أكّد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة مرسين (MTSO)، هاكان سفا تشاكير، أن مدينة مرسين التركية تستعد للعب دور محوري في جهود إعادة إعمار سوريا، نظراً لعلاقاتها التاريخية والاقتصادية الوثيقة مع المدن السورية، وتجربتها في احتضان اللاجئين منذ اندلاع الحرب.
جاء ذلك خلال زيارة رسمية أجراها وفد اقتصادي تركي رفيع إلى العاصمة السورية دمشق، برئاسة رئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية (TOBB) رفعت حصارجيكلي أوغلو، بهدف بحث آفاق التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، وتحديد مساهمة القطاع الخاص التركي في مشاريع إعادة الإعمار.
الوفد، الذي ضم رؤساء غرف تجارية من عدة مدن تركية، بينهم رئيس غرفة مرسين، التقى الرئيس السوري أحمد الشرع وعدداً من الوزراء، حيث ناقش الطرفان سبل تفعيل الشراكات الاقتصادية، لا سيما في مجالات البناء والطاقة والصناعة والخدمات اللوجستية.
وخلال اللقاء، طرح رئيس اتحاد الغرف التركية مقترحاً بإنشاء منطقة صناعية منظمة مشتركة بين سوريا وتركيا، تسمح بإنتاج سلع مخصصة للتصدير إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية برسوم جمركية منخفضة أو معدومة، في إطار اتفاقيات محتملة للتجارة الحرة.
وأشار إلى أن تركيا مستعدة لنقل خبراتها في مجال إدارة المعابر الجمركية والبنية التحتية الحدودية، معتبراً أن تفعيل اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين سيسهم في مضاعفة حركة التبادل التجاري.
من جانبه، شدّد رئيس غرفة مرسين هاكان سفا تشاكير على أن مرسين كانت من أولى المدن التركية التي استقبلت اللاجئين السوريين في بدايات الأزمة، واليوم تتهيأ لتكون من المدن الرائدة في مساندة سوريا بمرحلة ما بعد الحرب.
وأوضح تشاكير أن مرسين تملك بنية اقتصادية قوية ومتنوعة، تشمل قطاعات الزراعة والصناعة والصحة والتعليم والنقل، وقد تم عرض هذه الإمكانيات على الجانب السوري خلال اللقاءات الرسمية.
كما دعا إلى منح مدينة مرسين تمييزاً إيجابياً في العقود والمشاريع الاستثمارية داخل سوريا، تقديراً لدورها الإنساني في احتضان مئات الآلاف من السوريين طوال سنوات الحرب، مشيراً إلى أن "صورة مرسين لدى السوريين إيجابية، ويُنظر إليها كمدينة موثوقة وفاعلة".
وتأتي هذه الزيارة في إطار الانفتاح المتسارع بين أنقرة ودمشق بعد تغيّر المعادلة السياسية في سوريا، حيث تسعى شركات تركية إلى تثبيت موطئ قدم لها في السوق السورية، والمشاركة في مرحلة إعادة الإعمار، بالتنسيق مع الحكومة السورية الجديدة.
واختُتمت اللقاءات بالتأكيد على تشكيل فرق عمل فنية لبحث آليات التعاون بشكل تفصيلي، وتحديد المشاريع ذات الأولوية، سواء في النقل والبنية التحتية أو في تنشيط القطاع الخاص السوري، بدعم مباشر من المؤسسات الاقتصادية التركية.
ووفق تصريحات الوفد، فإن المرحلة المقبلة قد تشهد إطلاق مشاريع مشتركة، مدفوعة بزخم اقتصادي تركي واضح، واستعداد سوري للاستفادة من الخبرات والنماذج الناجحة، وفي طليعتها نموذج مرسين الاقتصادي.
بحث رئيس اتحاد الغرف التجارية وبورصات السلع في تركيا، رفعت حصارجيكلي أوغلو، مع الرئيس السوري أحمد الشرع، سبل تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، خلال زيارة أجراها وفد تركي رسمي إلى العاصمة السورية دمشق، بحسب ما أعلنه الاتحاد في بيان رسمي، الجمعة.
وأوضح البيان أن الزيارة جاءت في إطار مساعي أنقرة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع سوريا، لا سيما في مجالات إعادة إعمار البنية التحتية الصناعية والتجارية، وتنشيط القطاع الخاص وريادة الأعمال، وفق ما نقلته وكالة "الأناضول".
وخلال لقائه مع الرئيس السوري، أكد حصارجيكلي أوغلو رغبة قطاع الأعمال التركي في تقديم الدعم الكامل لجهود سوريا في التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى استعداد الشركات التركية للمساهمة في مختلف المشاريع، من البنية التحتية والطاقة، إلى النقل والخدمات اللوجستية.
وقال المسؤول التركي: "بحثنا فرص التعاون التجاري، ووجدنا من الجانب السوري رغبة واضحة بالتعاون مع الشركات التركية. نعتقد أن العلاقات الاقتصادية ستشهد نمواً سريعاً، ونحن ملتزمون بواجبات حسن الجوار والأخوّة".
نقل التجربة التركية إلى سوريا
وأكد رئيس الاتحاد أن تركيا تملك خبرات واسعة يمكن نقلها إلى سوريا في إطار مرحلة إعادة الإعمار، خصوصاً في تطوير المناطق الصناعية والمعابر الحدودية، مشيراً إلى وجود أكثر من 400 منطقة صناعية منظمة في تركيا، تمثل نحو 45% من الإنتاج الصناعي، وتوفر وظائف لأكثر من 2.7 مليون شخص.
