مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٢ مايو ٢٠١٦
حتى أخر سوري

كان جون كيري يقف إلى جانب سيرغي لافروف، وكان واضحًا أن الاجتماع الذي انتهى عصر الثلاثاء في فيينا، لم يحقق أي تفاهم بين واشنطن وموسكو حول الأزمة السورية، التي يبدو أنها ستدخل مرحلة جحيمية جديدة من القتل والتدمير.

لم تكن الصورة السوداء في حاجة إلى دلائل، وجوه المندوبين الأوروبيين الذين حضروا اجتماع فيينا كانت تفيض بالقنوط، إلى درجة أن وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتانماير، لم يلمس أي دليل على أن المباحثات أسفرت عن نتيجة من شأنها أن تعزز وقف إطلاق النار الهش في سوريا وخصوصًا في حلب، ولهذا اكتفى بقول كلمات قليلة لكنها تفيض بالمرارة: «إن النقاشات الدبلوماسية كانت مثيرة للجدل»!

لكنها نقاشات كان يُفترض أن تعالج المشكلات الميدانية الخطيرة التي شهدتها سوريا بعد اتفاق الهدنة في 27 فبراير (شباط) الماضي، التي لم يحترمها النظام وحلفاؤه كما استغلّها الروس لتوفير مظلة جوية قوية دعمت هجومًا كبيرًا ومنسقًا على حلب، شارك فيه الجيش السوري مع إيران العسكرية.

أمام هذا، وفي ظل ما أسفرت عنه هذه «النقاشات الدبلوماسية المثيرة للجدل»، كان من المستغرب فعلاً أن لا يتردد جون كيري في محاولة ترويج الأوهام تكرارًا، إلى درجة أن الدبلوماسيين الواقفين إلى جانبه أصيبوا بالدهشة عندما قال حرفيًا وفي إشارة إلى بشار الأسد: «لقد انتهك القرار الدولي الخاص بسوريا، ولا يمكن له أن يهاجم حلب ويبرم صفقات مع (داعش)، ولدينا خيارات كثيرة للتعامل مع الأسد إذا لم يلتزم الحل السياسي»!

كان هذا الكلام مستغربًا بالنسبة إلى الذين سمعوه، وخصوصًا أن سيرغي لافروف كان قد نجح خلال هذه «المناقشات الدبلوماسية المثيرة للجدل»، في أن يدفع كيري نحو نوع جديد من الرمال المتحركة، وقبل الحديث عن هذه الرمال، من الضروري أن نتذكر أنه قبل ستة أشهر، وتحديدًا في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، أطلق مسار جنيف حول الأزمة السورية على أساس القرار الدولي رقم 2254 الذي نصّ صراحة على ضرورة حصول عملية الانتقال السياسي في سوريا.

ويومها لوّح كيري بأنه إذا لم يتم السير حسب هذا القرار، فإن لدى أميركا «الخطة - ب»، بما يعني أو على الأقل يوحي ضمنًا، بأنها تملك ردًا مناسبًا على عدم التزام النظام السوري وحلفائه القرار الدولي المشار إليه، ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم ثبت أنه ليس لدى الإدارة الأميركية لا «خطة ب» ولا أي موقف واضح حيال التفرّد الروسي الإيراني المستفحل في سوريا، فما معنى عودة كيري إلى الحديث عن «الخيارات الكثيرة التي تملكها واشنطن للتعامل مع الأسد، إذا لم يلتزم الحل السياسي»؟!

كان واضحًا تمامًا أمام وزراء الدول الـ17 التي حضرت نقاشات فيينا، أن لافروف يتمادى في اللعب على الوقت الأميركي الضائع، أولاً بسبب سياسة التردد التي اعتمدتها الإدارة الأميركية منذ تراجعها عن تنفيذ تهديدها ردًا على استعمال السلاح الكيميائي في الغوطتين عام 2013، وثانيًا لأن الوضع الراهن يصادف مرحلة السبات الانتخابي في أميركا، ولهذا لم يكن مستغربًا أن يسجّل كيري على نفسه تراجعًا نافرًا عندما قال بعد الاجتماع وبالحرف: «إن موعد الأول من أغسطس (آب) الذي تم تحديده أساسًا للأطراف المتحاربة في سوريا، والذي يهدف إلى الاتفاق على إطار عمل حول مسألة الانتقال السياسي، هو هدف وليس موعدًا»!

هدف وليس موعدًا؟
إذن هل من الكثير عندما تسارع المعارضة السورية، إلى نعي عملية إيجاد تسوية سلمية للأزمة الدامية التي دمرت سويا، وأودت بأكثر من 300 ألف قتيل، وأغرقت المنطقة وأوروبا بملايين اللاجئين، باعتبار أن الموعد يكون عادة محددًا أما الهدف فليس من المضمون أنه يمكن الوصول إليه، وليس سرًا أن روسيا تحاول إفراغ «جنيف 1» الذي نصّ على قيام هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، واستبدال بها تشكيل حكومة وحدة وطنية تُعطي حقائب هامشية إلى معارضة الداخل، بما يعني بقاء الأسد في السلطة، ودائمًا على قاعدة فلاديمير بوتين أن «كل من يعادي الأسد إرهابي»!

لا بد من أن يكون لافروف قد لاحظ الوجوم على وجوه زملائه الأوروبيين الذين حضروا اجتماع فيينا، وخصوصًا أن التقارير تتحدث عن إحباط واستياء متزايدين في أوساط مجموعة أصدقاء سوريا المكونة من 17 دولة، ولهذا تعمّد التخفيف من دور روسيا في إفشال لقاء فيينا والعملية السلمية عندما قال: «إن موسكو لا تدعم الرئيس بشار الأسد، بل تدعم الجيش السوري في مواجهة (داعش).. نحن لا ندعم الأسد بل ندعم القتال ضد الإرهاب، وعلى الأرض لا نرى أي قوة حقيقية أكثر فعالية من الجيش السوري»، لكن كل هذا الكلام لم ينسِ سامعيه قول بوتين سابقًا، إنه تدخل لأن الجيش السوري كان منهارًا، ولا ينسيهم أيضًا أن القصف الروسي لم يستهدف «داعش» بل المعارضة.

وفي عودة إلى الرمال المتحركة التي دفع لافروف كيري للوقوع فيها، قوله إن على أميركا وأصدقاء المعارضة السورية، العمل جديًا للتنصل من تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» جغرافيًا وآيديولوجيًا، وهو ما دفع أوساط المعارضة إلى الرد بالقول أولاً إن المعارضة هي التي تقاتل «داعش» بينما الأسد يتعاون معه، وثانيًا إذا لم يكن في وسع اجتماع فيينا ضمان وقف النار، مما استدعى إلقاء المساعدات جوًا، كما يقول كيري، فهل من الممكن أن يقتنع الروس بأنه لا علاقة جغرافيًا وآيديولوجيًا بين الفصائل المعارضة و«داعش» و«النصرة»، ثم على من يعتمد الطيران الروسي في قصفه؛ أوليس على إحداثيات النظام الذي يختار مواقع المعارضة؟

لم يفشل لقاء فيينا، الذي فشل عمليًا هو الحل السلمي وسوريا من جحيم إلى جحيم، وكيري من وهم إلى أوهام، ولا معنى قط للحديث عن «خيارات أميركية كثيرة للتعامل مع الأسد إن لم يلتزم الحل السياسي»، فهو لم ولن يلتزم والروس والإيرانيون يمنعونه من أن يلتزم، وها هو السفير الأميركي السابق جيمس جيفري يقول: «في الواقع ليست هناك (خطة ب) لسوريا، والأسوأ أننا نتفرج على الروس والإيرانيين يحققون انتصاراتهم باسم سوريا»! كذلك ها هو الدبلوماسي فيليب غوردن الذي ترك مهامه في البيت الأبيض مستشارًا للشرق الأوسط يقول حرفيًا: «إن مقارباتنا منذ أعوام غير مجدية، ولن تكون مجدية على الأرجح»، وها هو أحد الدبلوماسيين الذين شاركوا في لقاء فيينا يقول لوكالة «رويترز»: «لا يملك الضامنان الروسي والأميركي ما يقنع المعارضة السورية بأن التفاوض يستحق العناء، ومن المحزن أن يحاول كيري إظهار تفاؤل لا يمكن تنفيذه»!

