عقدت لجنة الصياغة النهائية لمشروع قانون الخدمة المدنية اجتماعها الثالث في مقر وزارة التنمية الإدارية في الحكومة السورية، برئاسة وزير التنمية الإدارية، السيد "محمد حسان السكاف" في إطار المساعي الحكومية الرامية إلى تحديث الإدارة العامة وبناء نظام وظيفي متطور.
وركز الاجتماع على بلورة الإطار الناظم للخدمة المدنية في سوريا، حيث ناقشت اللجنة المبادئ العامة التي سيقوم عليها القانون الجديد، والهوية الوظيفية التي يُراد ترسيخها، بالإضافة إلى الأهداف المرتبطة بإصلاح وتحديث النظام الإداري بما يتناسب مع رؤية الدولة السورية في المرحلة القادمة.
وأكد الوزير "السكاف"، خلال الاجتماع على أهمية التأسيس لبنية تشريعية متماسكة للقانون، تبدأ من ضبط المفاهيم والمصطلحات التأسيسية، وصولاً إلى تحديد مسؤوليات التوظيف وسلطات التعيين بطريقة تعكس مبادئ الشفافية والمساءلة، وتكرّس ملامح "سوريا الجديدة" كدولة مؤسسات.
وشدد الوزير على أن وضوح الإطار القانوني واستقراره يشكل حجر الزاوية في نجاح عملية التحول الإداري، مشيراً إلى أن القانون المنتظر يجب أن يجسد الطموحات الوطنية لا سيما في ما يخص تحسين كفاءة القطاع العام ورفع جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
ويأتي هذا الاجتماع استكمالاً لمسار تشاركي تتبعه وزارة التنمية الإدارية، إذ تعمل اللجنة على مراجعة شاملة للمسودة الأولية التي أعدتها اللجان المختصة، بهدف تطويرها إلى صيغة نهائية تعبّر عن المصلحة الوطنية العليا، وتواكب التغيرات البنيوية والمؤسسية في الإدارة العامة السورية.
وكانت أطلقت وزارة التنمية الإدارية أولى جلسات اللجنة المكلفة بصياغة مشروع قانون الخدمة المدنية، وذلك يوم الأربعاء 2 تموز 2025، وشهد الاجتماع التأسيسي عرضاً لرؤية الوزارة حول القانون الجديد، الذي يُفترض أن يشكل نقطة تحوّل على طريق بناء إدارة عامة حديثة وفعّالة وناقش المشاركون الإطار الاستراتيجي الناظم للمشروع، مع التأكيد على ضرورة أن يجسد هذا القانون التحول المؤسسي الشامل الذي تتطلع إليه الدولة السورية.
وتضم اللجنة ممثلين عن وزارات العدل، المالية، الشؤون الاجتماعية، ومجلس الدولة، إلى جانب الجهاز المركزي للرقابة المالية، والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، والاتحاد العام لنقابات العمال، وعدد من الأكاديميين والمتخصصين في التشريعات الإدارية، ما يمنح عملية الصياغة بعداً تشاركياً ومهنياً يرفع من سوية المشروع المنتظر.
هذا ويمثل مشروع قانون الخدمة المدنية محوراً أساسياً في عملية التحول نحو "دولة المؤسسات"، ويؤسس لإدارة عامة أكثر كفاءة واستجابة، تُحاكي التحديات التنموية وتواكب تطلعات سوريا الجديدة ويُنتظر أن يضع هذا القانون اللبنة التشريعية الأولى في منظومة إصلاح الموارد البشرية، ضمن رؤية وطنية متكاملة لإعادة بناء الدولة من الداخل.
أكد القيادي في "تجمع رجال الكرامة" ليث البلعوس، أن محافظة السويداء تمر بمرحلة عصيبة ومؤلمة شهدت انتهاكات دموية بحق المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ، معزيًا كل بيت مفجوع بضحاياه، وداعيًا إلى الترحم على أرواح الأبرياء والدعاء لحفظ ما تبقى من دم السوريين.
إدانة الانتهاكات وتحذير من مشاريع خارجية
قال البلعوس إن ما جرى من سفك للدماء في السويداء مدان بأشد العبارات، محملًا المسؤولية الكاملة لكل من زجّ أبناء الطائفة الدرزية في صراعات خارجية تهدف إلى تمزيق النسيج السوري وتحقيق أجندات معادية، مؤكدًا أن أبناء الطائفة هم جزء أصيل من الشعب السوري، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس، بعيدًا عن أي منطلق ديني أو طائفي.
إشادة بمواقف مرجعيات السويداء الداعية للتهدئة
ثمّن البلعوس مواقف وجهاء ومرجعيات المحافظة الذين أعلنوا دعمهم للدولة ودعوا إلى ضبط النفس ورفض خطاب التجييش والانفراد بالمصير، مشيرًا إلى أهمية وحدة الصف بين السوريين، إذ أن ما يُراد للسويداء هو بداية لمشروع أوسع يستهدف بقية المناطق، داعيًا الجميع لرفض الفتنة والفرقة.
دعوة الدولة إلى تحمّل المسؤولية والتحقيق في الانتهاكات
طالب البلعوس الدولة السورية بتحمّل مسؤولياتها الكاملة وفتح تحقيق عاجل بالانتهاكات التي طالت المدنيين، والعمل على منع تكرارها وضمان أمن وسلامة المواطنين، كما دعا مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ قرارات داعمة لاستقرار سوريا ومساندة الدولة في مواجهة مشاريع التدمير.
فشل المبادرات السلمية ورفض سياسة التفرد
أوضح البلعوس أن "تجمع رجال الكرامة" لم يدّخر جهدًا منذ سقوط نظام الأسد في تقديم مبادرات تحفظ أمن السويداء وتمنع إراقة الدماء، إلا أن هذه المبادرات قوبلت برفض من طرف اختار الانفراد بقرار الطائفة، ما قاد إلى الوضع المؤلم الحالي، مؤكدًا أن دخول الدولة لبعض المناطق جاء بعد إشعار المرجعيات التي لم تُعلم أحدًا بذلك، لأسباب لا تزال غامضة.