وأشار إلى أن اتحاد الغرف وبورصات السلع التركي عمل خلال السنوات الماضية على تحديث المعابر البرية الحدودية في تركيا، ما ساهم في خفض تكاليف النقل وزيادة الكفاءة، مضيفاً: "نريد مشاركة هذه الخبرات مع سوريا، وقد طرحنا خلال الاجتماعات ضرورة تشكيل فريق عمل مشترك لمتابعة هذا الملف".
قفزة في حركة الشحن والتبادل التجاري
وفي سياق متصل، تطرق حصارجيكلي أوغلو إلى الزخم الذي اكتسبه قطاع الشحن والنقل بين البلدين منذ سقوط نظام البعث في سوريا، مشيراً إلى دخول أكثر من 110 آلاف شاحنة من تركيا إلى سوريا خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، ما يمثل زيادة بنسبة 60% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما أشار إلى الدور الكبير الذي لعبته الشركات السورية المؤسسة في تركيا، والتي يزيد عددها عن 30 ألف شركة، منها 6 آلاف شركة صناعية، في تعزيز حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، رغم التراجع الحاد الذي شهدته العلاقات الاقتصادية بعد اندلاع الثورة السورية.
وختم حصارجيكلي أوغلو بالتأكيد على التزام قطاع الأعمال التركي بدعم جهود الحكومة السورية الجديدة في بناء اقتصاد قوي ومستدام، مشدداً على أن الشراكة الاقتصادية بين أنقرة ودمشق قادرة على تحقيق مكاسب مشتركة للشعبين.
قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، في تصريحات نقلتها وكالة "أسوشيتد برس"، إن بلاده تتابع عن كثب تطورات الملف السوري، مؤكداً أن واشنطن لا ترى حتى الآن أي تقدم حقيقي في المحادثات الجارية بين الحكومة السورية المركزية وممثلي قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فيما شدد في الوقت ذاته على الثقة الكاملة بالحكومة السورية وجيشها الجديد.
وفي سلسلة تصريحات، أشار المبعوث إلى أن قوات سوريا الديمقراطية كانت شريكًا هامًا للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة، مؤكداً على ضرورة ضمان مستقبل سياسي وأمني واضح لها في سوريا الجديدة.
وقال: "نريد التأكد من حصول قوات سوريا الديمقراطية على فرصة محترمة للاندماج في بنية الحكومة السورية"، في إشارة إلى مساعٍ أمريكية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وإنهاء حالة التوتر القائمة في بعض المناطق الشمالية والشرقية من البلاد.
وفيما يتعلق بالوجود العسكري الأمريكي في سوريا، أوضح المبعوث أن واشنطن "ليست في عجلة من أمرها" لسحب قواتها بشكل كامل، وأن الأولوية الحالية تتركز على ضمان الاستقرار ومنع عودة التهديدات الإرهابية.
وتحمل هذه التصريحات دلالة واضحة على تغير في الموقف الأمريكي من دمشق بعد تشكيل الحكومة السورية الجديدة، حيث أكد المبعوث أن بلاده "تثق ثقة كاملة في الحكومة السورية وجيشها"، في واحدة من أوضح الإشارات حتى الآن إلى انفتاح دبلوماسي أمريكي على السلطة الجديدة بعد سقوط النظام السابق.
وبينما تحاول واشنطن الحفاظ على توازن في علاقاتها مع الأطراف السورية المختلفة، يُفهم من التصريحات أن الإدارة الأمريكية تدفع باتجاه تسوية سياسية تشمل دمج قسد في المؤسسات الرسمية، دون تقويض وحدة الدولة السورية.
وكانت أفادت مصادر إعلامية سورية بأن الحكومة السورية رفضت خلال اجتماع رسمي في دمشق عدداً من المقترحات التي تقدّم بها وفد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مؤكدة تمسّكها الكامل ببنود اتفاق آذار، ومشددة على ضرورة تنفيذ الاتفاق دون تأخير أو التواء.
وبحسب ما نقلته هذه المصادر، فقد أصرّ وفد قسد على الانضمام إلى الجيش السوري كقوة مستقلة تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية"، مع الإبقاء على هيكليته العسكرية والإدارية، وهو ما رفضته دمشق بشكل قاطع، مؤكدة أن "لا مكان لأي تشكيل عسكري مستقل خارج إطار مؤسسة الجيش العربي السوري".
كما طالبت الإدارة الذاتية، وفق المصادر ذاتها، بتكريس نظام حكم لا مركزي يمنحها صلاحيات واسعة في شمال شرقي البلاد، تشمل الإدارة المحلية والأمن الداخلي، وهو ما اعتبرته الحكومة السورية مخالفاً لمبدأ السيادة ووحدة الدولة.
وخلال الاجتماع، شددت الحكومة على أن جميع المناطق السورية، بما في ذلك شمال شرق البلاد، يجب أن تخضع للسلطة الإدارية والأمنية المركزية في دمشق، ودعت وفد قسد إلى التوقف عن المماطلة والالتزام الصارم بتنفيذ اتفاق آذار، محذّرة من أن الاستمرار في تأجيل التنفيذ ومحاولات الالتفاف على الاتفاق قد تؤدي إلى "تداعيات خطيرة لا تصب في مصلحة أي طرف".
