علينا الاعتراف أنه لا يمكن إعادة سوريا إلى ما كانت عليه قبل أربع سنوات، فالأمور تغيرت والدولة باتت بابا لكل الاحتمالات، ويبدو أمر إنقاذ ما تبقى الشغل الشاغل للمعنيين بالشأن السوري، وعلى عكس ما تروج له وسائل إعلامه وتصريحات مسؤوليه ومناصريه من محور الممانعة، فإن نظام دمشق، بمساعدة داعميه في طهران وموسكو، يبدو أكثر المرحبين بتقسيم سوريا إلى دويلات أو أقاليم دون أن يكون مهتما بالعدد النهائي لتلك الدويلات، فالمهم بالنسبة إليه البقاء حاكماً حتى ولو على مجموعة من القرى، وهو يقدم دلائل كافية على أنه يسعى لتحقيق ذلك بأسرع وقت لتخفيف الضغط وتقليل الخسائر عن حاضنته الشعبية ومواليه اللذين بدأت علامات التململ تظهر بشكل جلي عليهما، وباتا غير قادرين على رفد آلته العسكرية بالمزيد من المقاتلين، وقد سلم طائعاً مناطق واسعة في الآونة الأخيرة فتمكنت فصائل الثوار المنضوية تحت لواء جيش الفتح من تحرير منطقة أريحا في ريف إدلب دون مقاومة، وقبلها لم يجد داعش قوات النظام بانتظاره على أبواب تدمر، فأحكم سيطرته عليها.
وإن كانت الدول المعنية بالملف السوري الشائك قد أبدت قلقها من التطورات الميدانية الأخيرة، فإنها بالمقابل لم تبذل جهداً للحد من تدهور الأوضاع، ووقفت موقف المتفرج. الولايات المتحدة التي تترأس التحالف الدولي لمحاربة داعش، لم تتمكن من تحديد أهداف لطلعاتها الجوية وغاراتها، وظلت طائراتها تلقي حمولاتها دون أن تحدث فرقاً جوهرياً، لكنها بالمقابل كانت قادرة على تنفيذ عملية كوماندوس تمكنت من خلالها من قتل “أبو سياف” وهو أحد قادة داعش واعتقال زوجته، واحتفت بهذه العملية واعتبرتها نصراً.
واشنطن، في ظل الإدارة الحالية التي توصف بالرخوة، تبدو غير مستعدة لحسم أي شيء، بل إنها حريصة على ترك الملفات معلقة، والسماح لكرة النار بأن تتدحرج دون تدخل، وانتظار نتائجها الطبيعية، التي لن تقتصر بالضرورة على المنطقة التي يسيطر عليها التنظيم، بل ستصل إلى أبعد من ذلك.
تصريحات قادة المعارضة السورية تميل إلى الرومانسية والأحلام ببناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق مواطنيها، وهو الكلام الذي لا تنفك هذه المعارضة على اختلاف توجهاتها عن ترديده منذ الأيام الأولى للثورة، دون مراعاة التغيرات التي حصلت على الأرض، إذ لا تمتلك المعارضة أية قراءة واقعية للحدث، وهي على ما يبدو تنتظر معجزة ما، وإلى أن تتحقق تلك المعجزة تواصل عقد اجتماعاتها التي تنتهي دائماً بمزيد من الخلافات.
تبدي المملكة السعودية توجساً من حالة الفوضى المفزعة في سوريا، ومن أحلام إيران التوسعية في المنطقة وهي تسعى للحد من هذا التوسع، وقد تنبأ متابعون إلى أن الرياض قد تطبق ما فعلته في اليمن على الحالة السورية، إلا أنها تتريث لحسم الملف اليمني أولاً، وهو ليس بالملف السهل.
يبدو كل شيء مؤجلاً، ولا تحمل الأروقة الدبلوماسية أي أمل بحسم قريب، أو بحل سياسي يجنب سوريا مزيداً من التمزق، كما أن المعارك لم تصل إلى نقطة الحسم النهائي، وقد تأخذ زمناً قبل أن تصل إليها، فاللاعبون كثر وقد اختلطت الأوراق بطريقة لا توحي بأن ثمة من يقدر على فرزها وإعادة ترتيبها، أخيراً يبدو أن المعجزة التي تعول المعارضة على حدوثها هي خيار نهائي للجميع.
العنوان أعلاه هو اتهام وجهته الولايات المتحدة الأميركية عبر موقع سفارتها الرسمي في دمشق، والمغلقة بالطبع عمليا على الأرض، تقول فيه إن قوات نظام المجرم بشار الأسد تقوم بتنفيذ غارات جوية لمساعدة تنظيم داعش على التقدم حول مدينة حلب.
وتقول السفارة الأميركية إن «التقارير تشير إلى أن النظام يشن غارات جوية دعما لتقدم تنظيم داعش إلى حلب ويساعد المتطرفين ضد السكان السوريين»! وتأتي هذه التصريحات الأميركية المتهمة للأسد بدعم «داعش» في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس حسن روحاني أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية حكومة وشعبا ستقف حتى النهاية إلى جانب الحكومة السورية وشعبها». وفي الوقت الذي يشكو فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من نقص الدعم الدولي لبلاده بمواجهة «داعش»، وقوله إن تدفق المقاتلين الأجانب لبلاده لم يتوقف، ومتهما بعض «دول الجوار» بالتساهل حيال ذلك، وفوق هذا وذاك يأتي الاتهام الأميركي لنظام الأسد بدعم «داعش»، متزامنًا مع تصريحات مهمة لوزير خارجية فرنسا فحواها أن الحل بالعراق ضد «داعش»، يجب أن يبدأ عبر الحل السياسي في سوريا.
والحقيقة أن دعم الأسد لـ«داعش» غير مستغرب، حيث فعلها الأسد من قبل في العراق وذلك باستغلال مقاتلي تنظيم «القاعدة» بعد الغزو الأميركي، وكلنا يتذكر التهديدات العراقية قبل أعوام بشكوى النظام الأسدي دوليا على خلفية سلسلة تفجيرات إرهابية هزت بغداد حينها، وعليه فإن دعم الأسد لـ«داعش» متوقع، خصوصا وأن قيادات التنظيم الإرهابي قد أطلق سراحهم من سجون الأسد كما أطلق سراح آخرين محسوبين على «داعش» من سجون العراق إبان فترة نوري المالكي الذي قرر دعم الأسد بعد الثورة السورية لأسباب طائفية. ولذا فإنه لا جديد، ولا استغراب، من اتهام الأميركيين للأسد بدعم «داعش»، التي تخدم الأسد بمناطق عدة، ولذلك فإن الحل الأمثل للتعامل مع «داعش» وخطرها ليس في توجيه ضربات عسكرية فقط، بل ضرورة الشروع بالعمل السياسي والعسكري المتكامل في سوريا، والعراق. المفروض أن يصار إلى ضغط دولي على حكومة العبادي لإتمام مصالحة سياسية داخلية، وعدم إقصاء أي مكون عراقي، وضرورة تسليح العشائر السنية لتتمكن من التصدي لـ«داعش»، وفي الوقت الذي يجب أن يصار فيه إلى الشروع سياسيا، وعسكريا، بسوريا لدعم المعارضة، وإسقاط الأسد، أو تسريع نقل السلطة في سوريا.