اقرأ المزيد
٢٢ مايو ٢٠١٦
حزب الله المدافع عن إسرائيل!

حين اغتيل الرئيس رفيق الحريري، تفتّق ذهن حزب الله عن فرضيات عجيبة تجعل من إسرائيل المتورط الأول بالجريمة، نذكر الخرائط والفيديوهات التي عرضها نصر الله على الناس، مع أن الحيثيات والوقائع التي عرضت تتناقض ومسببات الأحداث ومساراتها آنذاك.


أراد نصر الله أن يبرئ الحزب والنظام السوري من المسؤولية، وأن يذهب بأذهان الناس بعيداً، محاولاً إنهاء الجدل حول السيارة التي جاءت من الضاحية كما قال آنذاك المحقق الدولي ديتليف ميليس.


لكن حين تعلّق الأمر باغتيال بعض قادته فإنه يبرئ ساحة إسرائيل، في ظهوره الأخير أصرّ نصر الله على كون مصطفى بدر الدين ضحية ما أسماها بـ«الجماعات التكفيرية»، جاعلاً إسرائيل خارج قصة اغتيال بدر الدين، كان الحزب أثناء اغتيال الحريري يسأل مع فلكه الإعلامي ومراوحه الصحافية: «من المستفيد؟» لكنه مع مصطفى بدر الدين سأل السؤال الآخر: «من هو العدو؟!».


بالطبع، ميليشيا حزب الله تقاتل الشعب السوري، والمعارضة المعتدلة، وهي في صراعٍ ضد حقوق الشعب السوري، لكن الغريب أن يبرئ الحزب إسرائيل من حادثة مصطفى بدر الدين، ويصرّ على توريطها باغتيال الحريري، هنا تأتي الفضيحة الكبرى لمنطق الحزب الميلشيوي، كما في قصة «أبو عدس» وسواها من الفبركات الإعلامية العقيمة.


ثم دارت الأيام، وصدر القرار الظني، وعلم الناس أن حزب الله بقادته مع النظام السوري هم المسؤولون عن دماء سالت فقط لاختلافها السياسي معهم، وشاءت الأقدار أن يذوق قادة الحزب من نفس كأس جبران وسمير قصير ورفيق الحريري، فما هو أخطر من إسرائيل الميليشيات التي تبرئها أو تحملها المسؤولية حسب الظروف والمصالح.

اقرأ المزيد
٢٢ مايو ٢٠١٦
«حزب الله»: الخسائر.. والمراجعة!

«حزب الله»، حزب مقفل، عصيّ على المصارحة والمكاشفة. كل ما يدور فيه وحوله، أسرار مقفلة. ولادته ونشأته وصعوده، فرضت هذا التشكل المعقد. مرحلة المقاومة ضد إسرائيل حتى التحرير، رفدت هذه السرية بألف سبب وسبب لتعميقها. التثقيف السياسي والديني المذهبي، جعل ويجعل من كل عضو و«مجاهد»، «علبة سوداء»، لا يمكن فتحها إلا بتوجيه قيادي. «كلمة السر» في الحزب واحدة لا يقولها إلا السيد حسن نصرالله.

عملية قتل أو اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين تؤكد هذه السرية. سيمضي الكثير من الزمن لمعرفة الحقيقة. قبل هذه العملية، اغتيل «القائد« عماد مغنية. اتهام إسرائيل باغتياله رغم عقدة الزمان والمكان، أنهى النقاش حول العملية. في حالة مصطفى بدر الدين يبدو الأمر أكثر تعقيداً وربما أخطر. اتهام «التكفيريين» باغتياله، رفع منسوب الأسئلة حول حقيقة مَن قتله، ومن حرّض وخطّط ونفّذ. من الصعب وضع اجابة أو أكثر حاسمة ترسم الحقيقة، خصوصاً أن سوريا «ملعب مفتوح» لقوى عديدة اقليمية ودولية متحالفة متنافسة، التنافس يولّد أحياناً التصادم. في «الملعب» السوري اليوم، يوجد الأميركيون والروسي والاسرائيلي والايراني والنظام الأسدي ومعارضات سورية وأخرى «تكفيرية».

غموض عملية الاغتيال ومن قام بها، ويوميات الحرب الاستنزافية الطويلة في سوريا، طرحت لأول مرة أسئلة كثيرة في وسط «جمهور» الحزب، حول وقائعها وانعكاساتها وتردداتها القيادية. ليس من السهل في حزب مثل «حزب الله« وآلته العسكرية أن يخسر اثنين من قيادييه العسكريين والأمنيين المؤسسين ولا يتأثر «الحزب» بذلك قيادة وقاعدة. ما أضاف الى الترددات الانعكاسية، ان العملية جاءت في مسار ارتفاع ضحايا الحزب في سوريا، وعدم ظهور أفق للخروج من النفق.

بحسب جميع التقديرات خسر الحزب في سوريا بين 1200 و1500 مقاتل عدا آلاف الجرحى والمعوّقين وعدة أسرى. من البداية عندما لم يكن أحد يقدّر أن الحرب في سوريا ستطول سنوات من الاستنزاف اليومي، قيل إن «الحزب« وجمهوره يستطيعان تحمّل خسارة 1500 مقاتل كحد أقصى، أي أكثر بمئات من الشهداء ضد اسرائيل. الآن وقد وصل الى «الخط الأحمر« هل يستطيع كسره والذهاب بعيداً في «تضحياته»؟ يمكن للحزب أن يبادل «تضحيات» جمهوره بتقديم «سلة« من الأرباح له. ولكن ماذا لو كانت الحرب لن تنتهي في سنوات وخسائرها الى ازدياد والأخطر أن أي حل سياسي لن يكون له مكان إلا بالواسطة أي عبر إيران التي ستكون هي الحاضرة في المفاوضات والتي تبقى مصالحها الوطنية والقومية والسياسية أكثر أهمية من تكبيلها بما يريده أو يفكر به «حزب الله» حتى لو كان «الابن الشرعي الوحيد» للثورة ولها؟

الأخطر بالنسبة للحزب، أن المفاوضات طويلة، والمصالح الايرانية تتقاطع وتتنافر وتتزاحم مع الحليف الروسي. «القيصر» فلاديمير بوتين لا يهمه إلا مصلحة روسيا، وفي النهاية تفاهمه مع الرئيس أوباما أو خليفته هو الأساس والباقي تفاصيل.

هذه الحالة تضع «حزب الله« بين «سندان» ايران و»مطرقة» روسيا، ومن وقت لآخر الحركة الاضافية للرئيس بشار الأسد ونظامه، الذي يئن من «السطوة» الايرانية إن لم يكن مباشرة فمن أركانه وضباطه. (وهذا له حديث آخر).

مهما كابر «حزب الله»، ومهما تكتم وتحفّظ، فإنه «مأزوم». أزمته أنه يريد الخلاص وغير قادر على الإقدام عليه، لأنه يتطلب الانسحاب من سوريا وتغيير «خطابه» اللبناني. مهما كان الحزب قوياً في طهران، لا يمكنه أن يقول «سأنسحب» وسأنفتح على الداخل اللبناني، في مرحلة مفاوضات بالكاد بدأت سراً أو علانية. الانسحاب يساوي الاغتيال، والحزب ملزم بالفتوى الشرعية للمرشد آية الله علي خامنئي ولن يتحلل منها. في قلب هذه الأزمة المتعددة الطبقات، تتصاعد أصوات لصيقة أو من أجواء الحزب وجمهوره تطرح أسئلة كثيرة ومكثفة. تطالب أو تعرض «ضرورة البحث في كيفية الخروج من الأزمات المتزايدة» التي تحيط بالحزب من سوريا الى اليمن مروراً بالعراق، من دون أن يتم تناسي تحوّل التعطيل في لبنان «سباحة في الفراغ»، ثم جاءت القيود المصرفية الأميركية لترفع خطر استمراره في هذه «السباحة».

