عبر وجهاء وأهالي عدة قرى ومدن بريف محافظة إدلب، في بيانات منفصلة، رفضهم القاطع لعودة عناصر شبيحة النظام وعائلاتهم، عقب سقوط النظام، مؤكدين أيضا مسامحتهم على أفعالهم التي ارتكبوها، وأعربوا عن رفضهم الشديد للتصالح معهم بعد الانتهاكات التي قاموا بها خلال سنوات الحرب التي امتدت لـ 14 عاما، فلم يكن أعوان النظام يهتمون إلى فكرة أن أهالي تلك القرى هم أولاد بلدهم وتربطهم قضية انتماء واحدة، ويوجد بينهم خبز وملح.
بيانات لرفض مسامحة الشبيحة
وأصدرت غالبية قرى ريف إدلب بيانات تؤكد على رفضها عودة الشبيحة، جاء فيها أن أنهم قرروا طرد جميع فلول النظام وعوائلهم من تلك القرى والبلدت، وخاصة المتهمين بدماء وسرقة، وأكدوا على القيام بمحاسبتهم بالتنسيق مع إدارة الأمن العام.
وتضيف البيانات، أنه سيتم العمل على متابعة ودراسة كل من كان موجود في تلك القرى أثناء النزوح وبعد حملة عام 2019. فكل من يثبت عليه التعامل مع النظام المخلوع بهدف إضرار الناس أو أرزاقهم، فهو هدف لهم، و سيقومون بالضرب بيد من حديد معه.
وفي مدينة معرة النعمان، وخلال أول يوم في عيد الفطر طرد أهاليها وجود أشخاص يعرف عنهم أنهم ساندوا النظام عند المقبرة، وقبلها أصدر أهالي جسر الشغور بيانا يرفض دخول الشبيحة إلى مدينتهم، وأيضا مدينة طيبة الإمام وقرية المغارة وقرى أخرى.
ممارسات لن تنسى
لم يكن سبب رفض اتباع سياسة التسامح مع أعوان الأسد من باب حقد أو انتقام، وإنما للممارسات التي فعلوها ضد أبناء جلدتهم، كيف سينسى الناس من كان يتعاون مع قوات الأسد يوشي بأبناء بلدته الذين يعملون لصالح الثورة ومؤسساتها،ط كلما قابلوهم بالصدفة في الشارع أو في أي مكان، سيتذكرون أن هذا الشبيح كان السبب بموت ابنهم أو شقيقهم أو أي أحد من ذويهم. لن يغيب عن خاطرهم المعتقل الذي زج في سجون الأسد بسبب تقرير خطته يمين الغدر طالبة الرضى من الأسد وأعوانه.
كما سيتحرك الناس في قراهم ويعيدون بنائها، سوف يتذكرون كيف كان الشبيحة يعطون قوات النظام السابق إحداثيات المنازل والمدارس والمستشفيات وكل الأماكن التي يتجمع الناس فيها، ليساهم في قصفها وتدميرها وقتل أكبر عدد من البشر. من الصعب عليهم أن يعفوا عن الشخص الذي تسبب بعودتهم إلى نقطة الصفر، ومن كان وراء ابتعادهم عن مساقط رؤوسهم سنوات قضوها في بلاد النزوح في المخيمات التي لا تقي حر الصيف ولا ترد برد الشتاء. حتى المقابر لم تنجو من أفعال الكره والتشبيح، إذ قام جنود النظام بكسر شواهد القبور في قرى ثائرة كخان السبل وتل رفعت.
الشبيحة لم يتركوا مجالا للصلح
علاوة على ذلك الشبيحة لم يدعوا بابا مفتوحا للتسامح، فبعد سقوط رأس النظام السابق، واتباع الدولة الجديدة سياسة التسامح بهدف العيش بسلام، تمادى أعوان الأسد، وصاروا يستفزون أهالي قراهم والقرى الأخرى التي ناصرت الثورة، بأنهم نجوا بفعلتهم، وسيعودون لممارسة حياتهم بشكل طبيعي كالسابق، حتى أنهم صاروا يتباهون بحماية الدولة الجديدة لهم.
ففي خلال أسبوع العيد أفسد الشبيحة في قرية كفر سجنة بهجة العيد على الأهالي فيها، إذ هاجموا نسوة وأشخاص كانوا بالقرب من مقبرة البلدة في يوم الخميس الفائت المصادف لـ 4 آذار، لكنهم لم يفلتوا بفعلتهم وقامت قوات الأمن العام بحملة واعتقلتهم.
وفي بلدة إحسم، حصل فعل مشابه، حيث قامت عائلات من الشبيحة النظام البائد التي عادت مؤخرا بالتعدي على الأهالي، علاوة عن خلق حالة من الشحن والخصومة بين العائلات منها المقربة منهم، أو العائلات التي خسرت الشهداء ونالت النصيب الأكبر من القتل والتشبيح على يد هؤلاء أذناب الأسد.
وكانت أثارت عودة شبيحة الأسد وعائلاتهم إلى قراهم وبلداتهم بريف إدلب مع حلول عيد الفطر المبارك، حفيظة الأهالي وأبناء الثورة بشكل عام، مستنكرين عودة من ساهم في قتلهم وتآمر ضدهم لصالح نظام الأسد، مؤكدين رفضهم لهذه الفئة المتورطة بالدماء والتشبيح، لاسيما عقب إثارتهم العديد من أحداث الشغب والفوضى الأمنية، وتعديهم على أبناء تلك المناطق من مبدأ أن الدولة أعطتهم الأمان وهي تحميهم.
كشف مدير قناة "الإخبارية السورية" جميل سرور، في تصريح لوكالة "سانا"، أن العقوبات المفروضة على سوريا، ولا سيما تلك التي تطال الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، تسببت في تأخير انطلاقة القناة عبر الأقمار الصناعية، مشيراً إلى أن عدم حصول القناة على تردد خاص على قمر "نايل سات" حال دون بدء بثها الرسمي في الموعد المقرر.
وأكد سرور أن القناة كانت تعتزم الانطلاق الفضائي في 13 آذار الماضي، تزامناً مع الذكرى الرابعة عشرة لانطلاق الثورة السورية، إلا أن العقوبات حالت دون ذلك، ما دفع بالكادر إلى إطلاق أول بث رسمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي في 29 من الشهر نفسه، استمر لأكثر من خمس ساعات متواصلة.
هوية بصرية سورية وتحديات تقنية
أوضح سرور أن فريق العمل نجح في تصميم هوية بصرية تعبّر عن روح سوريا الجديدة، رغم الصعوبات المرتبطة بضعف الإمكانات التقنية وتهالك الأجهزة المستخدمة، مشيراً إلى جهود الكادر في تطوير المعدات المتوفرة وتجاوز التحديات بقدرات ذاتية.
وبيّن أن جميع أعضاء الفريق الفني والتحريري في القناة هم من الكفاءات السورية، مع الاستعانة بعدد محدود من المستشارين الدوليين للمساهمة في تطوير الأداء وتحسين جودة الإنتاج، مؤكداً أن التوظيف في القناة يعتمد على معايير المهنية والخبرة، مع استبعاد كامل لأي عناصر ارتبطت بانتهاكات أو شاركت في حرب الإبادة التي شنها النظام السابق.
محتوى وطني ومصدر موثوق
وشدد سرور على أن القناة تسعى لتقديم محتوى إخباري حيوي ومهني، يلبي الحاجة المتزايدة إلى مصدر رسمي موثوق في مواجهة موجات التضليل وفوضى الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن القناة ستواكب مختلف المستجدات على الساحة السورية بمنظور وطني يعكس طموحات الدولة في إعادة البناء وتعزيز السيادة.
وأضاف أن القناة ستطرح باقة من البرامج السياسية والمعيشية والاقتصادية التي تسلط الضوء على قضايا المواطن وهمومه اليومية في مختلف المحافظات، إلى جانب فقرات مخصصة لرصد توجهات الرأي العام عبر منصات السوشال ميديا.