دون ذلك فإن كل ما يتم، ويقال، عن محاربة «داعش» ما هو إلا إجراءات صورية ستكون لها عواقب وخيمة على كل المنطقة، فـ«داعش» والأسد واحد، وإقصاء الحكومة العراقية لسنة العراق لا يقل أبدا عن طائفية النظام الإيراني المؤجج للفتنة بالمنطقة من سوريا إلى لبنان، ومن العراق إلى اليمن.
عندما يقوم حزب الله اللبناني بإعلان حرب ضد عرسال وأهلها ويصدر تصريحاته النارية ضد تلك البلدة اللبنانية التي تعتبر من أهم الركائز السنية في منطقة البقاع.
ومن ثم يستعين بتجار المخدرات والحشيش لتعميم تجربة الحشد الشعبي في العراق و من ثم يقوم أولئك التجار بالاعتداء على الحي السني الموجود في بعلبك فما هذا كله سوا شرارة حرب طائفية يريد حزب الله زج لبنان الجريح على مر أعوام طويلة منها أو هي سياسة تهجير يتبعها في تلك المنطقة لأهالي ذاك الحي و بلدة عرسال
خياران أحلاهما مرّ بالنسبة للبنان والمنطقة، حيث إن أشعلت تلك الشرارة ستؤدي إلى معارك قد تعيد لبنان إلى ذاكرة ليست ببعيدة المدى حاول شعب لبنان نسياها ونسيان آلامها.
لكن تعود الشارع اللبناني والسوري على مر الأعوام الأربعة الماضية إلى أن حزب الله والنظام السوري عندما يقعان في مأزق وتراجع على الأرض نتيجة خسارتهم المتتالية والتي دائما تترافق بغضب شعبي من حاضنتهم الشعبية، يحاولان نقل وإشعال الفتن في المناطق المجاورة واللعب على وتر الطائفية للقيام بحشد جديد، و الحصول على تعاطف طائفي لكي يستمرا في القتل والإجرام ضد شعب سوريا وثورته، لكن ما لا يعلمه البعض إلى الأن هو انه سياسة ذاك الحزب و النظام لم تعد بيده إنما هي مؤتمرة بأمر إيران التي لا تلقي بالا إلى الشيعة العرب، والتي تعتبرهم وسيلة لتنفيذ مشروعها الفارسي في المنطقة و أنها جاهزة للتضحية بالجميع في سبيل وصولها لرفع العقوبات وانجاز ملفها النووي مع أمريكا، حينها سوف تبيع الجميع من مسانديها ومؤيديها وأدواتها المستخدمة في المنطقة بغمضة عين، حينها سوف يصحو حزب الله ومؤيدوه إلى أين ذهب بنفسه.
وقد لمسوا هذا الشيء سابقا عندما خفضت مخصصاتهم المالية إيران مما أدى إلى أزمات مالية داخل حزب الله، بالإضافة إلى انه لا زالوا يلمسوه عبر الأراضي السورية حيث إن اغلب من يسقط من قتلى هي من مؤيدي النظام السوري ومن عناصر حزب الله التي تعتبر مجرد أرقام لإيران.
لينظر حزب الله إلى عدد قتلى إيران وأسرى إيران في يد ثوار سوريا حين وقوعهم في الأسر فإنها تفاوض بالغالي والنفيس لاستعادة الجثث أو الأسرى، ولكم في الصفقة القطرية التي اخرج مقابل الأسرى الإيرانيين (11) أسير، ما يقارب 2600 معتقل من سجون نظام الأسد بينما جثث قتلى النظام مرتمية في شوارع إدلب وقرها وجثث عناصر حزب الله ترتمي في جرود القلمون وشمال سوريا دون أن تلقي إيران بالا لها.
أما الآن فالسياسة النووية واتفاقها يفرضا على إيران أن تمسك ورقة تفاوض قوية لأجل الضغط على المنطقة وأمريكا وباقي الدول التي يهددها نووي إيران، لذلك تجد أن حزب الله بتصرفاته يهدد عرسال وأحياء السنة في بعلبك يتبع سياسة تهجير وتغير ديموغرافي للمنطقة كما التي اتبعوها في القصير وبعض مناطق حمص المدينة في سبيل مسك تلك الورقة في التفاوض بإنشاء دويلة انطلاقا من بعلبك باتجاه القصير وحمص المدينة لتصل إلى طرطوس لتكون تلك المنطقة دويلتهم الطائفية التي تضم شيعة حزب الله و علويين سوريا وبعض من الأقليات الذين وقفوا مع نظام الأسد في أجرامه والسنة الذين اشتركوا بجرائم ضد شعبهم.
وهذا ما بدأ يلمس على الأرض في الآونة الأخيرة عبر تسريبات بدأت تقول أن حزب الله بدأ بشراء عقارات بأسعار خيالية في الطفيل اللبنانية وفي مدينة القصير مستغلا حاجة أهالي القصير المرشدون في مخيمات عرسال ولبنان رغم أن تلك المدينة الثائرة التي شهد لها في الثورة السورية بأنها أسطورة الثورة قد حولها حزب الله وإيران إلى معسكرات تدريب وملاذ للمطلوبين للسلطات اللبنانية.
في النهاية نحن أمام سياسة تغير ديموغرافي وتقسيم لأجزاء من لبنان وسوريا إن لم يتم تدارك الأمر فسنجد المنطقة قد تحولت إلى أمارات طائفية بأيدي إيران في المنطقة والحل المفترض في تلك المنطقة فتح المعارك باتجاه حمص المدينة لضرب تلك المخططات و فتح معارك القصير غير ذلك فكله سيكون هو عبارة عن ترسيم حدود جديدة لشرق أوسط جديد.
أكثر ما لفت انتباهنا أن وزير الخارجية السعودي الجديد عادل الجبير كان واضحا في التعبير عن الموقف من سوريا، ما يعكس ما دار في أول نشاط له بعد تقلده منصبه في القاهرة. قال إنه اتفق مع نظيره المصري على أنه لا مكان للرئيس السوري بشار الأسد، ولا بد من «إخراجه» من أجل التوصل إلى حل سياسي، وأن الحل السياسي يقوم على المحافظة على المؤسسات العسكرية والمدنية هناك.
