مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١٦ مارس ٢٠١٨
كيف ننقذ الأسيرات السوريات من مخالب الأسد؟

تقبع في زنازين نظام الأسد حاليًّا 6736 سيدة، بينهن 417 فتاة بشكل غير قانوني. هذا الرقم من الوقائع المعروفة فقط. ففي سوريا تستخدم الأبنية المهجورة والمعامل والمستودعات كسجون، ما يعني أن العدد أكبر بكثير من المعلن.

جميع السيدات من المعارضة، اعتقلن لمشاركتهن في المظاهرات السلمية قبل الحرب، أو للضغط على أزواجهن وآبائهن وإخوانهن الذين يقاتلون في صفوف المعارضة.

يستخدمهن النظام لتحطيم وتشتيت المعارضة من الناحية المعنوية. فهو يعتقلهن بشكل غير قانوني في زنازين ضيقة، ولا يلبي حاجاتهن الأساسية، ولا يوفر لهن النظافة، بل يمارس عليهن مختلف صنوف التعذيب الجسدي.

بحسب ما روته ناجيات بطريقة ما من السجون، فإن نظام الأسد يعلق النساء وهن عاريات تمامًا، ويصعقهن بالكهرباء، ويرشقهن بالماء البارد، ويضعهن في مياه مكهربة، ويلدع أجسادهن بقضبان معدنية ساخنة، يمارس عليهن أساليب من التعذيب لا تخطر على بال ولا يقبلها ضمير. لكن لعل أقسى ما في الأمر هو تعرضهن للاغتصاب.

تتعرض السيدات المعتقلات في سجون النظام للاغتصاب بشكل ممنهج. لا أتحدث هنا عن حوادث منفردة أو حالات غير معروفة، وإنما عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مستمرة منذ سبع سنوات عن قصد وبشكل ممنهج. النظام يعرف ذلك، لأنه يستخدم الاغتصاب سلاحًا ضد معارضيه. ولا بد لي من الاعتراف أنني سمعت أمورًا لا يمكنني كتابتها.

أطلقت آلاف السيدات من تركيا و55 بلدًا آخر "صرخة صامتة"، بتنسيق من الحقوقية التركية غولدن سونماز، في 8 مارس/ آذار، من أجل إنقاذ أخواتهن السوريات من سجون الأسد.

هذه الصرخة هامة للغاية لأن العالم مصر منذ سبع سنوات على عدم رؤية وسماع ومعرفة ما تعانيه المعتقلات في السجون السورية. وفي الحقيقة، فإنه يساعد في ارتكاب هذا الجرم لأنه لا يعمل على منعه.

"قافلة الضمير" ليست فعالية (لإراحة الضمير) انتهت. في الحقيقة، هي بدأت حديثًا. الخطوة الأولى كانت إظهار هذه الحقيقة القاسية التي يتعامى العالم عن رؤيتها، وإسماع "الصرخة الصامتة" للمجتمع الدولي بأسره. هذه الخطوة نجحت.

الخطوة التالية هي الإجراءات اللازمة من أجل إنقاذ الأسيرات من سجونهن. تجري حاليًّا كتابة رسائل إلى المنظمات الدولية، وزعماء البلدان، وصاحبات الضمير الحي من مشاهير العالم.

ستتم زيارة كل منهم، وبذلك تتشكل ضغوط دولية من أجل منع نظام الأسد من ارتكاب المزيد من جرائم الحرب هذه، ودفعه إلى إطلاق سراح المعتقلات.

بعد ذلك ستبدأ مرحلة تحريك محاكم جرائم الحرب الدولية من أجل مقاضاة المجرمين وإنزال العقوبات المستحقة بهم.

لكن الأمر لا ينتهي عند ذلك، فهناك حقيقة غير مرئية، وهي أنه حتى لو انتهى أسر هؤلاء المعتقلات، اللواتي عشن هذا الظلم، يتوجب تحريرهن مما خلفه الأسر والمعتقل من أحمال جاثمة على صدورهن.

اقرأ المزيد
١٦ مارس ٢٠١٨
الثورة السورية فكرة بلا ميعاد

منذ العام الثاني للثورة السورية، واليأس ينتاب ناشطيها وكتابها، أولئك الذين أتيحت لهم فرص التعبير عن رأيهم. منذ العام الثاني، والأوصاف السلبية تنهال عليها. مع كل محطة خاسرة، مع كل انتكاسة، وما أكثرها.. وها هي اليوم تُستعاد هذه الأوصاف مع الفظائع التي يرتكبها الأسد، وحلفاؤه من روس وإيرانيين، ضد أهالي الغوطة الشرقية: إنها ثورة "مستحيلة"، أو "مغدورة"، أو "مهزومة"، أو "محتضرة".. و"الطريق مسدود" دائماً بوجهها. وإنه حان أوان لمْلمة خسائرها الفادحة، على الأقل من منطلق إنقاذ من تبقى من مدنيين.

وإذا ما تفاءل صاحب الرأي مرة، يقول إن لا الثورة، ولا نظام الأسد، قد "ربحا"؛ فيروح ويعدّد خسارة النظام دوره الإقليمي، وخسارته قراره، وديونه على حُماته من إيرانيين وروس.. إلخ. فيما خسر السوريون حيواتهم ومستقرّهم وعمرانهم، ومزيداً من حرياتهم، القليلة أصلاً. بعض الصادقين من الداعمين للثورة منذ بدايتها يجتهدون في تفسير هذا الإخفاق، فيحصون عيوب المعارضة، بمجالسها وائتلافها وجبهاتها: لم يكونوا بمستوى رجال دولة، لم يتحّدوا، لم يتفاهموا، لم يصيغوا رؤية، لم يأخذوا القرارات الصحيحة، لم يبنوا تنسيقاً، أو علاقةً، مع المجموعات المسلحة على الأرض، ولا مع المدنيين القاطنين عليها، أو على الأراضي الواقعة تحت سيطرة الأسد وداعميه.. ولكثرة تكرارهم هذا النقد، كاد بعض منهم أن يتفوَّق على الذين تخصصوا منذ بداية الثورة بتصيّد عيوب المعارضة، من دون غيرها من الأطراف صاحبة الأدوار على الأرض السورية.

قلّة منهم حاولت أن ترسم ملامح المجموعات المسلحة العاملة على الأرض، على الفرز بين "اتجاهاتها"، ومنْبتها وممارساتها. علماً أن هذه المجموعات، بقتالها ضد الأسد وحلفائه، هي التي أفشلت حتى الآن محاولات استعادة سورية بكاملها تحت عرشه. أبقت الثورة حية، ولو بملامحها الضبابية.

يصعب تجنّب إغراء التكرار في الحالة السورية، فالوقائع تتشابه. لكن المشكلة أن هذا التكرار لا ينتج فهماً إضافياً للعمق السوري المعقّد. من بعيد، يبدو الوعي التكراري ضئيلاً أمام الحجم اللامتناهي من وقائع الميدان، الغامضة، الملتبسة، ذات السيولة العالية. لا يصمد أمام تعقّد الحرب في سورية. يبدو مفارقاً، غير منطقي. فيما هي، أي الوقائع، تستحق أن تكون موضع نظر، موضع إصرار على النظر. فمثلاً: بعد المواقف المتباينة عن جبهة النصرة، هل استقرت فكرة سديدة عنها، تصلح أن تفسر دورها في الثورة، أو على الأقل في استمرارها مقاتلةً نظام الأسد؟ ما هي فكرة المواطنين القاطنين تحت سيطرتها؟ هل هم متشبّثون بنصرها؟ أم موزّعون؟ أم غاضبون منها؟ بصفتهم "دروعاً بشرية"، ليس إلا؟ وينطبق السؤال نفسه على المجموعات المسلحة الأخرى المقاتلة للأسد، أو العاملة تحت القيادة التركية، أو الأميركية. أو المجموعات الأخرى الداعمة للأسد بقيادات سورية، إيرانية، روسية.. بمعنى آخر، ثمّة ميوعة معرفية تكمن في موقفٍ يصعب استيعابه: من جهة، تأييد للثورة، وحماسة للمجموعات المسلحة التي تتصدّى لقوات الأسد وأسياده. ومن جهة أخرى، غمْغمة، حول طبيعة الفصائل الخائضة غمارها على الأرض، حول أيديولوجيتها التي تتناقض تماماً مع أيديولوجية صاحب الموقف، غير الإسلامي. كأنه يتأرجح بين وضوح أهداف الثورة وألغاز مسارها، أو أدواتها، أو مادتها البشرية.