تأكيد على تمييز الدولة بين من دافع عن نفسه ومن نفّذ أجندات تخريبية
شدّد البلعوس على أهمية التمييز الذي تبنّته الدولة بين من حمل السلاح اضطرارًا دفاعًا عن أهله وظروفه، وبين من خضع لأجندات خارجية تهدف إلى التخريب، مؤكدًا أن حماية المدنيين بمختلف مكوناتهم هي مسؤولية الدولة، وأن القوى الوطنية في السويداء كانت حجر أساس في تثبيت وقف إطلاق النار.
دعم تنسيق مباشر مع الدولة لاستعادة الحياة
دعا البلعوس إلى تنسيق مباشر وجاد بين القوى الوطنية والدولة لإيصال المساعدات والخدمات وتسريع عمليات التعافي، رافضًا تعميم الصورة السلبية على أبناء الطائفة الكريمة، ومشددًا على أنها مكوّن وطني عريق ساهم في بناء الدولة وشكّل جزءًا من معارك سيادتها.
مناشدة لحماية الاتفاق السياسي ووضع حادثة مضافة البلعوس أمام الدولة
اختتم البلعوس تصريحه بمناشدة أهالي السويداء ليكونوا شركاء حقيقيين في تنفيذ وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، والمساهمة في الحل السياسي الحقيقي، واضعًا ما جرى في مضافة وضريح الشيخ الشهيد أبو فهد وحيد البلعوس من اعتداءات وحرق وسرقة، برسم الدولة السورية ومشايخ العقل وكل الضمائر الحية، مؤكدًا أن ما جرى يمثل طعنة في الكرامة الوطنية والروحية للجبل، ولا يمثّل سوى سلوك عدواني لفصائل همجية تنكرت لكل القيم.
أعلن تجمع عشائر الجنوب التزامه الكامل بقرار رئاسة الجمهورية السورية القاضي بوقف شامل وفوري لإطلاق النار في محافظة السويداء، داعيًا في بيان صدر عنه إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين من أبناء العشائر دون تأخير، وتأمين عودة آمنة للنازحين إلى قراهم، وفتح مسارات حوار تحول دون تكرار المواجهات.
وأكد البيان أن أبناء العشائر لم يكونوا يومًا دعاة حرب أو ساعين للاقتتال، لكن ما جرى فرض عليهم مواجهات اضطرارية دفاعًا عن النفس والكرامة، بعد أن طالت الاعتداءات أهلهم ومناطقهم، مشددًا على أن اللجوء إلى السلاح لم يكن خيارًا بل ضرورة فرضها الواقع.
وقال التجمع في بيانه: "استجابةً لقرار الرئيس السوري أحمد الشرع القاضي بوقف شامل لإطلاق النار، وانطلاقًا من حرصنا على حفظ الدماء ورفض الفتنة، نعلن وقفًا فوريًا لجميع الأعمال العسكرية من جانبنا، مع دعوة صريحة للإفراج عن كل المحتجزين من أبناء العشائر دون أي مماطلة، باعتبارها خطوة أولى لإعادة بناء الثقة".
وأضاف البيان أن من الأولويات العاجلة أيضًا تأمين عودة جميع المهجرين من القرى والبلدات المتضررة، دون فرض أي شروط أو استثناءات، إلى جانب ضرورة تفعيل آليات حوار وتنسيق فعّالة تحول دون تكرار ما جرى، وتضع أسسًا لاستقرار طويل الأمد في جنوب سوريا.
وختم التجمع بيانه بتوجيه التحية لأبناء العشائر الذين استجابوا لنداء الواجب من مختلف أنحاء البلاد، مترحمًا على الشهداء الذين قدّموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن أهلهم وأرضهم، مؤكدًا أن التكاتف الأهلي هو السبيل الوحيد لتجاوز المحن وتحصين الجنوب من الفوضى والانقسام.
وكان قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن التطورات الأخيرة التي شهدتها محافظة السويداء شكّلت انعطافًا خطيرًا في المشهد السوري، محذرًا من أن الاشتباكات التي اندلعت بين مجموعات محلية كادت تخرج عن السيطرة لولا التدخل السريع للدولة لضبط الوضع ومنع تفاقمه.
أوضح الرئيس الشرع أن الدولة السورية تمكنت من تهدئة الأوضاع في المحافظة رغم صعوبتها وتعقيدها، مشيرًا إلى أن التدخل الإسرائيلي عبر القصف المباشر على الجنوب واستهداف مؤسسات حكومية في دمشق دفع البلاد إلى مرحلة شديدة الخطورة، ما استدعى تدخل وساطات أمريكية وعربية لاحتواء التصعيد.
وأشار الرئيس إلى أن انسحاب الدولة من بعض المناطق في السويداء تسبب في فراغ أمني استغلته مجموعات محلية شنت هجمات انتقامية ضد أبناء العشائر وعائلاتهم، ترافق ذلك مع انتهاكات لحقوق الإنسان، الأمر الذي دفع باقي عشائر البدو إلى التحرك لفك الحصار عن أبناءهم داخل المحافظة.
أكد الرئيس الشرع أن الدولة السورية وقفت دائمًا إلى جانب محافظة السويداء بعد تحرير سوريا، وحرصت على دعمها سياسيًا وإنسانيًا، إلا أن بعض الأطراف أساءت لهذا الدور، مضيفًا أن استقواء فئات محلية بالخارج وتحويل المحافظة إلى أداة في صراعات إقليمية لا يخدم مصلحة السوريين بل يزيد الأزمة تعقيدًا.
شدد الرئيس السوري على أن الدولة وحدها تملك القدرة على الحفاظ على سيادة سوريا وهيبتها في كل بقعة من أراضيها، داعيًا جميع الأطراف إلى توحيد الصفوف والعمل سويًا لتجاوز هذه المرحلة الحرجة والحفاظ على وحدة البلاد وشعبها.
