أفادت مصادر محلية باعتقال جهاز الأمن العام لقائد فرع الأمن العسكري سابقاً، عبد المعطي صبحي المحمد، في قرية غريبة بريف دير الزور الشرقي.
وتشير مصادر ميدانية إلى أن الخطوة جاءت ضمن حملة أمنية تستهدف شخصيات متهمة بارتكاب انتهاكات سابقة أو مرتبطة بملفات أمنية حساسة في المنطقة.
ويُذكر أن المحمد شغل منصباً أمنياً رفيعاً في وقت سابق، ويُعد من الشخصيات الإجرامية في دير الزور، حيث ضلع بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين في سوريا.
وتمكنت إدارة الأمن العام في محافظة دير الزور شرقي سوريا، من إلقاء القبض على مسؤولين أمنيين سابقين لدى نظام الأسد البائد، وذلك في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار وملاحقة فلول النظام المجرم.
وفي التفاصيل أعلنت إدارة الأمن العام في محافظة ديرالزور القبض على المدعو "محمود بديوي الحسين"، من بلدة محكان، الذي كان يشغل منصب رئيس مفرزة الأمن العسكري في المنطقة.
وفي سياق موازٍ تمكنت إدارة الأمن العام في محافظة ديرالزور أيضًا من اعتقال المدعو سامر جاسم المحمد من بلدة موحسن، والمنتمي سابقاً لفرع أمن الدولة، وكان يشغل منصب نائب رئيس فرع المعلومات لدى النظام البائد.
و بعد سقوط نظام الأسد البائد وجدت سوريا الجديدة نفسها أمام العديد من التحديات الخارجية والداخلية، لعل أبرزها على المستوى الداخلي هو كيفية التعامل مع فلول النظام السابق الذين لا يزالون يشكلون تهديداً مباشراً لاستقرار البلاد.
وشدد المحلل العسكري العقيد أديب عليوي على ضرورة تجفيف منابع الإمداد العسكري لفلول النظام، من خلال مداهمة مستودعات التسليح في الوحدات العسكرية التي كانت تتبع قوات النظام.
وذلك بالأخص في مناطق الساحل وريف حمص الغربي، إضافة للأماكن التي يختبئ فيها الفلول بالجبال والأحراش، والتي تحتوي على مستودعات ذخيرة بعضها متوسط وثقيل منذ زمن.
ويشير إلى ضرورة استخدام تقنيات حديثة في هذا المجال، كطائرات شاهين المسيرة بشكل فعال، من خلال المراقبة واستخدامها بالوقت المناسب لصد أي تحرك للفلول، أو اكتشاف أي مستودع أو ملجأ بالجبال التي تختفون فيها.
هذا ونفذت القوات الأمنية والعسكرية في سوريا ممثلة بوزارة الدفاع السورية وقوى الأمن الداخلي، حملات أمنية مركزة طالت العديد من الأشخاص الضالعين بقتل الشعب السوري، وارتكاب جرائم كثيرة بحقهم خلال تواجدهم لسنوات طويلة في صفوف ميليشيات الأسد البائد وشبيحته، ونجحت القوات الأمنية بالقبض على عدد من المتورطين.
كشفت قناة "LBC" اللبنانية عن لقاء جرى مؤخراً في السفارة الأمريكية بالعاصمة بيروت بين اللواء بسام الحسن، رئيس مكتب الإرهابي "بشار الأسد" والمسؤول الأمني المقرّب منه، ومسؤولين في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI)، وذلك عقب عودة الحسن من زيارة إلى طهران.
ووفقاً لما أوردته القناة، فقد قدّم اللواء الحسن خلال الاجتماع معلومات تتعلق بالصحفي الأمريكي أوستن تايس، المختفي في سوريا منذ عام 2012. وأشار الحسن في إفادته إلى أنه شاهد تايس داخل الأراضي السورية عام 2014، ما يشير إلى أنه كان لا يزال على قيد الحياة بعد عامين من اختفائه.
اللقاء الأمني النادر بين مسؤول بارز في نظام الأسد وجهات أمنية أمريكية يعيد إلى الواجهة ملف الصحفيين والمعتقلين الأمريكيين في سوريا، ويطرح تساؤلات حول طبيعة المعلومات التي يملكها النظام، ودلالات توقيت الكشف عنها في ظل المتغيرات الإقليمية والضغوط الدولية المتزايدة على النظام السوري.
وسبق أن قال نزار زكا، رئيس منظمة أميركية تهتم بإطلاق سراح الرهائن، في تصريح له أمس الاثنين إنه يعتقد أن الصحافي الأميركي أوستن تايس لا يزال محتجزاً في سوريا من قبل أشخاص موالين لنظام بشار الأسد.
وخلال وجوده في دمشق، صرح زكا لوكالة "رويترز" بأنه يعتقد أن تايس محتجز في "منزل آمن" من قبل "عدد قليل جداً من الأشخاص" وذلك في إطار عملية تبادل أو صفقة محتملة. زكا، الذي كان قد اعتقلته إيران لمدة أربع سنوات بتهمة التجسس، هو رئيس منظمة دعم الرهائن حول العالم.
زكا قد سافر إلى سوريا عدة مرات بعد الإطاحة بنظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي في محاولة لتعقب أثر الصحافي الأميركي تايس. وكان تايس قد اختُطف في عام 2012 أثناء تغطيته للانتفاضة ضد الأسد في دمشق، وكان يعمل كصحافي مستقل وجندي سابق في مشاة البحرية الأميركية.
وأضاف زكا أن التحقيقات التي أجرتها المنظمة أظهرت أن تايس لا يزال في سوريا، مشيراً إلى أن "الكثير من التقدم" قد تحقق في سبيل إيجاده خلال الأسابيع الماضية، ولكن مع الأسف لم تقدم الإدارة السورية الجديدة الكثير من المساعدة. وتابع قائلاً: "كنا نأمل أن تساعدنا هيئة تحرير الشام بشكل أكبر، ولكن للأسف لم تساعدنا لأن لديها مخاوفها الخاصة".