أمر آخر تصرّ عليه أدبياتٌ كثيرة للثوار السوريين: إن الثورة السورية ما كان عليها أن تندلع. يشهدون على أهوالها، يسردون فجائعها، يشتاقون إلى ما قبلها. ويندمون. يتوقفون هنا، لا يتابعون. ماذا يعني أن "ليْتها لم تنْدلع"؟ كيف كان يمكن تجنّبها؟ بأية طريقة؟ ألم يحاول بشار الجبار منعها، وبأساليب غير متخيّلة؟ وماذا كانت النتيجة؟ هل منعها؟ هل استطاع أن يمنعها؟

يحاول بعض "الإيجابيين" أن يقدموا حلولاً بمفعول رجعي: "كان علينا أن نعدّ أنفسنا أكثر من ذلك"، يقولون. كيف "الإعداد" يعني؟ حزب قائد وقيادة كاريزماتية وجماهير؟ أو واحد منهم؟ كل هذه الأحزاب التي لا تحصى، كل هذه الشخصيات الكاريزماتية، كل هذه الجماهير.. كما يصدح الشيوعيون الحزبيون من منابرهم المرتاحة. حسناً، ماذا لو كانت تلك الأحزاب التي تلبي الشروط الثلاثة، كما تتصوّر، ماذا لو كانت عازفةً عن الثورة، بل واقفة ضدها؟ هل المشكلة في الإعداد أم في شيء آخر؟ أين علّة الإعداد حقاً؟ في الفكرة الواقفة خلفه؟ أم في القانون الحاكم لتنظيمها؟ وهل يمكن أن تنتج الفكرة الثورية مواقف غير ثورية؟ أو، كيف تكون، أصلاً، الثورة على الثورة؟

العاطفيون يتشبثون بلحظات الحرية التي مسّتهم، حين أطلقت حناجرهم في الهواء الطلق، بدافعهم الشخصي، بعفويةٍ كانت خلاقة، فجّرت الطاقات والإبداع والشجاعة. يتخيّلون أن الإلحاح على استحضار هذه اللحظة ربما يأتيهم بما يماثلها. كلا أيها السادة. هذه القشْعريرة التي وضعتها الحرية، تلك الغبطة التي التمعت بها عيون أصحابها، هي مثل ومْضة تجلٍّ: تختزن الطاقة، لكنها لا تحدّد وجهتها. عليك أنتَ توليد ذخيرتها الحيّة.

إذا كانت كل هذه التعبيرات حيّةً في ضمائر السوريين من أصحاب الرأي، فهذا يعني أن الثورة ما زالت قائمة. ونقصانها لا يلغي روحها. فالثورة ليست كائناً مادياً. إنها فكرة. والأفكار لا تقتلها قنابل أو براميل. يمكن أن تخشى التعبير عنها، يمكن أن تندم أنكَ عبّرتَ عنها. لكنها موجودة، بُثّت في الهواء الطلق، ولن تعود إلى قمْقمها السابق، محبوسة مع العفاريت والشياطين. ما يضاعف زخمها أن خسائرها أسطورية، وملاحمها وافرة، زائدة ربما عن حدّها. الثورة السورية لم تدخل التاريخ فحسب، إنما دخلت الأسطورة، وباتت بلا ميعادٍ. آجالها بعيدة ربما، أو متوسطة. وألوانها هي ربما من النوع الذي لم نألفه بعد، لم نتعلم لغته، لم نجد له التسميات بعد.

اقرأ المزيد
١٦ مارس ٢٠١٨
وصايا روسيا للأسد

استعمل ما شئت من أسلحة، وما ترغب به من طرق وأساليب عسكرية، كما يمكنك الاتكاء على ترسانتنا، قديمها وجديدها، ما تم تجريبه وما ينتظر، مئات من أنواع الأسلحة المخصصة لمجابهة أميركا وحلف الأطلسي، واطلب ما تريد من مليشيات وعناصر تأتيك من لبنان وإيران وباكستان، فضلا عن العراق، فلا شيء أهم من أن يتردد في هذا العالم صدى صوت الزعيم فلاديمير بوتين حين يقول انتصرنا.

لا تهتم كثيرا لاستراتيجيات المُقال، ريكس تيلرسون، فللاستراتيجيات الحقيقية طعم ولون لا يشبهان تلك التي ينفثها هذا الرجل، ولا تعطي أذنك لفذلكات نيكي هيلي، فهي ليست مادلين أولبرايت ولا حتى سوزان رايس، ولا تزعجك قفشات بوريس جونسون ومندوبه في مجلس الأمن، ولا تعطي التفاتة لعنتريات ماكرون الحماسية. دع جميع هؤلاء لسيرغي لافروف يساجلهم على المنابر، ويزوّده مركزنا في حميميم بمعطياتٍ، نحن نجهزها وعلى العالم تصديقنا، ما دمنا نقول إن المسلحين يرشقون دمشق بالهاون، فليس للغوطة من ينقذها من مخالبنا.

أما ملف الكيماوي الذي أصبح مثل لعبة حاوي الأرانب السمجة والمملة، فالغرب يعرف، قبل الجميع، أنها قضية منتهية الصلاحية منذ اليوم الذي وافق فيه باراك أوباما على إجراء تلك المقايضة المعلومة، وعلى أساسها تم شطب السجل الكيماوي من تاريخ الصراع في سورية، فعن أي كيماويٍّ يتحدثون؟ إذا كانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لا تدرج غاز الكلور وغيره ضمن قوائمها!

هذه الحرب حربُنا، ونحن قوّة صاعدة يحق لها مجالٌ من الأرض، وقطاعات من البشر، نجرّب عليهم طرائق إداراتنا ونختبر أسلحتنا ونظهر للعالم كم نحن نستحق مثل هذه المكانة التي يجب أن نكون عليها، ثم هذا عرف دولي لم نخترعه نحن، كل القوى الدولية الفاعلة والمؤثرة تعلن عن نفسها من خلال مناسبات كهذه، ونحن، روسيا العظمى الصاعدة لسنا أقل من أحد.

لا تنتبه لهم، لو أرادوا مواجهتنا لما احتاجوا كل هذا الزعيق، ولا ذلك النحيب، كانت لديهم عشرات الكتائب والمليشيات، ولم يكن الأمر يحتاج سوى بعض الأسلحة. يومها لم تكن قواتنا قد تدخلت، وكانت تقديراتنا تذهب إلى أنهم سيفعلون، ولم تكن لنا الاستعدادات الكافية لمنعهم، لكن ماذا حصل؟

لقد فكّكوا تلك البنية التي كانت تشكّل الخطر الأكبر عليكم وعلينا، وراحوا يصنفون، هذا متشدد لا يمكن أن نمنحه أسلحة، وذاك متوسط يصعب أن نتعامل معه مباشرة، والأخر معتدل، لكنه قد يكون مخترقاً، لذا يمكن التعامل معه، من دون أن نسلمه أسلحة كاسرة للتوازن، على ذلك فقد قرّروا تأسيس لعبة طويلة الأمد لا أحد يقدر على فهم أهدافها ومآلاتها غير استراتيجييهم الكهلين.

لا تقلق، لدينا خبرة واسعة في إدارة الأزمات، نعرف كيف نقضم مواقف الآخرين بالتدريج ونميّعها، ونعرف كيف نُغرقهم بالهوامش والتفاصيل، ونبعدهم عن الجوهر، ونعرف أيضاً كيف نجعلهم ينسون ما بدأوا النقاش به، كما نعرف كل النخبة السياسة الحاكمة في الغرب، نعرف مفاتيحهم وأقفالهم وأسرارهم ونقاط ضعفهم.

اضرب، هذا العالم لا يحترم سوى القوي، ألم تر كيف تقاطرت الدول لشراء أسلحتنا التي عرفوها بفضل نتائجها الباهرة في سورية، طائراتنا الفاخرة، وصواريخنا الخارقة، باتت رمزاً للقوّة، فالسوخوي أصبحت صنواً للعاصفة، وقاذفات الصواريخ BM-30 أصبحت رمزاً للجحيم، حتى التي لم نستخدمها مرّة واحدة، منظومة الصواريخ إس 400، فإنتاجنا منها حتى عقود مقبلة مباع سلفاً.

انظر إليهم، يرسلون الرسائل إلينا لنضغط عليكم، ولكي نطالبكم بوقف إطلاق النار في الغوطة، وكأن ليس نحن من اشتغل على إنتاج قرار مكبل في مجلس الأمن يصلح لكل شيء عدا وقف إطلاق النار، وكأن ليس ضباطنا من يقودون المعارك؟ ويتوسلون إيران لتضغط عليكم، وكأن إيران المشغولة في ترتيب تفاصيل مشروعها الجيوسياسي ستكون على استعدادٍ لإطلاق الرصاص على أقدامها نزولاً عند توسلاتهم!

ما يجب أن تعرفه جيداً أنك محظوظ أكثر من اللزوم، لأنك تقوم بأعمالك، بزمن موت الضمير العالمي، وموت السياسة، وانبعاث منطق العصابة، انظر حولك ستجد السياسة، وقد تحولت، في جميع أنحاء العالم، إلى نمط من حكم العصابات والسباق على الثروات والمغانم، فلم يُسقط هذا العالم الأيديولوجيات فحسب، بل وكل المنظومة القيمية والأخلاقية، بذريعة أنها من بقايا الصراع الأيديولوجي، وأحل مكانها منطق السوق بذريعة أنها لغة العصر ومفاتيح الشطّار للحداثة.

إنها فرصتك لتقتل في وضح النهار ثورة الشعب ومطالبه، وفرصتنا لنجعل هذا الأمر مشروعاً، فوداعاً للثورات التي تجعل عامة الناس وحثالاتهم، باسم الحرية والديمقراطية، يتطاولون على سدنة الأنظمة، الذين لولاهم لم تكن هناك دول، ولا حياة منظمّة، ولا أجهزة تدير حياة البشر.

افعل كل ما تريد، أما نحن سنكون مرّة في خلفية المشهد، عندما نفاوض ونساجل ونتبجح بالقوانين وسيادة الدول، ومرّة في مقدمة المشهد، عندما نضرب بأسلحتنا الفتاكة، ونقود المعارك، ويستعرض زعيمنا على شاشات عملاقة أسلحتنا الفاخرة، مثل إعلان تجاري مبهر.