ثمّن الرئيس الشرع الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية في دعم سوريا خلال هذه الأزمة، كما أشاد بمواقف الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين الرافضة للعدوان الإسرائيلي المتكرر والانتهاكات المستمرة للسيادة السورية.
وأكد الرئيس السوري أن الطائفة الدرزية تُعد ركنًا أساسيًا في النسيج الوطني السوري، محذرًا من تعميم الأحكام بحق الطائفة بسبب تصرفات فئة محدودة لا تمثل تاريخ الدروز العريق، مضيفًا أن محافظة السويداء ستبقى جزءًا أصيلًا من الدولة السورية.
أشار الرئيس إلى أن أبناء السويداء، بمختلف انتماءاتهم، أثبتوا خلال الأشهر الماضية وقوفهم إلى جانب الدولة ورفضهم لمحاولات التقسيم والانفصال، مؤكدًا التزام الدولة الكامل بحماية جميع الأقليات والطوائف ومحاسبة منتهكي القانون، سواء من داخل السويداء أو خارجها.
قال الرئيس الشرع إن الدولة تتبرأ من كافة الجرائم والتجاوزات، مجددًا التأكيد على ضرورة تحقيق العدالة وفرض سيادة القانون، ووجّه دعوة لجميع السوريين لتغليب صوت العقل وإفساح المجال أمام العقلاء والحكماء للعب دورهم في إنهاء الأزمة الراهنة.
وختم الرئيس السوري بتأكيده على أن سوريا لن تكون حقلًا لتجارب مشاريع التقسيم أو التحريض الطائفي، لافتًا إلى أن قوة الدولة السورية تنبع من تماسك شعبها وترابط مصالحها الوطنية ومتانة علاقاتها الإقليمية والدولية.
قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، إن الوزارة على جاهزية تامة لإرسال مساعدات طارئة إلى محافظة السويداء، بالتعاون مع مكتب التعاون الدولي في وزارة الخارجية والمنظمات الشريكة، وذلك استجابة للنداءات العاجلة الصادرة عن الأهالي في الجنوب السوري.
وأوضحت قبوات أن التنسيق جارٍ مع الجهات الطبية والإغاثية المختصة لتوفير استجابة سريعة للمستجدات الإنسانية في المنطقة، مشددة على أن انطلاق القوافل مرهون بتأمين الطرق والممرات الآمنة، بما يضمن سلامة العاملين ووصول المساعدات إلى مستحقيها دون مخاطر.
وكشفت أن قافلة مشتركة بين وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية كانت قد وصلت إلى مشارف الجنوب قبل يومين برفقة الوزيرين، لكنها لم تتمكن من دخول السويداء بسبب استمرار القصف الإسرائيلي على المنطقة، ما أجبرها على التوقف حتى إشعار آخر.
وأكدت قبوات ضرورة تقديم الدعم الفوري لأهالي الجنوب المنكوبين، مع الحفاظ على سلامة الكوادر الإنسانية والطبية، لافتة إلى أن القوافل جاهزة للانطلاق فور تأمين الممرات.
وفي السياق ذاته، كان أعلن محافظ درعا، أنور الزعبي، تشكيل لجنة طوارئ مختصة لمتابعة أوضاع المهجّرين القادمين من السويداء، بعد موجة العنف التي استهدفت عشائر البدو، وما تخللها من تهجير قسري واسع النطاق.
وكانت أصدرت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري بيانًا أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء الانتهاكات التي طالت متطوعيها ومنشآتها خلال تنفيذ مهامهم الإنسانية في المنطقة الجنوبية، مؤكدة التزامها بمبادئ الحياد وعدم التحيّز، واستمرار تقديم الخدمات رغم التحديات الميدانية المتزايدة.
وقالت المنظمة في بيان إن متطوعيها وآلياتها تعرضوا خلال الأيام الماضية لسلسلة من الاعتداءات والانتهاكات، تمثلت بإطلاق النار على سيارة إسعاف، واحتراق أحد مستودعاتها وعدد من الآليات المركونة بالقرب منه، بالإضافة إلى تعرّض عدد من المتطوعين لانتهاكات فردية.
وأبدت المنظمة أسفها العميق حيال هذه التطورات، داعيةً إلى تحييد العمل الإنساني، وحماية المدنيين والمتطوعين من أي استهداف مباشر أو غير مباشر، مشددة على أن سلامة طواقمها تبقى أولوية قصوى، مع تأكيدها استمرار تقديم خدماتها المنقذة للحياة في محافظتي السويداء ودرعا.
من جهته، شدد الرئيس السوري أحمد الشرع في كلمة ألقاها عقب إعلان وقف إطلاق النار في السويداء، على أن المواجهات الأخيرة شكلت محطة بالغة الخطورة على الصعيدين الأمني والسياسي، محذرًا من أن الأوضاع كادت تنفلت من السيطرة لولا تدخل الدولة في اللحظة المناسبة لضبط الإيقاع والحيلولة دون انهيار الاستقرار المحلي.
وأشار الشرع إلى أن الحكومة السورية الانتقالية نجحت في فرض التهدئة واحتواء التصعيد رغم حساسية المرحلة، لكن التدخل الإسرائيلي بقصف مواقع حكومية ومدنية في دمشق أدخل البلاد في منعطف خطير، ما استدعى تدخلًا عاجلًا من الولايات المتحدة وعدد من العواصم العربية للوساطة واحتواء التدهور المتسارع.
كشفت وكالة "رويترز"، نقلاً عن ثمانية مصادر سياسية وعسكرية ودبلوماسية مطّلعة، أن الحكومة السورية أساءت تفسير الرسائل الأميركية المتعلقة بمبدأ مركزية الدولة، واعتقدت أن نشر قواتها في محافظة السويداء لن يواجَه بردٍ من إسرائيل، ما أدى إلى تصعيد مفاجئ في الموقف.
