطوس، إضافة إلى استهداف مباشر لستة من الأعيان المدنية خلال الفترة التي يغطيها التقرير، وكانت هذه الاعتداءات جميعها ناتجة عن هجمات المجموعات المسلحة المرتبطة بالنظام.
وتناول التقرير بالتفصيل الهجمات والانتهاكات المرتكبة بين 6 و10 آذار/مارس 2025، مُشيراً إلى أنَّ هذه الأحداث جاءت في سياق تدهورٍ أمني عام وانفلاتٍ واضح في مناطق متعددة من البلاد، وتصاعدٍ كبير في وتيرة العنف، الأمر الذي أدى إلى استمرار الهجمات والانتهاكات بصورة متكررة ومتواصلة خلال الأيام الأربعة المشمولة بالتقرير.
وأكدت التوصيات على دور القيادات المجتمعية في نشر رسائل تدعو إلى التعايش ونبذ العنف. فيما يتعلق بالمجتمع الدولي، طالب التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا بمتابعة الأحداث الأخيرة بشكل عاجل وإجراء تحقيق مستقل لتوثيق الجرائم والانتهاكات وتحديد الأطراف المسؤولة، ودعم المنظمات الوطنية والمنظمات الإغاثية المحلية، بالإضافة إلى توفير الدعم العاجل للمتضررين من العمليات العسكرية في مناطق اللاذقية وطرطوس وحماة.
أعربت السفارة الأمريكية في سوريا عن ترحيبها بالإعلان الدستوري الذي صدر مؤخراً، وبتشكيل الحكومة السورية الجديدة، معتبرة أن هذه الخطوة قد تمثل انطلاقة نحو مرحلة أكثر شمولية وتنوعاً في المشهد السياسي السوري.
وقالت السفارة في منشور لها على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "ترحب الولايات المتحدة بالإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة السورية، وتأمل أن تكون هذه الخطوة بداية نحو بناء سوريا شاملة لكل مكوناتها".
ويأتي هذا الموقف الأمريكي في وقت تحاول فيه الحكومة السورية الجديدة كسب اعتراف دولي أوسع، وسط مساعٍ لتعزيز الاستقرار الداخلي وإطلاق مسار إصلاحات سياسية وقانونية تشمل المؤسسات السيادية والمدنية على حد سواء.
في السياق، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، إن الحكومة السورية الجديدة بدت كأنها تشمل مجموعات إضافية في سوريا، لكن لا يزال هناك "الكثير مما يجب القيام به"، مشيرة إلى أن واشنطن تنتظر من #دمشق أن تتخذ المزيد من الإجراءات.
وأضافت بروس خلال مؤتمر صحفي، مساء الثلاثاء، أن واشنطن تدعو دمشق إلى "الالتزام بقانون حقوق الإنسان والقوانين العامة التي تحكم أي حكومة لائقة، وطبيعة الخيارات التي تتخذها"، مضيفة: "من الواضح أن هناك توقعات لم تتحقق بعد، لذا فنحن ننتظر لنرى ما سيفعلونه".
ورداً على سؤال حول وجود ضغوط أمريكية على سوريا بشأن حماية الأقليات، أجابت بروس: "عندما يتعلق الأمر بالضغط، فإن الضغط يتعلق في الواقع بما إذا كانت دولة ما تريد البقاء والقبول في المجتمع الدولي والعالم أم لا".
تسلم المهام والانطلاق في تنفيذ البرنامج الوطني
أكد الرئيس الشرع خلال الاجتماع أن عملية التسليم والتسلم بين الوزراء الجدد وأعضاء الحكومة المؤقتة السابقة جرت بسلاسة، مشيدًا بجهود الحكومة السابقة وما أنجزته في ظل ظروف انتقالية صعبة. وأشار إلى أن الوزراء الجدد باشروا منذ يومهم الأول في استلام الملفات الوزارية الحساسة، إيذانًا بالانطلاق الفعلي للعمل التنفيذي ضمن إطار حكومي متماسك ومنسجم.
التركيز على الملفات الحيوية والملحة
شدد الرئيس السوري على أن المرحلة المقبلة تتطلب مضاعفة الجهود، مع التركيز على ملفات محددة أبرزها: تحسين الواقع المعيشي للمواطنين، وإعادة تأهيل البنى التحتية، واستعادة الخدمات العامة في المناطق المحررة، وتعزيز الشفافية، ومحاربة الفساد. كما أشار إلى أهمية إطلاق ورشات عمل تشاركية مع المجتمع المدني والقطاع الخاص لرسم السياسات العامة وتحديد الأولويات بما يتلاءم مع تطلعات الشعب السوري.
التوجيه بتفعيل العمل المؤسساتي
وجه الشرع الوزراء إلى ضرورة تفعيل العمل المؤسساتي، واعتماد آلية تقييم دورية للأداء الوزاري، وربط المسؤولية بالمحاسبة، بما ينسجم مع مبادئ المرحلة الجديدة، التي تقوم على أساس الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية. وأكد على وجوب تعزيز التنسيق بين الوزارات، وتجاوز البيروقراطية، واتخاذ خطوات تنفيذية فاعلة بعيدًا عن الاكتفاء بالشعارات.
رسالة إلى الداخل والخارج
أوضح الرئيس الشرع أن الحكومة الجديدة تمثل إرادة السوريين وتطلعاتهم نحو دولة القانون والعدالة والمساواة، وأن سوريا تدخل مرحلة جديدة من بناء المؤسسات وترسيخ الاستقرار، داعيًا المجتمع الدولي إلى الانفتاح على الواقع السوري الجديد، والتعاون مع الحكومة في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية وتعزيز الأمن الإقليمي.
