أكد مصدر حكومي أردني أن المملكة تتابع عن كثب تطورات القضية المتعلقة بتوجيه الادعاء العام في السويد اتهامات رسمية لأحد المشتبه بهم في جريمة أسر وحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، التي وقعت في سوريا مطلع عام 2015، على يد تنظيم "داعش".
وفي تصريح لقناة "المملكة"، شدد المصدر على أن الأردن يولي أهمية قصوى لهذه المحاكمة نظراً لخصوصية القضية، وارتباطها المباشر بالجريمة البشعة التي طالت أحد ضباط سلاح الجو الأردني، مشيراً إلى أن الحكومة الأردنية على تواصل مع الجهات السويدية لمتابعة مجريات الملف القضائي.
اتهامات رسمية بجرائم حرب وإرهاب
وكانت وكالة "فرانس برس" قد نقلت يوم أمس، الخميس، عن النيابة العامة السويدية عزمها توجيه اتهامات رسمية إلى مواطن سويدي يبلغ من العمر 32 عاماً، يشتبه بتورطه في عملية أسر الطيار الكساسبة في أواخر ديسمبر 2014، والمشاركة في جريمة إعدامه حرقاً داخل قفص مطلع العام 2015.
وأوضحت النيابة أن المتهم سيُحال إلى القضاء بتهم تتعلق بارتكابه جرائم حرب وجرائم إرهابية جسيمة، ارتُكبت على الأراضي السورية في إطار انتمائه إلى تنظيم إرهابي.
محاكمة علنية في ستوكهولم مطلع يونيو
ووفق البيان الرسمي الصادر عن النيابة السويدية، من المقرر أن تبدأ المحاكمة بتاريخ 4 حزيران/يونيو المقبل، في العاصمة ستوكهولم، وسط اهتمام واسع من الأوساط القانونية والإعلامية، نظراً لطبيعة الجريمة وما تمثله من خرق فاضح للقانون الدولي الإنساني.
ويأمل الأردنيون أن تشكّل هذه المحاكمة خطوة نوعية على طريق تحقيق العدالة لروح الشهيد الكساسبة، الذي قضى في واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها تنظيم "داعش" الإرهابي.
وسبق أن كشف جواد الكساسبة، شقيق الطيار الأردني النقيب معاذ الكساسبة، عن تطورات القضية المنظورة أمام المحاكم السويدية، والتي تتعلق بمحاكمة الإرهابي أسامة كريم، المتهم بالمشاركة في إحراق الكساسبة، والذي تم القبض عليه في فرنسا لضلوعه في أعمال إرهابية.
قال جواد الكساسبة في تصريح خاص لموقع "العربية.نت"، إن المحامي السويدي ميكيل ويسترلند، المكلف من قبل الحكومة السويدية بتمثيل أسرة الكساسبة، قد زار منزل العائلة في محافظة الكرك جنوبي الأردن، برفقة الصحافي السويدي اللبناني قاسم حمادي.
وأضاف أن العائلة قد وكّلته رسميًا لتمثيلها في المحكمة السويدية والمطالبة بمحاكمة عادلة، مع تقديم طلب لجلب المتهم إلى الأردن لكشف ملابسات القضية، وأكد الكساسبة أن العائلة متمسكة بتحقيق العدالة، ومعرفة كافة التفاصيل المتعلقة بالجريمة التي راح ضحيتها نجلهم معاذ.
عائلة الكساسبة ترد
تعقيبًا على هذا الطلب، قال جواد الكساسبة، شقيق معاذ، لـ"العربية.نت" إن "في كل عام يقوّض الله لقضية معاذ من يجدد مطالب أسرته"، وأوضح أنه سيتم التنسيق مع محامي الادعاء السويدي لمعرفة تفاصيل الحادث من المتهم ثم المطالبة بمحاكمته. وأشار إلى أن السويد، بموجب قوانينها، يمكنها محاكمة الأشخاص على جرائم ارتكبت خارج حدود البلاد إذا كانت تنتهك القانون الدولي.
كما تُعد هذه الخطوة السويدية جزءًا من الجهود الدولية لمحاسبة عناصر التنظيم الإرهابي على الجرائم البشعة التي ارتكبوها، والتي تضمنت انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.
التحقيق في الجرائم المتعلقة بتنظيم الدولة
قالت هيئة الادعاء السويدية في بيان رسمي إن المتهم، أسامة كريم (32 عامًا)، الذي تم التعرف عليه في الوثائق القضائية السويدية، متهم بالمشاركة في قتل الكساسبة مع أفراد آخرين من تنظيم الدولة. وكشفت النيابة أن كريم وآخرين كانوا قد أجبروا الطيار على دخول القفص قبل تنفيذ عملية الإعدام، وهو ما يُعتبر انتهاكًا لقوانين الحرب.
اتهامات بارتكاب جرائم إرهابية
إلى جانب التورط في قتل الطيار، أفادت التقارير بأن كريم أدين سابقًا بالتورط في شن هجمات إرهابية في باريس عام 2015، وفي بروكسل عام 2016. ويواجه الآن اتهامات بارتكاب جرائم إرهابية تتعلق بمقتل الكساسبة، إضافة إلى نشاطات أخرى من التنظيم. ولم يتم حتى الآن محاكمة أي شخص بشأن هذه الجريمة، حيث يرى ممثلو الادعاء السويديون أن ما ارتكبه المتهم يعد من الجرائم التي تقع تحت بند الإرهاب.
المحاكمة في السويد
مؤخرًا، تم القبض على كريم في فرنسا، ويُتوقع أن تطلب السويد من السلطات الفرنسية نقل المتهم إليها لتقديمه للمحاكمة وفقًا للقوانين السويدية. بموجب هذه القوانين، يمكن محاكمة الأشخاص على الجرائم التي ارتكبوها في الخارج إذا كانت تتعارض مع القانون الدولي.
تنظيم الدولة في سوريا والعراق
وكان تنظيم الدولة قد سيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في سوريا والعراق خلال السنوات 2014 إلى 2017، قبل أن يُهزم في معاقله الأخيرة في سوريا في عام 2019. وقد أشتهر التنظيم بنشر مقاطع فيديو لعمليات إعدام وحشية لعدد من الجنود الأسرى، في خطوة لاستعراض قوته ونشر الخوف.
وفي هذا السياق، شهدت العديد من الجرائم المرتكبة على يد التنظيم، مثل إعدام الجنود التركيين في عام 2016، مشهدًا مشابهًا لما حدث مع الكساسبة، مما يسلط الضوء على الطبيعة الوحشية لجرائم التنظيم.
الخطوات المقبلة
تستمر التحقيقات في السويد بشأن ملاحقة المتورطين في جرائم الحرب الإرهابية التي ارتكبها تنظيم الدولة. ويُتوقع أن تحظى القضية باهتمام دولي، خصوصًا بالنظر إلى بشاعة الجريمة وارتباطها بعقوبات دولية قد تساهم في محاكمة المشتبه بهم عبر المحاكم الدولية.
إعدام معاذ الكساسبة يثير ردود فعل دولية واسعة
أثار إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي تم إحراقه حيًا على يد تنظيم الدولة في عام 2015، ردود فعل قوية على الصعيدين الدولي والعربي، حيث أدانت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وإنسانية الجريمة بأشد العبارات.
وأعلن تنظيم الدولة عبر تسجيل مصور تم تداوله على مواقع الإنترنت المحسوبة عليه، أنه نفذ عملية الإعدام الوحشية للطيار الأسير معاذ الكساسبة.