تحديات كبيرة تواجه انطلاق القنوات التلفزيونية الرسمية في سوريا عقب التحرير
وسبق أن أكد مدير مكتب العلاقات في وزارة الإعلام السورية، علي الرفاعي، أن تأخر انطلاق القنوات التلفزيونية الرسمية في سوريا بعد تحرير البلاد من النظام البائد يعود إلى عدد من التحديات التقنية والسياسية التي ما زالت تعيق هذه الخطوة.
وأوضح الرفاعي أن أبرز هذه التحديات هو العقوبات المفروضة على الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، التي تمنع البث عبر الأقمار الصناعية مثل "نايل سات"، بالرغم من المحاولات المستمرة لتجاوز هذه العقبات.
تحديات كبيرة في البنية التحتية الإعلامية
ولفت الرفاعي إلى أن المؤسسات الإعلامية السورية تعاني من تهالك المعدات القديمة التي باتت غير صالحة للعمل، فضلاً عن الاعتماد على نظام تشغيل قديم. كما أضاف أن تراجع الكوادر البشرية في هذه المؤسسات هو نتيجة سنوات طويلة من الفساد والمحسوبيات التي أثرت بشكل كبير على مستوى العمل الإعلامي.
صعوبة إطلاق القنوات في بيئة مدمرة
وأوضح الرفاعي أن انطلاق قناة تلفزيونية جديدة يتطلب على الأقل عاماً من التحضيرات، حتى في الظروف الطبيعية، فما بالك في بيئة إعلامية دمرها النظام السابق الذي كان يفرض قيودًا شديدة على العمل الإعلامي.
"الإخبارية السورية" في انتظار البث الرسمي
أما بالنسبة لقناة "الإخبارية السورية"، فقد أكد الرفاعي أنها تبث بشكل يومي تحت الهواء منذ بداية شهر مارس/آذار الجاري. وأوضح أن القناة باتت جاهزة للبث الرسمي بمجرد حل مشكلة التردد على "نايل سات" ورفع الحظر التقني المفروض عليها.
الاستعدادات النهائية للانطلاق الرسمي
أضاف الرفاعي أن القناة قد أكملت استعداداتها اللازمة للانطلاق الرسمي، حيث تم تجهيز استوديوهات حديثة، وتدريب مذيعين محترفين، ووضع سياسة تحريرية جديدة تعبر عن تطلعات السوريين وتواكب التحولات الجديدة في البلاد.
وتستمر جهود وزارة الإعلام السورية في تذليل العقبات التي تواجه المؤسسات الإعلامية، بهدف استعادة دور الإعلام الرسمي في سوريا وتوفير قناة تواصل فعالة مع الجمهور السوري بعد سنوات من التدمير والانغلاق الإعلامي.
أعلنت "خفر السواحل السورية"، اليوم السبت 5 آذار 2025، ضبط قارب في المياه الإقليمية وعلى متنه أكثر من 30 مدنياً أثناء محاولتهم مغادرة البلاد بطريقة غير شرعية إلى إحدى الدول المجاورة.
هذه الواقعة هي الثانية التي تسجل عقب سقوط نظام بشار الأسد، وبدء المهاجرين الطامحين بالسفر إلى أوروبا الانطلاق من السواحل السورية مباشرة، إذ سبق أن غادر قارب يحمل مهاجرين سوريين من السواحل السورية باتجاه قبرص، لكنه تعرض لحادث وغرق قبل وصوله الجزيرة.
وكانت أطلقت السلطات القبرصية عملية بحث وإنقاذ قبالة سواحلها بعد انقلاب قارب كان يحمل 21 مهاجراً غير شرعيين، والذي يعتقد أنه أبحر من مدينة طرطوس السورية، في محاولتهم الوصول إلى قبرص.
ووفق التلفزيون الرسمي القبرصي، تم انتشال جثث سبعة أشخاص على الأقل، بينما لا يزال عدد من الأشخاص في عداد المفقودين، وتم انتشال شخصين على قيد الحياة من مياه دولية على بعد حوالي 30 ميلاً بحرياً (55.5 كم) جنوب شرق قبرص.
وذكر مركز التنسيق القبرصي للبحث والإنقاذ أن عملية البحث مستمرة، فيما تم إرسال العديد من الوسائل البحرية والجوية لتنسيق عملية الإنقاذ، دون الإشارة إلى وقوع ضحايا آخرين.
وسبق أن طردت السلطات القبرصية المئات من طالبي اللجوء السوريين بشكل جماعي دون السماح لهم بالوصول إلى إجراءات اللجوء، وأجبرتهم على ركوب سفن سافرت بهم مباشرة إلى لبنان. قال الأشخاص المُبعدون إن عناصر الجيش اللبناني سلموهم مباشرة إلى جنود سوريين ومسلحين مجهولين داخل سوريا.
وكانت أكدت "كورينا دروسيوتو" منسقة مجلس اللاجئين القبرصي، أن السلطات القبرصية تدفع المزيد من المهاجرين، بمن فيهم السوريون، نحو المنطقة العازلة بين شقي الجزيرة، وذكرت مصادر أن أكثر من 80 مهاجراً، ما زالوا عالقين بالمنطقة العازلة، بعد أن صدتهم الشرطة وأعادتهم إلى خيامهم عندما حاولوا العبور إلى الجزء الجنوبي من الجزيرة.
وأضافت المسؤولة القبرصية: "لا توجد معايير واضحة للمهاجرين الذين يتم إرسالهم إلى المنطقة العازلة. حاولنا فهم الآليات التي تقوم السلطات على أساسها باختيار هؤلاء المهاجرين، لكننا لم نصل إلى الإجابة".
ولفتت إلى أن السلطات القبرصية دفعت مؤخراً لاجئين سورييين وأفغان، وعائلات فلسطينية من غزة وأخرى صومالية، رغم أن هؤلاء لهم الحق في اللجوء، واعتبرت أن الحل الوحيد يتمثل في قبول طلبات لجوء هؤلاء الأشخاص، لأنهم عالقون في المنطقة العازلة، ولن يتمكنوا من العودة إلى شمال قبرص (التركية)، خوفاً من اعتقالهم.
وجزيرة قبرص مقسمة الى قسمين، القسم الشمالي غالبيته من الأتراك والجنوبي من اليونان، لذلك يطلق على كل قسم للأغلبية التي تعيش فيه (قبرص التركية وقبرص اليونانية)، ومن يقوم بإرسال اللاجئين الى المنطقة العازلة هي الأخيرة التي ترفض استقبال المزيد من اللاجئين.
وسبق أن اعتبرت الحكومة القبرصية، في بيان لها، أن دعوات الأمم المتحدة لوقف إرسال اللاجئين نحو المنطقة العازلة بين شطري الجزيرة، "غير مفيدة" ولن تساهم في معالجة القضية، ولفتت إلى أن وزارة الهجرة ملتزمة بواجباتها الدولية.
وقالت الحكومة، إن تركيا تعتبر دولة آمنة لأغراض اللجوء، وليس على قبرص أن تتحمل إغفالات تركيا عن المهاجرين غير الشرعيين، الواصلين منها إلى الجزيرة، وحضرت صحيفة قبرصية من أن الموقف يؤدي إلى تدهور في العلاقات مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ورأت صحيفة "بريد قبرص"، أن موقف الحكومة الأولي بشأن المهاجرين العالقين في المنطقة العازلة بين قبرص وقبرص التركية، "مبرراً"، لكن لا يمكن الدفاع عنه مع مرور الوقت، وبينت الصحيفة أن الجهود الدبلوماسية المبذولة لحل المسألة لم تسفر عن أي نتيجة، متسائلة ما إذا كانت الحكومة تتوقع من قوات حفظ السلام إقامة الخيام وتوفير الطعام لمائة مهاجر تقطعت بهم السبل في المنطقة العازلة.
وسبق أن تحدثت مصادر أمنية لبنانية، عن تراجع وتيرة هجرة السوريين من شواطئ شمال لبنان نحو قبرص وأوروبا، إلى أدنى حدودها حالياً، مقارنة مع صيف العام الماضي، مرجعة ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها قبرص قبالة الساحل اللبناني، وعمليات المنع والتصدي لعبور قوارب المهاجرين السوريين نحو شاطئها.
