نفى "بشار الجعفري"، سفير نظام الأسد لدى موسكو، صحة ما تداولته تقارير إعلامية بشأن تقدمه بطلب لجوء سياسي إلى روسيا، مؤكداً أن تلك الأنباء لا أساس لها من الصحة. وقال الجعفري في تصريح لوكالة "نوفوستي" الروسية، اليوم الاثنين: "لا صحة للمعلومات التي تفيد بأنني طلبت اللجوء في روسيا".
وكان مصدر دبلوماسي نقل لوكالة "تاس" الروسية في وقت سابق، أن الجعفري تقدم بالفعل بطلب لجوء، وأن السلطات الروسية بصدد دراسة الطلب، مشيراً إلى أن السفير لا يعتزم العودة إلى دمشق في الوقت الحالي، وهو ما أثار موجة من التساؤلات حول مصيره الدبلوماسي.
سفارة دمشق في موسكو تنفي... دون توضيح كاف
وكانت السفارة السورية لدى موسكو قد أصدرت، يوم الثلاثاء 8 نيسان/أبريل، بياناً مقتضباً نفت فيه صحة منشور سابق نُشر على صفحتها الرسمية على "تلغرام"، والذي تضمّن إشارة إلى انتقال الجعفري إلى منصب جديد في الإدارة المركزية بدمشق، واصفة إياه بـ"أسد الدبلوماسية".
وبحسب بيان السفارة، فإن الصفحة تعرّضت لاختراق (تهكير)، ما أدى إلى نشر الخبر المثير للجدل، مطالبة إدارة "تلغرام" بالكشف عن هوية المسؤولين عن العملية، إلا أن البيان لم يتطرق بوضوح إلى ما إذا كان الجعفري قد أُعفي من منصبه أو لا، ما فتح الباب أمام تفسيرات متعددة، خاصة أن صيغة المنشور المنفي لم تتّبع أسلوباً دبلوماسياً معتاداً، بل حملت طابعاً شخصياً ومبالغاً فيه من حيث العبارات مثل "أسد الدبلوماسية".
بيان مبهم ومنشور لا يزال قائماً
المفارقة أن المنشور الذي أعلنت السفارة أنه نُشر نتيجة اختراق حسابها، لا يزال حتى لحظة إعداد هذا التقرير متاحاً على صفحتها الرسمية، ما يُضعف رواية الاختراق ويطرح تساؤلات حول الجهة التي تقف وراء نشره، ولماذا لم يتم حذفه حتى الآن إذا كان زائفاً.
وقد أشار عدد من النشطاء إلى أن الجدل الدائر يعكس محاولة محتملة من الجعفري للتمرد على قرارات وزارة الخارجية أو التعبير عن امتعاضه من تغييرات داخلية غير مُعلنة. فيما اعتبر آخرون أن البيان الغامض قد يكون محاولة لاحتواء فضيحة دبلوماسية، في وقتٍ تشهد فيه مفاصل الدولة إعادة هيكلة واسعة عقب سقوط النظام السابق.
بين الترقب والتكتم الرسمي
لا تزال الرواية الرسمية غير مكتملة، وسط استمرار حالة من الغموض حول مصير بشار الجعفري، خاصة مع تزامن النفي مع شائعات حول استبعاده من المشهد الدبلوماسي السوري، أو توليه منصباً داخلياً في وزارة الخارجية، دون إعلان رسمي حتى الآن.
وتبقى التساؤلات معلّقة حتى صدور توضيح رسمي صريح من وزارة الخارجية السورية أو من الجعفري نفسه، يضع حدًا للتكهنات التي باتت تتجاوز خبر طلب اللجوء إلى مصير واحد من أبرز وجوه دبلوماسية النظام السابق.
وبيّن المصدر أن هذا القرار يأتي في إطار حركة التغييرات الدبلوماسية التي أطلقتها الوزارة مؤخراً ضمن خطة شاملة لإعادة هيكلة البعثات الخارجية، بما يتوافق مع رؤية الدولة السورية الجديدة وتوجهاتها السياسية.
وأوضح المصدر أن القائمين بالأعمال في كل من السفارتين سيواصلون تسيير الشؤون الدبلوماسية والمهام القنصلية بشكل مؤقت، إلى حين صدور التعيينات الرسمية للسفراء الجدد بمرسوم من رئيس الجمهورية خلال الفترة القريبة المقبلة.
وعين "الجعفري" مندوب سوريا الدائم في مقر الأمم المتحدة الرئيسي بنيويورك عام 2006، حيث دافع بشراسة عن سياسة النظام في القتل والقمع ونفي كل جرائمه، ثم عين بعد سنوات طويلة من عمله بالأمم المتحدة، سفيرا في موسكو بأكتوبر عام 2022 حتى الوقت الذي سقط فيه نظام الأسد إلى الأبد.
وفي آخر تصريحاته بعد سقوط نظام الأسد، قال الجعفري، إن بلاده في في عهد الأسد كانت بلا نظام، إنما تحكمها "منظومة فساد ومافيا"، داعيا للاحتفال بالتغيير، ودعا "العقلاء والحكماء لتهدئة الشارع وبناء المستقبل بحيث تكون سوريا لكل السوريين"، وشدد على ضرورة "عدم تكرار أخطاء الماضي".
ودافع "الجعفري" عن مواقفه السابقة في دعم نظام القتل والبراميل قائلاً: "في الأمم المتحدة كنت ابتدعت كلمة بلادي ووطني ولم أكن أذكر النظام أو رأسه، لأن بلادنا هي التي تجمعنا، وكان يوجّه لي اللوم من النظام المخلوع على ذلك".
وسبق أن كشف "محمود الحمزة" الأكاديمي والسياسي السوري ورئيس "الجالية السورية الحرة" في روسيا، كواليس الاحتفال بسقوط نظام الأسد في السفارة السورية بموسكو، ودور سفير النظام الساقط "بشار الجعفري" في عرقلة الاحتفالية واستعانته بالشرطة الروسية، ليعاود "الجعفري" إظهار تأييده للثورة وتنظيم فعالية بحضوره ضمن السفارة.
دبلوماسيون سوريون ينتقدون الإبقاء على سفراء النظام السابق في مناصبهم
سبق أن انتقد دبلوماسيون سوريون سابقون استمرار الحكومة السورية في الاحتفاظ بمعظم الدبلوماسيين الذين تم تعيينهم في عهد نظام بشار الأسد، معتبرين أن هؤلاء الدبلوماسيين ما زالوا مخلصين للنظام السابق ويقومون بأنشطة ضد الحكومة الحالية.
تتواصل عمليات نهب البنية التحتية في المدينة الرياضية الواقعة على طريق قنوات – السويداء، في ظل غياب أي إجراء حقيقي لوقف الاعتداءات، ما يهدد بتحويل هذا المشروع الحيوي إلى مجرد ذكرى، بعد أن أصبح المشهد العام يوحي بأننا سنقول قريباً: "هنا كانت المدينة الرياضية".
وبحسب ما أفاد به موقع "السويداء 24"، فإن أعمال التخريب والسرقة لم تتوقف منذ مطلع العام الجاري، وسط تساؤلات محلية عن مصير أحد أضخم المشاريع الرياضية في المحافظة، والذي لم يُنجز منذ انطلاقته قبل أكثر من عقدين.
