الهيئة العامة لـ "الخوذ البيضاء" تتخذ قراراً بالإجماع للانضمام لـ "وزارة الطوارئ والكوارث"
الهيئة العامة لـ "الخوذ البيضاء" تتخذ قراراً بالإجماع للانضمام لـ "وزارة الطوارئ والكوارث"
● أخبار سورية ٣ يونيو ٢٠٢٥

الهيئة العامة لـ "الخوذ البيضاء" تتخذ قراراً بالإجماع للانضمام لـ "وزارة الطوارئ والكوارث"

اتخذت الهيئة العامة للدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، قراراً بالإجماع خلال الاجتماع السنوي الذي عقد في دمشق بتاريخ 1 حزيران 2025، بانضمام الدفاع المدني السوري إلى الحكومة السورية ضمن "وزارة الطوارئ والكوارث"، تأتي هذه الخطوة انسجامًا مع الميثاق التأسيسي لعام 2014، وتهدف إلى تعزيز التنسيق وتحسين الاستجابة الطارئة على المستوى الوطني.

وعقدت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) اجتماعها السنوي العاشر في العاصمة دمشق خلال يومي السبت 31 أيار والأحد 1 حزيران، في حدث تاريخي يُعد الأول من نوعه منذ تأسيس المنظمة، حيث اجتمعت الهيئة العامة، أعلى هيئة تشريعية في المنظمة، لمناقشة تقييم المرحلة الحالية ودور المنظمة ومستقبلها.

وبعد مداولات مكثفة، وبالتفويض القانوني الممنوح لها، اتخذت الهيئة العامة قرارًا تاريخيًا بأغلبية الأعضاء لدمج منظمة الدفاع المدني السوري بالكامل ضمن الحكومة السورية. بموجب هذا القرار، سيتم نقل برامج الاستجابة الطارئة إلى وزارة الطوارئ والكوارث السورية، بهدف توحيد الجهود وتطوير الاستجابة الوطنية للطوارئ ضمن إطار حكومي مؤسساتي. كما ستنتقل باقي برامج المنظمة وملفات عملها، بما في ذلك ملفات العدالة والمحاسبة والمناصرة، إلى الوزارات والهيئات المختصة.

يأتي هذا القرار ضمن تحقيق المصلحة العليا للسوريين، ويجسد الالتزام العميق بميثاق المبادئ الذي وقّعته المنظمة قبل عشر سنوات، والذي يؤكد أن مهمة الخوذ البيضاء الإنسانية لا تقتصر على إنقاذ الأرواح في زمن الحرب، بل تمتد لتشمل المساهمة في بناء سوريا مستقرة، مزدهرة، وحرة، تحقق تطلعات شعبها في الحرية والعدالة والتنمية ودولة المؤسسات.

وسيتم تنفيذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية المتعلقة بالاندماج خلال فترة انتقالية تُدار بأعلى معايير المهنية، مع الالتزام بالقوانين السورية والدولية. وقد تم تشكيل لجان قانونية وتقنية متخصصة لقيادة هذه المرحلة الانتقالية.

وتوجهت المنظمة بجزيل الشكر والتقدير لجميع شركائها وداعميها وكوادرها، وكل من آمن برسالة الخوذ البيضاء ووقف إلى جانبها طوال السنوات الماضية. مؤكدة أن إرث الخوذ البيضاء سيظل خالداً، وأن هذا الاندماج يمثل بداية جديدة تتحول فيها المنظمة من إطار المجتمع المدني إلى العمل المؤسسي ضمن الحكومة، حاملة معها قيم التضحية والتفاني والكرامة الإنسانية ورسالتها الخالدة.


وكانت أعلنت مؤسسة الدفاع المدني السوري في بيان رسمي، أن رئيسها "رائد الصالح" قدّم استقالته من منصبه ومن جميع المناصب التي يشغلها في مجالس إدارة المنظمة، بعد سنوات من قيادة منظمة "الخوذ البيضاء"، وذلك عقب قبوله تولي منصب وزير في وزارة "الطوارئ والكوارث والبيئة" المستحدثة في إطار حكومة وطنية جديدة متعددة الأطياف، تهدف لخدمة جميع السوريين وتحقيق تطلعاتهم.