تستعد إسرائيل خلال الأيام المقبلة لتنظيم زيارات دينية لليهود المتدينين إلى منطقة وادي اليرموك جنوب سوريا، وذلك بالتزامن مع بدء عيد الفصح اليهودي، وسط إجراءات عسكرية مشددة على الأرض، شملت منع سكان القرى السورية المجاورة من دخول المنطقة أو التنقل في محيطها.
وقالت مصادر محلية في بلدة كويا بريف درعا الجنوبي الغربي إن قوات الاحتلال الإسرائيلي فرضت طوقًا أمنيًا على الممرات المؤدية إلى الوادي، وأجرت استنفارًا ميدانيًا غير مسبوق، في خطوة تأتي قبيل نقل مجموعات من المتدينين اليهود إلى المواقع القريبة من مجرى النهر، لأداء طقوس دينية يُعتقد ارتباطها بروايات توراتية قديمة.
وذكرت مصادر متابعة أن الزيارات لم تبدأ بعد، لكنها متوقعة خلال يومين، بالتزامن مع ذروة الاحتفال بعيد الفصح الذي يستمر هذا العام حتى الأسبوع المقبل، في خطوة غير مسبوقة تهدف – بحسب مراقبين – إلى فرض رمزية دينية على المنطقة وربطها بما يُعرف في النصوص اليهودية بـ”أرض باشان”.
وفي إجراء لافت، ألقت الطائرات الإسرائيلية منشورات تحذيرية فوق بلدة كويا، دعت فيها السكان إلى الامتناع عن التجول في محيط القرية، ومنعت بشكل خاص عبور الطريق المؤدي إلى وادي اليرموك. وورد في المنشور:
“بعد ما حدث في قريتكم، ممنوع عليكم التجول مسلحين في منطقة القرية وما حولها، وممنوع عبور طريق الوادي/الشريعة… نحذّركم، يجب عليكم اتباع التعليمات للحفاظ على النظام”.
وأرفقت المنشورات بخريطة جوية ملوّنة تُظهر المناطق المحظورة والممرات التي تم وضع إشارة “X” عليها، والتي تقود مباشرة إلى حوض اليرموك، حيث يُتوقع أن تتم الزيارات الدينية لليهود المتدينين.
وتربط الرواية التوراتية بين منطقة وادي اليرموك وما يُعرف بـ”باشان”، وهي منطقة وردت في العهد القديم كموقع لمملكة “عوج” العمورية، ويُقال إنها كانت تمتد من جبل الشيخ والجولان إلى حدود نهر الأردن جنوبًا، وتشمل أراضي وادي اليرموك.
ويرى مراقبون أن إسرائيل تستخدم هذه الرمزية الدينية كذريعة لفرض وقائع ميدانية جديدة، خاصة في ظل الفراغ السياسي والعسكري الذي خلفه انهيار النظام السوري جنوب البلاد، ما يمهّد الطريق لتحركات من هذا النوع دون رادع دولي أو إقليمي.
وأبدى سكان المنطقة خشيتهم من أن يكون منع الوصول إلى الوادي مقدّمة لتحويله إلى منطقة عسكرية مغلقة أو مزار ديني محاط بالحراسة الدائمة، كما جرى في عدد من المواقع الأخرى في الضفة الغربية والقدس، حيث بدأت السيطرة بذريعة “الزيارات الدينية” وانتهت بإغلاق تام أو تحويل المنطقة إلى مستوطنة.
وتقع بلدة كويا في أقصى جنوب محافظة درعا، قرب مثلث الحدود السورية الأردنية والجولان المحتل، وتُعد منطقة استراتيجية لطالما شهدت توترات بين القوات الإسرائيلية وسكان البلدة.
وكانت البلدة قد شهدت في 25 آذار/مارس تصعيدًا غير مسبوق حين قصفت قوات الاحتلال الأحياء السكنية في كويا بالدبابات والمدفعية والرشاشات، ما أدى إلى استشهاد 6 مدنيين بينهم نساء وأطفال، وإصابة العشرات بجروح متفاوتة، وسط حالة إنسانية متدهورة.
وشهدت البلدة آنذاك توغلًا بريًا لقوات الاحتلال واشتباكات متفرقة مع الأهالي الذين تصدوا لمحاولة اقتحام بيوتهم. وشدد الأهالي في إفاداتهم على أن الاحتلال هو من بدأ الهجوم، وليس العكس كما زعمت وسائل إعلام إسرائيلية.
وتحولت هذه المواجهات إلى ما وصفه ناشطون بـ“نواة مقاومة شعبية”، بعد أن أقدم عدد من شبان البلدة على صد دورية إسرائيلية حاولت اقتحام المنطقة بالقوة، ما دفع الاحتلال إلى قصف البلدة بشكل عشوائي، مخلّفًا أضرارًا كبيرة في المنازل والبنية التحتية.
كشف فريق الرصد والتوثيق في "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، عن مقتل 252 طفلاً فلسطينياً داخل الأراضي السورية، وذلك بالتزامن مع إحياء يوم الطفل الفلسطيني، مشيرةً إلى أن تلك الوفيات نتجت عن ظروف مأساوية متباينة، كان أبرزها القصف والعنف المسلح والإهمال الطبي.
ضحايا القصف والحصار
أوضحت المجموعة أن 129 طفلاً لقوا حتفهم جراء القصف المباشر الذي نفذته قوات النظام السوري البائد، فيما سقط 15 طفلاً برصاص القناصة، و11 طفلاً قضوا إثر طلق ناري مباشر، في حين تسبب الحصار ونقص الرعاية الصحية بوفاة 34 طفلاً آخرين.
ظروف قاسية ومتعددة
وسجل الفريق الحقوقي أيضاً وفاة 12 طفلاً في ظروف شديدة القسوة، شملت حالات حرق واختناق ودهس وخطف أعقبه القتل، بينما فقد طفل واحد حياته في ظروف لا تزال غامضة حتى الآن. كما وثّقت المجموعة مقتل طفلين تحت التعذيب داخل معتقلات النظام، وفقاً لإفادات من ذويهم، دون تسليم جثامينهم أو تقديم ما يثبت رسمياً وفاتهم.
ضحايا الغرق والمفخخات
وأشارت الإحصائية إلى مصرع 22 طفلاً غرقاً خلال محاولات هروب أو نزوح، في حين قضى 26 طفلاً في تفجيرات ناجمة عن سيارات مفخخة ضربت مناطق مختلفة في سوريا، ولفتت "مجموعة العمل" إلى أن العدد الحقيقي للضحايا من الأطفال الفلسطينيين قد يفوق المعلن، وذلك بسبب التحديات الكبيرة في عمليات التوثيق، خاصة في ظل القبضة الأمنية التي فرضها النظام السوري البائد على أهالي الضحايا والناشطين.
خلفية حقوقية وإنسانية
وأشارت إلى أن عدد الضحايا من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، منذ بداية الصراع وحتى اليوم، بلغ 4294 لاجئاً، وفقاً لإحصائيات "مجموعة العمل"، رغم مصادقة الحكومة السورية على اتفاقية حقوق الطفل لعام 1990 والبروتوكولات الملحقة بها.
تقرير لـ "الشبكة السورية" يوثق حصائل 14 عاماً في سوريا
وكانت أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، بياناً بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لانطلاق الثورة السورية في آذار/مارس 2011 بعنوان "الشعب السوري ماضٍ نحو تحقيق تطلعاته"، مشيرة إلى أنَّ ما لا يقل عن 234,145 مدنياً قتلوا، و177,021 شخصاً لا يزالون قيد الاختفاء القسري، إضافة إلى دمار هائل في البنى التحتية منذ آذار/مارس 2011.
وثّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان منذ آذار/مارس 2011 حتى آذار/مارس 2025 مقتل 234,145 مدنياً، بينهم 202,012 مدنياً قتلوا على يد قوات نظام بشار الأسد، و32,133 مدنياً قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة الأخرى.
ضحايا القتل من الأطفال والنساء:
وثقت الشبكة مقتل 30,498 طفلاً قتلوا في سوريا، بينهم 23,132 طفلاً قتلوا على يد قوات نظام الأسد، و7,366 طفلاً قتلوا على يد أطراف النزاع الأخرى، كما وثق مقتل 16,659 سيدة (أنثى بالغة) قُتلن منذ آذار/مارس 2011 حتى آذار/مارس 2025، بينهم 12,037 سيدة قُتلن على يد قوات نظام الأسد، و4,622 سيدة قُتلن على يد أطراف النزاع الأخرى.