مشروع متعثر منذ عام 2001
المدينة الرياضية، التي حملت سابقاً اسم "مدينة الباسل الرياضية"، أُطلقت كمشروع رياضي طموح عام 2001، على مساحة تُقدّر بنحو 340 دونماً، وشملت تصميمات مرافقها ملعباً كبيراً لكرة القدم وعدداً من المنشآت الرياضية الأخرى. لكن المشروع توقف مراراً بسبب ما وصفه مصدر في الاتحاد الرياضي بـ"الفساد الإداري" الذي رافق الحكومات المتعاقبة خلال حكم النظام السابق.
كما أُعيد استخدام أجزاء من المدينة من قبل جيش النظام عقب اندلاع الثورة السورية في 2011، الأمر الذي أسهم في تدهور بنيتها وعرقلة استكمال بنائها.
النهب يطال المدرجات والحديد والأبواب
مع غياب المرافق الرياضية الحديثة في السويداء، باتت عمليات النهب الجارية حالياً تمثل "الإعدام الصريح" لما تبقى من البنية التحتية للمدينة الرياضية. وبحسب ما وثّقه فريق "السويداء 24"، فقد جرى تفكيك كميات كبيرة من الحديد وسرقة الأبواب والنوافذ، قبل أن يتجه المعتدون مؤخراً إلى **تحطيم المدرجات بهدف استخراج الحديد من داخلها**.
وحاول الفريق الصحفي الدخول إلى موقع المدينة أثناء عمليات النهب، إلا أن وجود مسلحين يرافقون اللصوص حال دون ذلك، ما أثار مخاوف من التعرض لاعتداء مباشر.
توثيق جوي يؤكد حجم التعديات
عبر تصوير جوي حصل عليه الفريق، تبيّن أن عمليات الهدم والتخريب داخل ملعب كرة القدم تتم بواسطة مجموعة لا يتجاوز عدد أفرادها 20 شخصاً، يتوزعون بين منفذين لعمليات الهدم ومسلحين يتولون تأمين المكان. ورُصدت سيارة من نوع "بيك أب" تُحمّل كميات الحديد المسروق، حيث تتجه بحسب التتبع إلى **حي المشروب داخل مدينة السويداء.
وتوفرت صور حصرية تُظهر عددًا من هؤلاء الأفراد يحملون أدوات هدم، وقد تبيّن أن معظمهم ينحدر من نفس المنطقة.
وجهاء العشائر: لا غطاء اجتماعي للمخربين
وفي تصريح لـ "السويداء 24"، أكد أحد وجهاء العشائر أن هؤلاء الأشخاص لا يمثلون أي مكوّن اجتماعي ولا يتمتعون بأي غطاء عشائري، مطالباً بتكثيف الجهود بين الجهات الشرطية والمجتمع الأهلي لوضع حدّ لهذه التجاوزات.
وشدّد المصدر على أن إنهاء هذه الظاهرة لا يمكن أن يُلقى بالكامل على عاتق الفصائل الأهلية المسلحة، بل يجب أن تتكامل أدوار كافة الجهات المختصة والأهالي في حماية الممتلكات العامة.
نهب ممنهج طال مرافق متعددة
ومنذ سقوط النظام، تعرّضت عدة مرافق عامة في السويداء لاعتداءات ونهبٍ واسع، أبرزها فرع حزب البعث، المدينة الرياضية، السجن المركزي، ومستودعات الاتصالات، في حين نجحت جهود أهلية في إنقاذ بعض المرافق الخدمية من المصير ذاته.
ورغم أن التعديات لم تكن محصورة بفئة بعينها، بل طالت شرائح مختلفة في المجتمع، إلا أن خطورتها تكمن في استهدافها لمنشآت عامة تمثل ملكية مشتركة لجميع أبناء المحافظة، ما يستدعي وضع خطط حماية حقيقية بالتعاون بين الفعاليات المحلية والقوى الشرطية، لحفظ ما تبقى من البنى التحتية، ومنع استكمال مسلسل العبث المنظم بحقها.
وصفت رئيسة جمهورية كوسوفو، فيوسا عثماني، لقائها الأخير مع الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي جرى على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي في تركيا، بأنه "لقاء رائع"، مؤكدة رغبة بلادها في توسيع آفاق التعاون مع سوريا ما بعد الثورة، وإقامة علاقات ثنائية ترتكز على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وفي مقابلة مع قناة RTV21 الكوسوفية، أعربت عثماني عن ارتياحها الكبير للقاء الذي جمعها بالرئيس الشرع، مشيرة إلى أن كوسوفو "لم تسعَ يومًا إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع النظام السوري السابق"، مؤكدة أن بلادها تتطلع اليوم إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع "سوريا الحرة ومؤسساتها الشرعية".
إشادة بصمود الشعب السوري وتأكيد على التضامن
وخلال حديثها، تطرقت عثماني إلى المعاناة التي عاشها السوريون خلال سنوات النظام البائد، ووصفت ما حدث بأنه "إبادة جماعية وجرائم حرب مروعة"، مؤكدة أن "حتى الأسلحة الكيميائية استخدمت ضد الأطفال"، وهو ما يجعل من واجب المجتمع الدولي دعم تطلعات السوريين للعدالة والحرية، وفق تعبيرها.
توافق على شراكة حقيقية
اللقاء بين الشرع وعثماني، الذي عُقد في أنطاليا ضمن فعاليات المنتدى الدبلوماسي، شهد توافقًا سياسيًا على إقامة علاقات ثنائية متميزة، وفتح قنوات شراكة حقيقية بين البلدين، تعزز جهود إعادة الإعمار والاستقرار في سوريا، بدعم سياسي وإنساني من جمهورية كوسوفو.
وأكدت الرئيسة الكوسوفية التزام بلادها بالوقوف إلى جانب الشعب السوري، ودعمه في سعيه نحو بناء دولة ديمقراطية حرة وآمنة، مشيرة إلى أن كوسوفو "تتشارك مع السوريين تجربة التحرر من الاستبداد، وهي مستعدة لنقل خبراتها في بناء المؤسسات وتعزيز سيادة القانون".
خلفية سياسية
يُذكر أن كوسوفو كانت قد أعلنت استقلالها عن صربيا من جانب واحد في 17 شباط/فبراير 2008، وتحظى اليوم باعتراف 119 دولة. وعلى الرغم من اتهامات وجهتها موسكو في عام 2012 لكوسوفو بالسعي لتكون قاعدة خلفية لتدريب المعارضة السورية، فإن بريشتينا نفت ذلك، لكنها أكدت آنذاك وجود "اتصالات دبلوماسية" مع أطراف في المعارضة، وأعربت عن دعمها القوي لقضية الشعب السوري في مواجهة القمع.
يأتي هذا التقارب السياسي في سياق الانفتاح الدبلوماسي المتسارع الذي تشهده سوريا بعد سقوط نظام الأسد، حيث تسعى القيادة الجديدة إلى إعادة تموضع البلاد إقليميًا ودوليًا، من خلال شراكات سياسية واقتصادية تعزز موقعها في المشهد الدولي، وتكرّس الاعتراف بشرعية المؤسسات المنبثقة عن الثورة السورية.