تفاصيل عملية الإعدام
أظهر الشريط المصور الذي حمل عنوان "شفاء الصدور" عملية إعدام الطيار الأردني الذي كان قد وقع في أسر التنظيم منذ 24 ديسمبر/كانون الأول 2014. في الفيديو الذي استمر لمدة 22 دقيقة، بدا الكساسبة (27 عامًا) وهو محاط بعدد من عناصر تنظيم الدولة الذين كانوا مدججين بالسلاح، بينما كان يرتدي بزة برتقالية اللون. وأظهر الفيديو اللحظات الأخيرة للطيار قبل أن يُدخل إلى قفص حديدي ويُشعل فيه النار، في مشهد مروع أثار صدمة كبيرة في مختلف أنحاء العالم.
الردود الدولية
أدى هذا الحادث إلى إدانات عالمية واسعة من الحكومات والمنظمات الدولية، حيث اعتبرته الأمم المتحدة جريمة ضد الإنسانية، وأكدت منظمات حقوق الإنسان أن هذا الفعل يتناقض تمامًا مع المبادئ الإنسانية، ويعد خرقًا صارخًا لقوانين الحرب، وكانت هذه الجريمة الوحشية واحدة من أبرز الأفعال الوحشية التي ارتكبها تنظيم الدولة، مما أسهم في تعزيز الانطباع العالمي عن وحشية التنظيم ورفض المجتمع الدولي له.
عقد وزير الخارجية والمغتربين، السيد "أسعد حسن الشيباني"، اجتماعاً رفيع المستوى في العاصمة دمشق مع "ستيفانو ساتينو"، المدير العام لشؤون الشرق الأوسط في الاتحاد الأوروبي، لبحث سبل تعزيز التعاون الأوروبي–السوري في مرحلة ما بعد رفع العقوبات، والدفع بمسار التعافي والاستقرار.
وخلال اللقاء، أعرب وفد الاتحاد الأوروبي عن استعداد بروكسل لتقديم الدعم الفني والمالي في عدة قطاعات حيوية، منها "بناء القدرات، إعادة تأهيل البنى التحتية، تعزيز الشمول المالي، ودعم المؤسسات الوطنية في مجالات التعليم والصحة والطاقة المتجددة".
كما ناقش الطرفان آليات إحياء القطاع الخاص السوري، وإصلاح المنظومة المصرفية، بما في ذلك النظر في إصلاحات تشريعية تتيح إعادة دمج المؤسسات المالية الأوروبية في السوق السورية ضمن بيئة اقتصادية آمنة وجاذبة.
إشادة بالتقدّم السياسي وتحذير من التحديات الإقليمية
من جانبه، شدد الوزير الشيباني على أن الأشهر الخمسة الماضية شهدت "تقدماً غير مسبوق" منذ رفع العقوبات، حيث أُطلقت "لجنة العدالة الانتقالية، ومجلس الشعب، واللجنة الدستورية الدائمة"، معتبراً أن هذه المحطات تؤسس لمرحلة سياسية جديدة.
في المقابل، أشار الشيباني إلى استمرار عدد من التحديات التي تعيق التعافي، من بينها التهديدات الإسرائيلية المتكررة، غياب آليات فاعلة لعودة النازحين، وتباطؤ تنفيذ الاتفاقات من قبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلى جانب الحاجة الماسة لإعادة بناء البنية التحتية في القطاعات الحيوية.
تحويل الدعم نحو الداخل وتكامل إقليمي عبر الطاقة
كما ناقش الجانبان سبل تحويل برامج الدعم من المجتمعات المضيفة للاجئين إلى داخل سوريا، بما يساهم في تسهيل عودة اللاجئين وإعادة اندماجهم، ضمن نهج يجمع بين "التعافي المبكر وإعادة الإعمار".
وأبدى الاتحاد الأوروبي اهتماماً بتعزيز "التكامل الإقليمي في قطاع الطاقة المتجددة"، من خلال دعم مشاريع طاقة نظيفة وجذب استثمارات القطاع الخاص، إضافة إلى تمكين الشركات الناشئة عبر برامج تدريبية، وحاضنات أعمال، ومبادرات تسريع الابتكار.
عقدت وزارة الخارجية والمغتربين السورية اجتماعاً تنسيقياً مع وفد من البنك الدولي، لمتابعة مخرجات اجتماعات الربيع الأخيرة، وبحث سبل توسيع الشراكة بين الطرفين في المرحلة المقبلة، بما يخدم مسار التعافي والتنمية في سوريا.
وناقش المجتمعون التقدم الذي أحرزه أول مشروع مشترك يجري التحضير له في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى مقترحات جديدة لدعم سوريا في مجالات الإدارة المالية العامة، والتعليم، والصحة، وتطوير البنى التحتية الأساسية.
كما أكد الجانبان أهمية صياغة أطر تعاون واضحة وطويلة الأمد، تقوم على الدعم الفني، وبناء القدرات، وتطوير الأنظمة التقنية، والإصلاح المؤسسي، بما يعزز من كفاءة المؤسسات الوطنية ويدعم استدامة التعافي في مختلف القطاعات.
وأعرب وفد البنك الدولي عن التزامه بالعمل وفق الأولويات الوطنية السورية، مع الاتفاق على مواصلة التنسيق لتحديد خارطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة، تتضمن آليات تنفيذية لتأطير التعاون وتفعيله على نحو عملي وفعّال.
لقاء سوري – سعودي لتعزيز العلاقات الثنائية
وفي سياق متصل، التقى وزير الخارجية والمغتربين السيد **أسعد حسن الشيباني**، سفير المملكة العربية السعودية في دمشق، السيد **فيصل المجفل**، حيث تناول اللقاء سبل دعم وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتوسيع آفاق التعاون المشترك في الملفات ذات الاهتمام المتبادل، في ضوء المرحلة الجديدة التي تمر بها سوريا والمنطقة.
نعت مؤسسة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في بيان يوم الثلاثاء 22 أيار 2025، ثلاثة من أبطالها المتطوعين في فرق إزالة مخلفات الحرب، وهم: "مأمون العمر، جلال طكو، وشعبان شوشان"، الذين ارتقوا أثناء أدائهم واجبهم الإنساني في حماية المدنيين من خطر الألغام والذخائر غير المنفجرة.
وبحسب التفاصيل الأولية، فقد تلقى فريق إزالة مخلفات الحرب التابع لمركز صوران في ريف حماة الشرقي بلاغاً من مركز الشرطة المحلي عند الساعة 10:10 صباحاً بوجود جسم غريب على سكة القطار قرب قرية **كراح**. توجه الفريق المؤلف من أربعة متطوعين إلى الموقع بسيارة مخصصة تحمل شارات المنظمة، وبعد ترجل ثلاثة منهم وهم يرتدون لباس الحماية الرسمي، بدأوا تفقد الجسم المشبوه دون لمسه.
وفق شهادة المتطوع الرابع الذي نجا، لاحظ الفريق مؤشرات تشير إلى احتمال تفخيخ العبوة عن بُعد، وقبل أن يتمكنوا من الانسحاب، وقع الانفجار، ما أدى إلى استشهاد المتطوعين الثلاثة في لحظة واحدة.
