هدنة روسيا أشد من الحرب .. فهل نعي !؟
هدنة روسيا أشد من الحرب .. فهل نعي !؟
● مقالات رأي ٢٤ مايو ٢٠١٦

هدنة روسيا أشد من الحرب .. فهل نعي !؟

عبثية الحرب التي طالت الفصائل في الغوطة الشرقية، جعلت من الاقتتال الداخلي ذريعة لكل دول العالم وعلى رأسها روسيا، لجعلها حجة أن نظام الأسد هو النظام الاكثر ملائمة في ظل هذا التفاوت والتداخل والصراع ، كما كانت دليلاً قطعياً للدول التي تحمل مسمى "أصدقاء سوريا" والداعمة لتلك الفصائل، كسبب لتخفض في المستقبل القريب من رصيد الدعم المادي والمعنوي على حد سواء لهذه الفصائل

روسيا التي تعرف من أين تأكل الكتف، تفرض هدنة مدتها 72 ساعة في منطقة الغوطة الشرقية وداريا، لتمنح استراحة محارب لقوات النظام بعد سيطرتهم على القطاع الجنوبي للغوطة الشرقية واستيلائهم على معظم الأراضي الزراعية التي تقوت أهالي الغوطة، وتعتبر ذات اهمية كبيرة لاستثماراتهم الزراعية والحيوانية، والتي وصلت الى 40 الف دونم، كانتاج فلاحي الغوطة فقط، ناهيك عن الأراضي الزراعية المستثمرة من قبل المنظمات الاغاثية في تلك المنطقة

ولابد ان روسيا تنظر الى الأفق البعيد لتمنح فرصة للنظام لتحصين المناطق التي سيطر عليها، من خلال استجلاب المؤازرات، و لا سيما بعد الأنباء التي أكدت سحب النظام لمقاتليه من جبهات درعا وصولاً إلى داريا

من المنطقي في هذه الحالة، وبعد سيطرة النظام على حوالي 10 بلدات من القطاع الجنوبي وتغيير خارطة الطريق في الغوطة بين الثوار والنظام، ألا يرضى الثوار بالهدنة، بل على العكس عليهم أن يتجهوا لفكرة غنهاك قوات النظام في فتح النار عليه من عدة جهات، لسترجاع ما خسروه في أقرب وقت ممكن، لكن للأسف فالحقيقة أن الفصائل تهافتت على الهدنة أكثر من النظام نفسه، بعد أن أنهكها الاقتتال الداخلي، و نظرتها لحاجتها أن تلتزم بهدنة لتعيد ترتيب صفوفها من جديد، ولكن ليس لمقاتلة الأسد هذه المرة، بل لمحاربة بعضها بعضاً

لم يكن اقتتال الفصائل بالسلاح ومقتل أكثر من 700 شخص داخل الغوطة، والذين لا يمكن أن نصفهم ب"الشهداء"، هي الحرب الوحيدة على الثورة في الغوطة الشرقية و زعزعة تراصف الصفوف في الجبهات بين الثوار، بل اندلعت حرب اعلامية شرسة، بين كلا الطرفين المتقاتلين، حتى انك تكاد لا ترى صحفياً في داخل الغوطة لم يتحيز لأحد الطرفين، ما أدى الى توجه مواقع الاعلام الثوري و القنوات الفضائية الى الاتجاه الذي يتجه إليه مراسليه، الأمر الذي يبعد الاعلام حتى عن الحيادية و النظر خارج بوتقة الخلافات

روسيا تمنح للفصائل وقتاً اضافياً للاقتتال فيما بينهم، وبينما هي تبحث عن خطة جديدة للتوسع في الغوطتين، تتجه الفصائل للبحث عن وقت اضافي لوضع المزيد من الحواجز بين بلدات الغوطة ومدنها، ويتجهم شرعييها لإصدار فتاوى بشرعية الاقتتال أكثر لفرض سيطرة كل فصيل على نقاط أكثر، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، والذي قد يعتبره شرعي الفصائل حجة زمنية للدفاع عن النفس و استباحة الاقتتال الداخلي، فقد بات الدين صكاً من صكوك شراء الضمائر في هذه الفترة من الثورة

ربما هذه حقيقة المرة للحرب في سوريا التي لازالت تولد في كل يوم من رحم الطعنات، فالحرب في سوريا أمست أكبر من حاربة ضد نظام الأسد، ويبدو أنها تحولت الى تورط الجميع مع الجميع وضد الجميع في الاقتتال، ولم يعد للمخطئ قدرة ان يتراجع عن تجاوزاته التي تزداد يوماً بعد يوم، و بات الشعب يموت كما تموت البهائم حين ينزل بها وباء، ولم يعد في الامكان احصاء أعداد القتلى، وأصبحت مسميات القبور بالأرقام والتارات لا بالأسماء

الكاتب: رنا هشام
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