وأعلن أن الحكومة ستعمل على استقطاب الكفاءات السورية من الخارج، مع التركيز على تطوير البنية التحتية والتحول الرقمي. كما أشار إلى إنشاء وزارات جديدة مثل وزارة الرياضة والشباب، ووزارة الطوارئ والكوارث، لتلبية الاحتياجات الوطنية المتزايدة. واختتم حديثه بأن هذه الحكومة هي حكومة التغيير والبناء، مؤكدًا أن العمل الجماعي هو السبيل لتحقيق مستقبل أفضل لسوريا.
وأكدت الوزارة، في بيان رسمي، أن هذا الترحيب الدولي يُشكّل عامل دعم معنوي وسياسي كبير للحكومة الجديدة، ويعكس تفهّم المجتمع الدولي لحجم التحديات التي واجهتها سوريا، مشيرة إلى أن الدعم المعلن من الدول الصديقة يمثل حافزًا إضافيًا لمواصلة الإصلاحات وتنفيذ البرامج السياسية والاقتصادية الهادفة إلى تحسين أوضاع المواطنين وتعزيز الأمن والتنمية المستدامة.
وقالت الخارجية السورية إن دمشق تثمّن المواقف الإيجابية الصادرة عن العديد من العواصم والمنظمات الدولية، التي عبّرت عن استعدادها للتعاون مع الحكومة الجديدة في مختلف المجالات، لاسيما فيما يتعلق بملفات إعادة الإعمار، ومكافحة الإرهاب، وتحقيق الأمن الإقليمي.
وأوضحت الوزارة أن هذا التعاون المتوقع مع الشركاء الدوليين والإقليميين من شأنه أن يسهم في معالجة التحديات الإنسانية والاقتصادية المتراكمة، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل المشترك الذي يخدم مصالح الشعب السوري والشعوب المجاورة على حد سواء.
وجددت وزارة الخارجية تأكيدها على انفتاح سوريا على كل المبادرات الدولية التي تحترم سيادتها واستقلالها، مشيرة إلى استعدادها الكامل للتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي لتلبية احتياجات الشعب السوري، وتوحيد الجهود الرامية إلى ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة.
وشدد البيان على أن الحكومة السورية ترى في هذا الدعم الدولي فرصة لتعزيز التواصل السياسي والدبلوماسي، ولبناء شراكات فاعلة تسهم في تحقيق السلام والتنمية على أساس المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل.
بارقة أمل لملايين السوريين
وتعطي الحكومة السورية الجديدة، بارقة أمل لملايين السوريين، للنهوض بالبلاد وتحقيق الإذدهار على كافة الأصعدة، والعمل على إعادة الحياة وإعمار مادمرته الحرب التي شنها نظام بشار الأسد على السوريين على مدار 14 عاماً، لتكون هذه الحكومة متعددة الأطياف والكفاءات بداية مرحلة جديدة في بناء سوريا الحرة الموحدة.
أخبار متعلقة:
يتطلعُ الناس الذي تضرروا من ظلم ما يسمى نظام بشار الأسد السابق وحلفائه، ويتمنون محاسبة كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء، وكل من دعمَ الديكتاتور سواء من الناحية المادية أو المعنوية أو العسكرية وغيرها، فلولا دعمهم لما تمادى إلى هذه الدرجة ولما استمرت الحرب 14 عاماً قضاها بالقتل والتدمير والقمع. ومع ذلك ما يزال عدد من هؤلاء طلقاء يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، حتى أنهم إلى هذه اللحظة على رأس عملهم بمؤسسات الدولة.
تفاجئ الناشط الإعلامي لؤي أبو الجود بوجود القاضي الذي حكم عليه بالسجن بسبب نشاطه الثوري لمدة 22 عاماً خلال رئاسة الأسد، في القصر العدلي بحلب. ليصور فيديو فيروي الحادثة وينشره في منصات التواصل، وقال الإعلامي لؤي: "من أمام القصر العدلي في حلب، كان لدي معاملة معينة في هذا المكان، لأتفاجئ بوجود القاضي حسين فرحو ما يزال قائما على رأس عمله، هذا القاضي الذي قام بمحاكمتي في 05/03/2012 لأنه تم القبض على في المظاهرات، وكانت عقوبتي الحكم عليه بالسجن لمدة 22 عاماً".
وتابع أن عائلته سعت إلى إخراجه بدفع المال، مشيراً إلى الرشاوي التي كان يتلقاها أعوانُ النظام مستغلين أوضاع أبناء الثورة. وأضاف: "أُطلق سراحي بكفالة، وخلال تلك الأيام عندما كنت في السجن كان معي عدة أشخاص حكمهم حسين فرحو بتهم معينة، ولا أعرف إذا ماتوا أم ما يزالون على قيد الحياة".
ثم اختتم الفيديو موجهاً كلامه إلى الدولة السورية الجديدة: "هذا الموضوع برسم الحكومة، وبرسم وزارة العدل، ماذا يفعل الشبيحة في مكاتبهم إلى الآن؟". أثارَ فيديو غضب رواد التواصل الاجتماعي بعد نشره بلحظات قليلة، وتداولته عدة صفحات، ومن التعليقات البارزة: "كل شخص يعرف من هؤلاء القضاة يجب أن يخبر المسؤولين عنه لأنهم في رقابهم جرائم وهذا حق كل مواطن لأن الحكومة لا تعرف كل الناس".