ما يعمّق النقاش، «أن موقع الحزب ودوره في مواجهة إسرائيل» قد تراجعا مهما تعددت الخُطَب، ولا شك في أن «الغرق في صراعات المنطقة» لا يمكن أن يمر من دون «تداعيات مستقبلية خطيرة». علماً أن هذا الانكفاء أو هذه البرودة في المواجهة، تشرّع الأبواب نحو مواجهات داخلية لم تكن يوماً رابحة لأحد.

إذا كان الانسحاب من الحرب في سوريا في هذه المرحلة مستحيلاً فما العمل؟

يقال ولا شيء يؤكد ذلك سوى التطورات الميدانية، إن الحزب يتجه أو توجه نحو إعادة تموضع قواته في سوريا وعدم تركها منتشرة حيث يجب ولا يجب. لذلك سيتوجه الحزب في حركة لتخفيف خسائره نحو التموضع في المواقع التي تعنيه مباشرة (بمعنى خطابه السياسي والمذهبي) والتي يمكن رفدها بضرورات الحرب ضد «التكفيريين»، أي في حمص وصولاً الى دمشق مروراً بالقصَير، أما الباقي خصوصاً جبهة حلب التي أصبح من الواضح أنها تحولت الى «جبهة حرب دولية صغيرة»، فتُترك للكبار، خصوصاً بعد أن أكدت إيران أنها فتحت الباب نحو «تصعيد التطوع للدفاع عن المقامات».

التسليم بأن الصيف سيكون «بركانياً» قائم. لذلك وسط النار والدماء سيتم تحديد ما إذا كان الحزب قادراً فعلاً على صياغة وتنفيذ سياسة تتناسب مع حجمه وجمهوره. في النهاية ماذا ينفع الحزب إذا ربح معركة في سوريا وخسر شعبه ولبنان؟!

اقرأ المزيد
٢٢ مايو ٢٠١٦
الـ ٤٨ ساعة الأخيرة قبل الانفجار العام .. سوريا على شفى "النار"

تعيش سوريا بكامل أرجائها حالة من التحضير المستعر للانفجار التام ، الذي سيأتي على كل المناطق و الجبهات و بمشاركة الجميع، بحيث ستختلط الرايات أجمعها، مما يجعل الوضع أقرب لصحوة الموت لبعض الأطراف، و مخاض الولادة من جديد لأطراف أخرى.

في الوقت التي تتسارع الخطى تحضيراً للمواجهة الفعلية بين تنظيم الدولة و التحالف بمشاركة القوات الكردية الانفصالية، في معركة سيكون عنوانها العام "الرقة"، و الحقيقة تدمير كل ما تبقى من قوة للتنظيم بضرب قلبه النابض، و إن كان هناك من يتحدث عن دخول القوات المهاجمة إلى المحرقة الفعلية التي ستتسبب بانفجارات تتردد صداها في دول عدة .

فيما أتمت روسيا كامل استعداداتها لمعاودة الهجوم على الفصائل التي رفضت وضع يدها بيد الأسد، بالتنسيق التام مع ايران و ميليشياتها التي بدورها باتت في جهوزية تامة لدخول معركة مصيرية في عدة جبهات و لا سيما في ريفي حلب و اللاذقية و الهدف الرسمي هو قطع كل طرق الامداد عن حلب تماماً و عزلها عن محيطها، إضافة لإغلاق الحدود السورية التركية.

 وحلب و ريفها سيكونان في صلب شق من المعارك و ستأخذ مسمى "تحرير منبج" التي سيتكفل بها التحالف الدولي بحضور تركي أكثر فاعلية، و الهدف المعلن تأمين هذه المنطقة من قبل الأتراك لحماية للقرى و البلدات التركية، في حين يخفي في طياته الرغبة التركية و الموافقة الأمريكية على حضور تركي بواسطة فصائل تدعمها، بغية قطع أوصال الفيدرالية "الكردية" في شمال سوريا، و منع اتصال المناطق المتوزعة التي دخلت في قائمة الفيدرالية في نسختها المبدئية.

و في الانتقال إلى المنطقة الوسطى سيكون الدور الأبرز للميليشيات ذات اللون "العلوي" للحضور في معارك ريف حمص الشرقي، حاملة معها ثأر "الزارة" التي وظفت على أنها مذبحة، و إن كانت في الحقيقة عبارة عن كذبة لعب التهويل و الماكينة الإعلامية التابعة للنظام دور المجيّش و الحاشد لمن تبقى من أبناء الطائفة العلوية بعيداً عن الحرب.

و في دمشق التي تعتبر لب الصراع باتت على صفيح أكثر حماوة بعد تشتت قدرات الفصائل في الغوطة الشرقية و انشغالها في اقتتال لا طائل منه، إلا تعجيل الانهاء و الانتقال من ثوار الأرض إلى قتلى في بطنها، و أخطر النتائج كانت خسارة غالبية القطاع الجنوبي، الذي تعتبر خسارته إضافة للناحية الاستراتيجية خسارة فادحة من الناحية الزراعية سيما أن التقديرات تشير لرقم مرعب من الكم الهائل من المزروعات و لاسيما الاستراتيجي منها "القمح".

أما داريا فإن العيون فُتحت عليها بشكل أكبر ، و تعتبر بيضة القبان، و الهجوم الجديد عليها دفع بأبرز الفصائل العسكرية في سوريا لإعلان النفير نصرة لها، مع التهديد و الوعيد بالتراجع عن كل الاتفاقات السابقة مع المجتمع الدولي من هدنة و السير في طريق الحل السياسي، ما نحين مهلة ٤٨ ساعة للتراجع عن الهجوم عليها، و تنتهي هذه المهلة بنفس الوقت الذي أعلنت فيه روسيا عودتها للعدوان على الشعب السوري ، في ٢٥ الشهر الجاري.

وأخيراً يبدو أن القضاء في الجنوب قد بات قدراً واقعاً، بأن تبقى هذه الجبهة ساكنة وهادئة، لأسباب لاتزال مجهولة، فتارة تتوجه أصابع الاتهام إلى "الموك"، و أخريات إلى الانشغال بقتال تنظيم الدولة، و في أغلبها تعتبر الأمر خذلان من قيادات الفصائل التي قررت الركون بانتظار الحل الموعود.

اقرأ المزيد
٢٠ مايو ٢٠١٦
رسالة إلى الصديق "عادل الجبير" : بشار الأسد يتجاهلك و ايران تتحضر للقضاء عليك .. فما أنت بفاعل !؟

إلى الصديق عادل الجبير تحية عربية ذات نكهة إسلامية و بعد ....

في خضم ما تمر به سوريا من مشكلات جمّة و معقدة، احتلال يزحف على الأرض و عدو يقصف من الجو، وسلاح نرفعه في وجه بعض، يعيش الشعب السوري بحالة من الشتات الزماني و المكاني و النفسي ووصل لحد الانفصام عن كل شيء، الحالة التي تتيح لي أن أكتب لك رسالة بدون أي ضغوط أو وجود أي مطلب في طياتها و إنما مجرد ثرثرة لا أكثر.

الصديق عادل الجبير  ..

للمرة العشرين بعد المئتين ، تعيد الحديث عن أن الأسد شيء لا يجب أن يكون له وجود، و رحيله محتوم، بأي آلية كانت سواء السياسية التي تطحن المتحدثين في القاعات المتوزعة في البلدان، أو بالعسكرية التي تطحن الشعب السوري بأسره، المهم أنه راحل راحل لا محال، هذا التأكيد يعطيك ميزة لا مثيل لها في أنك تملك إصرار لامثيل له، وصفة مساند حقيقي للشعب السوري، وناقل أمين لمعاناته و محارب عنه في جبهات الاجتماعات.. و لكن أود أن أوضح لك بعض النقاط :

الحديث المكرر الخالي من الفعل ، يُفرغ صاحبه من قيمته المعنوية و يشكك بقدراته الفعلية، و بشار الأسد أؤكد لك أنه يضحك عندما يسمع "وجوب الرحيل بالسياسية أو بالقوة"، و هو واثق ثقة عمياء أن لا رحيل بالأولى "السياسة"، الثانية لا يمكن أن تكون إلا بعد مشقة كبيرة تتمثل بكسر ظهره الذي يظن أنه متين روسيا كجزء و الحقيقة أن ايران هي الكل.