ضحايا الطواقم الطبية والإعلامية:
وثق تقرير الشبكة السورية، مقتل 921 من الطواقم الطبية قُتلوا، بينهم 662 على يد قوات نظام الأسد، و259 قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة الأخرى، وثقت الشبكة مقتل 724 فرداً من الطواقم الإعلامية قتلوا، بينهم 559 قُتلوا على يد قوات نظام بشار الأسد، و165 قُتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة الأخرى.
- الضحايا بسبب التعذيب:
سجلت الشكبة مقتل 45,332 شخصاً تحت التعذيب، بينهم 225 طفلاً و116 سيدة، 45,031 منهم قتلوا على يد قوات نظام الأسد، و301 قتلوا على يد أطراف النزاع الأخرى، وأكدت الشَّبكة أنَّ ضحايا التعذيب يبقون في عداد المختفين قسرياً طالما لم تُسلَّم جثامينهم لعائلاتهم، حيث يتم تحديدهم كضحايا للتعذيب بناءً على شهادات ناجين، ووثائق أمنية مسرّبة، وإفادات العائلات.
التوصيات:
وأوصى البيان بمجموعة من الخطوات العملية التي لابد من اتخاذها في ظل المرحلة الانتقالية لضمان نجاحها وتحقيق استقرار مستدام من بينها، تعزيز عمل الحكومة الانتقالية وتمكينها سياسياً واقتصادياً، وتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، والتطبيق الفعّال للإعلان الدستوري والتمهيد لدستور دائم، وإصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية لتحقيق سيادة القانون.
كذلك شددت الشبكة في توصياتها على ضرورة تعزيز المصالحة الوطنية وإعادة بناء النسيج الاجتماعي، ووضع خطة اقتصادية شاملة لدعم التنمية ومحاربة الفساد، ودعم عودة المهجرين وتأمين بيئة آمنة لهم، وتعزيز الأمن والاستقرار وبناء جيش وطني وقوات أمنية مهنية، وتعزيز العلاقات الدولية والإقليمية لدعم المرحلة الانتقالية، وإشراك المجتمع المدني والشباب والنساء في عملية إعادة البناء.
طالب المتحدث باسم المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS)، فيصل يوسف، الحكومة السورية الجديدة بضرورة الانفتاح على حوار جاد وشامل مع القوى السياسية الكردية، محذراً من أن استمرار سياسة الإقصاء الممنهج قد يعيد البلاد إلى دوامة التوترات والاحتقان، التي كانت سبباً رئيسياً في العنف والفوضى خلال السنوات الماضية.
وأكد يوسف، في تصريح لموقع "باسنيوز"، أن "تعيين وزراء كورد في الحكومة يُعد أمراً طبيعياً بالنظر إلى أن الكورد يشكّلون ثاني أكبر مكون سكاني في البلاد"، لكنه شدد في المقابل على أن الشراكة يجب أن تكون حقيقية وجوهرية، تقوم على الاعتراف الكامل بالحقوق القومية للكورد، لا مجرد تمثيل شكلي لإرضاء جهات معينة.
واعتبر المتحدث باسم ENKS أن التغيرات الجارية حالياً في سوريا لا ترقى إلى مستوى الطموحات والآمال التي يتطلع إليها السوريون بمختلف مكوناتهم، مشيراً إلى أن غياب التمثيل المتوازن واستبعاد مكونات رئيسية مثل الكورد لن يؤدي سوى إلى تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي أكثر.
وأشار يوسف إلى أن الإعلان الدستوري لم يتضمن أي بنود تضمن الحقوق القومية أو الثقافية والسياسية للكورد، واصفاً ذلك بـ"الأمر المقلق والمثير للحيرة"، مطالباً بضرورة معالجة هذا الغياب الدستوري في المرحلة القادمة.
وأكد أن إشراك الكورد في العملية السياسية بشكل فاعل واعتبارهم شريكاً أساسياً سيعزز من فرص التفاهم الوطني، ويضع أسساً جديدة لشراكة حقيقية تتجاوز منطق الأغلبية والأقلية، وتؤسس لعدالة شاملة بين جميع أبناء الوطن.
وقال يوسف: "كان للكورد دور بارز في إعادة إعمار سوريا في مراحل مختلفة من تاريخها، وحان الوقت للاعتراف بهذا الدور"، مشدداً على أن تكرار أخطاء نظام البعث السابق يجب أن يكون خطاً أحمر لا يُسمح بتجاوزه.
وفي ختام تصريحه، دعا فيصل يوسف الحكومة إلى الشروع في حوار سياسي حقيقي مع القوى الكوردية، مؤكداً أن المجلس الوطني الكوردي سيواصل جهوده في هذا الاتجاه من أجل إيصال صوت الكورد ونيل حقوقهم المشروعة، على قاعدة أن سوريا وطن لجميع أبنائها، وكل مكوناته عانت من سياسات النظام السابق الاستبدادية.
"المجلس الوطني الكردي" يعلن عدم مشاركته في مراسم إعلان الحكومة الانتقالية بسوريا
أكد "فيصل يوسف" المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني الكردي في سوريا، في تصريحات لقناة “WELAT TV” يوم الخميس 27 آذار 2025، أن المجلس لن يشارك في مراسم إعلان الحكومة الانتقالية المزمع إعلانها قريباً، رغم تلقيه دعوة رسمية للحضور.
وأوضح يوسف أن السبب في قرار عدم المشاركة هو عدم تواصل الإدارة الجديدة مع المجلس حول تشكيل الحكومة أو التشاور معه في هذا الشأن، ولفت إلى أن المجلس لا يرى فائدة من حضور المراسم، حيث يهمه بشكل أكبر تحقيق مطالب الشعب الكردي وضمان حقوقه، وليس مجرد المشاركة في الحضور الرمزي.
موقف المجلس الوطني الكوردي من الحكومة الانتقالية
وأضاف يوسف أن "القوى السياسية الكوردية هي الممثل والمدافع عن الشعب الكردي وحقوقه، ولا مصلحة لنا في حضور مراسم الإعلان بقدر ما يهمنا تحقيق مطالب شعبنا وضمانها". وتابع: "كنا نأمل من الإدارة الجديدة أن تعي مطالب الشعب الكردي الذي يمثل ثاني أكبر قومية في البلاد، وتعترف بحقوقه وتكون شريكاً لها في بناء سوريا".
التوجهات بشأن وزراء كورد في الحكومة الجديدة
وبشأن ما تم تداوله حول وجود وزراء كورد في الحكومة الانتقالية، أوضح يوسف أن المجلس الوطني الكردي لم يتم التواصل معه للمشاركة في الحكومة الجديدة، ولم يتم التباحث حول القاعدة التي سيبنى عليها انضمام أي طرف كردي.
ولفت إلى أن سياسات الإدارة الجديدة تجاه الشعب الكردي والأطراف السياسية الكوردية قد نسفت أي قاعدة للتعاون المشترك، ما يجعل المشاركة في حكومة جديدة غير مجدية إذا لم يتم ضمان تمثيل حقيقي لمطالب الشعب الكوردي.
موقف الأطراف الكوردية من تشكيل الحكومة
فيما يخص الموقف الكردي من تشكيلة الحكومة، قال يوسف: "ما يهم الشعب الكردي هو من يمثله حق التمثيل ويدافع عن حقوقه المشروعة. لا يهم وجود عدة أشخاص كرد في الحكومة كما كان في زمن النظام السابق".
وأضاف: "يجب أن يكون ممثلو الشعب الكردي في الحكومة الجديدة محل ثقة لدينا، ولا يهم اللون والانتماء بحد ذاته، وعلى الإدارة الجديدة أن تكون ضامنة ومؤمنة بحقوق الشعب الكوردي كمكون أساسي من مكونات الشعب السوري".