وطلب ناشطون من أبو الجود رفع دعوى على ذلك القاضي، لأنه بالتأكيد كان السبب بأذية الكثير من الناس، فقال متابع: "ليش بتنشرو عالفيس بوك روح قدم شكوى وكأن الفيس بوك محكمة أو دائرة حكومية روح قدم شكوى وقت ما حدا يرد عليك أو يجبلك حقك طلاع واحكي عالفيس بوك"، وذكر ٱخر: "بتمنى ما تصمت وتخبر أحد الأشخاص المسؤولين وتخبر هالحكي واذا عندك شهود أو وثيقة الدعوى لاتصمت بلغ لربما انت وامثالك لم يخبروا الحكومة بتلك الشخصيات الهاربة من العدالة".
افتُتح الباب أمام النازحين للعودة إلى أراضيهم بعد تحريرها من قوات ما يسمى نظام الأسد السابق، الذين هُزموا في معركة ردع العدوان التي انطلقت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2024، والتي تكللت بفرار الأسد إلى موسكو مع عائلته في 8 كانون الأول/ديسمبر. وسارعَ أشخاص بالعودة إلى بيوتهم وديارهم. ونرى الٱن قوافل العودة إلى عدة قرى في ريفي إدلب وحماة، لكن ما يزال هناك عقبات تعرقل عودة الأهالي، سوف نستعرض البعض منها ضمن تقريرنا بناءً على أشخاص نازحين قابلناهم.
المخلفات الحربية في مقدمة العقبات
تُشكل الألغام ومخلفات الحرب واحدة من أكبر العقبات التي تمنع عودة النازحين، وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن 700 شخص سقطوا بين قتيل وجريح في سوريا، وحتى الٱن لم يتم تنظيف تلك القرى بالكامل منها، ليعزفَ الناس عن الرجوع حفاظاً على حياتهم ولحماية أطفالهم من الخطر. لاسيما أن تلك القرى لا يوجد فيها خدمات طبية مؤهلة لعلاج الحالات الإسعافية الضرورية، ومنها التي تسببها الألغام.
لا يوجد خدمات في قرى النازحين
كما أن غالبية القرى في ريف حماة وإدلب في حالة مزرية من ناحية الصرف الصحي والكهرباء وموضوع الحصول على المياه والأمور الخدمية الأخرى. فلا يمكن لعائلة أن تعيش في مكان لا تتوافر فيه تلك الخدمات.
وفي الوقت ذاته حبذت عائلات تأجيل العودة إلى بيوتها ريثما ينتهي فصل الشتاء البارد، خاصة أن التحرير حصل في منتصفه، فنقل الأغراض وإعادة ترتيبها أمر مربك خلال هذا فصل، عدا عن إمكانية إصابة العائلة وأفرادها بالمرض. لذلك فضلت العائلات الانتظار حتى حلول فصل الصيف.
الانتقال من مكان لمكان سوف يؤثرُ على دراسة الأولاد
كما أنهم ينتظرون أن ينتهي العام الدراسي، فلا يريدون أن يتأثر أولادهم بالانتقال من مكان إلى ٱخر، أو يتعبون بنقل الأثاث والفرش ما يحتويه مسكن النزوح من أغراض، علاوة على ذلك لا يوجد مدارس أو تعليم في غالبية تلك القرى، كما أنها تحتاج صيانة.
فالأولى بالنسبة للٱباء هو أن يتابع الأبناء دراستهم، ثم يخضعون للفحص، وبعد الانتهاء من جميع المهام الدراسية، والحصول على "الجلاء" يعودون. ويشدد أهالي ذوي شهادات التاسع والبكالوريا على موضوع البقاء في أماكن النزوح، لمدى أهمية هذه المرحلة وتطلبها اهتماماً وعناية أكثر من بقية الصفوف الانتقالية.
البناء يتطلب مالاً.. والأخير غير موجود
بينما يحولُ المال بين النازحين وبين رجوعهم إلى الموطن، وخاصة الذين تهدمت بيوتهم بالكامل بفعل قوات الأسد، ويحتاجون لبنائها من الأساس أي سيبدأون من نقطة الصفر، والأمر مكلف جداً خاصة في الوقت الراهن بسبب غلاء مواد البناء وأجرة اليد العاملة، وتركيب أبواب ونوافذ، ليستبعدوا فكرة العودة في الوقت الحالي ريثما تتوفر لهم الفرصة.
عائلات نشأت خلال النزوح
علاوة على ذلك هناك عائلات نشأت خلال مرحلة النزوح، عن طريق زواج شباب وفتيات خلال سنوات الحرب التي امتدت لـ 14 عاماً. وبنتْ هذه الأسر منازلها في مناطق اللجوء، وافتتحت عملها الخاص ومصدر رزقها الثابت، أي بدأوا حياتهم من الصفر. كما أنجبوا خلال هذه الفترة أطفالاً، ليتأقلموا على الوضع ويعيشون بشكل طبيعي، ويصبح المكان المضيف بمثابة مكان الاستقرار. ففضلوا الحفاظ على روتين حياتهم وقصد قراهم فقط بالزيارات والمناسبات العائلية والاجتماعية.
الكثير من النوايا الجميلة والٱمال السعيدة يخططُ لها أهالي قرى ريفي إدلب وحماة بعد تحرير مناطقهم، وسوف يعودون لبنائها من جديد فتصبح أفضل من السابق وتتحول أيام النزوح وما حملتها من مصاعب إلى مجرد ذكريات.
أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أن الولايات المتحدة أصدرت مؤخراً توجيهات للبعثة السورية لدى الأمم المتحدة تتعلق بتعديل نوعية التأشيرات الممنوحة لأعضائها في نيويورك، في خطوة وصفها بـ"الإدارية" ومرتبطة بسياسة الاعتراف الأميركية الراهنة.