وأوضح زكا أنه لا يملك معلومات دقيقة عن مكان تايس، ولكنه يعتقد أن صفقة ربما تشمل ضغوطًا من روسيا، حليفة الأسد، قد تؤدي إلى إطلاق سراح الصحافي الأميركي.
جهود حثيثة تبذلها الولايات المتحدة
وكانت قالت مصادر إعلام أمريكية، إن جهود حثيثة تبذلها الولايات المتحدة لاستعادة الصحفي الأميركي "أوستن تايس" الذي خطف قبل 12 عامًا بالقرب من العاصمة دمشق اثناء تغطيته لبدايات الحراك الثوري في سوريا، وفي وقت أفرج عن بضع مئات من المعتقلين في سجون الأسد، لم يتوضح مصير الصحفي الأمريكي حتى اليوم.
وأعلن "البيت الأبيض"، أن إدارة الرئيس جو بايدن تجري محادثات مع تركيا ودول أخرى للحصول على مزيد من المعلومات عن مكان الصحفي تايس، وأكد "بايدن"، أن الحكومة الأميركية تعتقد أن تايس لا يزال على قيد الحياة، مشددًا على التزام واشنطن بإعادته إلى الوطن، خاصة بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في دمشق.
في السياق قالت "ديبرا تايس" والدة الصحافي الأميركي في حديث لقناة "الحرة"، إن "الفوضى" التي تمر بها سوريا الآن تجعل من الصعب في هذه الفترة أن يجدوا جوابا حول مكان احتجاز أوستن.
ولفتت إلى أن لديها معلومات أن ابنها على قيد الحياة وأنها تريد أن تراه حرا، وأضافت "مع فتح السجون، نتمنى أن تعثر الجهات المعنية في سوريا على مكان احتجاز ه وإعادته إلى الولايات المتحدة".
وأشارت تايس إلى أن العائلة تحاول حاليا أن تبحث عن الجهات الفاعلة في العاصمة دمشق للتواصل معها، من أجل العثور على أوستن وتسليمه للسلطات الأميركية، وذكرت والدة تايس أن عملية العثور على أوستن أخذت وقتا طويلا أكثر من اللازم "لأسباب سياسية" جراء اهتمام الجهات المعنية "بأولويات أخرى رغم التضحية التي قدمها أوستن وتركيز السلطات على أمور أخرى تعتقد أنها أهم من حريته وحياته"، حسب تعبيرها.
والدة أوستن تايس: اللقاء مع "الشرع" في دمشق "فاق توقعاتنا"
وسبق أن قالت "ديبرا تايس" والدة الصحافي الأمريكي "أوستين تايس"، في يناير 2025، إن اللقاء مع الرئيس السوري "أحمد الشرع" في دمشق "فاق توقعاتنا"، مؤكدة أن "الشرع" بدا عازماً "على العثور على ابننا"، وشددت على أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعهد بإعادة أوستن بأسرع ما يمكن و"أنا أثق به تماماً".
وكان التقى أحمد الشرع، يوم الأحد 19 كانون الثاني، بالسيدة ديبرا تايس، والدة الصحفي الأميركي أوستن تايس الذي اختفى في سوريا في ظل النظام السابق، ويأتي هذا اللقاء في إطار السعي لكشف مصير ابنها المفقود.
وشهد اللقاء تبادل الحديث حول الجهود المبذولة لكشف ملابسات اختفاء تايس، بالإضافة إلى استعراض حالة المفقودين في سوريا بشكل عام، وقد أكدت السيدة ديبرا تايس في تصريحاتها أن اللقاء كان فرصة لتسليط الضوء على القضية الإنسانية التي تهمها، داعية إلى مزيد من التعاون للوصول إلى حقيقة مصير ابنها.
وأكدت ديبرا تايس، في تصريحات أدلت بها عقب لقائها قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع في دمشق، أن السلطات السورية "مصممة" على إعادته، وقالت: "خلال الوقت الذي أمضيته في دمشق، تشرفت بلقاء القيادة السورية الجديدة... كان من الرائع أن أعرف أنهم ملتزمون ومصممون على إعادة ابني، إلى دياره". وأعربت عن أملها بأن "إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب ستكون ملتزمة للغاية بالعمل... على إعادة أوستن إلى دياره".
ووصلت ديبرا تايس، والدة الصحفي الأميركي أوستن تايس المختطف في سوريا منذ أغسطس/آب 2012، إلى دمشق يوم السبت في محاولة جديدة للبحث عن ابنها. تأمل ديبرا في الحصول على معلومات تؤدي إلى إطلاق سراحه بعد أكثر من عقد من اختفائه أثناء تغطيته للنزاع السوري.
لطالما طالب نشطاء وفعاليات أهلية، بإزالة الإرث الأسود في تاريخ السوريين، من نصب ولوحات ومدافن ترتبط برموز الاستبداد في عهد نظام الأسد، من بينها ضريح المجرم "اللواء عصام زهر الدين" في السويداء، والذي ارتكب الفظائع بحق المدنيين السوريين طيلة عمله مع نظام بشار الأسد، لحين مصرعه.
وفي تطور جديد، وفي خضم الاشتباكات التي شهدتها مناطق بريف السويداء وصحنايا وجرمانا بريف دمشق، عقب تداول مقطع فيديو مسيئ للنبي محمد (ص)، اقتحم مسلحون مجهولون ضريح المجرم "زهر الدين" وقاموا بتدميره بشكل كامل، في خطوة لإنهاء الإرث الأسود، رداً على عدم استجابة المعنيين في السويداء في إزالة هذا النصب والرمز للإجرام طيلة الأشهر الماضية عقب سقوط نظام الأسد.
مجرم حرب وسفاح .. النظام يعلن افتتاح صرح "عصام زهر الدين" في السويداء
في أكتوبر ٢٠٢١ أعلن نظام الأسد، افتتاح ما قال إنه "صرح اللواء شرف عصام زهر الدين"، في السويداء تزامنا مع الذكرى السنوية الرابعة لمصرعه بمشاركة عدة شخصيات في النظام بينهم نائب وزير الدفاع، وعرف "زهر الدين" أنه أحد أشهر رموز الإجرام والقتل المعروف بلقب "نافذ أسد الله"، وفقا لما يطلقه عليه موالون للنظام.