ووفقاً للمصادر، فإن دمشق اعتقدت أنها حصلت على ضوء أخضر ضمني من واشنطن وتل أبيب لنشر قواتها في جنوبي البلاد، مستندةً إلى محادثات أمنية أولية مع إسرائيل في العاصمة الأذربيجانية باكو، وتصريحات للمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، الرافضة لأي فيدرالية أو حكم ذاتي داخل سوريا.
مسؤول كبير في وزارة الخارجية السورية نفى هذا التفسير، مؤكداً أن القرار "اتُّخذ بناء على اعتبارات وطنية بحتة لحماية المدنيين ومنع النزاع الأهلي". لكن باحثين غربيين، بينهم جوشوا لانديس، اعتبروا أن الرئيس السوري أحمد الشرع "بالغ في قراءة الدعم الأميركي"، وربما فسر تصريحات واشنطن على أنها تفويض باستخدام القوة لفرض السيطرة المركزية على السويداء.
كما أشارت الوكالة إلى أن سوء تقدير دمشق شجعها على نشر قواتها دون توقع رد إسرائيلي، في حين اعتبر مسؤول خليجي أن "الانتهاكات التي ارتكبتها القوات السورية ضد أبناء الطائفة الدرزية وفرت ذريعة لتدخل إسرائيلي واسع".
مصادر استخباراتية إقليمية أشارت بدورها إلى "غياب الانضباط داخل الجيش السوري واعتماد القيادة على مجموعات مسلحة متعددة الخلفيات"، بينما شددت دمشق على أن عمليتها "لم تكن تهدف إلى الانتقام أو التصعيد، بل إلى حفظ السلم الأهلي ووحدة البلاد".
وأكد الرئيس السوري أحمد الشرع، في كلمة أدلى بها اليوم، أن الأحداث الأخيرة في السويداء شكلت منعطفاً خطيراً، مشيراً إلى أن انسحاب قوات الجيش والأمن الداخلي جاء استجابةً لوساطات أميركية وعربية، بهدف التهدئة ومنع التصعيد. وأوضح أن بعض المجموعات المسلحة في السويداء استغلت الانسحاب وارتكبت هجمات انتقامية وانتهاكات بحق عشائر البدو، ما استدعى تدخلاً سريعاً لمنع تفاقم الأزمة.
وشدد الرئيس الشرع على أن الدولة السورية هي الجهة الوحيدة المخوّلة بحماية أمن البلاد وبسط سيادة القانون، مؤكداً أن الاستقواء بالخارج أو استغلال بعض الأطراف الداخلية لصراعات دولية لا يخدم السوريين بل يفاقم الأزمة.
كما أكد الرئيس السوري رفض معاقبة الطائفة الدرزية بشكل جماعي بسبب تصرفات فئة قليلة، مبرزاً أن أبناء السويداء وقفوا إلى جانب الدولة ورفضوا مشاريع التقسيم، وأن الدروز يشكّلون ركناً أساسياً من النسيج الوطني السوري.
وحذّر الشرع من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، واصفاً إياها بأنها تهديد مباشر لاستقرار البلاد والمنطقة، مثمّناً في المقابل مواقف الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين الرافضة لهذه الاعتداءات، وكذلك دعم الولايات المتحدة المعلن لوحدة الأراضي السورية.
واختتم الرئيس تصريحاته بالتأكيد على أن هذه المرحلة تتطلب وحدة الصف، وتغليب صوت العقل والحكمة، وفسح المجال أمام مؤسسات الدولة لمحاسبة جميع المتورطين في الانتهاكات، وحماية جميع المواطنين دون استثناء.
وثّقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة 34 آخرين في غارات جوية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 16 تموز/يوليو 2025، استهدفت مبنى قيادة الأركان في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق، في واحد من أعنف الهجمات التي تطال منطقة مدنية مأهولة.
قالت الشبكة إن الغارة الأولى وقعت عند الساعة 12:30 ظهرًا بطائرة يُعتقد أنها مسيرة، دون تسجيل إصابات، قبل أن تُنفذ ثلاث غارات متتالية عند الساعة 15:15 باستخدام الطيران الحربي، وأدت الغارة الثالثة منها إلى مقتل السيدة أريج أيمن الراعي، بالإضافة إلى إصابة العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، ودمار واسع لحق بمبنى قيادة الأركان. كما استُهدف محيط قصر الشعب بغارة رابعة، دون تأكيد معلومات عن إصابات بشرية.
أوضحت الشبكة أن هذا الهجوم يأتي في سياق متصاعد من الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، والتي شهدت أيضًا غارات جوية استهدفت مناطق في السويداء ودرعا وريف دمشق، خلال أيام 15 و16 و17 تموز/يوليو، تركزت على مواقع لقوى الأمن الداخلي وعناصر وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية الانتقالية، وأسفرت عن سقوط مزيد من القتلى والجرحى.
شدّدت الشبكة على أن هذه الغارات تمثل انتهاكًا صارخًا للمادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، التي تحظر استخدام القوة ضد سيادة الدول، وأشارت إلى غياب أي إعلان رسمي إسرائيلي أمام مجلس الأمن بشأن تهديد مسلح وشيك يبرر هذا الهجوم، ما ينفي تطبيق المادة (51) المتعلقة بالدفاع عن النفس. كما نبهت إلى خطورة استهداف موقع عسكري ضمن منطقة مدنية مكتظة، ما يُعد خرقًا لمبدأ التمييز المنصوص عليه في البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، بالإضافة إلى انتهاك مبدأ التناسب بسبب الخسائر البشرية الكبيرة الناجمة عن الغارة الثالثة.
وأضافت أن غياب أدلة على اتخاذ تدابير احترازية لحماية المدنيين قبل تنفيذ الضربة يضع إسرائيل في موضع المساءلة القانونية، مؤكدة أن تكرار هذه العمليات دون محاسبة يقوض مبادئ القانون الدولي، ويهدد مبدأ حظر استخدام القوة وتسوية النزاعات بالطرق السلمية.