وأوضح المتحدث، في بيان مكتوب، أن هذا القرار جاء انسجاماً مع موقف واشنطن الذي لا يعترف حالياً بأي جهة كحكومة شرعية للجمهورية العربية السورية، مشيراً إلى أن هذا التعديل لا يشمل أي تغيير في الامتيازات أو الحصانات التي يتمتع بها أعضاء البعثة السورية الدائمة المعتمدون لدى الأمم المتحدة.
وأوضح دوجاريك، أن "العضوية في الأمم المتحدة تُنظم وفق القانون الدولي، ومسألة الاعتراف بالحكومات تقع ضمن صلاحيات الدول الأعضاء، وليس الأمم المتحدة".
وأضاف: "قرار الدولة المضيفة – أي الولايات المتحدة – بشأن تعديل نوع تأشيرات أعضاء البعثة السورية، لا يغيّر من وضع سوريا في الأمم المتحدة، ولا يؤثر على مشاركة وفدها الدائم في أعمال المنظمة، ما دامت بعثتهم معتمدة لدى الأمم المتحدة، ويُسمح لهم بأداء مهامهم في هذا الإطار".
وكانت واشنطن قد أبلغت البعثة السورية في نيويورك، عبر مذكرة رسمية سُلّمت عن طريق الأمم المتحدة، أنها قررت تغيير الوضع القانوني للبعثة من بعثة دائمة تمثل دولة عضو في الأمم المتحدة، إلى بعثة تمثل "حكومة غير معترف بها" من قبل الولايات المتحدة.
كما تضمنت المذكرة إلغاء تأشيرات الفئة G1 الممنوحة لأعضاء البعثة، وهي مخصصة للدبلوماسيين الممثلين لحكومات معترف بها من قبل الدولة المضيفة، واستبدالها بتأشيرات من الفئة G3، التي تُمنح لممثلي كيانات لا تعترف واشنطن بحكوماتها.
وفي برقية داخلية وجهتها البعثة السورية إلى وزارة الخارجية في دمشق، أشارت إلى أن المذكرة "تتضمن إعلاناً صريحاً بعدم اعتراف الحكومة الأمريكية بالحكومة الانتقالية السورية الحالية"، محذّرة من أن هذه الخطوة قد تُمهّد لإجراءات مماثلة من دول أخرى تتفق مع رؤية واشنطن في هذا الملف.
وأوضح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، في تصريح لوكالة الأنباء السورية "سانا"، أن الوزارة تتابع عن كثب هذا الموضوع مع الجهات المعنية في واشنطن والأمم المتحدة، مشيراً إلى أن العمل جارٍ لتوضيح كافة الملابسات التي قد تثير التباساً قانونياً أو سياسياً، وذلك انطلاقاً من حرص الدولة على صون مصالحها والتزاماتها الدولية، ومواصلة تمثيل الشعب السوري بما ينسجم مع تطلعاته.
وأضاف المصدر أن الوزارة باشرت بمراجعة شاملة لأوضاع بعثاتها الدبلوماسية حول العالم، وستصدر في وقت قريب حزمة من القرارات الهادفة إلى إعادة تنظيم تلك البعثات بما يعزز كفاءتها، ويواكب المرحلة السياسية الجديدة التي تعيشها سوريا، مؤكداً أن الهدف هو تعزيز الحضور السوري الفاعل في المحافل الدولية، وضمان وضوح التمثيل السياسي والدبلوماسي.
وتضمّنت المذكرة أيضًا تعديل نوع التأشيرات الممنوحة لأعضاء البعثة، حيث تم إلغاء تأشيرات G1 الخاصة بالدبلوماسيين التابعين لحكومات معترف بها، واستبدالها بتأشيرات G3، والتي تُمنح لممثلين أمميين لا تعترف الولايات المتحدة بحكوماتهم.
توضيحات أممية وقانونية
قال المعارض السوري "جهاد مقدسي" إن هذا الإجراء يحمل أبعادًا تقنية أممية الطابع، لكنه يحمل دلالة سياسية مهمة. وأوضح أن لجنة أوراق الاعتماد في الجمعية العامة للأمم المتحدة هي من راجعت وضع الوفد السوري، وخلصت إلى وجود شكوك قانونية في تمثيله للدولة السورية، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأكد مقدسي أنه وبانتظار البتّ الرسمي بتمثيل سوريا الأممي من قِبل الحكومة الجديدة، فقد تم الطلب من أعضاء البعثة التقدّم بطلبات جديدة للحصول على إقامة، يُرجّح أن تكون بلا حصانة دبلوماسية، إلى حين تثبيتهم أو استبدالهم من قبل الإدارة السورية الجديدة.
موقف المجلس السوري الأميركي
من جهته، أكّد "محمد علاء غانم" مسؤول السياسات في المجلس السوري الأميركي، أن الولايات المتحدة بالفعل بدأت في تطبيق قرار تغيير نوع التأشيرات الممنوحة للدبلوماسيين السوريين في بعثة نيويورك.
وقال غانم: "الدبلوماسيون السوريون أُخطِروا رسمياً بوجوب التقدّم لتأشيرات من نوع G3 بدلاً من G1"، موضحاً أن هذا لا يعني مطالبتهم بالمغادرة أو فرض قيود إضافية على تحركاتهم، بل هو إجراء قانوني يتماشى مع لوائح الهجرة والتأشيرات، نظراً لأن واشنطن لم تعترف بعد رسمياً بالحكومة السورية الجديدة.
وأكد غانم أن تغيير التأشيرات لا يحمل طابعاً عقابياً أو سياسياً، بل هو جزء من الإجراءات المتّبعة في التعامل مع الحكومات غير المعترف بها رسمياً، وأنه بمجرد اعتراف الولايات المتحدة بالحكومة الجديدة، سيتم استئناف منح تأشيرات G1 كما كان في السابق.
