قال مدير المدينة الصناعية في حسياء، "طلال زعيب"، إن المدينة تشهد نشاطاً استثمارياً متصاعداً، بعد تلقيها 90 طلباً جديداً من مستثمرين سوريين محليين ومغتربين.
إلى جانب مستثمرين عرب وأجانب، في مؤشر على تزايد الاهتمام بالمنطقة كوجهة صناعية واعدة، خاصة بعد استعادة السيطرة الحكومية عليها.
وأوضح أن المدينة باتت تشكل نقطة جذب لقطاعات صناعية متنوعة، مدفوعة بحالة الترقب لإصدار نظام الاستثمار الجديد الخاص بالمدن الصناعية، والذي يُتوقع أن يسهم في تسهيل الإجراءات وتحفيز رؤوس الأموال، بما يعزز النمو الصناعي والاقتصادي.
وأكد أن المدينة تتلقى "مئات الاتصالات الخارجية لحجز مواقع استثمارية"، في وقت يغطي النشاط الصناعي الحالي مجالات الصناعات الغذائية والنسيجية والهندسية والكيميائية، وجميعها تعد مكونات رئيسية في جهود إعادة الإعمار.
كما لفت إلى إدخال تقنيات الذكاء الصناعي في بعض خطوط الإنتاج، خاصة في الصناعات الدقيقة، ضمن مسعى لرفع الكفاءة وتعزيز القدرة التنافسية، واستقطاب التكنولوجيا المتقدمة.
وأكد مدير الصناعة في حمص، المهندس "بسام السعيد"، أن التوجه الحكومي يركز على دعم المشاريع ذات القيم المضافة العالية والتي تعتمد على الموارد الطبيعية المحلية، بما يسهم في تقليص الاعتماد على الاستيراد، وتحقيق تنوع إنتاجي ينعكس على السوق المحلية.
ورغم التحديات التي يواجهها القطاع الصناعي، من ضعف القوة الشرائية، وانقطاع الطاقة، وارتفاع تكاليف الإنتاج والضرائب والرسوم، إلا أن الحكومة السورية تبذل جهوداً ملموسة للتخفيف من هذه الأعباء، وتقديم الدعم المناسب، وسط تطلع إلى توسيع الأسواق التصديرية وتعزيز بيئة الاستثمار الصناعي.
وكان لفت مدير المدينة الصناعية بحسياء إلى أن المدينة تمتلك مقومات حقيقية لمنافسة كبرى المدن الصناعية إقليمياً، بانتظار صدور قرارات حكومية إضافية من شأنها دعم المستثمرين وتحفيز بيئة الإنتاج.
وتأتي هذه الخطوات ضمن رؤية حكومية شاملة تهدف إلى دعم الصناعات المحلية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من القطاعات الحيوية، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
وقّع وزير الطاقة السوري، المهندس محمد البشير، ونظيره التركي، ألب أرسلان بيرقدار، اليوم 22 أيار/مايو، اتفاقاً مشتركاً لتوسيع التعاون في قطاعَي الغاز والكهرباء، وذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة دمشق، بحضور عدد من المسؤولين من الجانبين.
وبحسب ما أُعلن في المؤتمر، ينص الاتفاق على مدّ خط أنابيب غاز جديد يربط بين البلدين، إلى جانب استكمال ربط شبكة الكهرباء السورية بالشبكة التركية عبر خط بجهد 400 ك.ف.، في خطوة تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الطاقية في سوريا، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية للمواطنين.
تزويد أولي بـ 2 مليار متر مكعب من الغاز... و1300 ميغاواط إنتاج كهربائي متوقع
وأكد الوزير التركي ألب بيرقدار خلال المؤتمر، أن بلاده بدأت فعلياً بتزويد سوريا بـ 2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، يُخصص لاستخدامه في تشغيل محطات توليد الكهرباء، ما يسهم في إنتاج نحو 1300 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، لتلبية جزء من الاحتياجات العاجلة للبلاد في هذا القطاع الحيوي.
وأضاف بيرقدار أن هذه المشاريع تُعد ركيزة أساسية في جهود إعادة الاستقرار إلى سوريا، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستركّز على جذب الاستثمارات المباشرة في قطاع الطاقة، لاسيما من الشركات الكبرى التي سبق أن عملت في السوق السورية، وأبدت استعدادها للعودة في ضوء تحسّن المناخ الاقتصادي ورفع العقوبات الأوروبية.
امتداد لمسار التقارب السياسي والاقتصادي بين أنقرة ودمشق
ويأتي هذا الاتفاق تتويجاً للقاءات متكررة بين الطرفين، كان آخرها في إسطنبول خلال قمة الموارد الطبيعية، في سياق ما وصفه مراقبون بـ"المسار المتسارع للتقارب السوري–التركي"، الذي يشمل ملفات متعددة أبرزها الاقتصاد والطاقة.
وفي خطوة لافتة، أعلنت وكالة "الأناضول" أن الرئيس السوري أحمد الشرع سيستقبل الوزير التركي بيرقدار في لقاء رسمي، في مؤشر إضافي على تطوّر العلاقات الثنائية بين البلدين، وانتقالها من مرحلة التنسيق التقني إلى الشراكة الاستراتيجية في ملفات إعادة الإعمار والتنمية.
تركيا تعلن عن موعد بدء إمدادات الغاز إلى سوريا: مليارا متر مكعب سنوياً لتوليد الكهرباء
أعلن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أن تركيا ستبدأ في تصدير الغاز إلى سوريا بكمية تصل إلى ملياري متر مكعب سنوياً، أي بمعدل 6 ملايين متر مكعب يومياً.
وفي تصريح له خلال مقابلة مع قناة "سي إن إن ترك"، أوضح الوزير أن الغاز المصدّر سيخصص بشكل أساسي لتوليد الكهرباء في سوريا. وأشار إلى أن أعمال بناء البنية التحتية لخط أنابيب الغاز الطبيعي قد بدأت على الأراضي السورية، معتبراً أن الغاز سيُنقل من ولاية كليس التركية إلى مدينة حلب السورية.
بيرقدار أضاف قائلاً: "الغاز سيكون مخصصًا لمحطة الكهرباء في حلب، ونهدف إلى بدء تدفق الغاز خلال الأشهر الثلاثة المقبلة". وأوضح أن تقدم المشروع كان سريعًا، حيث وصل خط الغاز إلى الحدود السورية في منطقة كليس، مما يسهم في تأمين الوقود الضروري لمحطات الكهرباء في حلب.
وفي السياق ذاته، كشف بيرقدار أن تركيا بدأت أيضًا في تزويد سوريا بالكهرباء، حيث يتم حالياً إمداد مدينة حلب بـ200 ميغاواط من الطاقة الكهربائية المولدة في الأراضي التركية.
لتأمين إمدادات الغاز والكهرباء: اتفاقيات استراتيجية مع تركيا لضمان استقرار الطاقة في سوريا
وسبق أن أعلن وزير الطاقة السوري، محمد البشير، عن خطوات حيوية لتعزيز واقع الطاقة في البلاد، تشمل توقيع اتفاقيات استراتيجية لاستيراد الكهرباء من تركيا ومد خط غاز طبيعي لضمان استقرار القطاع، في إطار سعي الحكومة السورية لتحسين قطاع الطاقة الحيوي في البلاد.
تأتي هذه الخطوات في وقت حساس حيث يشهد القطاع الطاقي تحديات ضخمة على مستوى البنية التحتية والموارد المتاحة، مما يهدد استمرارية الخدمات الأساسية في سوريا.