وهذا دفع وزير إعلام الحكومة السورية إلى تغيير لغة الشتائم البذيئة هذه المرة باتجاه الجبير!
فإذا كانت السعودية ومصر فعلا اتفقتا على إخراج الأسد، فإنه في نظري تطور نوعي ومهم، لأن الحكومة المصرية كانت دائما لا تحبذ الحديث عن تغيير في سوريا، بِما يوحي أنّها ضد الثورة هناك. كما أن حكومة دمشق تبرعت مرات كثيرة في السابق بالتعبير عن موقف مصر، مؤكدة أنها ضد التغيير ومع نظام الأسد، وضد الموقف الخليجي.
وقد ظل الموضوع السوري محل اختلاف هادئ بين الرياض والقاهرة حتى سمعنا ما نقله الوزير الجبير عن اتفاق حول سوريا دون الأسد، وفوق هذا اتفاق الجانبين على ضرورة إقناع روسيا بتغيير موقفها، كونها لاعبا مهما في الإقليم، وسببا رئيسيا في بقاء الحكم الأسدي كما هو حتى الآن.
لماذا التغيير؟ هناك ثلاثة تطورات خطيرة وقعت خلال الأسابيع القليلة الماضية تفرض على الجميع تعديل مواقفهم. «داعش» نفذ عمليتين إرهابيتين كبيرتين لأول مرة داخل السعودية، وفرع «داعش» في ليبيا استولى على مدينة سرت النفطية، وقبل ذلك استولى التنظيم الإرهابي نَفْسُه على عاصمة محافظة الأنبار العراقية.
التشاور المصري السعودي، مع التصريحات الغربية المشابهة، المؤيدة لحل سياسي وسط، قد تعني أن الجميع باتوا مستعدين لتنازلات متبادلة، وأن هناك حلا معقولا قد يرضى به معظم الأطراف المختلفة.
الاتجاه هو نحو بلورة نظام هجين لسوريا، حكومة من النظام الحالي مع المعارضة، دون الأسد، والمحافظة على هيكل الدولة، والمحفز للفرقاء المختلفين أن يتفقوا نحو تنظيم «داعش» الذي صار يحكم معظم سوريا، في حين بقي للنظام والمعارضة المعتدلة معًا نصف سوريا.
وخطر تنظيم داعش بقدراته التي استولى عليها، وتمددّه إلى العراق، وأقرب امتحان لهذا الاختيار مؤتمر المعارضة السورية الذي تبنته القاهرة، ويعقد على أرضها بعد أيام، ويشارك فيه مئتا شخصية، والذي لا يزال محل جدل كبير، خشية أن يكون مجرد فصل آخر من مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد قبل أسابيع في العاصمة الروسية، وفشل فشلا ذريعا؛ لأنه كان مجرد مسرحية لتلميع النظام والمعارضة المحسوبة عليه.
إذا نجح المصريون في جلب معارضة الداخل، متعهدين بتأييد الحل الوسط، نظام هجين دون الأسد، سيُصبِح خطوة كبيرة ونجاحا كبيرا للسياسة المصرية. لكن من قوائم المدعوين الأولى تبدو أنها وجوه منتدبة من نظام الأسد، وستعمل بجهد كبير من أجل إفشال المؤتمر. هذه المعارضات محسوبة على النظامين السوري والإيراني، ولم يصدق أحد منذ البداية أنها أصلا معارضة، بل واجهات للحكم.
مع هذا، يبقى لدى مصر قدرة على تنظيم مؤتمر ينسجم مع التوجه الدولي الجديد، وقد يمكنها إقناع روسيا بالقبول بحل النظام الهجين.
بعدما كثفت مؤخرا المنظمات غير الحكومية، وفي طليعتها "العفو الدولية"، حملتها في واشنطن وفي عواصم العالم ضد البراميل المتفجرة التي تلقيها مروحيات الرئيس السوري بشار الأسد عشوائياً فوق رؤوس السوريين، نجح قياديون في هذه المنظمات - بمساعدة عاملين في الكونغرس- بحمل مسؤولين داخل إدارة الرئيس باراك أوباما على تداول الأمر بجدية أكبر ومحاولة إيجاد حلول له.
وقال ناشطون إنهم سمعوا من مسؤول اميركي كبير، بعد لقائهم به، قوله: "ربما لا يمكننا وقف حرب الأسد ضد شعبه، ولكن هل يمكننا على الأقل وقف براميله المتفجرة؟".
ويبدو أن المسؤولين الاميركيين تداولوا عددا من السيناريوهات لحمل الأسد على وقف رمي البراميل المتفجرة العشوائية، وتصدر الحلول الاميركية "ضرورة اقناع الروس ان استخدام قوات الأسد لبراميل متفجرة ترقى لان تكون جرائم حرب، وان في مصلحة النظام السوري وقف هذه البراميل عاجلاً، وقبل فوات الأوان".
وليس سراً أن مجموعات من المعارضين السوريين في الولايات المتحدة نجحت في جمع دلائل وقرائن متنوعة تدين الأسد ونظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية، كان أبرزها مجموعة الوثائق والصور التي قدمها المنشق المعروف باسم "قيصر"، مطلع العام الماضي، والتي دفعت عدداً كبيراً من المسؤولين الأميركيين -في الكونغرس والحكومة- إلى تبني الموضوع، والعمل منذ ذلك الحين على جمع الادلة وترتيبها بشكل يمكن تقديمها امام محكمة دولية لملاحقة.
لكن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة مفادها أنها من الدول غير الموقعة على معاهدة الانضمام للمحكمة الجزائية الدولية.
ويقول المسؤولون الاميركيون، والناشطون السوريون الذين يعملون بالتنسيق معهم، إن "البدائل كثيرة" وإن الحقوقيين الذين يتولون الملف أعدوا لائحة بالهيئات الدولية التي يمكن للولايات المتحدة وحلفاءها اللجوء اليها لملاحقة الأسد وافراد نظامه ومقاتليه الذين نفذوا اوامرهم.
وينقل معارضون سوريون في واشنطن عن مسؤولين اميركيين انهم أثاروا في لقاءاتهم الاخيرة مع المسؤولين الروس موضوع البراميل، وان الاميركيين "طالبوا الروس، باسم الانسانية، اجبار الأسد على وقف هذه البراميل". لكن الرد الروسي جاء كما كان متوقعاً، ومفاده أن "قوات الأسد لا تستهدف مجمعات مدنية عمداً"، وأن "الارهابيين يختبؤون بين المدنيين"، وأن "الاعلام يعمد الى تضخيم الأمر حتى تكسب المعارضة تعاطفاً عالمياً ضد الأسد".
