أعلن العراق وتركيا، خلال الاجتماع الخامس لآلية التعاون الأمني رفيعة المستوى الذي عُقد يوم الأحد في مدينة أنطاليا التركية، عن اتفاقهما على تشكيل لجنة مشتركة لمعالجة الأوضاع المتفاقمة في مخيمي الهول وروج، اللذين يضمان آلاف النازحين من جنسيات مختلفة، بينهم عراقيون وسوريون وأجانب يُشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش.
وأكد البيان الختامي للاجتماع، الذي حضره كبار المسؤولين من الجانبين، من بينهم وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات، عزم بغداد وأنقرة على التعاون الوثيق في مواجهة التحديات الإنسانية والأمنية، مشيرًا إلى دعم الطرفين لإنشاء مركز عمليات مشترك ضمن "الآلية الخماسية" التي انطلقت من عمّان في آذار الماضي بمشاركة سوريا ودول الجوار.
وشدّد البيان على التزام الجانبين بمبادئ السيادة والوحدة السياسية وسلامة الأراضي، مؤكدًا أهمية التنسيق الإقليمي في مكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون في ملفات أمن الحدود، والطاقة، والبنية التحتية، وفي مقدمتها مشروع "طريق التنمية" لربط آسيا بأوروبا.
عودة تدريجية للعراقيين من الهول وسط خطة لإغلاق المخيمات
وفي موازاة التحرك الإقليمي، كانت كشفت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية عن عودة أكثر من 14,500 عراقي من مخيم الهول منذ عام 2021، موزعين على 3751 عائلة، بينما لا يزال نحو 1200 عائلة تضم قرابة 4700 شخص يقيمون في مراكز الإيواء المؤقتة داخل العراق، بانتظار إنهاء إجراءات دمجهم.
وأكد المتحدث باسم الوزارة، علي عباس، أن عملية إعادة العائلات تمرّ عبر برامج تأهيل نفسي واجتماعي تستمر من أربعة إلى ستة أشهر، تسبق نقلهم إلى مناطقهم الأصلية، بهدف ضمان استقرارهم ودمجهم في مجتمعاتهم.
وذكر مسؤول في الأمن القومي العراقي أن هناك نحو 16 ألف مواطن عراقي ما زالوا داخل المخيم، وسط جهود مستمرة لاستعادتهم عبر مخيم الجدعة، مشيرًا إلى أن الحكومة العراقية اتخذت قرارًا يقضي بإغلاق جميع المخيمات داخل البلاد خلال عام 2025.
كما تم تسجيل تكثيف في عمليات الإخراج منذ أواخر عام 2024، إذ استعادت السلطات العراقية في 12 نيسان الجاري أكثر من 160 عائلة من ذوي مقاتلي تنظيم داعش، بعد إخراج دفعات مماثلة خلال شهري شباط وآذار الماضيين.
الإدارة الذاتية تطالب بحلول دولية وتحذر من تداعيات قرار بغداد
في المقابل، سبق أن أعربت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا عن قلقها من قرار الحكومة العراقية وقف إعادة رعاياها من مخيمي الهول وروج، واعتبرته عبئًا إضافيًا على قدراتها المحدودة.
وقال شيخموس أحمد، الرئيس المشترك لمكتب شؤون النازحين واللاجئين، إن القرار يعقّد المشهد الإنساني، مؤكداً أن "الإدارة الذاتية" لا تنوي إجبار أي نازح على العودة، لكنها تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب تزايد أعداد القاطنين، وغياب الاستجابة الدولية الكافية.
وأضاف أحمد أن المخيمات تضم ما يزيد عن 15 ألف لاجئ عراقي، إلى جانب 15600 نازح سوري، وقرابة 6400 أجنبي من نحو 45 جنسية مختلفة، ما يجعل مخيم الهول تحديدًا "معضلة دولية"، تتحمّل "الإدارة الذاتية" مسؤولياتها فيها في ظل ضعف التنسيق الدولي وتراجع الدعم الخارجي.
خطة لإغلاق المخيمات بحلول 2025
وفي تصريح لوكالة "فرانس برس"، أعلن شيخموس أحمد أن "الإدارة الذاتية" تعمل على خطة لإغلاق المخيمات بحلول عام 2025، بالتنسيق مع الأمم المتحدة. وأوضح أن العملية تتضمن تسهيل عودة من يرغب من النازحين إلى مناطقهم الأصلية، لاسيما في صفوف العراقيين والسوريين، مشيرًا إلى أن نحو 12 ألف عراقي غادروا المخيم منذ 2021، فيما لا يزال أكثر من 17 ألفًا يقيمون داخله.
وأشار أحمد إلى أن التنسيق مستمر مع منظمات دولية كالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة "بلومونت" الأميركية، معربًا عن أمله في أن تسهم هذه الجهود في تخفيف العبء الإنساني على المنطقة وإنهاء ملف المخيمات بشكل نهائي.
دعوات دولية متزايدة لتقاسم المسؤولية
في هذا السياق، دعت دوروثي شيا، القائمة بأعمال السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، الدول المعنية إلى تسريع وتيرة استعادة رعاياها من مخيمات شمال شرقي سوريا، مؤكدة أمام مجلس الأمن أن المساعدات الأميركية لهذه المخيمات "لن تستمر إلى الأبد"، وأنه لا يمكن تحميل الولايات المتحدة العبء المالي بشكل دائم.
وحذّرت "هيومن رايتس ووتش" من تداعيات قرار واشنطن بتجميد بعض المساعدات، مشيرة إلى أن ذلك قد يفاقم "الظروف المهددة للحياة" داخل مخيمي الهول وروج، اللذين يضمان عائلات مقاتلي داعش الأجانب، ودعت إلى تحرك عاجل لمنع انهيار الأوضاع.
بدأت مجالس المحافظات في عدة مناطق سورية، بمشاريع عاجلة لإزالة الحواجز الأمنية وفتح الطرقات المغلقة وإزالة الرموز والشعارات المرتبطة بعهد النظام البائد، في خطوة لإزالة الصورة المتجسدة بالاستبداد والقمع، والتي عمل نظام الأسد على تعويمها في الشوارع والأزقة، وبنى لنفسه مقرات وثكنات عسكرية حصينة ممنوع الاقتراب منها، مقطعاً أوصال المناطق المأهولة بالسكان، كانت تلك المواقع مصدر رعب وقلق وخوف دائم للسوريين.
في الشمال، أعلن "مجلس مدينة حلب" وبإشراف إدارة الأمن العام، عن فتح الطرقات المحيطة بفرع أمن الدولة في حي المحافظة، بعد سنوات من الإغلاق في عهد النظام البائد، وذكر المجلس أن ذلك يأتي ضمن خطة لتحسين الواقع الخدمي وتسهيل حركة المرور، وشملت الخطوة أيضًا إعادة المنازل المحتجزة إلى أصحابها، في إجراء لاقى ترحيبًا شعبيًا.
واعتُبر الإجراء محطة مهمة في مسار استعادة الحقوق وتعزيز الثقة بمؤسسات الدولة، ونشرت معرفات رسمية لمحافظة حلب صورا تظهر قيام إدارة الأمن العام وعاملين في مجلس المدينة بالقيام بفتح الطرقات التي طالما أغلقها النظام لسنوات.
تم التنسيق للمبادرة مع محافظة حلب
وذكرَ الدفاع المدني أن المبادرة تم إطلاقها بالتنسيق مع محافظة حلب، وتضمُّ أكثر من 100 متطوع ومتطوعة، وبمشاركة 30 آلية خدمية، ساهموا في هذه الخطوة، والتي تهدف إلى تجميل المشهد البصري للمدينة واستعادة ملامحها الحضارية.
لاقت هذه الخطوة ردود فعل إيجابية، ومن التعليقات الواردة: "من أهم الأعمال ع فكرة إزالة هيك شغلات مؤذية للبصر، رجاء نبتعد عن تقديس الأشخاص و التطبيل للأفراد، الانتماء للوطن فقط". وقال أحد المتابعين: "كان الله بعون الدفاع المدني شو بدو يصلح ليصلح ورا هالزمرة الفاسدة ومخلفاته"، وذكر آخر: "هيا الخطوة كتير حلوة مابدنا شي يذكرنا بزمان النظام البائد المجرم تسلم أيديكن ودمتم في حفظ الله".
ويذكر أن بعد سقوط الأسد، سارع الناس إلى إسقاط تماثيله في معظم المحافظات، تلك الأصنام التي حرص ما يسمى الرئيس السابق على تنصيبها في كل مكان من البلاد، نظراً لمرضهم النفسي بعشق الظهور والسلطة وتملك البلاد، والتي كان ينفق عليها أموالاً باهظة، في حين أن البلاد تعاني من مشاكل بوضع الخدمات والكهرباء والتدفئة والصرف الصحي وغيرها، ولم يكن يهتم لها على الإطلاق.