اتفاقيات استراتيجية مع تركيا
خلال مشاركته في قمة إسطنبول للموارد الطبيعية، كشف الوزير محمد البشير عن اقتراب توقيع اتفاقية لاستيراد الكهرباء من تركيا عبر خط بجهد 400 كيلو فولت، يمتد من تركيا إلى سوريا، بالإضافة إلى إنشاء خط غاز طبيعي بين كيليس التركية ومدينة حلب السورية. هذا الخط الجديد سيتيح توريد 6 ملايين متر مكعب من الغاز يوميًا لمحطات توليد الكهرباء في سوريا، مما يسهم في تحسين وضع الطاقة في البلاد.
وأضاف الوزير أنه سيتم ربط خط آخر بين الريحانية التركية ومنطقة حارم في إدلب لتوريد نحو 80 ميغاوات من الكهرباء إلى شمال سوريا عبر مركز التحويل الموجود على الجانب التركي. تعتبر هذه الاتفاقيات جزءًا من الجهود الحثيثة لضمان استقرار الطاقة في سوريا عبر تعزيز البنية التحتية وإعادة تأهيل محطات التوليد لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.
أزمة الطاقة والتحديات البنية التحتية:
لا يزال قطاع الطاقة في سوريا يعاني من أزمة خانقة نتيجة تدهور البنية التحتية بعد سنوات من الحرب، حيث تمثل الفجوة بين القدرة الإنتاجية والطلب على الكهرباء تحديًا رئيسيًا. ويعاني القطاع من نقص حاد في الوقود وأضرار جسيمة تعرضت لها محطات التوليد وخطوط النقل، مما دفع إلى فرض تقنين صارم للكهرباء.
وتشير التقارير إلى أن سوريا بحاجة إلى 6500 ميغاوات من الكهرباء لتلبية احتياجاتها، في حين لا يتجاوز الإنتاج الحالي 1500 ميغاوات. ويقدّر الخبراء تكلفة إعادة تأهيل الشبكة الكهربائية بنحو 40 مليار دولار.
الآثار الاقتصادية والتحسينات المنتظرة:
من المتوقع أن تؤدي هذه الاتفاقيات إلى تحسين الوضع الطاقي في سوريا بشكل ملموس. في حديثه لوسائل الإعلام، أكد الباحث الاقتصادي الدكتور خالد تركاوي أن توريد الغاز الطبيعي من تركيا إلى شمال سوريا سيحسن بشكل كبير أداء قطاع الطاقة، ما سيمكن من زيادة ساعات تغذية الكهرباء في العديد من المناطق. كما أن تزويد الكهرباء للمناطق الصناعية والزراعية سيكون له أثر إيجابي في تعزيز الإنتاج وتوفير فرص العمل.
تعد الكهرباء اليوم عصب الحياة في سوريا، حيث تعتمد عليها جميع القطاعات الأساسية، مثل الري والصناعة. لذا، فإن توفير الكهرباء بشكل مستمر سيؤثر بشكل مباشر على تحسين جودة الحياة للمواطنين السوريين ويدعم استقرار الاقتصاد المحلي.
التعاون الإقليمي والفرص المستقبلية:
تعكس هذه الخطوات اهتمام سوريا بتحسين العلاقات الاقتصادية مع جيرانها، وتعتبر زيادة التبادل التجاري مع تركيا الذي يُقدّر بحوالي 1.2 مليار دولار سنويًا نتيجة مباشرة لهذه الاتفاقيات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحسين البنية التحتية للطاقة سيحفز استثمارات أخرى في مشاريع مشتركة بين البلدين، ما يساعد في بناء شبكة اقتصادية إقليمية مستقرة.
ويُعد التعاون بين سوريا وتركيا في مجال الطاقة خطوة هامة نحو استقرار قطاع الطاقة السوري، والذي يُعتبر من الركائز الأساسية في مسار إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي. في ضوء هذه الاتفاقيات، من المنتظر أن تحقق سوريا تقدماً ملحوظاً في تحسين بنية القطاع، ما يعزز قدرة الدولة على تلبية احتياجات مواطنيها من الكهرباء، ويمهد الطريق لمزيد من التعاون الإقليمي والدولي في المستقبل.
عاد أبو خالد إلى قريته في ريف إدلب بعد سنوات من النزوح، حاملاً أملاً يتكئ على ذاكرة الأرض، ويدين قاسيتين عرفتا خبرة الفلاحة قبل أن تقاسيان مرارة الحرب، كانت الأرض هناك تنتظر من يعيد نبضها، ففلحها مع شقيقه، فحص التربة، راقب السماء، ثم زرعا عشرة دونمات بالقمح. لم تكن زراعة تقليدية، بل فعل حياة واستعادة للكرامة.
لكن هذا العام، لم تأتِ الأمطار كما كان مطلوباً، في حين كانت الأرض بأمسّ الحاجة إليها، وإن هطلت، فبقدر لا يكفي لسد عطش التربة ولا لإنبات المحصول. ومضى الموسم، ومضت معه آمال العائدين. "حتى تكاليف البذار والفلاحة لن نستعيدها"، يقول أبو خالد بنبرة يختلط فيها الحزن بالخذلان.
أزمة ممتدة في الجزيرة السورية
قصة أبو خالد ليست استثناءً، بل جزء من لوحة قاتمة تمتد على طول الجزيرة السورية، حيث يعاني آلاف المزارعين من خسائر فادحة في محاصيل القمح والشعير بسبب الجفاف وقلة الأمطار. تقدر المساحات المتضررة بالآلاف من الهكتارات، ويؤكد مزارعون أنهم زرعوا حقولهم هذا العام ووضعوا تكاليف على أمل موسم يحميهم من الحاجة. لكن قلة هطول الأمطار لم تمكنهم من الوصول إلى مبتغاهم.
أسباب الخسائر: مناخية وتنظيمية
تتعدد الأسباب، لكنها تتقاطع جميعها عند نقطة واحدة: غياب الدعم في وجه الجفاف. المتغيرات المناخية وضعت الزراعة في اختبار عسير. في تقرير لقناة "القاهرة الإخبارية"، حمل عنوان: "الحقول تموت عطشاً.. خطر الجفاف يتصاعد ويهدد مستقبل الزراعة في سوريا"، ووصف التقرير سوريا بأنها تمر بإحدى أشد موجات الجفاف في تاريخها الحديث، حيث انخفضت كميات الأمطار إلى مستويات غير مسبوقة، وتشققت الأراضي و فشلت زراعة محاصيل القمح.
ويعزو أبو عمار، مزارع من ريف حلب، السبب بخسارة الموسم لهذا العام إلى تأخر تغذية الأراضي بمياه الري وغياب الأمطار في التوقيت الحرج لنمو القمح. ويضيف أن معظم الأراضي هذا العام لم تصل إلى مرحلة امتلاء الحبة، ما يعني موسماً خاسراً بالكامل.
الجفاف يهدد الأمن الغذائي في سوريا
ولا تقتصر تداعيات الجفاف على خسارة مواسم فردية، بل بات يهدد الأمن الغذائي للبلاد بأكملها. أفادت وكالة رويترز أن 75% من محصول القمح السوري مهدد بالضياع هذا العام بسبب الجفاف الشديد، بينما توقعت منظمة الفاو أن يصل عجز القمح في سوريا إلى 2.7 مليون طن، وهي كمية تكفي لإطعام 16.3 مليون شخص لمدة عام كامل.
ويعد هذا العجز تهديداً خطيراً للأمن الغذائي، لا سيما في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية، وضعف البنية التحتية الزراعية، وتضاؤل قدرة الدولة على الاستجابة.
وزارة الزراعة السورية أعلنت من جهتها عن نيتها تقليص زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، مشيرة إلى أن رفع العقوبات سيسمح للبلاد باستيراد الأسمدة وتقنيات الري الحديثة، وهو ما قد يساهم في حال تطبيقه في تحسين الإنتاج مستقبلاً، لكن الحلول الآنية ما تزال محدودة.