الاتفاق الكردي ومبادرات الوحدة
وعن الاتفاق الكردي، أشار يوسف إلى أن المجلس الوطني الكردي ملتزم بمبادئه منذ البداية، وأنه يسعى لتحقيق وحدة الصف الكردي والموقف المشترك. وقال: "منذ بدأنا مباحثاتنا مع حزب الـ (PYD) برعاية الأمريكان، ونحن مع وحدة الموقف الكردي والرؤية المشتركة، وقد حاولنا تحقيق الكثير في عام 2020 لكن ذلك لم يتم بسبب أطراف أخرى".
وأضاف: "اليوم وبعد سقوط النظام وعودة الحوار الكردي - الكردي برعاية الرئيس مسعود بارزاني، استطعنا تحقيق خطوات إيجابية والمضي نحو التفاهم، ونحن بانتظار الجانب الآخر ليعلمنا باتفاق أطرافه على رؤية موحدة وإعلامنا بها لنمضي سوياً نحو الجلوس معاً وإعلان الاتفاق بيننا".
التعاون مع الأحزاب الكردية الأخرى
ختامًا، أكد يوسف أن هناك تنسيقاً إيجابيًا بين المجلس الوطني الكردي وحزب الـ (PYD)، قائلاً: "ليست هناك أي مشاكل بيننا وبين باقي الأحزاب الكوردية، ونحن نعتبرهم أصدقاءنا. نأمل أن نصل إلى تفاهم شامل يعكس إرادة الشعب الكوردي، وإذا تم الاتفاق بيننا، فسوف نعلنه بشكل علني ورسمي".
أثبت سيدات واجهن ظروف قاسية خلال الحرب الممتدة لـ 14 عاما قدرة المرأة السورية على مواجهة الصعوبات والتكيف معها. لاسيما أنهن تمكن من تأمين الجو العائلي المناسب الأسرة، وتأدية مهام الأم وربة المنزل على أكمل وجه. مع أن جملة من العقبات اصطدمن بها بعد النزوح.
وبسبب القصف اضطرت عشرات النساء للانتقال من مكان عيشها إلى مكان مختلف عنه. فالعديد من العائلات عند وصولها إلى بلاد النزوح لم يكن معها مالا يمكنها من شراء منزل كالذي كانوا يعيشون فيه، كما أنهم خرجوا من القرى ومعهم بعض الأشياء البسيطة، تاركين خلفهم أثاث المنزل، والمعدات المنزلية والفرش وغيرها. إذ لم يخطر على بالهم سقوط القرى تحت سيطرة نظام الأسد السابق، الذي سلبت قواته فيما بعد ممتلكات المدنيين وأشيائهم.
ليضطر الناس للعيش في أماكن تفتقر لأدنى عوامل الحياة، ويتنازلون عن الكثير من المظاهر التي كانوا يعيشونها في السابق، وصار الاهتمام يقتصر على تأمين الطعام والشراب والتدفئة والدواء وغيرها من الاحتياجات الأساسية. وبحسب ما صرح به رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني لـ الجزيرة نت في تقارير سابقة، فإن حوالي مليوني نازح يعيشون في أكثر من 1500 مخيم وموقع غير رسمي في شمال غرب سوريا. وتفتقر 87% من المخيمات غير الرسمية لأدنى مقومات الاستقرار، كما أن 79% من المخيمات تكتظ بالنازحين، 80 بالمئة منهم نساء وأطفال.
وتعد النساء اللواتي سكن في المخيمات، أكثر فئة واجهت مصاعب خلال الحياة اليومية، خاصة اللواتي أقمن في خيم قماشية أو غرف مسقوفة بعازل وصغيرة مقارنة بالمنازل السابقة التي عشن فيها قبل النزوح ومع عدد أفراد الأسرة. لتفقد المرأة راحتها بالتنقل كما يحلو لها في أرجاء ما يمكن اعتباره منزلا أو مكان العيش.
فتغيرت حياة أولئك النسوة كثيرا، ففي السابق كان الروتين اليومي لأغلبهن الاستيقاظ باكرا، ثم إعداد الفطور للأولاد وتجهيزهم للمدرسة، وبعد ذهابهم تنظف المنزل وتحضر الغذاء، كل تلك الأعمال كانت تؤدى بيسر لأن المنازل مزودة بالكهرباء والمعدات التي تحتاجها المرأة بتأدية واجباتها اليومية موجودة. لم تتخيل السيدة يوما أنها ستترك منزلها مكرهة وتصبح أغراض منزلها حلم.
فصار قسم منهن يغسل الملابس على اليدين بسبب عدم وجود غسالة كهربائية وانعدام المعدات التي تولد كهرباء أو طاقة شمسية لتشغيلها، لتمضي السيدة كل يومها وهي تنقع الغسيل وتفركه وتعصره وتنشفه. كما افتقدت نسوة للغاز والفرن بعد أن أصبحن يطهين الطعام ويسخن المياه على "الدفية". عدا عن حرمانها من أن يكون لديها مطبخ واسع يضم كل ما تحتاجه لتلبية احتياجات الأسرة، تتحرك فيه براحتها وترتب الأشياء كما يحلو لها. وبدلا من ذلك اضطرت لوضع الأواني المنزلية في الخيمة مخصصة ضمن مكان صغير بالكاد يساعدها على إتمام عملها.
كما انحرمت سيدات من الخصوصية، بسبب طبيعة المخيمات المزدحمة، وقرب كل خيمة أو منزل من أخر، فلم يعد بإمكانها رفع الحجاب عن رأسها، لتبقى بالملابس الفضفاضة طوال اليوم حتى في ظل الحر الشديد، حتى أنه لم يعد بمقدورها ارتداء الثياب التي تحب بسبب طبيعة الخيمة التي من الممكن بأي لحظة أن يطرق بابها، والذي لا يمكن إغلاقه في فصل الصيف بسبب الحر الشديد. عدا عن تعرض الخيم لحوادث الغرق في الشتاء، والاحتراق في الصيف، فكانت النساء المتضرر الأكبر في هذه الحالات.
ومع ذلك لم تتكيف النساء مع الظروف فحسب، بل تحدتها، فنجد نساء كثر حولن خيمهن من مكان بائس وحزين تفوح منه رائحة الفقد والنزوح والحرب إلى أخر يضج بالبهجة والضحك. فزين الخيم المخصصة لهن ورتبنها بطريقة جميلة، فنجد داخل خيم الأغطية والفرش موضوع فوق بعضها البعض ومغطاة بشرشف ملون، والورود الاصطناعية موضوع على امتداد جدران الخيمة ومرفقة بأشرطة الزينة الملونة.
كما زرعت سيدات بجانب الخيم وورودا. ليعطي للمكان جمالية مثل: الحبق، القرنفل، الياسمين، عطر الليل، الورد الجوري، وغيرها من النباتات. ذلك ساهم في تحسين الحالة النفسية لأهل البيت. ووجدت النسوة بالزراعة طريقة لتوفير احتياجات المنزل من الخضار، فزرع منهن الخس والباذنجان والبندورة والبصل الأخضر، والفجل بالقرب من المنزل.
أعرب المحامي السوري "عارف الشعال" عن استنكاره الشديد لما ورد في بيان مصور ألقاه المحامي عيسى إبراهيم، حفيد الشيخ صالح العلي، عبر صفحته في "فيسبوك"، والذي زعم أنه صادر عن ممثلين للطائفة العلوية في سوريا، ووجه خلاله دعوة إلى المجتمع الدولي لإجراء استفتاء بإشراف دولي لتقرير المصير للعلويين في مناطقهم، وصولاً إلى إقامة كيان "عصري" قائم على "العلمانية والديمقراطية والمواطنة".
وفي تعليق مفصل على البيان، قال الشعال إن إطلاقه من قبل رجل قانون ومعارض للنظام السابق، ويتمتع برمزية تاريخية، يفرض ضرورة التوقف عنده وتفنيد ما جاء فيه من مغالطات ومخاطر على السلم الأهلي.
"بيان جبان ومجهولو التوقيع"
واعتبر الشعال أن البيان "جبان"، إذ جاء من دون توقيع صريح من أية جهة واضحة، بل جرى الاكتفاء بإلقائه من قبل شخص واحد دون إعلان أسماء من يقفون خلفه، وهو ما اعتبره دليلاً على إدراك أصحابه لخطورة ما اقترفوه.