قرار رسمي لطمس رموز الأسد والعقاب لمن يخالف
وفي سياق متصل أصدرت محافظة حلب قراراً رسمياً ينصُّ على إزالة وطمس كافة الرموز والرايات والإشارات والصور والعبارات، وكل ما يمتْ بصلة للنظام السابق. وينطبق القرار أيضاً على واجهات المحلات التجارية، والجدران، والأبنية، وما شابه ذلك. وبالنسبة للتكاليف فإنها على نفقة أصحاب العقارات والجهات العامة.
وأكدت محافظة حلب من خلال القرار أن من سيخالفه سيتعرض للمساءلة القانونية، مشيرةً إلى أن تطبيقه دخل حيز التنفيذ اعتباراً من الثلاثاء الفائت المصادف لـ 8 نيسان/أبريل، ويستمر حتى 30 نيسان/ أبريل الجاري كحد أقصى.
ووفق مصادر رسمية، لم يعد هناك تهاون مع من يمجد نظام الأسد السابق، فأي كلمة أو تصرف صارت تعرض صاحبها للمسائلة من قبل القانون أو الشعب. وأي محاولة للإساءة لرموز الثورة أو علمها أو أي تفصيل يتعلق بها فإن الرد والعقاب سيتم القيام بهما بشكل فوري.
خطوات مماثلة في دمشق ومحافظات إخرى
وكانت بدأت الجهات المعنية بإزالة الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة التي وضعها النظام البائد أمام "فرع فلسطين" في دمشق وذلك في إطار الجهود المبذولة من الجهات الخدمية في المحافظة.
وذكرت أن عملية إزالة حواجز وأسلاك وضعها النظام البائد قرب "فرع فلسطين" بدمشق جاء لتسهيل حركة الآليات والمركبات أمام السائقين لتخفيف حالة الاختناق المروري التي كانت تنتج عن مثل هذه الحواجز الإسمنتية.
ويُعرف "فرع فلسطين" الذي أنشئ في ستينات القرن الماضي، بأنه أحد أسوأ مراكز الاعتقال والتعذيب التابعة لنظام البعث المنهار في العاصمة دمشق، وبإضافة كلمة "فلسطين" إلى اسم مركز المخابرات العسكرية، أراد النظام المخلوع أن يحجب صورته الحقيقية بكلمة تستحضر "البراءة".
وتعرض المعتقلون في "فرع فلسطين" لأنواع مختلفة من التعذيب لفترة طويلة ولم يتمكنوا من الاتصال بأهاليهم، وأظهرت السجلات أن آلاف الأشخاص كانوا محتجزين في ظروف غير إنسانية في عشرات الزنازين، وهو ما يعكس وحشية نظام عائلة الأسد المنهار.
ووجدت زنازين وعنابر صغيرة يُحتجز فيها الأشخاص في الطوابق السفلية من المركز، ووصفت بـ "الكابوس" في كتابات السجناء على الجدران، وفق صور عرضتها مواقع إعلامية منها وكالة الأناضول.
وكانت شرعت محافظة دمشق في إزالة حواجز قوات النظام المخلوع من أحياء العاصمة بسبب عرقلتها لحركة السير، وذكرت المحافظة، عبر معرفاتها الرسمية، أن ورشات مديريات الصيانة وهندسة المرور والنقل تعمل على إزالة غرف الحواجز والكتل الإسمنتية، التي خلّفها النظام المخلوع، في منطقتي الفحامة وشارع خالد بن الوليد، نظراً لما تسببه من إعاقة لحركة السير.
كما أشارت إلى أن الورشات الخدمية تواصل إزالة الحواجز والكتل الإسمنتية المنتشرة على طرقات المتحلق الجنوبي قرب جامع الأكرم في المزة، وبرزة، وركن الدين، إلى جانب ترحيل الأتربة وأنقاض غرف الحواجز.
هذا وكانت أعلنت مدير مديرية الأمن العام في محافظة دير الزور أن السلطات الأمنية بدأت بتنفيذ خطة لإزالة الحواجز التي أنشأها النظام المخلوع خلال السنوات الماضية، وتعمل على فتح الطرقات المغلقة، لتسهيل تنقل المدنيين بين المناطق والأحياء السكنية بشكل آمن، وتخفيف الأعباء التي كانوا يواجهونها بسبب القيود السابقة.
ويذكر أن خلال الفترة الأخيرة، كثّفت الجهات الحكومية، بشقيها المدني والعسكري، عمليات إزالة الحواجز والكتل الإسمنتية التي وضعتها قوات النظام المخلوع في المدن والبلدات، لا سيما أن هذه الحواجز شكلت، خلال السنوات الماضية، مصدر قلق مستمر للمدنيين وتهديداً مباشراً لحياتهم.
أصدر مكتب تنسيق العمل الإنساني في محافظة دير الزور إحصائية جديدة، كشفت عن عدد العائلات والأفراد الذين عادوا إلى المحافظة بعد سنوات من التهجير القسري الذي تعرضوا له إبان حكم النظام المخلوع، وذلك بحسب ما نقلته صحيفة "الفرات" المحلية.
وأظهرت الإحصائية أن إجمالي عدد العائلات المهجّرة العائدة إلى دير الزور بلغ 9247 عائلة، بينما وصل عدد الأفراد العائدين إلى 36237 شخصاً، وبحسب تفاصيل الإحصائية، فقد سجلت مدينة دير الزور عودة 1629 عائلة، بما يعادل 7483 شخصاً، في حين شهدت منطقة البوكمال عودة 2090 عائلة تضم 9747 فرداً.
كما توزعت بقية العائلات العائدة على مناطق وبلدات ريفية أخرى، أبرزها: ناحية التبني: 1354 عائلة، تضم 6012 شخصاً - منطقة الميادين: 4174 عائلة، تضم 12995 شخصاً
ويُشار إلى أن هذه العودة تأتي في إطار الجهود المبذولة لإعادة الاستقرار إلى المناطق المحررة، وتوفير الظروف المناسبة لعودة النازحين والمهجّرين إلى مدنهم وقراهم بعد طيّ صفحة التهجير القسري الذي فُرض على آلاف العائلات خلال سنوات النزاع السابقة.
الصيف فرصة للعودة الطوعية
قالت المفوضية إن اقتراب نهاية العام الدراسي يجعل من فصل الصيف فترة حاسمة للعودة الطوعية، معتبرة أن هذه الفترة تمثل فرصة لا ينبغي تفويتها بالنسبة للنازحين في الخارج، خاصة في ظل تحسن الأوضاع الأمنية في عدد من المناطق.
التمويل يهدد استدامة العودة
رغم الوتيرة المتصاعدة لحركة العودة، نبّهت المفوضية إلى أن نجاح هذه العملية واستدامتها يتطلبان دعمًا كبيرًا في قطاعات المأوى، وسبل العيش، والحماية، والمساعدة القانونية. وشددت على أن التحدي الأكبر يتمثل في غياب التمويل الكافي، مما يهدد خطة إعادة 1.5 مليون شخص إضافي خلال العام الحالي.
وأكدت أن النقص الحاد في التمويل قد يدفع العديد من العائدين إلى التفكير مجددًا في مغادرة البلاد، محذّرة من أن عودة السوريين إلى وطنهم قد تكون مؤقتة في حال لم تُقدّم لهم الاحتياجات الأساسية التي تضمن الاستقرار.
90% من السكان بحاجة إلى المساعدة
أوضحت المفوضية أن نحو 16.7 مليون شخص داخل سوريا، أي ما يعادل 90% من إجمالي السكان، لا يزالون بحاجة إلى نوع من أشكال المساعدة الإنسانية، فيما لا يزال أكثر من 7.4 ملايين سوري نازحين داخليًا.
أزمة تمويل تهدد مستقبل العمل الإنساني
وأشارت المفوضية إلى أن تراجع التمويل من الجهات المانحة خلال عامي 2024 و2025 أدى إلى تقليص خدماتها الأساسية، مؤكدة أن هذا الانخفاض قد ينعكس على حجم طواقمها بنسبة تصل إلى 30% داخل الأراضي السورية، الأمر الذي من شأنه التأثير بشكل كبير على قدرتها في تقديم الدعم الضروري للعائدين.