وذكرت أن الصرح يحتوي "ثلاث قاعات تضم الضريح ومعرضاً لمقتنياته وأسلحته وبزاته العسكرية ومنها التي قتل بها وعددا من الصور والأوسمة والدروع والثناءات التي نالها خلال مسيرته العسكرية"، المضرجة بدماء السوريين الأبرياء.
تاريخ مصرع زهر الدين وتأكيد تصفيته
وفي أكتوبر ٢٠١٧، نعت صفحات إعلامية ومواقع إخبارية موالية لنظام الأسد، مقتل المجرم العميد "عصام زهر الدين" قالت إنه قضى بانفجار لغم أرضي بحويجة صقر في دير الزور، منهية أسطورة سفاح من ضباط جيش الأسد، ارتكب العشرات من المجازر بحق المدنيين في سوريا، وكان له باع طويل في عمليات التصفية والإجرام.
مصادر عدة شككت حينها في صحة المعلومات الواردة عن مقتله بانفجار لغم أرضي وأكدت أن "زهر الدين" تم تصفيته من قبل نظام الأسد بعد التصريحات الأخيرة و التهديدات التي أطلقها المجرم بحق المهجرين السوريين، والتي أثارت موجة انتقاد عارمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصل صداها لداخل أروقة نظام الأسد عندما قال موجهاً كلامه للاجئين "نصيحة من هالدقن لاترجع"، الأمر الذي دفع بزهر الدين للعدول عن تصريحاته وإخراج ما زج به نفسه أولا ونظامه في مأزق ربما يأخذ أبعادا أكثر من كونها تصريحات إعلامية.
"فيصل القاسم" .. زهر الدين أراد توريط جميع الدروز
وقال فيصل القاسم في تلك الأثناء، في حملته إن زهر الدين أراد بتصريحه أن يورط جميع "الدروز"، ويجعلهم خصوما للسوريين، وتابع القاسم "أيها الحالمون بالعودة إلى حضن الوطن الأسدي والمصالحة، اسمعوا ماذا يقول لكم هذا البغل الفاشي الأسدي".
ونشر القاسم، "بعض مؤيدي النظام السوري في أوروبا حاولوا قبل فترة إجراء مصالحات مع اللاجئين السوريين في أوروبا كي يعودوا إلى سوريا، فجاءت أوامر فورية من القصر الجمهوري بدمشق بالتوقف عن المصالحات وهددت المخابرات المؤيدين القائمين على العملية بالويل والثبور وعظائم الأمور وقالت لهم: من قال لكم إننا نريد أن يعود اللاجئون الى سوريا. لم يكذب بشار عندما تحدث عن المجتمع المتجانس. ".
هل فكرت حين قالتها!!!.. والدة عصام زهر الدين "أنا أم البطل"
والدة زهر الدين التي ظهرت في مقطع مصور بثته مواقع إعلامية للأسد اعتزت بولدها وبكل ماقام به، وبكته بكاءً الأم الثكلى، فنالت نصيباً صغيراً في قلبها من الفقد والحزن والألم مما نالته أمهات أبكاها زهر الدين دماً وحرقة على فقد أبنائهن، ومع ذلك لقبت أم زهر الدين نفسها بـ "أم البطل" وعن أي بطل سفك الدماء وانتهك الحرمات وقطع الأشلاء.. إنه بطل بقتل شعبه وسفك دمائه... بطل بإجرامه وكيف لا يكون.
قالتها أمام عدسة الكمرات باكية "أنا بعتز فيكم كلكم، ببطل سوريا أبو يعرب الي مات شهيد بطل، ربي يوفقكم لترجع الجولان لأصحابها"، وكأن أم زهر الدين ظنت أن ولدها الذي لقبته بالبطل كان مرابطاً على ثغور الجولان، يدافع عن الأرض والعرض، وكأنها لم تدري أن ولدها "البطل" كان يقتل ويجرم بحق الشعب السوري في دوما ودير الزور، وكأنها لم تسمع بما قاله زهر الدين وماوجهه للاجئين بأنه لن يسامح.
لم يغب على أم زهر الدين أن توجه التحية للأسد، للمجرم الأكبر الذي علم ولدها الإجرام وأطلق يده في قتل الشعب السوري فتابعت "كلكم بعيوني والرئيس بشار الأسد بقلبي وعيوني، هو وجيشوا والله ينصر هالجيش".
"ماهر شرف الدين": الضريح هو بمثابة "لغم" متربص بأهالي السويداء
وسبق أن طالب المفكر والباحث السوري "ماهر شرف الدين" المنحدر من محافظة السويداء، أهالي المحافظة بإزالة ضريح المجرم "اللواء عصام زهر الدين"، الذي اشتهر بجرائمه بحق السوريين، مؤكداً أن أحد ضحاياه هي "سمعة أهل جبل العرب"، والعلاقة التاريخية التي تربطهم بأهالي دير الزور.
وأكد المفكر السوري في مقطع فيديو بثه على يوتيوب، أن هذا الضريح هو بمثابة "لغم" متربص بأهالي السويداء، مطالباً بتفكيكه، منتقداً في ذات الوقت تصريحات وتصرفات ابنه "يعرب زهر الدين" الذي يحاور افتعال الفتنة في المنطقة للاختباء ورائها.
واعتبر الباحث، أن وجود ضريح "زهر الدين" إهانة لدماء السوريين الذين قتلوا تحت التعذيب ولم تعثر على جثثهم، معتبراً أن ضريح "عصام زهر الدين" يجب أن يتحول لمتحف لضحاياه، (متحف المحرقة السورية - فرع السويداء) كما أسماه.
