أكّدت السلطات السورية، خلال زيارة رسمية لوفد مغربي رفيع المستوى، تنفيذ قرار إغلاق المقرات التي كانت تشغلها جبهة "البوليساريو" في العاصمة دمشق، في خطوة وصفت بأنها تجديد واضح لاحترام سوريا لوحدة وسيادة المملكة المغربية.
وبحسب ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، انتقلت بعثة مشتركة من كبار المسؤولين السوريين والمغاربة إلى مواقع تلك المقرات، لمعاينة الإغلاق الفعلي، فيما أكّدت المصادر الرسمية أن هذه الخطوة تأتي انسجاماً مع التوجه السوري الرافض لأي دعم للكيانات الانفصالية.
وأضاف المصدر أن إغلاق مكاتب "البوليساريو" في دمشق يعكس "الإرادة الراسخة لتقوية التعاون الثنائي بين سوريا والمغرب، وتعزيز الاستقرار الإقليمي في منطقة المغرب العربي".
تزامنت هذه الخطوة مع بدء زيارة بعثة تقنية من وزارة الخارجية المغربية إلى دمشق، بهدف استكمال الإجراءات العملية واللوجستية المرتبطة بإعادة فتح سفارة المملكة المغربية، التي أغلقت أبوابها منذ عام 2012 في ظل التصعيد الأمني حينها.
وأجرت البعثة المغربية سلسلة محادثات مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية والمغتربين السورية، تناولت الترتيبات القانونية والدبلوماسية، في إطار تنفيذ تعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس لإعادة تفعيل العلاقات الثنائية.
وكان الملك محمد السادس قد أعلن رسميًا خلال القمة العربية الرابعة والثلاثين، التي عُقدت في 17 مايو الجاري في بغداد، عن قرار إعادة فتح السفارة المغربية في سوريا، معتبرًا أن هذا الإجراء يمثل انطلاقة جديدة للعلاقات بين الشعبين الشقيقين.
وفي تأكيد على التوجه المغربي الجديد، أعلن وزير الخارجية ناصر بوريطة خلال كلمته في القمة العربية أن قرار إعادة فتح السفارة "يعكس التزام المملكة بدعم الشعب السوري في تطلعاته نحو الأمن والاستقرار، والحفاظ على وحدة أراضيه".
وشدد بوريطة على أن هذه الخطوة تأتي في سياق تجاوز مرحلة القطيعة التي امتدت لأكثر من 12 عاماً، وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك، بما يصب في مصلحة الشعبين المغربي والسوري.
تعود خلفية إغلاق السفارة المغربية في دمشق إلى عام 2012، عندما اتخذت الرباط قراراً بتجميد علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري آنذاك، في ظل حملة العنف التي واجهت بها حكومة بشار الأسد الاحتجاجات الشعبية.
إلا أن الانفراجات السياسية الإقليمية التي شهدتها المنطقة مؤخراً، خصوصاً بعد سقوط النظام السابق في سوريا، ساهمت في فتح صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية، تُرجمت بلقاء رسمي جرى في مارس الماضي في مكة المكرمة، بين بوريطة ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، على هامش الاجتماعات الخليجية.
وكان الملك محمد السادس قد بعث في وقت سابق برسالة تهنئة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، عبّر فيها عن استعداد المغرب لدعم سوريا في مساعيها لتحقيق الأمن والاستقرار، مشدداً على التزام الرباط بوحدة التراب السوري.
سجّلت أسعار الذهب في سوريا، اليوم، ارتفاعاً جديداً بالتوازي مع تذبذب أسعار الصرف وتقلبات الأسواق العالمية، مما يواصل تأثيره المباشر على السوق المحلية.
وبلغ سعر غرام الذهب من عيار 21 قيراطاً نحو 873,000 ليرة سورية، بينما وصل سعر عيار 18 قيراطاً إلى 749,000 ليرة. كما ارتفع سعر عيار 24 قيراطاً ليسجّل 994,000 ليرة سورية للغرام الواحد.
أما على الصعيد العالمي، فقد استقر سعر أونصة الذهب عند 3323.54 دولاراً أمريكياً وكان انخفض سعر غرام الذهب عيار 21 في السوق المحلية اليوم 10 آلاف ليرة سورية عن السعر الذي سجله بنشرة سابقة والذي كان 900 ألف ليرة للغرام الواحد.
وكانت حددت نقابة الصاغة سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطاً بـ 890 ألف ليرة مبيعاً، و875 ألف ليرة شراءً، بينما بلغ سعر غرام الذهب عيار 18 قيراطاً 760 ألف ليرة مبيعاً، و750 ألف ليرة شراءً.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى الضغوط المستمرة في السوق المالية، إلى جانب عدم استقرار أسعار الصرف محليًا، الأمر الذي يجعل الذهب ملاذًا تقليديًا للمستثمرين في ظل الظروف المتقلبة.
