مدّدت الولايات المتحدة، للمرة الأولى منذ سقوط نظام بشار الأسد، حالة الطوارئ الوطنية المفروضة على سوريا. جاء ذلك نتيجة "عدم قدرة الحكومة السورية الجديدة" على مواجهة التنظيمات الإرهابية وضبط استخدام الأسلحة الكيميائية، مما يهدد المصالح الأميركية في المنطقة.
وفي إشعار رسمي نشر في السجل الفيدرالي الأميركي، أبلغ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الكونغرس بتمديد حالة الطوارئ، استنادًا إلى الأمر التنفيذي الذي صدر في 11 أيار/مايو 2004. وبحسب الإخطار، ستمتد حالة الطوارئ لما بعد 11 أيار/مايو 2025.
وأوضح ترامب في الإخطار أن "الضعف الهيكلي" في الحكومة السورية وعدم قدرتها على ضبط استخدام الأسلحة الكيميائية أو مواجهة التنظيمات الإرهابية لا يزال يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأميركي. وأكد أن هذه الظروف الاستثنائية تتطلب استمرار حالة الطوارئ بعد تاريخ انتهائها القانوني، وفقًا لقانون حالات الطوارئ الوطنية.
وأضافت الإدارة الأميركية أن قرار تمديد حالة الطوارئ "سيظل خاضعًا للمراجعة"، مشيرة إلى أنه سيتم النظر في السياسات والإجراءات التي ستتخذها الحكومة السورية لاحقًا لتحديد ما إذا كان يجب إنهاء حالة الطوارئ أو تمديدها.
وكانت الولايات المتحدة قد مدّدت حالة الطوارئ في 11 تشرين الأول/أكتوبر الماضي خلال فترة ولاية الرئيس السابق جو بايدن، وذلك استنادًا إلى الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
وقال بايدن حينها إن الوضع في سوريا يهدد الحملة ضد "داعش"، ويعرض المدنيين للخطر، ويقوض السلام والأمن في المنطقة. وكانت تلك هي المرة الخامسة التي يتم فيها تمديد الطوارئ الوطنية منذ تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة في 2021.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت حالة الطوارئ الوطنية في 11 أيار/مايو 2004، بسبب التهديدات التي شكّلها نظام الأسد المخلوع في دعم الإرهاب، واحتلاله للبنان في ذلك الوقت، إضافة إلى برنامجيه للأسلحة الكيميائية والصواريخ، وتأثيره السلبي على استقرار العراق.
ومع استمرار الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا، كانت الإدارة الأميركية قد وسّعت حالة الطوارئ في 25 نيسان/أبريل 2006، ثم اعتمدت عليها في اتخاذ إجراءات إضافية ضد النظام السوري في أعوام 2011 و2012 بعد انطلاق الثورة السورية.
وفي وقت سابق، دعا جيمس جيفري، السفير الأميركي السابق في سوريا، حلفاء الولايات المتحدة العرب إلى ممارسة الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعادة سوريا إلى أولويات السياسة الخارجية الأميركية. واعتبر أن السعودية وقطر تدركان أهمية اللحظة الحالية، لكن التحدي يكمن في إقناع ترمب شخصياً بمواصلة الاهتمام بالملف السوري.
في مؤتمرها الصحفي اليومي، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، إن الولايات المتحدة تمتلك آلية إعفاء قائمة منذ فترة طويلة تتيح تقديم المساعدات التي تساهم في استقرار سوريا. وأضافت أن هذه الآلية هي التي سمحت لقطر بتقديم الدعم المالي لرواتب العمال، وأوضحت أن المنحة القطرية لم تكن بحاجة إلى موافقة جديدة أو إعفاء خاص من العقوبات.
وأوضحت بروس أن "أي مساعدة تُقدّم إلى سوريا في إطار هذه الآلية يجب أن تكون موجهة لدعم استقرار البلاد"، مؤكدة أن هذا الدعم لا يعكس تغييرًا في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا.
وفيما يتعلق بسؤال عن إمكانية تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا في المستقبل القريب، قالت بروس "لا يمكنني التأكيد على ذلك في الوقت الحالي"، مشيرة إلى أن "الأمور في سوريا تتغير بشكل مستمر، ونحن في انتظار أن تستجيب الحكومة السورية بشكل مناسب للمطالب التي عرضناها عليهم مرارًا".
وأكدت بروس أن الوضع في سوريا "يظل تحت المراقبة المستمرة من قبل الولايات المتحدة"، مشيرة إلى أن واشنطن تتعامل مع كل تطور في الأزمة السورية بجدية، سواء كان تراجعًا عن التقدم، وهو أمر لا تدعمه الولايات المتحدة، أو إذا كان هناك أي تحرك إيجابي في الاتجاه الذي تدعمه الولايات المتحدة.
أعلنت الأمم المتحدة عبر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن عودة أكثر من مليون سوري إلى مناطقهم الأصلية منذ تشرين الثاني 2024، على الرغم من استمرار موجات النزوح الداخلي في مختلف أنحاء سوريا.
وفقًا لإفادة الأمم المتحدة، فقد نزح أكثر من 670 ألف شخص داخل سوريا منذ تشرين الثاني 2024 وحتى أيار 2025. في المقابل، سجلت عودة نحو 1.07 مليون شخص إلى مناطقهم الأصلية خلال نفس الفترة.
أوضح التقرير أن من بين العائدين، هناك حوالي 462 ألف شخص كانوا قد نزحوا داخلياً قبل 27 تشرين الثاني 2024. كما أشار إلى أن مغادرة المخيمات لا تزال محدودة، حيث غادر حوالي 333 ألف شخص المخيمات في شمال غربي سوريا منذ كانون الأول الماضي. وتستمر المعوقات التي تعرقل عودة النازحين، مثل تضرر المساكن، ضعف البنية التحتية، ومخاطر الذخائر المتفجرة.
وأوضح التقرير أيضًا أن هناك 27,428 شخصًا، أي ما يعادل 6,299 عائلة، من النازحين القادمين من الشمال الغربي يقيمون في مراكز الطوارئ الجماعية في شمال شرقي سوريا. كما لا تزال 133 مدرسة في المنطقة نفسها تُستخدم كمراكز طوارئ جماعية، ما يؤثر على تعليم 71,800 طفل، في حين تحتاج 62 مدرسة أخرى إلى إعادة تأهيل جزئي.