في مشهد سياسي غير مسبوق منذ عقود، طوى الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء اللبناني نواف سلام صفحة مريرة من العلاقات السورية اللبنانية، سادها لعقود نهج الهيمنة والتبعية الذي فرضه النظام البائد، فاتحين الأبواب أمام مرحلة جديدة من الشراكة الندية والتفاهم المتبادل، بعد انتصار الثورة السورية وتغيّر المعادلة السياسية في المنطقة.
وأكد الجانبان خلال زيارة الوفد الوزاري اللبناني إلى دمشق، على ضرورة بناء علاقات راسخة تقوم على قاعدة الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، في خطوة وصفت بأنها "انطلاقة حقيقية لعهد سياسي جديد بين البلدين الجارين".
زيارة رسمية رفيعة المستوى إلى دمشق
وبحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء اللبناني، فقد اختتم رئيس الحكومة نواف سلام زيارة رسمية إلى العاصمة السورية دمشق، على رأس وفد وزاري ضم وزراء الخارجية يوسف رجي، الدفاع ميشال منسى، والداخلية أحمد الحجار.
وقد التقى الوفد بالرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، حيث جرى خلال اللقاء بحث ملفات متعددة شائكة، في مقدمها "ضبط الحدود والمعابر ومكافحة التهريب"، إضافة إلى "ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية"، وهي ملفات سبق أن طُرحت في لقاء جدة الأخير، الذي جمع وزيري الدفاع في البلدين برعاية سعودية.
سلام: صفحة جديدة من الثقة والاحترام المتبادل
وأكد الرئيس نواف سلام، أن الزيارة تمثل فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تقوم على مبادئ حسن الجوار، واحترام السيادة، واستعادة الثقة بين الشعبين، مشدداً على أن "قرار سوريا للسوريين، وقرار لبنان للبنانيين"، وهو ما لاقى تجاوبًا من الجانب السوري.
ملفات اللاجئين والمفقودين: أولوية إنسانية مشتركة
تناولت المباحثات أيضًا قضية اللاجئين السوريين في لبنان، حيث جرى التشديد على أهمية العودة الآمنة والكريمة للنازحين إلى مدنهم وقراهم، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة. كما طرح الوفد اللبناني ملف المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في سوريا، مطالبًا بكشف مصيرهم والتعاون القضائي لتسليم المطلوبين في قضايا بارزة، أبرزها قضية تفجيري مسجدي التقوى والسلام، وغيرها من الملفات المتراكمة منذ سنوات النظام السابق.
تعزيز التنسيق الأمني وتعاون اقتصادي واسع النطاق
وأكد البيان أن الجانبين شدّدا على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني بين البلدين، بما يضمن الاستقرار ويمنع عودة الفوضى على طرفي الحدود. كما ناقش الطرفان مجموعة من القضايا الاقتصادية، من أبرزها فتح خطوط التجارة البرية والبحرية، واستجرار النفط والغاز، وتفعيل النقل الجوي، إلى جانب النظر في الاتفاقيات السابقة، وخصوصًا مراجعة دور المجلس الأعلى السوري اللبناني.
لجنة وزارية مشتركة لمتابعة الملفات
تم الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية مشتركة تضم وزارات الخارجية، الدفاع، الداخلية والعدل، لمتابعة الملفات ذات الطابع الأمني والقضائي، على أن تتابع وزارات الاقتصاد، النقل، الشؤون الاجتماعية والطاقة، بقية الملفات ذات الطابع الخدمي والتنموي.
وفي ختام اللقاء، شدد الجانبان على ضرورة رفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، بما يسمح بتنشيط الاقتصاد السوري وفتح الطريق أمام إعادة الإعمار والاستثمارات، وهو ما سيعود بالفائدة على لبنان كذلك، خاصة في ملفي الطاقة وتسهيل تصدير المنتجات اللبنانية برًا عبر الأراضي السورية.
تشير هذه الزيارة إلى تحوّل لافت في الديناميكيات السياسية الإقليمية، تعكس إرادة واضحة لدى البلدين لتجاوز إرث الماضي والتأسيس لتعاون حقيقي على قاعدة الشراكة لا الوصاية، والانفتاح لا الصراع، في لحظة إقليمية مفصلية تتطلب تفعيل كل أدوات الحوار الإقليمي لتعزيز الاستقرار والتنمية المشتركة.
أثارت مشاركة الفارس "أحمد حمشو"، بتمثيل سوريا في إحدى مسابقات الفروسية العربية، جدلا واسعا حيث أن "حمشو" ليي معروف بمواقفه الداعمة لنظام الأسد البائد فحسب بل هو جزء أساسي من واجهة النظام الرياضية لسنوات طويلة.
وشارك "حمشو"، في بطولة كأس رئيس الدولة المقامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ورفع علم سوريا الجديد ضمن محاولات تبديل مواقفه التشبيحية وتبني مواقف جديدة يزعم فيها تأييد الدولة السورية الجديدة.
ودعا ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، وزير الرياضة والشباب في الحكومة السورية "محمد سامح الحامض"، إلى مخاطبة "الاتحاد الدولي للفروسية" (FEI) بهدف شبط المدعو "أحمد حمشو" من قوائم اللاعبين الممثلين لسوريا.
وكذلك شددوا على ضرورة إزالة وإبعاد أشقائه "عمرو وآية" وعدم تمكينهم من تمثيل سوريا دولياً وعربياً، نظرا إلى مدى تشبيحهم ودفاعهم عن نظام الأسد البائد علاوة على فشلهم الذريع بهذه المسابقات التي اعتادوا الفوز بها في سوريا فقط.
وفي تموز 2021 اختارت لجنة تتبع لنظام الأسد البائد "أحمد حمشو"، لرفع علم النظام خلال افتتاح حفل الألعاب الأولمبية، الذي سيعقد في العاصمة اليابانية طوكيو.
وبصفة رجل أعمال، يخضع أحمد حمشو للعقوبات الاقتصادية الأمريكية منذ 2020، بموجب قانون “قيصر” ويذكر أن والده رجل الأعمال الشهير محمد حمشو، معاقَب أمريكيًا منذ 2011، كونه جمع ثروته بفضل صلاته بنظام الأسد البائد.
وكانت قررت وزارة الرياضة والشباب السورية، استبعاد لاعبتين ومدرب من المنتخب الوطني الأول لكرة السلة للسيدات، بعد نشر اللاعبتين صورا بقميص المنتخب مع حذف العلم السوري الجديد، مما أثار جدلا في سوريا.
وأعلن الاتحاد العربي السوري لكرة القدم، وبالتعاون مع الكادر الفني الوطني المكلّف باستكشاف ومتابعة وتدريب اللاعبين السوريين المغتربين، عن اطلاق منصة لاستكشاف اللاعبين المغتربين الراغبين في تمثيل المنتخبات الوطنية.
وطلب الاتحاد في صفحته عبر الفيسبوك من اللاعبين الراغبين بتمثيل منتخب سورية التسجيل عبر الرابط المعلن كما طالب الاتحاد اللاعبين المغتربين بإرسال مقاطع فيديو لهم، مع ذكر عنوان البريد الإلكتروني واسم اللاعب باللغة الإنجليزية.
وكان أحدث رئيس الجمهورية الجديدة السيد أحمد الشرع، وزارة جديدة تحت اسم وزارة الرياضة والشباب، لتحل مكان منظمة الاتحاد الرياضي العام، والتي كانت أعلى سلطة رياضية في البلاد، وتدير الشأن الرياضي فيه منذ أن أُحدثت في العام 1971.