صديقي العزيز عادل الجبير ..

استعداداتكم بالتدخل البري في سوريا هي أهزوجة جيدة، و خطة ممتازة و لكنه آنية تحولت لنقطة سوداء في تاريخ قائليها، و الحديث الجديد عن تزويد الثوار بأسلحة "أشد فتكاً" سيكون أثرها أشد على ما تبقى لكم من وجود فالقادم الذي تتهربون منه بات قريب جداً.

الأخ عادل الجبير المحترم..

أتابع الشأن الايراني بشكل جيد نسبياً، فهناك أناس يتحضرون لكم بشكل جيد، و باتوا في مراحل متقدمة من التعبئة الشعبية ضدكم، وأؤكد لك يا عزيزي أن مشكلتكم مع ايران لم تعد تلك الغائرة في الزمن بين عرب و عجم ، و لا تلك التي تعود لـ ١٤٠٠ عاماً بين السنة و الشيعة، فيا صديقي قضيتك اليوم مع ايران باتت بين الإسلام الذي تمثله ايران المقبول عالمياً، و الإرهاب الكافر الذي تمثله السعودية و المحارب عالمياً، و بالتالي قبولك بعدو ملاصق لك والحديث عن إمكانية التعايش معه "الحوثيين" و بمعنى واضح الايرانيون، و خشيتك من القاعدة و داعش ووجود قتالهم و استئصالهم، سيجعلك تقتل قلة قليلة ستنهكك حتماً، و تجعلك فريسة سهلة لإيران و شيعتها، فاختر الجبهة الأصح و اترك بعض الوحوش الضارية الهائمة بلا منزل ولا ديار تعبث قليلاً ، ريثما تنتهي من قطيع الجراد التي يتحضر لاجتياحك.

الصديق عادل ...

تكلمت بألغاز كثيرة و هراء أكثر و عبثية بتوصيف دقيق، و لكن هو واجب الصداقة يحتم علي كتابة هذه السطور قبل أن يقع المحظور، و تتحول إلى أمثالي كمطارد في بقاع الأرض تبحث عن خيمة تأويك، أو بلد تقول لك اجلس بضع دقائق قبل أن يتم الترحيل، أو تصل للمرحلة التي تكون فيها في بلدك هائم باحث عن عشبة تفك مخالب الموت عن ابنك، أو أن تمارس طقوس الوداع الأخير مع محيطيك كل يوم و كل ساعة، تحضيراً لموت أكيد بصاروخ أو برميل و في أحسن الأحوال بغاز السارين.

دمتم بخير .. من مواطن كان يظن أن هناك من يستمع و لايزال باحث عن شيء اسمه "نخوة" في الحقيقة لا في أبيات الشعر البالية ...

اقرأ المزيد
١٩ مايو ٢٠١٦
لبنان الرافض و الخائف من توطين السوريين .. والصامت بـ"وقاحة" عن قتلهم بيد حزب الله الارهابي

تحولت لبنان إلى كتلة متعاظمة من الرفض التام لفكرة تحولت على شكل قرار حول اللاجئين السوريين المتواجدين في بلدان الشتات نتيجة الحرب التي يشنها الأسد و حلفاءه على الشعب السوري، و التي تسببت بتهجير ١٢ مليون سوري قرابة ٥ مليون منهم خارج سوريا.

المنتمين و الموالين لحزب الله الإرهابي و الداعمين له ، اتفقوا على أن ما تم عبارة عن مؤامرة يحيكها المجتمع الدولي عبر الأمم المتحدة تتمثل بإعادة توطين السوريين المتواجدين في لبنان و المسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين ، في الوقت الذي يصمتون صمت "الجدران" عن مشاركة حزب الله الإرهابي في عمليات القتل و التدمير التي تشمل سوريا حجر و بشر منذ انطلاق الثورة السورية قبل خمسة أعوام ماضية.

جبران باسيل وزير الخارجية في حكومة لبنان، صهر ميشال عون و الحليف المتين للحزب الإرهابي، لا يترك مناسبة و لا منبر يخرج به إلا و يندد و يحذر و يتخوف من "التوطين"، مع المطالبة بإعادة السوريين المتواجدين في لبنان إلى سوريا و لو حتى لو تسبب ذلك برميهم في أتون النار،و يتغنى بلبنان الفريد المتميز الذي يجعل منه السوريين مستنقعاً، في حين لا يستطيع أن يشير أو ينوه أو يتحدث بألغاز عن سبب هروب السورين إلى لبنان.

و أبدى عضو اللجنة الوزارية المكلّفة متابعةَ ملفّ اللاجئين السوريين الوزير سجعان قزي أن بعد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في لقاء فيينا الدولي، قبل أيام، أنّ موضوع التوطين لم يعد "فزّاعة" وهو ليس مجرّد أمرٍ واقع سيفرض نفسَه على اللبنانيين. وأنّ الخطير في ما أظهرَه تقرير بان الذي يقع في 26 صفحة هو أنّه مخطّط وقرار دولي، وفق وصفه.

أما رئيس الوزراء اللبناني تمام سلامو أحد الصامتين على القتل الذي يمارسه شريكه في الحكومة، فقد تعهد بـ" الضرب على الطاولة"، تعبيراً عن الغضب، خلال قمة "الانسانية العالمية" المقرر عقدها قريباً في مدينة اسطنبول التركية.

في حين تتناقل وسائل الاعلام الأمر بكثير من الجدية و التصميم على جعل "إعادة التوطين" هو "أرجمدون" الذي سيضرب لبنان ، و لكن في نفس الوقت يتابعون أخبار القتل التي يقوم بها الحزب الإرهابي على أنه أمر اعتيادي، و يتابعون تفاصيل الارهابيون القتلى من عناصر الحزب و قياداته باهتمام بالغ على أنهم عادوا من جبهات محاربة الشر.

يبدو أن مشكلات لبنان الحالية تلخصت في قضية "إعادة التوطين"، و هي مبرر إضافي لزيادة الضغط على اللاجئين السوريين من خلال مواصلة تكثيف حملات الاعتقال التي تطالهم لأي سبب و التهمة دائماً حاضرة إن لم تكن الإرهاب ، فالتجوال بدون وثائق رسمية، و الأخيرة تحولت إلى من شدة التعقيد إلى حلم يصعب المنال على أصحاب الدخل المحدود، و أؤلائك المنتمين للطرف المعارض للأسد، ففي لبنان حزب الله لا مكان إلآ لمؤيدي الأسد، سيتم رميهم في السجون أو تحولهم لسلعة تجارية في سوق البشر أو ملاحقين في الجرود و الغابات.

اذا تقف لبنان بكامل سلطاتها و تكرر بشكل دائم "النأي بالنفس"، لكن باستثناء قتل الشعب السوري في أرضه، و تشريده، و التضيق عليه في لبنان، محاربته بلقمة عيشه، و ما تبقى فلا علاقة للبنان "حكومة وجيش و أمن" بسوريا...!؟

 

اقرأ المزيد
١٩ مايو ٢٠١٦
أيها "الشرعي" لاتخف فدمك بـ"الغوطة" بأسرها .. ويا متهمون افرحوا ستُحمَون بـ"دماء" الأبرياء

يبدو أننا اليوم بحاجة ماسة لاتباع سلسلة من الدورات الشرعية المكثفة علّنا نحظى بلقب "شرعي"، ونجد لنا موطئ قدم في أي تشكيل، حتى نحظى بالرعاية والاهتمام والحمية اتجاه كل ما نتعرض له، و لو كان نزلة برد، فالمتطلبات الحالية لا تقبل اعتبارنا كبشر أو رعية أو مستضعفين حتى نحظى برمقة عين من أحد.