وبحسب المصادر الإعلامية السورية، فإن وفد قسد طلب تمديد الفترة الزمنية المقررة لتنفيذ الاتفاق، مشيراً إلى تعقيدات داخلية وظروف ميدانية تتطلب مزيداً من الوقت.
يُشار إلى أن اتفاق آذار الذي تم توقيعه بوساطة دولية، ينص على إعادة دمج المؤسسات الرسمية في مناطق شمال شرقي سوريا، وإعادة هيكلة القوات المحلية ضمن الجيش السوري، بما يعزز وحدة الدولة ويُنهي حالة الازدواج الإداري والعسكري في تلك المناطق.
جاء الاجتماع الأخير في دمشق في سياق استمرار المباحثات التي بدأت منذ توقيع اتفاق آذار بين الحكومة السورية وقسد، والذي تم بوساطة أميركية، ويهدف إلى إعادة دمج مؤسسات الدولة السورية في شمال شرق البلاد، وتوحيد البنية العسكرية تحت مظلة الجيش السوري.
وكانت زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، إلى دمشق يوم الأربعاء قد شكّلت دفعة سياسية لهذه المحادثات، حيث أكد باراك خلال لقائه الرئيس السوري أحمد الشرع أن "لا طريق أمام قسد إلا دمشق"، مشيداً بـ"حماس الحكومة السورية لدمج قسد ضمن مؤسسات الدولة تحت مبدأ: دولة واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة".
إلا أن الجانب الأميركي أشار أيضاً إلى "تباطؤ قسد في التجاوب مع هذا المسار"، محذراً من أن مشاريع الفدرلة أو الحفاظ على قوة عسكرية مستقلة لم تعد قابلة للتطبيق في سوريا الجديدة.
وكانت الحكومة السورية قد رحّبت بالمواقف الأميركية آنذاك، وجددت في بيان رسمي تمسكها بوحدة الدولة، ورفضها لأي مشروع انفصالي، مؤكدة استعدادها لدمج المقاتلين السوريين ضمن الجيش الوطني وفق الأطر الدستورية والقانونية.
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أن اجتماع أمس كشف استمرار الخلافات الجوهرية، خصوصاً مع إصرار وفد قسد على صيغة تضمن لها استقلالية إدارية وعسكرية، ما دفع الحكومة إلى التحذير من محاولة "الالتفاف على الاتفاق" وتأخير تنفيذه، معتبرة ذلك تهديداً مباشراً لسيادة البلاد ووحدتها
في أدق التفاصيل اليومية، تستحضر أمهات الشهداء في سوريا ذكريات أبنائهن الراحلين، أولئك الذين قضوا في معتقلات النظام البائد، أو سقطوا في ساحات القتال دفاعاً عن الوطن، أو استُشهدوا تحت القصف الذي طال منازلهم وأحياءهم السكنية. تتقد في أعماقهن مشاعر حزن وحسرة لا يدركها سواهن، إلا أن مسؤولياتهن تجاه الأسرة والمجتمع تمنحهن قوة التماسك والصبر.
ومن بين هؤلاء الأمهات، تبرز قصة أم محمد، التي شعرت، وهي تقف على تلة 45 في ريف اللاذقية، أنها تشمّ رائحة ابنها الشهيد. قالت بصوت خافت يختلط بالحزن ودموع لا تكاد تُخفى: "هنا رائحة ابني، ورائحة شهدائنا"، وأعربت عن حزنها بسبب الكوارث التي خلّفتها الحرائق المندلعة حالياً في ريف اللاذقية.
ومن خلال فيديو مصور، انتشر في منصات التواصل الاجتماعي، استذكرت تلك السيدة ابنها الشهيد محمد، مشيرة إلى أن تلك المنطقة التي تقف عليها مُعطرة بدماء الشهداء، وقالت: "محمد يا غالي، يا عمري يا محمد، ما شبعت له".
وأشارت إلى أنها كانت مسافرة عندما استشهد ابنها ولم تستطع العودة إلى البلاد، وأصرَّتْ على البقاء هناك، تفادياً لأن تتعرض للخطر كون ابنها شهيد ولأنهم ضد الأسد المخلوع. فمعروف عن النظام البائد انتقامه من المعارضين وإيذائه له، وتشهد تقارير حقوقية على ارتكابه انتهاكات بحق المدنيين المعارضين وذويهم.
قبل الهجرة، كانت تعيش أم محمد في قرية العيساوية، وعلّقت بالقول: "بيتي كان مشمع، وممنوع لأي أحد من القرية الاقتراب منه"، ثم عادت من تركيا إلى البلاد بعد سقوط الأسد، قبلها عاشت الغربة وصبرت عليها وعلى واستشهاد ابنها.
وتابعت أنها الآن تصرُّ على البقاء في سوريا وعدم العودة إلى تركيا، وقالت رجعت: "راسي مرفوع، كنت أتوقع هذا اليوم، لم أقطع الأمل يوماً من العودة "، وبالرغم من المآسي التي حصلت ما تزال تمتلك الأمل والعزيمة لبناء البلاد من جديد وعدم الاستسلام للظروف القاسية.
صبرت آلاف الأمهات السوريات على الحرب وظروفها، وفي داخلها يقين أن كل شيء يُعوض مع الوقت باستثناء فقد الأحبة، الذي ترك في نفوسهن جرحاً عميقاً لا يُرى، ومع كل تفصيل تعود إليهن ذكريات الأبناء الذي خطفتهم الحرب، إلا أنها يحاولن الصبر والثبات في سبيل الأسرة والمجتمع والحياة.