أمام الرفض الروسي الذي نقله المسؤولون الاميركيون الى واشنطن، طالب معارضون سوريون بتسليح المعارضة المعتدلة بأسلحة مضادة للمروحيات، لكن هذا الطلب اصطدم، كما على مدى السنوات الاربعة الماضية، برفض قاطع من الحكومة الاميركية.
البديل الثالث لحمل الروس على وقف براميل الأسد او تسليح المعارضين بدفاعات جوية ضد المروحيات هو الطلب الى دول محاذية لسوريا، مثل تركيا الأردن، بالايعاز الى قواتها بفرض حظر جوي في المناطق السورية المحاذية لحدود هاتين الدولتين. لكن الأردن لم يبد حماسة للتدخل بالنزاع السوري المسلح، منذ يومه الاول، فيما تعتقد تركيا ان دخول جيشها في مواجهة مع جيش الأسد هو بمثابة اعلان حرب، وان الخيار الأفضل في هذه الحالة هو قيام "حلف شمال الأطلسي"، وتركيا عضو فيه، بهذه المهمة.
في ظل الخيارات الثلاثة، التي تبدو متعذرة حتى الآن، مازال الناشطون السوريون وحلفاؤهم من المسؤولين الاميركيين يسعون الى استنباط حلول لوقف "ارهاب البراميل المتفجرة"، حسب تعبيرهم. وعلى الرغم ان ادارة أوباما لم تقدم وعودا واضحة لكيفية معالجة الموضوع، عدا الطلب غير المجدي من الروس الضغط على الأسد، الا ان الجمعيات غير الحكومية تشير الى انها رصدت مؤخراً حماسة أكبر في العاصمة الأميركية لوقف البراميل.
ويختم القيمون على حملة وقف براميل الأسد أن الموضوع صار متداولاً على مستوى عال جداً داخل الإدارة، وأن الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته هذه، حتى لو جاء سعيهم من ضمن "القيود السياسية الكثيرة" التي يفرضها الرئيس باراك أوباما على أي "تورط" أميركي في الحرب السورية.
لا يمكن وقف حرب الأسد.. هل يمكن وقف براميله؟
حسين عبد الحسين
لا يمكن وقف حرب الأسد.. هل يمكن وقف براميله؟ الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته بالبراميل المتفجرة
بعدما كثفت مؤخرا المنظمات غير الحكومية، وفي طليعتها "العفو الدولية"، حملتها في واشنطن وفي عواصم العالم ضد البراميل المتفجرة التي تلقيها مروحيات الرئيس السوري بشار الأسد عشوائياً فوق رؤوس السوريين، نجح قياديون في هذه المنظمات - بمساعدة عاملين في الكونغرس- بحمل مسؤولين داخل إدارة الرئيس باراك أوباما على تداول الأمر بجدية أكبر ومحاولة إيجاد حلول له.
وقال ناشطون إنهم سمعوا من مسؤول اميركي كبير، بعد لقائهم به، قوله: "ربما لا يمكننا وقف حرب الأسد ضد شعبه، ولكن هل يمكننا على الأقل وقف براميله المتفجرة؟".
ويبدو أن المسؤولين الاميركيين تداولوا عددا من السيناريوهات لحمل الأسد على وقف رمي البراميل المتفجرة العشوائية، وتصدر الحلول الاميركية "ضرورة اقناع الروس ان استخدام قوات الأسد لبراميل متفجرة ترقى لان تكون جرائم حرب، وان في مصلحة النظام السوري وقف هذه البراميل عاجلاً، وقبل فوات الأوان".
وليس سراً أن مجموعات من المعارضين السوريين في الولايات المتحدة نجحت في جمع دلائل وقرائن متنوعة تدين الأسد ونظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية، كان أبرزها مجموعة الوثائق والصور التي قدمها المنشق المعروف باسم "قيصر"، مطلع العام الماضي، والتي دفعت عدداً كبيراً من المسؤولين الأميركيين -في الكونغرس والحكومة- إلى تبني الموضوع، والعمل منذ ذلك الحين على جمع الادلة وترتيبها بشكل يمكن تقديمها امام محكمة دولية لملاحقة.
لكن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة مفادها أنها من الدول غير الموقعة على معاهدة الانضمام للمحكمة الجزائية الدولية.
ويقول المسؤولون الاميركيون، والناشطون السوريون الذين يعملون بالتنسيق معهم، إن "البدائل كثيرة" وإن الحقوقيين الذين يتولون الملف أعدوا لائحة بالهيئات الدولية التي يمكن للولايات المتحدة وحلفاءها اللجوء اليها لملاحقة الأسد وافراد نظامه ومقاتليه الذين نفذوا اوامرهم.
وينقل معارضون سوريون في واشنطن عن مسؤولين اميركيين انهم أثاروا في لقاءاتهم الاخيرة مع المسؤولين الروس موضوع البراميل، وان الاميركيين "طالبوا الروس، باسم الانسانية، اجبار الأسد على وقف هذه البراميل". لكن الرد الروسي جاء كما كان متوقعاً، ومفاده أن "قوات الأسد لا تستهدف مجمعات مدنية عمداً"، وأن "الارهابيين يختبؤون بين المدنيين"، وأن "الاعلام يعمد الى تضخيم الأمر حتى تكسب المعارضة تعاطفاً عالمياً ضد الأسد".
أمام الرفض الروسي الذي نقله المسؤولون الاميركيون الى واشنطن، طالب معارضون سوريون بتسليح المعارضة المعتدلة بأسلحة مضادة للمروحيات، لكن هذا الطلب اصطدم، كما على مدى السنوات الاربعة الماضية، برفض قاطع من الحكومة الاميركية.
البديل الثالث لحمل الروس على وقف براميل الأسد او تسليح المعارضين بدفاعات جوية ضد المروحيات هو الطلب الى دول محاذية لسوريا، مثل تركيا الأردن، بالايعاز الى قواتها بفرض حظر جوي في المناطق السورية المحاذية لحدود هاتين الدولتين. لكن الأردن لم يبد حماسة للتدخل بالنزاع السوري المسلح، منذ يومه الاول، فيما تعتقد تركيا ان دخول جيشها في مواجهة مع جيش الأسد هو بمثابة اعلان حرب، وان الخيار الأفضل في هذه الحالة هو قيام "حلف شمال الأطلسي"، وتركيا عضو فيه، بهذه المهمة.
في ظل الخيارات الثلاثة، التي تبدو متعذرة حتى الآن، مازال الناشطون السوريون وحلفاؤهم من المسؤولين الاميركيين يسعون الى استنباط حلول لوقف "ارهاب البراميل المتفجرة"، حسب تعبيرهم. وعلى الرغم ان ادارة أوباما لم تقدم وعودا واضحة لكيفية معالجة الموضوع، عدا الطلب غير المجدي من الروس الضغط على الأسد، الا ان الجمعيات غير الحكومية تشير الى انها رصدت مؤخراً حماسة أكبر في العاصمة الأميركية لوقف البراميل.