وغدا عندما ستسقط الغوطة، سيتصالحون مع أنفسهم ويخضغون للأمر الواقع، بل ربما سيتنفسون الصعداء، لأنهم ارتاحوا من هذا العذاب، لن يختلف الأمر عن حلب. في اليوم التالي لسقوطها، لم يعد أحد يأتي على ذكرها، فكلّما ابتعدت الأحداث وكلما تسرّبت من الذاكرة وأزاحتها الضمائر.. تقدّم.

اقرأ المزيد
١٥ مارس ٢٠١٨
هل يستجيب الناتو لنداء أردوغان؟

منذ عدة أيام والرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوجه انتقادات شديدة اللهجة إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي يضم تركيا في عضويته.

بيد أن أردوغان حوّل انتقاداته هذه، في خطاب قبل يومين، إلى نداء وجهه للحلف، حيث قال: "تركيا التي تملك حدودًا طولها 911 كم تتعرض لتهديدات حاليًّا، فلماذا لا تأتي وتقف إلى جانبها؟".

يجب التأكيد أولًا على أهمية هذا النداء. فتركيا تقول للناتو إن حدودها عرضة لتهديدات، وتدعوه إلى مساعدتها.

موقف الحلف من هذا الطلب سوف يحدد مستقبل العلاقات بين تركيا والناتو.

نعلم أن حلف الناتو يحمي البلدان الأعضاء فيه من التهديدات الناجمة عن التنظيمات الإرهابية، وليس فقط عن التهديدات القادمة من جيوش نظامية.

وللتذكير فقط، تحرك الناتو في مواجهة تنظيم القاعدة بناء على نداء وجهته الولايات المتحدة.

تركيا استجابت إلى كل النداءات التي وجهتها الولايات المتحدة وحلف الناتو إليها حتى اليوم، لكن هذه المرة جاء الطلب من أنقرة.

فهل سيستجيب الناتو هذه المرة إلى نداء الرئيس التركي الذي قال فيه إن بلاده معرضة للتهديد، داعيًّا الحلف إلى المسارعة لمساعدتها؟

من الذي يقرر في مسألة ما إذا كانت الدول الأعضاء تتعرض لتهديد أم لا؟ إذا كان هناك مساواة بين الأعضاء فمن الطبيعي أنه ينبغي على الحلف الاستجابة الفورية لندائها.

بموجب النظام الداخلي الحال للحلف، يجب على الناتو أن يستجيب لدعوة الرئيس التركي إلى تقديم الدعم لبلاده التي تتعرض حدودها للتهديد.

في الحقيقة، يتطابق مطلب أنقرة هذا مع النظام الداخلي للحلف على الورق، بيد أنه لا يتواءم مع واقع الحياة بنفس القدر. فالأمور تسير بشكل مختلف في العالم.

يدرك أردوغان هذه الحقيقة، ولهذا يدلي بالتصريح التالي: "لو كان في وسع أعضاء الناتو في سوريا لوقفوا في مواجهتنا بكل صراحة. لكنهم لا يجرؤون على ذلك لأنهم يرون كيف تقف تركيا بحزم هناك".

نعم، دعكم من مسارعة الناتو إلى نجدة تركيا، هذا الحلف في الحقيقة هو نفسه مصدر التهديد الذي تواجهه.

فالناتو والولايات المتحدة يقفان إلى جانب التنظيمات الإرهابية التي تهدد وحدة تراب تركيا وحقوقها السيادية. وهما من أوجد تنظيم داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي، ويعملان على تغيير حدود الدول في الشرق الأوسط عبر هذين التنظيمين.

ندخل مرحلة تعيد فيها تركيا النظر في علاقاتها مع الناتو كما هو الحال بالنسبة لعلاقاتها مع الولايات المتحدة. وعلى أي حال من غير الممكن أن تخرج تركيا منتصرة من هذه المعركة فائزة دون مراجعة علاقاتها مع الطرفين المذكورين.

اقرأ المزيد
١٥ مارس ٢٠١٨
الولايات المتحدة وتركيا ما بعد عفرين

مضى على انطلاق عملية غصن الزيتون أكثر من خمسين يومًا، ولم يبق إلا بضعة كيلومترات على مركز المدينة. لم تعد وحدات حماية الشعب قادرة على إبداء مقاومة كبيرة في محيط مركز المدينة.

تسقط القرى الواحدة تلو الأخرى تحت سيطرة القوات التركية والجيش السوري الحر، بينما تشارك القوات الخاصة من الشرطة والدرك التركية في القتال إلى جانب الجيش.

منذ انطلاق العملية في 20 يناير وحتى ما قبل أسبوع كانت الأحوال الجوية في غير صالح تركيا. لم يكن ممكنًا للطائرات المسيرة التقاط المشاهد من الجو أو للطائرات المسيرة المسلحة تنفيذ هجمات، جراء سوء أحوال الطقس.

لكن مع تحسن الجو اليوم، ارتفع نجاح الهجمات إلى أعلى مستوى. وبينما بدأت قيادات وحدات حماية الشعب بمغادرة عفرين، فرت الميليشيات الصغيرة التابعة للنظام السوري.

من جهة أخرى، يعمل عناصر وحدات حماية الشعب على قطع الطريق أمام المدنيين الراغبين بمغادرة مركز المدينة، ليستخدمونهم كدروع بشرية.

تم القضاء على أكثر من ثلاثة آلاف إرهابي حتى اليوم، بينما سقط 43 شهيدًا. أثبتت تركيا للصديق والعدو أن قوتها العسكرية ما زالت في أوج حيويتها خلال عملية درع الفرات، فيما برهنت أن جيشها هو الأكثر فعالية واستعدادًا للتضحية في الناتو.

من جهة أخرى، لم نرَ حتى اليوم ممن نسميها حليفنا في الناتو، الولايات المتحدة، أي خطوة من أجل الحيلولة دون انتقال الآلاف من عناصر وحدات حماية الشعب إلى عفرين.

كما أننا لم ننسَ تهديدات الجنرالات البنتاغون أمام الصحافة في منبج، بالقول إن تركيا قصفتهم، وإن ردهم سيكون أكثر عدوانية.

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أعلن عن توصل بلاده إلى اتفاق مع الولايات المتحدة حول وضع وحدات حماية الشعب في منبج وشرق الفرات.

قد يكون إعلان هذا الاتفاق تكتيكًا أمريكيًّا للمماطلة، لأن إدارة أوباما كانت قد وعدت بأن وحدات حماية الشعب لن تعبر إلى غرب الفرات.

من جهة أخرى، قد يكون هذا التوافق تكتيكًا تركيًّا للماطلة، لأن أنقرة تواصل توجيه رسائل بأنها "ستستمر في طريقها"، من خلال خطابات الرئيس رجب طيب أردوغان.

وعلى أي حال، يبدو أننا سنشهد أيامًا تاريخية في أبريل ومايو القادمين، من ناحية اتفاقنا مع الولايات المتحدة حول منبج.

اقرأ المزيد
١٥ مارس ٢٠١٨
الكذب سمة أنظمة سورية وروسيا وإيران

الحرب السورية الوحشية التي شنّها بشار الأسد على شعبه منذ سبع سنوات تحت عنوان مكافحة الإرهاب أثبتت أن ثقافة الكذب تجمع بين الحلفاء الثلاثة روسيا وإيران والنظام السوري. والقصف العشوائي الذي تتعرض له الغوطة الشرقية من الطيران السوري مع استهداف المستشفيات وعدم إتاحة إدخال مواكب المساعدات الإنسانية، تؤكد ما يظهر للجميع وهو عدم التزام روسيا تنفيذ قرار مجلس الأمن الذي وافقت عليه بالنسبة إلى وقف القتال في الغوطة وإدخال المساعدات.

فروسيا، وتحت ضغط دولي هائل، وافقت على القرار ولكنها لم تلتزم به وهي تساعد النظام على الاستمرار في القصف. وعندما يعاتب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان نظيره الروسي سيرغي لافروف على عدم وقف القصف والقتال في الغوطة يجيب لافروف أن «القصف يستهدف الإرهابيين في الغوطة وليس المدنيين». والنظام السوري ومخابراته تدربا على يد الاتحاد السوفياتي الذي ورثته روسيا بقيادة أشخاص مثل بوتين تعلموا وكبروا ضمن ديكتاتورية النظام السابق. فبوتين التزم مرة مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لتدمير النظام السوري سلاحه الكيماوي. وها هو النظام يقصف الأطفال بالغازات والكلور القاتل.

وتقدم روسيا مسار آستانة بحجة تخفيض التصعيد في سورية ونرى العكس عبر المزيد من التصعيد. كما أن بوتين أعلن أكثر من مرة أن القوات الروسية ستنسحب من سورية وهي لم تفعل ذلك بل كثفت وجودها إضافة إلى أنها تستخدم مرتزقة شاركوا في حرب الشيشان وأفغانستان للقتال في سورية بدل قوات الجيش الروسي. ووفق الصحافية الروسية إيلينا فولوشين في صحيفة «ليبراسيون» فإن روسيا تستخدم شركة «فاغنر» العسكرية الخاصة لحماية المواقع النفطية السورية حيث لدى الشركتين الروسيتين «غازبروم» و «لوكاويل» مصانع فيما تزود وزارة الدفاع الروسية شركة «فاغنر» بالأسلحة والذخائر والتجهيزات.