سياق أوسع للتحوّل
يأتي هذا التطور في وقت تعيش فيه سوريا مرحلة سياسية جديدة عقب سقوط النظام السابق، وسط خطوات دولية وإقليمية لإعادة تشكيل العلاقة مع الدولة السورية، بما في ذلك قضايا الاعتراف الدبلوماسي والتمثيل الرسمي في الهيئات الدولية.
ويُعدّ هذا الإجراء الأميركي جزءاً من سياق قانوني يُبنى على معايير الاعتراف السياسي والدبلوماسي، لكنه في الوقت ذاته يسلّط الضوء على أن واشنطن تراقب التطورات السورية دون اتخاذ موقف رسمي نهائي من الحكومة الانتقالية الجديدة حتى الآن.
أعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، يوم الثلاثاء، عن نيته التوجه قريباً إلى العاصمة السورية دمشق، في زيارة رسمية سيلتقي خلالها الرئيس السوري أحمد الشرع، برفقة وفد وزاري وأمني رفيع المستوى.
وأوضح سلام أن الزيارة ستتناول ملفات عديدة عالقة بين الجانبين، إلى جانب متابعة ما تم التوافق عليه في لقاء جدة الأخير بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري، مشيراً إلى أهمية التنسيق الثنائي في الملفات المشتركة ذات الطابع الأمني والسياسي والاقتصادي.
وفي السياق، أعلن عن اتصال هاتفي أجراه رئيس مجلس الوزراء اللبناني الدكتور نواف سلام، بالرئيس السوري أحمد الشرع، هنّأه خلاله بحلول العيد، وبتشكيل الحكومة الجديدة متمنيًا لسوريا وشعبها مزيدًا من الاستقرار والازدهار. وبحث الجانبان خلال الاتصال سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات لما فيه مصلحة الشعبين اللبناني والسوري.
وأعرب رئيس الوزراء اللبناني عن رغبته في القيام بزيارة رسمية قريباً إلى دمشق، على رأس وفد وزاري، بهدف بحث القضايا المشتركة وتعزيز أواصر التعاون بين البلدين.
وقالت رئاسة الجمهورية السورية في بيان، إن رئيس وزراء لبنان نواف سلام أجرى اتصالا هاتفيًا بالرئيس السوري أحمد الشرع، هنّأه خلاله بحلول العيد، متمنيا لسوريا وشعبها مزيدًا من الاستقرار والازدهار.
وبحث الجانبان خلال الاتصال سبل تعزيز العلاقات الثنائيـة بين البلدين في مختلف المجالات، حيث أكد سلام على أهمية التعاون المشترك لما فيه مصلحة الشعبين اللبناني والسوري، وقدّم سلام التهنئة للرئيس السوري بمناسبة تشكيل الحكومة السورية الجديدة، معربًا عن أمله في أن تسهم في تحقيق المزيد من التقدم والاستقرار، وتعزيز مسيرة التنمية والتعاون بين البلدين الشقيقين.
في السياق، أكدت المملكة العربية السعودية الراعية للاتفاق، في بيان اليوم الجمعة دعمها الكامل لكل ما يحقق أمن واستقرار البلدين الجارين، ويسهم في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة أيضا، وأعرب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان عن سعادته بتوقيع هذا الاتفاق الذي وصفه بالمهم.
وكانت استضافت مدينة جدة السعودية يوم الخميس 27 آذار، اجتماعًا بين وفدي سوريا ولبنان لبحث قضايا أمنية هامة، وذلك بوساطة سعودية. تركزت المباحثات حول تعزيز التنسيق الأمني بين البلدين وتبادل المعلومات الأمنية، بالإضافة إلى مسألة ترسيم الحدود وسبل ضبط المعابر غير النظامية، حسبما أفاد موقع "العربية".
وفي هذا الصدد، أوضح وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى أن هذه المبادرة السعودية جاءت نتيجة تعذر التواصل المباشر بين الطرفين، مشيدًا بالجهود التي أثمرت عن ترتيب اللقاء. وأضاف الوزير اللبناني أن أبرز الملفات العالقة التي سيتم مناقشتها في الاجتماع تشمل تشديد الأمن على الحدود اللبنانية السورية، بالإضافة إلى ملف النزوح السوري، واصفًا اللقاء بأنه "أمني بامتياز". كما أكد الوزير منسى أنه سيلتقي بنظيره السعودي الأمير خالد بن سلمان في جدة بعد الاجتماع.
الخلفية الأمنية: التوترات على الحدود
جاءت هذه الاجتماعات في وقت حساس بعد سلسلة من الاشتباكات المسلحة على الحدود اللبنانية السورية في الأيام الأخيرة، والتي أسفرت عن مقتل العشرات من الجنود اللبنانيين والسوريين. وقالت مصادر محلية إن سبب اندلاع هذه الاشتباكات يعود إلى ملاحقة الجيش السوري لعدد من المهربين بالقرب من الحدود، حيث أدى إطلاق النار إلى سقوط ثلاثة جنود سوريين. وتفيد بعض التقارير بأن مقتل الجنود السوريين تم على يد عناصر من حزب الله، إلا أن الحزب نفى أي علاقة له بالأحداث على الحدود.
التحديات الأمنية والاقتصادية
تكمن التحديات الرئيسية على الحدود اللبنانية السورية في المعابر غير الشرعية، التي تُستخدم لتهريب الأفراد والأسلحة والمخدرات، بالإضافة إلى تصاعد التوترات التي شهدتها المنطقة بسبب الاشتباكات الأخيرة.