وكانت أسعار الذهب العالمية قد سجلت تراجعات مستمرة على خلفية تراجع وتيرة التوترات العالمية وتعزيز الدولار من مكاسبه العالمية.
في ظل تقلبات الأسواق وتراجع العملة، يؤكد عضو نقابة الصاغة محمد أمين السيد أن الذهب يبقى الخيار الأوثق لحماية المدّخرات ودعم الاقتصاد الوطني.
وتعافى الاحتياطي السوري تدريجياً من 15 طناً في 2014 إلى 26 طناً في 2024، وتسجل أسعار الذهب أرقاماً قياسية مع اقتراب الأونصة من 3500 دولار والليرة الذهبية تتخطى 40 مليون ليرة.
ويذكر أن المدّخرون يفضلون الذهب على العقارات والسيارات، بينما توقف عدد من الصاغة عن البيع بسبب الإقبال الكبير، وكان أحد الخبير "شفيق عربش" أن الذهب يبقى سيد التحوّط وقت الأزمات، لكن الشراء العشوائي يهدد بالخسائر.
تداول السوريون المقيمون في مصر أنباء عن صدور قرارات حكومية جديدة تعفيهم من الغرامات المترتبة على تأخير تجديد الإقامة، في خطوة اعتبرها كثيرون بادرة إيجابية تهدف إلى تسهيل عودة اللاجئين إلى بلادهم، في وقت تم فيه أيضاً تقليص الفئات المسموح لها بدخول الأراضي المصرية بشكل كبير.
وأكد هذه الأنباء رئيس مؤسسة "سوريا الغد" الخيرية، ملهم الخن، خلال حديثه مع موقع "تلفزيون سوريا" مساء الثلاثاء، موضحاً أنه اطّلع شخصياً على هذه القرارات، والتي تنص على إعفاء السوريين الذين تراكمت عليهم غرامات الإقامة والراغبين في مغادرة مصر، وذلك لمدة ثلاثة أشهر فقط.
وأوضح الخن أن الإعفاء يشمل السوريين الحاصلين على إقامات مستندة إلى جوازات السفر، دون أن يشمل حاملي "الكرت الأصفر" الصادر عن مفوضية اللاجئين، إذ لا تفرض الدولة المصرية عليهم غرامات، لكنها تشترط مراجعة المفوضية لإغلاق ملفات اللجوء قبل المغادرة.
ورأى الخن أن هذا القرار يُعدّ استجابة لمناشدات الجالية السورية، ويأتي في توقيت مناسب يُتوقع فيه ارتفاع عدد العائدين إلى سوريا بعد انتهاء العام الدراسي، لافتاً إلى أن الغرامات المتراكمة كانت تمثّل عائقاً كبيراً أمام كثير من السوريين الراغبين بالعودة، خاصة بعد أن أوقفت الحكومة المصرية تجديد الإقامات السياحية في تموز/يوليو الماضي.
وكانت السلطات المصرية قد فرضت على السوريين منذ عام 2017 غرامات مالية على تأخير تجديد الإقامة أو عدم الحصول عليها، وتوزعت بين غرامات التأخير والتي تبلغ نحو 1700 جنيه مصري للأشهر الثلاثة الأولى و500 جنيه لكل شهر إضافي، وبين رسوم قدرها 5000 جنيه (ما يعادل نحو 100 دولار أميركي) عن كل سنة تأخير في استخراج بطاقة الإقامة للمرة الأولى.
وبعد إطلاق حملة "صحح أوضاعك"، التي استهدفت تنظيم إقامة الأجانب في البلاد، فرضت الحكومة المصرية رسومًا إضافية تشمل 5000 جنيه عن كل سنة تأخير في الحصول على الإقامة، إلى جانب غرامات التأخير المعتادة.
في سياق متصل، أُقر قرار جديد يقضي بإيقاف كافة الاستثناءات المتعلقة بدخول السوريين إلى مصر، باستثناء زوجة المصري وزوج المصرية، بشرط أن يكون عقد الزواج موثقاً في الدوائر الرسمية قبل تاريخ 7 كانون الأول/ديسمبر 2024، بحسب ما نقله الخن.
كما نص القرار على أن السوريين الحاصلين سابقاً على موافقة دخول إلى مصر لن يُمنحوا سوى إقامة لمدة شهر واحد غير قابلة للتجديد، بدلاً من ثلاثة أشهر كما كان معمولاً به سابقاً.
وكانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قد أعلنت مؤخراً عبر صفحتها على "فيسبوك" أنها غير قادرة على تقديم مساعدات مالية للسوريين العائدين إلى بلادهم، مرجعة ذلك إلى "عدم استقرار الوضع التمويلي"، لكنها أكدت استمرار التنسيق مع الشركاء والجهات المانحة لتوفير ما يمكن من دعم.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية تداول نداء إنساني باسم السوريين المقيمين في مصر، طالبوا فيه الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، بالتواصل مع الجهات المصرية لوضع آلية تنسيق رسمية تضمن عودتهم الآمنة وتخفف من الأعباء المادية والإدارية المرتبطة بها.