أكد المتحدث باسم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، عمر جيليك، أن عملية نزع السلاح الجارية في المنطقة لا تقتصر على حزب "العمال الكردستاني" (PKK) في العراق، بل تمتد لتشمل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في سوريا، إلى جانب "حركة الحياة الحرة الكردستانية" (PJAK) في إيران، في إطار مقاربة إقليمية شاملة تعتمدها أنقرة للقضاء على ما تصفه بـ"التهديدات الإرهابية المتعددة الأذرع".
وقال جيليك، في تصريحات أدلى بها لقناة "TV100"، إن أنقرة تعتبر أن الحل الجذري للمشكلة الأمنية في المنطقة لا يتحقق إلا عبر إنهاء وجود كل التشكيلات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، بما فيها "قسد" و"وحدات حماية الشعب" (YPG) و"حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD)، مؤكدًا أن "جميع هذه الأذرع يجب أن تلقي السلاح وتحل نفسها بشكل كامل".
وأضاف جيليك أن الموقف التركي من الملف السوري يستند إلى ضرورة وجود جيش وطني واحد خاضع لسيادة الدولة السورية، مشيرًا إلى أن بقاء "قسد" خارج هذا الإطار يشكل تهديدًا مزدوجًا، سواء للأمن القومي التركي أو لوحدة واستقرار سوريا.
ولفت إلى أن أنقرة تدعو إلى دمج قوات "قسد" ضمن هيكلية الجيش السوري، بما يضمن وحدة السلاح والمؤسسة العسكرية في البلاد.
وشدد المتحدث باسم الحزب الحاكم في تركيا على أن بلاده لن تسمح ببقاء أي مشاريع انفصالية أو كيانات مسلّحة على حدودها الجنوبية، قائلاً: "نحن نسعى لتركيا بلا إرهاب، ونعمل على ضمان استقرار المنطقة برمتها"، مضيفًا أن مرحلة نزع السلاح يجب أن تكون شاملة وعابرة للحدود، وتشمل كل التنظيمات المسلحة ذات الارتباطات العابرة للدول.
وفي تطور لافت وصفه مراقبون بأنه "تاريخي"، ألقى أول فصيل من مقاتلي حزب "العمال الكردستاني" أسلحته يوم الجمعة، خلال مراسم رمزية جرت في كهف "جاسنه" التاريخي في ناحية سورداش بمحافظة السليمانية شمال العراق، إيذاناً ببدء مسار السلام وإنهاء العمل المسلح الذي استمر أكثر من أربعة عقود.
وجاءت هذه الخطوة بعد ظهور مفاجئ لزعيم الحزب عبد الله أوجلان، من داخل محبسه، أعلن خلاله نهاية مرحلة الكفاح المسلح ضد الدولة التركية، داعياً إلى اعتماد النضال السياسي السلمي كمسار استراتيجي بديل.
وكان الحزب قد أصدر بيانًا رسميًا في 12 أيار/مايو الماضي أعلن فيه حله الذاتي، استجابة لدعوة مؤسسه أوجلان، التي أطلقها في شباط/فبراير 2025، وناشد فيها جميع الأذرع العسكرية التابعة للحزب وقف عملياتها وحل تشكيلاتها، بما يشكل نهاية رسمية لأحد أطول النزاعات المسلحة في المنطقة.
اقترب موعد امتحانات الشهادة الثانوية العامة لعام 2025، ويستعدّ الطلاب في سوريا حالياً لخوض هذه المرحلة المصيرية بعد شهورٍ من الدراسة والمثابرة، واللجوء إلى المعلمين والمراكز التعليمية لطلب الدعم والمتابعة. وتُعدّ هذه المرحلة شديدة الأهمية، إذ إن مستقبل الطالب واختياره للفرع الجامعي يتوقفان بشكل مباشر على مجموع درجاته النهائية.
يدفع هذا الواقعُ بعض الأهالي، وخاصة من يطمحون بتخصصات علمية مرموقة لأبنائهم، إلى ممارسة ضغط متزايد عليهم، واتباع أساليب قاسية خلال العام الدراسي وفترة الامتحانات، ظنًا منهم أن ذلك سيدفع الطلاب إلى الدراسة بجدية أكبر وتحقيق النتائج المرجوّة.
إلا أن هذه الأساليب تنعكس سلباً على نفسية الطالب، فتُرهقه نفسياً وعاطفياً، وتُغذّي داخله شعوراً بالخوف والرهبة من الامتحان بدلاً من مواجهته بثقة وهدوء. وتمثّلت هذه الأساليب، بحسب ما رواه لنا عدد من الطلاب الذين التقينا بهم، في معاقبتهم بقسوة عند حصولهم على درجات أقل من المتوقع، حتى وإن كانت جيدة، وذلك خلال الخضوع للمذاكرات والاختبارات خلال السنة الدراسية التي سبقت الامتحان الأخير.
وشملت العقوبات المتبعة حرمان الطلاب من استخدام الهاتف الذكي، والمصروف، والخروج من المنزل، إلى جانب منعهم من لقاء أصدقائهم وأقاربهم، مع تعنيفهم لفظياً، ومقارنتهم باستمرار بأقرانهم من زملائهم في المدرسة وأقاربهم في المجتمع المحيط.