دعوات دولية لدعم الاستقرار
وشددت المفوضية في ختام بيانها على أهمية دعم جهودها الإنسانية وجهود شركائها في سبيل تعزيز الاستقرار في سوريا، مؤكدة أن استمرار الخفض في التمويل يضع ملايين الأرواح على المحك، ويُضعف فرص عودة النازحين بطريقة آمنة وكريمة.
أطلقت محافظة دمشق حملة ميدانية واسعة لإزالة الإشغالات العشوائية المنتشرة على الأرصفة والطرقات والممتلكات العامة، وذلك عقب انتهاء المهلة الممنوحة لأصحاب هذه الإشغالات، وبعد تأمين مواقع بديلة ضمن خطة متكاملة تهدف إلى تنظيم المدينة وتحسين الحركة المرورية والمشهد الحضري.
وأكدت المحافظة في بيان رسمي أن الحملة جاءت بعد الانتهاء من تجهيز عدد من المواقع البديلة كأسواق نظامية، وتم منح المهلة الكافية للمخالفين لإزالة إشغالاتهم بشكل طوعي. وأشارت إلى أن هذه الخطوة تأتي استجابة للمطالب الشعبية المتكررة بإزالة الفوضى المرورية والتعديات على الأملاك العامة، والتي سببت اختناقات في حركة السير وشوّهت المنظر العام للعاصمة.
وشدّدت المحافظة على التزامها بعدم السماح بعودة أي مظاهر من مظاهر التعدي على الأرصفة أو الأملاك العامة، مؤكدة أن الإشغالات التي كانت قائمة لا تتماشى مع الرؤية الحضارية للعاصمة وتعيق حركة المواطنين، خاصة في الأحياء المكتظة.
وكانت المحافظة قد وجّهت في وقت سابق إنذاراً نهائياً لأصحاب البسطات المخالفة في عدد من أحياء دمشق، طالبتهم فيه بإزالة إشغالاتهم قبل مساء السبت الفائت، تحت طائلة المصادرة والإزالة المباشرة. كما أعلنت عن تخصيص مواقع بديلة تم تجهيزها مسبقاً، وتمت دعوة أصحاب البسطات المسجلين لتقديم طلباتهم وفق شروط واضحة، حيث جرى تحديد المستفيدين المعتمدين ضمن هذه المواقع.
تحديد المناطق المشمولة بالحملة
شملت خطة الإزالة عددًا من المناطق الحيوية في دمشق، من بينها: البرامكة خلف الساحة، جسر الحرية، شارع الثورة، كراج العباسيين، القاعة، التضامن، مخيم اليرموك، برزة، الحموية، والمرجة. كما تم الإعلان عن انطلاق تنفيذ القرار بدءًا من صباح الأحد، مع تأكيد إزالة ومصادرة الإشغالات التي لم تُفكّك طوعًا من قبل أصحابها.
مواقع بديلة للبسطات... واهتمام خاص بذوي الشهداء والمصابين
وفي سياق متصل، أعلنت محافظة دمشق عبر بيان مصوّر نُشر على صفحتها الرسمية في فيسبوك، عن الانتهاء من تجهيز مواقع بديلة للبسطات والعربات الجوالة التي كانت منتشرة بشكل عشوائي في عدد من الأحياء. وأوضحت أن هذه الخطوة جاءت ضمن خطة للحفاظ على السلامة العامة وتنظيم الشوارع وتأمين بيئة عمل مناسبة للبائعين.
وأشارت المحافظة إلى أن اختيار المواقع البديلة جرى بناءً على توجيهات مباشرة من محافظ دمشق، حيث راعت الخطة توزيعاً جغرافياً متوازناً في أحياء العاصمة، بما يضمن استيعاب جميع البسطات وفق تنظيم ملائم يراعي الطبيعة السكنية والخدمية لكل حي. وشمل التوزيع الجديد أكثر من عشرة مواقع سيتم طرحها تدريجيًا للحد من الازدحام، وتحقيق انسيابية في حركة المشاة والمركبات.
أبرز المواقع التي خُصصت للبسطات البديلة
بحسب مصادر محلية، فإن المواقع الجديدة التي خُصصت للبسطات شملت أجزاء من كراج صيدنايا، مرآب الصوفانية، السويقة مقابل مكتب دفن الموتى، حي الزهور، نهر عيشة، الزبلطاني، إضافة إلى منطقة قريبة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك. وقد تم تخصيص نسبة معتبرة من هذه المواقع لذوي الشهداء والمصابين بالحرب والأشخاص من ذوي الإعاقة، ضمن توجه يعكس البعد الاجتماعي في القرار.
تباين في آراء الشارع الدمشقي
تفاوتت آراء المواطنين حول قرار تنظيم البسطات، حيث رحب البعض بهذه الخطوة باعتبارها تعزز المظهر الحضاري للمدينة وتساهم في تقليل الازدحام والفوضى، كما توفر بيئة عمل آمنة ومنظمة للبائعين. في المقابل، عبّر آخرون عن خشيتهم من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تدهور الأوضاع المعيشية لفئات واسعة تعتمد على هذه البسطات كمصدر دخل وحيد.
حلب تواجه الظاهرة ذاتها
يُذكر أن مدينة حلب شهدت في وقت سابق انتشاراً واسعاً للبسطات العشوائية، ما أثار استياء الأهالي ودفع مجلس المدينة إلى اتخاذ خطوات مشابهة لإزالتها وتنظيم الأسواق، استجابةً لشكاوى المواطنين.
وتأتي هذه الخطوات في إطار خطة حكومية أوسع تهدف إلى استعادة النظام والانضباط في الشوارع، وتحقيق توازن بين الاعتبارات المعيشية والضرورات الخدمية والتنظيمية، في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق.
أصدر "مركز أمن المعلومات"، التابع للهيئة الوطنية لخدمات تقانة المعلومات في سوريا، تحذيرًا هامًا بشأن اكتشاف برمجية خبيثة جديدة تحمل اسم "Crocodilus"، تستهدف بشكل مباشر البيانات المالية والشخصية الحساسة لمستخدمي الهواتف الذكية.
وأوضح مدير مركز أمن المعلومات، المهندس جهاد ألالا، أن أبرز ما يميّز هذه البرمجية الخبيثة هو قدرتها على اختراق الأجهزة والتسلل إليها دون أن يشعر المستخدم بأي تغيير فوري، وذلك عبر تطبيقات تبدو للوهلة الأولى شرعية وآمنة، أو من خلال رسائل تصيّد احتيالي مصممة بحرفية ودقة عالية.
وأشار إلى أن برمجية "Crocodilus" تطلب عند تثبيتها أذونات دخول واسعة النطاق، ما يمكنها من الوصول إلى كلمات المرور والرسائل النصية وأرقام الحسابات البنكية، بل وحتى التحكم بالجهاز عن بعد في بعض الحالات.
ولفت إلى أن من أبرز العلامات التي تدل على احتمالية إصابة الجهاز بالبرمجية: حدوث بطء مفاجئ وغير مبرر في أداء الهاتف، نفاد سريع وغير معتاد للبطارية، أو ظهور تطبيقات غريبة لم يقم المستخدم بتثبيتها بنفسه. كما شدد على أهمية التعامل بحذر مع أي رسائل نصية أو رسائل إلكترونية تطلب إدخال معلومات شخصية عبر روابط مرفقة، باعتبارها عادةً ما تكون محاولات خداع وتصيّد لسرقة بيانات المستخدمين.
وقدم مدير مركز أمن المعلومات سلسلة من التوصيات والإجراءات العملية الضرورية للوقاية من هذه التهديدات الإلكترونية، أبرزها: تجنب تحميل التطبيقات من مصادر مجهولة أو غير رسمية، والتحقق بدقة من الأذونات التي يطلبها التطبيق قبل تثبيته، مع الحذر الشديد من التطبيقات التي تطلب صلاحيات وأذونات غير ضرورية أو مشبوهة.
كما دعا إلى ضرورة استخدام برامج حماية موثوقة وتحديثها باستمرار، وإجراء فحوصات أمنية دورية للهاتف، وتجنب فتح الروابط المشبوهة في الرسائل الإلكترونية أو النصية. وفي حال الاشتباه بإصابة الهاتف، نصح المهندس ألالا بفصل الجهاز فورًا عن شبكة الإنترنت، واستخدام برنامج مضاد فيروسات لإزالة البرمجية، مع تغيير جميع كلمات المرور من جهاز آمن آخر، والتدقيق في العمليات البنكية الأخيرة، وإلغاء الأذونات المشبوهة، أو القيام بإعادة ضبط المصنع كحل أخير في حالة عدم نجاح الإجراءات السابقة.