وأُوكلت حقيبة الرياضة والشباب إلى السيد محمد سامح الحامض، المنحدر من مدينة كفرتخاريم في ريف إدلب الشمالي الغربي، وكان الحامض قد شغل منصب مدير مديرية الشباب والرياضة في حكومة الإنقاذ السورية منذ العام 2022.
وخلال الكلمة التي ألقاها أمام الرئيس السوري قبل أدائه القسم الدستوري، وعد الحامض بصيانة جميع الملاعب والصالات في البلاد، والتي دُمّرت خلال سنوات الحرب.
هذا ولاقى إحداث الوزارة ارتياحًا عامًا لدى الجماهير الرياضية السورية، آملين أن تنهض بالرياضة السورية، وتُعيدها إلى الساحة العربية والإقليمية والعالمية في قادم السنوات.
تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو مسجل من قبل شاب ينتمي لـ مكون أو عوائل مايعرف بـ "القرباط" إحدى المكونات المنتشرة في عدة محافظات سورية، يحمل الفيديو رسالة عتب على أبناء الشعب السوري، حيال النظرة الدونية التي يتم التعامل فيها مع أبناء "القرباط" والتنمر وطبيعة التعاطي والتعامل معهم في حال عرف عن نفسه بهذا الانتماء.
الفيديو المتداول على بساطته يحمل رسالة عميقة وقوية، من شاب حاول أن يثبت ويؤكد هويته، ولاينكر أصله أو منشأه أو انتمائه، مؤكداً على التمسك بهذه الهوية البشرية التي ولد ونشأ وترعرع فيها بين جميع المكونات العرقية والأثنية والطائفية وغيرها في سوريا، لهم دور وحضور رغم التهميش الذي يعيشونه بسبب قلة أعدادهم، وعدم الاعتراف الرسمي بانتمائهم.
هذا الفيديو المتداول، دفعنا في فريق التحرير للبحث والتعميق أكثر في هذا المكون أو الفئة الأصيلة من فئات ومكونات الشعب السوري، نعيش معهم ويعيشون بيننا، وتربطهم علاقات قوية مع محيطهم وجوارهم في عموم مناطق سوريا، لهم طقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم التي نشأوا عليها وكبروا يحملونا، لم يخجلوا بها أو يتخلوا عنها، رغم كل النظرة التي تعتريهم من باقي مكونات الشعب حيث يذكر انهم من "القرباط".
القُرباط هو المصطلح المحلي المستخدم في سوريا للإشارة إلى جماعات الغجر، الذين يُعرفون عالميًا باسم "الروما (Roma)" وهم جماعة ذات أصول غير عربية، تتميز بثقافتها الخاصة، وأنماط عيشها المتنقلة تقليديًا، واعتمادها على مهن هامشية ترتبط بالموسيقى، والرقص، والحدادة، وتجارة المواشي، وإصلاح الأدوات.
في اللغة الشعبية السورية، يُستخدم لفظ "القرباطي" أحيانًا بنبرة سلبية أو ساخرة، تعبيرًا عن التهميش الاجتماعي الذي تعرضوا له، رغم أن الكثير منهم يحاولون اليوم الاندماج الكامل في المجتمع والابتعاد عن هذه الصورة النمطية.
- المنشأ التاريخي والقوميّة الأصلية:
تشير الدراسات الأنثروبولوجية واللغوية إلى أن أصل الغجر يعود إلى شمال "الهند"، وتحديدًا إلى مناطق البنجاب وراجستان، حيث بدأت موجات هجرتهم الكبرى بين القرنين التاسع والحادي عشر ميلادي، باتجاه فارس، ثم الأناضول، ومنها إلى بلاد الشام، فإلى أوروبا.
وصلت هذه الجماعات إلى سوريا قبل مئات السنين، خاصة في ظل التنقل المفتوح خلال الحكم العثماني، واستقر بعضهم في أطراف المدن الكبرى، بينما حافظ آخرون على نمط حياة متنقل في البوادي والمناطق الريفية.
من الناحية القومية، لا يُصنّف القرباط ضمن أي من القوميات التقليدية (العربية، الكردية، التركمانية)، بل يُنظر إليهم كجماعة "غجرية مستقلة الهوية"، تنتمي إلى العرق الهندو-آري. ومع ذلك، فإن أغلبهم اليوم يتحدثون العربية ويتماهون مع الثقافة المحلية، مع احتفاظهم بلهجة غجرية خاصة تُعرف بـ"الكرباتية".
- مناطق الانتشار في سوريا
يتوزع القرباط في عدة محافظات سورية، وغالبًا على هامش المدن الكبرى أو في تجمعات خاصة بهم. من أبرز مناطق انتشارهم (محافظة حلب: خاصة في مناطق مثل المرجة والأنصاري وبستان القصر - حمص: في أحياء مثل بابا عمرو والبياضة وتدمر ومحيطها - ريف دمشق: في التل والقدم وحرستا - دير الزور والبوكمال: في المناطق الريفية ومخيمات البدو - الحسكة والقامشلي: خصوصاً قرب الحدود التركية والعراقية - السويداء: في قرية "خربة القرباط" المعروفة تاريخيًا باستقرار هذه الجماعة - إدلب: في ريف سراقب الشرقي بشكل رئيس)، وغالبًا ما يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة، وبُنى تحتية متواضعة، في مناطق توصف بـ"المُهمّشة".
- علاقتهم بالدولة والمجتمع:
في عهد النظام السوري البائد، لم يُعترف بالقرباط كجماعة ثقافية أو قومية مستقلة، ولم تُوفّر لهم أي حقوق جماعية، بل جرى تذويبهم قسرًا ضمن تصنيفات ديموغرافية غير واضحة، وفي كثير من الحالات، تُركوا خارج الأطر الرسمية كالسكن النظامي أو التوظيف في القطاع العام، ما أدى إلى بروز مهن غير رسمية شكلت النمط الاقتصادي الغالب لديهم.
على المستوى المجتمعي، واجه القرباط نظرة نمطية مليئة بالأحكام المسبقة، ما جعل الكثير منهم يسعون إلى إخفاء هويتهم الأصلية والاندماج بصمت في المجتمع السوري.
- موقفهم من الثورة السورية:
لم يكن للقرباط موقف موحّد من الثورة السورية، وذلك لأسباب عدة منها "غياب القيادة الجماعية" إذ لا يوجد لدى القرباط إطار تمثيلي واضح أو قيادة موحدة تتخذ مواقف سياسية باسم الجماعة، إضافة إلى "الحياد القسري" بسبب تهميشهم التاريخي، ابتعد الكثير منهم عن الانخراط في الصراع خشية الوقوع بين نارين.
وتميزت مشاركتهم في الثورة بـ "مشاركات فردية" في بعض المناطق، شارك شبّان من القرباط في التظاهرات، أو انضموا إلى صفوف المعارضة، خاصة في حلب وحمص، فيما اختار آخرون الانضمام إلى ميليشيات موالية للنظام بدافع الحاجة الاقتصادية أو كوسيلة لحماية الذات، لذلك، يمكن القول إن "موقف القرباط من الثورة لم يكن جماعيًا أو معلنًا، بل تباين حسب الجغرافيا والانتماء المحلي والضغوط الأمنية".