وأوضح البيان أن نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس الشؤون الإنسانية، منير مصطفى، سيتولى مهام قيادة المنظمة بشكل مؤقت وفقًا للنظام الداخلي، حتى انتخاب رئيس جديد خلال المؤتمر السنوي المقبل. وأشاد البيان بتاريخ "مصطفى" في العمل الإنساني، مؤكدًا أنه كان من أوائل رجال الإطفاء الذين انشقوا عن نظام الأسد، وأسّس أول مركز للدفاع المدني في حلب.

وأثنت المؤسسة في بيانها على جهود وإنجازات المنظمة تحت قيادة رائد الصالح، مشيرة إلى أنها استطاعت، بفضل تضحيات الشهداء والمتطوعين والمتطوعات، إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح، ودعم صمود المجتمعات المتضررة، وإيصال صوت السوريين إلى العالم، وتأسيس نموذج فريد من العمل الإنساني المؤسساتي الذي يُشرف كل السوريين.

وبيّن البيان أن رائد الصالح مثل كل سوري ومتطوع في المنظمة، حيث قاد المؤسسة في أصعب الظروف التي مرّت بها سوريا، وظل مدافعًا قويًا عن العدالة وحقوق الشعب السوري، ممثلاً صوتهم في المحافل الدولية.

وأكد البيان أن انتقال الصالح لمنصبه الوزاري الجديد يُعتبر إنجازًا للمجتمع المدني السوري، ويعزز آمال السوريين في حكومة تقنية قادرة على مواجهة تحديات المرحلة الحالية، كما يعكس قوة وحيادية واحترافية منظمة الخوذ البيضاء.

وكشفت المنظمة عن عزمها نقل جزء من مهام الدفاع المدني إلى الوزارة الجديدة بشكل تدريجي، مع تشكيل لجنة خاصة لوضع آلية واضحة وشفافة لتنفيذ هذا الانتقال خلال فترة انتقالية مدروسة، انطلاقاً من التزامها التاريخي بإعادة بناء سوريا كدولة مستقرة ومزدهرة بعد توقف الحرب.

وتعطي الحكومة السورية الجديدة، بارقة أمل لملايين السوريين، للنهوض بالبلاد وتحقيق الإذدهار على كافة الأصعدة، والعمل على إعادة الحياة وإعمار مادمرته الحرب التي شنها نظام بشار الأسد على السوريين على مدار 14 عاماً، لتكون هذه الحكومة متعددة الأطياف والكفاءات بداية مرحلة جديدة في بناء سوريا الحرة الموحدة.

وانضمام مؤسسة الدفاع المدني السوري إلى وزارة الطوارئ والكوارث في الحكومة السورية الجديدة يعني دمج هذه المؤسسة ضمن الهيكل الرسمي للدولة السورية، مما يعني توحيد جهود الدفاع المدني مع خطط الطوارئ والكوارث الحكومية، ما يسهل التنسيق بين مختلف الجهات الرسمية في مواجهة الأزمات والكوارث بشكل أكثر تنظيمًا وفعالية.

ويعكس هذا الانضمام اعتراف الحكومة السورية الجديدة بالدور الحيوي الذي يلعبه الدفاع المدني في تقديم المساعدات الطارئة والإنقاذ، ما يمنح المؤسسة إطارًا قانونيًا ورسميًا للعمل، كما أن الانخراط في الوزارة يمكّن الدفاع المدني من الحصول على دعم أكبر من حيث الميزانيات، المعدات، والتدريب، مما يعزز قدرته على أداء مهامه بشكل أفضل.

ويسهم الانضمام في توحيد وتنسيق آليات الاستجابة الوطنية لحالات الطوارئ، سواء كانت ناتجة عن النزاعات أو الكوارث الطبيعية، مع تحسين الخطط والإجراءات المتبعة، كما أن وجود الدفاع المدني تحت إشراف رسمي موحد يعزز من استقرار العمليات الإنسانية في البلاد، ويخفف من التداخل أو التعارض مع مؤسسات أخرى، ما يدعم جهود الحكومة في بناء مؤسسات قوية وموثوقة.

بشكل عام، يُعد هذا الانضمام خطوة مهمة في دمج المنظمات الإنسانية والإنقاذية ضمن هيكل الدولة لتعزيز الأداء وتحقيق أفضل النتائج لصالح المواطنين في سوريا. هل ترغب في توضيح أكثر حول دور الدفاع المدني أو أثر هذا الانضمام؟

الدفاع المدني السوري: قصة كفاح وإنقاذ بين ركام الحرب

برزت مؤسسة الدفاع المدني السوري كأول منظمة إنسانية انبثقت من رحم الثورة السورية، لتصبح رمزاً عالمياً لحماية الأرواح وتقديم المساعدة. نالت المؤسسة أكثر من 40 جائزة دولية تقديراً لجهودها في إنقاذ السوريين، وباتت اسماً متداولاً في كل بيت، حاملة أمانة الدفاع عن حق السوريين في الحياة.

