أعواد الخيزران .. رماح الثورة
أعواد الخيزران .. رماح الثورة
● مقالات رأي ٢٤ مايو ٢٠١٦

أعواد الخيزران .. رماح الثورة

إن كنت تزرع بذرة الخيزران، فلن تنمو بعد عام، ولن ترى لها أثرًا بعد عامين أيضًا، بل وستظنها اختفت وذابت تحت الأرض في العام الثالث، حتى تنسى أنك زرعت بذرة الخيزران في العام الرابع، ولكن .. في العام الخامس، تنتفض بذرة الخيزران لتخرج على وجه الأرض وبمقدار 24 سنتيمترًا دفعةً واحدة، ثم تبدأ بالنمو الواثق تحت ضوء الشمس بمقدار متر يوميًا، فتكون بعد هذه السنوات جاهزة لتحدي الجفاف، وللوقوف بوجه أعتى الرياح.

 أعتقد أن أول ما يذهب إليه البال في هذه المعلومة هو "حال الثورة السورية"، والتي واجهت عدوان نظام البراميل وتجويعه وحصاره، وواجهت مؤامرة المجتمع الدولي على أهلها، وواجهات احتلال قوات أجنبية لبلادها، وتواجه اقتتال الأخوة وتشتتهم، بعد أربع سنين من انتظار شجرة الخيزران وبعد أربع مواجهات خاضتها وتخوضها الثورة السورية وغيرها كثير من المواجهات الجانبية، نعلم تمامًا كم أصبحت عميقة هذه الثورة فينا، ولكن هل كان الثوار فيها كشجرة الخيزران، يدقون جذورهم ويحفرون الأنفاق مثلها، فإذا اكتمل لديهم الانغراس والثبات، شقّوا الأرض صاعدين بثقة إلى سمائهم وحريتهم.

يقول العرب عن شجر الخيزران "أعواد الرماح"، لأنها رافقتهم في كل حروبهم، وسبقتهم منغرسة في صدر أعدائهم، وكما أن الثورات لا تنتصر بالكلام، ولا الدول تبنيها التصريحات، فإن الأوطان ترتفع بمقدار ما نقدم لها من تضحيات، لا بمقدار ما ننغمس في وحل المفاوضات والخلافات وتغليب المصالح الضيقة على المصلحة العامة، وبمقدار ما ننغرس في باطن الأرض، ثم نخرج بقوة نحو فضاء أحلامنا، لقد فرضنا وجودنا بقوة صدقنا وحبنا، ونحن جاهزون للعطاء والتضحية.

فلنكن رماح الثورة .. وإلا ذرتْنا الرياح

الكاتب: فيصل الطويل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