كما وجه السوريون نداء للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ناشدوه فيه التدخل لتقديم تسهيلات إضافية للسوريين الراغبين في العودة، بما يعكس "عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين السوري والمصري".
ومنذ سقوط نظام الأسد، تسارعت وتيرة عودة اللاجئين السوريين من مصر إلى وطنهم، سواء عبر الأردن أو لبنان، وسط مطالبات متكررة من أبناء الجالية السورية بفتح خط طيران مباشر بين القاهرة ودمشق، لتسهيل العودة وتنظيمها بشكل آمن، بعيداً عن التنقل المرهق والتكاليف الباهظة التي تفرضها الرحلات غير المباشرة.
أعلن وزير المالية، "محمد يسر برنية"، إعادة افتتاح بورصة دمشق في الثاني من حزيران المقبل، بعد استكمال مراجعة شاملة للإجراءات التنظيمية والتشريعات المالية.
وأكد الوزير أن إعادة الافتتاح تأتي في إطار مساعٍ حكومية لتطوير القطاع المالي وضمان امتثال السوق لمعايير مكافحة غسل الأموال، مشيراً إلى أن التداول سيبدأ بثلاث جلسات أسبوعياً كمرحلة أولى.
وأوضح أن هذه الخطوة تهدف إلى تحريك الاقتصاد المحلي عبر تحديث منظومة التداول، وتوسيع الخدمات الرقمية، وتعزيز أدوات الاستثمار، وشدد على أهمية مراجعة التشريعات المالية القائمة لتتماشى مع المعايير العالمية، بهدف تعزيز دور السوق المالي في دعم التنمية الاقتصادية.
وكانت بورصة دمشق قد أوقفت التداول في كانون الأول الماضي لإجراء تقييم شامل للوضع المالي والتشغيلي للشركات المدرجة، وسط جهود حكومية لضمان الشفافية وحماية حقوق المستثمرين، وتؤكد وزارة المالية أن جميع البيانات والملكية المحفوظة تتمتع بأعلى درجات الحماية، مما يمهد لإعادة انطلاق السوق بثقة متجددة نحو المستقبل المالي لسوريا.
أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، إلقاء القبض على المدعو "مروان ياسين أحمد"، المعروف بلقب "الخال"، وهو أحد القادة العسكريين المتورطين في جرائم ارتكبها مسلحين من فلول النظام البائد في الساحل السوري.
وأوضحت وزارة الداخلية أن المقبوض عليه يُعتبر من أبرز المتزعمين الميدانيين الذين أشرفوا على مجموعة مسلحة شاركت في تنفيذ هجوم مباشر على قوات الجيش والأمن والشرطة والمدنيين، وذلك خلال العملية التي وقعت بتاريخ 6 آذار 2025 في المنطقة الساحلية.
يُعد توقيف "الخال" رسالة واضحة من الأجهزة الأمنية مفادها أن لا مفرّ من المحاسبة، حتى بعد أشهر من وقوع الاعتداءات كما يعكس تطورًا في أداء وحدات المتابعة والتحري، وقدرتها على تفكيك خلايا كانت تنشط في بيئة جغرافية صعبة ومعقدة.
ويرى مراقبون أن هذه العملية قد تُسهم في احتواء بؤر التوتر في بعض قرى وبلدات الساحل، وتعيد رسم ملامح السيطرة الأمنية، خاصة بعد أن تزايدت التقارير في الفترة الماضية عن تحركات لمجموعات مسلحة صغيرة تتغذى على الفوضى والطائفية أمثال "مقداد فتيحة"، كما يتوقع أن يفتح التحقيق مع "الخال" بابًا جديدًا في ملف محاسبة المتورطين في جرائم الحرب، خصوصًا مع وجود أدلة تشير إلى صلات خارجية ودعم لوجستي لبعض تلك المجموعات.
ومنذ الأسبوع الفائت كثفت قوات الأمن الداخلي من عملياتها الأمنية في الساحل السوري وأعلنت ضبط ثلاثة مستودعات أسلحة، فضلا عن اعتقال مطلوبين، وقادة في النظام البائد، وذلك بعد تغييرات شملت قيادة الملف الأمني في اللاذقية، وتعد هذه العملية الأمنية خطوة بارزة ضمن جهود وزارة الداخلية في ملاحقة المتورطين بأعمال مسلحة وجرائم حرب تهدد الأمن والاستقرار في البلاد.
هذا ونفذت القوات الأمنية والعسكرية في سوريا ممثلة بوزارة الدفاع السورية وقوى الأمن الداخلي، حملات أمنية مركزة طالت العديد من الأشخاص الضالعين بقتل الشعب السوري، وارتكاب جرائم كثيرة بحقهم خلال تواجدهم لسنوات طويلة في صفوف ميليشيات الأسد البائد وشبيحته، ونجحت القوات الأمنية بالقبض على عدد من المتورطين.
أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب بدأت تنفيذ خطوات فعلية لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، مشيرةً إلى أن واشنطن تسعى لحشد دعم دولي واسع لانتشال الاقتصاد السوري، بالتنسيق مع شركائها الإقليميين والدوليين.
وفي مؤتمر صحفي، قالت بروس: “نحن نعمل مع شركائنا الإقليميين والعالميين لفتح باب الاستثمار في سوريا، ورفع العقوبات هو جزء من هذه الجهود”. وأضافت أن هذا التوجه يهدف إلى “هزيمة داعش بشكل دائم، من خلال إعطاء الشعب السوري فرصة حقيقية لمستقبل أفضل”، مؤكدة أن الولايات المتحدة “ستبقى مركزة على مهمتها في القضاء على الإرهابيين الذين يهددون الأميركيين”.
تأتي تصريحات الخارجية الأميركية بعد نحو أسبوعين من إعلان الرئيس ترامب من الرياض رفع العقوبات عن سوريا بالكامل، في خطوة وُصفت بأنها نقطة تحوّل في السياسة الأميركية تجاه دمشق. وقد تزامن هذا الإعلان مع لقاء مباشر جمع ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع، هو الأول من نوعه منذ عقود، ما فتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح المشروط بين البلدين.
وتُرجمت هذه التوجهات سريعًا في مواقف أوروبية متقاربة، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي لاحقًا رفع عقوباته الاقتصادية عن سوريا مع إبقاء بعض القيود المرتبطة بحقوق الإنسان والتسلح، في إشارة إلى تنسيق واضح بين بروكسل وواشنطن.
كشفت قناة CNBC عربية عن خطة استراتيجية شاملة لإعادة تأهيل قطاع الطاقة في سوريا، بالتعاون مع شركات أميركية، تحت إشراف مباشر من دمشق وواشنطن. وتُعد هذه الخطة أول تعاون اقتصادي علني بين الطرفين منذ رفع العقوبات.
يشمل المشروع إطلاق شركة جديدة باسم SyriUS Energy، ستُدرج في البورصة الأميركية، يمتلك صندوق سيادي سوري للطاقة 30% من أسهمها. وستتولى الشركة إدارة الحقول والمنشآت من الاستخراج إلى التكرير والتصدير.
وتركّز الخطة على تأمين الحقول ذات الأولوية كالعمر والتيم والتنك، وتأهيل المصافي (حمص وبانياس) وشبكات الكهرباء والأنابيب، إضافة إلى تطوير توزيع الغاز محليًا والربط الإقليمي مستقبلاً.
تشمل الشراكات المرتقبة شيفرون، إكسون موبيل، وتوتال إنيرجي، مع دعم تقني من شركات أميركية متخصصة بالنقل والتكرير، فيما تتولى SyriUS Energy التنسيق واستقطاب الكفاءات السورية.
وتتضمن الخطة حوكمة شفافة وربط الإيرادات بالخدمات الأساسية، إلى جانب رقمنة وزارة النفط. كما تسعى لإعادة تأهيل مرافئ بانياس وطرطوس، وربطها بأنابيب تصدير قد تمتد للعراق وربما إسرائيل لاحقًا.
يرافق الخطة برنامج وطني بعنوان “سوريا أولًا” لإشراك الكفاءات المحلية وتعزيز الثقة بالقطاع العام. ويُعوّل على تمويل دولي من مصارف كبرى لتفادي الاعتماد على “مستثمرين مغامرين” قد يُهددون استقرار القطاع، بحسب رئيس شركة أرغنت، جوناثان باس.
برفع العقوبات وانفتاح الأسواق الدولية، تفتح أمام الحكومة السورية الانتقالية فرصة نادرة لإعادة بناء الاقتصاد على أسس جديدة، خاصة وأن الدعم الأميركي مشروط بضمانات تتعلق بمحاربة الإرهاب، وضبط الحدود، وحماية الحريات.
وتقول مصادر مطلعة إن واشنطن تدرس تخصيص جزء من المساعدات الأميركية لدعم مؤسسات مدنية وخدمية في الداخل السوري، عبر شراكات محلية ودولية، ضمن خطة “تحفيز المجتمع المنتج” التي اقترحتها دمشق بداية هذا العام.
في مشهد ثقافي استثنائي، وتحت رعاية وزارة الثقافة السورية، شهدت دار الأوبرا أمسية شعرية بعنوان "نصرٌ يليقُ بنا"، بحضور وزير الثقافة محمد ياسين صالح، وجمع من المثقفين ومحبي الأدب. الأمسية التي أحياها الشاعران "حذيفة العرجي وأنس الدغيم"، جاءت لتؤكد مجدداً أن الكلمة ما زالت قادرة على أن تضيء العتمة، وتعبّر عن ضمير الناس وتطلعاتهم، رغم ما مرّ به الوطن من محن.