ويختم القيمون على حملة وقف براميل الأسد أن الموضوع صار متداولاً على مستوى عال جداً داخل الإدارة، وأن الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته هذه، حتى لو جاء سعيهم من ضمن "القيود السياسية الكثيرة" التي يفرضها الرئيس باراك أوباما على أي "تورط" أميركي في الحرب السورية.
ترزح سورية في عامها الخامس تحت وطأة حرب شعواء اجتمع القاصي والداني على تسعير لهيبها صباح مساء , فمن نظام لم يفتأ يستجدي كل من هب ودب ليذبح بها شعباً لم يطلب أكثر من حياة لا ظلم فيها , يعيش فيها المواطن كريما إلى متسلقين رأوا في هذه الثورة بقرة حلوب تدر عليهم ما لم يحلموا في تحقيقه يوما , إلى مرضى أصبحت السلطة عندهم أكبر همهم ومبلغ أملهم , إلى أشقاء رأوا في هذه الثورة خطراً بشكل أو بآخر على ملكهم وسلطانهم , إلى صهاينة ارتضت بالعدو القديم الجميل على أعداء جدد لا تعرف ما يدور في رأسهم ولا قدرة لهم على ضبطهم في المستقبل , إلى روافض رأوا في هذه البلاد مرتعاً لحلم قديم يستعيدون فيها من العرب ملكهم الذي طاح تحت أقدام دولة الإسلام.
ولا تفتأ هذه البلد في تقديم الشهداء تلو الشهداء إبراماً لقرار اتخذته قبلاً وهي لا تكل ولا تمل , تأبى إلا الابتسام وهي تعطي , ترفض إلا أن تضع قدمها في فم الموت غير آبهة بما سيكلفها ذلك من قرابين بشرية في سبيل تحقيق غايتها المنشودة.
فتحولت بيوت العزاء إلى أعراس للشهداء , يلتقي السوري أخاه بعد طول انتظار فيبادئه مبتهلا ( أما زلت حيا إلى الآن ).
بلد أصبح فيه الشهيد محل تنافس بين العائلات فالبيت الذي لا شهيد فيه ينظر أهله إلى أنفسهم أنهم أقل منزلة من بيت الشهداء , و كذا ينظر أصحاب الشهيد الواحد إلى أبي الشهيدين وهكذا دواليك.
تذهب إلى بيت العزاء لتعزي في شهيد لم يجف دمه بعد، فينبري أبو الشهيد الطاعن الذي أكل من عقود عمره سادسها أو سابعها قائلاً بين الناس ضعوني مكان ابني أؤدي عمله فلا أريد لآل الشهيد أن يقفوا عنده.
بلد يُكبّر فيه ويُقدّم أبو الخمسة شهداء على أبي الأربعة وأبو الأربعة على أبي الثلاثة في حين يسود وجه من لا شهيد له وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما لم يحل به.
بعد أن تقف أمام هذا الصرح العظيم لن تألو جهدا في تفسير سر ذاك الصمود الذي حير العقول , يطارد فيه اللحمُ النارَ , وتلحق المقلُ فيه فلول المخارز.
إيران، تلك الدولة التي ظفر بها الشيعة الصفوية على شيعة علي “كرّم الله وجهه” وذلك بعد صراع كبير. رُسِمت وتشكّلت من خلالها السياسة الخارجية للبلاد، مما أوقع إيران في فخ الطائفية.
في الزمن القريب أعلنت إيران ضم بغداد ودمشق وصنعاء ولبنان إلى جانب طهران عواصمَ لبلاد فارس. ظنّت إيران أنها قادرة على استرجاع امبراطوريتها السابقة، لكنها لم تكن تعي أنها فتحت أربع جبهات وأقحمت نفسها في مستنقع حروب لا خروج منها.
وهي تتبع هذه السياسة التوسّعية نوعا ما، لتحقيق ما بات يُعرف بالهلال الشيعي وتسعى للتمدّد في المنطقة، لكنها تناست وتجاهلت الأزمات الداخلية لها، والمتمثلة بالأقليات الموجودة لديها مثل البلوشستان والأكراد والآذريين والأقلية السنية. ولقد شاهدنا احتجاجات الأقلية العربية في الأحواز وبلوشستان وأخيرا الأكراد في مهاباد. وهذا الوضع يُنذر إيران باحتجاجات واسعة في البلاد تكون أكثر من مماثلتها عام 2009.
تفتخر إيران بالسياسة التي انتجتها الثقافة الفارسية على مدى خمسة آلاف سنة، لكنها لا ترغب في إغلاق حساباتها القديمة. فهي لا تتوارى عن تذكيرنا بالاتفاقية التي حصلت بين السلطان سليم الأول والأكراد، والتي أغلقت أمام الفرس باب البحر الأبيض المتوسط. ولذلك نرى أن لديها حسابات قديمة مع الأكراد.
بعد الثورة الإيرانية، سعت إيران جاهدة في نشر التشيّع عبر سفاراتها وقنصلياتها في الخارج، ويمكن القول أنها نجحت إلى حد كبير في سياستها هذه. وتركيا كانت من بين دول كثيرة حاولت إيران ولا تزال تصدير التشيّع إليها، ومن الجائز أن نقول أنها تأثّرت إلى حد بسياسة إيران.
تأثّر تركيا بالتشيع الذي تصدّره إيران إلى الخارج، جاء عبر الجعفريين التركمان في تركيا، حيث دخلت إيران وانتسبت إلى حزب الحركة القومية من خلالهم. ومن جهة أخرى لعبت إيران على وتر آخر وهو اليسارية، حيث نرى أفراد موالين لها في صفوف حزب الشعب الجمهوري. وعلاقتها الجيدة مع حزب العمال الكردستاني تبسط لها اليد على الداخل التركي. ذلك التغلغل الإيراني في تركيا وإن كان غير مباشر فهو يهدّد بزرع المزيد من الفتنة والتفرقة بين المسلمين عامة.
صراع المذاهب والطائفية هو أكبر تحد أمام العالم الإسلامي. نعم ! لابد من إطفاء حريق الطائفية بين المسلمين، لكن إذا لم نعي جيدا المشكلة الأساسية التي أشعلت الطائفية بين المسلمين سيتعذّر إطفاؤها، والتي أشعلتها إيران. وأول قطرة ماء لإطفاء هذا الحريق تبدأ بزرع مفهوم شيعة علي “كرم الله وجهه” في إيران بدل شيعة الصفوية. وعلى إيران أن تقدّم مصلحة الأمة الإسلامية على طائفيتها الصفوية.