ذكر العديد من الطلاب أن أهاليهم مارسوا عليهم ضغطاً مستمراً طوال السنة الدراسية، وأجبرّوهم على الدراسة لساعات طويلة دون السماح لهم بالخروج من غرفهم، مع تهديدات متكررة بالعقوبات في حال لم يحققوا المجموع المطلوب. متناسين بذلك أنهم يحمّلون أبنائهم فوق طاقتهم، ما أثّر سلباً على نفسيتهم وزاد من توترهم، وجعلهم يشعرون بالذعر تجاه الامتحان.
في المقابل، كان هذا العام مختلفاً بالنسبة لطلاب سوريا، خاصة بعد سقوط النظام البائد وظهور بعض التغييرات. ورغم ذلك، انتشرت شائعات أرهبت الطلاب بشأن المناهج وأسئلة الامتحانات ونظام التصحيح، مما زاد من مخاوفهم وقلقهم. لذلك، أصبح من الضروري في هذه المرحلة أن يقدم الأهالي الدعم والتفهم بدلاً من الترهيب والترويع.
وكانت وزارة التربية والتعليم في الجمهورية العربية السورية حريصة على نشر نصائح توعوية للأهالي حول كيفية دعم أبنائهم نفسياً ومعنوياً خلال فترة الامتحانات، كما قدمت إرشادات للطلاب حول أساليب الدراسة وتنظيم الوقت، محذرة إياهم من الانجرار وراء الشائعات التي قد تؤثر سلباً على تركيزهم واستعدادهم.
وبحسب أخصائيين نفسيين فإن، فإن الضغط النفسي على الطلاب ينعكس بشكل مباشر على صحتهم النفسية، ويؤدي إلى آثار سلبية مثل ارتفاع مستويات القلق والتوتر، وضعف ثقة الطالب بنفسه. كما أن الضغط النفسي يسبب الإرهاق الذهني والجسدي، ويؤثر سلباً على تحصيله الدراسي.
وفي الوقت ذاته، عندما تزداد قسوة الأهل في التعامل، فإن ذلك يخلق فجوة في العلاقة بين الطالب وعائلته، ويؤدي هذا الضغط أيضاً إلى تكوين صورة سلبية في ذهن الطالب عن الدراسة والتعليم، فيربط بين العلم وبين الخوف والعقاب. كما ينشغل الطالب بالسعي لإرضاء الأهل على حساب تطوير نفسه وتحقيق أهدافه الشخصية.
وينصح الأخصائيون الأهالي في هذه الفترة بأهمية التفاهم والاحتواء، وذلك بأن يدركوا حجم الضغط الذي يمرُّ به الطالب، وأن يسعوا إلى منحه شعوراً بالأمان لا الخوف. من الضروري تفهّم القلق والتعب النفسي الذي يعيشه الطالب، مع تقديم دعم نفسي حقيقي بدلاً من استخدام أسلوب التهديد أو التخويف المستمر.
وفي الوقت ذاته، يجب على الأهل أن يقدّروا الجهد الذي يبذله أبناؤهم، وليس فقط التركيز على النتائج التي يحققونها. كما يُنصح بالابتعاد تماماً عن المقارنات بين الطالب وزملائه أو أقاربه، لأن ذلك يُضعف دافعيته، ويولّد داخله مشاعر الغيرة أو الكره.
يُعتبر الامتحان النهائي للشهادة الثانوية العامة من أبرز المحطات المصيرية في حياة الطالب، إذ يتطلب جهداً وتركيزاً كبيرين. ولضمان نجاحه واجتيازه هذه المرحلة بنجاح، يحتاج الطالب إلى دعم شامل من أهله نفسياً ومادياً ومعنوياً، بعيداً عن أساليب العقاب والترهيب، ليتمكن من تحقيق النتائج المرجوة بثقة وطمأنينة.
قُتل الطفل عمر يوسف عبد الرحمن (10 أعوام)، من أبناء قرية رسم الحرمل / الإمام، جراء قصف نفذته قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على قريته، الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية بريف دير حافر الشمالي شرقي حلب.
وبحسب مصادر ميدانية، جاء القصف بعد اشتباكات اندلعت بين الجيش السوري وقوات "قسد"، إثر محاولة تسلل نفذتها الأخيرة على محور ريف دير حافر الشمالي.
وتمكن الجيش من إحباط التسلل، لتندلع على إثرها اشتباكات بالأسلحة الرشاشة استمرت لساعات وعقب الاشتباكات، استهدفت قوات قسد قريتي رسم الحرمل / الإمام ورسم الكروم بقذائف الهاون، ما أسفر عن مقتل الطفل وتسبّب في أضرار مادية، من بينها تدمير جزئي لعدد من منازل المدنيين.
وتخضع قرية رسم الحرمل لسيطرة الحكومة السورية، في حين تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" على أجزاء واسعة من منطقة دير حافر المجاورة، ما يجعل المنطقة بؤرة توتر مستمرة مع تنفيذ تسلل.
وفي حزيران الماضي قتلت سيدة تدعى "حاجه أحمد العبّيد" وجرح طفلها (10) سنوات، بالإضافة لمدنيين آخرين، بقصف من قبل قسد على قرية رسم الحرمل الإمام الواقعة شمال مدينة دير حافر شرقي حلب، عقب تجدد الاشتباكات اليوم شمال المدينة بين الجيش السوري و"قسد".
وشهدت مناطق الجزيرة السورية، خاصة دير الزور والرقة، ارتفاعاً مقلقاً في وتيرة استهداف الأطفال خلال الأشهر الماضية، تمثلت بعدة جرائم منها القتل والخطف والتجنيد القسري، وسط حالة من الاحتقان الشعبي المتزايد.