الشاعران، المعروفان بمناصرتهما للثورة السورية، قدّما باقة من القصائد التي عبّرت عن حب الوطن، ولامست وجدان الحاضرين بما حملته من صدق وعاطفة، تنوّعت النصوص بين تمجيد الحرية وتكريم الإنسان، وبين استحضار الأمل في مستقبل أفضل، ليحمل كل بيت شعري رسالةً تؤكد على استمرار الانتماء، وعلى دور الأدب في بناء الوعي وصون الهوية الوطنية.
وفي كلمته خلال الأمسية، أكد وزير الثقافة أن هذا اللقاء الشعري ليس مجرد فعالية فنية، بل هو مساحة وجدانية خالصة، جمعت بين الكلمة الحرة والوطن الجريح، لتجدد الإيمان بأن الشعر الصادق قادر على لملمة الشتات وبعث الأمل من جديد.
وقد شهدت الأمسية تفاعلاً لافتاً من الجمهور، الذي تجاوب بحرارة مع القصائد، في مشهد يعكس الحضور المتجذر للشعر في الوجدان السوري، ويبرز الحاجة المستمرة إلى الفن كوسيلة للتعبير عن المشاعر الجماعية والهمّ الوطني. يُذكر أن هذه الأمسية تأتي ضمن سلسلة من النشاطات التي تقيمها وزارة الثقافة بهدف تعزيز دور الفنون في ترميم الذاكرة السورية، وترسيخ القيم الوطنية والإنسانية في أذهان الأجيال.
في سياق متصل يعكس رؤية وزارة الثقافة السورية المتكاملة في تعزيز الهوية الوطنية وصون التراث، وزير الثقافة محمد ياسين صالح استقبل وفدًا من منظمة اليونسكو برئاسة مارغو بيرجون-دارس، مديرة مكتب المديرة العامة للمنظمة، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى صون الهوية الثقافية السورية.
وتناول اللقاء سُبل التعاون بين الجانبين للحفاظ على التراث الثقافي السوري بمكونيه المادي وغير المادي، وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك في مجالات الترميم والتوثيق، خصوصًا في المواقع الأثرية والمعالم التاريخية المعرضة للخطر.
وأكد الوزير أن حماية التراث تمثل أولوية وطنية واستراتيجية، بوصفها حجر الأساس في مشروع النهوض السوري، مشيرًا إلى جهود الوزارة في تأهيل الكوادر الوطنية وتطوير آليات التوثيق بما يواكب المعايير الدولية. من جانبها، أعربت بيرجون-دارس عن تقدير منظمة اليونسكو للغنى الثقافي السوري وتنوعه الفريد، مؤكدة التزام المنظمة بكل ما من شأنه حفظ وتعزيز الذاكرة الثقافية للشعب السوري.
وناقش الطرفان آليات توثيق التراث غير المادي وتسجيل عناصره في قوائم اليونسكو، بالإضافة إلى إعداد خارطة طريق مشتركة للحماية الطارئة وبناء القدرات الوطنية في مجالات إدارة التراث والتوثيق الرقمي. واختُتم اللقاء بالتأكيد على أهمية استمرار التعاون البنّاء بين وزارة الثقافة السورية ومنظمة اليونسكو، بما يحقق شراكة مستدامة تُسهم في صون ماضي سوريا وخدمة مستقبلها الثقافي.
أكد مدير عام الخطوط الجوية السورية، سامح عرابي، أن عملية تسديد الرديات المتعلقة بالحجوزات القديمة ستكون مكتملة بالكامل خلال مدة أقصاها 60 يوماً، في خطوة تستهدف معالجة الملفات العالقة وتعزيز ثقة المسافرين.
وأوضح عرابي في تصريح لوكالة "سانا" أن المؤسسة أعادت حتى الآن أكثر من 6 مليارات ليرة سورية إلى المسافرين، وهو ما يمثل نحو 22 بالمئة من إجمالي المبالغ المستحقة، مشيراً إلى أن مبلغاً إضافياً قدره 4.8 مليارات ليرة سيُعاد خلال الفترة القريبة المقبلة.
وبيّن أن الخطوط الجوية السورية تعمل على زيادة عدد الطائرات الموضوعة بالخدمة إلى خمس خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مشيراً إلى أن الشركة تسير حالياً أربع رحلات يومية تغطي وجهات عربية رئيسية، تشمل الشارقة، دبي، أبو ظبي، الرياض، جدة، الدمام، الدوحة، والكويت، إضافة إلى الاستعداد لإطلاق رحلات إلى ليبيا، بينما يُدرس استئناف الرحلات إلى مصر في ظل بعض التحديات الخارجة عن سيطرة المؤسسة.
وفي هذا السياق، سبق أن أعلنت الخطوط الجوية السورية عن زيادة عدد رحلاتها إلى دبي والشارقة اعتباراً من الأول من حزيران، استجابةً للطلب المتزايد من المسافرين، في خطوة تعكس تنامي الحراك الجوي وتوسع شبكة الرحلات بعد سنوات من الانكماش بفعل الحرب والعقوبات.
ويأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه قطاع الطيران السوري انتعاشاً تدريجياً، مع عودة شركات عربية وأجنبية لتسيير رحلات منتظمة إلى العاصمة دمشق، حيث أعلنت شركة "فلاي دبي" الإماراتية، بتاريخ 22 أيار 2025، عن استئناف رحلاتها المباشرة إلى سوريا بدءاً من حزيران المقبل، بعد انقطاع دام أكثر من 12 عاماً.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة، غيث الغيث، إن استئناف الرحلات يعكس التزام الشركة بإعادة ربط دمشق بشبكتها الإقليمية، مشيراً إلى أن العاصمة السورية تعد وجهة تاريخية وثقافية مهمة ضمن أولى وجهات "فلاي دبي" منذ تأسيسها في 2009، لافتاً إلى أن القرار جاء بعد موافقة هيئة الطيران المدني الإماراتية ضمن رؤية تهدف إلى إعادة الروابط الجوية والتجارية مع سوريا.
من جانبها، أعلنت شركة "دان إير" الرومانية عن بدء تشغيل رحلات مباشرة إلى دمشق اعتباراً من 15 حزيران، عبر مسارات تشمل بوخارست، فرانكفورت، برلين، وستوكهولم، وذلك ضمن اتفاقيات ثنائية أُبرمت مؤخراً مع الحكومة السورية.
وفي خطوة لافتة أوروبياً، قامت بعثة فنية من شركة "لوفتهانزا" الألمانية بجولة ميدانية في مطار دمشق الدولي بتاريخ 21 أيار 2025، لتقييم جاهزية المطار من حيث معايير السلامة والتشغيل والبنية التحتية، كما جرى اجتماع موسّع مع هيئة الطيران المدني لمناقشة إمكانية استئناف الرحلات بين سوريا وألمانيا وفق المعايير الأوروبية.
ويواكب هذا الحراك أيضاً عودة عدد من شركات الطيران العربية إلى الأجواء السورية، في مقدمتها الخطوط القطرية التي استأنفت رحلاتها في مطلع العام الحالي، تبعتها الخطوط الجوية التركية، والملكية الأردنية، ما يشير إلى حالة انفتاح تدريجي إقليمي ودولي على السوق السورية، مدفوعاً بتغيّرات سياسية ورفع جزئي للعقوبات المفروضة على البلاد.
وتواصل الخطوط الجوية السورية تسيير رحلات إلى عواصم عدة، من بينها الكويت، الدوحة، بيروت، ودبي، وتسعى إلى توسيع شبكتها الإقليمية تلبيةً لاحتياجات الجاليات السورية في الخارج، واستجابة للتسهيلات الجديدة في قطاع النقل الجوي.
ويُنظر إلى هذا الانتعاش المتسارع في حركة الطيران على أنه خطوة محورية لاستعادة موقع سوريا على خارطة النقل الجوي الإقليمي والدولي، في ظل جهود حكومية لتأهيل المطارات وتحديث البنية التحتية وتدريب الكوادر، بما يعيد لهذا القطاع دوره كأحد روافع الاقتصاد الوطني في مرحلة التعافي القادمة.
عقد وزير الطوارئ والكوارث، في الحكومة السورية السيد "رائد الصالح"، ووزير التربية، الدكتور "محمد عبدالرحمن تركو"، اجتماعًا تنسيقيًا موسعًا في دمشق، في خطوة تهدف إلى تأمين سير الامتحانات العامة للمرحلتين الإعدادية والثانوية.
وجاء ذلك استعدادًا لاحتضان أكثر من 730 ألف طالب وطالبة ضمن 2450 مركزًا امتحانيًا على مستوى البلاد، وخلال الاجتماع، أُقرّت محاور خطة الطوارئ المشتركة والحملة التوعوية الوطنية التي وضعت لضمان السلامة الصحية والأمنية خلال فترة الامتحانات.
حيث تم التركيز على ضبط عملية نقل أوراق الأسئلة بالتنسيق مع غرف العمليات، وتخصيص فرق إسعافية وطبية للمراكز، إلى جانب تنفيذ تعقيم شامل للمواقع الامتحانية، وتعزيز آليات التنسيق السريع للاستجابة لأي طارئ محتمل.
كما شملت الخطة تدريب الكوادر التعليمية على الإسعافات الأولية، وتعزيز الوعي بإجراءات الإخلاء والسلامة المدرسية، إلى جانب رفع الجاهزية للتعامل مع كوارث محتملة مثل الزلازل، والتوعية بالمخاطر المتعلقة بمخلفات الحرب التي لا تزال تمثل تهديدًا في بعض المناطق.
في ختام الاجتماع، شدد الوزيران على أهمية التنسيق المستمر بين الوزارتين لضمان بيئة تعليمية آمنة ومستقرة، وأكدا أن العمل المشترك سيستمر بما يعزز ثقافة الأمان في المدارس ويضمن نجاح العملية الامتحانية في جميع مراحلها.