بدائل مؤقتة... لا تعوض الفقد
مع تكرار الخسائر، لجأ بعض المزارعين إلى تقليص المساحات المزروعة بالقمح، وفضل آخرون البحث عن محاصيل بديلة أقل اعتماداً على الأمطار. وفي حالات كثيرة، تم تضمين الأراضي المزروعة لمربي المواشي، كحل إسعافي لتقليل حجم الخسائر. لكن هذه البدائل ليست مستدامة، وهي لا تعوض الغياب المفجع لمحصول القمح، الذي يمثل حجر أساس في الأمن الغذائي المحلي، لا سيما في المناطق التي لطالما عُرفت بأنها سلة غذاء سوريا.
تقارير دولية تدق ناقوس الخطر
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بدورها حذرت في تقارير سابقة من تدهور الأمن الغذائي في سوريا نتيجة لتكرار مواسم الجفاف، وارتفاع تكلفة الإنتاج، وتراجع الدعم الحكومي. وأشارت تقارير رسمية إلى انخفاض تدفقات نبع عين الفيجة المغذي الرئيسي للعاصمة إلى 2 متر مكعب فقط بعد أن كان يضخ 15 متراً في الثانية.
بين الأرض العطشى والفلاح الخاسر، تقف الزراعة السورية على مفترق طرق. ما لم يُعَد النظر في استراتيجيات الري والدعم الزراعي، ويُفعّل التعاون الدولي الإنساني بما يضمن توفير التقنيات والأسمدة والمياه، فإن الحقول ستموت عطشاً عاماً بعد عام، ومعها تموت فرص التعافي الغذائي لسوريا بأسرها.
أثار الممثل السوري "عابد فهد" موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره في لقاء تلفزيوني برفقة زوجته الإعلامية زينة يازجي على قناة MTV اللبنانية، حيث أدلى بتصريحات عبّر فيها عن استغرابه من الأوضاع الراهنة في سوريا، مؤكداً أن جميع السوريين بمختلف أطيافهم "يرفضون هذا الواقع".
وقال الممثل السوري: "أنا لدي أصدقاء من كل الطوائف يتعجبون مما يحصل. من المسؤول؟ ومتى ستعود سوريا كما كانت؟ كنا نعيش في بيئة لا تعرف التفرقة الموجودة الآن، نحن في وضع غير صحي".
هذه العبارات اعتُبرت من قبل عدد كبير من المتابعين "غير موفّقة"، وأثارت انتقادات حادة، خاصة في ظل تاريخ طويل من السياسات الطائفية التي زرعها نظام الأسد، وعمّقها خلال سنوات الحرب.
الطائفية ليست طارئة... بل مشروع سلطوي مبرمج
رغم حديث فهد عن وحدة السوريين، رأى ناشطون أن الطائفية لم تكن نتيجة لحظة سياسية عابرة، بل مشروعاً ممنهجاً غذّاه النظام الأسدي عبر عقود، بدءاً من حافظ الأسد وصولاً إلى بشار الأسد، وقد استخدم النظام الانقسامات الطائفية كأداة لحماية سلطته، بإشغال السوريين بخلافات داخلية، بينما كانت الدولة تُنهب وتُقمع، وتُرتكب فيها انتهاكات بحق أبناء الشعب دون تمييز.
وأكّد عدد من المعلقين أن بشار الأسد تحديدًا استثمر هذا التفكك لخلق واقع يسهل التحكم فيه، مستخدمًا الولاءات الطائفية كسلاح لترسيخ حكمه، مقابل تفتيت البنية الوطنية الجامعة.
زينة يازجي تتدخل: "نحن في ممر صعب نحو سوريا الجديدة"
وفي محاولة واضحة لتلطيف الموقف، تدخلت زوجته زينة يازجي خلال اللقاء، لتعيد توجيه الحديث نحو خطاب أكثر اتزاناً، قائلة: "نحن في حالة انتقال، في برزخٍ بين واقع سابق لم تكن فيه حرية أو كرامة، والآن نأمل الوصول إلى سوريا جديدة. الطريق مليء بالألغام، لكننا السوريين نرسمه بأنفسنا. نخطئ ونصحح، نبتعد ونعود... الهدف: سوريا حرة عادلة لكل أبنائها".
كلماتها حظيت بإشادة واسعة من المتابعين الذين وصفوها بـ"الصوت العاقل"، واعتبروا أنها أنقذت الموقف بتأكيدها على أن التغيير قادم بإرادة السوريين أنفسهم.
ردود متباينة... وسجل فهد يُستحضر من جديد
التعليقات لم تتوقف عند التصريحات الأخيرة، بل استُحضر تاريخ عابد فهد الفني والشخصي خلال الثورة السورية، حيث اتُّهم بالمراوغة والحياد المريب، والسكوت عن جرائم النظام، إضافة إلى موقفه المثير للجدل عندما أهدى إحدى جوائزه للجيش السوري واللبناني، واصفاً إياهما بـ"رمزي الصمود"، وهو ما اعتُبر صدمة كبيرة آنذاك، خاصة وأن القوات نفسها كانت متهمة بارتكاب مجازر وتهجير جماعي بحق المدنيين، وكتب أحد المتابعين: "يسأل متى تعود سوريا كما كانت، بينما كان يصفّق لقاتلها... أي ازدواجية هذه؟".
فهد يوضح: دعوتي لوحدة سوريا لا لعودة النظام
وفي رد على هذا الجدل، نشر عابد فهد توضيحاً عبر خاصية "الستوري" في حسابه على إنستغرام، قال فيه: "ما قصدته من كلامي هو التحذير من الوقوع في الطائفية. علينا كسوريين أن نحافظ على علاقاتنا كشعب واحد. كلمة (العودة) لا تعني أبداً عودة النظام، بل عودة سوريا إلى صحتها الاجتماعية ووحدتها".
وأضاف: "أنا حر مثل سوريا الحرة، قبل التحرير وبعده. أعمالي تشهد على رسالتي الفنية والإنسانية. لا تتسرعوا في الأحكام، فذلك لا يبني وطناً".
بين سوء الفهم والوعي السياسي... الجدل مستمر
ما بين تصريحات عفوية وتوضيحات لاحقة، يبقى موقف عابد فهد محل جدل مستمر، يعكس حساسية المرحلة، وحجم الحذر الذي بات يرافق أي خطاب عام يتناول القضية السورية، ففي ظل التحولات الجارية، أصبح الرأي العام السوري أكثر وعياً بمواقف الفنانين والمثقفين، وأكثر تمسكاً بمحاسبة كل من وقف أو صمت في وجه الظلم... ولو بكلمة.
شهد ريف القنيطرة الجنوبي، صباح يوم الخميس 22 أيار/ مايو، توغلًا محدودًا نفذته قوة عسكرية إسرائيلية مؤلفة من نحو 10 سيارات، باتجاه منطقة سرية الدرعيات قرب قرية المعلقة، في محيط الحدود مع الجولان السوري المحتل.
ووفقًا لمصادر محلية، فإن القوة انسحبت بعد وقت قصير من دخولها، عائدة إلى داخل الجولان المحتل، دون تسجيل أي اشتباك أو مواجهة مع الجهات العسكرية الموجودة في المنطقة.
ويُعد هذا التوغل أحد التحركات العسكرية المتكررة التي تنفذها القوات الإسرائيلية على طول خط وقف إطلاق النار، وسط حالة من الترقب والقلق بين سكان القرى الحدودية.
وسبق أن أفاد تجمع أحرار حوران إن قوات الاحتلال الإسرائيلي توغلت، داخل بلدة صيدا الحانوت الحدودية مع الجولان المحتل في ريف القنيطرة الجنوبي، واعتقلت رجلًا وابنه بعد مداهمة منزلهما.
