
ليتك يا يوسف "داعشي" ...
في كل يوم تظهر لنا احصائية من منظمة أو دولة أو هيئة ما تتحدث عن أدق التفاصيل المتعلقة بداعش ، وكل ما يتعلق بهذا التنظيم من مأكل و مشرب و ملبس و تحرك و زواج و طلاق و نسبة العنوسة و آلية الزواج و كيفية تحضير المأكولات و أشهر المواقع السياحية ، و أخيراً ظهر بيانات عن صور لـ4000 مقاتل انضم للتنظيم مع كافة التفاصيل المتعلقة بكل شخص و عائلته منبته و مرباه .... .
هذا الكم الهائل من التدقيق و الإرتعاش مع كل تفصيل مهما كان ساذجاً و غبياً ، يجعل الحنق يُصلّب شرايينا حول ذلك التعامي السوداوي اتجاه ما يحدث مع المدنيين الذين يعيشون على الرض السورية التي تدور على رحاها كافة المعاركة و بجميع أنواعها ، و تمر أخبار الموت و القصف و البراميل كخبر رقمي بأن قتل هذا العدد هنا و أصيب عدد آخر هناك ، مع دخول مصطلحات تعيد للأذهان مرحلة انتهت منذ أربع سنوات كـ"الحكومة السورية – الرئيس السوري – الجيش النظامي ..... " .
بالأمس قصة الطفل "يوسف حايك" و البرميل الذي أتى على جسده الغض و حشره في سقف المنزل ، مر يوسف كرقم في دوران معمل الموت الأسد ، فيما لو كان يوسف على فرض قُصف من داعش ، أم أي فصيل معارض ، لقفزت كل المعمورة و نددت و شجبت و هاجمت ، و تألمت و بكت و حمّلت الإرهاب و دول الجوار و الأحوال الجوية و سوء الطالع ... حملتهم المسؤولية و بدأت البحث عن آلية العقوبة .
يوسف ليس رقم ، و بكاء أبيه بالأمس لازال يحفر في أروحنا ، و يخنق أنفاسنا ، يوسف ليس الطفل الوحيد الذي كُسِرنا لأجله ، و إنما يوسف هو مثال مؤلم لوضعنا في قائمة الإهتمام الدولي ، و قائمة الإهتمام الصداقاتي ، قائمة الإهتمام المعاراضاتي ، و قائمة كل المصطلحات .
ليتك يا يوسف كنت "داعشي" و ذبحت منهم أو ظهرت بتسجيل هنا أو هناك .. كنت حظيت بسمعة و صيت و كان لشهادتك مكانها في صدر الإعلام العالمي و المحافل الدولية ، لكن يا يوسف أنت قررت الرحيل بلا ضجيج ، و اقتصر الحضور على الأهل و المقربين ..