وكانت أعلنت وزارة التربية والتعليم، إطلاق خطة الاستجابة السريعة والمسار الاستراتيجي لمستقبل التعليم في سوريا، متضمنة تدابير طارئة للعام الحالي، واستراتيجية طويلة الأمد للسنوات المقبلة، بهدف تطوير التعليم وتحسين جودة المخرجات التعليمية.
وتركز الخطة على ثمانية محاور رئيسية: الطالب، المعلم، المناهج، البنية التحتية، التعليم المهني، التحول الرقمي، الهيكل الإداري، والمراكز البحثية، إلى جانب التعليم الخاص والافتراضي.
وتنص الخطة على دعم الطلاب من خلال ضمان استمرارية الوصول إلى التعليم، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وحماية الطفل، وتقليل التسرب، وتعزيز المهارات الرقمية والقيادية، إلى جانب التمكين المعرفي والتنافسية الدولية.
وتتضمن الخطة تحسين أوضاع المعلمين مادياً ومعنوياً، وتوفير التدريب والتأهيل، وتعزيز مكانتهم الوظيفية، وتطوير مساراتهم المهنية، والانفتاح على الخبرات العالمية، وتهدف إلى تحديث المرافق التعليمية، ودمج التكنولوجيا في العملية التربوية، وتعزيز التعليم المهني والخاص من خلال تطوير برامج متخصصة، ودعم التعليم الافتراضي.
عقد نائب وزير الاقتصاد والصناعة، المهندس باسل عبد الحنان، اليوم لقاءً مع رئيس غرفة تجارة الأردن، خليل محمد الحاج توفيق، لبحث سبل تطوير التعاون الاقتصادي بين سوريا والأردن، وفتح آفاق جديدة للشراكات الصناعية والتجارية، وتحفيز الاستثمارات المشتركة في مختلف القطاعات.
وأكد المهندس عبد الحنان خلال اللقاء، الذي عُقد في مقر الوزارة، أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الأردن، مشيرًا إلى ضرورة الانتقال نحو اقتصاد حر قادر على الاندماج مع الأسواق الدولية وجذب الاستثمارات الخارجية، بما يسهم في تنشيط الحركة التجارية وخلق بيئة أعمال أكثر انفتاحًا وفعالية.
وأشار إلى أن مراجعة اتفاقية التجارة المشتركة بين البلدين تمثل أولوية في المرحلة القادمة، لافتًا إلى أن اجتماعات اللجان الأردنية السورية المشتركة المقررة في شهر تموز المقبل تهدف إلى وضع خريطة طريق للتعاون المستقبلي وتنسيق الجهود في المجالات الاقتصادية والتجارية.
كما أوضح عبد الحنان أن جزءًا كبيرًا من المواد المرتبطة بعملية إعادة الإعمار تمر عبر الأراضي الأردنية، إلى جانب حركة الترانزيت، ما من شأنه رفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين، مضيفًا أن الحكومة تعمل على تحسين البنية التحتية في معبري نصيب وباب الهوى، لتسهيل الحركة التجارية وتوسيع نطاق التبادل الاقتصادي.
من جانبه، أعرب رئيس غرفتي تجارة عمّان والأردن، خليل الحاج توفيق، عن استعداد الغرف التجارية الأردنية، بما تمتلكه من خبرات وإمكانات، للمساهمة في عملية إعادة إعمار سوريا، لا سيما في قطاعات البناء، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، مؤكداً على أهمية الشراكة الاقتصادية بين البلدين في تحقيق استقرار ونمو مشترك.
وشارك في اللقاء كل من رئيس اتحاد غرف التجارة السورية، علاء العلي، ورئيس غرفة تجارة دمشق، عصام غريواتي، إلى جانب عدد من أعضاء الوفد التجاري الأردني، وذلك ضمن مساعي تعزيز العلاقات الاقتصادية وتوسيع قاعدة التعاون بين القطاعين العام والخاص في البلدين.
عقد وفد من رابطة الصحفيين السوريين اجتماعًا مع القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا، السيد مايكل أونماخت، بحضور نائبته، لبحث سبل التعاون المشترك في دعم حرية الإعلام وتعزيز بيئة مهنية مستقلة للعمل الصحفي داخل سوريا.
وضم وفد الرابطة كلًا من لمى راجح، عضو المكتب التنفيذي، ومحمد الصطوف، رئيس قسم الرصد والتوثيق في مركز الحريات التابع للرابطة، حيث قدّما خلال اللقاء عرضًا حول مسيرة الرابطة منذ تأسيسها، وأهدافها الحالية، إضافة إلى مشاريعها المتعلقة بالتمكين المهني، والدعم القانوني والإداري للصحفيين، سواء المنتسبين للرابطة أو خارجها.
وأوضح الوفد أن الرابطة، التي تحتضن أكثر من 800 صحفي وصحفية، تسعى إلى تعزيز حضورها داخل سوريا عبر التحول إلى كيان نقابي مستقل يعنى بالدفاع عن المهنة وضمان حقوق العاملين في قطاع الإعلام، مشددًا على أهمية الدور الذي تلعبه الرابطة في توثيق الانتهاكات المرتكبة بحق الإعلاميين، من خلال تقارير دورية صادرة عن مركز الحريات، تكرّس مبدأ المساءلة وتعكس واقع الصحافة بمهنية وشفافية.