قدمت الشبكة مجموعة من التوصيات، أبرزها مطالبة مجلس الأمن بتطبيق ميثاق الأمم المتحدة ومساءلة إسرائيل على انتهاك سيادة سوريا، كما دعت الحكومة السورية الانتقالية إلى توثيق شامل للغارات والانتهاكات وتقديم مذكرات تفصيلية إلى الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، ومطالبة إسرائيل بالتعويض عن الضحايا والخسائر المادية.
كما حثت لجنة التحقيق الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمقررين الأمميين الخاصين على إدراج هذه الانتهاكات في تقاريرهم، ومطالبة إسرائيل بالتعاون مع الآليات الدولية. ودعت في الوقت نفسه المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية إلى مواصلة توثيق الاعتداءات الإسرائيلية، وتنسيق الجهود مع المنظمات السورية لإعداد ملفات قانونية قابلة للتقديم ضمن مسارات العدالة الانتقالية في سوريا.
واعتبرت الشبكة أن ما جرى في ساحة الأمويين لا يمثل فقط تصعيدًا عسكريًا خطيرًا، بل اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام المجتمع الدولي بحماية المدنيين، ورفض ازدواجية المعايير في إنفاذ القانون الدولي الإنساني.
أعلنت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز، اليوم السبت 19 تموز/يوليو 2025، التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد في محافظة السويداء، جاء ثمرة مفاوضات جرت برعاية الدول الضامنة، ويتضمن حزمة إجراءات تهدف إلى خفض التصعيد وضبط الأمن في المناطق الحدودية للمحافظة، وفق نص البيان، لم يصدر تأكيد الاتفاق على هذه البنود من أي جهة رسمية.
انتشار قوى الأمن العام خارج حدود المحافظة
أوضح البيان أن الاتفاق يقضي بانتشار حواجز تابعة للأمن العام خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، بهدف الحد من الاشتباكات ومنع تسلل أي مجموعات مسلحة إلى داخل المحافظة، في إطار تدابير تهدف إلى ضمان الاستقرار في محيطها.
منع دخول أي جهة إلى القرى الحدودية لمدة 48 ساعة
وأكدت الرئاسة الروحية أنه لن يُسمح بدخول أي جهة إلى القرى الحدودية لمدة 48 ساعة اعتبارًا من توقيت إعلان الاتفاق، وذلك لإتاحة المجال أمام القوى الأمنية من الطرف الآخر للتمركز والانتشار، بما يضمن تفادي أي هجمات مباغتة أو احتكاكات محتملة.
خروج آمن لأبناء العشائر في المحافظة
نص الاتفاق أيضًا على السماح لمن تبقى من أبناء العشائر البدوية داخل مناطق محافظة السويداء بالخروج الآمن، مع توفير مرافقة أمنية من قبل الفصائل المحلية العاملة على الأرض، وضمان عدم التعرض لهم أو اعتراض طريقهم من أي جهة.
فتح معابر إنسانية للحالات الطارئة
تم تحديد معابر إنسانية لخروج الحالات الطارئة، وهي معابر بصرى الحرير وبصرى الشام، على أن تستخدم فقط للأغراض الإنسانية وتحت إشراف مباشر من الجهات المعنية بتنفيذ الاتفاق.
دعوة لضبط تحركات المجموعات المحلية
دعت الرئاسة الروحية كافة المجموعات الأهلية إلى ضبط تحركاتها والامتناع عن الخروج خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، مؤكدة ضرورة تجنب أي تحركات قتالية أو استفزازات من شأنها تهديد الاستقرار الهش في المنطقة.
تحميل المسؤولية عن أي خرق للاتفاق
شدّد الاتفاق على تحميل أي طرف ينتهك بنوده المسؤولية الكاملة عن انهيار التفاهمات، داعيًا إلى الالتزام الصارم بكل ما ورد فيه من إجراءات وضوابط، وعدم اتخاذ أي خطوات فردية قد تفضي إلى تجدد المواجهات أو تعريض المدنيين للخطر.
نداء موجه إلى شباب المحافظة
وختامًا، وجّهت الرئاسة الروحية نداءً إلى شباب محافظة السويداء، ووصفتهم بحماة الأرض والعرض، داعية إياهم إلى العمل بتنسيق عالٍ ومسؤولية قصوى من أجل تجاوز هذه المحنة التي أثقلت كاهل الأهالي، مؤكدة أن اللحظة الراهنة تستدعي التضامن وضبط النفس بما يخدم مصلحة أبناء السويداء وكرامتهم.
قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن التطورات الأخيرة التي شهدتها محافظة السويداء شكّلت انعطافًا خطيرًا في المشهد السوري، محذرًا من أن الاشتباكات التي اندلعت بين مجموعات محلية كادت تخرج عن السيطرة لولا التدخل السريع للدولة لضبط الوضع ومنع تفاقمه.
تدخل الدولة وتهديدات خارجية
أوضح الرئيس الشرع أن الدولة السورية تمكنت من تهدئة الأوضاع في المحافظة رغم صعوبتها وتعقيدها، مشيرًا إلى أن التدخل الإسرائيلي عبر القصف المباشر على الجنوب واستهداف مؤسسات حكومية في دمشق دفع البلاد إلى مرحلة شديدة الخطورة، ما استدعى تدخل وساطات أمريكية وعربية لاحتواء التصعيد.
انتهاكات بحق المدنيين ودور العشائر
وأشار الرئيس إلى أن انسحاب الدولة من بعض المناطق في السويداء تسبب في فراغ أمني استغلته مجموعات محلية شنت هجمات انتقامية ضد أبناء العشائر وعائلاتهم، ترافق ذلك مع انتهاكات لحقوق الإنسان، الأمر الذي دفع باقي عشائر البدو إلى التحرك لفك الحصار عن أبناءهم داخل المحافظة.