وفي سياقٍ آخر، أعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات في الحكومة السورية مشاركة الوزير عبد السلام هيكل، الأربعاء 9 نيسان/ أبريل، في فعاليات اليوم الثالث لمؤتمر UOSSM الأول لعام 2025 الخاص ببرنامج الرعاية الصحية الأولية، الذي نظمته وزارة الصحة على مدرج جامعة دمشق.
وأوضحت الوزارة أن المؤتمر ناقش أهمية إنشاء نظام رقمي متكامل للمعلومات الصحية، يكون مرتبطًا مع نظم المعلومات في مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية، وأكد المشاركون أهمية الأمن الرقمي وتطوير البنية التحتية الرقمية لتقديم خدمات أفضل للمواطنين، وتأمين مصادر رقمية للمعرفة الطبية والصحية تكون شاملة ومتاحة للطلبة والعاملين في المجال الصحي.
من جانبه، أكد الوزير هيكل خلال المؤتمر أهمية الأمن الرقمي وإنشاء بنية تحتية متينة توفر خدمات رقمية متطورة للمواطنين، معتبراً أن توفير المصادر الرقمية والمعارف الصحية الشاملة للطلبة من شأنه إحداث نقلة نوعية في جودة الخدمات الصحية، وتحسين قدرة المواطنين على الوصول إليها بسهولة وفعالية.
أعلن الشاهد المعروف إعلامياً باسم "حفار القبور" عن هويته الحقيقية، الأحد 13 نيسان، خلال مشاركته في المؤتمر العربي المنعقد بجامعة هارفارد الأميركية، كاشفاً أن اسمه محمد عفيف نايفة، من أبناء العاصمة السورية دمشق.
وخلال حديثه في المؤتمر، استعرض نايفة تفاصيل الشهادات التي سبق وأن قدّمها أمام الكونغرس الأميركي، وكذلك أمام "محكمة جرائم الحرب في سوريا" بمدينة كوبلنز الألمانية، والتي ساهمت بشكل كبير في فضح جرائم النظام السوري السابق بحق المعتقلين، ومن بينها عمليات الدفن الجماعي لآلاف الجثث التي تحمل آثار التعذيب الوحشي، بما في ذلك جثامين أطفال تم تعذيبهم حتى الموت.
وفي تحول لافت، دعا نايفة خلال حديثه إلى ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، والتي كانت شهاداته سبباً رئيسياً في إقرارها ضد النظام السوري البائد، موضحًا أن استمرار العقوبات بات يثقل كاهل الشعب السوري رغم مرور أربعة أشهر على سقوط النظام. وشدّد نايفة على أهمية تقديم جميع مرتكبي الجرائم بحق السوريين إلى العدالة لينالوا جزاءهم.
وكان نايفة قد عمل بين عامي 2011 و2018 مسؤولاً عن دفن جثث ضحايا التعذيب في مقابر جماعية، قبل أن يتمكن لاحقًا من مغادرة البلاد. وسبق له الإدلاء بشهادات صادمة أمام الكونغرس الأميركي بتاريخ 9 يونيو/ حزيران 2022، كشف خلالها عن وصول شاحنات مبردة، مرتين أسبوعيًا، محمّلةً بما بين 300 إلى 600 جثة من ضحايا التعذيب في الأفرع الأمنية والمستشفيات العسكرية بدمشق، تمهيدًا لدفنها سرًا في مقابر جماعية.
وساهمت شهادات "حفار القبور"، إلى جانب آلاف الصور المسرّبة من قبل "قيصر" (المساعد أول فريد المذهان)، رئيس قلم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق، في توثيق وإيصال حجم الفظائع التي ارتكبها النظام السابق بحق السوريين الذين ثاروا ضدّه، إلى الرأي العام العالمي.
كذلك كانت شهادات نايفة جزءاً هاماً من الأدلة التي استندت إليها المحكمة الألمانية في كوبلنز لإدانة ضابط المخابرات السابق أنور رسلان، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وأكد نايفة في شهاداته، أنه شاهد عيان على دفن أكثر من 6000 جثة، بينها جثامين أطفال، جميعها تحمل علامات التعذيب الشديد، تم نقلها في ثلاث شاحنات مبردة، كانت تصل مرتين أسبوعيًا من الفروع الأمنية والمستشفيات العسكرية في العاصمة السورية.
وخلد البطلان "سامي وقيصر" أسمائهما في تاريخ سوريا الحديث والمستقبل، كشخصيتين، واجهتا كل غطرسة النظام، واستطاعا بشجاعة كبيرة، القيام بعمل كان حدثاً بارزاً في تاريخ ثورة السوريين، في فضح القتل والتعذيب وجرائم الحرب التي حاول النظام البائد جاهداً لإخفائها، فكانا شاهدين رئيسيين في إدانة نظام الأسد بالجرائم، مسطران أسمائهم التي كشفو عنها كبطلين يستحقان كل التقدير والتكريم.
وبعد سنوات طويلة من الاختباء وراء اسماء مستعارة، كشف البطل "قيصر" المعروف باسم "الشاهد الملك" عن شخصيته، لأول مرة وعبر قناة "الجزيرة" القطرية، وهو المساعد أول "فريد المذهان" رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق وينحدر من مدينة درعا، وقبله شريكه "سامي" وهو المهندس المدني "أسامة عثمان" الذي يرأس اليوم مجلس إدارة منظمة "ملفات قيصر للعدالة".
وقال"قيصر" الذي كشف عن هويته للمرة الأولى في برنامج "للقصة بقية" على قناة "الجزيرة"، إن أوامر التصوير وتوثيق جرائم النظام يصدران من أعلى هرم السلطة للتأكد من أن القتل ينفذ فعلياً.
وأكد "قيصر" المعروف بـ "الشاهد الملك" أن قادة الأجهزة الأمنية كانوا يعبرون عن ولائهم المطلق لنظام الأسد عبر صور جثث ضحايا الاعتقال، وبين أن أول تصوير لجثث معتقلين كان بمشرحة مستشفى تشرين العسكري لمتظاهرين من درعا في مارس ٢٠١١.
وأكد المساعد أول "فريد المذهان" أن الموقوف بمجرد دخوله المعتقل يوضع رقم على جثته بعد قتله، وبين أن أماكن تجميع وتصوير جثث ضحايا الاعتقال كانت في مشرحة مستشفيي تشرين العسكري وحرستا.
ولفت "قيصر" إلى تحويل مرآب السيارات في مستشفى المزة العسكري لساحة تجميع الجثث لتصويرها مع ازدياد عدد القتلى، وقال إنه في بداية الثورة السورية كانت عدد الجثث من ١٠ إلى ١٥ يوميا لتصل إلى ٥٠ في اليوم.
وأوضح أن النظام كان يكتب أن سبب وفيات من قتلهم هو توقف القلب والتنفس، وكشف عن عمليات ابتزاز ممنهجة مورست ضد الآلاف من أهالي المعتقلين دون الحصول على أي معلومات.
ارتبط اسم "سامي" و"قيصر" بملفات التعذيب البشعة في سجون نظام الأسد المهزوم في سوريا، وذلك منذ عام 2014، بعد أن استطاع ضمن فريق لم تكشف هويتهم طيلة سنوات ماضية، ليكشف اليوم عن هويته الحقيقية بعد سقوط نظام الأسد، والذي لعب دوراً بارزاً في نقل صور التعذيب للعالم المنظمات الدولية، وفضح جرائم النظام البشعة، والتي كانت سبباً في فرض القيود والعقوبات الدولية التي ساهمت بتقويض سلطته ومحاصرته دولياً
استُخدمت الصور التي نقلها "سامي وقيصر" في محاكم بدول غربية لإدانة ضباط سوريين بتهم التعذيب وارتكاب انتهاكات خلال فترات عملهم في سوريا وقبل فرارهم منها، ليكشف اليوم سامي أو مايعرف باسم "الشاهد التوأم" مع قيصر، عن شخصيته في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط".
"سامي" الذي تردد اسمه طويلاً، هو المهندس المدني "أسامة عثمان" الذي يرأس اليوم مجلس إدارة منظمة "ملفات قيصر للعدالة"، كان يعمل مهندساً مدنياً عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، وله قريب عرف باسم "قيصر" كان يعمل في مناطق سيطرة قوات النظام، بمهمة توثيق الوفيات في أقسام أجهزة الأمن السورية
كان دور "قيصر" توثيق جثث ضحايا التعذيب بكل بشاعتها بعد وصولها من الأفرع الأمنية، جثث عراة تحمل أرقاماً، تضمنتها آلاف الصور لنساء ورجال وأطفال، بأبشع مارأته البشرية في تاريخها، دفعت تلك الجرائم كلاً من "سامي وقيصر" إلى العمل معاً لتوثيق ما يحصل في السجون والمعتقلات السورية، وتحديداً في دمشق حيث كان يعمل "قيصر" والذي كان يوثق أحياناً موت ما لا يقل عن 70 شخصاً يومياً.