لكن الثابت أن "القراط أو الغجر" أو أي من التسميات التي تطلق عليهم، قد عانوا من مرارة النزوح والتشريد والقصف والقتل حتى، وشهدوا أحداث مروعة في مناطق إقامتهم، وأجبروا على النزوح مراراً من منطقة إلى أخرى بسبب آلة القتل التي مارسها نظام الأسد، والتي لم تميز بين كبير أو صغير أو قومية أو عرق.
- القرباط بعد الثورة وسقوط النظام:
مع سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2025، بات المجال مفتوحًا لإعادة طرح أسئلة الهوية والمواطنة والعدالة الاجتماعية في سوريا الجديدة، ويطالب ناشطون حقوقيون اليوم بضرورة "دمج القرباط كمكوّن وطني كامل الحقوق"، من خلال الاعتراف القانوني بهم كمجتمع ثقافي مستقل، وتوفير فرص التعليم والعمل والرعاية الصحية، وحماية حقوقهم الاجتماعية والثقافية وإزالة الصور النمطية السلبية.
في النهاية، رغم أنهم ظلّوا لعقود "مواطنين منسيين"، إلا أن القرباط يشكّلون جزءاً أصيلاً من الفسيفساء السورية، وتاريخهم العميق، وثقافتهم الغنية، واستحقاقهم الإنساني في الكرامة والعدالة، تضعهم أمام فرصة جديدة في سوريا ما بعد الثورة، للمطالبة بالاعتراف، والمساواة، والانتماء الحقيقي إلى وطن يتسع للجميع.
في مشهد مؤثر حاز على إعجاب واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، تداول ناشطون مقطع فيديو يجسّد معاني التعايش والتسامح بين أبناء الوطن الواحد من مختلف الطوائف، عبر مبادرات شبابية متبادلة بين المسلمين والمسيحيين، تؤكد وحدة النسيج السوري رغم اختلاف الأديان والعادات.
مشهد رمزي من سوريا المتجددة
ظهر في الفيديو شباب من فرقة موسيقية مسيحية وهم يعزفون أنشودة "طلع البدر علينا"، إحدى أقدم المدائح النبوية التي تحتفي بقدوم النبي محمد ﷺ، تزامنًا مع حلول عيد الفطر، في لفتة محبة واحترام تجاه المسلمين. وفي الوقت ذاته، وثّق المقطع مبادرة لشباب مسلمين يوزعون الحلوى على باب كنيسة احتفاءً بأحد الشعانين، أحد أبرز أعياد المسيحيين في البلاد.
ردود فعل إيجابية وتعليقات تشيد بروح التآخي
لاقى الفيديو تفاعلاً كبيراً وتعليقات عبّرت عن الفخر بالوحدة الشعبية، حيث كتب أحد المعلّقين: "نحن المسلمون وإخواننا المسيحيون أهلٌ ويجمعنا مصير واحد، من يفرحهم يفرحنا ومن يؤذيهم يؤذينا". وأضاف آخر: "هكذا كنا دائمًا، نحتفل بأعيادنا معًا، ونعرف أن أركان الإيمان تجمعنا بالإيمان بالله وكتبه ورسله".
وتابع أحد المتابعين: "لطالما حضرنا تعميد أطفال أصدقائنا، وهم شاركونا في موالدنا وصلواتنا. هذا هو الشعب السوري الحقيقي، المثقف والواعي والمتعايش"، فيما كتبت متابعة: "الحمد لله أننا نرى هذه الصور الجميلة في بلدنا اليوم".
دعوات حكومية لتعزيز ثقافة التسامح بعد التحرير
منذ إعلان التحرير في 8 كانون الأول/ديسمبر 2025، أكدت الحكومة السورية الانتقالية التزامها ببناء دولة حضارية تقوم على قيم التعدد والتعايش، معلنة أن حماية المسيحيين واحترام طقوسهم ومعتقداتهم مسؤولية وطنية، وأحد ثوابت المرحلة الجديدة.
وفي هذا السياق، شهدت الطوائف المسيحية في سوريا، الأحد 13 نيسان، إحياء طقوس أحد الشعانين في مشهد احتفالي عمّ الكنائس من دمشق إلى حلب وطرطوس واللاذقية، وسط إجراءات أمنية مشددة وفّرتها السلطات بالتعاون مع لجان الأحياء، بهدف تأمين أجواء آمنة ومستقرة تليق بحرمة المناسبة.
السلطات ترفض تقليص الطقوس وتؤكد التزامها بالحماية
وقال الأب سلامة سمعان من بطريركية الروم الكاثوليك بدمشق، في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط"، إن الكنيسة كانت قد عرضت على السلطات الاكتفاء بإقامة الطقوس داخل الكنائس تخفيفًا عن كاهل القوى الأمنية، لكن الرد الرسمي كان برفض تقليص أي من الطقوس المعتادة، مع تأكيد تقديم الحماية الكاملة.
وتم تعزيز الإجراءات الأمنية حول الكنائس الكبرى، ومنع سير الدراجات النارية، وتطويق محيط الاحتفالات، بالتنسيق بين القوى الأمنية ولجان الأحياء، وسط أجواء من الحذر في ظل التحديات الأمنية القائمة.
رسائل رجال الدين: المرحلة تتطلب التكاتف الوطني
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن رجال الدين المسيحي شددوا في عظاتهم على أهمية تماسك السوريين في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد، وضرورة العمل المشترك لتعزيز الاستقرار، والإسهام الفعّال في إعادة إعمار سوريا، انطلاقًا من الإيمان بأن وحدة الشعب وتكاتفه هي الضمانة الحقيقية لمستقبل مزدهر وآمن.
تجسّد هذه المبادرات الشعبية ورسائل التآخي التي تملأ الشارع السوري اليوم الوجه الحقيقي لسوريا الجديدة، حيث تتقدم قيم المواطنة والتعايش والتسامح على كل ما عداها، في وطن يسع الجميع، ويستعيد بإنسانيته ما حاولت الحرب أن تسلبه.
أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في دولة الإمارات العربية المتحدة، عن استئناف الرحلات الجوية المنتظمة بين الإمارات والجمهورية العربية السورية، بعد توقف مؤقت دام لأشهر.
وأفادت وكالة أنباء الإمارات (وام)، بأن الهيئة أوضحت في بيان رسمي أنها تعمل حاليًا على التنسيق مع الجهات المعنية لاستكمال كافة الإجراءات الفنية والتنظيمية اللازمة لإعادة تشغيل الرحلات الجوية بين البلدين.
وأكدت الهيئة أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود مشتركة لتعزيز الحركة الجوية بين الإمارات وسوريا، بما يسهم في دعم وتنشيط حركة المسافرين، وتسهيل عمليات الشحن الجوي والتبادل التجاري.
ويأتي الإعلان بعد أن كانت الخطوط الجوية السورية قد أصدرت في 8 يناير/كانون الثاني الماضي تعميمًا أعلنت فيه تعليق الرحلات الجوية من وإلى دولة الإمارات، دون الإشارة إلى أسباب التوقف في حينه.
ويُتوقع أن تسهم عودة الرحلات في دعم الروابط الاقتصادية والإنسانية بين البلدين، في ظل مرحلة الانفتاح العربي المتسارع تجاه دمشق بعد التغيرات السياسية التي شهدتها سوريا مؤخراً.