أما بالنسبة للنازحين من المناطق الشمالية الشرقية، فقد عاد نحو 3,000 أسرة، أي حوالي 13,000 شخص، إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة منذ كانون الأول الماضي.
كما أشار التقرير إلى أن الذخائر غير المنفجرة والألغام ومخلفات الحرب لا تزال تشكل تهديدًا خطيرًا في أنحاء البلاد، حيث أسفرت عن أكثر من 900 إصابة بين المدنيين منذ 8 كانون الأول 2024، بما في ذلك 367 حالة وفاة و542 إصابة. ومن بين هؤلاء، يشكل الأطفال أكثر من ثلث هذه الإصابات.
وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، أكد التقرير أن حوالي 16.5 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى المساعدة، بينهم 7.4 مليون نازح داخلي. وتهدف خطة الاستجابة الإنسانية لدعم 8 ملايين شخص بين كانون الثاني وحزيران 2025.
من جانبه، أوضح نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، أن المنظمة وشركاءها يواصلون تقديم المساعدات في جميع أنحاء سوريا، رغم التحديات المتعلقة بالتمويل. وأشار إلى أن النداء الإنساني للفترة بين كانون الثاني وحزيران 2025 يسعى إلى جمع ملياري دولار، لكن التمويل المتاح حاليًا لا يتجاوز 10% من الهدف، حيث تم توفير 204 ملايين دولار فقط.
أعلنت وزارة الصحة في الحكومة السورية، بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والجمعية الدولية لرعاية ضحايا الحرب والكوارث "الأمين"، عن زيارة وفد طبي سعودي متخصص إلى العاصمة دمشق.
وذكرت الوفد سيعمل ضمن العاصمة السورية دمشق الفترة الممتدة بين 10 و17 أيار 2025، ويهدف الوفد إلى تقديم خدمات طبية وجراحية نوعية في مجالات الجراحة العامة.
وكذلك الجراحة الترميمية، الأشعة التشخيصية، الأمراض الداخلية، الأمراض والجراحة النسائية، إضافة إلى الجراحة البولية.
ودعت الوزارة المرضى الراغبين بتسجيل حالاتهم إلى التواصل عبر الرقم: +963995176470، مشيرة إلى أن الأولوية ستُمنح للحالات الأشد حاجة وفق التقييم الطبي.
وأعلنت وزارة الصحة عن إطلاق حملة جراحية مجانية لعلاج مرض الساد (المياه البيضاء)، والتي يتم تنفيذها عبر وفد طبي عربي، وذكرت أن الحملة تهدف إلى توفير الرعاية الطبية التشخيصية والجراحية المجانية للمرضى الأكثر حاجة في محافظتي دمشق وحلب.
وفق البيان، ستُنفذ الحملة في محافظة دمشق بمستشفى دمشق (المجتهد) في الفترة من 18 إلى 23 مايو، بينما ستُنفذ في محافظة حلب بمستشفى محمد وسيم معار في مدينة أعزاز من 25 إلى 30 من الشهر ذاته.
وأشارت الوزارة إلى أن المرضى الذين تم تسجيلهم ودعوتهم من قبل فريق تنظيم الحملة سيُقبلون في الموعد المحدد في الدعوة، كما لفتت الوزارة إلى أن الحملة تُنفذ بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والتنمية، ومؤسسة البصر العالمية، ومنظمة الأطباء المستقلين. كما أكدت أن المرضى يمكنهم التسجيل للمشاركة في الحملة عبر الرابط المخصص لذلك.
حملة "شفاء" تختتم فعالياتها بـ670 عملية جراحية ومؤتمر طبي هام
وسبق أن اختتمت وزارة الصحة السورية فعاليات حملة "شفاء"، التي أُطلقت قبل عدة أسابيع بهدف تقديم الدعم الطبي والجراحي المجاني لأشد المحتاجين في مختلف المحافظات السورية، وذلك عبر مؤتمر تناول أبرز مراحل الحملة وأهم إنجازاتها وتفاصيلها.
حصاد حملة "شفاء"
وبحسب المتابعة، فقد نظمت الحملة بالتعاون مع التجمع السوري في ألمانيا ومنظمة الأطباء المستقلين، واستمرت لمدة ثلاثة أسابيع بمشاركة أكثر من 110 أطباء.
وخلال هذه الفترة، تم إجراء 670 عملية جراحية توزعت كما يلي (236 عملية تداخلية - 74 عملية قلبية - 90 عملية عظمية - 52 عملية بولية - 46 عملية حشوية - 67 عملية عصبية - 43 عملية وعائية - 9 عمليات صدرية - 22 عملية ترميمية - 31 عملية هضمية".
وقد استفاد عشرات المرضى من هذه الخدمات التي جاءت بمثابة طوق نجاة لعدد كبير من الحالات الإنسانية الحرجة.
مؤتمر ختامي بحضور شخصيات بارزة
واختتمت الحملة بعقد مؤتمر رسمي حضره عدد من الشخصيات العامة والطبية، أبرزهم وزير الصحة مصعب العلي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي، وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح، ونقيب الأطباء الدكتور محمود مصطفى. كما حضر المؤتمر الدكتور مهدي العمار المنسق العام لحملة شفاء، وممثل منظمة الأطباء المستقلين الدكتور فراس فارس، إلى جانب حشد من الأطباء والصحفيين والشخصيات العامة.
انطلاقة الحملة وأهدافها
انطلقت حملة "شفاء" في مطلع شهر نيسان/أبريل الجاري، بهدف تقديم المساعدة الطبية المجانية للفئات الأكثر تضرراً، خصوصاً أولئك الذين حالت ظروفهم الاقتصادية دون حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة.
وجاءت هذه المبادرة استجابةً للأوضاع الإنسانية الصعبة التي تعانيها سوريا منذ أكثر من 14 عاماً من الحرب، والتي ألقت بظلالها الثقيلة على القطاعات كافة، لا سيما القطاع الصحي.
يُشار إلى أن وزارة الصحة في الحكومة السورية الانتقالية كانت قد أعلنت عن إطلاق الحملة تحت شعار "شفاء.. يداً بيد من أجل سوريا" بتاريخ 5 آذار/مارس الماضي.