كما ناقش الجانبان الدراسة البحثية التي أطلقتها الرابطة مؤخرًا حول الصحافة الأخلاقية والتشريعات الناظمة للإعلام، والتي تسعى إلى مواءمة القوانين السورية مع المعايير الدولية لحرية الصحافة، ومكافحة خطاب الكراهية، خصوصًا عبر المنصات الرقمية.
وأبدت بعثة الاتحاد الأوروبي اهتمامًا بالغًا بنتائج الدراسة، وتم التباحث في آليات دعم جهود الرابطة ومناصرة الصحفيين السوريين، لا سيما في ظل المرحلة السياسية الحالية، كما جرى التأكيد على ضرورة الاستثمار في برامج التدريب والتأهيل، وردم الفجوة المهنية بين الصحفيين في مختلف المناطق، من أجل بناء بيئة إعلامية أكثر أمانًا وفعالية.
واختُتم اللقاء بتأكيد مشترك على أهمية تعزيز الشراكات مع المؤسسات الدولية المعنية بدعم الإعلام المستقل، حيث أعربت الرابطة عن رغبتها بالاستفادة من التجربة الأوروبية في بناء مؤسسات إعلامية حرة، تساهم في ترسيخ دور الصحافة كسلطة رقابية رابعة في سوريا المستقبل.
أعلن مدير آثار محافظة إدلب، حسان إسماعيل، من خلال لقاء مصور، عن اكتشاف مقبرة أثرية في مدينة معرة النعمان تعود للعهد البيزنطي، ويُقدّر عمرها بأكثر من 1500 عام، تم العثور على المقبرة في الحارة الشمالية للمدينة أثناء عمليات حفر قام بها أحد المتعهدين، حيث بادر الأهالي بالتواصل مع إدارة الآثار، التي تحركت سريعاً إلى الموقع برفقة كامل طاقمها الفني.
المقبرة المكتشفة تضم مدفنين، ويحتوي كل مدفن على ستة معازب وهي أماكن مخصصة لوضع الجثامين، وتم تشييدها بطريقة معمارية فنية تدل على دقة وتطور العمارة البيزنطية. وأوضح إسماعيل أن وجود الصليب المحفور على أحد الجدران يؤكد الانتماء الزمني للمقبرة إلى القرن الرابع أو الخامس الميلادي، أي العهد البيزنطي. كما تظهر أقواس نصف دائرية وأعمدة وتيجان حجرية منحوتة بدقة، رغم تعرض بعض أجزاء المدفن للتخريب نتيجة الحفر العشوائي.
القيمة التاريخية لمعرة النعمان
هذا الاكتشاف ليس حدثاً عابراً، بل يعيد تسليط الضوء على الغنى الحضاري والتاريخي لمعرة النعمان، المدينة التي طالما كانت مفترق طرق للحضارات، ومسرحاً لتفاعل ثقافات متعددة عبر العصور. تقع المدينة في موقع استراتيجي بين دمشق وحلب، بالقرب من حماة، وشهدت مرور جيوش وتجار وشعراء وفلاسفة.
تُعرف معرة النعمان بكونها مسقط رأس الشاعر والفيلسوف الكبير أبو العلاء المعري، أحد أبرز أعلام الفكر في التاريخ الإسلامي. كما تعددت أسماؤها التاريخية؛ ففي العصر البيزنطي كانت تُعرف بـ"مار"، وفي العصر الروماني بـ"أرا"، وسُميت "العواصم" في العهد العباسي، ونُسبت لاحقاً إلى "النعمان"، الذي يُحتمل أن يكون إما النعمان بن بشير أو النعمان بن المنذر.
ردود فعل المتابعين: دهشة، فخر، ومطالبة بالحماية
أثار الخبر تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر الكثيرون من أبناء المدينة والمهتمين بالآثار عن دهشتهم وإعجابهم بهذا الكشف التاريخي، ورأوا فيه بارقة أمل في ظل الواقع الصعب الذي تعيشه المدينة. كما انتشرت مطالبات بضرورة حماية الموقع من أي تخريب إضافي، وتسليط مزيد من الضوء على آثار معرة النعمان، التي ظُلمت كثيراً نتيجة الحرب والإهمال.
واعتبر البعض أن هذا الاكتشاف هو رسالة رمزية قوية: فحتى تحت الركام، ما تزال المدينة تنبض بالحياة وتحمل في طياتها ملامح حضارات سادت وأثرت في مسار التاريخ الإنساني. معرة النعمان اليوم، كما في الأمس، تثبت أنها ليست مجرد مدينة، بل شاهدة على صراع الحياة والموت، وعلى قدرة الإنسان على الصمود واستعادة جذوره مهما بلغت التحديات.