اليوم ، ووفق الظاهر و أؤكد الظاهر، أن كل ما يحدث في الغوطة الشرقية مرده إلى محاولة اغتيال الشرعي الأبرز التابع لفيلق الرحمن "خالد طفور"، في ٢٨ شباط الفائت، و اتهام خليه تابعة لجيش الإسلام بأنها وراء العملية، فتمت التحقيقات و أطلقت الاتهامات تصدت لها تصريحات النفي، تصاعدت للمطالبة بتسليم المتهمين وفق المدعين، قابلها رفض عنيد بأن المطلوب غير ممكن، دخلت على الخط  القوى "الناصرة للدين" و تعهدت بإبادة رافضي الشرع فهم من "حافظيه".

عذراً شيخ أبو سليمان، على تلك المغالطة التي قام بها جيش الإسلام، فدمك من "الغلاء" ما يعادل الغوطة بأسرها بأرضها و حجرها و شجرها و بشرها، و الأخيرين "البشر" ليسوا من الأهمية بمكان ولا حتى لأرقام شهدائهم و جرحاهم و ثكلاهم و أيتامهم، وزن أو قيمة لتثور الحمية لأجلهم طوال خمس سنوات من المجازر المتنقلة و المتعاقبة و المتصاعدة، لكن أن يصل الأمر لمحاولة اغتيالك فهذا يعني أن "الطامة" الكبرى قد حدثت، ووجب تسليم الغوطة للأسد و الايرانيين ليمارسوا طقوسهم، تبريداً لحرارة دمك المسال.

في المقابل بضع عناصر حملوا صفة المتهمين في خلية قيل أنها للاغتيالات، قامت و يتوقع أن تقوم بالمزيد، يستحقون هم بالمقابل أن يحظوا بالحماية الكاملة، و تدمير الغوطة بأسرها حتى لا يتم عرضهم على القضاء، فهم ليسوا بمتهمين وفق نظر الحامين، و بالتالي لا يجوز تعريضهم للتحقيق فهذا إهانة لراية مبجلة قرروا أن يكونوا تحتها.

 ماذا لو كانوا بريئين حقاً فهل القضاء سيجبرهم على الاعتراف، فسيعرف أنهم على حق و لا دليل حقيقي ضدهم، لكن لا علينا، فهؤلاء يستحقون أن تداس الغوطة لأجلهم، و يموت المئات دفاعاً عن شخوصهم، فـ"الهيبة" لا يجب أن تلمس أو يقترب من "حياضها" أحد، و إن كلفت فقدان الأرض التي تستتبع فقدان "الأمر" برمته.

و ليس ببعيد عنهما هناك جبهة النصرة التي تقول "لا عودة حتى احقاق الدين" و "إقامة الشرع الرشيد"، لكن وفق منهج "الشرعيين"، فهم ولاة الأمر القائمين بالقسط، العدل السائر على الأرض، و لكن هم وحدهم من يملكون هذا الفضل، وإن لم تصدق ذلك فعليك مطالبتهم عند "البغي" أو مجرد" الخطأ الفردي" بالتحاكم للشرع، فهنا تحدث "المصادمة" فلا شرع غير شرعهم، و لا قضاء غير "قاضيهم".

في الغوطة التي رويت أرضها الطاهرة بآولوف مؤلفة من الشهداء، وتحمل اسم مبارك حظي بذكر مهيب من الطاهر الأمين (صل الله عليه و سلم)، و لكن كل ذلك لم يشفع لها، بل منح دم الشرعي و حماية المتهمين، أفضلية جعلت منها تلقي السلام على قطرات الدم و حصون الحماية، و تفتح أبوابها لمحتل، تطبيقاً لقانون الله في "الاستبدال".

اقرأ المزيد
١٨ مايو ٢٠١٦
الغوطة لا نصرة لـ"الدين" و إنما بغي آثم "مبين"

شعار عريض وواسع "نصرة الدين" ممزوج بدعوات لضرب المعتدين و البغاة، فلا نصروا الدين وتحولوا لبغاة معتدين، و لوثوا أيديهم بدماء المسالمين الذين قالوا لهم في يوم من الأيام أنهم أتوا و رفعوا السلاح دفاعاً عنهم، فبقي على هذا النهج من بقي و خرج من خرج .

القضية بدأت ببضع مقرات تمادت لاختلاق خلاف حول مبايعات، و انتهت بتهمة اغتيال، ليأتي دور العابثين في الهفوات و تحويلها لهوائل يبنى عليها واجب المواجهة والقتل و الإبادة، فهنا الشعار الواسع "نصرة الدين" يلمع في العين و يبحث عن ماسح للدموع.

الصراع في الغوطة لا يمكن إخراجه، وفق رأي شخصي بحت، عن صراع بين سلطات الشيوخ، لمن الغلبة منهم و من هو على حق ، و من هو حامي الحمى، و القادر على مجابهة الكفار المرتدين الغلاة الباغين، و هو على الشرع المستقيم و ما سواه إلا أفاك أثيم، فالخلاف ليس بين ثوار أو مدافعين عن الدين و الأرض و العرض، و إنما خلاف سلاطين الدين.

يذهب الفكر بعيداً جداً، الجميع رفع ذات الشعار و ذات التهم للطرف الآخر و توعد بذات الوعود، فهل هم من ذات الدين أو الدين يتجزأ بينهم تبعاً لخزعبلات اللحى و تطبيق أفكار من خارج الحدود على شعب لم يطالب بأكثر أن يعيش بعيد عن الاستبداد و من ثم القتل و التدمير.

في الغوطة أحلاف مشبوهة مبطنة بغايات غاية في الخطورة و يظن البعض أنهم في الجانب الصحيح و لكنهم يسيرون بأيديهم و أرجلهم و رجالهم و عتادهم و سلاحهم نحو الفناء في المرحلة القادمة فهم من "العوام" الذين بحاجة لشرعي أو قاضي قدير على القيادة.

في المقابل تشكيل كبير و ضخم بني على دماء الشهداء و اتخذ أفضل الأماكن ليدافع عنها، يغتر و يحاول "المغالبة" عندما يفشل بالمفاوضة، أخطئ و يخطئ، لكن للأسف لم يعي أن العابث ينتظر لحظة اكتمال الكأس من كثرة تركم الأخطاء.

في الغوطة مئات الآلاف من الثكلى و اليتامى و الأرامل و المشردين، لا ينتظرون من العابثين الباحثين عن عباءة الإفتاء، و استلام رأس حربة "الجهاد" الذي وجد لهم و ليس لغيرهم، في الغوطة سيسأل كل "رجل دين" أضعاف مضاعفة عن كل حامل سلاح رضى و شارك موافقاً أو مسايراً أم مرغماً، في صرخة طفل رعب من رصاص تاهت جبهتها و اتجهت لصدورنا جميعاً.

اقرأ المزيد
١٧ مايو ٢٠١٦
في "فيينا" سقط اسم "بشار الأسد" قصداً.. و إعادة التدوير باتت واقعاً

كما كان متوقعاً سقط اسم بشار الأسد من قائمة مناقشات فيينا، في نسختها المحدثة اليوم، وطفى على السطح "الإرهاب" الذي غطى على كل المعالم في سوريا وبات الهاجس الوحيد الذي بحاجة لحل، وما الكلام عن الحل السياسي إلا طريق من طرق مكافحته، و تعزير نظام الأسد ليقوم بهذا الدور، و ما تبقى من تصريحات معتادة لا تخرج عن أصلها "لايغني و لا يسمن من جوع".