وتهدف الاجتماعات إلى وضع حلول فاعلة لتأمين الحدود ومنع التصعيد المستقبلي، فضلًا عن العمل على تطبيق القرار 1680 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في عام 2006، والذي يدعو إلى ترسيم الحدود بين البلدين وإنشاء علاقات دبلوماسية رسمية.
أهمية الوساطة السعودية
تستمر المملكة العربية السعودية في لعب دور الوساطة بين الجانبين السوري واللبناني، وهو ما يعكس أهمية هذا الاجتماع في تعزيز الاستقرار الأمني بين البلدين. ويأتي هذا الاجتماع بعد سلسلة من التوترات التي شهدتها المنطقة، إضافة إلى الوضع الأمني الهش على الحدود والذي قد يتم استغلاله من قبل أطراف خارجية مثل إسرائيل لتعزيز مشاريعها التوسعية في المنطقة.
مستقبل التعاون الأمني بين سوريا ولبنان
من خلال هذه الاجتماعات، يسعى الجانبان إلى تعزيز التعاون الأمني بين الأجهزة العسكرية والأمنية، بهدف وقف التصعيد وتفادي تكرار الحوادث الحدودية التي تسببت في وقوع ضحايا. التعاون الأمني بين البلدين سيكون أساسيًا في المرحلة المقبلة لتهدئة الوضع على الحدود، خصوصًا في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها المنطقة.
كشفت وسائل إعلام روسية تفاصيل جديدة عن حياة الدكتور ماهر الشرع، شقيق الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال إقامته الطويلة في روسيا، بالتزامن مع إعلان تعيينه في منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، في خطوة أثارت نقاشاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية بسوريا الجديدة.
الطبيب القادم من فورونيج
وفق ما أوردته تقارير روسية، فإن ماهر الشرع، المولود عام 1973، عاش لسنوات طويلة في مدينة فورونيج بوسط روسيا، حيث تخرج من أكاديمية فورونيج الطبية الحكومية عام 2000 باختصاص الطب العام، ثم أكمل تخصصه في "أمراض النساء والتوليد" عام 2004. ويحمل الشرع درجة الدكتوراه في العلوم الطبية، مع مشاركته في دورات تدريبية متعددة داخل روسيا.
بين عامي 2004 و2013، عمل في مستشفيات سورية، قبل أن يعود إلى روسيا ويشغل مناصب طبية في عدة عيادات نسائية، أبرزها في فورونيج ومستشفى أبها للولادة والأطفال بين 2014 و2018. ووفق موقع "برو دكتوروف"، حصل الشرع على تقييمات إيجابية من غالبية مرضاه في روسيا.
حياة عائلية هادئة
تشير التسريبات إلى أن ماهر متزوج من سيدة روسية تدعى تاتيانا زكيروفا، تحمل الجنسية السورية أيضاً، ولهما ثلاثة أبناء، وتتحدث الوثائق الروسية عن مغادرته البلاد إلى تركيا في يوليو 2022، دون عودة منذ ذلك الوقت.
تعيين مفاجئ وجدال مفتوح
تعيينه في موقع الأمانة العامة للرئاسة خلفاً لعبد الرحمن سلامة، الذي أوكلت إليه مهام أخرى، فُسر على أنه مكافأة سياسية، خصوصاً بعد شغله سابقاً لمنصب وزير الصحة بالوكالة في الحكومة الانتقالية، ودوره في العمل الاستشاري في مستشفيات شمال سوريا.
تتولى الأمانة العامة للرئاسة مهام استراتيجية تشمل التنسيق المباشر مع الرئيس، وصياغة المراسيم ومتابعة تنفيذ القرارات، والتواصل بين مؤسسات الدولة. وهو ما جعل المنصب مركز ثقل سيادي أثار علامات استفهام حول دلالة تعيين شقيق الرئيس فيه.
الانتقادات: الخوف من عودة المحسوبية
عدد من الناشطين والحقوقيين عبّروا عن خشيتهم من أن يكون القرار بوابة لعودة نهج "الدولة العائلية"، إذ علّق الصحفي وائل التميمي بأن السوريين "ثاروا على حكم العائلة"، معتبراً أن تعيين أحد أقارب الرئيس في موقع بهذه الحساسية "خطوة للخلف في مشروع بناء دولة المواطنة".
كما أشار الحقوقي أسامة أبو زيد إلى أن تعيين الأقارب في المناصب السيادية يُضعف من استقلالية القرار السياسي، ويناقض المبادئ التي نادت بها الثورة.
رأي مدافع: الثقة في زمن المخاطر
في المقابل، دافعت الكاتبة سهير الأومري عن التعيين، معتبرة أن الأمانة العامة للرئاسة "تتطلب ثقة مطلقة لا تتوفر إلا في الأقربين"، مؤكدة أن التعيين لا يُمنح أي امتياز سيادي، بل هو قرار لحماية مسار الحكم في فترة حساسة.
نقاش مفتوح في ظل التحوّلات
يبدو أن تعيين ماهر الشرع سيبقى تحت مجهر الرأي العام لفترة طويلة، في ظل رغبة السوريين بمؤسسات شفافة وقرارات بعيدة عن الشبهات. وبين اعتبارات الثقة ومقتضيات الدولة، تبقى التجربة قيد الاختبار، وسوريا الجديدة أمام لحظة مفصلية لتأكيد التزامها بمبادئ الديمقراطية والشفافية.
نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، مساء الثلاثاء، صوراً من زيارة استفزازية أجراها داخل أراضٍ سورية تحتلها إسرائيل في ريف القنيطرة، في انتهاك صارخ للسيادة السورية.
وظهر أدرعي في إحدى الصور التي نشرها عبر حسابه على منصة "إكس"، وهو يقف أمام لافتة تشير إلى مدينة القنيطرة، في مشهد اعتبره ناشطون رسالة استفزازية موجهة للشعب السوري.