وتعترف موسكو في بيان للخارجية الروسية في ٧ شباط (فبراير) أن عشرات المواطنين الروس قتلوا في دير الزور نتيجة قصف أميركي ويدّعي البيان أن هؤلاء ذهبوا إلى سورية بإرادتهم ولأهداف مختلفة. وروسيا لا تعتمد الكذب فقط في سورية بل أيضاً دولياً. ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قالت إن الغالب على الظن أن روسيا بوتين وراء محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق الذي عمل لبريطانيا وابنته بالغاز السام. والنفي الروسي المتوقع جاء على لسان لافروف، ثعلب روسيا. فلا يمكن ان يثق أي كان بما تقوله القيادة الروسية. وقد سبق للافروف أن قال للودريان إن إيران هي عامل استقرار في المنطقة كأن الوزير الفرنسي يجهل كل ما تقوم به ايران في سورية واليمن ولبنان والعراق.

والنظام الإيراني لا يقل عن حلفائه الأسد وبوتين في الكذب خصوصاً عندما ينفي أي تزويد للحوثيين وحزب الله بالصواريخ الباليستية. إن تدخّل إيران على الأرض في سورية بخبرائها العسكريين ومقاتلي حزب الله لحماية الأسد وبناءها ترسانة صواريخ وأسلحة بين لبنان وسورية يساهمان في زعزعة استقرار كل منطقة الشرق الأوسط بما فيها الدول الخليجية بأسرها. من يقول إن الحوار مع روسيا وإيران مفيد يخطئ التقدير لأنه لا يسفر إلا عن عدم التزامات والمشاركة في جرائم الأسد على شعبه والبقاء على أرض عربية استولوا عليها بتقدمة من ديكتاتور سوري خرب بلده ليبقى رئيساً على أجزاء محطمة منه. والأسرة الدولية تترك الشعب السوري يقتل والقصف الروسي السوري مستمر والكل يعلم أن بوتين وفريقه والقيادة الإيرانية يمارسون الكذب ويشاركون الأسد في جرائمه من دون أن يتحرك أحد لإيقافها ومعاقبة المجرمين.

اقرأ المزيد
١٤ مارس ٢٠١٨
الإرهاب كما يبدو في الغوطة

يعرف الإرهاب في أكثر تعريفاته شيوعاً، بأنه عمليات دموية مسلحة وعشوائية، تقوم به قوى منظمة، هدفها إجراء تغييرات وخلق حقائق جديدة على الأرض خارج إطار السياسة، لإجبار الآخرين بمن فيهم المدنيون على إجراء تغييرات في سياساتهم ومواقفهم. ولا يقتصر العمل الإرهابي على نشاط الأفراد والجماعات، بل يشمل ما تقوم به الدول في البعض من ممارساتها ضد الآخرين من أفراد أو جماعات ودول.

وتمثل غوطة دمشق الشرقية اليوم مسرحاً نموذجياً لواحدة من أكبر الأعمال الإرهابية، التي عرفها العالم في العقود الأخيرة من تاريخه. ففي هذه البقعة الصغيرة من محيط دمشق، هناك نحو أربعمائة ألف من السكان، أكثر من نصفهم أطفال، عاش غالبيتهم تحت القصف المستمر منذ سبع سنوات، وأغلب هؤلاء ولدوا في ظل حصار شامل مستمر منذ خمس سنوات، منع فيها دخول وخروج الاحتياجات الإنسانية بما فيها الغذاء والدواء والتجهيزات الضرورية لاستمرار الحياة.

الذنب الأساسي لسكان الغوطة أنهم خرجوا متظاهرين سلميين من أجل مستقبل وحياة أفضل لأولادهم وبلدهم مثل حال أغلبية السوريين الذين تظاهروا من أجل الحرية والكرامة في مارس (آذار) 2011، ثم ذهبوا إلى احتجاجات أوسع بعد أن أغلق النظام بوابات الحل السياسي، وأصر على حل عسكري أمني قائم على الإكراه والإجبار بالقوة، وهي جوهر الأعمال الإرهابية، التي شكلت نمطاً في سلوك نظام الأسد ضد السوريين منذ تولي الأسد الأب السلطة في عام 1970، وتعبيرها الأبرز مذبحة حماة 1982، التي قام بها حافظ الأسد وجهازه الأمني - العسكري تحت شعار محاربة المسلحين واستعادة سيطرة الدولة على المدينة بتدمير المدينة المحاصرة، وقتل عشرات الألوف من سكانها باستثناء من زج بهم في السجون، ومن شردهم في أنحاء مختلفة من العالم.

نموذج حماة في إرهاب الدولة، كرره نظام الأسد عشرات المرات ضد مدن وقرى وأحياء في السنوات السبع الماضية، سواء بواسطة قواته وأجهزته الأمنية أو من خلال ميليشياته، التي لا وظيفة لها سوى القتل والاعتقال والتدمير والتعفيش، قبل أن يطور استراتيجيته في إرهاب الدولة بإقامة تحالف إرهابي من دول وميليشيات لها تاريخ أسود، فخلق حلفاً من الروس والإيرانيين، وضم إليه ميليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية وباكستانية، إضافة إلى شركات المرتزقة وأبرزها المرتزقة الروس.

فالروس لهم نموذجهم في غروزني بالشيشان، والإيرانيون يمارسون الإرهاب، سواء عبر ما قاموا به في إيران أو بدعمهم جماعات إرهابية معروفة ومصنفة عالمياً في قائمة الإرهاب مثل «حزب الله» اللبناني، وهو واحد من ميليشيات إيران، التي تمارس عملياتها في العديد من البلدان.

لقد حشد الحلف الثلاثي قوته في مواجهة غوطة دمشق، وبدأ عملية إبادة شاملة هناك منذ ثلاثة أسابيع، ما زالت متواصلة رغم اتخاذ مجلس الأمن الدولي المنوط به حماية الأمن والسلم الدوليين قراره رقم «2401» بإعلان الهدنة في الغوطة، دون أن تتوقف الحرب، ولا يبدو أنها ستتوقف، لأن سيناريو الحلف الثلاثي يقضي بتحويل الغوطة إلى مكان بلا سكان، ولا مصير لهم سوى واحد من خيارات: الموت، أو الاعتقال، أو الترحيل إلى الشمال باتجاه إدلب، التي لن يكون مصيرها وفق سيناريوهات الحلف الثلاثي مختلفاً عن سيناريو الغوطة إلا ببعض التفاصيل الناجمة عن تمايزات ليست لها أهمية تذكر.

إن المبرر الرئيسي لحرب إبادة الغوطة وسكانها، كما يطرحه الحلف الثلاثي، هو محاربة الإرهاب الذي يصفون به تشكيلات المعارضة المسلحة في الغوطة، وهي التشكيلات ذاتها التي انخرطت في العملية التفاوضية في جنيف وآستانة، وهي طرف في اتفاق خفض التصعيد بالغوطة الذي تم الوصول إليه بضمانة كل من روسيا وإيران وتركيا العام الماضي، وقد امتنعت روسيا وإيران عن مواجهة خروقات نظام الأسد للاتفاق، بل شاركتا فيها قبل أن تصطفا مع حليفهما في الحرب الراهنة على الغوطة، الأمر الذي يسقط بالمعنى السياسي وصف الإرهاب عن تشكيلات المعارضة المسلحة في الغوطة، ويجعل كل من يقف إلى جانب نظام الأسد، مثل إيران، توصف به.

والنقطة الثانية في دلالات انخراط الدول الثلاث في إرهاب الدولة، رفضها المضي في الحل السياسي للقضية السورية، وإغلاق آذانها عن الدعوات والمطالبات الدولية والإقليمية القاضية بوقف الحرب وإتاحة الفرصة أمام الجهود السياسية، وتحدي الإرادة الدولية المعبر عنها في قرار مجلس الأمن، والقول إن سيناريو الغوطة الذي يقارب سيناريو حلب أواخر عام 2016، سوف يتكرر لاحقاً في إدلب وكل منطقة خارجة عن سيطرة النظام في سوريا.

والنقطة الثالثة في حرب الحلف الثلاثي، يمثلها الاستخدام المفرط والكثيف للقوة في الغوطة، وتنوع الأسلحة المستخدمة. ففي الحرب، تتحشد وتتشارك غالبية القوة العسكرية لنظام الأسد وميليشياتها، وبعض القوات الإيرانية وميليشياتها، فيها يتشارك طيران الروس مع طيران النظام في القيام بالهجمات الجوية، وتتواصل العمليات الأرضية والجوية بكثافة ليل نهار، وسط عمليات رصد واستطلاع مرافقة، وإضافة إلى استخدام الأسلحة التقليدية من مدفعية ودبابات وراجمات صواريخ، فإنه يتم استخدام الأسلحة المحرمة دولياً من البراميل المتفجرة وقنابل النابالم والأسلحة الكيماوية ومنها غاز السارين، وتتحشد في سماء الغوطة الحوامات والقاذفات الروسية من كل الأنواع، إضافة إلى طائرة «سوخوي58» أحدث الطائرات الروسية، التي تستخدم لأول مرة في عمليات جوية.

لقد دمرت حرب الحلف الثلاثي وميليشياته المدن والقرى في غوطة دمشق في الأسابيع الثلاثة الماضية، وقتلت وجرحت آلافاً، وخلفت مفقودين تحت ركام المنازل وفي دور العبادة وفي المشافي البسيطة، وغالبيتهم من الأطفال والنساء الذين تحصن أغلبهم هرباً من الموت في ملاجئ لا تصلح للحياة، وبعضها تحول إلى مقابر للموجودين فيها.