ونُفذت الحملة بالتعاون مع المكتب الطبي للتجمع السوري في ألمانيا (SGD)، ومنظمة الأطباء المستقلين (IDA)، وجمعية الأطباء والصيادلة السوريين (SyGAAD)، إلى جانب عدد من المنظمات الإغاثية الأخرى العاملة في أوروبا والمملكة المتحدة.
وشارك في الحملة نحو 100 طبيب سوري مقيم في ألمانيا وأوروبا والمملكة المتحدة، بهدف تقديم الرعاية الطبية والجراحية المجانية للفئات الأشد احتياجاً.
آلية اختيار المستفيدين
ولضمان الوصول إلى الفئات الأكثر حاجة، أُطلق رابط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتضمن استمارة تسجيل تحتوي على أسئلة تتعلق بالحالة المرضية وسبب الحاجة إلى التدخل الجراحي، ليتم بعد ذلك اختيار المستفيدين بناءً على معايير دقيقة تضمن وصول الخدمات لمن هم بأمس الحاجة إليها.
في خضم ركام الحرب السورية، لا تقتصر الخسارات على الأرواح والمنازل، بل تمتد لتطال القلوب، فتخنق الأمنيات، وتبعثر الحكايات قبل أن تكتمل. قصص حب كثيرة لم تنتهِ بالفستان الأبيض ولا بزغاريد الأمهات، بل كانت نهاياتها بين ظلام السجون أو لهيب المعارك أو غبار المنافي. في زمن القمع والرصاص، تصبح حتى الأحلام البسيطة مثل الزواج، ترفاً قد لا يُكتب له أن يتحقق.
نوال ومحمود: حبٌ خنقته الزنازين
في ريف إدلب، كانت نوال تعيش على وعود قلبها، تحادث محمود، العسكري الذي يخدم في دمشق، عبر الهاتف بصعوبة، في زمن لم تكن فيه التطبيقات الحديثة قد فتحت الأبواب للمراسلة بسهولة. كانا يتحادثان خلسة، يتقاسمان الحلم، ويخططان للحظة إعلان الخطبة، خاصة بعد أن أخبرها أنه جمع ما يكفي من المال للزواج.
لكن آخر مكالمة بينهما كانت ثقيلة بالقلق، طلب منها الدعاء، ثم انقطع صوته إلى الأبد. عرفت لاحقاً أنه اعتقل بعدما اكتُشف نيّته في الانشقاق عن الجيش. عامان مرا وهي تنتظر خبراً، تقاوم ضغط العائلة وتتحاشى أعين الناس. لكنها في النهاية استسلمت، بعدما أيقنت أن لا أحد يعرف مصيره، فتزوجت بعد عام من صمت القهر.
حين خرج محمود من السجن بعد سنوات، كانت أولى صدماته أن يرى نوال – حلمه – واقفة أمام منزل أهلها، تحمل رضيعها إلى صدرها وتخفض نظرها إليه. كان ذلك كفيلاً بأن يترك في قلبه ندبة لا تبرأ.
سلام وحسام: عمر الورد لم يُكتب له الربيع
في حمص، كانت سلام في العشرين من عمرها حين خُطبت لحسام، وبعد 15 يوماً فقط استُشهد خلال عملية عسكرية في أواخر عام 2011. كانت تلك أول صدمة تصفع قلبها، وتركت في داخلها فراغاً لم يملؤه الزمن. نزحت مع عائلتها إلى الشمال السوري، أمضت هناك 13 عاماً، تزوجت خلالها وأنجبت صبيّاً وبنتاً. لكنها ما زالت تقول: "ما حدث يبقى ذكرى مؤلمة في القلب، لا تموت".
سمر وعمار: وداع غير معلن
في مدينة حلب، وسط القصف والدمار، عاشت سمر قصة حب مع خطيبها عمار، زميلها في الجامعة. لكن الحرب فرّقت بينهما، وعاد كل منهما إلى مدينته دون وداع. وبينما كانت تتصفح فيسبوك، سقط الهاتف من يدها حين قرأت خبر استشهاده منشوراً على صفحته. لم يكن لديها حتى لحظة وداع، ولا قبر لتزوره. اليوم، سمر أم لثلاثة أطفال، لكنها كلما تذكرت تلك اللحظة، عادت مشاعر الانكسار وكأنها تعيشها من جديد.
منار وعبد الله: الفرح الذي مات
كانت منار في الثامنة عشرة من عمرها، حين خطبت لعبد الله من قريتها. لم تتحدث معه من قبل، لكن قلبها فرح بأول نبض للحب، وبدأت تستعد ليوم الزفاف. قُرئت الفاتحة، وانهالت الهدايا والمصوغات، وحددوا موعد عقد القران. قبل الموعد بأسبوع، توفي عبد الله بسبب القصف في عام 2013. أعادت كل الهدايا، ودخلت في عزلة طويلة لم تخرج منها إلا للضرورة. بعد سنوات، تزوجت وأنجبت، لكنها تقول: "لا تزال الذكرى تعيش في داخلي، في كل دعوة لحفلة خطوبة، يعود ذلك اليوم بوجعه الكامل".
أرقام تكشف حجم المأساة
آلاف القصص المشابهة لما ذكرناه حصلت في سوريا، فحجم الكارثة التي حلّت في البلاد كان هائلاً، وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن الأسد متهم في قتل ما لا يقل عن 202 ألف مدني سوري، بينهم 15 ألفا قتلهم تحت التعذيب، وإخفاء 96 ألفا آخرين، وتشريد قسري لقرابة 13 مليون مواطن سوري، وغير ذلك من انتهاكات فظيعة، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية.
وذكرت الشبكة أن 96 ألفا و321 شخصا اختفوا قسراً على يد النظام السوري من بينهم 2329 طفلاً و5742 سيدة، في حين اختفى 8684 شخصاً قسراً على يد تنظيم الدولة الإسلامية من بينهم 319 طفلا و255 سيدة. كل ذلك ساهم في تغذية المواجع لدى السوريين وأدخلهم في موجة من الآلام.