وأوضح أن التوغل تم عبر رتل عسكري كبير مؤلف من أربع دبابات من طراز “ميركافا” ونحو عشر آليات عسكرية، وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع فوق المنطقة.
وكانت توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي برتل يضم 6 دبابات قادم من الجولان المحتل واتجه نحو نقطة العدنانية بريف القنيطرة، وقامت برفع علمها لأول مرة فوق تل الأحمر الغربي، الواقع قرب بلدة كودنة، ما يعكس تصاعد التحركات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة الحدودية.
أعلنت شركة "فلاي دبي" الإماراتية للطيران، الخميس 22 أيار، عن استئناف رحلاتها المباشرة إلى العاصمة السورية دمشق اعتبارًا من شهر حزيران المقبل، وذلك بعد توقف استمر لأكثر من 12 عاماً.
ونقلت وكالة أنباء الإمارات "وام" عن الرئيس التنفيذي للشركة، غيث الغيث، قوله: "يسعدنا أن نكون أول شركة طيران إماراتية تستأنف رحلاتها إلى سوريا، بعد انقطاع طويل"، مشيراً إلى أن لدمشق مكانة ثقافية وتاريخية بارزة في المنطقة، تجعل من عودتها إلى شبكة الرحلات حدثاً ذا أهمية.
القرار يأتي بعد موافقة هيئة الطيران المدني الإماراتية
وجاء إعلان "فلاي دبي" عقب قرار الهيئة العامة للطيران المدني في دولة الإمارات، الصادر في نيسان الماضي، بالسماح باستئناف الرحلات الجوية المنتظمة بين الإمارات وسوريا، في إطار خطوات تدريجية لإعادة الروابط الجوية والتجارية بين البلدين.
فلاي دبي" و"دان إير" تعيدان الربط الجوي مع دمشق
وسبق أن أعلنت شركة "فلاي دبي" أنها ستستأنف رحلاتها المباشرة إلى دمشق ابتداءً من 1 حزيران 2025، بعد انقطاع دام نحو 12 عاماً، وأكد الرئيس التنفيذي للشركة، غيث الغيث، أن هذا القرار يأتي ضمن خطة التوسع الإقليمي وربط الأسواق المهمة، لافتاً إلى أن دمشق كانت من أولى الوجهات في شبكة الشركة منذ انطلاقتها عام 2009.
وفي خطوة أخرى لافتة، أعلنت شركة الطيران الرومانية "دان إير" بدء تسيير رحلات منتظمة إلى دمشق اعتبارًا من 15 حزيران، لتنضم بذلك إلى قائمة الشركات الأوروبية العائدة إلى الأجواء السورية. وأوضحت الشركة أن الرحلات ستنطلق من بوخارست، فرانكفورت، برلين، وستوكهولم، في إطار اتفاقيات ثنائية مع الجانب السوري.
"لوفتهانزا" تقيّم مطار دمشق تمهيداً لاستئناف الرحلات الألمانية إلى سوريا
وكانت أجرت بعثة فنية تابعة لشركة "لوفتهانزا" الألمانية للطيران، يوم الأربعاء 21 أيار 2025، جولة ميدانية شاملة في مطار دمشق الدولي، ضمن إطار التحضيرات الجارية لإعادة تشغيل الرحلات الجوية بين ألمانيا وسوريا بعد انقطاع دام سنوات طويلة بسبب الحرب والعقوبات الدولية.
وبحسب ما نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أوضحت الهيئة العامة للطيران المدني أن زيارة الوفد الفني تأتي ضمن سلسلة من الإجراءات الفنية والإدارية الرامية لتأهيل البنية التحتية للمطار، وتحقيق الجاهزية اللازمة لاستقبال الرحلات الأوروبية، لا سيما في ظل تزايد الطلب من الجالية السورية في ألمانيا على خطوط طيران مباشرة نحو دمشق.
وشملت الزيارة تقييماً دقيقاً لمستوى السلامة الجوية، والأنظمة التشغيلية، والتجهيزات الأرضية، إضافة إلى اجتماع موسّع بين الوفد الألماني وممثلي الهيئة، نوقشت فيه آليات العمل وجدول زمني مبدئي لاستئناف الرحلات بما يتوافق مع المعايير الأوروبية.
شركات عربية تستأنف رحلاتها... والطيران السوري يعود تدريجياً
وكانت الخطوط الجوية القطرية أول من استأنف رحلاته إلى دمشق مطلع هذا العام بعد توقف استمر 13 عامًا، تبعتها الخطوط الجوية التركية والملكية الأردنية. وتواصل الخطوط الجوية السورية بدورها تسيير رحلات إلى عدد من الوجهات العربية مثل الكويت، الإمارات، قطر، ولبنان، مع خطط لتوسيع شبكتها في المستقبل القريب.
يمثل استئناف الرحلات إلى دمشق من شركات عالمية وإقليمية بداية مرحلة جديدة تستعيد فيها سوريا موقعها الطبيعي على خارطة الطيران الدولي. ويأمل المختصون أن تواكب هذه العودة تحسينات في البنية التحتية، وتطوير السياسات، بما يتيح بناء قطاع طيران مدني حديث وآمن وفاعل.
بحث وزير الاقتصاد والصناعة، الدكتور محمد نضال الشعار، مع المدير العام للمديرية العامة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج في المفوضية الأوروبية، السيد ستيفانو سانينو، والوفد المرافق له، سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين سوريا والاتحاد الأوروبي، وفتح آفاق جديدة أمام الاستثمارات، لا سيما في ضوء عودة سوريا إلى نظام التحويلات المالية الدولية، الذي يسهّل حركة رؤوس الأموال وتمويل المشاريع الحيوية.
وجرى اللقاء في مبنى وزارة الاقتصاد بدمشق، في أول اجتماع رسمي من نوعه بعد إعلان رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا، ويُعدّ هذا اللقاء تتويجًا لمسار طويل من الحوارات الفنية والسياسية التي مهّدت لانفراجات اقتصادية طال انتظارها، وتؤشر على بداية تحوّل تدريجي في المشهد الاقتصادي الإقليمي.
الشعار: انفتاح جديد وشراكات منتجة لإعادة بناء سوريا
وفي تصريح له خلال اللقاء، أكد الوزير الشعار أن سوريا باتت على أعتاب مرحلة اقتصادية جديدة، تقوم على الشراكة الدولية والتعافي الصناعي، مشيرًا إلى أن رفع العقوبات شكّل نقطة انطلاق لتدفق الاستثمارات وعودة الشركات الأوروبية إلى السوق السورية، لا سيما في قطاعات حيوية كالصناعة، الطاقة، والبنية التحتية.
وأضاف الشعار أن الوزارة تعمل على مراجعة شاملة لبيئة الأعمال، بهدف تهيئتها أمام الاستثمارات الخارجية، مع إعطاء أولوية لإعادة تأهيل المصانع المتوقفة، وتعزيز الصناعات الموجّهة للتصدير، وربط الاقتصاد السوري مجددًا بشبكات التوريد الإقليمية والعالمية.
سانينو: بروكسل مستعدة لدعم سوريا في التعافي والبناء
من جانبه، أعرب ستيفانو سانينو عن استعداد المفوضية الأوروبية لتقديم الدعم الفني والمالي للحكومة السورية، في إطار برنامج متكامل لتنمية القطاع الخاص، وتحديث البنية الصناعية، وتسهيل وصول المنتجات السورية إلى الأسواق الأوروبية من خلال اتفاقيات تجارية تفضيلية.