مع اندلاع الحراك الشعبي عام 2011، واشتداد القصف الجوي والأرضي، غابت طواقم الإسعاف الرسمية، فتشكلت فرق تطوعية لتحل مكانها، تحملت عبء إنقاذ مئات آلاف الأرواح وسط آلة القتل التي استهدفت المدنيين. بدأت الفرق العمل بشكل تطوعي وتنظيمي، مستهدفةً إنقاذ الأرواح رغم الظروف القاسية.

في 25 تشرين الأول 2014، تأسست مؤسسة الدفاع المدني السوري رسميًا في اجتماع بمدينة أضنة التركية، حاملة رسالة سلام وإنسانية رفضت القتل ودعت إلى الحياة. ارتبط شعار المؤسسة "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" بقصص إنقاذ لا تُحصى، حيث ساهمت في إنقاذ أكثر من 128 ألف إنسان حتى نهاية 2024.

على مدى أكثر من 13 عامًا، استجابت فرق الدفاع المدني لآلاف الهجمات الجوية والكيميائية، وكوارث طبيعية مثل زلزال شباط 2023، بالإضافة إلى الحرائق وحوادث السير، وقدمت الإسعافات الأولية والرعاية الصحية، وشاركت في إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة.

تعمل المؤسسة أيضاً على إعادة تأهيل البنى التحتية، مع التركيز على المدارس والمستشفيات والطرقات وشبكات المياه في المناطق المحررة، رغم تعرضها لقصف ممنهج أودى بحياة العشرات من متطوعيها.

تضم "الخوذ البيضاء" أكثر من 3000 متطوع ومتطوعة، يواجهون مخاطر الموت يومياً في سبيل إنقاذ المدنيين، بما في ذلك الاستهداف المتكرر من طيران النظام والمدفعية، حيث تُستهدف فرق الإسعاف عمداً فور وصولها إلى مواقع القصف.

تلعب المرأة دورًا حيوياً في المؤسسة، فهي شريك أساسي في عمليات الإسعاف والرعاية الصحية، تساهم بقوة في الحفاظ على المجتمعات من خلال عملها وتضحياتها.

نالت المؤسسة اعترافاً عالمياً، وحصلت على جوائز مرموقة تقديراً لجهودها الإنسانية في إنقاذ المدنيين السوريين، من أبرزها (جائزة نوبل البديلة (Right Livelihood Award) في عام 2016، جائزة الأوسكار (Academy Award) في فبراير 2017، جائزة إيلي فيزل (Elie Wiesel Award) في 1 مايو 2019، جائزة غاندي للسلام (Gandhi Peace Award) في 28 مارس 2020، جائزة تيبراري الإيرلندية الدولية للسلام (Tipperary International Peace Award) في 9 يونيو 2017، جائزة نساء العام (Women of the Year Award) في 16 نوفمبر 2017"، جائزة أيبر البلجيكية (Ypres Peace Prize) في 11 نوفمبر 2017، جائزة مكين للقيادة (McCain Leadership Award) في 30 أبريل 2018، جائزة ديزموند توتو الخاصة بالسلام (Desmond Tutu Peace Prize) في نوفمبر 2016).

تتبنى المؤسسة مبدأ العدالة الانتقالية، وتمتلك آلاف الأدلة على جرائم الحرب المرتكبة من النظام وميليشياته، مع التزام بتقديمها للجهات الحقوقية بعد سقوط النظام.

ومع نهاية القصف، تواجه "الخوذ البيضاء" تحديات جديدة منها التعامل مع آلاف الألغام والذخائر غير المنفجرة، والمشاركة في إعادة البناء والتعافي، وتدريب السكان المحليين على بناء حياة مستدامة، والاستجابة للكوارث الطبيعية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين، لا سيما الأطفال.

تظل مؤسسة الدفاع المدني السوري دعامة وطنية أساسية في إعادة الحياة للمناطق المدمرة، وتواصل مسيرتها البطولية، معتمدة على ثقة السوريين وحبهم، لتكون سنداً لهم في رحلة العودة والبناء.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