وسط مقولة أطراف الحلف وأنصارهم أنهم يحاربون إرهاب جماعات التطرف، إنما يتجاهلون أن ما يقومون به هو الإرهاب الأشد وقعاً ونتائج، لأنه إرهاب مزدوج، يقوم على تشارك إرهاب الدولة مع إرهاب الميليشيات التابعة لها، وهذا لا يوقع أكثر الخسائر البشرية والمادية فقط، بل يعزز البيئة الحاضنة للإرهاب، ويولد جماعات أكثر تطرفاً وتشدداً.

اقرأ المزيد
١٤ مارس ٢٠١٨
المهرج الذي قتل الجميع.. مزحة أبدية

يُقال أن أقصر قصة رعب في العالم هي للكاتب الأمريكي "فريدريك براون" ونصَّها: "آخر رجل على كوكب الأرض كان يجلس في غرفة وحده حين سمع طرقاً على الباب". يمكنك بالطبع أن تتخيل كل التفاصيل المرعبة والتوقعات المفزعة المحيطة بكل الكلمات في القصة. بينما برأيي ستكون أقصر قصة مضحكة هي قصة "المهرج الذي قتل الجميع" والتي يمكنك أيضاً أن تتخيل تفاصيلها بسهولة بالغة.
         
فالجميع التفوا في دوائر شبه كاملة حول حلقة السيرك، وشاهدوا العرض تلو الآخر حتى أتى دور المهرج الذي بدأ يؤدي العروض، وبين الواحد والآخر كان يلقي تهديداً قوياً على الجمهور فيدفعهم ذلك إلى الضحك بعمق، وكلما كانت قوة التهديد أكبر وأصدق كلما زاد الضحك شدة، بينما المهرج يبتسم فرِحَاً فرَحَاً صادقاً خلف قناعه الضاحك حتى جاء الوقت فنفذ تهديداً لأول مرة وألقى بالكرة في وجه أحد الحضور بقوة حتى سال الدم من أنفه فعمَّ صمتُ الصدمةِ على الجميع قبل أن يضحكوا كلهم كما لم يضحكوا من قبل.
   
تكرر الموقف فبدأ البعض يلاحظون أن شيئاً غريباً يحدث وبدأ الانزعاج يتسلل إليهم، بينما ضحك البعض الآخر أكثر من ذي قبل، وكلما تكرر كلما انزعجت الفئة التي لا يزيد عددها إلا ببطء بينما الفئة الأخرى غارقة في الضحك. وبعد وقت طويل بدأت الفئة المنزعجة بالاعتراض أخيراً وطلبت تغيير المهرج على سبيل التغيير ولم تذكر شيئاً عن تهديداته العجيبة ولا عن تصرفاته الغريبة التي يخططون إلى التحقيق معه بشأنها، فوجمت الفئة الأخرى وإن بقيت صامتة بينما ضحك المهرج لأول مرة وتجاهلهم حتى عادوا للجلوس فاستخدمهم في العرض بعد التالي، وتسلل إلى الجمهور فذبحهم بشراسة واستمتاع واضح بالقتل فتناثر الدم على وجوه الجميع قبل أن يغلبهم الضحك مجدداً حين انتهى.
   
البعض قد يقتلعون أعينهم تماماً إذا أصر أحد على أن يريهم عذاب الأطفال ولو حتى بصورة لفتاة تموت بينما تحتضن أختها التي تضع لها جهاز التنفس محاولة إنقاذها

حتى الأطفال تلطخوا بالدم مذعورين لكنهم لمَّا وجدوا آباءهم يضحكون اطمأنوا؛ فبالطبع لن يأتي بهم آباؤهم إلى مكان خطر عليهم وبالطبع لن يصمتوا إن لحقهم شيء. وعادت الدائرة إلى أصلها لوقت قبل أن يعود ظهور فئة أخرى منزعجة أكبر من الأولى ثم أخرى في جانب آخر ثم ثالثة فرابعة، وزاد ضحك الباقين عمقاً فعمقاً وتولَّهوا بالمهرج عشقاً. وفي الوقت نفسه بدأ المهرج يذبح بأعدادٍ أكبر بين كل عرضٍ وعرض، بل إنه أحياناً كان يؤدي عرضاً بينما يذبح.
     
ولمَّا زادت الأعداد عن الحد الذي يستطيع معه السيطرة على الأمر أخرج من جيبه الذي أدخل فيه الكرات الملونة قنابلاً يدوية وكيماوية وبدأ بإلقائها في كل اتجاه وبسرعة شديدة فتملك الذعر من الجميع حتى أولئك الذين يعشقونه وإن لم يظهروا ذلك. وبعدما كان بديعاً ساحراً تدمّر المكان تماماً، وبدأ الناس يزحفون بين الجثث والأشلاء للكبار والصغار باحثين عن ملاجئ يختبؤون خلفها بينما الصرخات تعلو من كل جانب ودموع الأطفال تحفر الأخاديد في وجوههم الناعمة وقلوبهم الملائكية. "أين الطرافة في ذلك والضحك؟" لعلك تسأل. بالطبع هناك طرافة كبيرة في كل لك؛ فوسط كل ذلك المشهد الكارثي فإن الزاحف هارباً من ذلك البطش يستطيع أن يسمع خلف الكراسي المدمرة والحواجز أحد الضاحكين يجيب أحد المعارضين حين يسأله عن موقفه من هذا الدمار وهذه الفوضى وهذا الرعب الذي يصيبهما، يجيبه بمنتهى الصدق: "نحن نستحق، فنحن الذين استفززناه، نحن الذين أنكرنا النعمة والضحك وركزنا على السواد والأخطاء...لذا عليه أن يعيد النظام ويعاقبنا كيفما شاء".
   
فأما إذا سأله: "ماذا عنك وأنت ستقتل مثلنا؟"، فيجيبه بينما هو مختبئ مرتعد "أنه بمأمن لأنه لم يخطئ، فالمهرج لا يقتل عبثاً، فالمهرج عادل...المهرج عادل". وإذا سأله: "ماذا عن القتلى والأطفال والدم؟"...يجيبه واضعاً يديه على عينيه (أنها أخطاء معدودة محدودة ولم يعد يرى مثلها فقد انتهت).
حتى أن البعض قد يقتلعون أعينهم تماماً إذا أصر أحد على أن يريهم عذاب الأطفال ولو حتى بصورة لفتاة تموت بينما تحتضن أختها التي تضع لها جهاز التنفس على وجهها محاولة إنقاذها...بالطبع ذلك لم يحدث فهم أدرى لأنهم اقتلعوا أعينهم. أليس ذلك مضحكاً؟
   
وإذا كنت ما تزال تبحث عن طرافة أكبر فانتظر حتى تعلم أن كل ما يحدث ينقل عبر الكاميرات إلى ملايين خيام السيرك حول العالم، هذه الخيمة الكبيرة، فيشاهد الناس وهم متأثرين ظانِّين أنهم على الأقل ليسوا هناك فالحمد لله، لكن الظن لا يعدو كونه ظناً والطمأنينة القائمة عليه زائفة وإن طال وجودها، ثم تجدهم ينقلون بصرهم على حلقة السيرك في خيمتهم ليتابعوا مهرجهم وليضحكوا بعمق وكأن ضحكهم سيدوم للأبد.

اقرأ المزيد
١٤ مارس ٢٠١٨
صمت واشنطن عن الأسد وجرائمه

سأفترضُ الآن أن بشار الأسد وحلفاءه تمنكوا نهائياً من القضاء على كل المناطق الثائرة، وتمكنوا من تهجير أهل الغوطة الشرقية، وسأفترض أيضاً أن السيد بوتين الذي سيربح الانتخابات حتماً، سيبقى في سورية لمدة خمسين عاماً!

ونصر الأسد وحلفائه، إذا تحقق، وإذا بقيت الأمم المتحدة على عجزها وشللها التام تجاه كارثة القرن السورية، فهل سيدفع هذا الحال واشنطن ومعها الغرب إلى التساؤل الجدي عما إذا كانت هذه الأنظمة المارقة ستشجع بقية الأنظمة المارقة في العالم، وعلى رأسها نظام كوريا الشمالية، على متابعة السير في طريق التعنت والتسلح وتحدي الغرب؟

ألا يؤسس هذا الافتراض السيء (والذي يسير حتى الآن نحو التحقق) إلى التأسيس لحرب باردة جدية يقودها بوتين وخامنئي والأسد ضد كل العالم الغربي، وطبعاً ضد كل المؤسسات الدولية الأممية المعنية بعدم فلتان العالم بهذا الشكل الذي يريده الأسد وحلفاؤه!

من يتابع التطورات العسكرية على الأرض في الغوطة الشرقية، لا سيما بعد القرار الدولي 2401 والذي ولد ميتاً، يشعر بأن كامل الغرب ومعه واشنطن سعداء بما يحدث!