وبدأ الرجلان التعاون في جمع وثائق التعذيب في مايو (أيار) 2011. كان "قيصر" يهرب الصور عبر محرك أقراص محمول (يو أس بي) ويعطيها لسامي في مناطق المعارضة، وأثمرت جهود الرجلين "سامي وقيصر" تهريب عشرات آلاف الصور لجثث ضحايا التعذيب إلى خارج سوريا.
وكُشف عن الصور للمرة الأولى في العام 2014 بعدما صارا خارج سوريا، واليوم باتت الصور التي هرباها جزءاً من "لائحة الاتهام" ضد الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد، مشدداً على ضرورة "المحاسبة" في سوريا اليوم بعد إطاحة النظام السابق،
وقال: "في هذا اللحظات الحاسمة التي تمر بها سوريا مع الاستعداد للدخول في مرحلة جديدة بعد ما يزيد على خمسة عقود من حكم عائلة الأسد، ندعو الحكومة (الجديدة) إلى العمل الجاد لتحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم وضمان كرامة حقوق الإنسان كأساس لبناء مستقبل أفضل يحلم به جميع السوريين".
وأضاف: "لقد شهدنا خلال الأيام الماضية، وما سبقها من أحداث متسارعة، تزايداً ملحوظاً في احتمال انتشار الفوضى الناتجة عن مخلفات النظام السوري. لقد أدى الدخول العشوائي للمواطنين إلى السجون وأماكن الاحتجاز إلى إتلاف أو فقدان وثائق وسجلات رسمية مهمة للغاية تكشف انتهاكات منذ عشرات السنين".
وأكد أن "المسؤولية الكاملة عن تلف الأدلة وضياع حقوق المعتقلين والناجين تقع على عاتق مسؤولي الأجهزة الأمنية للنظام السابق الذين غادروا والذين مازالوا قائمين على مهامهم ومسؤولياتهم، إضافة إلى القوى الحالية التي تتحضر لتسلم السلطة في دمشق".
ورغم اعتبار ما يحصل الآن حالة متوقعة بعد تحرير البلاد من النظام السوري، إلا أنه أكد أن التدخل العاجل بات ملحاً في جمع الأدلة والوثائق من الأرشيف السابق للمؤسسات الأمنية والوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى، وهذا ما يثير قلقنا من استمرار موظفي النظام في العمل مما يمكنهم من طمس وإتلاف الملفات ذات الأهمية في كشف جرائم النظام البائد".
ويرى سامي أن "جميع مؤسسات النظام السابق تحوي ملفات على جانب كبير من الخطورة، سواء منها الأمنية أو المدنية أو العسكرية، ولا نغفل قلقنا من طمس الملفات في فروع وملحقات حزب البعث كافة والتي يعلم جميع السوريين أنها كانت مؤسسات أمنية بامتياز مارس القائمون عليها كل أشكال الترهيب الجسدي والمعنوي بحق أبناء شعبنا العظيم طوال سنوات الثورة".
وأضاف: "نأمل بأن تتم هذه الخطوة بمشاركة المنظمات الحقوقية ذات الصلة بمتابعة القضايا المرتبطة بالبحث والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، إن تأخّر الكشف عن أماكن الاحتجاز الرسمية والسرية المحتمل وجودها في المناطق المحررة أو المناطق التي لم تصلها القوى المسلحة للمعارضة السورية، إضافة إلى شهادات ومعلومات متداولة حول نقل معتقلين من سجون مختلفة إلى أماكن مجهولة قبيل سقوط النظام، وعدم توفير المساعدات الطبية والإنسانية اللازمة للناجين الذين أفرج عنهم في الأيام الماضية، يعكس استهتاراً بأرواح هؤلاء الأفراد".
ودعا سامي السلطات الحالية إلى "اتخاذ خطوات فورية وشفافة للكشف عن مصير المعتقلين والضحايا الذين قضوا تحت التعذيب في السجون السورية وتوقيف جميع المسؤولين عن إدارة السجون وتشغيلها للبدء بشكل عاجل وفوري بتقديم الوثائق التي توضح أسماء وأعداد الضحايا لضمان حق العائلات في معرفة مصير أحبائهم".
وشدد على أن من حق الشعب السوري في الوصول إلى الحقيقة لا يمكن التهاون فيه وهو واجب على جميع الجهات المعنية، وأن التسامح مع مرتكبي الجرائم تحت أي ذريعة يشكل انتهاكاً صريحاً للمعايير الإنسانية والقانونية ويعطي الضوء الأخضر لإعادة انتاج أدوات القمع والانتهاكات التي كانت تمارسها الأجهزة الأمنية التي لا تزال قائمة حتى الآن.
وشدد الناشط الحقوقي السوري على أن "تحقيق العدالة يتطلب مساءلة كل من تورط في الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري كما أن تحقيق السلام والاستقرار في سوريا يعتمد على العدالة الانتقالية كمبدأ أساسي في هذه المرحلة، داعياً إلى مصالحة وطنية قائمة على مبادئ العدالة والمساءلة تضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري في بيئة آمنة ومستقرة تحترم كرامتهم وتلبي احتياجاتهم مع ضمان عدم الافلات من العقاب تحت أي مسمى".
ووجه سامي انتقادات إلى أطراف في المعارضة السورية من دون أن يحددها، متحدثاً عن "إخفاقات" مرت بها، وقال "في ظل الإخفاقات السياسية السابقة من المعارضة التي فُرضت على الشعب السوري، نشدد على ضرورة الإدلاء بتصريحات فورية مطمئنة حول رؤية وكيفية إشراك الشعب في اتخاذ القرارات والبدء بعملية بناء المجتمع بطريقة تحترم إرادة الشعب السوري وتضمن حقه في تقرير المصير".
ودعا السلطة الحالية إلى "توطيد وتسهيل عمل جميع مؤسسات المجتمع المدني العاملة في الداخل السوري والخارج كما ندعو جميع هؤلاء إلى دعم جهود تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا بشكل فعال وإشراك الشعب السوري في التطورات بشكل دوري، والمساهمة في تقديم الدعم الإنساني والطبي للناجين من الاعتقال والاختفاء القسري، وضمان محاسبة جميع المتورطين في الجرائم وعدم السماح بالافلات من العقاب".
وطالب بـ "نشر وتعميم أسماء الضباط المسؤولين عن الجرائم والمعروفين على مستوى الشعب السوري ومراقبة المعابر الرسمية وغير الرسمية، ودعوة المؤسسات الإعلامية الرسمية السورية التي طالما ساهمت في قهر السوريين وقلب الحقائق وتمجيد القتلة، إلى عودتها إلى وظيفتها الطبيعية كأداة ترسخ ثقة المواطن بمؤسسات الدولة ومصدر للمعلومات الصحيحة، فما يؤلمنا أن نرى أهلنا يبحثون عن أسماء أحبائهم المفقودين على صفحات التواصل الاجتماعي في حين يغيب إعلام الدولة عن أداء مهمته التي ما وُجد إلا لأجلها كمؤسسة خدمية غير مسيسة".
وأكد سامي أن "الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم ولا يمكن التسامح معها تحت أي ظرف. سوريا التي نحلم بها هي سوريا الحرة التي تقوم على العدالة والمساواة. إن العدالة الانتقالية التي تسبق المصالحة الوطنية الشاملة هي السبيل الوحيد لبناء سورية المستقبل. كلنا أمل أن تكون سوريا الآن بخير. سوريا التي تركها فريقنا قبل 11 عاماً رفقة آلاف الوجوه المعذبة والأجساد المشوهة. مئات المحاجر التي فارقتها عيون كانت تحلم أن تكون بيننا اليوم".
وأضاف: "في وجه من تلك الوجود كنت أرى صورة أبي وأمي واخوتي وأصدقائي. في عتمة الليالي الطويلة تمعنت في وجوههم وعاهدتهم أن ننتصر"، وعدد رفاقه الذين قتلهم النظام يحيى شوربجي (ناشط حقوقي)، وغياث مطر، وعبدالله عثمان، برهان غضبان، نور الدين زعتر، قائلاً: "إلى كل هؤلاء، من عرفتهم ومن لم أعرفهم، عليكم رحمة الله. لقد انتصرنا. انتصرت دماؤكم وسقط الأسد. عليكم رحمة الله وعلى الأسد لعنة التاريخ".