"طرح انفصالي يتجاهل الواقع الديمغرافي"
وانتقد الشعال ما ورد في البيان بشأن مزاعم تمركز الغالبية العلوية في مناطق الساحل وحمص والريف الغربي، متسائلًا: "في حال تم فرض استفتاء وأُسست دولة في هذه المناطق، ماذا سيكون مصير العلويين المقيمين في دمشق في مناطق كالمزة 86 وعش الورور؟ هل سيُعاملون كأجانب داخل بلدهم؟".
"تزييف واضح للموقف من الهوية الدينية للعلويين"
وردّ الشعال على ما ورد في البيان من اتهام للإعلان الدستوري بإقصاء العلويين من دائرة المواطنة، مؤكداً أن هذا الادعاء "تزوير صريح"، لأن الإعلان الدستوري لا يتضمن ما يشير إلى أي إقصاء، بل يؤكد على احترام القوانين السورية، ومنها قانون الأحوال الشخصية الذي يعترف بالعلويين كفرقة من المسلمين تسري عليهم أحكامه الشرعية.
وأضاف أن البيان تجنّب عمداً وصف العلويين كمسلمين، مكتفياً بتعريفهم كـ"جماعة ثقافية إثنية"، وهو توصيف لا يعكس الواقع الديني ولا الموقف الرسمي للمراجع العلوية نفسها.
"تبرئة صادمة لنظام دموي"
وفي معرض حديثه، شدد المحامي الشعال على أن وصف البيان لنظام الأسد البائد بأنه "سلطة لا دينية يتشارك فيها الجميع" هو "تزوير خطير للتاريخ"، معتبراً أن النظام السابق كان استبدادياً، دموياً، طائفياً بامتياز، وأن الموقعين على البيان إما متواطئون مع جرائمه أو من بقاياه الذين يسعون لتبرئته من الفظائع التي ارتكبها، بما في ذلك المجازر والاعتقالات والإخفاء القسري، وفق تعبيره.
"مطالبة عنصرية بمحاكمات حصرية"
ووصف الشعال طلب البيان إنشاء لجنة تحقيق ومحكمة جنائية دولية خاصة بجرائم الإبادة الجماعية ضد العلويين فقط، بأنه "طلب فج ينضح بالنرجسية والإقصاء"، متسائلًا: "أين التحقيقات في المجازر التي ارتُكبت بحق بقية مكونات الشعب السوري؟".
"بيان يهدد السلم الأهلي ويزرع الفتنة"
وختم الشعال تعليقه بوصف البيان بأنه "خطير، يحمل أبعاداً طائفية واضحة، ويهدد وحدة البلاد، ويخالف القانون السوري الذي يجرم النيل من الوحدة الوطنية وإثارة النعرات الطائفية". داعياً المجتمع السوري إلى الحذر من هذه الخطابات التي تهدف لإعادة إنتاج الفتنة وتمزيق النسيج الاجتماعي في لحظة تاريخية حرجة تسعى فيها البلاد إلى تجاوز إرث الماضي وبناء دولة المواطنة الجامعة.
دعوات سابقة لعودة الاحتلال بزعم حماية الطائفة
وسبق أن أثار المدعو "صالح حسن منصور"، الذي ظهر بمقاطع مرئية تحريضية من الساحل السوري، جدلاً واسعاً في فيديو نشر في 15 كانون الثاني/ يناير، قدم فيه نفسه على أنه شيخ ممثل الطائفة العلوية، وطالب بعودة الاحتلال الفرنسي في الساحل السوري، وقال "منصور"، "إذا استمر قتل أبنائنا لأنهم علويون سأتقدم بوثيقة للأمم المتحدة تضم توقيع الملايين من أبناء الطائفة العلوية لنطلب الحماية فيها من الحكومة الفرنسية"
وأشار إلى استعداده للتواصل مع أي جهة خارج سوريا لدعم هذه الخطوة، ريثما يتم تشكيل الدولة ادّعى أنه ممثل الطائفة العلوية مدعومًا بإجماع من العلويين في تركيا وجبل محسن في لبنان وظهر خلال إلقائه كلمة أمام حشد في تشييع أحد الأشخاص بقرية "قرفيص" بريف جبلة.
وانتشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بغطاء توثيق الانتهاكات تارة وطلب حماية الأقليات تارة أخرى، هذا وتشير معلومات ومعطيات عديدة بأنّ هناك جهات من فلول نظام الأسد تحاول استغلال بعض الأحداث في سوريا، ودوافع هذا الخطاب والهدف منه هو في الدرجة الأولى "الافلات من المحاسبة" بمطالب العفو الشامل، وكذلك مطالب غير منطقية تدعو إلى "محاسبة الطرفين" وفق مطلب مثير جداً، وكل محاولات إثارة الفوضى لم تجعلهم خارج دائرة المسائلة.
تمكنت إدارة الأمن العام في سوريا، من القبض على مجرم من فلول نظام الأسد البائد، اشتهر في ارتكاب جرائم بحق المدنيين وتصويرها في ظل جهود الأمن السوري في ملاحقة مجرمي الحرب، وقد ظهر في مقطع سابق أثناء تعذيب مدنيين قبل تصفيتهم في ريف دمشق.
وذكرت مصادر بأن قوى الأمن الداخلي ألقت القبض على المجرم "أحمد معلا"، أحد المجرمين التابعين لجهاز المخابرات الجوية، لدى نظام الأسد البائد، وأكدت أن المتهم بإرتكاب جرائم حرب بحق المدنيين والثوار خلال فترة النظام البائد، بما في ذلك التعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وتمكنت قوى الأمن الداخلي من إلقاء القبض على أحد فلول النظام البائد في بلدة دركوش غرب إدلب، المدعو "يمان دركوشي" والمعروف بارتكاب انتهاكات بحق النساء في سجن دوما وسجن عدرا.
كما تمكن الأمن العام في حماة يلقي القبض على المجرم "حسن عبدالله دبس"، من قمحانة وهو عضو بارز في مجموعة الطراميح، وفي ديرالزور، قوات الأمن العام عنصر سابق في ميليشيا الدفاع الوطني في بلدة بقرص شرقي ديرالزور.
وأطلقت إدارة الأمن العام حملة أمنية لإلقاء القبض على فلول النظام البائد الفارين إلى منطقة جبل الزاوية في جنوب إدلب، وردت رسالة مفتوحة من مواطنين سوريين للمطالبة محاسبة مجرمي الحرب في سوريا.
وأكد موقعون على الرسالة أنهم يعيشون واقعًا قاسيًا، حيث لا يزال المسؤولون عن الجرائم والانتهاكات أحرارًا دون محاسبة، مشيرين إلى عدم الإعلان عن أي محاكمات رسمية لرموز النظام أو منفذي الانتهاكات وجرائم الحرب.
وذكرت مصادر إعلامية حكومية أن وحدات الأمن الداخلي تمكنت في عملية أمنية محكمة من اعتقال عدد من المجرمين، وعلى رأسهم الشبيح "أبو تمام علوش"، أثناء تواجده في مدينة حماة وسط سوريا.
ووفقًا للمصادر فإن الشبيح كان يخطط مع ابنه لتنفيذ أعمال إرهابية تستهدف أمن المدنيين خلال أيام عيد الفطر، وذكرت أن الموقوفين اشتهروا بجرائمهم ضد أبناء الثورة السورية، حيث مارسوا أبشع أنواع التشبيح والتنكيل، قبل أن يقعوا في قبضة العدالة.
ولفتت إلى أنه هذه العملية وغيرها تؤكد مجدداً يقظة الأجهزة الأمنية في ملاحقة فلول النظام المجرم وعملائه أينما وجدوا، وقطع الطريق على أي مخططات لزعزعة الاستقرار في كافة المناطق السورية.
وفي حمص تمكن الأمن العام من اعتقال عدد من فلول_النظام البائد مما يعرف بميليشات "فوج التدخل السريع" التي كانت مدعومة من قبل جهات إيرانية بقيادة المدعو خيرو شعيلة، وهم "محمد، عمار، أحمد، حيدر الشيخ علي".
وكانت أطلقت مديرية أمن ريف دمشق حملة أمنية استهدفت خلايا تابعة لحزب إيران اللبناني في منطقة السيدة زينب بريف دمشق، حيث كانت تخطط لتنفيذ عمليات إجرامية في المنطقة. وتمكنت من إلقاء القبض على عدد منهم، وتأتي هذه الحملة في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
فيما تمكنت إدارة الأمن العام مم القبض على الشبيح " عيسى خفشة " كان يعمل ضمن ميليشيا حزب البعث في حلب، وكذلك قبض الأمن العام في محافظة دير الزور على المدعو "محمد علي الغضبان".
وذكرت مصادر رسمية أن الشبيح هو شقيق المدعو حسن علي الغضبان، المتورط في قضايا ابتزاز وتحرش، والذي كان يعمل في مكتب الدراسات التابع لفرع الأمن السياسي للنظام البائد في المحافظة شرقي سوريا.
الى ذلك ألقت قوات الأمن العام بريف دير الزور الشرقي القبض على المدعو "عبد الله عبيد سمير الكيصوم"، عنصر سابق في ميليشيا الدفاع الوطني، بتهم ارتكاب جرائم حرب وقتل مدنيين.
ويذكر أن الشبيح يواجه اتهامات بالتمثيل بالجثث خلال سنوات الثورة السورية، إلى جانب قربه من المجرم الهالك "عصام زهر الدين" الذي قاد عمليات واسعة بدير الزور قبل أن يُقتل.
هذا ونفذت القوات الأمنية والعسكرية في سوريا ممثلة بوزارة الدفاع السورية وقوى الأمن الداخلي، حملات أمنية مركزة طالت العديد من الأشخاص الضالعين بقتل الشعب السوري، وارتكاب جرائم كثيرة بحقهم خلال تواجدهم لسنوات طويلة في صفوف ميليشيات الأسد البائد وشبيحته، ونجحت القوات الأمنية بالقبض على عدد من المتورطين.
كشفت مصادر محلية من ريف مدينة عين العرب "كوباني" شرقي حلب عن إقدام عناصر من "الشبيبة الثورية" التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، على اختطاف الشابة روشِن مصطفى إبراهيم من منزل عائلتها في قرية كوبرلك، وذلك قبل يومين فقط من موعد زفافها.
وأفادت عائلة روشِن بأنها كانت تستعد للاحتفال بزفافها عندما داهمت مجموعة من "الشبيبة الثورية" منزلهم واختطفتها بغرض تجنيدها قسرياً ضمن صفوف وحدات حماية المرأة (YPJ)، في حادثة أثارت صدمة واسعة وغضباً شعبياً. ولا تزال عائلة الفتاة تناشد السلطات والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية للتدخل وضمان عودتها سالمة.
تجنيد قسري يتكرر بحق الأطفال والقاصرات
ليست هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ سبق لـ"الشبيبة الثورية"، المرتبطة أيديولوجياً بحزب العمال الكردستاني (PKK)، أن اختطفت الطفلة ملك كاوا عبدو (15 عاماً) من أمام مدرستها في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، وأقدمت على نقلها إلى معسكرات تدريبية دون علم عائلتها، ضمن سلسلة مستمرة من عمليات تجنيد القُصر في مناطق سيطرة "قسد".
ووثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" حادثة مشابهة باختطاف الطفلة فريدة خليل محمد (مواليد 2009) في 15 آذار 2025، وحرمانها من التواصل مع ذويها أو السماح بزيارتها، معربة عن خشيتها من الزج بها في الأعمال العسكرية. ووفقاً للتقارير، فإن نحو 413 طفلاً لا يزالون قيد التجنيد القسري في معسكرات "قسد".
دعوات حقوقية لوقف هذه الجرائم
في سياق متصل، طالب الناشط الحقوقي الكردي محمود علو، حزب العمال الكردستاني وأذرعه المسلحة بوقف عمليات تجنيد الأطفال، معتبراً أن هذه الممارسات ترقى إلى جرائم حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
وقال علو إن "الشبيبة الثورية" اختطفت أكثر من 150 طفلاً خلال العام الجاري وحده، مؤكداً أنهم يتعرضون للضرب والعنف الشديد داخل معسكرات الحزب، بينما يُمنع ذووهم من معرفة مصيرهم أو زيارتهم.
توثيق دولي وتقصير في الالتزام
كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد نشرت تقريراً سابقاً أكدت فيه أن "الشبيبة الثورية"، رغم كونها ليست جماعة مسلحة رسمية، تلعب دوراً رئيسياً في تلقين الأطفال أيديولوجياً ثم نقلهم إلى المعسكرات العسكرية التابعة لـ"قسد"، في خرق صارخ للاتفاقيات الدولية التي تحظر تجنيد الأطفال دون سن الـ18، وتعتبر ذلك جريمة حرب بموجب "نظام روما الأساسي".
ورغم توقيع "قسد" على خطة عمل مشتركة مع الأمم المتحدة عام 2019، وتعهّدها بوقف تجنيد الأطفال وتسريح المجندين منهم، إلا أن التقارير الأممية تشير إلى تراجع كبير في تنفيذ هذه الالتزامات، حيث ارتفع عدد المجندين الأطفال إلى 637 حالة تم التحقق منها في عام 2022 فقط، مقابل 33 حالة تسريح في الفترة نفسها.
الاستغلال عبر مراكز الأنشطة
ووفقاً لتقارير حقوقية سورية مستقلة، فإن "الشبيبة الثورية" تستخدم أنشطة ثقافية ومراكز تعليمية لتحديد الأطفال واستقطابهم، عبر وعود كاذبة تتعلق بفرص تعليم أو عمل، ليُفاجأوا لاحقاً بزجهم في معسكرات تدريب أو إرسالهم لمواقع الصراع.
وحذرت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" من تنامي هذه الظاهرة، موثقة 43 حالة تجنيد من أصل 52 حالة خلال النصف الأول من عام 2023، وجميعها ارتكبتها "الشبيبة الثورية".
جرائم لا تسقط بالتقادم
تؤكد كافة التقارير الحقوقية، الدولية والمحلية، أن تجنيد الأطفال وانتهاك طفولتهم يمثل جريمة حرب لا تسقط بالتقادم، مطالبة بمحاكمة المتورطين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
ولا تزال مناشدات ذوي المختطفين مستمرة، في ظل صمت المجتمع الدولي، وتقاعس الجهات الداعمة لـ"قسد" عن الضغط الجدي لوقف هذه الممارسات التي تهدد مستقبل الأطفال السوريين وتحرمهم من حقهم في التعليم والحياة الآمنة.
دعت الحكومة الألمانية إلى وقف فوري للهجمات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، مطالبة إسرائيل بالامتناع عن العمليات العسكرية التي تشهد تصاعداً مقلقاً في وتيرتها خلال الأسابيع الأخيرة.
وشددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية، أميلي تيتل، على أهمية احترام سيادة الدول، مؤكدة أن التصعيد العسكري لا يخدم الأمن الإقليمي، ويقوّض فرص الاستقرار في سوريا والمنطقة ككل.
وقالت المتحدثة في تصريح صحفي الجمعة، إن "برلين تتابع بقلق بالغ الاعتداءات الإسرائيلية داخل سوريا"، مضيفة: "ندعو إسرائيل إلى التوقف الفوري عن هذه العمليات العسكرية، خاصة في ظل غياب الوضوح بشأن مدى توافقها مع القانون الدولي".
برلين ترحب بالحكومة السورية الجديدة: مستعدون للمساعدة
وفي سياق منفصل، أعلنت ألمانيا ترحيبها بتشكيل الحكومة السورية الجديدة، وعبّرت عن استعدادها لتقديم الدعم اللازم للشعب السوري في تجاوز آثار الحرب وبناء مستقبل أفضل.
وقال المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا، شتفان شنايك، في تصريح عبر منصة "إكس": "نحن مستعدون لدعم السوريين في مداواة جراحهم وإعادة إعمار بلدهم بعد سنوات طويلة من النزاع".
وأكد شنايك أن بلاده ترى في "العدالة الانتقالية، والشمولية، والانفتاح على الشراكة الدولية" أسساً ضرورية لتحقيق تطلعات الثورة السورية، مشدداً على أن ألمانيا تلتزم بدعم مسار السلام والعمل مع كافة الأطراف الراغبة ببناء سوريا جديدة، حرة وديمقراطية.
وسط غياب أي تحرك دولي.. إدانات دولية متجددة للعدوان الإسرائيـ ـلي على سوريا
واصلت الدول العربية والإسلامية إدانتها للعدوان الإسرائيلي المتكرر على الأراضي السورية، سواء عبر الغارات الجوية التي طالت مواقع عسكرية استراتيجية تابعة للدولة السورية الجديدة، أو من خلال التوغلات البرية في محافظتي درعا والقنيطرة جنوبي البلاد.
وعلى الرغم من كثافة الإدانات الرسمية، فإن هذه المواقف لا تزال تندرج ضمن الإطار السياسي، دون أن يقابلها أي تحرك دولي فعلي يردع الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة، والتي تستغل حالة الانتقال السياسي في سوريا عقب سقوط نظام الأسد، وضعف البنية الدفاعية لدى الدولة الجديدة لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية.
أعلن وزير الاتصالات وتقانة المعلومات في الجمهورية العربية السورية، عبد السلام هيكل، عن إطلاق خطة رسمية لاعتماد الرمز التعبيري (الإيموجي) للعلم الوطني الجديد ضمن المنصات الرقمية حول العالم، في خطوة تهدف إلى ترسيخ الهوية السورية الجديدة في الفضاء الرقمي.
التواصل مع شركات التكنولوجيا الكبرى
وأكد الوزير هيكل، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، أن الوزارة بدأت خطوات تواصل مباشر مع كبرى شركات التقنية مثل "غوغل"، و"مايكروسوفت"، و"سامسونغ"، بالإضافة إلى التطبيقات التي تعتمد مكتبات رموز تعبيرية خاصة مثل "واتساب" و"إنستغرام" و"إكس"، لاعتماد العلم السوري الجديد ضمن حزمة الإيموجي الرسمية على هذه المنصات.
رد اتحاد يونيكود ومسؤولية المنصات
وأوضح هيكل أن اتحاد "يونيكود" Unicode Consortium، وهو الجهة التقنية المسؤولة عن تنسيق الرموز الموحّدة حول العالم، أبلغ الوزارة بأن إدراج الأعلام أو تعديلها يقع ضمن صلاحيات كل منصة أو شركة على حدة، ولا يدخل ضمن اختصاص الاتحاد.
هوية رقمية تعكس التغيير السياسي
تأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية أوسع تتبناها الحكومة السورية الجديدة لترسيخ الرموز الوطنية في العالم الرقمي، في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، وبعد التغييرات السياسية العميقة التي شهدتها سوريا منذ سقوط نظام الأسد.
مطالبات شعبية لإزالة إرث النظام السابق
ومنذ لحظة الإعلان عن إسقاط النظام السابق، عبّر ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها عن رغبتهم باعتماد العلم الأخضر، الذي رُفع خلال الثورة السورية، كرمز وطني ورسمي في جميع المحافل والمنصات، بما في ذلك الإيموجي المستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتحوّلت هذه المطالبات إلى قضية رمزية تعبّر عن رفض واسع لرموز النظام البائد، وعلى رأسها العلم الأحمر الذي ارتبط بالقمع والاستبداد لعقود. ويؤكد ناشطون أن اعتماد العلم الجديد في الفضاء الرقمي يشكّل خطوة باتجاه تكريس الذاكرة الوطنية الجديدة، وطيّ صفحة الماضي بكل رموزه.
العلم السوري.. من رمزية الثورة إلى راية الدولة الجديدة
مرّ العلم السوري بمحطات تاريخية حاسمة، تجسدت من خلالها تطلعات السوريين في التحرر والكرامة الوطنية، بدءًا من الثورة العربية الكبرى عام 1916، مرورًا بالثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي عام 1925، ووصولًا إلى الثورة الشعبية عام 2011 التي أسقطت نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وأعادت للعلم الأخضر مكانته كرمز للحرية والاستقلال.
"علم الاستقلال".. أول راية وطنية
كان أول علم رسمي لسوريا هو علم "الجمهورية السورية الأولى"، الذي رفع لأول مرة في مدينة حلب عام 1932 بعد الاستقلال عن الانتداب الفرنسي. ويُعرف هذا العلم بـ"علم الاستقلال"، وقد ظهر لأول مرة في مسودة دستور عام 1928 التي أعدتها الجمعية التأسيسية برئاسة إبراهيم هنانو، إلا أن سلطات الانتداب رفضته، ما تسبب باندلاع انتفاضات واسعة في حلب ومدن أخرى.
استمر الضغط الشعبي حتى تمت الموافقة على الدستور عام 1930، فاعتمد العلم رسميًا عام 1932، ورفع مجددًا في دمشق عند تنصيب محمد علي العابد كأول رئيس للجمهورية السورية. تألف العلم من ثلاثة ألوان أفقية: الأخضر في الأعلى، يليه الأبيض فالأسود، تتوسطه ثلاث نجوم حمراء ترمز إلى المدن الثلاث الكبرى التي كان لها دور رئيسي في الثورة: حلب ودمشق ودير الزور.
فترات الاتحاد والتحولات السياسية
مع إعلان الوحدة بين سوريا ومصر في عام 1958، تم اعتماد علم جديد مكون من ثلاثة ألوان أيضًا، لكن مع نجمتيْن خضراويْن على الشريط الأبيض تمثلان الدولتين. غير أن هذا الاتحاد لم يدم طويلًا، وبعد الانفصال عام 1961، عادت سوريا لاستخدام علم الاستقلال مجددًا.
غير أن انقلاب حزب البعث في عام 1963 غيّر المعادلة من جديد، فعاد استخدام علم الوحدة مع مصر، وتمت لاحقًا إضافة نجمة ثالثة في محاولة لتأسيس اتحاد ثلاثي بين سوريا والعراق ومصر، إلا أن هذا المشروع لم يكتمل بعد سقوط النظام البعثي في بغداد.
عام 1971، انضمت سوريا إلى اتحاد الجمهوريات العربية مع مصر وليبيا، وتم استبدال النجوم الثلاثة بنسر يُعرف بـ"نسر صلاح الدين". بقي هذا العلم حتى عام 1980، عندما قرر حافظ الأسد العودة إلى علم الوحدة السابق، والذي استُخدم حتى سقوط نظام ابنه بشار الأسد في ديسمبر 2024.
علم الثورة.. من الذاكرة إلى الميدان
مع انطلاق الثورة السورية في عام 2011، رفع المتظاهرون "علم الاستقلال" مجددًا، باقتراح من أديب الشيشكلي، حفيد الرئيس الأسبق الذي قاد أحد الانقلابات في خمسينيات القرن الماضي. وسرعان ما تبنّته قوى المعارضة ليصبح رمزًا جامعًا للثورة، يعكس الامتداد التاريخي للنضال السوري في وجه الاستبداد، سواء ضد الاحتلال الفرنسي في الماضي، أو ضد نظام الأسد في الحاضر.
وبعد إسقاط النظام في عام 2024، بات هذا العلم يمثل الدولة السورية الجديدة وحكومتها الانتقالية، التي أعلنت اعتماده رسميًا في الدوائر الحكومية والمنصات الدولية، واستُخدم في المحافل والفعاليات السياسية والمجتمعية، بوصفه راية الحرية والاستقلال الثاني.
رمزية الألوان والنجوم
يحمل "علم الاستقلال" رمزية عميقة، فالأخضر يرمز إلى الخلافة الراشدة، والأبيض إلى الدولة الأموية، والأسود إلى الدولة العباسية، أما النجوم الحمراء الثلاث فتمثل مدن الثورة الكبرى، وتعبر عن وحدة التراب السوري وتنوع مكوناته، واليوم، يعود هذا العلم ليحمل حلم السوريين مجددًا في بناء دولة ديمقراطية مدنية عادلة، ترتكز على المواطنة وتطوي صفحة الاستبداد، وتمضي نحو مستقبل تُرفع فيه الرايات من أجل الحياة، لا لتمجيد الطغاة.