في فيينا اليوم كما قبل شهور ست مضت اجتمعت ٢٠ دولة و أربعة منظمات بينها الأمم المتحدة و الاتحاد الأوربي، لمناقشة الوضع في سوريا، ذات التركيبة و ذات الحضور و ذات المشرفين ( أمريكا و روسيا)، لا تغيير إلا في العناوين " ضمان الهدنة – إيصال المساعدات" ، بغية إيجاد شيء براق يخفي الحقيقة و المتمثلة بأن لا مكان للتغير في سوريا وفق ما يطالب به الشعب السوري، و إنما التغيير سيقتصر على إضافة ألوان على المضمون الكامل للنظام، بزج أسماء و هيئات، لتكون في مجملها كتلة تحارب "الإرهاب" الذي يفهمه الغرب، حتى لو كان هذا المفهوم يصل لحد اعتبار كامل الشعب السوري ارهابياً و يستحق الاجهاز عليه.

ركز وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في تصريحاته على منطق واحد، وغلّفه بتصريحات عاطفية عن "الأسد" و تسببه بخرق الهدنة، و لكنه في الوقت ذاته طالب من الفصائل الابتعاد عن مناطق جبهة النصرة و تنظيم الدولة، كي تنجو بنفسها من القصف الذي تعهد القيام به بالتعاون مع روسيا، و ذلك في اطار مكافحة "الإرهاب".

في حين كان واضحاً من تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مدى عمق الاتفاق الذي تم التوصل إليه ووضوح معالمه، فيكفي ان لافروف قد أبدى امتعاضه و انزعاجه الشديدين من استخدام الثوار لدبابات و مدرعات في معارك ردع القوات المهاجمة التابعة لإيران و بقايا قوات الأسد، في إشارة دقيقة إلى أن حتى هذا ممنوع على كل من يخالف الأسد، و استطرد الوزير الروسي ، الذي تخوض بلاده حروباً دموية و سياسية ضد الشعب السوري، أن الدعم الذي تقدمه روسيا للإرهابي بشار الأسد ليس مخصص لشخص بشار و إنما لـ"جيشه"، وحفاظاً على مؤسسات الدولة، فكلا "الجيش – المؤسسات" هي جزء من نظام الأسد كشخص و تنظيم يقوم على القتل و التنكيل، و هما سبب ما وصل إليه حال الشعب السوري.

التصريحات الروسية و الأمريكية المتوافقة على هدف واحد ، وفق ما أكدته مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس، و المختلفة في الشكل الخارجي و طريقة التنفيذ، لم تجد معارضة أو امتعاض من قبل أي دولة من الدول التي تصنف ضمن قائمة أصدقاء الشعب السوري، التي اكتفت بإعطاء الشعب المكلوم مهدئ جديد، و المتمثل بمصطلح الأسلحة "الأشد فتكاً" الذي خرج به وزير الخارجية السعودي مؤخراً، ليكون مشابه لتلك التصريحات التي ظهرت قبل ثلاثة أشهر و التي توعدت بالتدخل البري، فلا التدخل حصل و لا حتى شدة "الفتاكة" ستحدث، و كل ما هنالك سيمنح للأسد و حلفاءه فرصة لإيجاد طريقة يستطيع من خلالها استعادة زمام الأمور و القضاء على ما تبقى من مطالبين بإنهاء الأسد.

اقرأ المزيد
١٥ مايو ٢٠١٦
كما ضربنا الكيماوي .. قتلنا "ذو فقار" و قد نقصف بيروت !؟

يبدو أن حزب الله قد قرر أن لا يفتح مواجهة جديدة مع إسرائيل، أو يضع في قائمة تعهداته بالرد وعداً اضافياً، وقرر أن يحمل الثوار أو من يسميهم بـ"المجموعات الإرهابية" مسؤولية مقتل الرجل العسكري الأول في الحزب "ذو الفقار"، ليكون وجوده أكثر الحاحاً، و بقاءه مطالباً فيه من قبل حاضنته التي انهكت تماماً و استنزفت إلى أقصى حد، بسبب القتل المستمر و المتواصل طوال السنوات الخمس الماضية.

ويشبه ادعاء حزب الله بأن قاتل قائد العمليات العسكرية و الأمنية في الحزب "مصطفى بدر الدين"، هم الثوار من خلال قصف مدفعي دقيق، يشبه إلى حد كبير و متطابق اتهام النظام لذات الثوار باستهداف الغوطة بالسلاح الكيميائي في آب ٢٠١٣، و بذلك يكون على ثقة تامة أنه مهما فعل أو ارتكب كرد فعل انتقامي، لن يمنعه أحد أو يردعه، و كذلك لن يكون هناك أحداً أيضاً يبحث عن صحة الادعاءات أو التهم، فالثوار هم الحلقة الأضعف في كل شيء.

التسريبات والتحليلات حول مقاتل "بدر الدين" تكاد لا تنضب ولا تنتهي، و لكن تجمع في مجملها أن الآلية و الطريقة التي استهدف بها القتيل، لا تسطيع مجموعة أو فصيل مهما بلغ حجمه أن ينجح في ذلك، إذ السلاح الذي تم استخدامه من الذكاء ما يتطلب أجهز دولة متطورة لاستخدامه و حصاد نتائج إيجابية، سيما أن أحدث الروايات تقول أن الصاروخ من النوع "الفراغي"، فلم تكن الجروح التي أصيب بها جسد القتيل بليغة، بل كانت الدماء تسيل من أنفه نتيجة الضغط المتولد عن الصاروخ.

أياً كانت الرواية الحقيقية لمقتل أحد أشد الأشخاص ارهاباً في حزب يمارس الإرهاب بشكل روتيني و لا ارادي، لكن النظر للتبعيات واجب من حيث توقيت القتل و التهمة و التطورات على الأرض، فاليوم الحزب بحالة من الضعف و الوهن، ما يجعله مطالب بالانسحاب الذي لا يملك قراره، فهو عبارة عن أداة بيد المرشد الايراني الذي يقود المعارك تبعاً لمخططاته، و بات لزاماً أن يتم إيجاد سبب للاستمرار في سوريا، و ليس أفضل حالاً من قتل الرجل الأبرز في الحزب، و إعادة اشعال نار الثأر التي عمد علي خلقها في كل مرحلة تخبوا فيه شعبيته، أو يتعرض فيه لضغوط للانسحاب.

و في الوقت عينه يعاني محيط دمشق و لاسيما الغوطة الشرقية من حالة يرثى لها بعد أن قرر بعض العابثين اللعب على كافة الوتار و اشعال الاقتتال الداخلي، ممهدين الطريق أمام المليشيات الشيعية لتتقدم في الأرض التي عجزت عنها طوال سنوات، مما يجعل الغوطة بشرقيتها و غربيتها، تحت خطر شديد سيما مع التسريبات التي تقود إلى وجود نية مبيته و يعمل على التحضير لها، و المتمثلة بإنهاء وجود أي معارضة للاحتلال الايراني في دمشق و محيطها.

و لاشك أن استخدام هكذا تهم لتبرير الوجود و البقاء، ليس هو الوحيد الذي يعمل عليه الحزب، فسبق و أن استخدام أمن القرى اللبنانية الشيعية لاحتلال القلمون، و لن يتورع عن استخدام أي شيء بما فيها قصف حتى بيروت، لاستنباط سبب، لمواصلة قتل السورين، و لكن في الوقت ذاته قتل نفسه و عناصره.