شبهة استهداف مباشر... وخرق فاضح للقانون الدولي
الطريقة التي نُفّذ بها التفجير، وتوقيته بعد لحظات من اقتراب الفريق، تثير مخاوف حقيقية من أن يكون الحادث عملية استهداف متعمدة من قِبل جهة كانت تراقب الموقع، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف العاملين في المجال الإنساني، ويكفل حمايتهم أثناء أداء مهامهم.
تؤكد مؤسسة الدفاع المدني السوري أن هذا الهجوم لا يستهدف أفراداً بعينهم، بل يمثّل محاولة ممنهجة لضرب العمل الإنساني، وتخويف الفرق العاملة في إزالة مخلفات الحرب من الاستجابة لنداءات المدنيين، ما يزيد من حجم الخطر على المجتمع.
321 شهيداً من المتطوعين... واستمرار في حمل الرسالة
مع ارتقاء المتطوعين الثلاثة، ترتفع حصيلة شهداء الدفاع المدني السوري إلى 321 متطوعاً، قضى معظمهم أثناء إنقاذ الأرواح في ظروف غاية في الخطورة، وسط استهداف مباشر من قبل قوات النظام السوري وحلفائه.
ورغم هذه الخسائر المؤلمة، تؤكد "الخوذ البيضاء" التزامها الكامل بمبادئ الحياد والاستقلال، ومواصلة مهامها في إزالة آثار الحرب وحماية الأرواح، مجددة العهد بعدم التراجع عن أداء رسالتها الإنسانية.
مطالبة بتحقيق العدالة ومحاسبة الجناة
في ختام بيانها، أعلنت مؤسسة الدفاع المدني السوري تنسيقها الكامل مع وزارة الداخلية السورية التي باشرت التحقيقات لكشف منفذي هذا الهجوم وتقديمهم إلى العدالة، مطالبة بضمان حماية العاملين الإنسانيين، ومحاسبة كل من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري.
وشددت على أن تحقيق العدالة وعدم الإفلات من العقاب يمثلان شرطاً أساسياً لاستمرار العمل الإنساني، ومقدمة ضرورية لمسار العدالة الانتقالية، وبناء مستقبل سوري قائم على الكرامة والحرية والأمان.
عقدت وزارة الداخلية السورية جلسة تشاورية موسعة بمشاركة حقوقيين مختصين وعدد من ضباط الشرطة المنشقين، وذلك في إطار التحضيرات النهائية لاعتماد الهيكلية الإدارية والأمنية الجديدة للوزارة، تمهيداً لرفعها إلى الجهات العليا لاعتمادها رسمياً.
وتهدف هذه الخطوة إلى بناء مؤسسة داخلية جديدة قائمة على الكفاءة والخبرة، تعكس متطلبات الواقع الأمني والإداري في سوريا ما بعد النظام البائد، وتكرّس مفهوماً جديداً للمؤسسة الأمنية يقوم على المهنية والشفافية والانضباط القانوني.
تفكيك الإرث الأمني للنظام السابق وإعادة هيكلة الجهاز الشرطي
وأوضح المحامي "عارف الشعال"، أحد المشاركين في الجلسة، أن وزير الداخلية أنس خطاب قدّم عرضاً تفصيلياً للهيكلية المقترحة، تضمنت إلغاء شعبة الأمن السياسي بالكامل، في خطوة وصفها بالشجاعة والضرورية "نظراً للدور القمعي الذي لعبته هذه الشعبة خلال العهد البائد".
كما تقرر استبدال إدارة الأمن الجنائي بإدارة جديدة تحت اسم "إدارة المباحث الجنائية"، مع توسيع طابعها الفني والتقني، وإنشاء "إدارة مكافحة الإرهاب" إلى جانب الإبقاء على إدارات مكافحة المخدرات والاتجار بالبشر.
وتتضمن الهيكلية الجديدة استبدال مسمى "الأمن العام" بـ "الأمن الداخلي"، مع اعتماد هيكل هرمي جديد بحيث يكون لكل محافظة مدير أمن داخلي، ولكل منطقة مدير فرعي تابع له. ومن أبرز التعديلات، بحسب الشعال، إلغاء منصب "مدير المنطقة" التابع لوزارة الداخلية واستبداله بشخصية مدنية تابعة للمحافظة، بما يخفف الاحتكاك الأمني المباشر مع السكان ويمنح العمل الإداري طابعاً مدنياً.
التحوّل نحو الحكومة الإلكترونية وتوسيع نطاق الخدمات الرقمية
وفي السياق ذاته، تم استعراض خطة الوزارة للتحوّل الرقمي، عبر إطلاق مشروع "الحكومة الإلكترونية"، بالتعاون مع الوزارات المختصة وشركات عالمية متخصصة في الحلول الرقمية. ومن المنتظر أن تتيح هذه الخطوة مستقبلاً إمكانية استخراج الوثائق الشخصية والحصول على أغلب الخدمات الحكومية إلكترونياً ومن المنزل.
وأكد الوزير خطاب أن العمل جارٍ على إعادة دمج عدد من الكوادر السابقة ذات السيرة الحسنة بعد إخضاعهم للتدريب، كما جرى مع بعض عناصر الهجرة والجوازات والمرور، في حين عاد بالفعل بعض المهندسين إلى قسم الجرائم المعلوماتية.
إصلاح شامل للسجون والتشريعات... ومحامٍ في التحقيقات الجنائية
وتطرقت الجلسة أيضاً إلى الصعوبات التقنية في تسجيل الواقعات ضمن سجل الأحوال المدنية، وسط ترجيحات بإطلاق تجربة أولى لهذه العملية بعد عيد الأضحى. كما كشفت الوزارة عن مراجعة شاملة للتشريعات الأمنية، وعلى رأسها قانون السجون الذي يعود لعهد الانتداب الفرنسي، مؤكدة أن القانون الجديد سيراعي المعايير الدولية وفق مواثيق الأمم المتحدة، مع اعتماد حضور المحامي أثناء التحقيقات، بما فيها القضايا ذات الطابع الأمني.
إلغاء الملايين من طلبات الملاحقة والمنع من السفر
وفي ملف المطلوبين والممنوعين من السفر، كشف الوزير خطاب أن عدد من طالتهم مذكرات توقيف ومنع من السفر خلال حكم النظام السابق بلغ أكثر من 8.2 مليون مواطن، وهو ما يعادل ثلث سكان البلاد. وأوضح أنه تم حذف أسماء نحو 5.2 مليون مواطن، معظمهم بسبب قضايا تتعلق بخدمة العلم، في حين تستمر معالجة أوضاع البقية، ومنهم ما يزيد على مليون موظف حكومي.
كما أشار إلى أن النظام السابق قام بتعميم أسماء معارضيه على الإنتربول الدولي، مقدماً للجانب اللبناني وحده لوائح باسم نحو مليونَي مواطن سوري، في إجراء وصفه بـ"الكيدي".
جهود لاستعادة الموقوفين في لبنان
وفي ختام الجلسة، تطرق الوزير إلى التحديات المتعلقة باستعادة الموقوفين السوريين في سجن رومية اللبناني، مؤكداً أن الوزارة تبذل جهوداً دبلوماسية وقانونية لتأمين إعادتهم إلى البلاد.