المصدر: صحيفة دريليش بوستاسي
لم يكن هدف داعش من دخول تدمر سوى تعزيز مناطق نفوذها لحماية النظام بشكل أكبر فجاء انسحاب الأخير منها لمصلحة حليفه وترك مخازن أسلحة هائلة له فيها كما ترك له مهمة التنظيف وإخفاء آثاره الإجرامية في تدمر من تدمير للسجن وتصفية باقي المعتقلين لاخفاء الكثير من الجرائم السابقة فيها والآن داعش لماذا في تدمر ولماذا تهاجم في ريف حلب الشمالي .
إن تدمر لم تكن سوى بداية لعملية محكمة الأبعاد يضرب فيها طوق من الحصار وسد منيع في اتجاه دمشق فمن تدمر تستطيع داعش ضرب العمق القريب لجيش الفتح في ادلب وذلك مايجعل القيادة أن تحسب جميع الحسابات قبل أن تتقدم الى الساحل وتعيق تقدمها نحو وكر الأفعى الذي لايريد النظام العالمي انهياره ويعتبره من الخطوط الحمراء لذلك تراجع النظام من معاقله في تدمر ويحشدها في اتجاه دمشق والساحل وهو مطمئن لحليفه وليس من باب المصادفة أن تضرب داعش في الريف الشمالي لحلب فهذه الضربة سوف تحرز له عملية احكام اغلاق الحدود الشمالية كلياً وهي جزء من عملية سياسية خطيرة جداً ربما ترتبط باستحقاق سياسي خطير وربما هو مؤتمر القاهرة كما ان هجوم داعش على الريف ماهو إلا مقدمة لهجوم منظم بعد أن إستحوذت داعش على كيمات هائلة من أسلحة تدمر وربما تكون الوجهة الى حلب تحديداً لذلك لم يكن سقوط تدمر تحت سيطرتها أمراً غير منظم فهو وفق استراتيجية دقيقة المعالم فبالرغم من إنكشاف خطوط الإمداد الداعشية إلا أن التحالف الدولي لم يتقدم لتوجيه ضربة جوية لوقف تقدمها في تدمر وفي ريف حلب وهنا تبرز المصالح المختبئة للجميع فداعش لاتتحرك الا إذا سمحوا لها بالتقدم والحركة زهنا يجب الربط بين كافة الامور على أرض المعركة وعلى الصعيد السياسي فكانت لقاءات ديمستورا وبعثة الامم المتحدة السرية والمعلنة والتي رفضت من الجميع هي بداية للوصول الى المرحلة الخطيرة التي يدعمها تقدم داعش ويدعمها لاحقاً مؤتمر القاهرة وهو التمهيد الأكبر للوصول الى جنيف الثالث لكي يكون هناك ضغط متكامل على المعارضة السورية والرضوخ لمرحلة انتقالية شاملة تضمن للنظام بقاءه وللمعارضة المشاركة بتلك المرحلة المزعومة فإن الحل السياسي لايطرح من فراغ بل يجب ان يترافق مع تنازلات يقدمها جميع الاطراف المنهكة القوى ويقبل الطرفين بتواجد الجميع في سورية التي دفعت آلاف الشهداء ويأتي بعض السياسيون ليتتقدموا بحلول خرقاء وتناسوا أن الكلمة الفصل لن تكون إلا للشعب السوري فلن يخسر أكثر مما خسر
إن تلاعب الأنظمة العالمية في مصير شعب كامل في هذا الوقت الحرج ومايقدمه الأبطال في ساحات الشرف ليس سوى ضغط على الثورة ومن سيكون ورقة الضغط سوى داعش وبعض متسلقي الثورة
نهاية أقول إننا ثائرون ليس ضد الأسد فقط بل ضد جميع الأنظمة الديكتاتورية في العالم وضد جميع من يناصر قوى الإستبداد.
نعم استطاعت داعش أن تثبت صوابية توقعاتها ، وأن الإلهام الصادر عن الخليفة أبي بكر البغدادي هو كلام دقيق يدل عن عمق فكري سحيق ، و أن هناك تأييد رباني لقدارته على استقراء الواقع و اتخاذ التدابير حيال ذلك.
فمن بين المبررات التي يسوقها موالوا داعش عن الهجمة المستعرة باتجاه ريف حلب المحرر أن أمريكا ستعمل على فرض حظر جوي في شمال سوريا ليساعد جيش الفتح ، الذي أذل قوات الأسد و مليشياته في إدلب ، ليقوم بمحاربة داعش و القضاء عليها ، الأمر الذي استرعى حنكة و قدرة البغدادي و مستشاريه و جنده الميامين للانطلاق بغية "التغدي " بالثوار قبل أن "يتعشوا " بهم ، لم لا فهنا أرض الخلافة و هنا الرؤية الصواب و هنا نبع الإسلام و ما دونه هي عبارة عن نبع الأسنة و الفساد .
كلام الموالين هذا أخذ حيز كبير و انتقل و بدأ يحجز لنفسه مكاناً في صدر قائمة الأسباب التي دفعت جند الخلافة لتغيير الوجهة و التحول إلى ريف حلب المحرر و ترك النظام مرتاح و سعيد ، و يكون حينها متفرغ للانقضاض على الثوار جواً كداعم متين و قوي للقوات التي تمتد براً ، فالخلافة هنا تتفق مع النظام ، و هنا تبدأ السياسية الشرعية فعلها ، بأن التعاون جائز و واجب مع الشياطين لحماية الخلافة فوقت "العشاء" قد اقترب .
السبب الذي يسوقه موالوا داعش يدل على مدى عقم النقاش معهم من جهة و يدل على مدى تعمق الخيانة في ضمائرهم ، فعندما يقولوا ان الحظر الجوي هو سلاح ضدهم فيؤكدوا أن سلاح الجو معهم ، و عندما يقولوا أن "من يتفرغ طوال الأربع سنوات لتجارة البنزين و السلاح فإنه لن يصمد أمام أصحاب العقيدة " فهم يقصدون نفسهم من حيث يدرون و لا يدرون ، وهم من يضعوا ايديهم على 80% من نفط سوريا ، و يأتي أحدهم ليتسائل من أي يأتي النظام بالنفط و المحروقات ..!؟
يبدو أن فكرة الغداء و العشاء قد تتحول إلى العكس تماماً ليكون غداء للثوار و تحرير في المساء كـ"حلوان" القضاء على جناح الموت الثاني الأسد ، فالمعادلة اليوم بين الصائل و الجائل ، متوافرة ومتواجدة في الاثنين ، وكلاهما تلقى و يتلقى و سيلقى ما يردعه و يصيبه في مقتل .