موقف الدولة من السويداء ودورها الوطني
أكد الرئيس الشرع أن الدولة السورية وقفت دائمًا إلى جانب محافظة السويداء بعد تحرير سوريا، وحرصت على دعمها سياسيًا وإنسانيًا، إلا أن بعض الأطراف أساءت لهذا الدور، مضيفًا أن استقواء فئات محلية بالخارج وتحويل المحافظة إلى أداة في صراعات إقليمية لا يخدم مصلحة السوريين بل يزيد الأزمة تعقيدًا.
التأكيد على وحدة سوريا وسيادتها
شدد الرئيس السوري على أن الدولة وحدها تملك القدرة على الحفاظ على سيادة سوريا وهيبتها في كل بقعة من أراضيها، داعيًا جميع الأطراف إلى توحيد الصفوف والعمل سويًا لتجاوز هذه المرحلة الحرجة والحفاظ على وحدة البلاد وشعبها.
إشادة بالدعم الدولي ورفض الانتهاكات الإسرائيلية
ثمّن الرئيس الشرع الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية في دعم سوريا خلال هذه الأزمة، كما أشاد بمواقف الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين الرافضة للعدوان الإسرائيلي المتكرر والانتهاكات المستمرة للسيادة السورية.
الطائفة الدرزية جزء أصيل من النسيج السوري
وأكد الرئيس السوري أن الطائفة الدرزية تُعد ركنًا أساسيًا في النسيج الوطني السوري، محذرًا من تعميم الأحكام بحق الطائفة بسبب تصرفات فئة محدودة لا تمثل تاريخ الدروز العريق، مضيفًا أن محافظة السويداء ستبقى جزءًا أصيلًا من الدولة السورية.
رفض مشاريع التقسيم والتزام بحماية الأقليات
أشار الرئيس إلى أن أبناء السويداء، بمختلف انتماءاتهم، أثبتوا خلال الأشهر الماضية وقوفهم إلى جانب الدولة ورفضهم لمحاولات التقسيم والانفصال، مؤكدًا التزام الدولة الكامل بحماية جميع الأقليات والطوائف ومحاسبة منتهكي القانون، سواء من داخل السويداء أو خارجها.
دعوة للحكمة والعقل وضمان العدالة
قال الرئيس الشرع إن الدولة تتبرأ من كافة الجرائم والتجاوزات، مجددًا التأكيد على ضرورة تحقيق العدالة وفرض سيادة القانون، ووجّه دعوة لجميع السوريين لتغليب صوت العقل وإفساح المجال أمام العقلاء والحكماء للعب دورهم في إنهاء الأزمة الراهنة.
سوريا ليست ميدانًا للتقسيم وقوة الدولة في وحدة شعبها
وختم الرئيس السوري بتأكيده على أن سوريا لن تكون حقلًا لتجارب مشاريع التقسيم أو التحريض الطائفي، لافتًا إلى أن قوة الدولة السورية تنبع من تماسك شعبها وترابط مصالحها الوطنية ومتانة علاقاتها الإقليمية والدولية.
أثار الاعتداء اللفظي والجسدي الذي تعرضت له الصحفية السورية زينة شهلا أثناء مشاركتها في وقفة سلمية بالعاصمة دمشق، موجة واسعة من التنديد على منصات التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بمحاسبة المعتدين وضمان احترام حرية التعبير في سوريا الجديدة.
قالت الصحفية زينة شهلا في منشور على حسابها الشخصي إنها شاركت في وقفة أمام مجلس الشعب، إلى جانب مجموعة من الناشطين، بهدف المطالبة بوقف العنف وفتح مسارات للحوار، مؤكدة أن اليوم الأول من الوقفة مرّ بسلام، بينما تعرّض المشاركون في اليوم التالي لهجوم عنيف من قبل مجموعة يحملون العصي، حيث تم الاعتداء عليها بالضرب والشتائم المهينة.
أكدت شهلا في تصريحاتها أن ما جرى لا يجب أن يمر مرور الكرام، داعية إلى وضع قوانين واضحة ورادعة لمواجهة مثل هذا الخطاب العنيف، ومشددة على أن العدالة لجميع السوريين هي السبيل الوحيد نحو السلام الحقيقي والمستدام، محذّرة من التهاون مع الاعتداءات التي تطال الناشطين السلميين.
أثار الفيديو الذي وثّق لحظة الاعتداء انتشارًا واسعًا عبر مواقع التواصل، ودفع عشرات النشطاء والحقوقيين إلى التعبير عن تضامنهم مع شهلا، معتبرين أن ما حدث يمثل تعديًا خطيرًا على حرية التعبير، ويطرح تساؤلات حول جدية الدولة الجديدة في حماية الحقوق الأساسية التي نادى بها السوريون منذ انطلاق الحراك الشعبي.
أشار ناشطون إلى أن زينة شهلا كانت قد تعرّضت للاعتقال مرتين خلال حكم نظام الأسد البائد بسبب نشاطها الصحفي، وتشغل حاليًا منصب مستشارة في لجنة المفقودين التابعة لرئاسة الجمهورية، مؤكدين أن التعامل معها بتلك الطريقة العنيفة يشكل سابقة خطيرة يجب ألا تتكرر، خصوصًا في ظل وجود وسائل قانونية متاحة لفض الاعتصامات دون عنف أو ترهيب.
قال حقوقيون إن التزام الدولة الصمت تجاه هذا الاعتداء من شأنه أن يبعث برسائل سلبية حول واقع الحريات في سوريا الجديدة، محذّرين من إعادة إنتاج أنماط القمع التي مارسها نظام الأسد البائد، مما قد ينسف آمال السوريين ببناء دولة تحترم حقوق الإنسان وتصون كرامة مواطنيها.
وطالب الحقوقيون السلطات الانتقالية بفتح تحقيق عاجل في الحادثة، ومحاسبة الجهات المسؤولة عن الاعتداء، إلى جانب الإسراع في إصدار تشريعات تحمي حرية التعبير والتظاهر السلمي، باعتبار ذلك شرطًا أساسيًا لبناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وترسيخ قيم الديمقراطية في مرحلة التحول السياسي.