وزير الداخلية يعلن خطة شاملة لإعادة بناء القطاع الأمني وتطوير مؤسساته في سوريا
وسبق أن أعلن وزير الداخلية المهندس أنس خطاب، عن أبرز الإنجازات التي حققتها الوزارة منذ تسلّمه مهامه، كاشفًا عن خطة تطوير شاملة تشمل مختلف إدارات الوزارة وقطاعاتها الحيوية. وأكد أن هذه التحركات تأتي ضمن رؤية وزارة الداخلية لبناء مجتمع آمن ومستقر، يتمتع فيه المواطن بالحرية والكرامة، وترتكز على توحيد الجهود، وتجاوز التحديات الميدانية، والاستثمار الأمثل للطاقات البشرية والموارد المتاحة.
تثمين للجهود السابقة
وأعرب خطاب عن تقديره للجهود الكبيرة التي بُذلت منذ لحظة تحرير العاصمة دمشق، مشيدًا بالدور الذي أداه وزيرا الداخلية السابقان، الأستاذ محمد عبد الرحمن والمهندس علي كده، في إرساء دعائم العمل المؤسسي وتعزيز الأداء الأمني. ووجّه الشكر لجميع الكوادر العاملة في الوزارة، داعيًا إلى مواصلة العمل بروح جماعية ومسؤولية وطنية.
هيكلية جديدة للأمن والشرطة: توحيد القيادة وتسهيل الأداء
ضمن خطة تطوير العمل الأمني، أعلن الوزير عن اعتماد هيكلية جديدة على مستوى المحافظات، يتم من خلالها تعيين ممثل واحد لوزارة الداخلية في كل محافظة، يتولى مهام قيادة الأمن والشرطة معًا، بدلاً من ازدواجية الهيئات السابقة. وستتبع له جميع الفروع والمكاتب الأمنية في المحافظة، مما يتيح مرونة أكبر في اتخاذ القرار، ويُحسّن من كفاءة التنسيق والتعامل مع الملفات المحلية.
المباحث الجنائية: تحديث شامل وتطوير المختبرات
وفي إطار النهوض بعمل المباحث الجنائية، تم تكليف الإدارة المعنية بإعداد دراسة متخصصة لتطوير الأداء، تشمل تجهيز المخابر الجنائية بأحدث الأجهزة والتقنيات، بما يضمن رفع القدرة على كشف الجرائم وتحقيق العدالة بكفاءة، وقد باشرت اللجنة أعمالها فعليًا خلال الأيام الماضية.
مكافحة المخدرات: تفكيك إرث الكبتاغون الأسود
أوضح الوزير أنه تم عقد جلسة موسعة مع إدارة مكافحة المخدرات، جرى فيها تقييم الوضع الحالي، وطرح خطة لتأهيل الكوادر المختصة عبر دورات تدريبية متقدمة، بهدف التصدي لآفة المخدرات المنتشرة، لا سيما بعد تحويل سوريا سابقًا إلى مركز لإنتاج الكبتاغون من قبل شبكات إجرامية مدعومة من النظام البائد.
التحول الرقمي: قواعد بيانات ذكية وتطبيقات خدمية
وفي مجال التحول الرقمي، كشف خطاب عن انطلاق المرحلة الأولى لتطوير قاعدة بيانات الأحوال المدنية، وإنشاء منظومة إلكترونية لمعالجة الطلبات والمراسلات داخل الوزارة. كما يجري التنسيق مع وزارة الاتصالات لإطلاق تطبيقات إلكترونية خدمية تسهّل إجراءات المواطنين، وتُسهم في تقليص الوقت والجهد والكلفة.
نظام مروري ذكي وحلول للازدحام
على صعيد المرور، أعلن الوزير عن البدء بتنفيذ خطة لتحديث العمل المروري باستخدام تقنيات المراقبة الذكية، مثل كاميرات الرصد، وأجهزة قياس السرعة، وبرمجيات تتبع الحوادث والمخالفات. كما تمّت مناقشة حلول إسعافية للازدحامات في مدينة دمشق، وتُتابع اللجان المختصة حاليًا دراسة المقترحات وتحديد أولويات التنفيذ.
إدارة الهجرة والجوازات: استمرارية رغم التحديات
أكد الوزير أن إدارة الهجرة والجوازات واصلت عملها منذ اللحظة الأولى لتحرير دمشق، رغم الأضرار التي لحقت بمقرها. وقد تم استخراج أكثر من 160,000 جواز سفر خلال الفترة الماضية، ويجري العمل على تطوير الإدارة لما لها من ارتباط مباشر بحياة المواطنين اليومية وشؤونهم الإدارية.
مكافحة فلول النظام: إحباط مشروع انقلاب وتنسيق أمني موسّع
وكشف الوزير عن إحباط مشروع انقلاب كان يتم التحضير له من قبل مجموعة من ضباط النظام السابق، مؤكدًا أن الملف أصبح من الماضي، بفضل جهود القوات الوطنية وتعاون الشعب. وبيّن أن الوزارة بدأت بمراجعة المعلومات الاستخباراتية بالتنسيق مع وزارة الدفاع، كما تم الاتفاق على تعزيز التنسيق بين الإدارات المختصة بملاحقة الخارجين عن القانون.
إعادة هيكلة الوزارة: تطوير شامل للموارد والسياسات
ضمن إطار التخطيط الاستراتيجي، ناقشت الوزارة سُبل تطوير الهيكلية الإدارية، بما ينسجم مع المهام المستقبلية. وأوضح الوزير أن العمل جارٍ لرسم هيكل تنظيمي متكامل يُحدد العلاقة بين المديريات والفروع، ويواكب التغيرات الطارئة على مستوى الأمن والخدمات.
السجون: من أماكن احتجاز إلى مراكز تأهيل
أشار الوزير إلى أن ملف السجون يُمثّل أولوية خاصة نظرًا لحساسيته لدى السوريين، موضحًا أن الوزارة تسعى لتحويل السجون إلى بيئات تأهيلية حقيقية، عبر برامج إصلاح وإعادة دمج للموقوفين. وتم الاتفاق مع إدارة الإنشاءات على إعادة تأهيل المرافق الحالية بشكل مؤقت، إلى حين إنشاء مراكز جديدة تراعي حقوق الإنسان وتوفّر بيئة إنسانية وعدلية تحفظ كرامة المحتجزين.
دوائر شكاوى جديدة لخدمة المواطنين ومعالجة الإشكالات القانونية
في إطار تحسين آليات التواصل مع المواطنين ومعالجة القضايا اليومية، أعلنت وزارة الداخلية عن قرب إطلاق دائرة الشكاوى المركزية في مدينة دمشق خلال العشرين يومًا القادمة، وذلك بهدف استقبال مراجعات المواطنين، وتلقي شكاواهم، والعمل على معالجتها وفق الأطر القانونية المعتمدة.
تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة
في إطار الانفتاح على التجارب الدولية وتطوير العمل المؤسسي، أوضح وزير الداخلية أنه تم إيفاد عدد من البعثات التخصصية إلى دول مختلفة للاطلاع على أحدث ما توصلت إليه العلوم الأمنية والشرطية، بهدف نقل الخبرات وتطبيقها بما يتناسب مع السياق السوري.
كما استقبلت الوزارة خلال الفترة الماضية وفودًا رسمية من عدة دول، جرى خلالها بحث سبل التعاون المشترك، وإطلاق برامج تدريب وتبادل خبرات، تُعزّز من كفاءة الكوادر وتساهم في الارتقاء بالعمل الأمني والشرطي.
