موجات الحر وخطر نفوق الأسماك: خسائر وإجراءات للنجاة
موجات الحر وخطر نفوق الأسماك: خسائر وإجراءات للنجاة
● أخبار سورية ٢٢ أغسطس ٢٠٢٥

موجات الحر وخطر نفوق الأسماك: خسائر وإجراءات للنجاة

تُعدّ تربية الأسماك ضمن الأحواِض المائية مهنة حيوية يمارسها العديد من السوريين في مناطق مختلفة، خاصة في محافظة اللاذقية، حيث تشكّل مصدر دخل رئيسي لعشرات العائلات. ومع العناية الجيدة وظروف الطبيعة المناسبة، يمكن أن تحقق هذه المزارع عوائد مالية مجزية. غير أن هذا القطاع لا يخلو من التحديات، إذ يبقى عرضة للتقلبات المناخية والتغيرات المفاجئة التي قد تُلحق أضراراً كبيرة بالمربين.

ومن بين التأثيرات التي ظهرت مؤخراً، كانت موجة الحر الشديدة التي اجتاحت سوريا، والتي اشتكى من حدّتها معظم السكان، إذ وصلت درجات الحرارة إلى مستويات غير معتادة، ما دفع الجهات المختصة، ومن بينها مؤسسة الدفاع المدني "الخوذ البيضاء"، إلى إصدار تحذيرات وتنبيهات للحد من آثارها على الصحة العامة. 

لكنّ تأثير هذه الموجة لم يقتصر على الجانب الصحي فقط، بل امتد ليطال قطاعات اقتصادية هشة، كان أبرزها قطاع تربية الأسماك، حيث ألقت هذه الموجة بثقلها على مربي الأسماك في ريف اللاذقية، وتسببت لهم بخسائر فادحة على الصعيد المادي.

وبحسب عدد من مربي الأسماك الذين تواصلنا معهم في ريف اللاذقية، فقد تفاوتت الخسائر من مزارع إلى أخرى، وذلك بحسب نوع الأسماك، وكثافتها في الأحواض، ومساحة المزرعة، ومدى القدرة على التعامل مع موجة الحر المفاجئة. 

أحد المربين ذكر أن خسارته تجاوزت طنين من السمك، معظمها من نوع الكارب القمري، وقدّرت القيمة الإجمالية بما يفوق 90 مليون ليرة تقريباً. بينما أشار آخر إلى خسارة تقارب الطن، أما في المزارع الصغيرة فكانت بعض الخسائر كارثية، حيث أُبلغ عن نفوق شبه كامل في حوض بمساحة لا تتجاوز 500 متر، مع خسائر مالية تقديرية قاربت 110 مليون ليرة.

عبّر مربو الأسماك عن شعورهم العميق بالأسى نتيجة الخسائر المالية الكبيرة التي لحقت بهم، مؤكدين أن ما حدث لم يكن مجرد أزمة عابرة، بل ضربة قاسية تهدد مصدر رزقهم الوحيد. وقد وجّهوا مناشدات إلى الحكومة والجهات المعنية، بالإضافة إلى المنظمات الإنسانية، مطالبين بدعم يساعدهم على النهوض مجدداً، سواء من خلال تعويضات مالية جزئية أو توفير مستلزمات الإنتاج، ليتمكنوا من استعادة نشاطهم والاستثمار من جديد في هذا القطاع الحيوية.

بحسب دراسات وأبحاث بحرية متخصصة، فإن موجات الحر الشديدة تؤدي إلى انخفاض كمية الأوكسجين المذاب في المياه، إلى مستويات يصعب على الأسماك تحملها، ما يسبب اختناقها ونفوقها. وتشير هذه الدراسات إلى أن نقص الأوكسجين يصبح أكثر حدة خلال فصل الصيف نتيجة ارتفاع حرارة الماء، وزيادة نشاط الميكروبات والكائنات الأخرى المستهلكة للأوكسجين، إضافة إلى زيادة معدل العمليات الحيوية داخل أجسام الأسماك التي تتطلب مزيداً من الأكسجين.

كما تلعب عوامل أخرى دوراً في ذلك، مثل كثافة الأسماك في الأحواض، ونمو النباتات المائية، وظروف التهوية داخل الحوض. وعادةً ما يُلاحظ على الأسماك المصابة علامات مثل فقدان الشهية، التوجه نحو مناطق الماء الغنية بالأوكسجين، بطء الحركة، وترنح أثناء السباحة، وقد تؤدي هذه الظروف إلى انخفاض معدلات النمو وظهور الأمراض في حال استمرار نقص الأوكسجين.

لتقليل خسائر الأسماك خلال موجات الحر، تشير الدراسات البحرية إلى عدة إجراءات وقائية يمكن اتباعها. من أهمها: تحسين تهوية الأحواض لضمان تزويد المياه بالأوكسجين الكافي، ومراقبة كثافة الأسماك في الحوض لتفادي الاكتظاظ الذي يزيد من استهلاك الأوكسجين، بالإضافة إلى متابعة درجة حرارة المياه بشكل دوري. 

كما يُنصح بتأجيل أو تقليل كمية التعليف خلال فترات نقص الأوكسجين، مع إزالة بقايا العلف غير المستهلك، لتجنب استهلاك الأوكسجين من قبل البكتيريا المحللة. وأخيراً، يوصي بعض الباحثين بإجراء استبدال جزئي لمياه الأحواض بمياه غنية بالأوكسجين عند الحاجة، لضمان بيئة مناسبة للحياة والنمو الصحي للأسماك.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