عمّال النظافة في سوريا.. إرهاق جسدي وظروف معيشية قاسية
عمّال النظافة في سوريا.. إرهاق جسدي وظروف معيشية قاسية
● أخبار سورية ١٥ يوليو ٢٠٢٥

عمّال النظافة في سوريا.. إرهاق جسدي وظروف معيشية قاسية

في شوارع سوريا، حيث يبدو الحيّ نظيفًا والساحات مرتّبة، يقف خلف هذه الصورة المشرقة جهد يومي شاقّ يبذله عمّال النظافة. هؤلاء الأشخاص الذين يواصلون عملهم بصمت، ينتقلون من شارع إلى آخر، يجمعون النفايات ويزيلون المخلفات، ليحافظوا على مظهر المدن، فيما يبقى تعبهم بعيدًا عن الأنظار.

ورغم أهميتهم، يعيش عمّال النظافة تحت ضغوط حياتية قاسية، زادتها سنوات الحرب وتداعياتها الاقتصادية. فالارتفاع المستمر في الأسعار وتدهور قيمة الليرة السورية جعل رواتبهم عاجزة عن تغطية أبسط الاحتياجات، لتحوّل معيشتهم إلى معادلة صعبة بين دخل محدود ومتطلبات يومية متزايدة.

عمل مرهق وصحي محفوف بالمخاطر
إلى جانب الأعباء المعيشية، يعاني هؤلاء العمّال من مشقة يومية ترتبط بطبيعة عملهم نفسه. فالتنقل الدائم بين الأحياء وجمع النفايات يسبب لهم إجهادًا جسديًا وآلامًا مزمنة في الظهر والمفاصل. كما يواجهون مخاطر صحية مباشرة نتيجة التعامل مع نفايات تحتوي على مواد ضارة أو أدوات حادة أو زجاج مكسور، إضافة إلى الرائحة الكريهة التي ترافقهم طوال ساعات العمل، خاصة في الصيف أو عند التعامل مع نفايات متحللة.

نظرة المجتمع.. تقدير واحترام يقابله ازدراء وتنمّر
يقدّر كثير من السوريين جهود هؤلاء العمّال ويعتبرونهم جزءًا أساسيًا من المجتمع، لكن هذا التقدير لا يبدو سائدًا لدى الجميع. بعضهم ينظر إليهم باستخفاف أو سخرية، وهو ما يترك أثرًا نفسيًا مؤلمًا.

يروي عامل نظافة أن ابنه تعرّض في المدرسة للتنمر، إذ أطلق عليه زملاؤه لقب "ابن الزبّال"، ما اضطر العائلة إلى نقله لمدرسة أخرى. وفي حادثة أخرى، قال عامل آخر إن مراهقتين مرّتا بجانبه وهما تضحكان، همست إحداهما للأخرى قائلة: "هذا خطيبك"، لترد الأخرى بسخرية: "لا، بل هو خطيبك أنت". لحظة قصيرة في ظاهرها لكنها تركت أثرًا عميقًا في نفسه.

فخر بالمهنة وأمل بالتغيير
رغم هذه الظروف، يؤكد كثير من عمّال النظافة أنهم فخورون بعملهم، معتبرين إياه مهنة شريفة توفر لقمة العيش وتساهم في الحفاظ على بيئة صحية ونظيفة. يقول أحدهم: "قد لا يراني الناس، لكنني أعرف أنني أقوم بعمل يحميهم ويحمي أطفالهم من الأمراض".

ويرى مراقبون ضرورة تكثيف التوعية المجتمعية حول الدور الحيوي الذي يؤديه عمّال النظافة، مع ترسيخ قيم احترامهم لدى الأجيال الجديدة، باعتبار أن مهنتهـم لا تقل شأنًا عن أي مهنة أخرى، بل هي خدمة عامة نبيلة تستحق التقدير.

واليوم، ومع دخول سوريا مرحلة جديدة بعد سقوط النظام السابق، يأمل هؤلاء العمّال في تحسين أوضاعهم الاقتصادية ونيل المكانة التي يستحقونها في المجتمع، تقديرًا لدورهم الذي لا غنى عنه في حياة المدن السورية.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