نهايات مؤلمة، وحب لم يُمهل
قصص نوال وسلام وسمر ومنار، ليست سوى جزء من مأساة كبيرة تشاركتها قلوب كثيرة في سوريا. قصص حب انتهت لا بسبب الفشل أو الخلافات، بل لأن الموت والاعتقال والنزوح كانوا أسرع من القلوب التي تحلم وتنتظر. إن الحرب لا تقتل الناس فقط، بل تقتل القصص أيضاً، وتدفن الأفراح قبل أن تولد
أكد مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، يوم الجمعة، أن مواقف بلاده والولايات المتحدة تتقاطع بشكل كبير فيما يتعلق بالشأن السوري، حيث أكّد أن البلدين يدعمان الحوار الوطني الشامل والانتقال السياسي في سوريا.
وأوضح نيبينزيا أن روسيا والولايات المتحدة تتبعان نهجًا مشابهًا في العملية السياسية بسوريا، والتي يجب أن تُقَاد من قبل السوريين جميعًا، مع دعم من الأمم المتحدة، بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وفقًا لوكالة "تاس".
وأشار إلى أن كل من موسكو وواشنطن تدعمان الجهود السورية لتحقيق الاستقرار وتعزيز سلطات الدولة، مع التأكيد على أهمية تشجيع حوار وطني شامل في البلاد. وأوضح أنه نقل هذا الموقف إلى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني.
كما شدّد نيبينزيا على ضرورة عدم تهميش أي طائفة عرقية أو دينية في سوريا، مؤكدًا على أهمية تضمين الجميع في المستقبل السياسي للبلاد. وأضاف أن كل من روسيا والولايات المتحدة متفقتان على رفض تعزيز القوى المتطرفة أو إحياء الخلايا الإرهابية في سوريا.
وسبق أن أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن الوجود العسكري الروسي في سوريا لا يزال قائماً في المواقع ذاتها، مشدداً على أن موسكو تواصل حوارها المنتظم مع الحكومة السورية الجديدة، في إطار دعمها المستمر لسوريا خلال المرحلة الانتقالية.
وفي رده على سؤال حول طبيعة الوجود العسكري الروسي الراهن في الأراضي السورية، قال نيبينزيا: "القوات الروسية لا تزال في مواقعها كما كانت دائماً، ويجري حوار متواصل بين موسكو والحكومة السورية الحالية". وأضاف: "كما تعلمون، مبعوثنا الخاص زار دمشق مؤخراً، والرئيس فلاديمير بوتين تحدث مباشرة مع رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع".
أعلنت الرئيسة المشاركة لمكتب العلاقات في حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، سما بكداش، عن عدم بدء التواصل بعد مع الحكومة السورية بشأن "الوثيقة الكردية"، وأشارت إلى استعدادهم للتفاوض عندما تسمح الظروف بذلك، مؤكدة أن خطوات تشكيل الوفد المشترك ستبدأ قريبًا ليضم قوى سياسية ومجتمعًا مدنيًا.
من جانبه، أضاف عضو الهيئة الرئاسية في "المجلس الوطني الكردي" سليمان أوسو أن تشكيل الوفد سيكون قريبًا، بالتفاهم مع "الاتحاد الديمقراطي" و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، من أجل التفاوض حول مخرجات المؤتمر الكردي الذي عقد في 26 من الشهر الماضي. وأكد أوسو أن المبادرة لا تستهدف أي دولة، وأن الأكراد يسعون لعلاقات متوازنة مع جيرانهم وتعزيز وحدة سوريا.
وكانت القوى الكردية في سوريا قد اختتمت مؤتمر "وحدة الصف والموقف الكردي" بالإعلان عن رؤية سياسية لمستقبل القضية الكردية ضمن إطار الدولة السورية. ومع ذلك، سجل المتابعون والنشطاء السياسيون ملاحظات هامة على البيان الختامي للمؤتمر، حيث تم الكشف عن وجود تناقضات جوهرية في الرؤية المعلنة، ما يثير تساؤلات بشأن قابليتها للتطبيق عمليًا.
إشكاليات فلسفية وقانونية في وثيقة "وحدة الصف الكردي"
أبرز التناقضات تمثلت في تعارض البنود الرئيسية في البيان الختامي. من جهة، تم التأكيد على ضرورة "حيادية الدولة تجاه الأديان والمعتقدات وضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية"، ومن جهة أخرى، طالبت الوثيقة "بالاعتراف بالديانة الإيزيدية كديانة رسمية في الدولة". هذا الطرح يثير تساؤلات قانونية وفلسفية حول كيفية توافق حيادية الدولة مع الاعتراف الرسمي بدين معين، ما يخلق إشكالًا في مبدأ الحياد الديني.
كما طرح البيان مطالبًا بـ "توحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية إدارية متكاملة"، بينما دعا أيضًا إلى "إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية بما يراعي الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية". هذا التناقض يثير تساؤلات حول مدى إمكانية التوفيق بين توحيد المناطق الكردية ضمن وحدة قومية وبين احترام المعايير الإدارية الوطنية.
التحدي بين الفيدرالية واللامركزية في الرؤية الكردية
من التناقضات الأخرى، كانت الدعوة إلى "توحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية إدارية ضمن سوريا اتحادية"، مع التأكيد في ذات الوقت على أن "سوريا دولة لا مركزية تضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة". التناقض بين الفيدرالية واللامركزية يشير إلى خلاف جوهري بين مفهومَي الدولة الاتحادية والدولة اللامركزية، ما قد يفتح بابًا لإشكالات دستورية في المستقبل.
ممارسات على الأرض تتناقض مع المبادئ المعلنة
في حين أشار البيان إلى "حماية حقوق الأطفال" وفق الاتفاقيات الدولية، فقد أظهرت التقارير الميدانية استمرار ظاهرة تجنيد الأطفال في معسكرات "الشبيبة الثورية" في شمال شرقي سوريا، وهو ما يتناقض مع المبادئ التي تم التأكيد عليها في الرؤية السياسية المعلنة. هذا التناقض بين الطرح النظري والممارسة العملية يطرح تساؤلات عن مصداقية الالتزام بتلك المبادئ.