ولا تزال تعيش مدينة الرقة على وقع صدمة جديدة بعد إقدام عنصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على إعدام الطفل علي عباس العوني، البالغ من العمر 13 عاماً، قرب معمل السكر شمال المدينة.
لم يقتصر المشهد على الجريمة فحسب، بل امتد وليشمل إجبار ذويه على دفنه ليلاً تحت حراسة أمنية مشددة، دون السماح بأي مراسم تشييع، ما فجّر موجة غضب بين سكان المدينة، ودعوات للتظاهر ضد هذه الممارسات.
ووصف الناشط الحقوقي "محمد عثمان" الحادثة بأنها "جريمة ممنهجة"، مشيراً إلى أن القاتل لا يزال طليقاً، في وقت تتكرر فيه الانتهاكات دون رادع، ضمن سلسلة جرائم تُرتكب ضد الأطفال والمدنيين في مناطق سيطرة "قسد".
ظاهرة تصاعدية لاستهداف الأطفال
بتاريخ 26 حزيران، قُتل الطفل فريد الهريش في بلدة أبو حردوب برصاص عنصر من "قسد"، وفي 2 تموز، لقي الطفل علي العوني حتفه أثناء جمعه للقمح قرب حاجز عسكري.
ووجّه الناشطون انتقادات حادة لوسائل الإعلام المحلية والدولية التي قالوا إنها تجاهلت الحادثة، معتبرين أن الطفل "فريد" لم يحظَ بتغطية "لائقة" بسبب خلفيته الاجتماعية وموقعه الجغرافي المهمّش، وقارنوا ذلك بما وصفوه بـ"التحيّز الإعلامي" حين يتعلق الأمر بضحايا آخرين من مناطق أكثر حضوراً على الساحة السياسية أو الإعلامية.
وفي تجاهل معتاد، لم تصدر "قسد" أي تعليق رسمي على الحادثة، في حين تتزايد الاتهامات الموجهة لها بارتكاب انتهاكات ممنهجة في شرق الفرات، خاصة في المناطق ذات الغالبية العربية، ويقول سكان محليون إن مثل هذه الحوادث ليست نادرة، بل تأتي في سياق أوسع من "سوء إدارة النقاط العسكرية" و"استخدام مفرط للقوة ضد مدنيين لا علاقة لهم بأي نشاط مسلح".
هذا وتطالب عائلات الضحايا ومنظمات حقوقية محلية بفتح تحقيق عاجل وشفاف في مقتل الطفل "فريد"، وتقديم المسؤولين عن الحادثة إلى القضاء، كما يدعو نشطاء إلى إعادة تقييم سياسات "قسد" الأمنية في مناطق سيطرتها، والتوقف عن تحويل المرافق الخدمية إلى نقاط عسكرية تهدد حياة المدنيين.
ورغم تكرار هذه الحوادث، لم تُتخذ أي إجراءات رادعة بحق الجناة، في ظل تبريرات إعلامية تتحدث عن "تصرفات فردية"، في حين يرى الأهالي أنها سياسة ممنهجة.
أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور مروان الحلبي، خلال لقائه وفدًا من جامعة "باشن" الأمريكية، أهمية الانفتاح على الجامعات العالمية وتطوير بيئة التعليم العالي في سوريا بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية ذات رؤى نوعية.
وأوضح الحلبي أن التعاون مع الجامعات الدولية يمثل ركيزة لتحديث المنظومة التعليمية، لا سيما في ظل التوجه نحو الاستثمار في قطاع التعليم الخاص مع الحفاظ على معايير الجودة والمخرجات الأكاديمية الفاعلة.
وأضاف أن الوزارة تولي أهمية كبرى لتحديث المناهج وتبني نماذج تعليمية حديثة، تشمل التعليم المدمج والتعليم الافتراضي، وفق ضوابط قانونية مدروسة، مشددًا على ضرورة تأسيس جامعات خاصة قادرة على المنافسة إقليميًا وعالميًا، وتلبية احتياجات سوق العمل المحلي.
وأشار الوزير إلى استعداد الوزارة للتعاون مع الجامعات الراغبة في تقديم الدعم الفني والأكاديمي، بما ينسجم مع رؤية التنمية الوطنية، مؤكدًا أن اللقاء مع وفد جامعة "باشن" يمثل خطوة مهمة نحو بناء شراكات فعالة، تفتح آفاقًا جديدة للتعليم النوعي في سوريا.
نفّذت الفرقة 70 التابعة لوزارة الدفاع السورية، المتمركزة في قاعدة التنف بدعم من التحالف الدولي، حملة تمشيط أمنية في منطقة تلول الصفا، إحدى أكثر المناطق وعورةً في البادية السورية، في إطار ملاحقة خلايا يُشتبه بانتمائها لتنظيم داعش.
وبحسب ما نقلته مصادر محلية لموقع "السويداء 24"، فقد شملت الحملة مناطق متفرقة على أطراف تلول الصفا، إضافة إلى مواقع قريبة كـ"قاع البنات" و"قبر الشيخ حسين". إلا أن القوات لم تدخل عمق المنطقة، نظرًا لصعوبة التضاريس وكثافة الألغام والعبوات الناسفة، وهو ما جعل من التوغل الكامل أمرًا محفوفًا بالمخاطر.
وأوضح المصدر أن العمليات اقتصرت على تفتيش بعض النقاط التي يشتبه باستخدامها من قبل التنظيم في وقت سابق، مع تفكيك عدد كبير من الألغام دون وقوع مواجهات مباشرة أو اشتباكات.