وأكد الوزير تطلع الوزارة إلى مزيد من التنسيق والتعاون الإقليمي والدولي، ولا سيما مع دول الجوار، في ملفات حيوية مثل مكافحة تنظيم داعش، وضبط الحدود، والحد من انتشار المخدرات والجرائم المنظمة، مشدداً على أهمية العمل المشترك في مواجهة التحديات العابرة للحدود، وتحقيق الأمن الجماعي.
وأوضح الوزير أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية الوزارة في تسهيل الوصول إلى العدالة، وتقديم الخدمات مباشرة للمواطنين، بما يضمن الإنصاف وسرعة الاستجابة. كما أشار إلى أن فرعًا مماثلًا سيتم افتتاحه قريبًا في مدينة حلب لتخفيف الضغط عن الأهالي، على أن تتوسع الشبكة لاحقًا بافتتاح فروع مماثلة في باقي المحافظات تدريجيًا، بما يضمن تغطية جغرافية شاملة لخدمة جميع المواطنين دون استثناء.
أكد الوزير أن وزارة الداخلية تمضي قدمًا بخطى واثقة نحو بناء جهاز أمني ومؤسساتي متطور، يُلبّي تطلعات السوريين، ويُرسّخ قواعد الأمن والعدالة، في ظل مرحلة انتقالية تفرض تحديات كبيرة، لكنها في الوقت ذاته تفتح آفاقاً واسعة لبناء مستقبل آمن وعادل لجميع أبناء الوطن.
وفي كلمته خلال مراسم إعلان الحكومة في 29 آذار 2025، أعلن وزير الداخلية أن وزارته ستعمل على إعادة بناء المؤسسات الأمنية على أسس حديثة تعزز الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية. وأكد أن الأمن مسؤولية مشتركة بين الشعب والدولة، مشيرًا إلى أن الوزارة ستقوم بتحديث الشؤون المدنية، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية دقيقة، مما يساهم في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين. وأضاف أن هدفه هو إنشاء منظومة أمنية نظيفة تعتمد على أحدث التقنيات، وتحفظ كرامة المواطن السوري.
وقّعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مذكرة تفاهم استراتيجية مع شركة Fidi Contracting الصينية، تنص على منح الشركة حق استثمار شامل للمنطقة الحرة في حسياء بمحافظة حمص، على مساحة تقارب 850 ألف متر مربع، لإنشاء منطقة صناعية متكاملة تضم مصانع متخصصة ومنشآت إنتاجية متعددة.
كما تتضمن المذكرة منح الشركة حق استثمار 300 ألف متر مربع في المنطقة الحرة بعدرا بريف دمشق، لتأسيس مشاريع تجارية وخدمية تهدف إلى تلبية احتياجات السوق المحلية والإقليمية، ضمن خطة شاملة لتنشيط البنية الاقتصادية للمناطق الحرة.
عقد لمدة 20 عاماً وجدول زمني ملزم
ويمتد العقد الموقّع بين الجانبين على مدى عشرين عاماً، تلتزم خلاله الشركة الصينية بتنفيذ مراحل المشروع وفق جدول زمني محدد، وبما يضمن تحقيق الأهداف التنموية والجدوى الاقتصادية المنشودة، إلى جانب تعزيز دور المناطق الحرة كمراكز جذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
توجه نحو تفعيل الشراكات الدولية وتحفيز النمو الاقتصادي
وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية الهيئة الرامية إلى إعادة تنشيط عمل المناطق الحرة السورية، واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، لاسيما من الدول الصديقة، من أجل خلق فرص عمل جديدة، ونقل التكنولوجيا، ورفع حجم التبادل التجاري عبر المنافذ البرية والبحرية.
وتُعد المشاريع الجديدة بموجب هذه الاتفاقية رافعة محتملة لتحسين البنية التحتية للمناطق الحرة، وتوسيع أنشطتها الصناعية والتجارية، بما يسهم في ترسيخ موقع سوريا كمركز إقليمي للنقل والخدمات اللوجستية في المرحلة المقبلة.
شهدت مدينة جبلة موجة استياء واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب حادثة اعتداء على سيدة محجبة مساء أمس قرب شركة "سيرياتل"، في واقعة أثارت صدمة وغضباً شعبياً، وسط تضارب في الروايات المتداولة حول ملابسات الحادثة، ومطالبات متصاعدة باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان الأمن العام في المدينة.
وبحسب الرواية التي تناقلها عدد كبير من الناشطين، فقد تعرّضت السيدة "ع. د" لهجوم من قبل شخصين مجهولين كانا على متن دراجة نارية، قاما بضربها واستهدافها لفظياً بشكل طائفي، مع نزع حجابها، وتوجيه ضربات متعمدة إلى منطقة البطن، بزعم أنها حامل، ما اعتُبر استهدافاً لكرامتها وانتهاكاً لحرمتها الجسدية والدينية.
حملة تضامن إلكترونية... وصندوق لتأمين كاميرات مراقبة
تصدّر الوسم "#حادثة\_حصلت\_في\_جبلة" منصات التواصل، وتحول إلى ساحة غضب وتضامن، حيث طالب مئات الناشطين بمحاسبة الفاعلين وتوفير كاميرات مراقبة في شوارع المدينة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
كما أعلن "فريق ملهم التطوعي" عن استعداده لتخصيص صندوق تبرعات خاص يمكّن أهالي جبلة من تمويل مشروع لتركيب كاميرات مراقبة في الأحياء السكنية والمناطق الحساسة، مؤكدين أن "الوقت لم يعد يحتمل التأجيل، وأمان المدنيين مسؤولية جماعية".
رواية أخرى وتأكيد على التحقيقات الرسمية
في المقابل، ظهرت رواية أخرى نُسبت إلى ابنة السيدة المعتدى عليها، أوضحت فيها أن "القصة تم تحريفها بشكل مبالغ فيه"، وأن الاعتداء جرى لحظة خروج والدتها من منزل أحد أقاربها، بينما كان المهاجمان على دراجة نارية، مشيرة إلى أن حالتها الصحية مستقرة، وأن السلطات المعنية تتابع التحقيقات لكشف التفاصيل الدقيقة.
رفض للخطاب الطائفي والتنمر الإلكتروني
رغم اختلاف الروايات، أجمع كثيرون على رفض الخطاب الطائفي الذي بدأ يطفو على سطح بعض التفاعلات، واستنكروا محاولات ربط الحادثة بخلفيات دينية أو مذهبية، مؤكدين أن "الاعتداء على أي امرأة، أياً كانت خلفيتها، هو فعل مشين لا تبرره أي ذريعة، ويستوجب إدانة قانونية ومجتمعية صارمة".
وطالب ناشطون ومعلقون بضرورة تغليب لغة القانون والعدالة، وعدم الانجرار خلف التوتر الطائفي أو خطاب الكراهية، مؤكدين أن "حماية النساء وأمن الشوارع لا يُجزّأ ولا يُؤجل".
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن قرار رفع العقوبات الدولية عن سوريا يشكل "خطوة بالغة الأهمية" لتحقيق الاستقرار في المنطقة، معتبراً أنه يعكس نتائج الدبلوماسية التركية الفعّالة والمستندة إلى الحوار المباشر.
وفي تصريحات أدلى بها خلال رحلة عودته من زيارة رسمية إلى المجر، أوضح أردوغان أن ملف العقوبات كان محوراً أساسياً في محادثاته الهاتفية الأخيرة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيراً إلى أن هذا التطور يمهد لتغييرات واسعة في المشهد الإقليمي.