الرفض الشعبي لمخرجات المؤتمر الكردي
في ظل هذه التناقضات، أصدر تجمع "أبناء الجزيرة" (تاج) بيانًا وصف فيه مخرجات مؤتمر "وحدة الصف الكردي" في القامشلي بمحاولات مشبوهة لتفتيت النسيج الوطني السوري، مؤكدًا رفضه التام لأي مشاريع انفصالية تسعى لفرض فئوية أو وصاية أجنبية. وطالب التجمع بأن تكون أي مبادرة تعكس تطلعات الشعب السوري بكل مكوناته، مشددًا على أن الوحدة الوطنية هي الأساس.
في السياق ذاته، أعلنت الكتل السياسية والعشائرية الكردية ومنظمات المجتمع المدني الكردي في سوريا رفضها للوثيقة الصادرة عن المؤتمر، معتبرة أن الوثيقة تمثل انحرافًا عن إرادة الكرد السوريين. وأكد البيان أن الكتل الكردية ترفض مصادرة القرار السياسي الكردي السوري من قبل كيانات غير سورية، ودعت إلى الحفاظ على استقلالية القرار الوطني الكردي ضمن الإطار السوري الجامع.
وما زالت القضية الكردية في سوريا تمثل واحدة من أبرز التحديات في المسار السياسي للبلاد، وسط تباين في المواقف بين الأطراف الكردية المختلفة، وبين فئات من المجتمع السوري. وستظل التساؤلات حول مستقبل الحلول المطروحة للحقوق الكردية في سوريا قائمة، ما لم يتم تجاوز التناقضات المبدئية وتوفير أرضية مشتركة تحقق العدالة والتوافق بين جميع المكونات الوطنية.
أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن توفير منح دراسية للطلاب السوريين للعام الدراسي 2025-2026، مقدمة من حكومتي إيطاليا وكازاخستان.
وفيما يخص المنح المقدمة من إيطاليا، تشمل برامج الماجستير الأكاديمي والدكتوراه، بالإضافة إلى فرص البحث بإشراف أكاديمي وبرامج شهادات في الفنون والموسيقى بمختلف مراحلها. كما تتضمن الدورات القصيرة المتقدمة في اللغة والثقافة الإيطالية.
وأوضحت الوزارة أن مدة المنحة هي تسعة أشهر مع إمكانية التمديد لمدة عام إضافي إذا كان الأداء الأكاديمي للطالب جيدًا. كما حددت الوزارة شروطًا عمريّة للمتقدمين، بحيث لا يتجاوز عمر المتقدم 28 عامًا للماجستير، و30 عامًا للدكتوراه، و40 عامًا للبحوث الأكاديمية. تشمل المنحة الإعفاء من الرسوم الدراسية، تأمينًا صحيًا، وراتبًا شهريًا قدره 900 يورو. يجب تقديم الطلبات إلكترونيًا قبل 16 مايو 2025.
أما بالنسبة للمنح المقدمة من جمهورية كازاخستان، فتشمل درجات الإجازة الجامعية، الماجستير، والدكتوراه، مع تغطية الرسوم الدراسية وراتب شهري. ويجب تقديم الطلبات عبر الرابط المخصص قبل 30 مايو 2025.
في سياق متصل، كان عقد الرئيس السوري، أحمد الشرع، اجتماعًا مع وزير التعليم العالي مروان الحلبي، وعدد من مسؤولي الوزارة، لمناقشة خطط تطوير التعليم العالي في سوريا. وتم استعراض التحديات التي يواجهها القطاع والخطوات التي يمكن اتخاذها لتطوير الجامعات والبحث العلمي.
الوزير الحلبي أشار إلى أن الوزارة ستعمل على تحديث منظومة التعليم العالي وتعزيز صلتها بسوق العمل، مع التركيز على تطوير التعليم التقني والرقمي. كما أكد على أهمية دعم الاستثمار في قطاع التعليم العالي باعتباره ركيزة أساسية في أي مشروع تنموي.
وفيما يتعلق بالبحث العلمي، قال الحلبي إن وزارته تسعى لربط البحث المجتمعي بالواقع من خلال تقديم حلول عملية وقابلة للتنفيذ لسد الثغرات المجتمعية، وهو جزء من الاستراتيجية التي ستعتمدها الوزارة في المرحلة المقبلة.
كما وجه الحلبي رسالة إلى الطلاب السوريين، مؤكداً أن الوزارة ستعمل على تحسين مستوى التأهيل والتدريب الأكاديمي سواء في الجانب العملي أو النظري، مع حرص على نجاح هذه الخطوات تدريجياً.
أفادت وكالة "رويترز" بأن بعثة قطرية بدأت البحث عن رفات رهائن أميركيين قتلوا على يد تنظيم "الدولة داعش" في سوريا قبل حوالي عشر سنوات.
وذكرت الوكالة أن هذه البعثة التي تنتمي إلى مجموعة البحث والإنقاذ الدولية بدأت مهمتها الأسبوع الماضي، حيث تم العثور حتى الآن على رفات ثلاث جثث. وأوضحت الوكالة أن هذه البعثة تتمتع بخبرة كبيرة في عمليات البحث في مناطق الكوارث، حيث تم إرسالها في السابق إلى المغرب وتركيا بعد الزلازل التي ضربت هاتين الدولتين في السنوات الأخيرة.
وفقًا للمصادر المطلعة، لم يتم تحديد هوية الرفات بعد، كما لم يتضح بعد مدة مهمة البعثة. وذكر مصدر أمني سوري أن البحث بدأ بالتركيز على جثة بيتر كاسيج، عامل الإغاثة الأميركي الذي قُتل على يد تنظيم "الدولة" عام 2014 في شمالي سوريا، حيث قُطع رأسه. كما أكد المصدر الثاني أن الرفات المفقودة ربما تشمل جثة كاسيج.
وأشار التقرير إلى أن خطط البعثة القطرية تم مناقشتها خلال زيارة رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى واشنطن في أبريل الماضي، حيث تم تحضير الزيارة أيضًا لإعداد لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قطر.
من جهة أخرى، أفاد أحد المصادر بأن الحكومة الأميركية كانت ملتزمة بشكل مستمر بالبحث عن رفات الأميركيين الذين قتلوا في سوريا، وأن هناك جهودًا سابقة قد أُجريت مع المسؤولين الأميركيين في سوريا للبحث في مناطق محددة.
وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم "الدولة" نفذ العديد من عمليات القتل وقطع الرؤوس بين عامي 2014 و2017 أثناء سيطرته على مساحات واسعة من سوريا والعراق. ومن بين الضحايا، الصحفيان الأميركيان جيمس فولي وستيفن سوتلوف، اللذان تم تأكيد مقتلهما في 2014، بالإضافة إلى كايلا مولر، عاملة الإغاثة الأميركية التي قُتلت أثناء أسرها، والتي تعرضت للاغتصاب على يد زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قبل وفاتها في 2015.
وأشار أحد المصادر إلى أن رفات كاسيج وفولي وسوتلوف من المرجح أن تكون موجودة في نفس المنطقة العامة التي كان يسيطر عليها تنظيم "الدولة"، وهي منطقة دابق التي كانت تُعد أحد المواقع الرئيسية للتنظيم في تلك الفترة.
توفي صباح اليوم السبت 10 أيار/ مايو ستة أشخاص بينهم أربعة كانوا على متن حافلة لنقل الركاب، واثنان في شاحنة محمّلة بالأغنام، إثر اصطدام مباشر بين المركبتين قرب قرية الشولا على طريق دير الزور – تدمر بريف حمص.
وأدى الحادث إلى نفوق نحو 20 رأساً من الأغنام، وألحق أضراراً مادية جسيمة بالحافلة والشاحنة، واستجابت فرق الدفاع المدني السوري على الفور، حيث جرى نقل جثامين الضحايا إلى المشفى الوطني لتسليمها إلى ذويهم.
تُعد هذه الفاجعة واحدة من عشرات الحوادث القاتلة التي يشهدها الطريق الحيوي الرابط بين البادية السورية ومحافظة دير الزور، في ظل واقع مرير خلّفه نظام الأسد البائد خلال عقود من الإهمال، تاركاً للسوريين إرثاً من الطرقات المتهالكة والخطرة، دون أدنى معايير السلامة المرورية أو صيانة البنية التحتية.
ويزيد من خطورة هذه الطرق غياب الرقابة المرورية الفعالة وتدهور الخدمات الإسعافية، ما يجعل أي حادث سير قابلاً للتحول إلى كارثة إنسانية.
وتشهد سوريا تزايداً ملحوظاً في معدلات حوادث السير، وسط تحذيرات متكررة من الجهات المعنية بشأن تداعيات الإهمال المروري وضعف البنى التحتية.
وقدّر الدفاع المدني السوري أن هذه الحوادث ناجمة عن جملة من الأسباب، أبرزها عدم الالتزام بقواعد السير، والسرعة الزائدة، ورداءة الطرقات التي تعاني من غياب طويل لأعمال الصيانة.
ومنذ بداية العام وحتى 20 نيسان الجاري، استجابت فرق الدفاع المدني لـ 726 حادث سير في مناطق متفرقة من البلاد، أسفرت عن وفاة 46 مدنياً، بينهم طفل و4 نساء، وإصابة 667 مدنياً، بينهم 135 طفلاً و77 امرأة، بجروح متفاوتة، منها ما وُصف بالبليغ.
وأشارت إحصاءات الدفاع المدني إلى أن 31% من الحوادث وقعت بسبب السرعة الزائدة، فيما توزعت النسبة المتبقية على أسباب مثل الأعطال الفنية المفاجئة، وضيق الطرقات، وسوء حالتها، إضافة إلى ظاهرة قيادة الأطفال للمركبات وسلوكيات القيادة الخاطئة.
وفي مناطق شمال وشرق سوريا، كشفت المديرية العامة للمرور التابعة لـ"الإدارة الذاتية" الذراع المدنية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) عن إحصائية الثلث الأول من العام، سجلت خلالها 1,241 حادث سير، بينها 51 حادثاً مميتاً، أدت إلى 82 وفاة و673 إصابة، فيما تسببت باقي الحوادث بأضرار مادية فقط.
وفيما يخص المخالفات، بلغ عددها أكثر من 84,655 مخالفة مرورية، بينها 3,585 مخالفة سرعة، و1,842 دراجة نارية مخالفة، إضافة إلى 665 رخصة قيادة تم سحبها. كما افتُتحت 43 دورة تدريبية للقيادة، وبلغ عدد الرخص الموزعة 22,234 رخصة حتى نهاية نيسان.
واختتمت المديرية بيانها بتوجيه سلسلة من التوصيات للمواطنين، دعت فيها إلى الالتزام الصارم بقوانين السير، والتأكد من سلامة المركبات، وتجنب القيادة دون ترخيص قانوني، مشددة على استمرار جهودها لضبط المرور وتحقيق بيئة آمنة على الطرقات.
هذا وتعكس هذه الأرقام اتساع أزمة السلامة المرورية في سوريا، وسط حاجة ملحة إلى تطوير البنية التحتية، وتكثيف حملات التوعية، وتطبيق القوانين بحزم للحد من الخسائر البشرية والمادية المتفاقمة.
كشف محللون في تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، عن أن دعم إسرائيل للطائفة الدرزية في سوريا، رغم تبريره جزئيًا بالضغوط السياسية الداخلية، يهدف في الأساس إلى تحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى تركز على إضعاف سوريا المجاورة.
في ظل الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، كثّفت إسرائيل ضرباتها العسكرية على سوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وبحسب تقرير الوكالة، تواصل إسرائيل تهديداتها بالتدخل العسكري في سوريا، مشيرة إلى أن الوضع الطائفي المتأزم داخل البلاد، خاصةً في مارس 2025، دفعها للتهديد بحماية الطائفة الدرزية.
في 3 مايو 2025، وفي سياق الاشتباكات المتجددة في سوريا، شنّت إسرائيل غارة جوية على محيط القصر الرئاسي في دمشق، مؤكدة أن الرسالة الموجهة للنظام السوري هي "عدم السماح بتهديد الطائفة الدرزية أو نشر قوات جنوب دمشق". رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أشار إلى أن إسرائيل لن تتهاون في ضمان حماية الدروز في سوريا.
وعن مواقف المسؤولين الإسرائيليين، علق جيرار آرو، السفير الفرنسي السابق، قائلاً عبر منصة "إكس": "إسرائيل التي تغاضت عن المجازر في الحرب الأهلية السورية، تُؤجّج النزاعات الطائفية في المنطقة". من جانبه، دعا وزير المالية الإسرائيلي وعضو اليمين المتطرف، بتسلئيل سموطريتش، إلى تفكيك سوريا، مشيرًا إلى أن الحرب ستنتهي فقط بعد هزيمة حزب الله وإزالة التهديد الإيراني.