وتساءل عن كيفية تناسق الدعوات مع العدالة والقصاص، بالتوازي مع الدفاع عن رموز تورطت في دماء السوريين، وهو محسوم ليس مكان جدل أو نقاش، مؤكداً أن "عصام زهر الدين" كان فتنة في حياته، ولن يسمح له أن يكون فتنة في مماته، واصفاً إياه بأنه "فتنة متنقلة استخدمها النظام لتوريط الدروز في معركته الخاسرة، قبل قتله وتصفيته في دير الزور".
واعتبر أن الإبقاء على ضريح "عصام زهر الدين" هو أكبر مشاركة في حملة تشويه صورة أهالي السويداء الوطنية والإنسانية والسورية، لأن صوره ماتزال راسخة في أذهان الناس وتصريحاته التي هدد بها السوريين وتوعدهم بها "نصيحة من هالدقن لاترجعوا"، لاتزال، مطالباً بإزالة ضريحه ومحاسبة ابنه، مؤكداً أنها مسؤولية أهالي السويداء، لأنه برأيه "رمز للشقاق الأهلي بين جبل العرب والوطن الأم".
شكل سقوط نظام الأسد، نهاية لتاريخ طويل من الإجرام ووقف شلال الدم السوري، إذ حاول النظام جاهداً تمزيق الوحدة الوطنية السورية، وخلق التفرقة والشقاق بين مكونات الشعب السوري الأصيلة، من سنة وعلوية ودرزية ومسيحية وشيعية، فاستخدم رجالاتهم وصدرهم في مشهد الموت اليومي، ليضرب بهم أبناء الوطن، فكان سقوطه نهاية عهد الظلم، وبدء عهد المحاسبة لكل متورط بالدم، وإنهاء سيرة الرموز التي اصطنعها نظام الأسد لجيشه ومجرميه.
علَّقَ الفنان السوري مكسيم خليل على الأحداث الدامية التي شهدتها جرمانا وأشرفية صحنايا، مناشداً الحكومة السورية الجديدة بضرورة وضع حلّ للنعرات الطائفية، وقالَ من خلال منشور كتبه عبر خاصية "ستوري" في حسابه الرسمي على موقع "انستغرام": "منذ عدة شهور تتعالى الأصوات حول ضرورة إصدار قانون ما يعرف "بالعدالة الانتقالية" وهذا حق مشروع لا تشكيك فيه، ولكن أليس من العدالة أيضاً أن يسن قانون موازي يحرم "التجريم الطائفي".
ضرورة وضع قانون يجرم الطائفية
وأضافَ خليل: " قانون يجرم كل الأفعال والتحريض الطائفي، على أي دولة مسؤولة عن مرحلة انتقالية في بلد خارج من صراع دموي طويل أن تتحمل كل مسؤولياتها تجاه كل ما هو يهدد السلم الأهلي".
وأردفَ: "من غير المقبول لأي فئة مجتمعية كبيرة أو صغيرة أن تحلل لنفسها ما تحرمه على غيرها، وهنا لا إلقاء لوم على أحد فنحن مجتمع يحتاج إلى إصلاح إنساني على كل الأصعدة يجعل من حكم أي إنسان على آخر ينبع فقط من أعماله وأفعاله، ويبني ثقة إنسانية وليس تقبل طائفي أو رضى أقلي".
وأضاف: " قانون التجريم الطائفي هو قانون صارم يحارب حتى ما نعتقده بسيطاً وهو فعلياً الأشد خطورة وهو "التعبير بحرية طائفية على مواقع التواصل الاجتماعي". يجب مكافحة هذه الظاهرة بأشد العقوبات سواء مالية أو جنائية، هذه جريمة طائفية الكترونية تؤدي إلى جرائم طائفية فعلية، والظاهرتان يحتاجان إلى صرامة قانونية لأن العواقب حتماً مخيفة على أي مجتمع. في فرنسا يوجد قانون معاداة السامية الذي يضع حد صارم لأي مواطن بانتهاكه".
بدوره علق الفنان السوري فراس إبراهيم على تلك الأحداث بطريقة غير مباشرة، فكتب عبر صفحته الرسمية في موقع فيس بوك: "المثل بيقول (القصة مش قصة رمانة، القصة قصة قلوب مليانة) اقتلوا بعض إذا القتل بيريحكم بس لا تضحكوا علينا وتفهمونا أن السبب هو اللي قاله فلان من هون واللي حكاه فلان من هون، خلاص اعترفوا أن الغل والحقد والعطش للدم هم السبب في كل شي عم يصير!".
ماذا يحدث في جرمانا وصحنايا؟
شهدتْ منطقتا جرمانا وأشرفية صحنايا في ريف دمشق منذ أيام حالة من التوتر الأمني والاحتقان الطائفي على خلفية تداول تسجيل صوتي مسيء نُسب إلى أحد أبناء الطائفة الدرزية، ما أدى إلى وقوع اشتباكات نارية بين مجموعات مسلحة وعناصر من الأمن السوري، مما أودى بحياة عدد من الضحايا. هذا التصعيد الخطير أعاد إلى الواجهة مخاوف السوريين من انزلاق البلاد مجدداً إلى دوامة الفتن الطائفية والانقسامات الاجتماعية، في وقتٍ تعاني فيه البلاد أصلًا من أزمات اقتصادية وسياسية حادة.
وقد أثارتْ هذه الأحداث موجة من ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، كان أبرزها من بعض الفنانين والمثقفين الذين عبّروا عن خشيتهم من تداعيات هذا النوع من الخطابات والتحريض، مطالبين الدولة بالتدخل الفوري لحماية السلم الأهلي ووضع حدّ للخطاب الطائفي المتصاعد. أحداث جرمانا وصحنايا أعادت التحريض الطائفي إلى الواجهة، ودعوات الفنانين جاءت لتذكّر بخطورة التهاون مع خطاب الكراهية. فحماية السلم الأهلي لم تعد خياراً، بل ضرورة وطنية عاجلة.
قُتل رئيس بلدية صحنايا بريف دمشق، حسام ورور، وابنه الوحيد، مساء الثلاثاء، إثر تعرّضهما لإطلاق نار من قبل مجهولين، في حادثة مؤسفة أثارت حالة من الصدمة والحزن في أوساط الأهالي.