لجنة تركية–أميركية–سورية–عراقية لمصير معتقلي "داعش"
وكشف أردوغان عن تشكيل لجنة رباعية تضم ممثلين من تركيا والولايات المتحدة وسوريا والعراق، مخصصة لمناقشة مصير معتقلي تنظيم "داعش" الإرهابي وأُسرهم الموجودين في المخيمات التي تسيطر عليها قوات "واي بي جي" (YPG) في شمال شرقي سوريا.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تُعد جزءاً من اتفاق أوسع أُبرم في الثامن من آذار/مارس الماضي، وتم تدعيمه لاحقاً عبر دعوات مشتركة من تركيا وإيران، مع التركيز على تفكيك الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني "بي كي كي" ونزع سلاحه.
تحذير من انشغال دمشق وإشادة بالعلاقة مع واشنطن
وحذّر أردوغان من خطورة أن تصرف إدارة دمشق تركيزها عن مواجهة خطر "واي بي جي"، مؤكداً أن المؤسسات الأمنية التركية تتابع بدقة مسألة دمج الجماعات المسلحة في إطار الجيش السوري، ووصف المرحلة المقبلة بأنها "حاسمة للغاية".
وشدد أيضاً على أهمية تركيز العراق على قضية مخيم الهول، الذي يضم آلاف النساء والأطفال من سوريا والعراق، لافتاً إلى أن حل هذا الملف سيقلل من أهمية "واي بي جي" ويُسهل عملية تفكيكها ودمجها.
علاقة شخصية قوية مع ترامب
وفي سياق آخر، أثنى أردوغان على طبيعة العلاقة الشخصية التي تربطه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، واصفاً إياها بأنها قائمة على "الاحترام المتبادل والصدق"، ومشيراً إلى أن هذه العلاقة أسهمت في تقريب وجهات النظر بين أنقرة وواشنطن في ملفات حساسة، أبرزها الملف السوري.
وكان عبر الرئيس السوري "أحمد الشرع"، في خطاب هام ألقاه اليوم الأربعاء 14 أيار 2025، موجه للشعب السوري، عن فرحته بقرار رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، مشيدًا بالجهود المبذولة على المستوى الإقليمي والدولي التي ساعدت في تحقيق هذا التحول التاريخي.
وأشار الشرع إلى أن سوريا مرت بمرحلة مأساوية تحت حكم النظام الساقط، حيث تسببت السياسات السابقة في قتل الشعب وتدمير البلد، وأدت إلى العزلة الدولية. إلا أن التحولات التي شهدتها سوريا في الآونة الأخيرة، خاصة في ظل الثورة السورية، أدت إلى إعادة بناء الدولة على أسس جديدة.
وأضاف الرئيس السوري أن لقاءاته مع عدد من القادة الإقليميين والدوليين مثل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والشيخ تميم بن حمد أمير قطر، والرئيس عبد الفتاح السيسي وغيرهم، ساهمت في دعم مسار سوريا نحو المستقبل الجديد. كما أثنى على المواقف التاريخية لدول مثل الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الأردن، ومصر التي كانت على الدوام داعمة لسوريا وشعبها.
لقاء رباعي يجمع "ترامب والشرع" بحضور "بن سلمان" وأردوغان يُشارك عبر تقنية الفيديو
وكان عقد لقاء رباعي جمع كلاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع، إلى جانب ولي العهد السعودي، وبمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاجتماع عبر تقنية الفيديو، في المملكة العسكرية السعودية، اليوم الأربعاء 14 أيار 2025، وصف أنه تاريخي ومفصلي لسوريا والشعب السوري.
ويُعد هذا اللقاء أول لقاء بين رئيس أمريكي ورئيس سوري منذ عقود طويلة، ما يفتح بابًا جديدًا في سياق التعاون بين البلدين، ويتوقع أن يسهم في تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية بين سوريا والولايات المتحدة، ويأني في وقت حساس، حيث تسعى سوريا إلى تحقيق الاستقرار الداخلي وتعزيز العلاقات الإقليمية والدولية بعد سنوات من النزاع والدمار.
ترحيب دولي واسع لقرار ترامب
لاقى القرار ترحيباً واسعاً في الأوساط الشعبية السورية التي خرجت للساحات بالآلاف، وعبرت عن تقديرها للخطوة التي من أشنها دعم التعافي للشعب السوري، وشكرها للدول التي دعمت وساهمت في الوصول إليها، ورحبت الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ورابطة العالم الإسلامي، والأمم المتحدة ومسؤولين أممين وأمريكيين وأوربيين، مؤكدين أنها فرصة تاريخية للنهوض بسوريا الجديدة.
قُتل عنصران من قوات الأمن العام وأُصيب آخرون بجروح متفاوتة، جرّاء انفجار لغم أرضي بآليتهم، اليوم الخميس 22 أيار/ مايو، في منطقة قاع البنات قرب تلول الصفا، الواقعة في عمق بادية السويداء الشرقية.
وجاء وذلك خلال عمليات تمشيط تنفذها القوات الأمنية في المنطقة وأكدت مصادر أن الآلية الأمنية كانت ضمن دورية تقوم بمسح ميداني للمنطقة، في إطار جهود تأمين خطوط التماس القديمة وتفكيك الألغام والمخلفات الحربية.
إلا أن اللغم، الذي يُعتقد أنه من مخلفات المعارك السابقة، انفجر تحت إحدى العربات، ما أدى لسقوط شهيدين على الفور، وجرح اثنين آخرين تم نقلهم إلى مستشفى السويداء الوطني.
ويعرف أن منطقة تلول الصفا من أكثر المناطق وعورة في بادية السويداء، وقد شهدت خلال السنوات الماضية معارك ضارية بين قوات النظام البائد، وتنظيم داعش، أسفرت عن انتشار واسع للألغام والمفخخات، بعضها لا يزال نشطاً حتى اليوم، رغم محاولات التمشيط والتطهير.
وسبق لسكان من القرى المحاذية للبادية أن طالبوا مراراً بضرورة إزالة الألغام وتطهير المنطقة، لما تشكله من خطر دائم على المدنيين والرعاة وحتى الفرق الأمنية العاملة هناك.
ويذكر أن مع تصاعد حوادث انفجارات مخلفات الحرب الأخيرة، عادت هذه المطالبات إلى الواجهة، في وقتٍ تُكثف فيه قوات الأمن العام عمليات المسح الميداني بهدف تمشيط وتأمين المنطقة.
تمكنت قوات الأمن العام في محافظة حمص عن إلقاء القبض على عدد من المتورطين في مجزرة الحولة شمالي حمص، التي وقعت قبل أعوام على يد قوات النظام البائد وراح ضحيتها عشرات المدنيين، بينهم أطفال ونساء.
وذكرت مصادر متطابقة، يوم الخميس 22 أيار/ مايو، أن الموقوفين قاموا بتمثيل الجريمة في مدينة تلدو بريف حمص الشمالي، وذلك في إطار التحقيقات الجارية لإثبات الأدلة ومجريات الواقعة.
وتداول ناشطون مقطعاً مصوراً يظهر جانب من إجراءات تمثيل الجريمة وسط تواجد من قبل عدد من الأهالي رفقة دوريات تابعة لقوات إدارة الأمن العام في محافظة حمص وسط سوريا.