من جهتها، نقلت "الإخبارية السورية" أن الحملة جاءت بناءً على معلومات استخباراتية عن تحركات لعناصر متطرفة في المنطقة، وأن الفرقة 70 أنهت عمليات التمشيط بعد عدة أيام من العمل الميداني الحذر.
تُعد تلول الصفا من أكثر المناطق صعوبة على مستوى البلاد، فهي عبارة عن منطقة بركانية سوداء تقع بين باديتي السويداء وريف دمشق، وتتميّز بتشكيلات طبيعية معقدة، من شقوق عميقة وجروف صخرية، ما يجعل التنقل فيها صعبًا حتى لأبناء المنطقة. وقد اكتسبت شهرتها بوصفها "متاهة طبيعية" لا معالم واضحة لها ولا ممرات مستقرة، ما يمنحها طابعًا استثنائيًا من حيث التحديات الأمنية والعسكرية.
تاريخيًا، لجأ تنظيم داعش إلى تلول الصفا في عام 2018 بعد تنفيذ مجزرة دموية في محافظة السويداء. حينها، خاضت قوات النظام السابق معارك طاحنة في المنطقة استمرت لنحو أربعة أشهر، قُتل خلالها مئات المقاتلين من الجانبين، قبل أن تفرض القوات النظامية سيطرتها على معظم أجزاء المنطقة مع نهاية العام ذاته.
تشير التقارير الأمنية إلى أن نشاط التنظيم لم يتوقف بشكل نهائي منذ خسارته آخر معاقله الحضرية عام 2019، بل أعاد تموضعه في مناطق نائية من البادية السورية، أبرزها بادية السخنة وجبال البشري في دير الزور، إلى جانب الاشتباه المستمر بوجود خلايا صغيرة له في تلول الصفا.
ويُصنَّف هذا النوع من الجغرافيا ضمن ما يُعرف بـ"الفراغ الصحراوي"، وهو بيئة خصبة لحروب العصابات، بحكم غياب التواجد المدني، وضعف المراقبة، وسهولة تحرك المهربين والعناصر المسلحة.
ورغم محدودية نتائج العملية الأخيرة، إلا أن بقاء تلول الصفا خارج السيطرة الكاملة، وارتباطها التاريخي بنشاط التنظيم، يجعل منها نقطة تهديد أمني دائم، ما يتطلب مراقبة دقيقة وتحركات استباقية لمنع عودة التنظيم إلى النشاط العلني أو تكوين خلايا نائمة.
أعلن وزير المالية في الحكومة السورية، "محمد يسر برنية"، عن خطة مرتقبة لإعادة تشكيل مجلس إدارة هيئة الإشراف على التمويل العقاري، في خطوة تهدف إلى تطوير عمل الهيئة وتنظيم قطاع التمويل العقاري في سوريا، بما يواكب متطلبات المرحلة المقبلة.
وقال "برنية"، في منشور عبر حسابه الرسمي على "لينكد إن"، إن تطوير التمويل العقاري يُعد محوراً أساسياً ضمن خطط وزارة المالية لتحديث القطاع المالي، مشيراً إلى أنه ناقش مؤخراً مع مديرة الهيئة، انتصار ياسين، سبل تفعيل عمل الهيئة وتحسين أدائها المؤسسي.
وأضاف الوزير أنه بدءاً من الأسبوع المقبل، سيتم العمل على إعادة تشكيل مجلس إدارة الهيئة، وضمّ خبراء متخصصين في مجال التمويل والأسواق العقارية، تمهيداً لإطلاق خطة شاملة لإعادة هيكلة الهيئة وتطوير منظومة التمويل العقاري وأسواق الرهونات العقارية في سوريا.
دعم المشاريع العمرانية وتمويل السكن
وأكد "برنية" على أهمية تنظيم قطاع التمويل العقاري، وتأسيس مؤسسات وأدوات تمويل حديثة، قادرة على مواكبة النمو المتوقع في المشاريع العمرانية، ودعم التمويل طويل الأجل، سواء من جهة تمويل المطورين العقاريين، أو الوحدات السكنية لمحدودي الدخل.
وأشار وزير المالية إلى أن الحكومة تعمل على تطوير أسواق الأوراق المالية الحكومية، لتكون بمثابة العمود الفقري في تسعير أدوات التمويل طويل الأجل، في إطار استراتيجية متكاملة لتحديث البنية التحتية المالية وتحقيق تنمية اقتصادية متوازنة.
وكان أعلن وزير المالية بتاريخ 30 حزيران/ يونيو الماضي، عن مجموعة من الخطوات والإصلاحات المرتقبة في سوق دمشق للأوراق المالية، تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في عمل السوق وتحفيز النشاط الاستثماري.
وفي ظل ترسيخ مرحلة جديدة بعد زوال النظام البائد، تؤكد وزارة المالية في الحكومة السورية أن الوضع المالي الحالي هو "إرث ثقيل"، نتيجة خراب المؤسسات وغياب السجلات المالية، إضافة إلى ديون خارجية تتراوح بين 20 و23 مليار دولار، فضلاً عن المديونية الداخلية.
ومع أن الوزارة لا تملك "عصا سحرية" كما عبّرت، إلا أن العمل جارٍ على معالجة الواقع الاقتصادي برؤية متدرجة، تستهدف أولاً استقرار سعر الصرف، وضبط التضخم، ثم دعم الإنتاج الوطني وتحسين الدخل.