وتأتي الجريمة بعد ساعات من ظهور ورور في تسجيل مصوّر عبّر فيه عن ترحيبه بتعزيز حضور قوات من وزارتي الدفاع والداخلية في البلدة، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
ورغم عدم صدور معلومات رسمية حول دوافع الاغتيال، تشير بعض الأوساط إلى وجود أطراف تسعى إلى تقويض حالة الهدوء ودفع المنطقة نحو الفوضى، من خلال استهداف شخصيات محلية وخدمية.
الحادثة، التي وُصفت بأنها تصعيد خطير، تسلّط الضوء على التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد في ظل محاولات متكررة من جهات وأطراف مشبوهة لزعزعة الأمن وإثارة الفوضى.
وكان، أكد محافظ ريف دمشق، السيد عامر الشيخ، خلال مؤتمر صحفي عُقد اليوم، أن مجموعات مسلحة خارجة عن القانون تسللت إلى الأراضي الزراعية في منطقة أشرفية صحنايا، وقامت باستهداف التحركات المدنية والأمنية، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من المدنيين وعناصر قوات الأمن العام.
وأوضح الشيخ أن قوات الأمن العام تمكّنت من اعتقال عدد من المتورطين في هذه الاعتداءات، مؤكداً على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح لأي جهة بزعزعة الأمن والاستقرار تحت أي ذريعة.
وأشار المحافظ إلى أن طائرة إسرائيلية نفذت غارة استهدفت إحدى نقاط قوات الأمن في المنطقة، ما أدى إلى مقتل أحد عناصر الأمن، واصفاً ذلك بأنه انتهاك مباشر للسيادة السورية، ويُضاف إلى سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وفي إطار التحرك الرسمي لاحتواء التوتر، قال الشيخ إنه قام، إلى جانب محافظي السويداء والقنيطرة، بزيارة أشرفية صحنايا، حيث جرى لقاء مع عدد من الفعاليات الاجتماعية المحلية، وتم التأكيد خلال اللقاء على ضرورة عودة مؤسسات الدولة بشكل كامل، واستعادة الحياة الطبيعية في المنطقة.
في تقرير استقصائي خاص، أماطت وكالة "رويترز" اللثام عن وثائق سرية وجدت داخل السفارة الإيرانية المنهوبة في دمشق، تكشف عن مشروع اقتصادي ضخم كانت تسعى طهران لتنفيذه في سوريا، مستوحى من "خطة مارشال" الأميركية التي أُطلقت بعد الحرب العالمية الثانية. الهدف الإيراني، كما تبيّنه دراسة رسمية مؤلفة من 33 صفحة، كان تحويل سوريا إلى دولة تابعة اقتصاديًا وثقافيًا، مقابل استرداد المليارات التي أنفقتها لدعم نظام بشار الأسد خلال سنوات الحرب.
الوثيقة التي وُجدت ضمن مئات الملفات الأخرى خلال زيارة لمراسلي "رويترز" إلى السفارة الإيرانية في ديسمبر 2023، تعود إلى مايو 2022، وقد أعدّها فريق متخصص في السياسات الاقتصادية مقيم داخل سوريا.
تتحدث عن "فرصة استثمارية بقيمة 400 مليار دولار"، وتعرض بوضوح نية إيران في تأسيس إمبراطورية اقتصادية مستدامة في البلاد، تجعل الحليف السوري معتمدًا عليها في مختلف الجوانب، تمامًا كما فعلت الولايات المتحدة في أوروبا ما بعد الحرب.
لكن كل تلك الخطط انهارت فجأة في ديسمبر 2024، حين نجحت فصائل مسلّحة مناهضة لإيران في الإطاحة بنظام الأسد، مما أطاح بآمال طهران في الهيمنة على مفاصل الدولة السورية.
وتُظهر الوثائق أن طهران كانت قد بدأت فعليًا استثمارات متعددة، شملت مشاريع طاقة، ومنشآت صناعية، ومواقع دينية وعسكرية، إلا أن معظمها جُمد أو دُمّر. من بين المشاريع البارزة:
- محطة طاقة في اللاذقية بقيمة 411 مليون يورو، أوقفت أعمالها بعد خسارة النظام الساحل.
- مشروع لاستخراج النفط في البادية السورية الشرقية أُجهض بالكامل.
- جسر سكة حديد على نهر الفرات شيّده وقف إيراني مرتبط بالمرشد علي خامنئي، بتكلفة 26 مليون دولار، دُمّر في غارة أميركية ولم يُصلح حتى الآن.
ووفق ما جمعته رويترز، فإن الوثائق تشير إلى أن ديون سوريا المستحقة للشركات الإيرانية بلغت بنهاية الحرب ما لا يقل عن 178 مليون دولار، في حين تشير تقديرات بعض النواب الإيرانيين السابقين إلى أن إجمالي الديون السورية لإيران قد يتجاوز 30 مليار دولار.
ويظهر في التقرير أن رجال أعمال إيرانيين وسوريين، تحدثوا عن مصير استثماراتهم التي ضاعت. من بينهم حسن شاخصي، تاجر قطع غيار إيراني، قال إنه خسر 16 مليون يورو بعد أن شحن بضاعة إلى ميناء اللاذقية قبل انهيار النظام، مؤكدًا: "أنشأت مكتبًا ومنزلًا في سوريا. كل ذلك انتهى". وأضاف: "لم يُدفع لي شيء، والبضاعة اختفت. أبحث الآن عن فرص في مكان آخر".
وتلفت "رويترز" إلى أن هذه الوثائق وما تضمنته من خطط واستثمارات تكشف عن محاولة ممنهجة وفاشلة من طهران لتحويل سوريا إلى حديقة خلفية تخدم طموحاتها الإقليمية. إلا أن تعقيدات المشهد السوري، والتحديات الأمنية والاقتصادية، والغارات الجوية الغربية، فضلاً عن سقوط النظام الحليف، جعلت المشروع الإيراني يتلاشى في ركام الحرب، وخلّف خسائر سياسية ومالية ضخمة لطهران، دون تحقيق مكاسب ملموسة.
أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، أن أكثر من 1.4 مليون مواطن سوري عادوا إلى ديارهم منذ سقوط نظام بشار الأسد، بعد سنوات من النزوح القسري والمعاناة في دول اللجوء.
وجاء في بيان نشرته المفوضية عبر حسابها الرسمي على منصة "X"، أن "عودة هذا العدد الكبير من السوريين إلى منازلهم بعد سنوات من الغربة تمثل بارقة أمل في مسار التعافي الوطني"، لكنها شددت على أن "إعادة بناء الحياة ليست أمراً يسيراً"، في ظل التحديات الهائلة التي تواجه العائدين في الداخل السوري.
وأشارت المفوضية إلى أن غالبية العائدين يواجهون أوضاعاً صعبة تتطلب تدخلاً عاجلاً، موضحة أن هؤلاء السوريين بحاجة إلى دعم مباشر في أربعة مجالات حيوية: السكن، الرعاية الصحية، التعليم، وسبل كسب العيش. واعتبرت أن تمكين الأسر العائدة من إعادة الاندماج والبدء من جديد هو مسؤولية مشتركة، تتطلب جهوداً دولية وإنسانية مضاعفة.
وفي سياق متصل، أصدرت المفوضية تقريراً إقليمياً في آذار الماضي بعنوان "تصورات اللاجئين السوريين ونواياهم في العودة إلى سوريا"، تضمن نتائج مسح شمل عينة عشوائية مكوّنة من 4500 لاجئ سوري يقيمون في خمس دول رئيسية للجوء هي: الأردن، تركيا، لبنان، العراق، ومصر.
وكشفت نتائج التقرير عن تغير لافت في توجهات اللاجئين، حيث أعرب 80% من المشاركين عن رغبتهم في العودة إلى سوريا في المستقبل القريب، وهي نسبة تمثل قفزة كبيرة مقارنة بنسبة 57% في استطلاع مماثل أجرته المفوضية في نيسان من العام 2024، ما يعكس مؤشرات جديدة على "تجدد الأمل بإمكانية العودة الآمنة"، بحسب ما نقلته قناة "المملكة" الأردنية.
وتقدّر المفوضية أن هناك نحو 5.5 ملايين لاجئ سوري يعيشون حالياً في الدول الخمس المذكورة، وتقول إن هذه الكتلة الواسعة من اللاجئين عبّرت في غالبيتها عن رغبة حقيقية في العودة إلى الوطن، ما يتطلب تنسيقاً شاملاً بين الحكومة السورية الجديدة، والمجتمع الدولي، وهيئات الإغاثة، لضمان توفير الظروف المناسبة لهذه العودة وتثبيت الاستقرار في المناطق المحررة.
وتضع المفوضية هذا التحول في النوايا ضمن سياق سياسي جديد في سوريا، حيث تعوّل على استقرار الأوضاع بعد سقوط نظام الأسد، وتشكيل إدارة جديدة بدأت فعلياً في فتح ملفات العودة وإعادة الإعمار، ما يعزّز فرص التعافي ويمهد لمرحلة جديدة من إعادة اللحمة الوطنية وإنهاء فصل طويل من المعاناة الإنسانية.
يحلّ الأول من أيار/مايو، عيد العمال، كمناسبة عالمية لتكريم اليد العاملة التي تبني الأوطان وتحرك اقتصادها، إلا أنه يمرّ على العمال السوريين هذا العام بطابع شاحب ومثقل بالهموم، حيث لا يتعدى كونه عطلة رسمية شكلية في مؤسسات الدولة، فيما الواقع يزداد قسوة، والحقوق تتآكل، والمصير يزداد غموضاً وسط ظروف اقتصادية متردية وسوق عمل يفتقر إلى الحد الأدنى من العدالة والحماية.
أجور زهيدة وأعمال شاقة
يعمل مئات الآلاف من السوريين في مهن تتطلب جهداً بدنياً قاسياً، كإكساء الجدران والدهان وتصليح السيارات والأعمال الزراعية، وتشغيل مكابس البلوك وغيرها من المهن الشاقة، إلا أن أجورهم لا تتناسب مطلقاً مع الجهد المبذول، بل بالكاد تكفي لتأمين لقمة العيش.
ويتفاقم هذا العبء حين تطرأ حالات طارئة كالحاجة للدواء أو مصاريف مفاجئة. وإلى جانب تدني الأجور، يواجه هؤلاء إرهاقاً بدنياً مستمراً دون أي تعويض أو رعاية صحية، في ظل غياب منظومة الأمان الوظيفي أو التأمين الاجتماعي.
استغلال ممنهج للفقر
تزايدت في السنوات الأخيرة شكاوى العمال من تعرضهم لعدة أنماط من الاستغلال، من أبرزها حجب الأجور أو تقليصها، عدم دفع مستحقات الساعات الإضافية، وحرمانهم من المكافآت رغم جودة العمل. ويتفاقم هذا الاستغلال في غياب العقود الرسمية، ما يمنح أرباب العمل سلطة مطلقة على مصير العمال، خصوصاً في المشاريع الخاصة. وفي ظل الواقع الاقتصادي المنهار، يضطر كثيرون للقبول بأبخس الأجور مقابل الحد الأدنى من الدخل، ولو على حساب الكرامة والحقوق.
العمال في موقع الهشاشة القصوى
تُعد الفئة العاملة اليوم الحلقة الأضعف في الاقتصاد السوري. فمع تدهور الليرة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وغياب الدعم الاجتماعي، أصبحت حياة العامل اليومي كفاحاً مفتوحاً دون ضمانات. ولا توجد سياسات فاعلة تحمي هذه الشريحة، ما يجعلها عرضة للابتزاز والاستغلال تحت ضغط الحاجة.
شعارات عقيمة وأمل متجدد
رغم أن الأنظمة المتعاقبة في سوريا، منذ حكم حافظ الأسد وصولاً إلى عهد بشار الأسد، ملأت ساحات الخطاب الرسمي بشعارات تمجيد "الطبقة العاملة"، فإن الواقع كان مغايراً تماماً. فقد حُوّلت النقابات إلى أدوات للسلطة، وتحوّل الحديث عن العدالة إلى ديكور لا يلامس جوهر المعاناة اليومية للعمال.