الثوار اليوم على الأرض وحدهم بلا داعم و لا مساند و مؤازر إلا بعضهم البعض ، لا تحالف مصلحي و لا عربي ، و لا قوى معتدلة و لا بلاد صديقة ، فاليوم يوم الثوار في وحدتهم على كافة أشكالهم و انتماءاتهم و توجهاتهم و مشاربهم ، على تنوع الناظرين إليهم محلياً وشعبياً و دولياً ، فالمعركة اليوم لكسر الكماشة التي خنقت الثورة و الشعب و الوطن و الأمة على مدى سنوات طويلة .
المعركة اليوم بين سوريا الأمة الحق و بين الباطل المتلون كالحرباء ....
ليس من مصلحة تنظيم الدولة سقوط النظام السوري اذ إن هذا التنظيم دأب على استغلال التناقضات الموجودة على الساحة أمامه وإن سقوط النظام السوري سيخفف من حدة التناقضات الدولية التي اصطفت في معسكرين معسكر داعم للثورة ومعسكر داعم للنظام وسيعيد بشكل تدريجي كسر حدة التناقض بينها ليعود الكون باسره مسلمه قبل كافره ليصطف خلف المعارضة السورية لمحاربة داعش.
وبالتالي يتعين على الدواعش إثارة الغبار لتأخير جيش الفتح عن حلب والساحل إذ إن تحرير حلب كما كان مزمعا في الأيام القليلة القادمة سيكون بمثابة الضربة القاضية لدولة سوريا الأسد بعد الضربة التي تلقاها من فتح ادلب و هزت عرشه وسلطانه.
وما بعد التقاء الفتحين ( فتح ادلب وفتح حلب ) وتوجيههما طلائع الفتح للساحل إلا صعقا للخطة باء وهي دولة علوية أسدية في الساحل.
والظاهر أن تقدم داعش في ريف حلب الشمالي لن يكون بمثل الخطورة فيما لو تقدموا قبل انتصارات فتح ادلب، إذ إن الأمل في قلوب الملايين الذي أثمر بجهود فتح ادلب في إمكانية قيام مشروع سني قابل للحياة وقابل للانتصار كان بمثابة اللقاح الشعبي من فيروس داعش الذي قدم آمالا وأحلاما للبسطاء والسطحيين الذين يتوقف كل همهم عند شعار أو راية أو مظهر دون الولوج إلى التركيبة التي قام عليها داعش في هرمه.
ولن يكون دواء شافيا لهذه الأمة من سرطان داعش أنجع من إشراق مشروع سني ناجح يحقق الانتصارات ويرحم المستضعفين ولا يحمل الناس على دين الله كرها.
ولأن نجاح مثل ذلك المشروع سيكون الهدام الحقيقي لمشروع داعش فإنهم لا يألون جهدا في سحق مثل ذلك المشروع في مهده قبل الالتفات إلى أعداء الأمة التقليدين من الشيعة والنصيرين وهذا ما يفسر استشراس داعش على مثل تلك المشاريع الناشئة وترك كثيرا من خطوط التماس مع النظام السوري مجمدة.
ولم يسع الدواعش للإطاحة بهكذا مشاريع عن طريق القتال والقوة العسكرية فحسب بل سعت لأن تعتمد منهجا قديما انتهجته الأزارقة سابقا وانتهجه الماسونيون في القرن الماضي وهو محاولة قطع الارتباط بين الأمة ورموزها عن طريق بث الإشاعات التي تدمر الهالة والهيبة المحيطة بالرموز من علماء وقادة ووجهاء فيبقى الناس بهما لا كبير فيهم فإذا كان ذلك انحطت هذه الأمة لأدنى الدركات وتفشى اليأس بينهم ومن ثم يبدؤون بالتطلع إلى منقذ لهم مما هم فيه فلا يجدوا إلا الظلام القادم من الشرق معتمدين على عصبيات تجذرت في العربي , وهذا ما يفسر دفاع بعض الشيوعيين الذين لا يؤمنون بالله عن داعش ومشروعها لأنهم رأوا فيها عزا لبني جلدتهم على أعدائهم ولو خالف منطلقاتهم الفكرية.
الريف الشمالي ليس معركةَ داعش الرئيسية وليس هو الهدف. إنها البداية فقط. الهدف الحقيقي أكبر وأخطر بكثير، وهو مرتبط باستحقاق سياسي كبير خطير.
هجوم داعش على صوران مقدمة لهجوم كبير وليس عملية معزولة في الريف الشمالي. الهدف القادم قد يكون مدينة حلب أو الغوطة المحاصرة أو إدلب المحررة.
عندما سقطت الرمادي في العراق علمنا أن أعداء الثورة يُعدّون داعش لعملية كبيرة في سوريا، على غرار عملية احتلال الشرق السوري بعد سقوط الموصل.
سقوط تدمر والرمادي بيد داعش ليس أمراً عفوياً، لأن التحركات العسكرية الكبرى لداعش في العراق وسوريا لا تتم إلا ضمن تخطيط إستراتيجي للبلدين.
خطوط إمداد داعش مكشوفة وطويلة جداً، ولو كانت لدى النظامين السوري والعراقي أو التحالف الدولي أقل رغبة في وقف تمددها لفعلوا، ولكنهم يريدون العكس.
علّمتنا التجارب أن انتصارات داعش الكبيرة لا تتم إلا إذا "سُمِح" لها بها، وأن قدرتها على الحركة الحرة خارج السيطرة محدودة جداً، بل مستحيلة.
لماذا سُمح لداعش بأن تحقق انتصارات كبيرة في الرمادي وتدمر؟ لماذا بدأت داعش هجومها الجديد على الثورة؟ الجواب الكبير الخطير: "مؤتمر جنيف الثالث"
المجتمع الدولي يجهز المسرح منذ عدة أشهر لمؤتمر جنيف الثالث الذي يُراد منه الخروج بحل سياسي للأزمة السورية، وهو حل يقتضي توافق طرفَي الصراع.
الحل السياسي التوافقي يقتضي أن يقدّم طرفا الصراع "تنازلات مؤلمة"، بحيث تقبل المعارضة ببقاء النظام ويقبل النظام بمشاركة المعارضة في الحكم.
هذا هو الحل الذي حاولت القوى الدولية الوصولَ إليه في مؤتمر جنيف الثاني، ولكن المؤتمر فشل بسبب تصلب الطرفين ورفض كلّ منهما تقديمَ أي تنازل.
لن ينجح جنيف3 إلا إذا وصل إليه طرفا الصراع ضعيفَين مُنهكَين قابلَين للضغط ومستعدَّين للتنازل، ومن أجل ذلك كان لا بد من إضعافهما مسبقاً.