اقرأ المزيد
١٤ مايو ٢٠١٦
مصطفى بدر الدين...الشبح المستحيل تعقبه الذي يدين بحياته لصدّام حسين

لرفاقه هو ذو الفقار، تيمناً باسم السيف الذي أهداه علي بن أبي طالب للنبي محمد . وللحكومة الكويتية هو المسيحي الياس فؤاد صعب الذي حكمت عليه بالإعدام عام 1984 في إطار عملية "الكويت 17 " التي شملت سلسلة من سبعة تفجيرات مُنسَّقة في الكويت أودت بستة أشخاص وتسببت بجرح ما يقارب تسعين آخرين. أما للبنانيين فمصطفى بدر الدين الذي أعلن "حزب الله" مقتله في غارة جوية إسرائيلية على الحدود اللبنانية - السورية، هو خصوصاً المتهم الرئيسي الذي يحاكم غيابياً أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

كل ذلك جعل منه "شبحاً" بالنسبة الى كثيرين، بمن فيهم المحكمة الدولية التي توصلت إلى اقتناع بأن بدر الدين هو سامي عيسى "مالك سلسلة من محال الصاغة والمجوهرات في بيروت، وشقة في جونية مسجلة باسم شخص آخر، ويخت مسجل أيضًا باسم رجل آخر، ويقود سيارة مرسيدس ثمينة، مسجلة هي أيضًا باسم شخص آخر، وكان زير نساء، وشوهد مرارًا في المطاعم والمقاهي مع أصدقائه".
وهو أيضا صافي بدر الذي قالت وزارة الخزانة الأميركية إنه يقود التدخل العسكري لـ"حزب الله" في الميادين السورية، ويحضر شخصيًا الاجتماعات التي تعقد في حضور رئيس النظام السوري بشار الأسد، أو الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله.

وفي بروفايل طويل، وصف الصحافي والمدون البريطاني ألكس رويل، القيادي في "حزب الله" بأنه زير نساء مولع بالنار، في ما يعكس حياة صاخبة لقيادي بقيت حياته لغزاً كبيرا.

فالواضح أن بدر الدين حرص دائماً على عدم ترك أثر خلفه. وعنه قال المدعي في المحكمة الخاصة بلبنان غرايمي كاميرون:" يتحرك مثل شبح لا يمكن إدراكه، ونظرياً يستحيل تعقبه داخل لبنان فهو لا يترك أي أثر ولم يستخرج يومًا جواز سفر، ولا رخصة قيادة، وليس ثمة عقار مسجل باسمه في لبنان، ولا تملك السلطات أي معلومات عن دخوله إلى لبنان أو خروجه منه، ولا بيانات في وزارة المال تفيد بأنه دفع الضرائب يومًا، ولا حسابات مصرفية باسمه. فهو غير موجود، أو شبح لا يمكن اقتفاء أثره في لبنان".

 

ابن عم مغنية

رسمياً، هو ابن عم عماد مغنية وشقيق زوجته، مولود بحسب مصادر عدة في الغبيري بالضاحية الجنوبية. وبينما تتحدث تقارير عن أنه درس العلوم السياسية بين 2002 و2004 في الجامعة اللبنانية الأميركية، نفى أساتذة درّسوا في الجامعة في تلك الحقبة أن يكونوا التقوا شخصاً يدعى سامي عيسى. وصعد نجمه في "حزب الله" بعد اغتيال القيادي البارز في الحزب عماد مغنية في شباط 2008.
واستناداً الى صحيفة "النيويورك تايمس" الاميركية كان "سامي" مهووساً جداً بالنساء الى درجة أنه رفض عام 2009 أوامر من "الحرس الثوري " بتجنب الاطلالات العامة لفترة، قائلة إنه أصر على مواصلة حياة البذخ مستخدماً اسم سامي عيسى.


عقوبات وزارة الخزانة

أضافته وزارة الخزانة الأميركية عام 2012، مع طلال حمية، وهما "قائدان إرهابيان بارزان في حزب الله" إلى قائمة الإرهابيين التي تصدرها الوزارة "لتوفيرهما الدعم لأنشطة حزب الله الإرهابية في الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم". وفي آخر الاجراءات الأميركية ضده ، ورد اسمه في قائمة من مجموعة قادة كبار لـ"حرب الله" أبرزهم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله والتي يستهدفها قانون مكافحة ومنع تمويل "حزب الله"، الذي صدر نهاية العام الماضي.


"الكويت 17"

يدين مصطفى بدر الدين بحياته لقرار الزعيم العراقي الراحل صدام حسين غزو الكويت. ففي حينه كان أحد المدانين بسلسلة عمليات إرهابية في الكويت والذين حكم عليهم بالإعدام في آذار 1984.

وشملت الأهداف السفارتين الأميركية والفرنسية، ومطار الكويت، وشركة "رايثيون"، ومنصة البترول لـ "شركة النفط الوطنية الكويتية"، ومحطة كهرباء مملوكة للحكومة. وقد تم إحباط هجوم آخر خارج مكتب للبريد.

كانت تلك التفجيرات، وفقاً لماثيو ليفيت، مدير برنامج ستاين لشؤون الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، بمثابة صدمة للمسؤولين الكويتيين، إلا أنه كان ممكناً أن يكون الدمار أكثر سوءاً لو ربطت القنابل التي استخدمت في ما بات يعرف بعملية "الكويت 17" بالأسلاك بشكل صحيح.

في حينه، يضيف ليفيت، حدّ التخطيط السيئ من القدرة التدميرية للهجمات. فقد كانت هناك حافلة تحمل 200 أسطوانة غاز معدة للانفجار في موقع "الشركة الوطنية للبترول"، إلا أنها انفجرت على بعد 150 ياردة من مصفاة نفط وعلى بُعد ياردات قليلة من كومة المواد الكيميائية القابلة للاشتعال. و"لو تم تخطيط العمليات بمهارة أكبر لربما كان سينجم عنها أيضاً تدمير محطة تحلية المياه الرئيسية في الكويت، الواقعة ضمن المنشآت، الأمر الذي كان سيترك تلك البلاد الصحراوية من دون أي مياه صالحة للشرب تقريباً".


وفي النهاية، سُجِن سبعة عشر إرهابياً مداناً في الكويت، بمن فيهم أعضاء من "حزب الله". وعلى مدار السنوات التالية، نفذ الحزب العديد من الهجمات الإضافية، في الداخل والخارج، سعياً منه إلى إطلاق أعضاء سُجنوا لقيامهم بتلك التفجيرات.

وأقر نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم في حينه أن واقعة "الكويت 17"، "كانت الشرارة الأولى لفكرة الرهائن، من طريق الضغط لإطلاق أسرى في إسرائيل وأماكن أخرى".

وكان بدر الدين أحد أولئك المُدانين الذي حُكم عليه بالإعدام، إذ كان ينشط في الكويت مختفياً تحت الأسم الحركي المسيحي الياس فؤاد صعب. وعند صدور الحكم، هدد الحزب بقتل بعض رهائنه في حالة تنفيذه.

ويسود اعتقاد أن خطف رئيس مركز وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي اي اي" في بيروت، وليم بكلي، في ذلك الشهر نفسه، فضلاً عن عمليات خطف أخرى في النصف الثاني من عام 1984، كانت رداً مباشراً على اعتقال مُفجري عملية "الكويت 17" وإصدار أحكام ضدهم.

فعند مناقشة احتمالات إطلاق الرهائن الأميركيين، أوردت مذكرة صادرة عن وكالة الاستخبارات المركزية أن "مغنية كان يربط دائماً مصير رهائنه الأميركيين بالإفراج عن السبعة عشر إرهابياً شيعياً في الكويت، وليس لدينا أي مؤشرات بأنه غيّر هذا المطلب".


هرب من السجن

وعندما غزا العراق الكويت عام 1991 ، أخلت قوات صدام السجون ونجح بدر الدين في الهرب إلى السفارة الإيرانية في الكويت. وأوردت تقارير في حينه أن " الحرس الثوري " سهل سفره إلى إيران وعودته إلى لبنان حيث نشط مع مغنية، ليس في جنوب لبنان فحسب، وإنما أيضاً على جبهات عدة جديدة، بما فيها "الوحدة 1800" التي أسست في تسعينات القرن الماضي لمساعدة "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في عملياتها ضد اسرائيل.
وعند اغتيال مغنية في شباط 2008 ، يقول ليفيت، خلفه بدر الدين في رئاسة الأجنحة العسكرية والإرهابية لـ "حزب الله".