ويأتي ذلك مع اقتراب الذكرى السنوية للمجزرة التي وقعت يوم 25 أيار/ مايو العام 2012، واستمرت حوالي 14 ساعة، وثقت مقتل 97 مدنياً، بينهم 49 طفلاً، و32 سيدة أنثى بالغة.
وتشير التوثيقات إلى أن الشهداء قتلوا ذبحاً بالسكاكين ورمياً بالرصاص وضرباً بالسواطير، وكانت وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها وثق مجريات المجزرة عام 2012، بأنها "عمليات قتل جماعي، ووثق إعدام عائلات كاملة".
وتُعتبر هذه الذكرى هي الأولى التي تمر بعد سقوط النظام البائد، ما جعل الأمل أكبر في الوصول إلى العدالة الانتقالية، إذ يرى حقوقيون وناشطون أن محاسبة مرتكبي المجازر، وعلى رأسها مجزرة الحولة، أصبحت اليوم قاب قوسين أو أدنى، مع مضاعفة الجهد الأمني والقضائي في سوريا.
هذا وتُعد المجزرة واحدة من أبشع الجرائم الجماعية التي شهدتها سوريا، حيث أُعدم العديد من الشهداء بطرق مروّعة، منها الذبح بالسكاكين، والرمي بالرصاص، والضرب بالسواطير، وفق تقارير مستقلة وشهادات ناجين.
وفي كل عام، يحيي سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الذكرى الأليمة، مستذكرين صور الأطفال والنساء الذين قضوا بدمٍ بارد، واليوم، يرى كثيرون أن إلقاء القبض على المتورطين هو أولى الخطوات نحو العدالة والقصاص، ورسالة بأن الجرائم لن تُنسى، مهما طال الزمن.
تلقى السيد الرئيس أحمد الشرع اتصالاً هاتفياً من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، جرى خلاله بحث العلاقات الثنائية بين سوريا والأردن، والتأكيد على أهمية تعزيز التنسيق والتعاون المشترك في مختلف المجالات.
وخلال الاتصال، بارك الملك عبد الله الخطوة السورية–الأردنية بتأسيس "مجلس تنسيقي أعلى" بين البلدين، معتبراً أن هذه المبادرة تشكّل بداية واعدة لمرحلة جديدة من الشراكة البنّاءة، ومعبّراً عن أمله في تعزيز مجالات التعاون بما ينعكس إيجاباً على الشعبين الشقيقين.
خارطة طريق جديدة للتعاون الاستراتيجي
من جهته، ثمّن الرئيس أحمد الشرع دعم الأردن وتفاعله الإيجابي مع المبادرات المشتركة، مؤكداً أن إنشاء المجلس التنسيقي والاتفاقيات الموقّعة على هامشه تشكلان إطاراً عملياً لرسم خارطة طريق جديدة نحو تعاون أعمق بين البلدين، لاسيما في الملفات الاقتصادية والأمنية ذات الاهتمام المشترك.
موقف أردني ثابت تجاه وحدة سوريا
وفي ختام الاتصال، جدّد العاهل الأردني موقف بلاده الثابت بدعم وحدة الأراضي السورية ورفض أي تدخلات خارجية تمس بسيادتها، متمنياً للرئيس الشرع التوفيق في قيادة المرحلة المقبلة.
من جانبه، أعرب الرئيس الشرع عن تقديره للموقف الأردني، مؤكداً ثقته بأن العلاقات السورية–الأردنية ستشهد تطوراً ملموساً في المرحلة القادمة، يقوم على المصالح المشتركة والتنسيق الوثيق لما فيه خير البلدين والشعبين.
دمشق وعمّان تدشّنان مجلس التنسيق الأعلى: خارطة طريق شاملة لتعاون استراتيجي
وقّع وزير الخارجية والمغتربين السوري، السيد أسعد حسن الشيباني، ونائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، السيد أيمن الصفدي، مذكرة تفاهم لتأسيس "مجلس التنسيق الأعلى" بين الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية، وذلك خلال لقاء رسمي في العاصمة دمشق، يأتي تتويجاً لتفاهمات سابقة جرى التوصل إليها خلال زيارة الصفدي إلى دمشق في 17 نيسان 2025.
انطلاق الدورة الأولى للمجلس برئاسة وزيري الخارجية
شهدت دمشق انعقاد الدورة الأولى للمجلس المشترك برئاسة الوزيرين الشيباني والصفدي، وبمشاركة وفود وزارية رفيعة من الجانبين، ضمّت وزراء الاقتصاد والطاقة والنقل من الطرف السوري، ونظراءهم من الجانب الأردني، بينهم وزراء المياه والصناعة والطاقة والنقل.
أكد المجتمعون على متانة العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، وعلى أهمية البناء عليها في إطار مؤسساتي لتوسيع مجالات التعاون، بما يخدم المصالح الاستراتيجية المشتركة ويساهم في دعم جهود إعادة إعمار سوريا ومواجهة تحديات المرحلة الانتقالية.
خارطة طريق للعمل المشترك في قطاعات المياه والطاقة
خرج الاجتماع بخارطة طريق عملية تتضمن أهدافًا قصيرة ومتوسطة المدى، أبرزها مراجعة اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك الموقّعة عام 1987، بهدف تعديل بنودها لضمان الحقوق المائية العادلة لكلا البلدين، إضافة إلى تفعيل أعمال اللجان الفنية المختصة في قطاع المياه.
في قطاع الطاقة، تم الاتفاق على دراسة مشاريع تزويد سوريا بالغاز الطبيعي عبر الأراضي الأردنية، وربط الشبكات الكهربائية بين البلدين، وتبادل الخبرات في الطاقة المتجددة، مع تحديد تموز المقبل موعداً لاجتماع وزاري يليه لقاءات فنية موسّعة لمتابعة هذه المبادرات.
كما ناقش الطرفان إمكانية استفادة سوريا من ميناء الغاز الطبيعي المُسال الذي سيتم تشغيله في العقبة أواخر عام 2026، إلى جانب مرافق التخزين وأساطيل النقل الأردنية المتوفرة.
تعزيز التعاون التجاري والصناعي وإعادة هيكلة المجالس الاقتصادية
في المجال الاقتصادي، تم الاتفاق على عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة في تموز المقبل، بمشاركة قطاع الأعمال من الطرفين، لبحث فرص التكامل الصناعي وتعظيم التجارة البينية. وتشمل الخطط تنظيم منتدى أعمال سوري-أردني، وتفعيل مجلس الأعمال المشترك، مع ترحيب دمشق بزيارة وفد اقتصادي أردني خلال الأسبوع القادم.
وفي خطوة لتعزيز التبادل التجاري، ناقش المجتمعون الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة وتسهيل شحن الترانزيت بين البلدين.
قطاع النقل: خطوات عملية للربط البري والسككي
شهد الاجتماع اتفاقاً على إعادة تفعيل اللجنة الفنية الأردنية السورية للنقل البري، لبحث توحيد الرسوم وتطوير خطط الربط السككي مستقبلاً، إضافة إلى تبادل الخبرات في تنظيم قطاع النقل البري.
واتفق الطرفان على مباشرة الفرق الفنية بإعداد الدراسات الفنية والتقنية لتأهيل خط الربط الكهربائي داخل سوريا، وإعداد الشروط المرجعية اللازمة لدراسات تدعيمه.