وتحت غطاء "اقتصاد السوق الاجتماعي"، اتّسعت الهوة بين الطبقات، وتراجع موقع العمال في المجتمع والدولة. واليوم، بعد مرحلة التغيير السياسي، يحدو كثير من السوريين الأمل بأن تعيد الإدارة السورية الجديدة الاعتبار لهذه الطبقة المنهكة، وأن تشرع فعلياً ببناء منظومة تحترم الحقوق وتصون الكرامة.
عيد للتذكير.. لا للاحتفال
تحوّل عيد العمال في سوريا من مناسبة احتفالية إلى لحظة تذكير مريرة بحجم المأساة التي تعيشها الطبقة العاملة. فالحاجة أصبحت ماسة إلى مراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، تتضمن رفع الأجور بما يضمن الحد الأدنى من الكرامة، وتوفير الرعاية الصحية، وسن قوانين فاعلة تكافح الاستغلال، وتضع العامل السوري في مكانه الطبيعي: لبنة أساسية في مشروع النهوض الوطني.
إن إنصاف العامل السوري اليوم لم يعد ترفاً أو شعاراً، بل ضرورة وطنية وأخلاقية، لا يمكن لأي عملية إعادة إعمار أو تحول ديمقراطي أن تكتمل دونها.
وقّعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا، صباح اليوم الخميس، اتفاقية شراكة استراتيجية جديدة مع شركة "CMA CGM" الفرنسية، وذلك خلال مراسم رسمية جرت في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، بحضور رئيس الجمهورية أحمد الشرع.
ويأتي توقيع هذه الاتفاقية في إطار استكمال المباحثات التي أُعلنت عنها الهيئة في شهر شباط الماضي، والتي تمخضت عن تفاهم مشترك مع الشركة الفرنسية يتضمن تشغيل محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية، وفق إطار قانوني واستثماري جديد.
وأكدت الهيئة في بيان رسمي أن الطرفين توصلا إلى تصفية جميع الذمم المالية والإدارية المترتبة منذ العقد السابق، الممتد على مدار عشر سنوات، وذلك تمهيداً لإطلاق عقد جديد قائم على أسس حديثة تضمن استمرارية العمل وتطوير الأداء وفق شروط تشغيلية ولوجستية محدّثة.
وتُعد شركة "CMA CGM" واحدة من أبرز الشركات العالمية في قطاع الشحن البحري والخدمات اللوجستية، ويقع مقرها الرئيسي في مدينة مارسيليا الفرنسية. وتمتلك الشركة شبكة واسعة من محطات الحاويات حول العالم، وتتمتع بخبرة طويلة في تشغيل المرافئ الدولية.
وتعود الشراكة الأولى بين سوريا و"CMA CGM" إلى عام 2009، عندما تم تأسيس شركة محطة حاويات اللاذقية الدولية (LIST) بالشراكة مع شركة "Terminal Link" الفرنسية وشركة "سوريا القابضة" التي يملكها رجل الأعمال السوري طريف الأخرس. ومنذ الأول من تشرين الأول 2009، تولت الشركة الفرنسية إدارة محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية لمدة عشر سنوات.
وبموجب الاتفاق السابق، التزمت الشركة المشغّلة بتنفيذ استثمارات بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 45.9 مليون دولار، شملت 6.2 ملايين دولار لصيانة وتأهيل البنية التحتية، ومبلغاً مماثلاً لتوريد تجهيزات ومعدات تشغيلية تُنقل ملكيتها إلى مؤسسة مرفأ اللاذقية بعد انتهاء العقد.
ويُتوقع أن تُحدث الاتفاقية الجديدة نقلة نوعية في تشغيل مرفأ اللاذقية من حيث الكفاءة الفنية والخدمات اللوجستية المقدمة، في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تمر بها البلاد، وتعزيزاً للموقع الجغرافي الاستراتيجي للمرفأ على الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
التقى وزير الطاقة المهندس محمد البشير مع رئيس مجلس إدارة شركة غولف ساند البريطانية السيد جون بلل، في مبنى الوزارة بالعاصمة دمشق، في إطار جهود الحكومة السورية لإعادة تنشيط قطاع النفط وجذب الاستثمارات الأجنبية.
اللقاء تناول سبل إعادة تفعيل استثمار الشركة في قطاع النفط السوري، وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك بين الطرفين.
وناقش الجانبان الإمكانات المتاحة لتعزيز الاستثمارات في مجالات التنقيب والإنتاج، وتطوير البنية التحتية للطاقة بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستقرار في هذا القطاع الحيوي.
يأتي هذا اللقاء في ظل سعي الوزارة إلى استقطاب الشركاء الدوليين المؤهلين، بعد سنوات من التراجع بسبب الحرب والعقوبات.
كما تؤكد الوزارة على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الشركات العالمية في نقل الخبرات والتقنيات الحديثة، وتوفير فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة.
من جانب آخر، يستعد وزير الطاقة المهندس محمد البشير للمشاركة في قمة إسطنبول للموارد الطبيعية على رأس وفد رسمي، وذلك ضمن جهود الوزارة لتعزيز الحضور السوري في المحافل الإقليمية والدولية المعنية بقضايا الطاقة والتعاون الاقتصادي.
نشط الإعلامي الحربي المعروف بعداوته للشعب السوري وثورته المنتصرة، الشبيح "شادي حلوة"، عبر صفحته الشخصية في فيسبوك في نشر محتوى مسيء للدولة السورية الجديدة بعد أن حاول تبديل مواقفه وأفعاله التشبيحية السابقة بادعاء تأييد الحكومة السورية الجديدة.
ومن أفعاله الجديدة نشر منشورا مثيرا للسخرية حيث ادعى أنه "يعارض الطائفية" وانتقد منشور وزارة الصحة السورية في ذكر الانتماء الديني لعدد من المصابين في أحداث صحنايا بريف العاصمة دمشق، محاولا المزاودة على الدولة السورية.