وأشار إلى أنه "لست الوحيد. هناك الكثير من الأبطال المجهولين الذين ساهموا في وصولنا إلى هذه المرحلة. ملف قيصر احتاج جهوداً جبارة في أوروبا عبر المحاكم وفي الولايات المتحدة عبر منظمات سورية بذلت الكثير حتى استطاعت أن تدفع الإدارة الأميركية لإصدار ما يسمى بقانون قيصر أو قانون حماية المدنيين وهو أحد مفرزات ملف قيصر".
أشاد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، باللقاء الذي جمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالرئيس السوري أحمد الشرع، واصفًا إياه بأنه "ناجح بكل المقاييس".
وقال قرقاش في منشورٍ عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، اليوم الإثنين: "تشرفتُ بحضور اجتماع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد مع فخامة الرئيس السوري أحمد الشرع، كان لقاءً ناجحًا بكل المقاييس".
ولفت المستشار الدبلوماسي الإماراتي إلى أنه لمس خلال الاجتماع حرصًا واضحًا من الشيخ محمد بن زايد على "دعم مسار بناء الدولة الحديثة في سوريا"، مؤكدًا أن الإمارات، التي تحتضن جالية سورية متميزة، "ترى في سوريا المستقرة والمزدهرة ركيزةً ضروريةً لمستقبل المنطقة".
وقال الشرع في الرسالة التي نشرها حساب الرئاسة السورية على وسائل التواصل الاجتماعي: "بكل التقدير والامتنان، أتوجّه بالشكر لأخي سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والمشاعر الأخوية الصادقة التي أحاطني بها خلال زيارتي اليوم".
وأضاف الشرع مؤكدًا على متانة العلاقات الثنائية: "أعبر عن بالغ تقديري لما لمسته من حرص كبير على تعزيز علاقاتنا وتطويرها في مختلف المجالات"، واختتم الرئيس السوري رسالته بالدعاء قائلاً: "أدعو الله أن يديم على دولة الإمارات قيادةً وشعبًا نعمة الأمن والأمان والتوفيق، وأن تواصل مسيرتها نحو مزيدٍ من الازدهار والتقدم".
دعم إماراتي متواصل لاستقرار سوريا
من جانبه، أكد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال استقباله نظيره السوري في قصر الشاطئ بالعاصمة أبوظبي، حرص دولة الإمارات على دعم سوريا لمواجهة التحديات الراهنة ومساعدتها في جهود إعادة البناء.
وجدد الشيخ محمد بن زايد تعهّد بلاده بتقديم مختلف أنواع الدعم لدمشق في المرحلة المقبلة، مؤكدًا ثبات موقف الإمارات تجاه وحدة الأراضي السورية وسيادتها وسلامتها، وحرصها على إنجاح المرحلة الانتقالية بما يضمن استقرار سوريا وأمن شعبها.
زيارة تاريخية ضمن مسار الانفتاح العربي
وكان الرئيس أحمد الشرع قد وصل أمس الأحد إلى مطار البطين في أبوظبي، على رأس وفد رسمي ضم وزير الشؤون الخارجية السوري أسعد الشيباني، وكان في استقبالهم وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وعدد من كبار المسؤولين الإماراتيين.
وأشارت رئاسة الجمهورية السورية إلى أن زيارة الرئيس الشرع للإمارات تأتي في سياق تعزيز علاقات الأخوة والتعاون بين البلدين، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، مؤكدةً أنها الزيارة الرسمية الأولى للشرع إلى الإمارات منذ توليه منصبه، بعد زيارات مماثلة قام بها سابقًا إلى السعودية، ومصر، والأردن، وتركيا، في إطار الانفتاح العربي والإقليمي المتسارع على دمشق بعد سقوط نظام الأسد.
وكان قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عبر منشور له على منصة "إكس": "في طريقنا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، نحمل تطلعات شعبنا وآماله، ونسعى إلى تعزيز علاقات الأخوة والتعاون مع أشقائنا، بما يخدم مصالح شعبينا ويعزز الروابط التاريخية بين بلدينا".
أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة السورية الجديدة قرارًا يقضي بإعادة عددٍ من الموظفين الذين كانوا قد مُنحوا إجازةً خاصة لمدة ثلاثة أشهر، إلى مراكز عملهم في الدوائر التابعة للوزارة.
القرار الذي حمل توقيع وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات، نصّ على إيقاف العمل بالقرارات السابقة التي كانت قد منحت مجموعة من العاملين في الوزارة إجازات مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر، وسط توقعات بإصدار قرارات مماثلة تشمل وزارات أخرى.
كما دعت الوزيرة قبوات في القرار جميع الجهات التابعة للوزارة إلى إعداد مباشرات رسمية لعودة العاملين إلى وظائفهم، ورفع هذه المباشرات إلى مديرية التنمية الإدارية التابعة للوزارة، مشددة على أن الموظفين الذين سبق وصدرت بحقهم قرارات بقطع الإجازة قبل صدور القرار الجديد، سيستمرون في أماكن عملهم الحالية.
وكانت وزارات في حكومة تصريف الأعمال السورية السابقة قد منحت سابقًا عدداً كبيراً من موظفي القطاع العام إجازاتٍ مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر، بهدف مراجعة ملفاتهم وإعادة تدقيق أوضاعهم الوظيفية، مبررةً تلك الإجراءات بانتشار ظاهرة "الترهل الإداري" في مؤسسات الدولة.
وجاءت تلك الإجراءات الحكومية ضمن حملة موسّعة كشفت عن وجود آلاف الموظفين الوهميين أو ما يُعرف بظاهرة "الموظفين الأشباح"، الذين كانت أسماؤهم مدرجة على قوائم الرواتب رغم أنهم لا يقومون بأي عمل فعلي في المؤسسات.
على صعيد متصل، أصدر وزير الكهرباء في حكومة تصريف الأعمال السورية، المهندس عمر شقروق، يوم الأربعاء 20 آذار/مارس، قراراً يقضي بطيّ قرار فصل 18 موظفاً من الشركة العامة لكهرباء السويداء.
وبحسب القرار رقم (304) الصادر بتاريخ 19 آذار/مارس 2025، تقررت إعادة الموظفين المفصولين إلى أعمالهم، وذلك بعد تنفيذ عمال الشركة اعتصاماً مفتوحاً احتجاجاً على قرار فصل عددٍ من زملائهم في وقت سابق.
وذكرت وكالة "رويترز" في تقرير سابق لها أن الحكومة الانتقالية تُجري تقييماً شاملاً لقرابة 1.3 مليون موظف مسجل في القطاع العام السوري، بهدف حذف أسماء الموظفين الوهميين الذين يتقاضون رواتب دون تأدية أي واجبات وظيفية.
بدوره، أكد معاون وزير الإدارة المحلية، الأستاذ ظافر العمر، وجود أعداد كبيرة من الموظفين الذين لا يحملون شهادات علمية، ولم يكونوا ملتزمين بالدوام الرسمي في دوائر الحكومة، التي وصفها بأنها كانت تعاني من فساد كبير وترهل إداري واسع خلال عهد نظام الأسد السابق.
وكشف العمر عن حالاتٍ محددة تم ضبطها مؤخراً، من بينها وجود خمسة موظفين مستخدمين بدون شهادات علمية، مسجلين كمدخلي بيانات ويتقاضون رواتب دون حق. وأكدت تقارير وتقديرات متعددة أن مثل هذه الحالات كانت ظاهرة واسعة الانتشار من مخلفات النظام المخلوع.
وقدّرت مصادر في وزارة الإدارة المحلية والبيئة في الحكومة السورية الانتقالية، عدد الموظفين التابعين للوزارة بحوالي 65 ألف موظف على مستوى سوريا، وأشارت إلى أنه تم الانتهاء حتى الآن من تقييم أوضاع 25 ألف موظف، حيث سيتم اعتماد أصحاب الكفاءة والخبرة فقط، في إطار الجهود المستمرة للقضاء على ظاهرة الموظفين الوهميين.
قال مصدر أمني في محافظة طرطوس، إن الأجهزة الأمنية تمكنت من إلقاء القبض على العميد السابق حامد علي برهوم، أحد أبرز قيادات فلول نظام بشار الأسد، وذلك في عملية أمنية نوعية نُفذت في قرية بقعو قرب منطقة دريكيش بريف طرطوس.
وأوضح المصدر أن العملية جاءت بعد ورود معلومات استخبارية دقيقة حول تجمع مشبوه لعدد من العناصر المرتبطة بالنظام السابق في المنطقة، ما دفع الجهات المختصة إلى نصب كمين محكم أسفر عن إلقاء القبض على برهوم وهو يحمل سلاحا فرديا بحوزته.