عطفاً على الافتراض الذي تصورناه: إذا انتصر الأسد (لا سمح الله) وحانت اللحظة التالية لكي يتعامل الأسد مع العالم أجمع، فهل يمكن مثلاً أن يبدأ بإعمار سورية منفرداً بمعونة حلفائه، وهل ستقبل واشنطن بالانسحاب من كل قواعدها العسكرية في سورية لصالح تمكين الأسد من كامل الجغرافية السورية؟

سؤال مستقبل سورية السياسي هل سيكون مؤجلاً إلى أن تصحو الإدارة الأميركية الحالية وترى بعين الشعب السوري المذبوح حجم الخراب والقتل والفضيحة التي تلف العالم أجمع؟

باختصار، إذا لم تتحرك واشنطن عسكرياً ضد الأسد فإن الأسد وحلفاءه سينتصرون عسكرياً على الشعب السوري، وآنئذ ستكون سورية السياسية مثل كتلة السرطان في قلب هذا العالم.

كأي سوري كاره للسياسة وعاشق للحياة والسلام والحرية، أرى أن ما يحصل يؤسس لحروب مقبلة ومروعة في سورية، وصمت واشنطن مرعب ومروع تماماً مثل كلور الأسد!

وإذا بقي الأسد، فلتحفر الأمم المتحدة ومعها كل مؤسساتها قبراً لنفسها وتقرأ على روحها الفاتحة، ولينعم العالم بالخراب.

اقرأ المزيد
١٣ مارس ٢٠١٨
سيناريوهات الغوطة

لم يمنع قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بسورية، رقم 2401، والذي صدر في 24 فبراير/ شباط الماضي، في بنيته القانونية، شنّ عملية عسكرية في الغوطة الشرقية، فهو يتحدث صراحة عن استثناء الجماعات المصنفة إرهابية وفق عرف الأمم المتحدة من الهدنة. وعادة ما تكتب هذه التوصيفات، أو الاستثناءات، عن قصد بين الدول، وخصوصا بين روسيا والولايات المتحدة، من أجل ترك هوامش جانبية، لتحرك كل دولة وفق ما تراه ضرورة ملحّة.

هكذا تستفيد روسيا من القرار لشرعنة العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية، وهكذا تستفيد منه تركيا في محاربة التنظيمات الإرهابية، أو تلك المتحالفة مع هذه التنظيمات في عفرين، وهكذا أيضا تستفيد الولايات المتحدة منه لشرعنة وجودها طويل الأمد في سورية. ومع ذلك، لا يسمح القرار 2401 باستمرار العمليات العسكرية إلى أجل غير مسمى، وهذه مسألةٌ في غاية الأهمية، ونقطة فارقة تميز حالة الغوطة الشرقية عن حالة حلب، ناهيك عن الخصوصية الجغرافية والسكانية للغوطة الشرقية.

يدرك المحور الروسي أن عليه إنجاز مهمة عسكرية ضمن وقت محدد، يسمح بتنفيذ الهدنة من دون إبطاء، وفق منطوق نص القرار 2401، وهذا ما يفسر سرعة مجريات العمليات العسكرية الهادفة إلى فكفكة الغوطة جغرافيا، بحيث تتحوّل إلى كانتونات، أو غيتواتٍ جغرافيةٍ منعزلة ومنفصلة عن بعضها بعضاً.

التقاء قوات النمر القادمة من النشابية والشفونية وأوتايا في الشرق، المدعومة من روسيا، مع قوات الحرس الجمهوري القادمة من محور مدينة حرستا في الغرب المدعومة من إيران، يسمح بشق الغوطة إلى قسمين، شمالي وجنوبي، على أن تعقبه خطوة مهمة، وهي عزل مدينة دوما، حيث يوجد "جيش الإسلام" عن مدينة حرستا، حيث توجد حركة أحرار الشام. ويسمح هذا المخطط للنظام بالتعامل مع الغوطة، ليس ككتلة جغرافية وازنة، وإنما ككتل منفردة ضعيفة، تسمح له بتحقيق أهدافه، إما بمعارك عسكرية تبدو سهلة، أو عبر تسويات منفردة. وبناء عليه، يسهل على النظام مهاجمة القسم الجنوبي، لإخراج "فيلق الرحمن" بالدرجة الأولى و"جبهة النصرة" بالدرجة الثانية. أما المحور الشمالي، فيبدو أنه سيخضع للهدنة بحسب اتفاقات أستانة، وليس معروفاً إلى الآن هل ستشمل الهدنة مدينتي دوما وحرستا أم مدينة دوما فقط؟

وتبين التفاهمات السياسية أخيرا أن دوما ستكون خاضعة للهدنة لاعتبارات محلية ودولية. ومحليا، تعتبر دوما الخزان البشري الحقيقي في الغوطة الشرقية، وهي مدينة محصنة في الداخل بالأنفاق والمتاريس، ويحتاج اجتياحها إلى أشهر، لا يسمح به قرار مجلس الأمن، وسيكون بثمن بشري باهظ، سيتكبده المحور الروسي، غير القادر على دفعه الآن في ظل التنافس الحاد مع الولايات المتحدة في الشمال والشمال الشرقي من البلاد.

دوليا، يبدو أن تضمين دوما في الهدنة ومناطق خفض التوتر ناجم عن رغبة روسية ـ مصرية مشتركة، فقد أجرى الروس في الأشهر الماضية تفاهمات مع السعودية حيال الملف السوري وملف النفط، وانعكس ذلك بوضوح في مخرجات "مؤتمر الرياض2"، وفي التفاهمات البينية بشأن مستوى إنتاج النفط، ومصر المتحاملة على الدور الإقليمي لقطر تسعى إلى دعم الحضور السعودي، وهذا ما يفسر دخولهم على خط المفاوضات قبل أيام.

ولعل انتشار قوات من الجيش والشرطة الروسية في أقصى شرق الغوطة مؤشر على رغبة روسيةٍ لتطبيق بند في اتفاق أستانة متعلق بنشر قوات شرطة روسية (شيشانية) في الغوطة، لفرض الحضور الروسي، من أجل قطع الطريق أمام إيران، للاستئثار بهذه المنطقة الحيوية المفتوحة على بادية حمص في الشمال الشرقي وبادية السويداء في الجنوب. وبهذا تكون الغوطة قد قسمت إلى أربع مناطق: منطقة تخضع لتفاهمات أستانة (دوما). منطقة ستكون ساحة المعركة المقبلة (جنوبي الغوطة). منطقة حرستا، وتخضع لثلاثة احتمالات: شن عملية عسكرية للسيطرة عليها، السيطرة على القسم الغربي من المدينة المطل على أوتوستراد دمشق ـ حمص، حيث أعلنت وسائل إعلام مقربة من النظام قبل أشهر أن المفاوضات جارية مع فصائل المعارضة لفتح الطريق الدولي، استكمال سياسة الحصار الخانق لفرض التسوية في نهاية المطاف. المنطقة المطلة على مدينة دمشق (جوبر، زملكا، عين ترما)، وليس معروفا إلى الآن مصيرها، خصوصا أن النظام يستغل خضوعها لسيطرة المعارضة، لكي يطلق قذائف باتجاه جرمانا وحي باب توما حيث الدروز والمسيحيون، من أجل استثمار ذلك إعلاميا، والظهور بمظهر المدافع عن الأقليات في مقابل المعارضة التي تهدد الأقليات. ولم يكن غريبا أن يركز المندوب الروسي في جلسات مجلس الأمن التي سبقت صدور القرار2401 على القذائف التي تسقط على دمشق، وتجاهل مئات الصواريخ والقذائف التي تسقط على مدنيي الغوطة.

في كل الأحوال، يمكن القول إن الغوطة الشرقية أصبحت ساقطةً بالمعنى الاستراتيجي في معادلة الصراع، وما سيجري لاحقا من عمليات عسكرية أو حصار خانق أو تسويات سيكون استكمالا للواقع العسكري الذي يقوم المحور الروسي بتثبيته الآن.

اقرأ المزيد
١٣ مارس ٢٠١٨
هل أخطأ المثقفون فهم الشعوب الغارقة في الجهل والطائفية؟

"سيدي الكريم، لأني لا أحب الكتابة في التعليقات، والدخول في معمعة السب والنقاش مع الآخرين. أكتب إليك بشكل خاص. أقول لك إن أمثالك هم السبب في ما وصلنا إليه من دمار وقتل وتهجير. أمثالك أحيوا في كثير من فئات الشعب، في البداية، أملا وحلما بسورية متطوّرة، حديثة، علمانية، متقدمة. أمثالك ممن دخلوا قلوب الناس وعقولهم بشخصيتهم الراقية قد حفزتم الناس على رفض النظام الذي أراه، لو بقي كما كان، لكان الأفضل لنا جميعا. لم تحسنوا قراءة الشعب السوري الغارق في جهل الإسلام، والعصبية العمياء، والانتماء القبلي والطائفي، فأوديتم بالبلد والشعب إلى الهاوية. للأسف، ما حدث لم يكن ثورةً على الجهل والتخلف، بل كان حركة غوغاء، نتائجها كانت تدمير الإنسان قبل المكان. أصبح الموت والأموات من تفاهات الحياة اليومية في سيرتنا".

هذا نص رسالةٍ وصلت إلي على صفحتي الشخصية قبل أيام. وهي تُوجّه إلينا من دون مواربة وببساطة، أعني إلى المثقفين الذين ناصروا الثورة الشعبية، تهمة الجهل وسوء التقدير، إن لم يكن إغواء الجمهور وخداعه وتضليله. لا تقول الرسالة: إذا لم تكونوا واثقين من النصر، فلماذا ورّطتم الشعب في حركةٍ ستجرّ عليه الأهوال، كما هو شائعٌ في حالاتٍ مماثلة، ولكن، أبعد من ذلك، كيف دفعتم الشعب إلى الثورة، وأنتم تعلمون جهله وتعصبه وطائفيته؟


لسنا هنا أمام نقد للفكر والمفكرين التحرّريين فحسب، وإنما أمام إدانة جوهرية للشعب، تنطوي على يأسٍ من أي تحول أو تغيير ممكن، الآن وفي المستقبل. نحن إزاء نفي مطلق لشرعية الثورة نفسها في شروط مجتمعاتنا العربية.