زيارات فنية متابعة ومتابعة تنفيذية
اختتمت الدورة الأولى بالتأكيد على أهمية المتابعة الحثيثة للاتفاقات الموقعة، عبر زيارات فنية متبادلة، لضمان تنفيذ القرارات المنبثقة عن مجلس التنسيق الأعلى، وتحقيق نتائج ملموسة على الأرض تترجم رؤية التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
يُشار إلى أن إنشاء المجلس يمثّل نقلة نوعية في العلاقات السورية الأردنية، ويشكّل إطاراً مؤسسياً متقدماً لتطوير التعاون في مرحلة إعادة بناء الدولة السورية.
غرفة تجارة الأردن: الاتفاقات مع سوريا تمهد لتكامل اقتصادي وتنشيط التبادل التجاري
أكدت غرفة تجارة الأردن أن الاتفاقات التي جرى التوصل إليها مع الجانب السوري تمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز التعاون الثنائي، وفتح آفاق جديدة لتكامل اقتصادي يخدم مصالح البلدين، ويُسهم في تنشيط حركة التبادل التجاري والاستثماري، وعودة انسيابية حركة السلع والخدمات عبر الحدود.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" عن النائب الأول لرئيس غرفة التجارة، جمال الرفاعي، قوله في بيان رسمي اليوم الأربعاء، إن إنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين الأردن وسوريا من شأنه أن يعزز أطر التعاون المشترك في قطاعات حيوية مثل التجارة، والمياه، والنقل، والطاقة، بما يمهّد لبناء مرحلة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
دعم أردني لإعادة الإعمار والتعافي السوري
وثمّن الرفاعي ما تضمنته المباحثات الأخيرة من التزام الطرفين بتعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها، خاصة في ظل التوجه الأردني الواضح لدعم جهود الحكومة السورية في مرحلة إعادة الإعمار والتعافي من آثار الحرب، بما يشمل التصدي للتحديات الاقتصادية واللوجستية المصاحبة للمرحلة الانتقالية.
وأشار إلى أن القطاع الخاص الأردني يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في دعم سوريا خلال هذه المرحلة، من خلال شراكات تنموية واستثمارية تسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على أرض الواقع.
منتدى أعمال ومجلس مشترك لتعزيز التعاون بين القطاعين الخاصين
وأكد الرفاعي دعم غرفة التجارة الكامل لما تم الاتفاق عليه بشأن عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في شهر تموز/يوليو المقبل، إلى جانب تنظيم منتدى أعمال يضم ممثلين عن القطاع الخاص الأردني والسوري.
وشدّد على أهمية إعادة تشكيل "مجلس الأعمال الأردني السوري المشترك" ليكون منصة فاعلة لتعزيز التعاون بين مجتمع الأعمال في البلدين، وتمكين الشراكات الاقتصادية والمشاريع المشتركة، بما يعود بالفائدة المباشرة على الشعبين الشقيقين.
تواجه صناعة الإسمنت في سوريا جملة من التحديات البنيوية والمالية، وسط جهود حكومية متزايدة لدعم هذا القطاع الحيوي في ظل الحاجة المتزايدة لمواد البناء نتيجة الدمار الواسع الذي خلفه نظام الأسد البائد.
حاجة ضخمة للإسمنت لإعادة الإعمار
وفق تقديرات متخصصة، فإن سوريا تحتاج خلال السنوات العشر المقبلة إلى نحو 60 إلى 80 مليون طن من الإسمنت، أي ما يعادل 6 إلى 8 ملايين طن سنوياً، لتلبية متطلبات إعادة إعمار نحو مليوني وحدة سكنية مدمّرة، فضلاً عن مشاريع البنى التحتية والمرافق العامة.
قرار حكومي بإلغاء الضمائم: دعم مباشر للإنتاج المحلي
في خطوة وصفت بأنها جوهرية، ألغى وزير الاقتصاد والصناعة القرار القديم الذي فرض ما يُعرف بـ"الضمائم" على منتجي الإسمنت، في محاولة لتخفيف الأعباء المالية عن القطاع الإنتاجي، خصوصاً في ظلّ ضعف التنافسية مع المستوردات.
ووفقاً لتصريحات المهندس "محمود فضيلة"، مدير عام الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء “عمران”، فإن القرار يأتي ضمن إطار إصلاح السياسات الاقتصادية التي كانت تُفرض سابقاً تحت مسميات قانونية شكلية، لكنها مثّلت أعباء فعلية على المنتجين المحليين.
الضمائم.. عبء قديم وممارسة من النظام البائد
أشار "فضيلة" إلى أن النظام البائد كان يعتمد على فرض أتاوات مقنّعة تحت غطاء تشريعي، ما أدى إلى خنق القطاعات الإنتاجية، معتبراً أن إلغاء الضميمة يمثّل تحولاً نوعياً نحو إصلاح حقيقي، خصوصاً في ظل توجه الحكومة الجديدة لاعتماد الكفاءات المتخصصة في إدارة الملفات الوزارية.
أثر القرار اقتصادياً واجتماعياً
أوضح "فضيلة"، أن دعم الصناعة المحلية ينعكس بشكل مباشر على الناتج المحلي الإجمالي، ويُسهم في خفض التكاليف النهائية على المستهلك، مما يعزز من قدرة المنتج المحلي على الانتشار والمنافسة في السوق السورية.
كما أكد أن خفض التكاليف التشغيلية وإعادة هيكلة الأعباء بشكل عادل سيمنح صناعة الإسمنت دفعة قوية للاستمرار والتوسع، لا سيما وأنها صناعة كثيفة التكاليف وتخرج من المنافسة بسهولة عند ارتفاع الأعباء.
القطاع الخاص: القرار يعزز التنافسية في السوق
من جانبه، قال المهندس "جبرائيل الأشهب"، المدير العام لمجموعة "سيم تك" المتخصصة في تجارة وخدمات الإسمنت، إن القرار يمثل دعماً جوهرياً للمنتج المحلي في مواجهة البضائع المستوردة، مؤكداً أن الفارق في تكاليف الإنتاج بين سوريا والدول المجاورة يشكّل تحدياً أمام الصناعيين السوريين.
وأشار إلى أن سعر طن الإسمنت الرمادي في الأردن لا يتجاوز 50 دولاراً (أرض المصنع)، بينما يبلغ السعر في سوريا نحو 95 دولاراً، ما يحدّ من هامش التسعير محلياً.
إلغاء الضميمة: خسارة إيرادات مقابل جدوى اقتصادية أوسع
رأى أن الدولة قد تخسر بعض الإيرادات المباشرة نتيجة إلغاء الضميمة، لكنها في المقابل ستربح من خلال تحفيز الاستثمار وجذب رؤوس الأموال إلى هذه الصناعة الاستراتيجية، بما في ذلك الاستثمارات الأجنبية، خاصة مع تزايد الحوافز وارتفاع الجدوى الاقتصادية.
نحو خفض تكاليف البناء وتعزيز الإعمار
تُعد صناعة الإسمنت أساساً في قطاع البناء، سواء في مراحل الصب أو التشطيب، ومع انخفاض تكاليف الإنتاج، يتوقع أن تنخفض أسعار العقارات والمشاريع الإنشائية، وهو ما يشكّل عامل دعم إضافي لمسار إعادة الإعمار.
وختم بالتأكيد على ضرورة دعم هذا التوجه من خلال قروض استثمارية وتمويل مصرفي ملائم، مشيراً إلى تجربة شركة إسمنت البادية كمثال ناجح لتطوير صناعة الإسمنت عبر الشراكات وتمويل المشاريع الكبرى.