وأكد سانينو أن الاتحاد الأوروبي يرى في استقرار سوريا فرصة لتعزيز التكامل الإقليمي، ويولي أهمية خاصة لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري في المرحلة المقبلة.
نعت مؤسسة الدفاع المدني السوري، اليوم الخميس 22 أيار، المتطوعين الثلاثة "مأمون العمر، جلال طكو، وشعبان شوشان" من فرق إزالة مخلفات الحرب، الذين ارتقوا شهداء أثناء أداء واجبهم الإنساني في محيط قرية كراح بريف حماة الشمالي الشرقي، نتيجة انفجار لغم أرضي مزروع على سكة القطار، وموجّه عن بُعد بواسطة التحكم اللاسلكي.
وذكرت المؤسسة في بيانها أن الفريق كان في مهمة لتفقد الموقع، عقب بلاغ ورد من الجهات المحلية يفيد بوجود جسم مشبوه على مسار السكة الحديدية، قبل أن يتحول البلاغ إلى مأساة بفقدان ثلاثة من خيرة عناصرها.
مهمة إنسانية تنتهي بفاجعة... وشهداء يواصلون رسالتهم في الذاكرة
ووصفت المؤسسة ما جرى بأنه "مهمة أخيرة كانت تهدف لحماية الأرواح والممتلكات، لكنها تحوّلت إلى فاجعة"، بعد أن انفجر اللغم فور وصول الفريق إلى الموقع، في هجوم يسلّط الضوء مجددًا على المخاطر اليومية التي تواجه فرق إزالة مخلفات الحرب.
وأكدت المؤسسة أن هؤلاء الشهداء ارتقوا وهم يحملون رسالة نبيلة، مشيرة إلى أن تضحياتهم ستبقى منارةً لزملائهم في العمل الإنساني، وحافزًا لمواصلة الطريق من أجل سوريا خالية من الموت المزروع.
وفي إطار الجهود الحكومية الهادفة إلى تأمين عودة آمنة للأهالي، وضمان سلامتهم من مخاطر الذخائر غير المنفجرة، ونشرت مصادر إعلامية صورا تظهر عمليات إزالة الألغام والمخلفات الحربية الناتجة عن نظام الأسد البائد.
وتأتي هذه الأعمال ضمن خطة أوسع تنفذها الحكومة السورية لإعادة تأهيل وتأمين منطقة سهل الغاب في محافظة حماة، بعد سنوات من تعرضها للعمليات القتالية.
هذا وتتابع الفرق الهندسية تمشيط الأراضي الزراعية والمناطق الحيوية في قرى وبلدات المنطقة، تمهيداً لعودة الأهالي بشكل تدريجي، وتوفير البيئة المناسبة لاستئناف الأنشطة الاقتصادية، وعلى رأسها الزراعة.
عقد وزير النقل الدكتور يعرب بدر اجتماعاً موسعاً مع القائم بأعمال السفارة الإيطالية بدمشق، السفير ستيفانو رافانيان، ووفد أكاديمي من جامعة البندقية الإيطالية، جرى خلاله بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، لا سيما في مجالات تطوير البنية التحتية للنقل البري وشبكة السكك الحديدية في سوريا.
وناقش الجانبان عدداً من القضايا الاستثمارية ذات الاهتمام المشترك، مع التركيز على إمكانية الاستفادة من خبرات الشركات الإيطالية في تأهيل الطرق السريعة بين المحافظات السورية، ودعم مشاريع السكك الحديدية بما يسهم في تحسين حركة النقل وتسهيل الربط الإقليمي.
عرض أكاديمي وتعاون علمي في مجالات النقل والهندسة
وقدّم وفد جامعة البندقية عرضاً حول البرامج الأكاديمية المتاحة في الجامعة، لا سيما في اختصاصات الهندسة البحرية، والنقل، واللوجستيات، مشيرين إلى استعدادهم لتوقيع مذكرة تفاهم مستقبلية تتيح تسهيلات لقبول الطلبة السوريين في برامج الدراسات العليا، وتبادل الوفود الأكاديمية، وتنظيم ورشات عمل تقنية في سوريا، بهدف نقل المعرفة وتعزيز القدرات الوطنية في قطاع النقل.
يعرب بدر: مشاريع استراتيجية للنقل واهتمام خاص بالمترو والطريق السريع
بدوره، عبّر الوزير يعرب بدر عن تقدير سوريا للعلاقات الإيجابية مع إيطاليا، مشيراً إلى اهتمام وزارة النقل بتطوير التعاون العلمي والفني في مجالات النقل الطرقي والسككي. وأوضح بدر أن سوريا تعمل على إطلاق مجموعة من المشاريع التنموية الطموحة، من أبرزها مشروع مترو دمشق، وتطوير محطات لوجستية حديثة كحسياء، إضافة إلى إنشاء شبكة طرق سريعة تربط المحافظات.
رافانيان: إيطاليا مستعدة لدعم سوريا في المرحلة الجديدة
من جهته، أكد السفير الإيطالي ستيفانو رافانيان رغبة بلاده والمؤسسات الأكاديمية الإيطالية في دعم الحكومة السورية خلال المرحلة الحالية، لا سيما عبر تعزيز البحث العلمي، وتدريب الكوادر، وتقديم الدعم الفني للنقل الداخلي، مستفيدين من الخبرة الإيطالية المتقدمة في هذا المجال.
اتفاق على خطوات مستقبلية مشتركة
وفي ختام اللقاء، اتفق الطرفان على دراسة إمكانية تنظيم ورشات عمل متخصصة في دمشق، وإرسال بعثات دراسية سورية إلى إيطاليا، إلى جانب تشكيل لجنة متابعة مشتركة تُعنى بتنسيق جهود التعاون المقبلة ووضع خارطة طريق واضحة لمجالات العمل المشترك.
عُرف عن المخلوع "بشار الأسد"، كأبيه من قبله، سعيه للهيمنة المطلقة على جميع مفاصل الدولة السورية، من السياسة والاقتصاد إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية، ولم تكن المؤسسة الدينية استثناءً من هذه السيطرة. فقد أدرك مبكراً الدور الحيوي الذي يلعبه رجال الدين في التأثير على الناس، خاصةً في مجتمع متدين بطبيعته كالمجتمع السوري، فسعى لإخضاعهم لتكريس بقائه في الحكم.
من حافظ إلى بشار: تدجين الدين لخدمة الطغيان
اتبع بشار النهج نفسه الذي سار عليه والده حافظ الأسد، الذي عمل على احتواء الرموز الدينية الكبرى في سوريا، مثل مفتي الجمهورية أحمد كفتارو والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي. وقد لعب هذان العالمان دوراً بارزاً في تلميع صورة النظام خلال محطاته الدموية، وعلى رأسها مجزرة حماة عام 1982، التي ارتكبتها قوات حافظ الأسد بحق آلاف المدنيين، في سياق حربه مع جماعة الإخوان المسلمين.
سار بشار على الخطى ذاتها، فحرص على الظهور إلى جانب رجال الدين من مختلف الطوائف والمذاهب، مروجاً لنفسه كحامٍ للتعددية الدينية ومدافع عن الأقليات، بينما كانت أجهزة المخابرات تُصدر التعليمات للأئمة والدعاة بالدعاء له على المنابر، خاصة في خطب يوم الجمعة، في محاولة لشرعنة استبداده باسم الدين.
الثورة: سقوط القناع عن تحالف الطغيان والدين
مع اندلاع الثورة السورية في شهر آذار/مارس عام 2011، انقلبت المعادلة. فجرائم النظام الوحشية وسلوكه القمعي الهمجي جعل من الصعب على كثير من العلماء التزام الحياد أو التبرير. وهنا تباينت المواقف: منهم من بارك جرائم النظام صراحةً واعتلى المنابر مدافعاً عنه، خوفاً من أن يفقد مكانته، ومنهم من خضع خشية أن يتعرض للفظائع التي لحقت الأبناء الثائرين، ومنهم من اختار المنفى حفاظاً على حياته وحياة أسرته بعد أن تبنى موقفاً مناصراً للثورة، ورفض سياسة القتل والترهيب.