يفترض كاتب الرسالة أنه كان للمثقفين الدور الأول في اندلاع ثورة السوريين، وأن خطابهم، وربما بعض ملامح شخصيتهم المدنية الراقية، كما يقول، قد خدعت الجمهور وشجّعته على الخروج على النظام القائم. ويتضمن هذا الافتراض ثانيا أن الشعب لا يملك الوعي ومنظومة القيم التي تسمح له بالقيام بثورة، وأنه إذا ثار فلن تكون ثورته سياسية، وإنما حركة غوغائية، نظرا لجهله وتعصبه وطائفية معظم فئاته، فهو يفتقر إلى أي مبادرة ذاتية. ويتضمن ثالثا أن ما حصل من خرابٍ ودمار وقتل وتشريد أصاب ملايين الناس لم يكن نتيجة الحرب التي شنها النظام لقمع ثورة، وإنما هو ثمرة الحركة الغوغائية التي أطلقها، والتي لا يمكن أن تقود بالتعريف، أي بسبب غوغائيتها، إلا إلى ما شهدناه من خرابٍ ودمار وقتل. وتتضمن رابعا أن سياسة النظام لقمع الثورة/ الحركة الغوغائية لم تكن خاليةً من العقلانية، إن لم تكن شرعية. وخامسا، المسؤولية الرئيسية في ما وصلت إليه الأمور تقع على كاهل المثقفين السوريين، وأنا في مقدمهم، لجهلهم بطبيعة شعبهم البدائية، أو لرغبتهم في تضليله، طمعا في السلطة أو تعلقا بحلم تحرّري، لا مجال لتحقيقه في سورية، وربما في العالم العربي والإسلامي بأكمله. وبطريقةٍ ارتجاعيةٍ، يمكن أن نستنتج أن نظام الأسد، أو ما يشابهه من الأنظمة المجاورة، هو النظام الأكثر ملاءمة للشعوب العربية الأمية، وأن أصل الداء في مجتمعاتنا ليست النظام، وإنما الشعوب البدائية، وكل من يتعاطف معها من المثقفين والسياسيين الحالمين، أو الذين يخدعون أنفسهم بتعلقهم بمبادئ وقيم لا يمكن تطبيقها في الواقع.


(2)
ليس هناك شك في أن المثقفين مسؤولون عن نشر الأفكار التي ألهمت الثورة بمقدار ما قدمت للمجموعات النشطة التي قامت بإشعالها أهدافا تضفي الشرعية على عملهم، وتسمو به فوق المصالح والمنافع الوقتية والمادية. وبالفعل، من دون أفكار ملهمة وموجهة ومقنعة، لا تقود الاحتجاجات بالضرورة إلى ثورةٍ طويلة المدى وشاملة. لكن المثقفين لم يكونوا مع ذلك، مهما كانت نوعية أفكارهم وشعاراتهم وسلامتها أو خطئها، المفجرين الحقيقيين لها. المسؤول الأول عن إيجاد شروط الثورة وتفجيرها هو النظام السياسي، وخياراته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية أو التربوية، البعيدة والقصيرة المدى معا، وهي الخيارات التي تعاملت مع الشعب باعتباره قاصرا أبديا، وقرّرت أن تحكمه بالقهر، وتفرض عليه الصمت، واعتمدت من أجل إخضاعه والحصول على طاعته وسائل الإرهاب والترهيب البدائية الأكثر عنفا.

هكذا لم يعد الأمن يعني ضمان الدولة حقوق الناس ومصالحهم وسلامتهم الشخصية، الجسدية والمعنوية، وإنما بالعكس تماما، الأجهزة التي تعمل على تعرية الأفراد من أي حماية قانونية أو أهلية أو أخلاقية، لتأمين طاعتهم المطلقة وانقيادهم، من دون تساؤل أو سؤال، باعتبار ذلك شرط ضمان أمن النظام. لم تقبل السلطة، في أي وقت، الاعتراف بوجود شعب، باعتبار هذا الشعب طرفا له حقوقه ومصالحه ورأيه في ما يمس حياته ومصيره، ولا أقول سيادته، كما ينص الدستور. وترفض رفضا دينيا فكرة الحوار معه، أو التفاوض مع أطرافه لأي هدفٍ كان. واعتقدت دائما أنها تستطيع أن تضمن إذعانه من دون تنازلات، مهما كانت، معتمدةً على تحكّمها بشروط حياته، ووضعه في حالة تبعية مطلقة لها، أفرادا وجماعات، واستخدام جميع وسائل العنف المادية والمعنوية، واحتكار وسائل الإعلام والتربية والثقافة، ووضع يدها على جميع موارد البلاد وتحكمها من خلال أجهزتها القمعية بكل فرص العمل ومنافذ الريح في قطاع المهن الحرة والوظيفة العمومية، وأخيرا ممارسة أسلوب العقاب الجماعي والمنفلت من أي رقابةٍ أو قيدٍ قانوني أو أخلاقي، بحيث لا يعرف الفرد الذي تبدو عليه علامات الامتعاض ما يمكن أن يواجهه من عقاب، ليس عما يقوله أو يفعله، وإنما عما لا يفعله، وما لا يعجب رجل الأمن في سلوكه، أو تصرفاته أو عشرته، وربما لون ملابسه أو نظراته أو طريقة سيره.

ولأن النظام كلما زاد تسلطا وأمنا زاد فسادا، وأصبح أكثر غيرة على مصيره، وهوسا في الدفاع عن أمنه، لم يجرؤ، في أي وقتٍ، على التخفيف من عنفه الشامل الذي شل بتعميمه المجتمع. وكلما زاد هذا المجتمع استسلاما له، زاد هذا النظام طموحه إلى أن يجعل من وجوده قدرا لا فكاك منه، حتى انتهى الأمر به إلى أن يجعل مركز نشاطه وبرنامج عمله الرئيس تنظيم الحرب الوقائية الرامية إلى التحييد الدائم والشامل للمجتمع، بما فيه من يواليه منه، وتعميم أعمال الترهيب الجماعي التي لا تهدف إلى عقاب أفعال أو أقوال اعتراضية، وإنما إلى تثبيت الخوف والرهبة في النفوس، والحيلولة دون ظهور أي بوادر احتجاجية من أي نوع كان.

أما في ما يتعلق بدور المثقفين، فليس ما يُؤخذ عليهم، أو ينبغي أن يؤخذ عليهم، نشرهم قيم الكرامة والحرية والعدالة والمساواة في المواطنة وحكم القانون، التي ضللت الشعب وحفّزته على الانتفاض، وهو غير أهل له، كما تقول الرسالة، ولا وقوفهم إلى جانب الجمهور، والسعي إلى توثيق العلاقة معه، وترشيد حركته، وتوجيه انتفاضته نحو أهدافٍ إيجابية، وتجنيبه الانحراف نحو المهاوي الطائفية والانتقامية التي كان يدفعه إليها النظام. ما ينبغي أن يُؤخذ عليهم، بالعكس تماما، هو تقصيرهم في القيام بدورهم هذا، ووقوف عديدين منهم، إن لم يكن أكثرهم، موقف التردد أو الحياد والهرب من المسؤولية. وترك الجمهور تقريبا من دون قيادةٍ سياسيةٍ وتوجيه فعليين.

وبالمثل، من الصحيح ما تذكره الرسالة إنه لا يمكن للشعب المقهور والمحكوم بالإعدام السياسي والعطالة المدنية، والموضوع في قفص الاتهام، وتحت الحراسة والمراقبة اليومية، أن يكون مستقلا وقادرا على أخذ المبادرة، ولا أن يتجرأ على الانتفاض وحده لولا تحفيز الآخرين. لكن الشعوب لا تعيش في معزلٍ عن بعضها بعضا، ولا في كرة مغلقة. إنها تتفاعل في ما بينها، وتحرّكها ديناميكيات عميقة باطنية، عابرة للحدود وأحيانا للقارات. ليس المثقفون من أشعل فتيل الثورة السورية، وأطلق ماردها من القمقم، وإنما ثورات الشعوب العربية المجاورة التي أظهرت للجمهور المخنوق بالملموس أن إسقاط صرح الطغيان ليس من المستحيلات، وأن الأمر لا يحتاج عبقرية فذّة، ولا وسائل واستراتيجيات بعيدة المنال. فكل الشعوب قادرةٌ على تسيير تظاهرات، والاحتشاد في الساحات العامة، وانتظار سقوط النظام. وكان من الصعب ألا تلتقط هذه الفكرة البسيطة مجموعاتٌ صغيرة من الشباب الذين لا مستقبل لهم، في نظام يسدّ عليهم كل أبواب الحياة، والذين لم يشهدوا أحداث الثمانينات من القرن الماضي، ويروا بأم أعينهم جثامين ضحايا مجازر حماة وجسر الشغور وتدمر وغيرها، ويستبطنوا الصدمة النفسية التي شلت إرادة آبائهم عقودا طويلة، وربما للأبد.