القوى الدولية تريد الضغط على طرفَي الصراع لإخضاعهما في جنيف. ومَن أفضلُ من الثوار للضغط على النظام؟ ومَن أفضل من داعش للضغط على الثوار؟
نجح الثوار في الأشهر الأخيرة في إنهاك النظام وتحقيق انتصارات كبيرة فصار ضعيفاً منهَكاً، ولكنهم هم أنفسهم صاروا أكثر قوة، فمن ينهكهم ويضعفهم؟
هنا يأتي دور داعش، حصان طروادة الذي صُمِّم لضرب الثورة. لذلك مكّنوها من تحقيق انتصارات العراق وتدمر لتحصل على الأسلحة والذخيرة لتضربنا بها.
يا ثوار سوريا ويا أحرارها وثوارها الأبطال: لقد تعاطف الشعب معكم يوم ضربَتكم داعش أول مرة، لكنه لن يسامحكم إذا شربتم من الكأس الواحدة مرتين.
كل من يفرّق بين النظام وداعش خائن. كل من يتورع عن قتال داعش خائن. كل من يسمح لداعش بأكل غيره اليومَ فإنه خائنٌ خائن، وهو في الغد مأكول.
اتركوا النظام مؤقتاً، فإنه في كل يوم إلى ضعف وتراجع، والتفتوا إلى داعش التي تستغل انشغالكم بالنظام فتغدر بكم وتطعنكم بالظهر وتقضم أراضيكم المحررة.
ابدؤوا بداعش فإن قتالها مقدَّمٌ على قتال النظام. إذا لم تفعلوا فسوف تخرجون من المعركة أصفاراً وستصبح سوريا قِسمةً بين داعش والنظام.
على غرفة عمليات حلب أن تؤجّل معركة حلب، ولتضع خطة عاجلة لوقف الهجوم الأخير وخطة محكمة لتحرير الريف الحلبي الشمالي كله ودفع داعش شرق الفرات.
لو تقاعسنا أو ترددنا فأخشى أن تأكل داعش انتصاراتنا الأخيرة كما أكلت انتصاراتنا الأولى، وأن يأتي يوم نقول فيه: "ليتنا تحركنا قبل فوات الأوان".
لم ينفذ حسن نصر الله شيئاً من وعوده التي كرس لها خطبا كثيرة، حول تحرير شبعا وتلال كفرشوبا والقرى اللبنانية السبع المحتلة إسرائيلياً. هذه الخطب بينت السنوات السبع الماضية أن نصر الله كرسها لتغطية قرار وقف معركته الإلهية ضد إسرائيل، وأن هدفها كان احتلال عقول العرب وقلوبهم، وقد أراد كسب ثقتهم بقيادته معركة عطلتها الرسمية الحاكمة ضد عدو قومي ووطني يحتل فلسطين، بحيث تستسلم له وتسير وراءه في أية معركة يخوضها، بما في ذلك داخل البلدان العربية، وخصوصاً منها لبنان الذي اجتاح حزب نصر الله عاصمته بقوة السلاح، وسورية التي يقاتل شعبها التكفيري، منذ ثلاثة أعوام، ويصعّد قتاله ضده من يوم إلى آخر، على الرغم مما يواجهه من مقاومة، ويتعرض له من افتضاح سياسي وانكشاف عسكري، جعل منه أحد أبرز الرموز التي يكرهها العربي العادي، حتى ليمكن وضع اسمه إلى جانب اسم بشار الأسد في كل ما له علاقة بالجريمة التاريخية التي يرتكبها ضد السوريين والعرب والإنسانية.
يسقط "السيد حسن" من مكان سياسي مرتفع جداً. لذلك، يشعر بألم خاص، يعبر عنه في خطب يزيح منها أكثر فأكثر صفة المقاوم الوطني السابقة لصالح صفة جديدة، تليق بمجرم وقاتل يبطش ببسطاء الناس، لغايات غير وطنية وغير إنسانية، ترتبط بخطط هيمنة استعمارية، تريد قوة أجنبية، هي إيران، فرضها على شعوب ودول ترفضها، تصير بسبب رفضها هذا تكفيرية، مع أنها لم تعتد كإسرائيل على لبنان، أو تحتل أرضه، أو تقتل أبناءه، لكن نصر الله يشن عليها حرباً عدوانية دمرت الزرع والضرع، بينما كانت خطبه على مدى سنوات خلبية/ صوتية، لم تسقط شعرة من رأس إسرائيلي، بعد عام 2000. هذا التفاوت في التعامل الكلامي/ التهويلي مع الاحتلال الإسرائيلي، والسلاحي/ الحربي مع السوريين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين، لم يعد خافياً على أحد أو قابلا للتبرير. وقد غدا فضيحة مجلجلة يعيها عرب زماننا، ممن أرغمتهم حرب نصر الله على طرده من عالمهم الخاص والحميم، والإقلاع عن اعتباره واحداً منهم، وقلبتهم من أتباع طوعيين له، ينظرون بفخر إليه، ويرون فيه قائداً يضمن حياتهم، ويدافع عنهم، إلى أعداء يتحينون الفرص، للانقضاض على مرتزقته الذين أرسلهم إلى قتال أبرياء، ذنبهم الوحيد أنهم طلبوا حريتهم من حكام يقاتل حزب الله دفاعا عنهم، لكونهم أسافين تخترق بلدانها وشعوبها لصالح إيران.
يكمن جذر الفضيحة التي يواجهها نصر الله في اعتقاده بقدرته على استخدام قيم وطنية، لتحقيق غايات إجرامية ولاغية للوطنية، فالمقاومة التي يدّعيها لا تكون مبدأ وطنياً، إلا عندما توجه إلى عدو أو غاز أجنبيين، أو إلى طاغية يقتل شعبه من أجل كرسيه، أو خدمة لجهة أجنبية. لا يقاوم حزب الله عدواً أو غازيا آجنبيا في سورية، ولا يقاتل طاغية يستعبد شعبه، بل يقاتل شعباً تقر قوانين وأعراف البشر جميعها بحقه في طلب الحرية، ويدافع عن طاغيةٍ بزَّ في إجرامه جميع قتلة شعوبهم مجتمعين. والغريب أن نصر الله يتوهم أن من محضوه ثقتهم، عندما كان مقاوماً، سيواصلون الولاء له، والسير وراءه وهو يقتلهم، أنهم سيصدقونه، وهو يصنفهم إرهابيين، وسيؤيدونه وهو يقتلهم، ويدمر وجودهم الشخصي والوطني.
والخلاصة: تنبع كبائر نصر الله السياسية من قيم غير وطنية أو إنسانية، يفضحها تناقضه في كل خطاب يلقيه. وهنا تكمن مشكلتنا معه، ومشكلته معنا.