
ارتفاع جديد بأسعار الخضار والفواكه... والقدرة الشرائية للمواطن في مهبّ تقلبات السوق
سجّلت أسعار الخضار والفواكه في الأسواق السورية ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأيام الماضية، بعد فترة قصيرة من الاستقرار النسبي، لتزيد من أعباء الأسر التي تكافح لتأمين حاجاتها اليومية في ظل تدني القدرة الشرائية.
ووفق جولة ميدانية على السوق المحلية فقد بلغ سعر كيلو الفليفلة 18 ألف ليرة، والخيار البلدي 20 ألفاً، بينما يباع المستورد منه بـ13 ألفاً. ووصل سعر كيلو البندورة إلى 9 آلاف ليرة، بعد أن كان يُباع بأربعة آلاف فقط قبل أسابيع، في حين ارتفع سعر الباذنجان إلى 8 آلاف ليرة، والتفاح المحلي إلى 20 ألفاً، بينما قفز المستورد منه إلى حدود 50 ألف ليرة.
شح الإنتاج المحلي والصقيع من أبرز الأسباب
نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، أوضح في تصريحه أن عوامل عدّة ساهمت في هذا الارتفاع، أبرزها شح الإنتاج المحلي نتيجة قلّة الأمطار والتقلبات المناخية التي أضرت بالمحاصيل، لا سيما في البيوت البلاستيكية، إلى جانب صعوبة النقل بين المحافظات وتراجع التوريد من بعض المناطق المنتجة مثل الساحل.
كما أشار حبزة إلى أن فتح الحدود مع الأردن أدى إلى دخول كميات كبيرة من الخضار دون تنظيم كافٍ، ما خلق ارتباكًا في سوق العرض والطلب.
وفي ما يخص التفاح، بيّن حبزة أن تراجع الإنتاج سببه ارتفاع تكاليف الإنتاج من أسمدة ومبيدات وتبريد، ما دفع نحو الاعتماد على المستورد، مع تصدير كميات محدودة من المنتج المحلي، خاصة من السويداء وسرغايا.
تفاوت الأسعار... وهمّ المواطنين واحد
وفي جولة على أسواق حمص، عبّر المواطنون عن استيائهم من استمرار موجات الغلاء، رغم الحديث عن انخفاض أسعار بعض المواد الغذائية. فالكثير من المنتجات ما تزال بعيدة عن متناول شريحة واسعة من الناس، حتى في البسطات المنتشرة بالشوارع.
وقالت إحدى السيدات: "توقفت عن الدخول للمحال، حتى النظرة للبضائع أصبحت رفاهية، كل تفكيرنا محصور بكيفية تأمين طعام الأولاد".
المفارقة التي تثير غضب المستهلكين هي تفاوت الأسعار بين محل وآخر، رغم أن السلعة واحدة. فالبطاطا تُباع في محل بـ4000 ليرة، وفي آخر بـ2500، والفاصولياء بين 20 و35 ألف ليرة، وورق العنب الفرنسي بـ45 ألفاً في مكان و30 ألفاً في مكان آخر.
اللحوم حلم بعيد... والألبسة لا تناسب الجيوب
وأضافت سيدات أخريات أن أسعار الألبسة لا تزال مرتفعة رغم العروض وتخفيضات نهاية الموسم، مشيرات إلى أن الجاكيت الذي بدأ الموسم بسعر 375 ألف ليرة، يُباع الآن بـ135 ألفاً، "لكن حتى بهذا السعر لا نستطيع شراؤه".
أما اللحوم، فقد وصفتها سيدة بأنها "أصبحت ذكرى"، إذ وصل سعر كيلو لحم الخاروف إلى 120 ألف ليرة، والعجل إلى ما دون ذلك بقليل، ما جعلها خارج حسابات الأسر.
غياب الرقابة... واختلاف الأسعار لعبة التجار
صاحب بقالية في حمص أشار إلى أن الأسعار شهدت بعض الانخفاض مؤخراً، لكنه مؤقت ومرتبط بتقلبات سعر الصرف. وأكد أن "مزاجية التجار" وسعيهم لتحقيق أرباح كبيرة هو ما يتحكم بالسوق، حتى أن العبوة الواحدة تُباع بأسعار مختلفة بين محل وآخر.
وأشار آخر إلى أن المضاربات بين بعض التجار تسهم في عدم استقرار التسعير، رغم مساهمتها أحيانًا في تخفيض بعض الأسعار.
الآمال معلّقة على الإنتاج المحلي
وتوقّع عبد الرزاق حبزة أن تشهد أسعار الخضار والفواكه بعض الانخفاض مع تحسّن الطقس وبدء الإنتاج المحلي، فيما بقيت أسعار الحمضيات مستقرة بفضل التصدير الجيد.
ويذكر أن رغم المحاولات لتحريك السوق، تبقى الأسعار بعيدة عن متناول معظم المواطنين، في ظل رواتب لا تغطي أجور النقل وثمن ربطة الخبز، فيما يبقى المواطن الحلقة الأضعف في معادلة الغلاء المستمر.