(3)
رمي مسؤولية ما حصل على الوعي المتخلف للشعب لا يسعف أحدا. صحيحٌ أن قطاعاتٍ من المجتمع السوري قد أظهرت، في بعض مراحل الثورة، وربما قبلها أيضا، بعض أعراض الجهل بالإسلام، أو التفسير الخاطئ للدين، ومشاعر الطائفية، والتعصب، والكراهية، كما هو الحال في مجتمعات أخرى عديدة. لكن هذه الأعراض لم تحدث، ولا يمكن أن تحدث ثورات. وليست هي التي تصنع الأحداث، وتتحكم بمجرى التاريخ والتحولات الكبرى. ولا تمثل ماهيةً ثابتة لأي شعب.

الجذور العميقة للممارسات الطائفية وإحياء روح التعصب المذهب والقبلي والجهوي موجودة في أساسات نظام الأسد، وهي التي تميزه وتعبر عن جوهره، باعتباره نظام التمييز الطائفي والمحسوبية والعنصرية الاجتماعية واللعب على الانقسامات الأفقية والعمودية وتزوير الحقائق بامتياز، وهذا ما يفسر أيضا ما بدر منه من مشاعر الحقد والانتقام والكراهية والتشفّي، وبرّر في عيون مليشياته عمليات القتل بالجملة للمعارضين والمدنيين من دون حساب. الوحشية والطائفية وروح الكراهية التي سيطرت على بعض قطاعات الرأي العام السوري هي رد الفعل المباشر والأعمى على الطابع الوحشي والطائفي الذي طبع أسلوب حكم الأسد ومعاملته محكوميه. والذي سعى من خلاله إلى بث الفتنة داخل صفوف الشعب للتحكّم به، وتضليله، ودفعه إلى الارتماء في أحضان رجال الدين، وفصله عن نخبه الثقافية والسياسية الواعية، حتى يحرمه من أي فرصةٍ لتنظيم مقاومة بناءة، وتقويض أي أملٍ له بالخلاص.

ومهما كان وزن الأفكار الثورية والتحرّرية وتأثيرها، ما كان من الممكن لها أن تقاوم استراتيجيات النظام المعزّزة بأجهزته وأجهزة حلفائه الأمنية والإعلامية الواسعة والمتعدّدة المتربصة بفصائل ومجموعات ثورية مفتقرة للقيادة السياسية الواحدة، واستغلال أخطائها لتبرير عنفه، والتغطية على خياراته الإبادية. كان تفجير حرب طائفية موازية للثورة السياسية السلمية، لم يوفر نظام الأسد وسيلةً من أجل إشعالها، الوسيلة الوحيدة لاستبدال سردية الثورة بسردية الحرب الأهلية، وإجبار قسم من الشعب على الالتحاق باستراتيجيته، باسم الدفاع عن الأقليات، قبل أن ينتقل، في مرحلةٍ تاليةٍ، إلى تفجير حرب ضد الإرهاب الذي كان أول من أطلق سراح قادته ورجالاته.

لم تكن مظاهر الجهل والتعصب والطائفية والقبلية التي انبعثت في سياق الثورة عفوية ولا بريئة. لقد تم تصنيعها في الصراع ومن أجله، وبإرادة النظام، وبمساعدة أجهزته ذاتها، ولهدفٍ واضح وعلني، هو دفن المحتوى التحرّري والمطالب الديمقراطية للثورة تحت طبقةٍ سميكةٍ من غبار النزاعات الفكرية والطائفية، وإحياء العصبيات القبلية الدارسة.

ليست الثورة والحرب التي أعلنها النظام عليها، والتدخلات الأجنبية التي استدعاها لتعزيز قواته، والحروب الجانبية والموازية التي أطلقها، الأقوامية والطائفية والمذهبية ثم الإرهابية، والقتل والدمار الذي رافقها جميعا، ليس ذلك كله من صنع المثقفين. وهو ليس من صنع الشعب البسيط الذي كان يحلم، مثل جميع الشعوب، ببعض الكرامة والحرية والأمان والاعتبار. كان من مقتضيات الحرب البربرية التي أعلنها النظام وحلفاؤه على الشعب لسحق إرادته، وإجباره على قبول الأمر الواقع، والاستسلام للسلطة الجائرة والفاسدة التي تحكمه، وتتحكم بحياته وأرواح أبنائه منذ نصف قرن. بديل الثورة، التي كانت وستبقى أكبر حدثٍ مجيد في تاريخ سورية الحديثة، وأعمقها أثرا وتعبيرا عن إرادة التحرّر وروح البطولة والكفاح التي تسكن اجسام السوريين وقلوبهم، كان ولا يزال قبول الشعب بالعبودية كخيار وحيد وكمصير أبدي. لم يكن الصراع في أيٍّ من مراحل الثورة صراعا على الثقافة، ولا على المواقع الطبقية، ومن باب أولى على المحاصصات الطائفية والعشائرية. كان بوضوح الشمس على الوجود بين نظامٍ جعل شرط بقائه تغييب الشعب وإعدامه وشعبٍ لم يعد قادرا على البقاء من دون التخلص من قهر النظام وإسقاطه. بين العبودية والحرية لا يوجد نصف خيار.

اقرأ المزيد
١٣ مارس ٢٠١٨
في ظل صراع الكبار.. أحداث غريبة تدور في سوريا

لا بد أنكم تذكرون كيف دخل العالم شهر مارس/ آذار..

الرئيس الروسي قال: "صاروخنا الجديد ليس له مدى محدد"..

وأضاف: "سنرد فورًا على أي هجوم نووي يستهدف أحد حلفائنا"..

بعد ستة أيام، تحطمت طائرة شحن روسية من طراز أنتونوف-26 في سوريا. لقي 39 عسكريًّا كانوا على متن الطائرة مصرعهم، من بينهم الجنرال فلاديمير يرمييف، أحد القادة المرموقين.

مشهد تحطم الطائرة لا يخلو من الغرابة. تقترب الطائرة بشكل سليم من المدرج في قاعدة حميميم، إلا أنها تسقط وهي على ارتفاع 500 متر وتتحطم.

كما هو معلوم تستخدم قوات البحرية الأمريكية تقنية "النبضة الكهرومغناطيسية". يلف الصمت حاليًّا مسألة سقوط/ إسقاط الطائرة الروسية. بيد أن الخبراء يلفتون إلى هذا الاحتمال بشأن أنتونوف-26.

بعض الاستراتيجيين الغربيين لديهم قناعة بأن البنتاغون وجهت الرسالة التالية إلى بوتين:

"أنت غير قادر على السيطرة على قاعدتك العسكرية في سوريا، لا يمكنك حتى أن تنزل طائراتك بسلام. فدعك من الحديث عن الصواريخ النووية"..

***

ولا تنسوا أن 12 مقاتلة في القاعدة الروسية نفسها قُصفت وهي على الأرض خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.

قالت روسيا في البداية إنه هجوم بقذائف هاون، لكن الأمر لم ينطلِ على أحد!

والآن لم يعد هناك أحد ينكر أنه كان هجومًا بطائرات مسيرة. قال الروس إن الطائرات "مجهولة الهوية"، وهكذا أُغلق الملف.

هل هذا ممكن؟ هل نصدق؟ لا بالطبع!

عندما تحدث الأمور بسرعة يتم نسيانها بسرعة.

على سبيل المثال..

سرعان ما نسينا أن حوالي 150 مقاتلًا روسيًّا قُتلوا في غارة نفذها التحالف الدولي، قبل عدة أسابيع في دير الزور..

ما زالت جثث معظم القتلى تنتظر في مشارح بدمشق، والمعارضة الروسية تستغل التداعيات السلبية للحادثة في أجواء الاستحقاق الانتخابي المقترب في روسيا..

***

قد تتساءلون الآن، لماذا أتحدث عن كل هذه التفاصيل؟

لأنه يتوجب علينا أن نركز كل انتبهنا على النظام العالمي الذي بدأ يتشكل من جديد في سوريا.

هناك أمور غريبة تدور في سوريا..

مساومات جديدة، وخلافات غير مسبوقة..

هناك مساعٍ للكشف عن طرف على الأقل في الحرب الدائرة بالوكالة، بمعنى أن روسيا تجد نفسها مدفوعة إما للحرب علنًا أو للانسحاب من سوريا.

ما يهمنا هو أنه لم يعد بوسعنا الانشغال بجدالات عقيمة في الداخل، بينما قواتنا هناك في عفرين.

بيد أن هناك البعض ممن يحاولون تشتيت انتباهنا، وللأسف ينجحون بذلك..

لكن ينبغي علينا ألا ننخدع بعد الآن بهذه الألاعيب.

يتوجب علينا أن نركز أنظارنا وانتباهنا على وضعنا في سوريا والمستقبل القريب في حوض المتوسط..

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان
● مقالات رأي
٣٠ يوليو ٢٠٢٤
التطبيع التركي مع نظام الأسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري 
المحامي عبد الناصر حوشان
● مقالات رأي
١٩ يونيو ٢٠٢٤
دور تمكين المرأة في مواجهة العنف الجنسي في مناطق النزاع: تحديات وحلول
أ. عبد الله العلو 
● مقالات رأي
١٩ يونيو ٢٠٢٤
صمود المرأة ودورها القيادي في مواجهة التحديات
فرح الابراهيم
● مقالات رأي
١٩ يونيو ٢٠٢٤
العنف الجنسي في حالات النزاع: تحديات وآثار وحلول ودور المرأة في هذه الظروف
أحمد غزال