إلى جانب ذلك، كانت العقوبات الدولية، خاصة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد فرضت قيودًا صارمة على الطيران السوري، بما في ذلك حظر الطائرات السورية من التحليق في الأجواء الأوروبية والأميركية، وكذلك فرض عقوبات على شركات الطيران والمطارات السورية.
وتتمثل أبرز هذه التحديات:
- العقوبات الدولية: إذ فرضت الدول الغربية عقوبات على سوريا منذ بداية الحرب في عام 2011، شملت حظر الطائرات السورية من الهبوط في المطارات الأوروبية، إضافة إلى تجميد الأصول المالية لشركات الطيران السورية، كانت هذه العقوبات تهدف إلى الضغط على نظام الأسد وتقييد الحركة الجوية المدنية السورية.
- الضربات الجوية: حيث تعرضت المطارات السورية لعدة ضربات من الطيران الإسرائيلي والضربات الجوية الأخرى، ما أدى إلى تدمير جزئي للبنية التحتية لمطار دمشق الدولي ومطارات أخرى، مما أثر بشكل كبير على قدرة البلاد في التعامل مع حركة الطيران الدولية.
- التحديات الاقتصادية: إذ تسببت الحرب الدائرة في البلاد في تدمير جزء كبير من الاقتصاد السوري، بما في ذلك انخفاض الإيرادات الناتجة عن قطاع السياحة والطيران. إضافة إلى ذلك، فقد تأثرت شركات الطيران السورية بتقليص عملياتها في ظل الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب والعقوبات.
- النقص في الطائرات والكوادر الفنية: شهدت شركات الطيران السورية نقصًا في الطائرات الحديثة، حيث توقفت العديد من الطائرات عن العمل نتيجة للعقوبات وصعوبة الحصول على قطع غيار. كما تأثرت الكوادر الفنية من حيث التدريب، إذ كان من الصعب الحصول على التدريب المناسب بسبب الحصار وغياب الدعم الدولي.
- التحسينات البطيئة: فبالرغم هذه التحديات، استمر نظام الأسد في العمل على استعادة نشاط الطيران الداخلي والدولي بشكل تدريجي. قامت الدولة بتشغيل بعض الرحلات الجوية الدولية، ولكن ضمن نطاق محدود للغاية مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل الأزمة.
ومع سقوط الأسد في ديسمبر 2024، تُعتبر عودة الحياة للطيران المدني السوري مع إدارة جديدة خطوة هامة في محاولة لاستعادة علاقات الطيران مع الدول الأخرى ورفع العقوبات المفروضة على القطاع، ولعل إعادة إحياء الطيران المدني السوري بعد سنوات من الحرب وتدمير البنية التحتية يتطلب جهودًا شاملة على عدة مستويات أبرزها وفق مراقبين:
- إعادة تأهيل البنية التحتية للمطارات: من خلال الصيانة والتجديد، إذ يجب البدء بإصلاح وصيانة المطارات المتضررة مثل مطار دمشق الدولي ومطار حلب الدولي. يشمل ذلك إعادة بناء المدارج، تجديد أجهزة الملاحة، والصيانة الوقائية للمرافق.
كذلك التطوير التقني من خلال تحديث أنظمة المراقبة الجوية والمعدات المستخدمة في المطارات، بالإضافة إلى تحسين التقنيات لضمان السلامة الجوية.
- إصلاح أسطول الطيران: ويتم ذلك عبر شراء طائرات جديدة، لإعادة بناء الأسطول الجوي من خلال استئجار أو شراء طائرات جديدة أو مستعملة تتناسب مع الاحتياجات الاقتصادية للمرحلة الحالية، إضافة إلى إصلاح الطائرات القديمة، إذ أن العديد من الطائرات السورية قديمة وقد تكون بحاجة لصيانة أو إصلاحات ضخمة لتعود للعمل بأمان وكفاءة.
- التدريب والتأهيل البشري: من خلال تدريب الطيارين والملاحين الجويين عبر استعادة برامج تدريب الطيارين وفنيي الطيران لضمان مهارات عالية وفعالة، كذلك التدريب على معايير السلامة الجوية عبر تطوير معايير تدريب متوافقة مع المعايير الدولية للسلامة الجوية.
- الضغط على رفع العقوبات الدولية: ويتم من خلال المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية، والعمل على إقناع المجتمع الدولي بضرورة رفع العقوبات المفروضة على الطيران المدني السوري، خاصة تلك التي تضر بالقدرة على شراء قطع الغيار للطائرات أو تأجير طائرات جديدة، مع مشاركة مع دول شقيقة في تعزيز التعاون مع دول في هذا المجال للحصول على الدعم اللوجستي والفني.
- التعاون مع شركات الطيران الدولية: عبر فتح المجال لشركات الطيران الدولية، وتشجيع شركات الطيران الدولية على العودة إلى السوق السوري، بما يمكن أن يعزز الثقة في الطيران المدني السوري ويحفز الرحلات الدولية، كذلك تشجيع الاستثمارات في الطيران، من خلال فتح المجال للاستثمارات الخارجية في قطاع الطيران، مثل الشراكات مع شركات دولية لإنشاء خطوط طيران جديدة.
- تحسين البيئة الاقتصادية: وذلك من خلال تعزيز الاقتصاد المحلي وتحسين البيئة الاستثمارية قد يؤدي إلى نمو الطلب على السفر الجوي داخل وخارج سوريا، علاوة عن دعم السياحة وإعادة بناء قطاع السياحة سيعزز حركة السفر الجوي، ما يزيد من جدوى الاستثمار في قطاع الطيران المدني.
- تعزيز سياسات السلامة والأمان: عبر التزام بالمعايير الدولية من خلال تطبيق معايير منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) لضمان أن الطيران المدني السوري يتبع المعايير العالمية في مجال السلامة والأمان، وفحص الأمان الدوري عبر إجراء فحوصات دائمة للطائرات والمعدات لضمان أمان الرحلات الجوية.
أكد وزير العدل السوري، مظهر الويس، مجددًا التزام الحكومة بمحاسبة جميع من ارتكبوا جرائم بحق الشعب السوري، بما في ذلك القضاة الذين عملوا في محاكم الإرهاب والمحاكم الميدانية في عهد النظام البائد، مشدداً على أن مكافحة الفساد القضائي تمثّل أولوية لا يمكن التساهل فيها، في إطار بناء سلطة قضائية مستقلة تقوم على خدمة المواطنين وتحقيق العدالة.
جاء ذلك خلال لقاء جمع الوزير بوفد من قضاة الشمال السوري، في مبنى وزارة العدل بالعاصمة دمشق، حيث شدّد الويس على أهمية اندماج المؤسسة القضائية في الشمال السوري ضمن المنظومة القضائية الوطنية، بما يضمن توحيد المعايير القانونية والإجرائية على امتداد البلاد.
اندماج قضائي لتعزيز العدالة وتوحيد الإجراءات
وأوضح الوزير أن توحيد الإجراءات القانونية وتطبيق القوانين في مختلف المناطق يضمن الحقوق المتساوية لجميع المواطنين، ويسهم في تعزيز استقلال القضاء، مشيرًا إلى أن عملية الاندماج ستتيح تبادل الخبرات وتطوير الكوادر القضائية في الشمال عبر دعم مباشر من وزارة العدل.