كما أشار إلى أنه تم تحويل العميد الموقوف إلى القضاء المختص، تمهيدا لاستكمال التحقيقات القانونية بحقه والتأكد من جميع الارتباطات والأنشطة التي قد يكون متورطا فيها خلال الفترة الماضية.
وأكد المصدر الأمني لوكالة الأنباء السورية (سانا)، يوم الأحد، أن الأجهزة المختصة مستمرة في "ملاحقة فلول النظام البائد أينما وجدوا"، ولن تسمح لأي جهة بتهديد الاستقرار الذي تحقق في مناطق الساحل السوري.
ويعد حامد علي برهوم من الأسماء البارزة في النظام السابق، وقد توارى عن الأنظار منذ عدة سنوات، قبل أن تظهر تقارير مؤخرا عن تحركات مشبوهة له في ريف طرطوس.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع السورية وإدارة الأمن العام، تبذل جهودا كبيرة في بسط الأمن والأمان وملاحقة المطلوبين من فلول النظام البائد، وكذلك عصابات المخدرات والنهب والخطف والجرائم الجنائية وغيرها، وتتخذ القوات الأمنية السورية من عبارة "نحو مجتمع آمن" و"لا جريمة ضد مجهول"، شعارات لها تسعى إلى تنفذها عبر قوات مدربة خاضعة لدورات مكثفة لحفظ الأمن والأمان والاستقرار.
أوضح الأستاذ "حسين السلامة"، رئيس اللجنة المختصة بمتابعة تنفيذ الاتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، أن اللجنة عقدت اجتماعًا هامًا يوم السبت مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وذلك في مدينة الحسكة شرقي البلاد، ولفت إلى أن الجلسة جرت في أجواء إيجابية.
وأوضح سلامة أن الطرفان استمعا خلالها لوجهات النظر المتبادلة، وأكّدا معًا على التزامهما الكامل بكافة البنود المتفق عليها سابقًا بين رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.
وشدّد الجانبان خلال اللقاء على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وتعزيز التعاون المشترك في تطبيق جميع مراحل الاتفاق بما يلبّي مصالح الشعب السوري، ويسهم في تثبيت الأمن والاستقرار في المناطق المشمولة بالاتفاق.
على الصعيد الميداني، نفّذت وزارة الدفاع السورية جولة أولية في منطقة سد تشرين بالتنسيق مع "قسد"، وذلك ضمن خطة عمل تهدف لتثبيت وقف الاشتباك في المنطقة، وإفساح المجال أمام عودة المؤسسات الرسمية لممارسة دورها في توفير الخدمات وتحقيق الأمن والاستقرار.
وفي تطور ملحوظ ضمن تنفيذ الاتفاق، أُنجزت المرحلة الثانية من البنود المتفق عليها في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، إذ دخلت قوات الأمن العام إلى الحيين وتم فتح الطرقات الرئيسية وإزالة السواتر الترابية، في خطوة مهمة أعادت الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها هناك.
ومن المنتظر أن تعقد اللجنة جلسة جديدة خلال الأيام المقبلة مع اللجنة المركزية التي أعلنت عنها قوات سوريا الديمقراطية، بهدف متابعة تنفيذ ما تبقى من البنود ومناقشة الخطوات القادمة لاستكمال الاتفاق على أكمل وجه.
وكان استقبل القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وعضو القيادة العامة روهلات عفرين، في مدينة الحسكة، كلاً من حسين السلامة رئيس اللجنة الحكومية المكلّفة بمتابعة تنفيذ اتفاق العاشر من آذار، وعضو اللجنة محمد قناطري، في لقاء يُعدّ استكمالاً للمسار التنفيذي المتّفق عليه بين الطرفين.
ووفقًا لما أعلنه المركز الإعلامي لقسد، فإن اللقاء ركّز على تثبيت حالة خفض التصعيد، ووقف الأعمال القتالية في مختلف المناطق السورية، بما يشمل تحييد سد تشرين من أي هجمات عسكرية، باعتباره مرفقًا حيويًا واستراتيجيًا.
مناقشة ملف المهجّرين وتشكيل لجنة الحوار السياسي
تناول الاجتماع أيضًا سبل تشكيل لجنة تُعنى بمسألة عودة المهجّرين قسرًا من جميع المناطق السورية، وتوفير الضمانات اللازمة لحمايتهم وتأمين عودتهم الآمنة.
وأُعلن خلال اللقاء عن أسماء أعضاء اللجنة التي ستتولى تمثيل مناطق شمال وشرق سوريا في الحوار مع الحكومة السورية، وهم: فوزة يوسف، عبد حامد المهباش، أحمد يوسف، سنحريب برصوم، سوزدار حاجي، فيما سيكون مريم إبراهيم وياسر سليمان ناطقين رسميين باسم اللجنة.
وفي تصريح صادر عن "مديرية الإعلام في حلب"، حول انتشار قوات الأمن العام في حيي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب، جاء فيه: "بدأت قوات الأمن العام الانتشار على مداخل حيـي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب بعد إزالة السواتر والحواجز الترابية وفتح الطرق المؤدية إلى الحيين، وذلك بهدف ضبط الأمن فيهما واستكمال تنفيذ بنود الاتفاق بين الدولة السورية وقوات سوريا الديمقراطية".
ولفتت المديرية إلى "تفعيل عدد من الحواجز المشتركة بين قوات الأمن العام وقوات الأمن الداخلي في الحيين، تمهيداً لدمج جميع القوات الأمنية ضمن صفوف وزارة الداخلية السورية"، مؤكدة أن هذه الخطوة لتسريع عملية تنفيذ باقي بنود الاتفاق وبالتحديد استكمال عملية تبادل الموقوفين وخروج ما تبقى من عناصر عسكرية من المنطقة إلى شرق سوريا، وتفعيل مؤسسات الدولة في الحيين لتقدم الخدمات للمواطنين.
ممارسات ممنهجة رغم الاتفاق
سجّلت منظمات حقوقية ونشطاء عشرات الخروقات والانتهاكات التي نفذتها "قسد" خلال الأشهر التي تلت سقوط النظام السابق، من بينها قصف أودى بحياة مدنيين، وعمليات إخفاء قسري، إلى جانب استمرار حملات الاعتقال بحق رافعي علم الثورة، رغم إعلان مؤسسات الإدارة الذاتية تبني هذا العلم رسميًا. وتشير هذه الممارسات إلى غياب التزام حقيقي من جانب قيادة الميليشيا بتنفيذ بنود الاتفاق، الذي نصّ على وقف القمع والإفراج عن المعتقلين وتنظيم ملفات السجون.
رهانات خاسرة على مشروع انفصالي
يؤكد مراقبون أن قيادة "قسد" لم تتكيف بعد مع الواقع السياسي الجديد، إذ شكّل سقوط نظام الأسد ضربة قاسية لمشروعها الانفصالي، وأفشل طموحات بناء كيان منفصل في شرق سوريا تحت مسمى "الحقوق الكردية". وتُتهم "قسد" بمحاولة التحايل على اتفاق الاندماج مع الحكومة السورية عبر تعزيز تحالفاتها الداخلية، وتأخير تنفيذ بعض بنود الاتفاق، بدعم غير مباشر من قوى خارجية.
في الثالث من تموز عام 2018، وعقب هجوم عسكري عنيف شنّه النظام السوري بدعم روسي على محافظة درعا، أصدرت "غرفة عمليات الجنوب" بياناً رسمياً كلّفت فيه 12 قائداً عسكرياً للتفاوض مع الجانب الروسي، بهدف الوصول إلى اتفاق يضع حداً للأعمال القتالية ويحمي المدنيين، من بين هؤلاء القادة، برز اسم أحمد العودة، قائد فصيل "شباب السنة" الذي سيصبح لاحقاً رأس "اللواء الثامن" تحت مظلة "الفيلق الخامس" وبإشراف روسي مباشر.
المفاوضات أفضت إلى صفقة متقدمة، سلّم بموجبها العودة عدداً من الآليات الثقيلة للنظام، ضمن تفاهم يضمن بقاءه في منطقة بصرى الشام مع قواته، دون دخول مباشر لقوات الأسد، ورغم نفيه بدايةً، أقر لاحقاً بشرط عدم السماح للنظام بالدخول إلى المناطق التي يسيطر عليها.
الانضمام إلى الفيلق الخامس والاحتفاظ بالسيطرة المحلية
في آب 2018، بات "اللواء الثامن" جزءاً من "الفيلق الخامس" رسمياً، محتفظاً بانتشاره في بصرى الشام دون السماح للنظام بفرض وجود عسكري مباشر، مكتفياً ببعض الحواجز عند مداخل المدينة. الاتفاق نص أيضاً على تسوية أوضاع المطلوبين وتسليم السلاح الثقيل، مقابل عدم ملاحقة المعارضين والإفراج عن المعتقلين، لكنه تضمن شرط الاعتراف الكامل بمؤسسات النظام وعلمه.
