
تباين سياسي عراقي بشأن دعوة "الشرع" لقمة بغداد والحكيم: مصلحة وطنية في تعزيز التواصل مع سوريا
أكد زعيم تيار "الحكمة" العراقي، عمار الحكيم، أن هناك مصلحة وطنية واضحة للعراق في تعزيز الانفتاح على سوريا، داعياً إلى دور فاعل لبلاده في صياغة المعادلة السورية الجديدة. وأوضح، خلال مشاركته في "ملتقى سين للحوار"، أن العراق "نجح في تحييد نفسه عن صراعات المنطقة"، مشيراً إلى امتلاكه علاقات متوازنة مع كل من إيران والولايات المتحدة، وهو ما يمنحه هامشاً دبلوماسياً فريداً في التعاطي مع مختلف الأطراف.
وفي حديثه عن القمة العربية المقبلة، شدد الحكيم على أن "الدولة المضيفة لا تختار ضيوف القمة، بل تُحدد الدعوات وفق بروتوكول الجامعة العربية"، في إشارة إلى مشاركة سوريا المرتقبة في قمة بغداد.
لقاء الدوحة: بداية صفحة جديدة
وفي تطور لافت، كان عقد الرئيس السوري أحمد الشرع أول لقاء رسمي له مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، برعاية قطرية في العاصمة الدوحة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها "إعلان غير مباشر عن عودة العلاقات السورية العراقية إلى الواجهة". اللقاء الذي أُجري في أجواء مشحونة بالتحديات الإقليمية، ركّز على التنسيق الأمني والاقتصادي، وتعزيز التعاون العربي المشترك.
وأفادت الرئاسة السورية بأن المحادثات أكدت على عمق الروابط التاريخية بين الشعبين، فيما أعلن السوداني رسمياً توجيه دعوة إلى الشرع لحضور القمة العربية المزمع عقدها في بغداد خلال مايو/أيار المقبل.
السوداني: انفتاح مدروس وفصل بين الماضي والحاضر
في مؤتمر صحفي لاحق، شدد رئيس الوزراء العراقي على أن "سوريا دولة شقيقة لا يمكن تجاهلها في مسار استقرار الإقليم"، داعياً إلى "الفصل بين أدوار الشخصيات في الماضي ومسؤولياتهم الحالية"، في إشارة واضحة إلى التحولات في القيادة السورية بعد سقوط نظام الأسد.
مذكرة مسرّبة تكشف معارضة نيابية لدعوة الشرع
رغم التوجه الحكومي، كشفت مذكرة رسمية مسرّبة عن تحركات داخل البرلمان العراقي تهدف لمنع الرئيس السوري أحمد الشرع من دخول العراق. الوثيقة، التي نشرها موقع "ميديا لاين"، أظهرت دعوة وجهها عدد من النواب إلى المدعي العام في بغداد تطالب باعتقال الشرع في حال حضوره، متهمين إياه باستخدام هوية مزورة وضلوعه في عمليات إرهابية إبان فترة نشاطه السابق باسم "أبو محمد الجولاني".
أكثر من 50 نائباً يطالبون بمنع الزيارة
تزايدت الضغوط مع توقيع أكثر من 50 نائباً على طلب يدعو الحكومة إلى سحب الدعوة الموجهة للشرع، معتبرين أن استقباله "إساءة مباشرة" لذكرى ضحايا الإرهاب في العراق. وقال النائب يوسف الكلابي إن "السماح للشرع بالدخول خيانة لدماء الشهداء"، مشيراً إلى ما وصفه بـ"الارتباط السابق للرئيس السوري بجماعات مسلحة معادية للعراق".
الشابندر: لا موانع سياسية لتطوير العلاقات
في المقابل، دافع السياسي العراقي عزت الشابندر عن مشاركة سوريا في القمة، مؤكداً أن الرئيس الشرع لا يسعى إلى تعقيد العلاقة مع بغداد، وقال في حديثه لبرنامج "قصارى القول" إن "الحضور الشخصي للشرع لا يشكل عائقاً أمام تطوير العلاقات الأخوية"، لافتاً إلى احتمالية أن ينيب "الشرع" عنه وزير الخارجية أسعد الشيباني ممثلا لسوريا في القمة.
ووجّه الشابندر، انتقاداً لاذعاً لبعض النواب، داعياً إياهم إلى "العمل على تنفيذ مذكرة اعتقال صادرة بحق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بدلاً من ملاحقة الرئيس السوري".
دعم إقليمي للمصالحة السورية العراقية
أشاد مستشار رئيس الوزراء العراقي، فادي الشمري، بالدور القطري في تقريب وجهات النظر بين العاصمتين، معتبراً أن "انفتاح بغداد على دمشق ضرورة وطنية لحماية الأمن القومي". ولفت إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تعزيزاً للتنسيق الاستخباراتي وضبط الحدود، إضافة إلى إطلاق مشاريع اقتصادية وتنموية بين البلدين.
تباين داخلي ومواقف حزبية متضاربة
وفي خضم النقاش الداخلي، اعتبر النائب رعد الدهلكي أن "مشاركة سوريا في القمة ضرورية لإنجاحها ومنع التدخلات الخارجية"، بينما شدد إياد الفتلاوي على أهمية المصالح الاقتصادية المشتركة، داعياً إلى تجاوز التوترات التي خلفها النظام السابق.
أما ريزان شيخ دلير، العضو البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني، فرأت أن احترام السيادة هو حجر الأساس في بناء علاقات متوازنة، داعية العراق إلى تبني "نهج حيادي" يخدم مصالح الشعوب لا أجندات الأحزاب.
خلاصة: قمة مفصلية لرسم مسار جديد
يرى المراقبون أن قمة بغداد المقبلة قد تكون مفصلية في إعادة سوريا إلى العمق العربي، وتعزيز موقع العراق كوسيط إقليمي. وبين التصعيد البرلماني والدفع الحكومي نحو الانفتاح، تتأرجح العلاقة بين الجدل السياسي والرهانات الاستراتيجية، في وقت تبدو فيه المنطقة بأمسّ الحاجة إلى عقلانية سياسية وتفاهمات إقليمية صلبة.