محاكمة لسلوك حزب البعث
محاكمة لسلوك حزب البعث
● مقالات رأي ٤ يونيو ٢٠١٥

محاكمة لسلوك حزب البعث

لم يفتأ حزب البعث في منطلقاته الفكرية من تمجيد العرب والعروبة والتغني بها بل  إقصاء كل من ليس عروبي من بلاد العرب , نظرية تمادى بها البعثيون حتى وجدت رأس النظام السوري منذ سنوات يجعل من الأكراد عرباً معللاً ذلك بانتهالهم من معين  الثقافة العربية والتغذي عليها .

وفي الحقيقة هو لم يأت بما يخالف المنطلقات النظرية لمنظري البعث العربي الذي جعل من برابرة المغرب وهكسوس مصر وأبناء العرق الآري ممن يستوطنون هذه البلاد عرباً لكي يضمن استقامة أهدافه في وطن قومي عربي يكون مطمح الآمال لهذه الأمة ,

في هذه العجالة لن أناقش ذلك الفكر الذي أثبت التاريخ فشله فبعد أن كانت لهم دفة البلاد لما يزيد عن خمسين عاما يجربون في معظم الأقطار العربية منهجهم لم نجد نموذجا واحدا نستطيع أن نقول أنه ناجح وعيار النجاح عندنا ان تكون حسناته تزيد على سيئاته ولو بدرجة واحدة ,

ولكن دعونا نناقش السلوك الذي انتهجه القائمون على هذا الفكر في ضوء فكرهم  ولتأطير كلامنا سنحصره في سورية ,

فالثالوث المقدس الذي بنى حزب البعث عليه فكره هو ( وحدة حرية اشتراكية ) ولتحقيقه يتعين عليه تسخير طاقات الجماهير الكادحة للوصول إلى هذه الغاية ,

فبالنسبة للوحدة : ورث الفكر القومي  العربي البلاد في خمسينيات القرن الماضي متربعا حاكما على عرش البلاد وقد كانت الحدود أقل عمقا مما نحن عليه الآن ,  لا ينظر العربي في بلد إلى العربي في بلد آخر إلا كنظير له وليست تلك الحدود أكثر من خطوط وهمية لا توجد إلا على الورق إلا أنه وبعد وصول البعث كرس تلك الحدود وساهم في فصل الشعوب عن بعضها وفرزها بحسب بلدانها ( البعث العراقي والسوري نموذجا ) ,

وأصبحت الحرية في عهدهم لا تتعدى شعارا معظم الصادحين به لا يعرفون حتى معناه , ليست أكثر من كلمة خشبية لا روح فيها , فالبعث صمم هيكلا للحرية وعلى الجميع أن يكونون على مقاسه ولن يجد البعثيون  غصاصة  فيما لو زاد المرء عن الهيكل الموجود أن يقص الزائد منه حتى يلائم بناءه الحجري ,

والاشتراكية في أساسها لها أصل شرعي  مستنبط من مذهب الصحابي ابي ذر الغفاري رضي الله عنه عندما نعني بها  أن نأخذ من الأغنياء ما فضل عندهم لنرده على الفقراء فلا يكون بين أفراد هذه الأمة فاضل ومفضول من الناحية المادية

فلقد كان رضي الله عنه يفسر الآية ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله  فبشرهم بعذاب أليم ) التوبة 34 ويحملها على مطلق الكنز لا على الزكاة فحسب ,

الا أن البعث في  ممارساته جمع تلك الإمكانات الهائلة وأخفاها عن العيون لتكون في يد أمينة على حد قوله ليتضح فيما بعد أنها كانت نهبا للمتنفذين .

و عندما تراقب التناقض الواضح بين منطلقات البعث وسوكيات القائمين عليه في سوريا فحزب يعتبر العرب والعروبة أس مقوماته يتحالف وبشكل استراتيجي مع من ينظرون إلى العرب والعروبة أنهم أعداؤهم الحقيقيون  كايران , و عندما ترى الفرق الشاسع بين فكر البعث وسلوكياته كما بينا   لن تتردد في الحكم على أن الأشخاص القائمين على البعث السوري أرادوا أن يأخذوه  مطية لتغطية النسبة الضئيلة التي ينحدرون منها في مواجهة الأغلبية التي يصعب تهميشها بدون مثل هذه الألاعيب الشيطانية

الكاتب :صلاح الدين

المصدر: شبكة شام الكاتب: صلاح الدين
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