وقال أدرعي في تعليقه على الصور: "جولة في الجنوب السوري، حيث تنتشر قوات الجيش الإسرائيلي"، زاعماً أن هذا الوجود يأتي لـ"منع التهديدات المحتملة وضمان أمن مواطني إسرائيل"، على حد تعبيره.
وتأتي هذه الجولة في ظل تصاعد التوتر على الحدود، وسط رفض سوري قاطع لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان ومحيطها، وإدانة متواصلة للانتهاكات المتكررة التي يمارسها الاحتلال في المنطقة.
"الجيش الإسرائـ ـيلي" يعلن تنفيذ عملية ضد "بنى تحتية إرهابية" جنوبي سوريا
وسبق أن قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي، نفذ فجر الخميس، عملية عسكرية واسعة في منطقة تسيل جنوب سوريا، أعلن خلالها عن مصادرة أسلحة وتدمير ما وصفها ببنى تحتية "إرهابية"، في تصعيد عسكري جديد يُنذر بتحول خطير في الميدان السوري.
وأضاف أدرعي، في بيان رسمي: "خلال ساعات الليل، نفذت قوات من اللواء 474 (الجولان) عملية في منطقة تسيل جنوب سوريا، حيث صادرت وسائل قتالية ودمرت بنى تحتية تعود لتنظيمات إرهابية".
وأضاف أن "عناصر مسلحة فتحت النار على قواتنا أثناء تنفيذ العملية، وقد تم الرد عليهم باستهداف بري وجوي، أسفر عن مقتل عدد من المسلحين"، وأكد أن القوات أنهت مهمتها دون أي خسائر بشرية في صفوفها، مشددًا على أن "وجود أسلحة وتهديدات جنوب سوريا يشكل خطرًا مباشرًا على أمن إسرائيل، ولن يتم التساهل معه".
وبحسب مصادر ميدانية، تواصلت عمليات انتشال الجثامين من منطقة الحرش التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية صباح الخميس، وسط ترجيحات بارتفاع عدد الشهداء مع استمرار البحث عن المفقودين ووجود حالات حرجة بين المصابين في مشفى نوى.
ومن بين الشهداء الذين جرى التعرف عليهم: (عمران محمد عرار، علي رياض الطياسنة، هشام بطحة، عيسى السقر، محمد البطل، بشار الطياسنة، عبدالله بطحة، محمد الرفاعي، وقيس الجندي).
تحوّل ميداني في سياسة الاحتلال
وتشير هذه العملية إلى مرحلة جديدة من التوغلات الإسرائيلية في الجنوب السوري، لا سيما أن الاقتراب من مدينة نوى، وهي أكبر مدن محافظة درعا وأكثرها اكتظاظًا بالسكان، يمثل تصعيدًا غير مسبوق قد يؤدي إلى مواجهات مباشرة في مناطق مدنية مأهولة.
وتُعد هذه الضربة امتدادًا لسلسلة من الانتهاكات التي بدأتها قوات الاحتلال عقب سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتي طالت عدة قرى في محافظتي درعا والقنيطرة.
غضب شعبي وتحذيرات من كارثة إنسانية
جاء ذلك في وقت تسود حالة من الغضب العارم والاستنفار الشعبي في أوساط أهالي نوى، الذين رأوا في الغارات استهدافًا مباشرًا لشبابهم الذين لبّوا نداءات الاستغاثة وحاولوا صدّ التوغلات العسكرية في حرش تسيل.
وتزداد المخاوف من اتساع رقعة التصعيد نحو المناطق السكنية، وسط ضعف البنية الخدمية والطبية، ما يُنذر بكارثة إنسانية وشيكة إذا ما استمر الاحتلال في قصفه للمدن والبلدات المأهولة في الجنوب السوري.
يطمحُ الناسُ في سوريا لأن يعيشوا حياةً أفضلَ من التي عاشوها في عهد ٱل الأسد، الذي امتد لأكثر من نصف قرن، امتلأتْ البلاد خلالها بمظاهر الفساد الذي طافَ إلى السطح، ولم يجرؤ أحد على انتقاده سوى أشخاص لتصبح المعتقلات والتهجير القسري مصيرهم. حتى اندلعت الثورة في آذار/مارس عام 2011، التي نادت بإسقاط كل وجوه الفساد وأشكالها في وطنهم.
بعد 14 عاماً من التضحيات والصبر والإصرار انتصرت الثورة، وفرَّ ما كان يسمي نفسه أسداً مع عائلته بعد أن نهبَ ثروات البلاد التي كانت بالنسبة له أثمن من الشعب وحريته وحقوقه. هذه المرحلة التي انتظرناها، من أجل سقوط كل الواسطات والمحسوبيات المستشرية في البلاد. إلا أنها ما تزال موجودة وبشكل علني، فتتعب الناس وتدخلهم في حالة من الإحباط.
ولاحظنا ذلك مع اقتراب موعد انتهاء التسجيل للامتحانات، إذ شهدتْ دائرة الامتحانات في مدينة حلب حالة من الازدحام التي لا يمكن تحملها، واشتكى طلاب من وجود مظاهر سلبية فيها، إذ يعانون من مشاكل خلال عملية التسجيل فيها. ويصطدم الطالب عند قدومه إليها بعشرات الطلاب الآخرين الموجودين بطريقة عشوائية بدون وجود تنظيم لعملية التسجيل أو الانتظار.