القضاة يؤكدون الجاهزية ويطالبون بالمراجعة القانونية
من جانبهم، أكد قضاة الشمال السوري خلال اللقاء استعدادهم التام للاندماج المؤسسي تحت مظلة وزارة العدل، مطالبين بتشكيل لجنة قانونية متخصصة لمراجعة الأحكام والتشريعات الصادرة في الفترة السابقة، وتفعيل دور التفتيش القضائي والنيابة العامة بما يضمن آليات محاسبة شفافة وعادلة.
جاء ذلك خلال لقائه، اليوم، بعدد من القضاة في عدليتي دمشق وريف دمشق، في مبنى وزارة العدل، حيث أشار الويس إلى أهمية الدور الذي تؤديه السلطة القضائية في ترسيخ دعائم السلم الأهلي، مشدداً على ضرورة مكافحة خطاب الكراهية وتجريمه لما له من آثار مدمّرة على وحدة المجتمع السوري وتماسكه.
وأكد الوزير على الحاجة لتطوير المنظومة القانونية عبر إصدار تشريعات تواكب التحديات الراهنة وتُلبي تطلعات المواطنين، داعياً القضاة إلى تحمّل مسؤولياتهم في ترسيخ مبادئ العدالة والمساواة.
وفي السياق ذاته، أعلن الويس عن خطة متكاملة لرفع المستوى المهني والمعيشي للقضاة، تتضمن تنظيم دورات تدريبية تخصصية تهدف إلى تعزيز الكفاءة القضائية، إلى جانب توفير البيئة الملائمة التي تساعد القضاة على أداء مهامهم باستقلالية وكفاءة.
وكان وزير العدل قد التقى بعدد من قضاة محكمة النقض، وأكد خلال اللقاء أهمية تحديث القوانين والتشريعات بما يتوافق مع المرحلة الحالية ويلبّي احتياجات المجتمع المتغيّرة.
أوضح وزير العدل خلال مراسم إعلان الحكومة في 29 آذار 2025، أن تحقيق العدالة الانتقالية سيكون من أولويات الوزارة، مع التركيز على محاسبة المتورطين في الفساد، وتعزيز استقلالية القضاء. وأشار إلى خطط لإصلاح البنية التشريعية بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الجديدة، مؤكدًا أن الوزارة ستسعى لترسيخ دولة القانون وحماية حقوق المواطنين دون تمييز.
نجا القيادي في جهاز الأمن العام “محمد السخني” – المعروف بلقب “أبو معاوية” – من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة استهدفت سيارته صباح اليوم الأحد قرب بلدة خربة غزالة في الريف الشرقي من محافظة درعا، بحسب ما أفاد نشطاء في المنطقة.
ووفق المعطيات الأولية، انفجرت العبوة أثناء مرور السيارة التي كان يستقلها السخني، دون أن يُصاب بأذى. ويُعد السخني المسؤول الأمني في المنطقة الشرقية من درعا، وينحدر من بلدة قرفا في ريف المحافظة الأوسط.
تأتي محاولة اغتيال المسؤول الأمني محمد السخني بعد أيام قليلة من مقتل بلال المصاطفة المعروف بلقب “بلال الدروبي”، في مدينة بصرى الشام، وهو ما أدّى إلى سلسلة من التطورات الميدانية انتهت بإعلان تفكيك اللواء الثامن وتسليم مقدراته لوزارة الدفاع السورية.
كما أطلق اليوم جهاز الأمن العام حملة مداهمات في بصرى الشام استهدفت منازل قياديين سابقين في اللواء، بحثاً عن أسلحة وذخائر تم العثور على كميات منها، فيما تم نقل المساجين في سجون المدينة إلى مراكز أمنية مركزية في درعا، وسط انتشار أمني كثيف ودعوات عبر مكبرات الصوت لتسليم السلاح.
ويُنظر إلى محمد السخني، الذي نجا من محاولة الاغتيال اليوم، باعتباره أحد أبرز منسقي هذه الحملة، والمسؤول الأمني الأول عن المنطقة الشرقية، ما يطرح فرضية أن الهجوم استهدف إحباط جهود الدولة في استعادة السيطرة الكاملة على المدينة وإنهاء ملف “اللواء الثامن”.
وأعلنت قيادة “اللواء الثامن” في مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي يوم أمس حل التشكيل بشكل كامل، وتسليم جميع مقدراته العسكرية والبشرية إلى وزارة الدفاع في الجمهورية العربية السورية، في خطوة غير مسبوقة تعيد تشكيل المشهد العسكري في محافظة درعا، خصوصاً في مدينة بصرى الشام ومحيطها.
وأعلن اللواء في بيان مصور، تكليف النقيب محمد القادري بمهمة التنسيق المباشر مع الجهات المعنية، لضمان انتقال وتسليم المقار والمعدات بسلاسة، ولك يذكر البيان مصير قائد اللواء أحمد العودة والقادة الآخرين.
وشدد البيان أن قرارهم حل اللواء يأتي لحرصهم على الوحدة الوطنية وتعزيز الأمن والاستقرار، والالتزام بسيادة الدولة وسلطتها، واعتبر البيان هذه الخطوة بداية جديدة لتعزيز مسيرة الوطن تحت مضلة الدولة السورية.
وأفاد نشطاء في درعا بأن مساجد مدينة بصرى الشام وعدد من بلدات وقرى الريف الشرقي بثّت عبر مكبرات الصوت نداءات تطالب عناصر اللواء الثامن سابقاً والمدنيين بتسليم ما بحوزتهم من أسلحة لقوات الأمن العام، في إطار الاتفاق الأمني الجاري تنفيذه.
وخلال استلام مقرات كانت خاضعة لسيطرة ما لسيطرة اللواء الثامن في بصرى الشام، كشف مصدر في الأمن العام عن تحويل 14 سجينًا من سجون المدينة إلى مراكز تابعة للأمن العام في محافظة درعا، بينهم 4 موقوفين على خلفية قضايا أمنية، و10 على خلفية جنائية.
ومن المتوقع أن يسلم اللواء جميع مقراته العسكرية في مدينة بصرى الشام، خاصة السجون والمقرات الأمنية والحواجز العسكرية، وكذلك مخازن السلاح والآليات العسكرية، ونقل جميع عناصرها لتصبح ضمن وزارة الدفاع.
ويُذكر أن مناطق سيطرة اللواء الثامن سابقا في ريف درعا الشرقي كانت تُعد من الأكثر استقرارًا أمنيًا في المحافظة، حيث سجلت فيها نسب منخفضة جدًا من عمليات الخطف أو السلب أو الاغتيال، مقارنة ببقية المناطق التي تشهد انفلاتًا متكررًا، فهل تتحول هذه المنطقة التي كانت يوما ما أأمن المناطق إلى أكثر المناطق تشهد فلتانًا أمنيًا، وهنا سيكون السؤال الواجب طرحه وهو من يقف وراءها؟.
عقد وزير المالية، محمد يسر برنية، اجتماعاً موسعاً مع وفد تقني متخصص من البنك الدولي، لبحث سبل تعزيز العلاقات المالية بين الجانبين، والعمل على تطوير وتحديث أنظمة العمل المصرفي في سوريا بما يواكب أحدث المعايير الدولية.