وتعتبر إسرائيل، بحسب تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن حماية الأقليات في سوريا ضرورة استراتيجية، لاسيما تلك الطائفة التي تعتبرها إسرائيل "إخوتها في الدم". إسرائيل تدعو إلى تقسيم سوريا إلى كيانات متعددة على أسس طائفية وعرقية، حيث يتزعم ساعر الدعوة إلى "حكم ذاتي درزي" في جنوب غرب سوريا.
من ناحية أخرى، يشير الخبراء إلى أن السياسة الإسرائيلية تجاه الطائفة الدرزية تمثل خطوة لتوسيع نفوذها في المنطقة. إذ تتخوف إسرائيل من تصاعد التوترات الطائفية في سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد، وتسعى إلى استخدام هذه الأقلية لزيادة حضورها الاستراتيجي في المنطقة.
في هذا السياق، يعتبر الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، إفرايم عنبار، أن إسرائيل تشعر بأنها "مدينة" للطائفة الدرزية لدورها الكبير في الجيش الإسرائيلي. لكن الباحث أندرياس كريغ، المحاضر في "كينغز كولدج لندن"، يرى أن إسرائيل لا تتحرك من دافع إنساني، بل تستخدم حماية الدروز كذريعة لتعزيز وجودها العسكري في أجزاء من سوريا.
هذا التحليل يعكس استراتيجية إسرائيل التي تهدف إلى الحفاظ على تأثيرها الإقليمي عبر حماية الأقليات في سوريا في مقابل الأغلبية السنية، مما يعزز من دورها في المنطقة في أعقاب التغيرات السياسية والهيكلية التي تشهدها سوريا.
أعلنت وزارة الطوارئ والكوارث عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة، مع وزارات الزراعة والدفاع والداخلية، بهدف السيطرة على الحرائق المستمرة في أحراج منطقة الربيعة في ريف اللاذقية، والتي اندلعت لليوم الثالث على التوالي.
وفي تصريح لموقع سانا، أوضح معاون وزير الطوارئ والكوارث، الدكتور حسام حلاق، أن فرق الدفاع المدني استجابت للحريق منذ اللحظات الأولى وبدأت في عمليات الإخماد للحد من تمدد النيران. لكنه أشار إلى أن التحديات الكبيرة التي تواجه فرق الإطفاء دفعت إلى تشكيل غرفة العمليات المشتركة، لتوحيد الجهود وتسريع عمليات السيطرة على الحريق.
وأضاف حلاق أن التنسيق مع وزارة الخارجية جارٍ تحسبًا لطلب المساعدة من تركيا في حال امتد الحريق لمساحات أكبر، حيث قد تحتاج العملية إلى دعم جوي بواسطة مروحيات إطفاء، وذلك بسبب تضاريس المنطقة المعقدة. كما أكد أن السفير التركي في دمشق، الدكتور برهان كور أوغلو، أبدى استعداد بلاده لتقديم الدعم.
من جانب آخر، أوضح الدفاع المدني عبر قناته على تلغرام أن فرق الإطفاء التابعة له وفوج إطفاء اللاذقية تواجه صعوبات كبيرة في السيطرة على الحريق المستمر في أحراج منطقة السكرية في جبل التركمان.
وأشار إلى أن طبيعة المنطقة الجغرافية وصعوبة التضاريس، بالإضافة إلى غياب خطوط نيران جاهزة ومصادر المياه القريبة، تجعل عملية السيطرة على النيران أكثر تعقيدًا. على الرغم من هذه التحديات، أكّد الدفاع المدني أن جميع الفرق تعمل بأقصى جهدها للتعامل مع الحريق ومنع امتداده.
وتواصل فرق الإطفاء التابعة للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بالتعاون مع فوج إطفاء اللاذقية، عملها المكثف لإخماد الحريق الكبير الذي اندلع على طريق السكرية في منطقة الربيعة بجبل التركمان في ريف اللاذقية، وتبذل فرق الإطفاء أقصى الجهود لفتح خطوط نيران جديدة بهدف تطويق الحريق ومنع امتداده إلى المناطق السكنية والغابات المحيطة.
ومنذ أكثر 48 ساعة تعمل فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بالتعاون مع فوج إطفاء اللاذقية ودائرة الأحراج في مديرية الزراعة، على الاستجابة لحريق واسع الانتشار منطقة حراجية على طريق السكرية في منطقة الربيعة بجبل التركمان في ريف اللاذقية.
وتمكنت الفرق حتى الساعة 5:30 عصر اليوم الجمعة 9 أيار من السيطرة على أكثر من 50 بالمئة من الحريق، وتعاني الفرق من صعوبة تضاريس المنطقة و عدم وجود خطوط نيران جاهزة للحد من توسع الحريق، وبُعد مصادر التزود بالمياه، وعدم توفر آليات نوعية مجنزرة ما يجعل التدخل أكثر صعوبة.
وتسعى الفرق لاحتواء النيران بشكل مستمر، مع التركيز على حماية الحياة البرية والتنوع البيئي في المنطقة، لاسيما الغابات والمساحات الخضراء. ويشارك في جهود الإطفاء حوالي 50 إطفائيًا من فرق الدفاع المدني السوري، من مديرية الساحل، إلى جانب دعم إضافي من مركزي بداما وجسر الشغور في مديرية الدفاع المدني في إدلب.
على الرغم من هذه الجهود، تواجه فرق الإطفاء العديد من التحديات والصعوبات. فمن جهة، هناك غياب خطوط نيران جاهزة للحد من توسع الحريق، ومن جهة أخرى، تواجه الفرق صعوبة في التنقل في الطبيعة الجبلية الوعرة، مما يعيق حركة الآليات والفرق الميدانية. كما أن المساحات الحراجية الواسعة تسهم في تسارع انتشار النيران، بينما يعاني الدفاع المدني من نقص في الآليات المجنزرة، مما يجعل التدخل أكثر تعقيدًا.