وفي حزيران 2011، أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قراراً اتهامياً بحق بدر الدين وثلاثة عملاء آخرين من "حزب الله" لدورهم في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

واكد المدعي كاميرون أن المتهمين أسد حسن صبرا وحسين حسن عنيسي متواطئان، لافتاً الى أن مصطفى بدر الدين وسليم عياش حضّرا لاغتيال الحريري قبل 3 أشهر، واشار الى ان عياش كان مسؤولا عن مراقبة الحريري وعن شراء شاحنة المتسوبيشي، اما صبرا فشارك في ايجاد الشخص المعروف بـ"أبي عدس"، وبدر الدين استعمل 13 خطاً خلوياً من 1997 الى 2009.
وبينما تستمر محاكمته غيابياً، أفادت تقارير أنه شوهد في الضاحية الجنوبية لبيروت مطلع السنة الماضية، في تشييع جهاد مغنية، نجل عماد مغنية، الذي قضى بغارة اسرائيلية في سوريا.

اقرأ المزيد
١٣ مايو ٢٠١٦
هل كان حافظ الأسد سيتصرف كبشار لو كان حاكماً الآن؟

هل تعلمون أن بعض الأحداث التاريخية الكبرى تعتمد فقط على تصرف فردي؟ بعبارة أخرى، يكفي أن يكون هناك قائد متسرع ليتسبب بكوارث كبرى لبلاده يدونها التاريخ. ويذكر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر أنه حين التقى بوزير الخارجية العراقي الراحل طارق عزيز في جنيف بعد الغزو العراقي للكويت، كانت رجلا بيكر ترتجفان تحت الطاولة بشدة وهو يبحث مع عزير خروج القوات العراقية من الكويت. لقد كان الأمريكيون يدعون إلى الله ليل نهار أن يركب النظام العراقي رأسه، ويرفض الانسحاب من الكويت كي ينفذ الأمريكيون مؤامراتهم الرهيبة بحق العراق ونظامه.
ويذكر بيكر أنه عاش أصعب لحظات القلق وهو يجلس مقابل طارق عزيز على الطرف الآخر من الطاولة خوفاً من أن يوافق عزيز على الانسحاب من الكويت، لكن، وبناء على تعليمات القيادة العراقية، أخبر عزيز جيمس بيكر بأن الجيش العراقي لن ينسحب من الكويت.
وفي تلك اللحظات، يقول بيكر، إن الدم عاد إلى شرايينه من جديد، وتوقفت رجلاه عن الاهتزاز الشديد فور سماعه الرد العراقي. بعبارة أخرى، فإن المخطط الأمريكي المعد للعراق كان يتوقف على العناد العراقي، فلو قال طارق عزيز لبيكر مثلاً إن الجيش العراقي سينسحب من الكويت، لما جمعت أمريكا وقتها أكثر من ثلاثين دولة لطرد القوات العراقية من الكويت، ولتبدأ بعد ذلك بتنفيذ مخططها الشيطاني بضرب العراق لاحقاً وإعادته إلى العصر الحجري كما توعد وزير الدفاع الأمريكي وقتها دونالد رامسفيلد. ولم يكن بمقدورها أن تعيد ترتيب أوراق المنطقة بأكملها.
وكذلك الأمر في الحالة السورية. فلو أن نظام الأسد تعامل مع المظاهرات الشعبية، أو ما يسميه بالمؤامرة الكونية بروية وحكمة بدل إنزال الجيش إلى الشوارع خلال أسابيع، لما وصلت أوضاع سوريا إلى هنا، ولكان قد خيّب آمال أعداء سوريا كإسرائيل وأمثالها وكل الذين كانوا يتآمرون على سوريا. فالقائد الحكيم هو الذي يستنفد كل الوسائل الذكية قبل أن يستخدم القوة الوحشية، فلطالما كانت الوسائل الدبلوماسية الحكيمة أفضل بمئات المرات تاريخياً من الحديد والنار في معالجة الأزمات الكبرى. ولو كان حافظ الأسد مكان ابنه لربما تصرف بطريقة مغايرة تماماً، فالرئيس الحكيم هو من يحني رأسه للرياح العاتية بدل مواجهتها.
وكلنا يتذكر كيف تعامل حافظ الأسد مع التهديدات التركية عام 1999 عندما هدده رئيس الوزراء التركي مسعود يلمز وقتها بقلع عينيه وتكسير يديه واجتياح دمشق إذا لم يسلّم الزعيم الكردي عبدالله أوجلان خلال أربع وعشرين ساعة لتركيا. وبدل أن يورط حافظ الأسد سوريا في حرب خطيرة مع الأتراك وقتها، قام بتسفير أوجلان خارج سوريا، لتعتقله الاستخبارات التركية فوراً في عملية مخابراتية ناجحة. لقد جنب حافظ الأسد سوريا حرباً بغنى عنها.
على العكس من ذلك، لعبت إيران وروسيا وبعض كبار ضباط الجيش والأمن في سوريا بعقل بشار الأسد في بداية الثورة، وبدل أن ينجح الفريق الوطني الحكيم في النظام بإقناع الرئيس بالتعامل بحكمة مع الثورة أو ما يسميه بالمؤامرة، نجح فريق الصقور العميل لجهات خارجية بدفعه إلى المحرقة. ويعتقد بعض العارفين ببواطن الأمور أن فريق الصقور الذي لعب بعقل بشار أراد أن يورطه، ويحقق في الآن ذاته أهداف بعض القوى الخارجية في سوريا. ويعتقد البعض أن الفريق الذي عمل على تأجيج الوضع في البلاد في بداية الثورة مرتبط بجهات خارجية، ويعمل بوظيفة عميل حقيقي ضد مصالح سوريا وشعبها. ويرى آخرون أن النظام السوري مُخترق حتى العظم، وأن الذين ورطوا الأسد من داخل النظام هم ألد أعدائه. ومن غير المستبعد أن يستلموا السلطة لاحقاً في سوريا فيما لو تمت إزاحة الأسد. بعبارة أخرى، فإن الشخصيات التي يمكن أن تحل محل الأسد وبطانته لاحقاً ستحصل على جائزتها من القوى التي تعمل لصالحها في الخارج.
والجائزة طبعاً استلام السلطة في سوريا بدل الأسد. ولو كنت مكان بشار الأسد لشنقت أي مسؤول سوري يطرح الخارج اسمه بديلاً عن بشار، لأنه ما كان ليحلم بطرح اسمه بديلاً للأسد لولا أنه قدم خدمات جليلة لأسياده في الخارج على حساب النظام وسوريا معاً.
لا شك أن بشار الأسد سليل حافظ الأسد في الوحشية والهمجية، لكن هل كان حافظ الأسد ليتصرف بالطريقة التي تصرف بها ابنه الطائش بشار في مواجهة الثورة السورية وتوريط سوريا في كارثة كبرى وجعلها مجرد ألعوبة في يد «اللي بيسوى وما يسواش»؟
هل كان ليسمح لنفسه ونظامه بأن يكون طرطوراً في أيدي الإيرانيين والروس؟ هل كان ليقبل أن يكون أداة في أيدي كبار جنرالات الأمن والجيش الذين لعبوا بعقل بشار وورطوه وورطوا وطناً كان اسمه سوريا في لعبة أكبر منهم بكثير؟ بالطبع لا. حتى أقرب المقربين من الرئيس السوري يقولون بعيداً عن الأضواء إن هذا الأحمق أدخلنا، وأدخل سوريا في الحيط. إن أفضل مثل شعبي ينطبق على ما فعله الأسد الصغير بسوريا هو المثل القائل: «مجنون رمى حجر في بئر، مائة ألف عاقل لا يستطيعون اخراجه». كم من الأحداث التاريخية الكبرى تسبب بها أحداث بتصرفاتهم الصبيانية الرعناء!

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
١٤ مايو ٢٠٢٥
لاعزاء لأيتام الأسد ... العقوبات تسقط عقب سقوط "الأسد" وسوريا أمام حقبة تاريخية جديدة
أحمد نور (الرسلان)
● مقالات رأي
١٣ مايو ٢٠٢٥
"الترقيع السياسي": من خياطة الثياب إلى تطريز المواقف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب