أعربت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا عن “بالغ قلقها” حيال أحداث العنف الأخيرة في محافظة السويداء، مؤكدة أن الصراع المتصاعد تسبب في مقتل ما لا يقل عن 51 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة أكثر من مئة آخرين، وسط تقارير تفيد بإمكانية ارتفاع الحصيلة.
وفي بيان صادر عن اللجنة بتاريخ 15 تموز 2025 من جنيف، أوضحت أن الاشتباكات نشبت بين قوات عشائر البدو وفصائل محلية مسلحة من أبناء الطائفة الدرزية، بالتزامن مع دخول قوات أمنية وعسكرية تابعة للحكومة السورية المؤقتة، الأمر الذي أعقبه ضربات جوية إسرائيلية أعلنت تل أبيب مسؤوليتها عنها.
وأشارت اللجنة إلى تلقيها تقارير مقلقة عن انتهاكات واسعة، تشمل القتل والخطف، وحرق ونهب الممتلكات، إلى جانب تصاعد خطابات التحريض والكراهية على الأرض وعبر الإنترنت، مؤكدة أن وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة أبلغت عن مقتل 18 جنديًا على الأقل.
وشددت اللجنة الأممية على أن “حماية حقوق الإنسان مسؤولية تقع على عاتق الحكومة المؤقتة”، مطالبة جميع الأطراف بوقف فوري للعنف، وتوفير ممرات آمنة للمدنيين، وتسهيل الوصول للمساعدات الإنسانية.
كما أعربت عن قلق خاص من تدخل طرف ثالث عبر الغارات الإسرائيلية، مؤكدة أن ذلك يهدد بتوسيع رقعة النزاع، وزيادة الجهات المنخرطة، بما يفاقم معاناة المدنيين.
وأكدت اللجنة أنها باشرت تحقيقًا بشأن الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان خلال هذه الأحداث، وسترفع تقريرًا مفصلًا في الوقت المناسب.
وأُنشئت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في 22 آب/أغسطس 2011 من قبل مجلس حقوق الإنسان، بهدف التحقيق في جميع الانتهاكات المرتكبة منذ آذار/مارس 2011. وتعمل اللجنة بشكل مستقل عن الأمم المتحدة، ولا يتلقى أعضاؤها رواتب، بينما يقدم مكتب حقوق الإنسان الأممي الدعم الفني.
أعلنت وزارة الداخلية السورية أن قوات الأمن الداخلي، بالتعاون مع وحدات من وزارة الدفاع، نجحت في “طرد المجموعات الخارجة عن القانون من مركز مدينة السويداء”، مؤكدة إعادة مظاهر الاستقرار وتأمين المدنيين في المدينة التي شهدت تصعيدًا أمنيًا دامياً خلال الأيام الماضية.
وأضاف البيان أن اجتماعًا موسعًا عقد مساء أمس، ضمّ قائد الأمن الداخلي في السويداء العميد أحمد الدالاتي، وعدداً من رجال الدين ووجهاء المدينة، تم خلاله التوافق على “تثبيت نقاط أمنية داخل المدينة، وسحب الآليات العسكرية ووحدات الدفاع”، وذلك تجاوباً مع مطالب الأهالي وتعزيزاً لجهود التهدئة.
غير أن وزارة الداخلية أفادت بأن هذه التفاهمات تعرضت لخرق مباشر، بعد أن عادت المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون لشنّ اعتداءات ضد عناصر الأمن، في محاولة لإرباك المشهد الأمني ونسف التفاهمات المحلية.
وفي تصعيد خطير، أكدت الوزارة أن طيران الاحتلال الإسرائيلي “نفّذ غارات جوية دعماً لتلك المجموعات”، استهدفت مواقع انتشار القوات السورية، ما أسفر عن استشهاد عدد من عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش.
وتزامنًا مع استمرار الاشتباكات في بعض أحياء المدينة، أوضحت وزارة الداخلية أن الحكومة تعمل، بالتنسيق مع وجهاء وأعيان المحافظة، على استعادة السيطرة الكاملة و”فرض الأمن والاستقرار بشكل دائم”، مؤكدة التزامها بمحاسبة كل من يهدد السلم الأهلي أو يعتدي على مؤسسات الدولة.
قال السفير الأمريكي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، إن الولايات المتحدة “منخرطة بشكل نشط مع كافة المكونات في سوريا من أجل تهدئة الأوضاع”، مؤكداً أن بلاده تجري “محادثات مباشرة، نشطة، ومثمرة مع جميع الأطراف لتوجيه المسار نحو الهدوء والاندماج”.
وفي تصريح نُشر على حسابه الرسمي، عبّر باراك عن “قلق واشنطن من الاشتباكات الأخيرة في محافظة السويداء”، مشيرًا إلى أنها “تثير القلق من جميع الجهات”، في إشارة إلى أطراف النزاع المحلي، إلى جانب الحكومة السورية والقوات الإسرائيلية.
وأضاف أن “المساعي الأمريكية تهدف إلى التوصل إلى نتيجة سلمية وشاملة تشمل الدروز، وعشائر البدو، والحكومة السورية، والقوات الإسرائيلية”، مؤكداً أن “أكبر التحديات تكمن في التضليل الإعلامي وسوء التواصل، ما يعقّد جهود التفاهم بين الأطراف”.
وفي السياق ذاته، رحّبت المملكة العربية السعودية بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية لضبط الأمن، منددةً في الوقت ذاته بـ”الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على الأراضي السورية”، ومؤكدة دعمها لوحدة سوريا وسيادتها.
من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الأردنية عن دعمها لجهود الحكومة السورية في “بسط السيادة، وضمان أمن المدنيين، وحقن الدماء”، بينما اعتبرت دولة قطر وقف إطلاق النار في السويداء “خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن والاستقرار والسلم الأهلي”.
وفي موقف مماثل، دانت وزارة الخارجية التركية “تدخل إسرائيل في التطورات بجنوب سوريا باستخدام القوة”، وأكدت دعم أنقرة “لخطوات الحكومة السورية الهادفة لبسط الأمن وتعزيز وحدة البلاد”.
أعربت عدة عواصم عربية وإقليمية عن دعمها الكامل للدولة السورية في مواجهة التصعيد الأمني الأخير في محافظة السويداء، وأدانت بشدة العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مواقع للجيش السوري في الجنوب السوري، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى في صفوف القوات المسلحة والمدنيين.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية، في بيان رسمي، أن المملكة “تابعت بارتياح الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية لتحقيق الأمن والاستقرار، والحفاظ على السلم الأهلي”، معتبرة أن هذه الخطوات تُسهم في “بسط سيادة الدولة ومؤسساتها على كامل الأراضي السورية، بما يحفظ وحدة سوريا وأمنها ويحقق تطلعات شعبها”.
وفي موقف حاسم، أدانت السعودية “الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على الأراضي السورية”، معتبرة أنها تمثل “تدخلاً في الشؤون الداخلية وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واتفاق فصل القوات لعام 1974”، داعية المجتمع الدولي إلى “الوقوف بجانب سوريا ووقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة”.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية التركية رفضها استخدام إسرائيل للقوة العسكرية في جنوب سوريا، داعية إلى “الوقف الفوري لهذه الهجمات”، مشددة في الوقت ذاته على “ضرورة دعم الخطوات التي تتخذها الحكومة السورية لبسط الأمن وتعزيز وجود الدولة”. وأضافت الخارجية التركية أن “تحقيق الاستقرار في سوريا يصب في مصلحة الشعب السوري ودول الجوار والمنطقة بأكملها”.
ورحّبت وزارة الخارجية الأردنية، اليوم، بوقف إطلاق النار في محافظة السويداء، مؤكدة دعم المملكة “للدولة السورية في الحفاظ على سيادتها”، بحسب ما أوردته وكالة “بترا”. وشدد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير سفيان القضاة، على “ضرورة تهدئة الأوضاع وضبط النفس بما يضمن حقن الدم السوري، وحماية المدنيين، وتطبيق القانون، وممارسة الدولة السورية لسيادتها على كل أراضيها”.
وأكد القضاة موقف الأردن الداعم للحكومة السورية في “جهود إعادة بناء سوريا على أسس تضمن أمنها واستقرارها ووحدتها، وتحفظ حقوق وأمن كل السوريين”.
كما أصدرت وزارة الخارجية القطرية بيانًا رحبت فيه بإعلان وقف إطلاق النار الذي أعلنته الحكومة السورية في مدينة السويداء، واعتبرته “خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن والاستقرار والسلم الأهلي”، مؤكدة دعم الدوحة الكامل “لكل ما تتخذه الحكومة السورية من إجراءات لحفظ الأمن والاستقرار”.
وتأتي هذه المواقف بعد تصعيد عسكري إسرائيلي غير مسبوق استهدف عدة مواقع عسكرية في محافظة السويداء، بحجة اعتراض تعزيزات سورية تتجه إلى المنطقة، ما تسبب بسقوط عدد من الشهداء والجرحى، في وقت تعاني فيه المحافظة من توتر داخلي متفاقم.
وكانت دمشق قد أدانت هذا العدوان، واعتبرته “محاولة مدروسة لزعزعة الاستقرار الوطني”، مؤكدة تمسكها بحقها في الدفاع عن أراضيها، وداعية المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية.
أدانت الجمهورية العربية السورية، اليوم الثلاثاء، بشدة الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مناطق عدة في محافظة السويداء، ووصفتها بـ”العدوان الغادر والمنسق”، مؤكدة سقوط عدد من الشهداء في صفوف القوات المسلحة والأمنية، إلى جانب مدنيين، نتيجة القصف الذي نفذته طائرات مسيرة وحربية إسرائيلية صباح اليوم.
وقالت وزارة الخارجية السورية، في بيان رسمي، إن هذا الهجوم يُعد “انتهاكًا صارخًا للسيادة السورية وخرقًا فاضحًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، معتبرة أن توقيت العدوان “مدروس ومشبوه”، ويستهدف ضرب الاستقرار الوطني ومنع الدولة من استكمال مهمتها في استعادة السيطرة وفرض الأمن في السويداء.
وحملت الحكومة السورية إسرائيل المسؤولية الكاملة عن “الاعتداء وتبعاته السياسية والإنسانية”، داعية مجلس الأمن والأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى إدانة هذا التصعيد، والتحرك الفوري لوقف الاعتداءات المتكررة.
وشدد البيان على أن “الدولة السورية تحتفظ بحقها المشروع في الدفاع عن أراضيها وشعبها بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي”، مؤكدة أن الجيش العربي السوري سيواصل مهامه الوطنية رغم الاستهدافات المتكررة.
وفي رسالة مباشرة إلى أبناء الطائفة الدرزية، قال البيان: “نؤكد حرص الدولة السورية على حماية جميع أبنائها دون استثناء، وفي مقدمتهم أهلنا من الموحدين الدروز الذين يشكلون جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني السوري”.
كما دعت دمشق أهالي السويداء إلى “الوقوف صفًا واحدًا خلف الجيش والدولة، ورفض الانجرار خلف مشاريع مشبوهة أو دعوات فوضوية”، مؤكدة أن التاريخ “سيسجل المواقف بين من انحاز لوطنه ومن تواطأ ضده”.
ويأتي هذا الموقف الرسمي بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي عن بدء “هجمات دقيقة” على آليات عسكرية سورية قال إنها كانت تتحرك نحو السويداء، مدعيًا أن إدخال الأسلحة إلى المحافظة يخالف اتفاقيات نزع السلاح، ومؤكدًا التزامه بـ”حماية دروز سوريا”، حسب تعبيره.
صرّح مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، لوكالة سانا، بأنه تم اتخاذ قرار يقضي بمنع دخول الشاحنات القادمة من مصر والسعودية إلى داخل الأراضي السورية، والاكتفاء بإتمام عمليات المناقلة (نقل الحمولة) في المنافذ الحدودية التي تدخل منها البضائع.
وأوضح علوش أن هذا القرار جاء استجابةً للمطالب التي تقدم بها عدد من سائقي الشاحنات والبرادات السورية، وحرصًا على تعزيز مبدأ المعاملة بالمثل، وتحسين أوضاع قطاع النقل البري، مؤكدًا أن الخطوة تهدف إلى حماية المصلحة الوطنية ودعم العاملين في هذا القطاع الحيوي.
يأتي هذا القرار في سياق سلسلة إجراءات اتخذتها الحكومة السورية مؤخرًا لدعم قطاع النقل البري وتعزيز المنافسة العادلة للسائقين المحليين.
ففي أوائل يوليو/تموز 2025، أقرت وزارة النقل قرارًا يقضي بفرض رسوم إضافية على الشاحنات الأجنبية التي تعبر الأراضي السورية ترانزيت، بهدف تحقيق التوازن مع الرسوم المفروضة على الشاحنات السورية في بعض دول الجوار.
كما أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية منتصف الشهر نفسه عن إجراءات جديدة لتبسيط عمليات المناقلة وتسهيل عبور البضائع السورية نحو العراق والأردن ولبنان، في خطوة تهدف إلى تنشيط الحركة التجارية وتحسين ظروف عمل سائقي الشاحنات المحليين.
أعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان في الحكومة السورية، يوم الثلاثاء 15 تموز/ يوليو، أنها أصدرت 146 قراراً وزارياً خلال الفترة الماضية، في إطار جهودها لتنظيم وتطوير قطاعات البناء والإسكان والنقل الطرقي.
وتوزعت القرارات بواقع 89 قراراً يخص قطاع التعاون السكني، في سياق دعم الجمعيات وتحديث أنظمة العمل التعاوني و10 قرارات تتعلق بالمؤسسة العامة للإسكان، بهدف تعزيز الأداء وضمان استمرارية المشاريع السكنية.
فيما أصدرت الوزارة قراران يخصان المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية، لتنظيم العمل ضمن مشاريع البنية التحتية و23 قراراً في قطاع التدريب المهني ونقابة المقاولين، لتعزيز الكفاءات وتنظيم المهنة.
إلى ذلك أصدرت 10 قرارات خاصة بتشكيل لجان وتكليف مهام إدارية وفنية وأمران إداريان في السياق التنظيمي الداخلي للوزارة.
هذا وتشير قرارات الوزارة أنها تأتي ضمن خطة شاملة لتعزيز الأداء المؤسسي، وتطوير التشريعات الناظمة لقطاعات الإسكان والبناء والمقاولات، بما يخدم مسار إعادة الإعمار وتحقيق التنمية العمرانية المستدامة.
وتعمل وزارة الأشغال العامة والإسكان وفق رؤية استراتيجية تهدف إلى بناء مجتمعات عمرانية متكاملة وآمنة، قادرة على مواجهة التحديات المناخية ومتطلبات التخطيط الحضري المتجدد، وذلك بالتوازي مع تنمية قطاع الإسكان وتطويره ليكون ركيزة أساسية في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار.
وأكدت مصادر حكومية في حديثها لوسائل إعلام رسمية أن العمل جارٍ على تطوير الرؤية المستقبلية للتخطيط المكاني على المستويات كافة، من خلال مشروع تحديث الاستراتيجية الوطنية للإسكان بما يواكب التحولات الديموغرافية والاقتصادية، وينسجم مع مؤشرات وأطر الاستدامة العالمية، ولا سيما الهدف الحادي عشر من أهداف التنمية المستدامة المعني ببناء مدن ومجتمعات شاملة وآمنة ومستدامة.
كما أشارت المصادر إلى أن الوزارة تتابع تنفيذ مخرجات الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي للفترة الممتدة من 2020 إلى 2035، من خلال إعداد خارطة تنمية مكانية شاملة تتناول مختلف المجالات الحيوية، بدءاً من التخطيط العمراني والإقليمي، مروراً بالبنى التحتية والنقل والموارد المائية والطاقة، ووصولاً إلى ملفات الزراعة والتنمية الريفية والسياحة والبيئة والهوية الثقافية.
وفي قطاع البناء والتشييد، تواصل الوزارة جهودها لتحسين فعالية هذا القطاع وجعله أكثر تنافسية، من خلال تمكين الشركات العامة الإنشائية وتحديث عمل الجمعيات التعاونية السكنية عبر الإشراف المباشر وتحديث الأطر القانونية، إلى جانب دعم التدريب المهني والأتمتة، والإشراف على أداء نقابتي المهندسين والمقاولين، وذلك بالتوازي مع استمرار المؤسسة العامة للإسكان بتنفيذ مشاريع السكن الاجتماعي، التي تستهدف شريحة ذوي الدخل المحدود.
الاستراتيجية الوطنية للإسكان تمثل الإطار التنفيذي الذي يرسم سياسات وبرامج الإسكان خلال فترة ما بعد الحرب، وتستند إلى تقييم معمق لحالة القطاع على المستوى الوطني وفق منهجيات معتمدة دولياً من قبل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، بما يعكس الواقع الديموغرافي والاجتماعي والاقتصادي والعمراني، ويأخذ بعين الاعتبار التحديات والفرص في مرحلة ما بعد التحرير.
ووفقاً للمصادر، تنطلق رؤية الوزارة في هذه الاستراتيجية من هدف بناء مستقبل عمراني آمن وشامل، يتيح لجميع السوريين إمكانية الوصول إلى سكن ملائم، ويعزز الاستقرار والتماسك الاجتماعي. وتقوم هذه الرؤية على مبادئ أساسية في مقدمتها اعتبار السكن حقاً، ودمج الأبعاد البيئية والاقتصادية، وتحقيق التوازن بين إعادة الإعمار والتحول المؤسسي، مع ضمان العدالة وعدم التمييز.
تشرف وزارة الأشغال على تنفيذ هذه الاستراتيجية بالتعاون مع الجهات الإدارية التابعة لوزارة الإدارة المحلية والبيئة، وبمشاركة مباشرة من المؤسسات والشركات العامة، والجمعيات السكنية، وشركات التطوير العقاري والمقاولين والأفراد، إضافة إلى دور غير مباشر للمكاتب والشركات الهندسية، وشركات تصنيع مواد البناء. أما التمويل، فيتوزع بين صندوق الدين العام، المصارف العامة والخاصة، شركات التمويل العقاري والتأجير التمويلي، ومدخرات الأفراد، مع وجود مساهمة من جهات أخرى مثل المصالح العقارية، والمقيمين العقاريين، ومالكي الأراضي.
الوزارة أعدّت خارطة طريق لإطلاق تقرير شامل عن حالة السكن في سوريا بالتعاون مع برنامج الموئل لعام 2024، وقد تم تقسيم البرنامج التنفيذي إلى ثلاث مراحل تبدأ بالتحضير وجمع البيانات وتستمر حتى أيلول 2025، حيث ستُختتم بإعداد التقرير النهائي وتنظيم ورشة وطنية لعرض النتائج والتوصيات، بما يدعم بناء "بروفايل" محلي لحالة السكن في المحافظات ويعزز مخرجات الاستراتيجية الوطنية.
وتستند منهجية إعداد الاستراتيجية إلى تحليل فجوات الإسكان، وتحديد الأهداف العامة، وصياغة برامج تنفيذية تشتمل على إعادة المساكن المتضررة، إطلاق برنامج للسكن الميسر، تطوير مخططات تنظيمية للمناطق الجديدة، وإشراك القطاع الخاص والمغتربين في مشاريع تمويل وبناء السكن.
وتنقسم الاستراتيجية إلى ثلاث مراحل زمنية رئيسية المرحلة الأولى، قصيرة الأمد، تركّز على تلبية الاحتياجات الإسكانية العاجلة للعائدين والنازحين، وتأهيل المساكن المتضررة والبنية التحتية في مناطق العودة.
أما المرحلة الثانية، متوسطة الأمد، فتركز على إعادة الإعمار وتعزيز العرض السكني، وإطلاق مشاريع عامة وخاصة، وتشجيع الاستثمارات، وتحسين منظومة التمويل والتشريعات، ودمج معايير الاستدامة.
بينما تتمثل المرحلة الثالثة، طويلة الأمد، في تحقيق الاستدامة والتحول المؤسسي وتعزيز العدالة الاجتماعية من خلال تقليص الفجوة السكنية، وتطوير سوق العقارات، وتعزيز الشفافية، والارتقاء بمناطق السكن العشوائي، واعتماد التخطيط الحضري الذكي والطاقات النظيفة.
أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني أن مطار دمشق الدولي شهد حركة جوية متزايدة بين 7 كانون الثاني و7 تموز 2025، في مؤشر يعكس حالة التعافي التي يشهدها قطاع النقل الجوي في سوريا وعودة التواصل مع العالم الخارجي.
وبحسب الأرقام الرسمية، بلغ عدد المسافرين عبر المطار خلال الفترة المذكورة 353,282 مسافراً، توزعوا بين 174,554 مغادراً و178,728 قادماً. كما سجّل المطار 1,870 رحلة جوية، منها 1,619 رحلة ركاب، و26 رحلة إغاثية، و66 رحلة حج، إضافة إلى 159 رحلة لوفود رسمية.
ويعمل حالياً في مطار دمشق 12 شركة طيران، في وقت تم فيه إصدار 8,366 تأشيرة دخول عند الوصول، ما يعكس تحسناً في بيئة العبور والخدمات اللوجستية.
وأشارت الهيئة إلى أن حركة الطيران شهدت تصاعداً تدريجياً، ليصل متوسط عدد المسافرين اليومي إلى نحو 4 آلاف، بالتوازي مع ازدياد عدد الشركات التي تستخدم المطار، سواء للركاب أو للشحن والخدمات الخاصة.
وفي سياق متصل، زار وفد سعودي المطار في 10 تموز الجاري، لبحث فرص التعاون والاستثمار في قطاع الطيران المدني، في خطوة اعتُبرت مؤشراً إضافياً على التقدم الحاصل في العلاقات السورية-العربية، ومساعي الانفتاح الإقليمي على دمشق.
وتأتي هذه التطورات في ظل تعافٍ متسارع يشهده قطاع الطيران المدني السوري، وتعمل عدة دول عربية وإقليمية حالياً على إعادة فتح سفاراتها وتسيير رحلات جوية مباشرة إلى دمشق، تعزيزاً للاستقرار وتماشياً مع تطورات المشهد السياسي في المنطقة.
شنّت القوات الجوية الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، سلسلة غارات عنيفة استهدفت مواقع وآليات تابعة للجيش السوري في محافظة السويداء، جنوب البلاد، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى في صفوف الجنود السوريين، وفق ما أفادت مصادر ميدانية متطابقة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان رسمي نُشر عبر المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، أنه “وبتوجيهات من المستوى السياسي، بدأ بمهاجمة آليات عسكرية تابعة للنظام السوري في منطقة السويداء”، مشيرًا إلى أن الغارات جاءت بعد “رصد قوافل من ناقلات جند مدرعة ودبابات كانت تتحرك باتجاه السويداء”.
وأضاف أن “الهجمات شملت دبابات وناقلات وقاذفات صاروخية وطرقات عسكرية بهدف عرقلة وصول هذه القوات إلى المنطقة”.
وفي موقف سياسي لافت، أعلن رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليان في بيان مشترك أن الحكومة الإسرائيلية “أمرت الجيش بمهاجمة القوات السورية وأسلحتها في السويداء فوراً”، معتبرين أن “إدخال الأسلحة إلى السويداء يُخالف سياسة نزع السلاح التي تم التوافق عليها سابقاً”، دون معرفة اذا كان هناك توافق في هذه النقطة بين الحكومة السورية واسرائيل.
كما أضافا أن “إسرائيل ملتزمة بحماية دروز سوريا بناءً على تحالف الأخوة مع دروز إسرائيل”.
وقال نتنياهو وكاتس في البيان: "نعمل على منع النظام السوري من استهداف الدروز وضمان نزع سلاح المنطقة الملاصقة لحدودنا".
ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي في أعقاب التطورات الدامية التي شهدتها السويداء خلال الأيام الماضية، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين فصائل محلية وعشائر بدوية، قبل أن تدخل وحدات من الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي إلى المدينة لفرض الأمن ووقف الاشتباكات، ما دفع إسرائيل إلى إعلان اعتراضها على هذا الحراك العسكري.
هذا التطور الخطير يفتح الباب أمام تصعيد محتمل، خاصة مع تدخل اسرائيلي بشكل مباشر، ما قد يدفع الكثير لعمليات انتقام لا تحمد عقباها، وحسب نشطاء فإن الشيخ حكمت الهجري يتحمل وزر جميع الدماء التي سالت وستسيل، وذلك بعد مطالبته اسرائيل بشكل غير مباشر للتدخل لحمايته وحماية فصائله.
في شوارع سوريا، حيث يبدو الحيّ نظيفًا والساحات مرتّبة، يقف خلف هذه الصورة المشرقة جهد يومي شاقّ يبذله عمّال النظافة. هؤلاء الأشخاص الذين يواصلون عملهم بصمت، ينتقلون من شارع إلى آخر، يجمعون النفايات ويزيلون المخلفات، ليحافظوا على مظهر المدن، فيما يبقى تعبهم بعيدًا عن الأنظار.
ورغم أهميتهم، يعيش عمّال النظافة تحت ضغوط حياتية قاسية، زادتها سنوات الحرب وتداعياتها الاقتصادية. فالارتفاع المستمر في الأسعار وتدهور قيمة الليرة السورية جعل رواتبهم عاجزة عن تغطية أبسط الاحتياجات، لتحوّل معيشتهم إلى معادلة صعبة بين دخل محدود ومتطلبات يومية متزايدة.
عمل مرهق وصحي محفوف بالمخاطر
إلى جانب الأعباء المعيشية، يعاني هؤلاء العمّال من مشقة يومية ترتبط بطبيعة عملهم نفسه. فالتنقل الدائم بين الأحياء وجمع النفايات يسبب لهم إجهادًا جسديًا وآلامًا مزمنة في الظهر والمفاصل. كما يواجهون مخاطر صحية مباشرة نتيجة التعامل مع نفايات تحتوي على مواد ضارة أو أدوات حادة أو زجاج مكسور، إضافة إلى الرائحة الكريهة التي ترافقهم طوال ساعات العمل، خاصة في الصيف أو عند التعامل مع نفايات متحللة.
نظرة المجتمع.. تقدير واحترام يقابله ازدراء وتنمّر
يقدّر كثير من السوريين جهود هؤلاء العمّال ويعتبرونهم جزءًا أساسيًا من المجتمع، لكن هذا التقدير لا يبدو سائدًا لدى الجميع. بعضهم ينظر إليهم باستخفاف أو سخرية، وهو ما يترك أثرًا نفسيًا مؤلمًا.
يروي عامل نظافة أن ابنه تعرّض في المدرسة للتنمر، إذ أطلق عليه زملاؤه لقب "ابن الزبّال"، ما اضطر العائلة إلى نقله لمدرسة أخرى. وفي حادثة أخرى، قال عامل آخر إن مراهقتين مرّتا بجانبه وهما تضحكان، همست إحداهما للأخرى قائلة: "هذا خطيبك"، لترد الأخرى بسخرية: "لا، بل هو خطيبك أنت". لحظة قصيرة في ظاهرها لكنها تركت أثرًا عميقًا في نفسه.
فخر بالمهنة وأمل بالتغيير
رغم هذه الظروف، يؤكد كثير من عمّال النظافة أنهم فخورون بعملهم، معتبرين إياه مهنة شريفة توفر لقمة العيش وتساهم في الحفاظ على بيئة صحية ونظيفة. يقول أحدهم: "قد لا يراني الناس، لكنني أعرف أنني أقوم بعمل يحميهم ويحمي أطفالهم من الأمراض".
ويرى مراقبون ضرورة تكثيف التوعية المجتمعية حول الدور الحيوي الذي يؤديه عمّال النظافة، مع ترسيخ قيم احترامهم لدى الأجيال الجديدة، باعتبار أن مهنتهـم لا تقل شأنًا عن أي مهنة أخرى، بل هي خدمة عامة نبيلة تستحق التقدير.
واليوم، ومع دخول سوريا مرحلة جديدة بعد سقوط النظام السابق، يأمل هؤلاء العمّال في تحسين أوضاعهم الاقتصادية ونيل المكانة التي يستحقونها في المجتمع، تقديرًا لدورهم الذي لا غنى عنه في حياة المدن السورية.
لا تزال ذاكرة السوريين مثقلة بذكريات موجعة تركها النظام البائد، الذي فرّق العائلات وزعزع الأمن الاجتماعي لسنوات طويلة. ورغم سقوطه وانتهاء حقبته، تبقى معاناة ضحاياه حاضرة في الوجدان، شاهدة على مرحلة اتسمت بالقمع والاعتقالات والانتهاكات.
إحدى هؤلاء الضحايا سيدة من ريف دمشق، فقدت ابنها وزوجها، وذاقت مرارة السجن بنفسها، في سلسلة مأساوية بدأت عام 2013 عندما اعتقلت قوات النظام ابنها "عمار"، الذي اختفى منذ ذلك الحين ولم يعرف مصيره حتى اليوم.
بعد سنوات، قرر زوجها "أحمد فرحات"، المقيم في السعودية، العودة إلى سوريا عام 2019، لكنه اعتُقل فور وصوله إلى معبر جديدة يابوس الحدودي، وبقي في السجن أربعة أشهر. خرج بعدها وهو في حالة صحية حرجة، ليفارق الحياة بعد تسعة أيام فقط. وروت السيدة أن التهمة التي وُجهت إليه كانت "تمويل الإرهاب"، رغم أنه لم يكن ناشطًا سياسيًا، مضيفة بمرارة: "كانوا وقتها مستميتين على جمع المال، كل شيء كان يُحلّ بالمال".
ولم تتوقف مأساة العائلة عند هذا الحد، إذ اعتُقلت السيدة نفسها أثناء محاولتها استخراج جواز سفر لابنها الأصغر "معتز"، الذي لم يكن قد بلغ 18 عامًا. عناصر "الهجرة والجوازات" أحالوها مباشرة إلى "فرع فلسطين"، لتقضي 47 يومًا من الاعتقال، تصفها بأنها كانت "أيامًا من العذاب النفسي".
تحدثت السيدة عن ظروف الاحتجاز، قائلة إن الغرفة التي وُضعت فيها ضمت 38 معتقلة، من بينهن فتاة عراقية كانت معها طفل في الثانية من عمره واعتُقلت وهي حامل، وأخرى من ريف إدلب جاءت برفقة طفل لا يتجاوز عمره ستة أشهر.
أفرج عنها لاحقًا بعد دفع مبالغ مالية كبيرة عبر محامٍ، بموجب ورقة عفو صادرة باسم "بشار الأسد"، وقالت تعليقًا على ذلك: "لا يوجد شيء اسمه براءة، النظام كان يخرجك بورقة إذلال وكأنك مجرم"، مشيرة إلى أن اسمها بقي على لوائح "منع السفر"، ما اضطرها لمراجعة الفروع الأمنية في كل مرة تحتاج فيها لمغادرة البلاد.
ورغم سقوط النظام البائد وبدء محاكمة العديد من المتورطين بجرائمه، تبقى هذه التجربة مثالًا على حجم المعاناة التي عاشها السوريون، حيث لا تزال قصص الاعتقال والفقد راسخة في ذاكرتهم، عصية على النسيان.
أعلن وزير الدفاع السوري، اللواء المهندس مرهف أبو قصرة، وقفًا تامًا لإطلاق النار داخل مدينة السويداء، وذلك عقب التوصل إلى اتفاق مع وجهاء وأعيان المدينة، مشددًا على أن الرد سيكون محصورًا فقط بمصادر النيران وأي استهداف تنفذه “المجموعات الخارجة عن القانون”.
وفي سلسلة تصريحات رسمية، أكد الوزير أن تعليمات صارمة صدرت إلى كافة الوحدات العسكرية المنتشرة داخل المدينة بضرورة “تأمين الأهالي، والحفاظ على السلم المجتمعي، وحماية الممتلكات العامة والخاصة من أي عبث أو استغلال”.
وأشار اللواء أبو قصرة إلى أن عملية تسليم أحياء مدينة السويداء لقوى الأمن الداخلي ستبدأ فور الانتهاء من عمليات التمشيط، وذلك ضمن خطة لإعادة الاستقرار وتهيئة الظروف لعودة المدنيين إلى منازلهم.
كما أعلن عن بدء انتشار قوات الشرطة العسكرية داخل المدينة “لضبط السلوك العسكري ومحاسبة المتجاوزين”، بالتنسيق الكامل مع وزارة الداخلية.
وفي سياق متصل، شددت وزارة الداخلية السورية على أن دخول القوات الحكومية إلى السويداء يهدف حصريًا إلى “ضبط الأوضاع، وحماية الأهالي، وبسط الأمان في المدينة”، مؤكدة أن أي تجاوز أو تعدٍ على الممتلكات العامة أو الخاصة “سيُقابل بإجراءات قانونية صارمة، ودون استثناء لأي عنصر يثبت تورطه”.
وأكدت الداخلية في بيانها أن الالتزام بالقانون واحترام حقوق المواطنين هو المبدأ الناظم لكل العمليات الجارية على الأرض، داعية إلى ضبط النفس ومنع استغلال الظروف من قبل أي جهة.
وكانت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز قد أصدرت بيانًا أوليًا رحّبت فيه بدخول قوات الدولة، قبل أن يخرج المرجع الديني الأعلى، الشيخ حكمت الهجري، في خطاب لاحق يصف البيان بأنه “مفروض من دمشق وتحت ضغط خارجي”، متهمًا الحكومة بـ”نكث العهد واستمرار قصف المدنيين”، وداعيًا إلى “وقفة عز” في مواجهة ما وصفه بـ”حرب إبادة”.
وتزامن ذلك مع دعوات من فعاليات ووجهاء في المحافظة لوقف إطلاق النار وتنظيم السلاح تحت إشراف الدولة، وفتح حوار شامل لمعالجة تداعيات الأحداث، وهي مواقف ثمّنها قائد الأمن الداخلي في السويداء العميد أحمد الدالاتي، واعتبرها خطوة وطنية مسؤولة.