تواجه فرق الدفاع المدني صعوبات كبيرة أثناء محاولاتها لإخماد الحريق بسبب الرياح العاتية والظروف الجغرافية الصعبة في مناطق ريف اللاذقية وطرطوس. ورغم هذه التحديات، تواصل الفرق بذل جهود استثنائية لحماية المدنيين من تهديدات النيران المتزايدة.
ويذكر أن حرائق ضخمة كانت قد اندلعت في مناطق حراجية في ريف مدينة القرداحة يوم الثلاثاء 4 مارس، مما خلق حالة من الخوف والهلع بين آلاف المدنيين الذين كانت النيران تهدد قراهم وبلداتهم. ورغم الصعوبات، استنفرت فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) وعملت لساعات طويلة لإخماد الحرائق، متجاوزة الظروف الجوية القاسية والتضاريس المعقدة.
كانت مؤسسة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) قد أكدت في تقرير موسع لها أن الحرائق التي تجتاح الغابات والحقول في شمال غرب سوريا تشكل تهديدًا مستمرًا على حياة السكان المدنيين، خاصة في المخيمات والمنازل المحيطة بالمناطق الزراعية والغابات. ومع اقتراب فصل الصيف الحار، يتوقع أن تزداد الحرائق بشكل كبير، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية التي تواجهها سوريا.
أكد قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، آفي بلوط، خلال تفقده لواء الأغوار، على أهمية التدريب المستمر والجاهزية التامة في ضوء التغيرات الأمنية التي يشهدها الوضع في المنطقة، مشيرًا إلى تشكيل "فرقة شرقية" لمواجهة التحديات الجديدة.
وفي حديثه أمس الخميس، أوضح بلوط أن الجبهة الشرقية تشهد تحولًا كبيرًا نتيجة تغير التهديدات، وخاصة من الساحة السورية. وأضاف أن هذا التغيير يقتضي تغييرًا في استراتيجيات الجيش الإسرائيلي، قائلاً: "نحن على وشك دخول مرحلة جديدة في الجبهة الشرقية، لأن عدونا تغير والتهديدات تغيرت، ولذلك يجب علينا التكيف مع هذه التغييرات".
كما أشار إلى أن التوجهات الإيجابية التي بدأت بعد عملية "السور الحديدي" ستستمر رغم الحوادث الأخيرة، مؤكدًا على ضرورة "مواجهة المخربين المنفردين بقوة وحسم لإنهاء الاشتباكات بشكل سريع وفعال".
وفي ختام تصريحاته، شدد بلوط على أن الهدف الأساسي للجيش هو مكافحة الإرهاب بطريقة تضمن حياة المدنيين بشكل طبيعي، مع مواصلة العمل لتحقيق هذا الهدف.
وشكل سقوط نظام بشار الأسد، الذي حافظ على الهدوء التام على حدود الجولان السوري المحتل لسنوات طويلة، حالة من الخلل والرعب الأمني لدى دولة الاحتلال التي سارعت لضرب القدرات العسكرية في المرافق العسكرية والكيمائية، بزعم التهديدات الأمنية، في وقت عملت على التوغل في مناطق عدة جنوبي سوريا في جبل الشيخ والقنيطرة ودرعا بزعم تأمين حدودها خوفاً من أي تهديدات أمنية من جهة السلطات الجديدة.
وسبق أن كشفت الصحيفة العبرية "يديعوت أحرونوت" عن إجراء ثلاثة اجتماعات سرية بين ممثلين عن الحكومة السورية وإسرائيل في أبو ظبي، تحت الوساطة الإماراتية، بهدف مناقشة قضايا أمنية واقتصادية حساسة. هذه المحادثات تأتي في وقت حساس، بعد تزايد التوترات بين البلدين وتخوفات من التصعيد الأمني المستمر في المنطقة.
في تقرير نشرته الصحيفة، أوضحت أن اللقاءات عقدت في منزل أحد كبار المسؤولين الإماراتيين في أبو ظبي بين 5 و7 مايو الجاري. خلال هذه الاجتماعات، تم التركيز على غارات الجيش الإسرائيلي في الأراضي السورية، العمليات العسكرية الجارية، وكذلك القضايا الأمنية الأخرى في المنطقة.
ورغم أن وزارة الخارجية الإماراتية نفت رسمياً دورها كوسيط في هذه المحادثات، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن المحادثات تمت بوساطة دولة ثالثة، وهي الإمارات. وأضاف أن الهدف من اللقاءات هو مناقشة مسائل تتعلق بالأمن والاقتصاد، مشيرًا إلى أن الجانب الإسرائيلي لم يتردد في تقديم تقارير أولية حول الاجتماعات، في حين أشاد المسؤولون الإماراتيون بقدرتهم على خلق جو من الهدوء لتسهيل النقاشات.
في السياق ذاته، أكد مسؤول إسرائيلي لم يُذكر اسمه، أن هذه المحادثات كانت غير ملزمة في البداية، وأن الجانبين سيقدمون تقاريرهم إلى رؤسائهم في وقت لاحق. وقال المسؤول إن هذه المفاوضات كانت تجريبية لتقييم مجالات التعاون الممكنة في المستقبل.
وعلى الرغم من الأجواء الهادئة التي سادت هذه الاجتماعات، إلا أن الوفد السوري أبدى قلقه بشأن استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا، مطالبًا بوقفها لإتاحة الفرصة للحكومة السورية الجديدة لترتيب شؤونها الداخلية.
من جهة أخرى، عبر الوفد السوري عن اهتمامه في تقليل التصعيد في العلاقات مع إسرائيل، مشيرين إلى أن سوريا لا مصلحة لها في النزاع مع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل. وأكد الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال الاجتماع، أن سوريا ترغب في بناء علاقات أكثر استقرارًا في المستقبل مع إسرائيل، على الرغم من بعض القضايا العالقة بين البلدين.
ترتكز المحادثات بين الجانبين على القضايا الأمنية الأساسية مثل مكافحة الإرهاب، وتحديد مواقع الأسلحة الكيميائية، إضافة إلى منع استخدام الأراضي السورية ضد إسرائيل. ووفقاً للتقارير، كان هناك تركيز أيضًا على مناقشة دور "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الوضع السوري، وكيفية إدماجها ضمن النظام السوري بطريقة لا تضر بعلاقات سوريا مع تركيا.