وكتبَ أحد الطلاب في مواقع التواصل الاجتماعي مشيراً إلى مدى سوء الوضع في تلك الدائرة: " ما يحدثُ أمام دائرة الامتحانات بحلب إهانة حقيقية لمستقبل هذا البلد! طلاب الشهادتين واقفون في طوابير مُذلّة منذ ساعات الفجر، والموظفون داخل المكاتب يتعاملون ببرود قاتل وكأنهم فوق المحاسبة، أين مدير التربية؟ أين الرقابة؟ إذا كانت هذه هي طريقة التعامل مع طلابنا في أهم مراحل حياتهم، فلا تستغربوا حين يهاجر الكفاءات أو ينفجر الغضب في وجه الظلم والإهمال".
وبحسب متابعتنا للموضوع، كشف البعض عن تعامل خالي من اللباقة لموظفين يعملون في دائرة الامتحانات، إذ يتكبرون على الطلاب، ويأخذون رشاوى كي يسجلون لهم، فيضطر الشخص المحتاج لعملية التسجيل والذي انتظرَ لساعات طويلة وتعب من الوقوف طويلاً للقبول بالوضع الراهن ودفع المال. خاصة أن قسم من الطلاب قادمون من أماكن بعيدة، ولا يوجد لديهم مكان في حلب كي ينامون فيه للتسجيل في يوم ٱخر، عدا عن تكاليف المواصلات التي دفعوها.
وسعى أشخاص تأذوا من مظاهر الفساد في دائرة الامتحانات بحلب لأن يفضحوهم في منصات التواصل الاجتماعي، ومن أبرز المناشير التي وردت في هذا السياق: "ياريت تسلطوا الضوء على مشكلة الازدحام الشديد والفوضى والبطىء في دائرة الامتحانات بحلب مشان تسجيل الطلاب الأحرار. يعني لاتاخذني نحن من ريف حلب صار تلت تيام عم نروح مشان التسجيل ما عم صحلنا دور لانو في فوضى .ولكم جزيل الشكر".
وطالبَ طلاب الجهات المعنية بوضع حل لمشكلة الازدحام، وبمراقبة الموظفين العاملين في دائرة الامتحانات، عدا عن ضرورة تقديم تسهيلات خلال عملية التسجيل وخاصة للطلاب القادمين من أماكن بعيدة.
وفي وقت لاحق، أعلنت مديرية التربية بحلب عن اعتماد خمسة مراكز إضافية لتسجيل طلاب البكالوريا والتاسع، وذلك نظراً للضغط الكبير الذي شهدته دائرة الامتحان في حلب، وستتاح مراكز التسجيل الجديدة في المناطق التالية: جرابلس، منبج، اعزاز، الباب، وعفرين، ووجهت المديرية المواطنين بانتظار تفاصيل آلية التسجيل والأوراق المطلوبة.
أعلنت مديرية الأمن العام في محافظة اللاذقية، يوم الثلاثاء 8 نيسان/ أبريل، عن تحييد خلية من فلول نظام الأسد البائد بما فيها متزعم العصابة التي كانت تثير الفوضى عبر هجمات شنتها منها اغتيال عناصر من الأمن السوري.
وصرح المقدم "مصطفى كنيفاتي"، مدير إدارة الأمن العام في اللاذقية أنه بعد الرصد والمتابعة تمكنت دورية من الوحدات الخاصة في الأمن العام بمدينة اللاذقية من تحديد مكان رأس خلية تتبع لفلول النظام البائد المدعو "حسن ابراهيم" وأفراد من عصابته.
وتابع أنه "على الفور اشتبك متزعم الخلية مع عناصر الوحدات الخاصة مما أدى إلى تحييده ومن معه على الفور"، وأضاف أن خلية المجرم "حسن إبراهيم" مسؤولة عن اغتيال عنصرين من مديرية الأمن العام بتاريخ 2025/3/3.
كما أنه متورط بشكل مباشر بقيادة مجموعات من فلول النظام البائد واستهداف قوات الجيش والأمن، وأكد أن مديرية الأمن لن ندخر أي جهد في ملاحقة والضرب بيد من حديد كل المجاميع الإرهابية التي استهدفت أو تخطط لاستهداف أهلنا المدنيين وقوات الأمن.
وكانت تمكنت القوات الأمنية السورية من إلقاء القبض على العقيد “سالم إسكندر طراف”، رئيس فرع أمن الدولة بدرعا سابقًا، وأحد قادة فلول النظام المهاجمة في الساحل السوري.
وأكد ناشطون أن “طراف” شارك في ارتكاب المجازر بحق السوريين، وينحدر من قرية دير البشل، التابعة لمدينة بانياس في محافظة طرطوس، وهو شقيق العميد الركن غسان طراف، الذي تقلد مناصب عسكرية بارزة.
وقال مصدر في وزارة الدفاع السورية في مارس الماضي إنه تم القبض على أربعة من مجموعة مسلحة من فلول النظام السابق حاولت مهاجمة ثكنة عسكرية في ريف اللاذقية على الساحل الغربي للبلاد.
ونقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر بوزارة الدفاع قوله بعد اشتباكات تمكن عناصر حراسة الثكنة من إفشال هجومهم وإلقاء القبض على 4 منهم.
هذا وقال مصدر أمني في طرطوس، إنه تم العثور على جثامين تسعة من أفراد قوات الأمن العام والشرطة قرب بلدة بارمايا في ريف طرطوس بعد أن غدرت بهم فلول النظام البائد وقاموا بتصفيتهم ميدانيا.
وبعد سقوط نظام الأسد البائد وجدت سوريا الجديدة نفسها أمام العديد من التحديات الخارجية والداخلية، لعل أبرزها على المستوى الداخلي هو كيفية التعامل مع فلول النظام السابق الذين لا يزالون يشكلون تهديداً مباشراً لاستقرار البلاد، وسط جهود أمنية مركزة لملاحقة فلول النظام المخلوع.