يحمل العودة سجلاً حافلاً بالتحولات، إذ قاتل قوات النظام وتنظيم داعش في آن واحد، ورفض التعاون مع جبهة النصرة، وتمتّع بدعم غرفة عمليات "الموك" والإمارات، قبل أن يتحول إلى الحليف المحلي الأبرز لروسيا في الجنوب السوري. في عام 2020، أجرى عرضاً عسكرياً في المدرج الروماني بمدينة بصرى الشام بحضور روسي، رفع خلاله العلم السوري، قبل أن يخرج عناصره لاحقاً في مظاهرات ضد بشار الأسد.
بين التسوية والتمرد على النظام
رغم خضوع المنطقة لاتفاق التسوية، إلا أن النظام كان أمام تحديات كبيرة لإخضاع الفصائل والقوى الثورية، والتي عمل على محاصرة مناطقها وتقويض الدخول والخروج واعتقال كل من يخرج منها من المطلوبين، مع عدة الالتزام والمماطلة في تنفيذ بند الإفراج عن المعتقلين، ولذلك سعى لنشر الفوضى وتنفيذ اغتيالات منظمة في المنطقة.
تحوّلات الولاء والانخراط في المؤسسة الأمنية
عام 2021، تغيرت تبعية اللواء الثامن من الفيلق الخامس إلى شعبة المخابرات العسكرية، وتقلّص نشاطه تدريجياً، خاصة في العمليات العسكرية خارج محافظة درعا، رغم مشاركته سابقاً في معارك بالبادية وريف اللاذقية.
ومع تصاعد العنف في المحافظة واستمرار الاعتقالات والتضييق من قبل النظام، ظل اللواء الثامن يحتفظ بنفوذه المحلي، بينما واصلت شبكات المعارضة في درعا نشاطها، رغم الحصار، وظهرت مبادرات محلية بديلة عن مؤسسات النظام على الصعيدين الإداري والخدمي.
جهود لمحاربة خلايا تنظيم داعش
منذ أواخر 2022، شارك اللواء الثامن بفعالية في عمليات ضد خلايا تنظيم داعش، خاصة في ريف درعا، حيث تمكنت قواته بالتعاون مع اللجان المحلية من القضاء على عدد من قادة التنظيم، أبرزهم أسامة العزيزي، "والي الجنوب"، في يناير 2024.
ومع ذلك، تعرض اللواء لانتقادات واسعة، واتهامات بمداهمات واعتقالات استهدفت مدنيين أو منافسين، لا سيما في بلدات مثل أم المياذن واليادودة، ما أثار توترات مع مجموعات محلية ومع دمشق على حد سواء.
معركة "كسر القيود" وتحرير درعا
مع دخول عام 2024، أعلن الثوار تشكيل "غرفة عمليات الجنوب" بقيادة العودة، وبدأت عمليات عسكرية واسعة انتهت بتحرير محافظة درعا بالكامل في 7 كانون الأول، وسط تقدم متزامن لقوات المعارضة من الشمال نحو دمشق، في لحظة مفصلية أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد.
من لقاء الشرع إلى قرار الحل الكامل
في 11 كانون الأول، عُقد لقاء رسمي بين أحمد الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية، وأحمد العودة، واعتبر خطوة حاسمة نحو توحيد القيادة العسكرية، وتنسيق الجهود لبناء مؤسسات الدولة الجديدة.
في شباط 2025، أعلن اللواء الثامن انخراطه الكامل في وزارة الدفاع الجديدة، نافياً وجود أي توتر مع دمشق، كما عقد قادة اللواء لقاءً مع وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، اتُفق فيه على آلية دمج القوى العسكرية ضمن الهيكلية الوطنية.
هذا القرار التاريخي يُعد تحوّلاً جوهرياً في المشهد العسكري جنوب البلاد، ويأتي ضمن توجه الحكومة السورية لإعادة ضبط الفوضى الأمنية وإنهاء مرحلة الانقسامات العسكرية التي تلت الحرب.
مرحلة جديدة في الجنوب السوري
يرى مراقبون أن حلّ اللواء الثامن يمهّد لمرحلة جديدة من التوحيد العسكري والإداري في الجنوب السوري، ويمثل خطوة متقدمة ضمن مشروع بناء سوريا ما بعد الأسد، إلى جانب جهود مماثلة لمعالجة ملفات معقدة في السويداء وشمال شرقي سوريا.
في الوقت ذاته، يشكل هذا القرار تتويجاً لتحوّل درعا من حالة مقاومة شعبية إلى شريك فعلي في بناء الدولة، من خلال مؤسسات مدنية وعسكرية تخضع لإرادة الشعب السوري، وتعمل تحت مظلة مركزية واحدة تعكس وحدة البلاد.
أصدرت إدارة منطقة الحولة بريف حمص بياناً رسمياً، أكدت فيه رفضها الكامل للحملات التحريضية التي تستهدف المنطقة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تُبثّ من قبل شخصيات وإعلاميين مرتبطين بالنظام البائد، متعهدة باتخاذ إجراءات قانونية حازمة بحقهم.
تشويه ممنهج واستغلال لحوادث جنائية
وأوضحت الإدارة أن بعض المنصات الإعلامية الموالية للنظام السابق نشرت خلال الأيام الأخيرة محتوىً تحريضياً، استخدم لغة طائفية مقيتة لتشويه صورة الحولة، عبر استغلال حوادث جنائية ما تزال قيد التحقيق، ومحاولة توظيفها لخلق حالة من الفتنة والتوتر داخل المجتمع المحلي.
حرص على السلم الأهلي والتزام بالقانون
وأكد البيان أن إدارة المنطقة، ومنذ بدء عملها بعد تحرير الحولة، تعمل بالتنسيق مع الجهات القضائية والأمنية المختصة على التعامل مع جميع الحوادث وفق الأصول القانونية، بما يضمن حماية المواطنين وفرض سيادة القانون، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية سارعت فور وقوع الحوادث الأخيرة إلى اتخاذ التدابير القانونية المناسبة، وجمع الأدلة، وفتح تحقيقات رسمية لملاحقة الجناة.
رفض استغلال الدم للتحريض
وجددت الإدارة ثقتها في الأجهزة الأمنية العاملة في المنطقة، مؤكدة رفضها القاطع لما وصفته بـ "الحملات الرخيصة" التي شنتها وسائل إعلام مأجورة على صلة بالنظام المخلوع، والتي استغلت دماء الضحايا لتمرير أجندات تحريضية وطائفية لا تمتّ للواقع بصلة.
وأكدت أن تلك المنصات عمدت إلى قلب الوقائع وتزييف الحقائق، واتبعت أسلوباً ممنهجاً لبث خطاب الكراهية وضرب التعايش الأهلي، دون أي سند قانوني أو أخلاقي، في محاولة لضرب الاستقرار الذي تشهده الحولة منذ تحريرها.
دعوة للتحقيق ومحاسبة المحرضين
وحمّل البيان هذه المنصات مسؤولية نشر الفتنة والتحريض على التوترات، مشدداً على أن هذه الحملة التحريضية لا تستهدف الحولة فحسب، بل السلم الأهلي في عموم محافظة حمص. كما أكدت إدارة الحولة أنها تحتفظ بحقها الكامل في ملاحقة الأفراد والجهات المتورطة قضائياً، بتهمة بث خطاب طائفي وتحريضي يهدد الأمن الاجتماعي.
كما طالبت بفتح تحقيق شامل لا يقتصر فقط على الجرائم الجنائية، بل يشمل أيضاً محاولات استغلال هذه الحوادث لأغراض دعائية وتحريضية، مع كشف الجهات التي تقف خلفها، حمايةً للكرامة المجتمعية واستقرار المنطقة.
ورغم كل ماظهر من تهميش وقهر مورس بحق أبناء "الطائفة العلوية" مارسه نظام بشار الأسد بدا واضحاً عقب هروبه وانهيار نظامه، إلا أن هناك من يحاول استثمار أحداث الاضطراب الأمني في سوريا للمطالبة بحماية الأقليات واستثمار الورقة دولياً لمحاربة السلطة الجديدة في سوريا، لاسيما من أزلام وأتباع النظام السابق ورجالاته الذين أقروا علانية بمسؤوليتهم عن الانقلاب الأمني الأخير في الساحل السوري، دون تحمل عواقب ماحصل ولاسيما أن "الطائفة العلوية" كانت أكثر المتضررين.