في حين اعتبر ناشطون أن الاعتداء على زينة شهلا لا يمسّ شخصها فحسب، بل يشكّل انتهاكًا جماعيًا لقيم الثورة السورية التي رفعت شعار الكرامة والحرية، مؤكدين أن العدالة في هذه القضية ستكون بمثابة اختبار حقيقي للسلطات الجديدة في سعيها نحو بناء دولة قانون تحترم مواطنيها ولا تسمح بعودة أدوات الترهيب القديمة.
أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية، يوم 19 تموز 2025، وقفًا شاملًا وفوريًا لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، في خطوة قالت إنها تأتي استجابة للظروف الدقيقة التي تمر بها سوريا، وحرصًا على وقف نزيف الدم السوري، وصونًا لوحدة أراضي الدولة وسلامة شعبها.
وأكدت الرئاسة السورية أن هذا القرار نابع من حسّ وطني وإنساني، داعية جميع الأطراف دون استثناء إلى الالتزام الفوري والكامل به، ووقف كافة الأعمال القتالية في كل المناطق، بما يضمن حماية المدنيين وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية من دون أية عوائق.
وأهابت رئاسة الجمهورية بجميع الجهات المعنية إفساح المجال أمام الدولة السورية، ومؤسساتها وقواتها، من أجل تنفيذ هذا القرار بمسؤولية عالية، وضمان تثبيت الاستقرار ووقف سفك الدماء في مختلف أنحاء البلاد.
وفي إطار تنفيذ هذا القرار، بدأت قوات الأمن بالانتشار في عدد من المناطق بهدف ضمان تطبيق وقف إطلاق النار، والحفاظ على النظام العام، وتأمين أمن المواطنين وممتلكاتهم، في سياق يسعى إلى تعزيز التهدئة وترسيخ الاستقرار.
وحذّرت الرئاسة السورية من أن أي خرق لهذا القرار سيُعدّ انتهاكًا مباشرًا للسيادة الوطنية، وسيتعامل معه بما يقتضيه القانون والدستور من إجراءات رادعة، مؤكدة أن الحفاظ على السلم الأهلي مسؤولية وطنية جامعة.
وختمت رئاسة الجمهورية بيانها بالتأكيد على أن وحدة سوريا وأمن شعبها تبقى أولوية عليا لا تقبل المساومة، متوجهة بالدعاء أن يحفظ الله سوريا وأهلها من كل سوء.
كشفت "المؤسسة السورية للمخابز"، عن تنفيذ سلسلة مشاريع تطوير وتحديث لعدد من المخابز في مختلف المحافظات خلال النصف الأول من العام الجاري، شملت تركيب وتجهيز 10 خطوط إنتاج جديدة ومرافق تشغيلية في 7 محافظات، في خطوة تهدف إلى تحسين جودة الرغيف وتعزيز استقرار التوريد.
وأوضح المدير العام للمؤسسة، المهندس "محمد الصيادي"، في تصريح رسمي أن المشاريع شملت تحديث خط الإنتاج في مخبز داعل بدرعا، وتركيب خطوط جديدة في الكرامة 2 باللاذقية، القصير بحمص، القدموس بطرطوس، جرمانا، ويلدا، ودوما بريف دمشق.
في حين جرى تجهيز مخبز البوكمال بدير الزور بخط إنتاج متكامل ومجموعة توليد، وتعزيز مخبز الراموسة بحلب بخط إضافي، إلى جانب تزويد مخبز التل بخزانات مياه لتحسين استقرار التشغيل.
وأكد المسؤول ذاته تنفيذ المشاريع بالتعاون مع منظمات دولية وجهات حكومية، في إطار دعم البنية التحتية للمخابز، وتحسين القدرة الإنتاجية في المناطق ذات الكثافة السكانية أو التي تعاني ضعفاً خدمياً.
وأشار إلى أن الاستهلاك اليومي من الدقيق في سوريا يصل إلى نحو 2400 طن، تتم مراقبته وضبط استخدامه بدقة، موضحًا أن الدولة مستمرة في دعم الخبز رغم التحديات الاقتصادية وارتفاع تكاليف التشغيل، لاسيما الوقود والصيانة والمواد الأولية.
وبين أن القيمة الحقيقية لربطة الخبز تبلغ 7835 ليرة سورية، فيما تباع للمواطنين بسعر مدعوم، في حين تصل تكلفة إنتاج طن الخبز إلى 6 ملايين ليرة لدى المؤسسة السورية للحبوب.
وأرجع "الصيادي"، تفاوت جودة الخبز بين المخابز، إلى تفاوت كفاءة الكوادر الفنية واختلاف جهوزية الآلات، مؤكداً وجود خطة شاملة لاستبدال المعدات القديمة بأخرى حديثة عالية الكفاءة.
وأضاف أن المؤسسة تنسق مع مديريات التجارة الداخلية لسحب عينات دورية من الدقيق وفحصها في المخابر الفنية، كما تُتابع الشكاوى على مستوى المحافظات وفق معايير موحدة لضمان الجودة.
وأوضح "الصيادي"، فيما يتعلق بالمخالفات، أن المؤسسة تتخذ إجراءات مشددة ضد أي تجاوزات مثل التلاعب بمخصصات الدقيق أو تسريب الخبز للسوق السوداء، وتشمل العقوبات الإحالة للجهات المختصة، وتنظيم الضبوط التموينية، بالإضافة إلى تفتيشات مفاجئة تنفذها لجان رقابية داخلية تابعة للمؤسسة.
وكشف عن خطة مستقبلية لإحداث مخابز جديدة في المناطق المحتاجة، وإعادة تأهيل المخابز القائمة، إلى جانب إدخال تقنيات إنتاج حديثة بالتعاون مع منظمات دولية وشركات متخصصة. كما تعمل المؤسسة على تأهيل الكوادر البشرية فنياً وإدارياً عبر دورات تدريبية وشراكات فنية من شأنها رفع كفاءة الأداء.