ولم يكتفِ بذلك بل راح يشارك معلومات مضللة تدعمها قنوات مدعومة من إيران، حيث نشر ادعاءات بأن الأمن العام يقتل المدنيين على أسس طائفية وإمعاناً في التضليل فإن التقرير يتضمن لقطة من مجزرة التضامن بدمشق التي ارتكبتها ميليشيات الأسد التي كان "حلوة" يرافقها ويروج جرائمها.
أكد ناشطون سوريون أن ذلك يندرج في محاولة مفضوحة لغسل ماضيه الأسود، حيث عاد المصوّر الحربي الطائفي إلى الساحة الإعلامية بأسلوبٍ جديد ظاهريًا، لكنه لا يخلو من التشبيح المتجذر والمزاودة المكشوفة.
واشتهر خلال السنوات الماضية كواحد من أكثر الوجوه الإعلامية تشبيحًا ودعمًا لنظام الأسد، لم يكن مجرد إعلامي، بل كان يُعرف بظهوره إلى جانب ميليشيات النظام وهو يلتقط الصور فوق جثث السوريين، ساخرًا من دمائهم، ومسوّقًا لجرائم لا تُنسى ضد الإنسانية.
واليوم، يحاول أن يُظهر نفسه بمظهر "الوطني الناقد"، مدّعيًا أنه ضد الطائفية، هذا الادعاء بحد ذاته يبدو أقرب إلى المهزلة، حين يصدر من شخص كان لأكثر من عقد اللسان الإعلامي للطائفية والسخرية من آلام الضحايا.
ويذكر أن محاولات الجديدة لا تعدو كونها قفزًا في الهواء، ومحاولة يائسة للحفاظ على مكانٍ له في أي تركيبة إعلامية أو سياسية قادمة، لكن الذاكرة الشعبية لا تنسى، والجمهور السوري، الذي ذاق مرارة التهجير والقتل والتشويه الإعلامي، بات أذكى من أن يُخدع بمن انقلب على مواقفه فجأة من دون أي اعتذار أو مواجهة للماضي.
أعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان رسمي دعم أنقرة الكامل للإدارة السورية الجديدة، مؤكدة التزامها بالعمل إلى جانب الشعب السوري في مواجهة التحديات الراهنة، وداعية إلى تعزيز التعاون الإقليمي من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد.
وجاء في البيان أن "سوريا تدخل حقبة جديدة بعد إسقاط نظام الأسد"، مشيرة إلى أن الشعب السوري، وهو يضمد جراح صراع امتد لأربعة عشر عاماً، ينخرط اليوم في عملية انتقال سياسي بقيادته، تهدف إلى صياغة مستقبل وطني جامع.
وشددت الخارجية التركية على ضرورة دعم الخطوات التي تتخذها الحكومة السورية الجديدة في سياق الاندماج في المحيطين الإقليمي والدولي، معتبرة أن هذا المسار يمثل فرصة تاريخية لتحقيق الأمن والازدهار داخل سوريا.
وأضاف البيان أن "تركيا كثّفت جهودها في الفترة الماضية لتطوير أطر التعاون والتفاهم بين الإدارة السورية والدول المعنية، خصوصاً بعد سقوط النظام"، مشيراً إلى استمرار الاتصالات واللقاءات مع قوى إقليمية ودولية، بما فيها الولايات المتحدة، لدعم العملية الانتقالية.
وأكدت أن السياسة التركية تجاه سوريا ترتكز على عدة مبادئ رئيسية، في مقدمتها: تحقيق المصالحة الوطنية، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامتها، والعمل على تطهير البلاد من التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى دعم جهود إعادة الإعمار، ولا سيما من خلال المطالبة برفع العقوبات المفروضة على البلاد.
وأعلنت تركيا في هذا السياق عن "دعم غير مشروط" للإدارة السورية والشعب السوري في استثمار هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد بما يخدم تطلعاتهم الوطنية.
كما أشار البيان إلى تطور مهم يتمثل في إعلان الولايات المتحدة نيتها تقليص وجودها العسكري في سوريا، وإن كان دون تحديد جدول زمني واضح، في وقت عبّر فيه الاتحاد الأوروبي عن ترحيبه بالتعاون القائم بين سوريا والعراق في مجالي ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب.
ووصفت أنقرة حماية وحدة الأراضي السورية بأنها "أولوية مشتركة" مع الإدارة السورية الجديدة، معربة عن تطلعها لولادة بيئة سياسية دستورية تضمن فرصاً متساوية لجميع السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية.
وأكدت وزارة الخارجية أن تركيا ترفض أي محاولة لعرقلة قيام نظام ديمقراطي يضمن الحريات والحقوق المتساوية، ويتيح للسوريين التعبير عن هوياتهم ومعتقداتهم في ظل بيئة آمنة ودستورية.
وفي ما يخص الملف الأمني، شدد البيان على أن مكافحة الإرهاب والانفصال مسؤولية تقع على عاتق الحكومة السورية، مع التأكيد على أن تركيا منحت المجال للإدارة الجديدة لمعالجة هذه القضايا بما تراه مناسباً، ضمن إطار الحفاظ على السيادة الوطنية.
كما أعلنت أنقرة رغبتها في تنفيذ الاتفاق الموقع بين الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية (قسد)"، شريطة أن يُمنع أي كيان مرتبط بـ"تنظيم إرهابي" من الحصول على نفوذ سياسي أو عسكري داخل البلاد.
وختم البيان بتأكيد حازم من الخارجية التركية بأن أنقرة "لن تقبل بأي مبادرة تهدد وحدة الأراضي السورية أو تمنح شرعية لكيانات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة المركزية"، محذّرة من أن عدم تفكيك تنظيم PKK وامتداداته في سوريا قد يدفع تركيا إلى استخدام خيارات بديلة لمعالجة هذا الخطر، في إشارة إلى احتمال تنفيذ تحركات عسكرية مستهدفة.