لكن النظام استمر في استغلال رجال الدين الموالين له، فحوّلهم إلى أبواق تبرر القتل والاعتقال وتحرّم الخروج عليه، تحت ذريعة "الخروج على الحاكم"، رغم ما ارتكبه من فظائع تتنافى مع أبسط المبادئ الدينية والإنسانية.
مشايخ السلطان: فتاوى القتل والتضليل
أبرز هؤلاء ما يُعرف بـ"مشايخ السلطان"، الذين التفّوا حول بشار الأسد وأحاطهم بالامتيازات والنفوذ. من بينهم المفتي السابق أحمد بدر الدين حسون، الذي عرف بخطبه الممجّدة للأسد وإيران، وفتاويه التي أجازت قمع السوريين، حتى لُقّب بـ"مفتي البراميل".
ومنهم أيضاً خطيب المسجد الأموي مأمون رحمة، الذي بلغ به التهريج حدّ تشبيه الوقوف على جبل قاسيون بوقفة عرفات، وتعبيره عن استعداده لتقبيل أقدام عناصر ميليشيا حزب الله اللبناني. هؤلاء المشايخ، بتواطؤهم وخطابهم التضليلي، ساهموا في تصوير المعركة على أنها "حرب كونية" تستهدف الوطن والدين، بينما كانت في حقيقتها حرباً لحماية كرسي الحكم الذي يوشك أن ينهار.
علماء قالوا كلمة الحق... ودفعوا الثمن
في المقابل، وقف علماء دين مستقلون في صف الثورة، ورفضوا المتاجرة بالدين. من بينهم: د. محمد راتب النابلسي، الشيخ عدنان السقا، الشيخ أحمد الصياصنة، العلامة محمد علي الصابوني، الشيخ سارية الرفاعي.
وقد كان للعلامة محمد علي الصابوني مواقف شديدة الوضوح، ووصف بشار الأسد بـ"مسيلمة الكذاب"، وأكدوا وجوب مقاومته، واعتبروا مواجهته جهاداً في سبيل الله. حيث وصف حسون بأنه "فتيل يشعل حرباًً طائفية"، ونعت مشايخ السلطة بـ"المنافقين والمذبذبين".
المساجد: منابر الثورة ومصدر رعب النظام
خاف الأسد من المساجد، ليس لأنها دور عبادة، بل لأنها أصبحت منابر للثورة. فقد انطلقت أولى المظاهرات منها، وارتبط يوم الجمعة بالحراك الشعبي الذي بات يخرج بعد كل صلاة. فبدأ النظام بمحاصرة المساجد، وأغلق بعضها، ثم تطور الأمر إلى قصفها وتدميرها، في سلوك يعكس حقده العميق على هذه المنارات التي بثت فيه الذعر.
مشايخ السلطة إلى الظل... وعلماء الثورة إلى النور
ومع تغيّر الواقع على الأرض، واهتراء صورة النظام البائد، وجد مشايخ السلطة أنفسهم في عزلة. بعضهم توارى عن الأنظار محاولاً حفظ ماء وجهه، وبعضهم حاول "التكويع" والالتحاق بركب الشعب، لكنهم لم يفلتوا من سخرية السوريين، كما حدث مع أحمد حسون.
في المقابل، عاد العلماء الذين نُفوا أو غادروا قسراً، فعادوا مكرّمين، كما حدث مع الدكتور محمد راتب النابلسي، الذي استُقبل بحفاوة كبيرة، تعبيراً عن تقدير السوريين لموقفه ومبادئه.
أكدت غرفة تجارة الأردن أن الاتفاقات التي جرى التوصل إليها مع الجانب السوري تمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز التعاون الثنائي، وفتح آفاق جديدة لتكامل اقتصادي يخدم مصالح البلدين، ويُسهم في تنشيط حركة التبادل التجاري والاستثماري، وعودة انسيابية حركة السلع والخدمات عبر الحدود.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" عن النائب الأول لرئيس غرفة التجارة، جمال الرفاعي، قوله في بيان رسمي اليوم الأربعاء، إن إنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين الأردن وسوريا من شأنه أن يعزز أطر التعاون المشترك في قطاعات حيوية مثل التجارة، والمياه، والنقل، والطاقة، بما يمهّد لبناء مرحلة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
دعم أردني لإعادة الإعمار والتعافي السوري
وثمّن الرفاعي ما تضمنته المباحثات الأخيرة من التزام الطرفين بتعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها، خاصة في ظل التوجه الأردني الواضح لدعم جهود الحكومة السورية في مرحلة إعادة الإعمار والتعافي من آثار الحرب، بما يشمل التصدي للتحديات الاقتصادية واللوجستية المصاحبة للمرحلة الانتقالية.
وأشار إلى أن القطاع الخاص الأردني يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في دعم سوريا خلال هذه المرحلة، من خلال شراكات تنموية واستثمارية تسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على أرض الواقع.
منتدى أعمال ومجلس مشترك لتعزيز التعاون بين القطاعين الخاصين
وأكد الرفاعي دعم غرفة التجارة الكامل لما تم الاتفاق عليه بشأن عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في شهر تموز/يوليو المقبل، إلى جانب تنظيم منتدى أعمال يضم ممثلين عن القطاع الخاص الأردني والسوري.
وشدّد على أهمية إعادة تشكيل "مجلس الأعمال الأردني السوري المشترك" ليكون منصة فاعلة لتعزيز التعاون بين مجتمع الأعمال في البلدين، وتمكين الشراكات الاقتصادية والمشاريع المشتركة، بما يعود بالفائدة المباشرة على الشعبين الشقيقين.
دمشق وعمّان تدشّنان مجلس التنسيق الأعلى: خارطة طريق شاملة لتعاون استراتيجي
وقّع وزير الخارجية والمغتربين السوري، السيد أسعد حسن الشيباني، ونائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، السيد أيمن الصفدي، مذكرة تفاهم لتأسيس "مجلس التنسيق الأعلى" بين الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية، وذلك خلال لقاء رسمي في العاصمة دمشق، يأتي تتويجاً لتفاهمات سابقة جرى التوصل إليها خلال زيارة الصفدي إلى دمشق في 17 نيسان 2025.
انطلاق الدورة الأولى للمجلس برئاسة وزيري الخارجية
شهدت دمشق انعقاد الدورة الأولى للمجلس المشترك برئاسة الوزيرين الشيباني والصفدي، وبمشاركة وفود وزارية رفيعة من الجانبين، ضمّت وزراء الاقتصاد والطاقة والنقل من الطرف السوري، ونظراءهم من الجانب الأردني، بينهم وزراء المياه والصناعة والطاقة والنقل.
أكد المجتمعون على متانة العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، وعلى أهمية البناء عليها في إطار مؤسساتي لتوسيع مجالات التعاون، بما يخدم المصالح الاستراتيجية المشتركة ويساهم في دعم جهود إعادة إعمار سوريا ومواجهة تحديات المرحلة الانتقالية.
خارطة طريق للعمل المشترك في قطاعات المياه والطاقة
خرج الاجتماع بخارطة طريق عملية تتضمن أهدافًا قصيرة ومتوسطة المدى، أبرزها مراجعة اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك الموقّعة عام 1987، بهدف تعديل بنودها لضمان الحقوق المائية العادلة لكلا البلدين، إضافة إلى تفعيل أعمال اللجان الفنية المختصة في قطاع المياه.