هذا وأكد المدير العام للمؤسسة، على أن "رغيف الخبز سيبقى في صلب أولويات الدولة"، رغم ما تواجهه المؤسسة من تحديات في التمويل والبنية التحتية والموارد البشرية، مشددًا على أن الجهود مستمرة لتأمين الخبز للمواطنين بأفضل جودة ممكنة واستمرارية إنتاجية لا تتأثر بالضغوط.
كشفت وكالة "رويترز"، استنادًا إلى شهادات ثمانية مصادر مطلعة من أوساط سياسية وعسكرية سورية ودبلوماسية إقليمية، أن القيادة السورية أساءت تفسير الرسائل الأميركية المتعلقة بمبدأ مركزية الدولة، واعتقدت أن إعادة نشر قواتها في محافظة السويداء لن يواجه أي رد فعل من جانب إسرائيل، ما تسبب بتصعيد مفاجئ في القرار السوري خلال الأسبوع الماضي.
قالت المصادر، ومن بينها مسؤولون سوريون رفيعو المستوى ومصادر أمنية ودبلوماسيان اثنان، إن النظام السوري ظنّ أنه حصل على ضوء أخضر غير مباشر من كل من واشنطن وتل أبيب لإرسال وحدات عسكرية إلى جنوب سوريا، على الرغم من التحذيرات الإسرائيلية المتكررة التي كانت قد صدرت طيلة الأشهر الماضية ضد أي تحرك عسكري حكومي باتجاه المناطق الجنوبية.
وأوضحت المصادر أن هذا التصور السوري المغلوط جاء نتيجة لتصريحات علنية وخاصة أدلى بها المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، إضافة إلى محادثات أمنية أولية جرت مع مسؤولين إسرائيليين.
وقد ساهمت هذه الرسائل في تعزيز قناعة دمشق بأن التحرك العسكري لن يثير اعتراضًا دوليًا، لا سيما مع تصريحات سابقة لباراك أكد فيها ضرورة إدارة سوريا كدولة موحدة من دون أي شكل من أشكال الحكم الذاتي للمكونات، سواء للدروز أو الأكراد أو العلويين.
ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في معرض رده على أسئلة "رويترز"، التعليق على فحوى المحادثات الدبلوماسية الخاصة، لكنه جدّد موقف واشنطن الداعم لوحدة الأراضي السورية، مشددًا على أن الدولة السورية تتحمل مسؤولية حماية جميع المواطنين، بمن فيهم الأقليات.
من جهته، نفى مسؤول بارز في وزارة الخارجية السورية أن تكون المواقف الأميركية قد أثّرت في القرار السيادي لنشر القوات في السويداء، مؤكدًا أن هذا القرار أتى بدافع وطني خالص هدفه الأساسي وقف إراقة الدماء، وتأمين المدنيين، والحؤول دون تفاقم النزاع الأهلي في الجنوب.
وفي السياق نفسه، أفاد مصدر سياسي سوري وآخر دبلوماسي غربي بأن السلطات السورية فسّرت نتائج محادثات غير معلنة جرت مؤخرًا في العاصمة الأذربيجانية باكو مع ممثلين عن إسرائيل، على أنها بمثابة تفاهم غير مباشر يتيح إرسال القوات إلى الجنوب السوري في إطار فرض سيطرة الدولة على محافظة السويداء.
وفي تعليق على المشهد، قال الباحث الأميركي جوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، إن الرئيس السوري أحمد الشرع قد يكون بالغ في استثمار المواقف الدولية لصالحه، مشيرًا إلى أن الفريق المحيط به أخطأ في فهم الدعم الأميركي، كما أخطأ في تقدير موقف إسرائيل من تحركات الدولة السورية في جبل الدروز، وفسر تصريحات باراك المناهضة للفيدرالية على أنها تفويض للحكومة المركزية باستخدام القوة لفرض سيطرتها.
وأضاف مسؤول عسكري سوري أن المراسلات التي جرت مع واشنطن قبل التحرك عززت هذا الانطباع، موضحًا أن عدم تلقي رد أميركي حازم عندما أُبلغت الجهات الأميركية بخطط نشر الصواريخ في الجنوب اعتُبر بمثابة موافقة ضمنية، الأمر الذي دفع دمشق للاعتقاد بأن إسرائيل لن تتدخل عسكريًا.
وبحسب دبلوماسي أجنبي مقيم في دمشق، فإن التقديرات السورية كانت مفرطة في الثقة، وبُنيت على إشارات أميركية غير واضحة، تبيّن لاحقًا أنها لا تعكس الواقع الفعلي للموقف الدولي تجاه هذا التحرك.
في المقابل، أفاد مسؤول خليجي رفيع المستوى بأن دمشق ارتكبت خطأ جسيمًا في إدارة ملف السويداء، متهمًا القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات خطيرة بحق أبناء الطائفة الدرزية، بما في ذلك عمليات قتل وتعذيب وإهانات، وهو ما أعطى إسرائيل، بحسب رأيه، مبررًا قويًا للتدخل العسكري في الجنوب.
وأشار مصدر استخباري في المنطقة إلى أن الرئيس الشرع لم يكن يسيطر على تفاصيل العمليات الميدانية، بسبب تراجع الانضباط في صفوف القوات النظامية، واعتماده على مجموعات مسلحة متعددة الخلفيات، العديد منها يحمل توجهات إسلامية متشددة.
وفي ختام التصريحات، أكد مسؤول بارز في وزارة الخارجية السورية أن العملية العسكرية لم تكن تستهدف التصعيد أو الانتقام، بل جاءت بدافع حماية وحدة البلاد، مشددًا على أن القوات السورية مستعدة لإعادة الانتشار فور توفُّر ظروف ملائمة، تشمل ضمانات أميركية صريحة بعدم تدخل إسرائيل مستقبلًا في مسار استعادة السيطرة على الجنوب السوري.