وجرى اللقاء في مبنى وزارة المالية بدمشق، حيث ناقش الطرفان الجوانب الفنية والتقنية المتعلقة بتطوير البنية المالية، وآليات رفع كفاءة العمل المصرفي، بالإضافة إلى الخطط المقترحة لتحديث آليات العمل داخل الوزارة، بما يتناسب مع التطورات المتسارعة في النظام المالي العالمي.
تركيز على التعافي وتجاوز آثار المرحلة السابقة
وخلال الاجتماع، أكد الوزير برنية حرص الحكومة السورية على تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي مع البنك الدولي، بما يخدم مصلحة الشعب السوري ويدعم جهود إعادة البناء، مشيراً إلى التحديات التي يواجهها القطاع المالي نتيجة ممارسات النظام البائد، إضافة إلى العقوبات الدولية التي خلّفت آثاراً سلبية عميقة على الاقتصاد الوطني.
وفد رفيع من البنك الدولي يشارك في المباحثات
وضم وفد البنك الدولي شخصيات اقتصادية بارزة، من بينهم رئيس العمليات لمشروع سوريا ماتياس ماير، والخبير الرئيسي في الاقتصاد الكلي نوربيرت فيس، والخبير الرئيسي في المالية العامة رولان لوم، إضافة إلى الخبير في القطاع الاجتماعي جاد مزاهرة، والاستشاري الاقتصادي المعروف في البنك الدولي سمير العيطة.
وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود متواصلة لتأطير التعاون التقني بين سوريا والمؤسسات الدولية، بهدف النهوض بالقطاع المالي، واستعادة قدرته على لعب دوره الحيوي في عملية التنمية الاقتصادية خلال المرحلة الانتقالية.
وتم خلال اللقاء مناقشة سبل دعم جهود سوريا في مسار التعافي وإعادة الإعمار، من خلال برامج تنموية تستهدف بناء القدرات، وتدريب الشباب، وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات الطابع التنموي والاجتماعي، بما يعزز فرص النهوض الاقتصادي المستدام.
الهيئة تؤكد جاهزيتها لتوسيع الشراكة
وأكد رئيس الهيئة مصعب بدوي استعداد سوريا الكامل لإعادة تفعيل الشراكة مع البنك الإسلامي للتنمية، والعمل على توسيع قاعدة المشاريع المشتركة، ومتابعتها وفق آليات واضحة وفعالة، تضمن تحقيق الأثر التنموي المرجو في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
زيارة استكشافية وفرص تعاون جديدة
من جانبه، أوضح أنس عيصامي أن هذه الزيارة تحمل طابعًا استكشافيًا لتحديد أولويات المرحلة الراهنة، والاطلاع على الاحتياجات الملحّة في سوريا، مؤكداً التزام البنك بمساندة جهود البلاد في مسار التعافي الاقتصادي وتعزيز النمو المستدام.
وأشار إلى أن استئناف العمل مع سوريا يأتي في إطار رؤية البنك لتعزيز التضامن والتكامل بين الدول الأعضاء، ودعم الدول الخارجة من النزاعات في مرحلة إعادة البناء.
وتُمثل هذه الخطوة مؤشراً إيجابياً على إعادة انفتاح المؤسسات المالية الدولية على سوريا بعد سنوات من العزلة، بما يفتح الباب أمام فرص جديدة في مجالات التنمية، والبنية التحتية، وبناء الإنسان.
أحيت الطوائف المسيحية في سوريا طقوس أحد الشعانين، يوم الأحد 13 نيسان، في مشهد احتفالي عمّ الكنائس من دمشق إلى حلب وطرطوس واللاذقية، وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها السلطات في محيط الكنائس، تحسباً لأي طارئ قد يعكّر أجواء المناسبة التي تسبق عيد الفصح بأسبوع، وتأتي هذه الاحتفالات في ظل مخاوف أمنية لا تزال تلقي بظلالها على البلاد، في أعقاب حوادث دموية شهدتها مناطق الساحل في آذار/مارس الماضي.
وفي تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط"، قال الأب سلامة سمعان من بطريركية الروم الكاثوليك بدمشق، إن الكنيسة كانت قد عرضت على السلطات الأمنية إبقاء الاحتفالات ضمن حرم الكنائس تجنبًا لتحمّل الأجهزة الأمنية أعباء إضافية، في ظل الظروف الحالية، إلا أن السلطات رفضت تغيير الطقوس المعتادة، مؤكدة التزامها الكامل بتأمين الحماية.
وأوضح أن قوى الأمن كثّفت من تواجدها حول الكنائس الكبرى، حيث تم تطويق المحيط وتفتيش السيارات ومنع سير الدراجات النارية، بالتنسيق مع لجان الأحياء، مشيراً إلى أن المخاوف الأمنية كانت حاضرة، خصوصًا مع ازدياد احتمالات حدوث أعمال تخريب أو اعتداءات في ظل أي تجمعات جماهيرية.
احتفالات واسعة وانتشار أمني كثيف
ورغم التحديات، خرجت مواكب "زياح الشعانين" وفرق الكشافة في شوارع أحياء باب شرقي وباب توما والقصاع بدمشق، وسط أجواء احتفالية وروحانية، بمشاركة واسعة من أبناء الرعية، فيما لعبت جهود الأهالي والأجهزة الأمنية دورًا كبيرًا في تأمين سير الطقوس بسلام.
وشهدت مدينة حلب ومدن أخرى شمال وغرب البلاد فعاليات مماثلة، تزامناً مع احتفال الكنائس التي تتبع التقويمين الشرقي والغربي بيوم أحد الشعانين في ذات التاريخ هذا العام. وظهرت مواكب الكشافة في شوارع طرطوس واللاذقية وسط حضور أمني مكثف، حيث حرص المواطنون من مختلف المكونات على تهنئة المسيحيين ومشاركتهم الفرحة.
وفي مدينة القصير بريف حمص الغربي، أكد زيد حربا، عضو فريق "سامي" التطوعي، أن أعضاء الفريق زاروا كنيسة القصير وشاركوا الأصدقاء المسيحيين في إحياء المناسبة، في مشهد عكس روح التآخي والمواطنة المشتركة.
عودة منشقين إلى السلك الأمني تعزز الاستقرار
وأشار الأب فادي الحمصي إلى أن عودة المئات من عناصر الشرطة المنشقين إلى مهامهم ساهم في تعزيز الأمن وضبط الحركة المرورية، خصوصًا في العاصمة دمشق، لافتاً إلى أن أثر هذه العودة بدا واضحاً خلال تنظيم الاحتفالات.
زيارة وزارية وتأكيد على وحدة الصف الوطني
عشية أحد الشعانين، زارت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، بطريركية الروم الأرثوذكس في دمشق، حيث التقت البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وأكدا خلال اللقاء على أهمية تعزيز الشراكة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب السوري، وضرورة توحيد الصفوف لمنع الفتن الطائفية وتسريع وتيرة التنمية وبناء مجتمع متماسك.
دعوات للتكاتف في "مرحلة مفصلية"
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن عظات رجال الدين المسيحي خلال قداديس الشعانين شددت على "ضرورة تكاتف السوريين في هذه المرحلة المصيرية"، والوقوف إلى جانب وطنهم من أجل تعزيز الأمن والاستقرار، والمساهمة الفعالة في عملية إعادة الإعمار وبناء سوريا الجديدة التي يحلم بها جميع أبنائها.