في قطاع الطاقة، تم الاتفاق على دراسة مشاريع تزويد سوريا بالغاز الطبيعي عبر الأراضي الأردنية، وربط الشبكات الكهربائية بين البلدين، وتبادل الخبرات في الطاقة المتجددة، مع تحديد تموز المقبل موعداً لاجتماع وزاري يليه لقاءات فنية موسّعة لمتابعة هذه المبادرات.
كما ناقش الطرفان إمكانية استفادة سوريا من ميناء الغاز الطبيعي المُسال الذي سيتم تشغيله في العقبة أواخر عام 2026، إلى جانب مرافق التخزين وأساطيل النقل الأردنية المتوفرة.
تعزيز التعاون التجاري والصناعي وإعادة هيكلة المجالس الاقتصادية
في المجال الاقتصادي، تم الاتفاق على عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة في تموز المقبل، بمشاركة قطاع الأعمال من الطرفين، لبحث فرص التكامل الصناعي وتعظيم التجارة البينية. وتشمل الخطط تنظيم منتدى أعمال سوري-أردني، وتفعيل مجلس الأعمال المشترك، مع ترحيب دمشق بزيارة وفد اقتصادي أردني خلال الأسبوع القادم.
وفي خطوة لتعزيز التبادل التجاري، ناقش المجتمعون الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة وتسهيل شحن الترانزيت بين البلدين.
قطاع النقل: خطوات عملية للربط البري والسككي
شهد الاجتماع اتفاقاً على إعادة تفعيل اللجنة الفنية الأردنية السورية للنقل البري، لبحث توحيد الرسوم وتطوير خطط الربط السككي مستقبلاً، إضافة إلى تبادل الخبرات في تنظيم قطاع النقل البري.
واتفق الطرفان على مباشرة الفرق الفنية بإعداد الدراسات الفنية والتقنية لتأهيل خط الربط الكهربائي داخل سوريا، وإعداد الشروط المرجعية اللازمة لدراسات تدعيمه.
زيارات فنية متابعة ومتابعة تنفيذية
اختتمت الدورة الأولى بالتأكيد على أهمية المتابعة الحثيثة للاتفاقات الموقعة، عبر زيارات فنية متبادلة، لضمان تنفيذ القرارات المنبثقة عن مجلس التنسيق الأعلى، وتحقيق نتائج ملموسة على الأرض تترجم رؤية التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
يُشار إلى أن إنشاء المجلس يمثّل نقلة نوعية في العلاقات السورية الأردنية، ويشكّل إطاراً مؤسسياً متقدماً لتطوير التعاون في مرحلة إعادة بناء الدولة السورية.
عبّر الإعلامي السوري، الدكتور فيصل القاسم، عن استنكاره الشديد لحادثة التعدي على مكتب محافظ السويداء، الدكتور مصطفى بكور، مؤكداً أن هذا التصرف لا يمثل أبناء السويداء الأحرار، بل يعكس سلوك فئة محدودة لا تعبر إلا عن نفسها.
وأوضح القاسم، في تعليق له على الحادثة، أن الغالبية الساحقة من أهالي السويداء عبّروا عن إدانتهم لما جرى، وأعلنوا تضامنهم الكامل مع المحافظ، الذي يشهد له الجميع بالتفاني في أداء مهامه، وحرصه الكبير على مصلحة المحافظة واستقرارها.
رجل دمث، محبوب، وهمّه السويداء..
وأشار القاسم إلى أن الدكتور بكور، بشهادة أبناء المحافظة، يعمل بلا كلل، ويصل الليل بالنهار في سبيل النهوض بواقع السويداء، متحملاً في ذلك كل أنواع المتاعب والضغوط، مضيفًا: "الجميع يعترفون بأنه شخصية محترمة، رزينة، قريبة من الناس، دمثة الخلق، ومحبوبة على نطاق واسع".
وكشف القاسم أنه التقى الدكتور بكور شخصيًا، ونقل عنه قوله: "إيصال السويداء إلى بر الأمان هو همّي الأكبر وشغلي الشاغل".
السويداء كانت ولا تزال وفية لرجالاتها
ولفت القاسم إلى أن ما جرى قبل يوم واحد فقط من الحادثة يُثبت حجم التقدير الذي يحظى به المحافظ بين أهالي السويداء، حيث استُقبل كضيف عزيز في عدد من المضافات، وقوبل بكلمات الترحيب والإشادة على جهوده.
وأضاف: "حتى من اقتحموا مكتبه، استقبلهم بهدوء، وقدم لهم الزهورات... تلك هي أخلاق الدكتور بكور، وتلك هي طبيعة هذا الرجل الذي لا يبادلك الإساءة بإساءة".
رسالة أمل وتفاؤل
وختم الإعلامي السوري كلمته بتحية خاصة إلى الدكتور مصطفى بكور، معربًا عن أمله بأن تؤتي الجهود القائمة ثمارها قريبًا، قائلاً: "بمساعي الجميع، لن يطول الوقت قبل أن تُحلّ كل القضايا العالقة في المحافظة، وهناك الآن جهود كبيرة وستثمر خيرًا بإذن الله".
شيخ عقل الدروز: نرفض التعدي على محافظ السويداء ونؤكد تفعيل الضابطة العدلية
من جهته، أكّد الشيخ يوسف جربوع، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، في تصريح لتلفزيون سوريا، أن الاعتداء على محافظ السويداء “مدان ومرفوض من جميع أبناء المحافظة”، مشيرًا إلى أن الحادثة نفذتها مجموعة خارجة عن القانون.
وأوضح جربوع أنه تواصل مع المحافظ ولمس منه حرصًا صادقًا على خدمة أهالي السويداء، مشددًا على استمرار التواصل معه ودعوته للعودة إلى ممارسة مهامه، كما أعلن عن بدء تفعيل عمل الضابطة العدلية في المحافظة اعتبارًا من اليوم، بما يضمن حفظ الأمن والنظام.
"واقعة خطيرة تهدد السلم الأهلي" ... بيان رسمي حول حادثة اقتحام مكتب محافظ السويداء
وسبق أن وصف المكتب الإعلامي لمحافظ السويداء في بيان رسمي، ما جرى داخل مبنى المحافظة بأنه "واقعة خطيرة تهدد السلم الأهلي"، مؤكداً أن مجموعة مسلّحة خارجة عن القانون أقدمت على اقتحام المبنى في محاولة لإجبار السلطات على إطلاق سراح المدعو "راغب قرقوط"، المدان بعدة قضايا سرقة سيارات، قبل سقوطه بيد العدالة وأثناء وجوده في دمشق.
وأشار البيان إلى أن المجموعة التي نفذت الهجوم كانت بقيادة "فادي نصر"، وبدعم من "طارق المغوش" وعدد من المتواطئين، حيث تزامن الهجوم مع وجود المحافظ الدكتور مصطفى البكور وعدد من موظفي المبنى.
تهديد مباشر بالسلاح وإفراج تحت الضغط
وأوضح البيان أن المسلحين أشهروا أسلحتهم الرشاشة في وجه المحافظ والموظفين وحرس المبنى، وأغلقوا الأبواب في وجه أية محاولة تدخل، متذرعين بمطلب "غير قانوني" للإفراج عن أحد أقاربهم الموقوف على خلفية قضايا سرقة، رغم أنه مدان بعدة جرائم مشابهة.
وبحسب البيان، أُجبر المعنيون على إطلاق سراح المحتجز تحت وطأة التهديد، حرصًا على سلامة الحضور، وسط توتر شديد وخطر داهم على حياة المسؤولين والعاملين في المبنى.
استجابة وطنية سريعة وتدخل لحماية المؤسسات
وأكد المكتب الإعلامي أن فصائل وطنية في السويداء، وعلى رأسها "لواء الجبل"، سارعت إلى التدخل وطرد المجموعة المهاجمة، في حين استنفرت "حركة رجال الكرامة" لتأمين مخرج آمن للمحافظ، وإخراجه من المكان بسلام.
تعهد بحماية المؤسسات ومواجهة الفوضى
وشدد البيان على أن "فرض القانون وحماية الأمن في محافظة السويداء خيار لا رجعة عنه"، مؤكدًا أن السلطات، بالتعاون مع القوى الوطنية المخلصة، ماضية في حماية الاستقرار والتصدي لأي محاولات للمساس بمؤسسات الدولة.
وختم المكتب الإعلامي بالتأكيد على أن "كل محاولات شرعنة الفوضى والعنف تحت أي ذريعة سيتم التعامل معها بحزم"، وأن الدولة لن تتهاون في مواجهة من يسعى لزعزعة الأمن أو فرض أمر واقع بقوة السلاح.
اعتداء مسلح على محافظ السويداء "مصطفى بكور" داخل مكتبه يثير موجة تنديد واسعة
في حادثة وُصفت بالخطيرة والمنافية لأعراف وتقاليد جبل العرب، تعرّض محافظ السويداء، السيد مصطفى بكور، لاعتداء مسلح داخل مكتبه في مدينة السويداء في 21 أيار، حيث أقدمت مجموعة من الشبان المسلحين من قرية ذبين على اقتحام المكتب وتهديده بالسلاح، وفق ماأفادت مصادر عدة.
وقال موقع "السويداء 24" إن مجموعة أشخاص مسلحين من أقارب موقوفين، دخلوا مكتب محافظ السويداء مصطفى بكور اليوم الأربعاء، للمطالبة بإطلاق سراحهما، بعد إشهار السلاح على عناصر الحراسة.
وأوضح الموقع نقلاً عن مصادر في المحافظة، أن المحافظ بكور طلب من عناصر الحراسة عدم الاصطدام مع أفراد المجموعة، وسمح لهم بدخول مكتبه. مضيفاً أن أحد الأفراد أشهر السلاح بوجه المحافظ والموظفين، مطالباً بالإفراج عن الموقوفين راغب قرقوط وضياء برجاس، وهما موقوفين بقضية تتعلق بسيارة مسروقة منذ الشهر الماضي.
ولفت إلى أن المحافظ تواصل مع النائب العام في دمشق وطلب منه الإفراج عن الموقوفين. ونفت مصادر المحافظة ما أشيع عن احتجازه بقوة السلاح أو سلب مقتنياته، مؤكدة أن المحافظ تعامل مع الموقف بالهدوء المعتاد، ثم غادر إلى مكان إقامته في دمشق.
ووصل الموقوفان إلى السويداء بالفعل، بعد مغادرة المحافظ. في حين أثارت الحادثة استياء واسعاً في الأوساط المحلية في السويداء، نظراً للتجاوزات المتكررة من قبل بعض الأفراد، كان منها دخول مجموعة إلى فرع الأمن الجنائي في السويداء، يوم أمس، واستعادة سيارة بالقوة كانت في الحجز بفعل حادث سير.
على إثر هذه الحوادث المتكررة، تداعى مشايخ ووجهاء المحافظة لإصدار بيان تبنته مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في مدينة السويداء، دعت خلاله الفصائل المحلية لدعم الضابطة العدلية وإيقاف التجاوزات.
وأوضح موقع السويداء 24 أن حركة رجال الكرامة ولواء الجبل والعديد من الفصائل انتشرت بشكل كثيف في مدينة السويداء تجاوباً مع نداء المرجعيات، بهدف دعم الشرطة والضابطة العدلية، مع المطالبة بانتشار فوري لوحدات الشرطة التي تم الاتفاق على تفعيلها مؤخراً، وردع أي تجاوزات للقانون.
في السياق، وقال المتحدث باسم حركة رجال الكرامة" إن ما حدث في مكتب المحافظ مخز بحق الجبل ولا صحة لادعاءات احتجازه أو ضربه، موضحاً أن مبنى محافظة السويداء تتولى حمايته مجموعة من لواء الجبل واقتحمته مجموعة خارجة عن القانون أكبر عدداً.
وأكد المتحدث ان الحادثة لم تسفر عن أي اعتداء بالضرب أو احتجاز للمحافظ، وقال إن المحافظ أنهى دوامه الرسمي عند الخامسة مساء وغادر إلى دمشق سالماً، مشيراً إلى أن الحادثة أثارت استياء كبيراً ورفضا من قبل كل وجهاء المحافظة.
فعاليات محلية: ما حدث طعنة لتقاليد الجبل وإرثه الأخلاقي
لاقى الاعتداء استنكارًا واسعًا من شخصيات اجتماعية ودينية وأهلية في المحافظة، الذين رأوا في الحادثة إساءة لا تطال شخص المحافظ فحسب، بل تمس جوهر القيم التاريخية والأخلاقية التي نشأ عليها مجتمع السويداء المعروف بإكرام الضيف وصون الكرامة وحماية مؤسسات الدولة.
وأكدت شخصيات من أبناء الجبل أن السيد مصطفى بكور لم يكن مجرد مسؤول حكومي، بل كان صوتًا وطنيًا عمل بإخلاص على منع انزلاق السويداء نحو الفوضى والانقسام، وسعى لفتح أبواب الحوار والتفاهم، في وجه محاولات مستمرة من قوى انفصالية تعمل على تقويض أي تقارب بين الدولة وأبناء المحافظة.
توقيت الاعتداء... محاولة مكشوفة لإجهاض التهدئة
جاءت هذه الحادثة في توقيت بالغ الحساسية، تزامنًا مع بروز بوادر تهدئة بين الدولة وأطراف من المجتمع المحلي في السويداء، وهو ما اعتبره مراقبون أمرًا أربك الجهات الانفصالية التي سارعت إلى التصعيد الميداني لنسف أي جهود للحل، وفرض مناخ من التوتر الأمني يخدم أجندات لا تمت بصلة للمصلحة الوطنية.
مغادرة بكور... ضربة للسويداء في لحظة حرجة
أجمع متابعون على أن قرار المحافظ مصطفى بكور مغادرة السويداء وعدم العودة إلا بعد معالجة ما جرى بوضوح وحزم، يُعدّ خسارة حقيقية للمحافظة التي تحتاج اليوم إلى قيادة تمتاز بالحكمة والتوازن، وقادرة على حماية مؤسسات الدولة دون الدخول في صدام مع المجتمع المحلي.
نداء إلى أبناء الجبل: استعيدوا زمام المبادرة
دعت شخصيات محلية بارزة أبناء السويداء الشرفاء إلى التحرّك العاجل لوضع حد لحالة الانفلات، واستعادة زمام المبادرة من أيدي العابثين، مؤكدين أن السويداء أكبر من أن تُختطف أو تُستخدم كورقة ضغط في مشاريع خارجية.
وأكدوا أن المحافظة، برصيدها الوطني والتاريخي، ستبقى صامدة أمام محاولات التقسيم أو الإدارة من الخارج، وأن مسؤولية التصدي لهذا العبث تقع على عاتق كل من يرى في السويداء قلعة للوطنية لا تُكسر.
ومنذ أشهر تسعى بعض الأطراف المعلومة في السويداء على إثارة القلاقل وتبني خطاب معادي للسلطة في دمشق، صعدت من مطالبتها بالتدخل الدولي والتنسيق مع قوى الاحتلال الإسرائيلي بزعم حماية الأقليات، ولكن فصائل وقوى وطنية في السويداء أكدت على وحدة سوريا ورفض مشاريع التقسيم والانفصال والمطالبة بالتدخل الدولي.