ويذكر أن رغم أن تقلبات سعر الصرف لا تزال تؤرق المواطن السوري، فإن الدور الذي يلعبه مصرف سورية المركزي من خلال نشرات الأسعار الرسمية، وتنظيم العلاقة بين المصارف والمستوردين، هو حجر الأساس في استعادة الثقة بالعملة الوطنية وفي ظل الجهود الحكومية المعلنة لإصلاح مؤسسات الدولة، تبقى القدرة على ضبط السوق السوداء وتحقيق العدالة النقدية مرهونة بتكاتف الجهود الرسمية والقطاع الخاص، واستمرار الشفافية في التعامل مع الواقع المالي.
لا تزال العديد من المناطق في سوريا ترزح تحت ظروف خدمية مأساوية، لاسيما تلك التي تضررت بفعل الحرب والقصف والنزاعات المسلحة، الأمر الذي ألقى بظلاله الثقيلة على حياة سكانها، بمن فيهم العائدون إليها مؤخراً بعد سقوط نظام الأسد، وحرمهم من الشعور بالراحة والاستقرار.
ومن بين هذه المناطق حي الميسر، أحد أكبر أحياء مدينة حلب، تأثر خلال الحرب التي شنها النظام البائد، وتم تهميشه خلال السنوات الفائتة، ويواجه سكانه العديد من المشكلات الخدمية، ويطالبون الحكومة الجديدة والجهات المعنية بالتدخل العاجل لإيجاد حلول جذرية تسهم في تحسين ظروف الحياة في حيّهم.
ويأتي تحسين واقع الكهرباء في مقدمة مطالب الأهالي الذين التقينا بهم، إذ لم تصلهم الكهرباء منذ سنوات الحرب وحتى اليوم، مما اضطرهم للاعتماد على المولدات، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية القاسية التي يعانون منها.
إلى جانب ذلك، تنتشر أكوام القمامة في الحيّ، مسببة انبعاث روائح كريهة تزعج السكان، وتُعد بيئة خصبة لتجمع الذباب والكلاب والقطط، مما يشوّه المشهد العام للمنطقة. والأخطر من ذلك أنها أسمهت في انتشار حالات الإصابة بمرض الليشمانيا، خاصة بين أطفال الحي.
كما عبّر السكان عن استيائهم من غياب فرن يوفر الخبز في الحي، الذي يقطنه أكثر من 200 ألف نسمة. وقد اضطرهم هذا النقص إلى قطع مسافات طويلة للحصول على هذه المادة الأساسية، ما زاد من معاناتهم اليومية.
وأشار الأهالي أيضاً إلى أن طرقات الحي بحاجة ماسة إلى الصيانة والتزفيت، كما عبّروا عن قلقهم من تدهور الوضع الأمني، مؤكدين تعرضهم لحوادث سرقة وسلب متكررة، ما يزيد من شعورهم بعدم الأمان.
منذ سقوط النظام البائد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 وحتى اليوم، يواصل أهالي حي الميسر، أحد أبرز أحياء حلب الشرقية، مناشدتهم للجهات المعنية من أجل تحسين الواقع الخدمي في منطقتهم. وقد وجهوا رسائلهم عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، مطالبين بتلبية احتياجاتهم الأساسية ورفع المعاناة عنهم.
وكان من بين هذه الرسائل، رسالة وُجّهت إلى محافظ حلب، المهندس عزام الغريب، عبر إحدى الصفحات على موقع فيسبوك، وجاء فيها: "نوجه إليكم هذا النداء من حي الميسر، أحد أبرز الأحياء الشرقية في مدينة حلب، والذي كان على الدوام منبعاً للفداء والتضحية، وقد قدّم أبناؤه الكثير خلال سنوات الحرب، من أرواحهم وأموالهم، وفتحوا بيوتهم لكل سوري وسورية منذ اللحظة الأولى للتحرر".
وطالبت الرسالة بـ توفير التيار الكهربائي والمياه بشكل منتظم، وإعادة تأهيل المدارس والمستوصفات والمراكز الصحية في الحي، وتحسين خدمات النظافة والصحة العامة، واختُتمت بقولها: "نحن على ثقة بأن صوتنا سيصل، وأن هذه المطالب ستلقى آذاناً صاغية وحرصاً وطنياً صادقاً على تحقيقها، لما فيه خير الوطن والمواطن".
لا تزال قصص النجاح السورية في بلاد المهجر تواصل رسم صورة مشرّفة عن الشباب السوري، رغم ما مرّوا به من معاناة ونزوح قسري. ومن بين هذه القصص المضيئة، يبرز اسم الشاب السوري عبد الرحمن عثمان، الذي لمع اسمه في الأوساط الأكاديمية الألمانية بعد سلسلة من الإنجازات العلمية اللافتة.
عبد الرحمن، البالغ من العمر 29 عامًا، ينحدر من بلدة كفر حمرة بريف حلب، واضطر لمغادرة بلاده في عام 2016 برفقة عائلته، ليستقر لاحقًا في ألمانيا بعد أن أمضى ثلاث سنوات في مخيم "لباخ" للاجئين، حيث عاش في غرفة مشتركة دون أدنى مقومات الخصوصية أو الاستقرار.
رغم تلك الظروف القاسية، أصر عبد الرحمن على متابعة حلمه في دراسة الطب، فأتقن اللغة الألمانية، والتحق بكلية الطب البشري في جامعة زارلاند، حيث برز كأحد أنبغ طلابها وأكثرهم تفوقًا.
وفي عام 2025، نُشرت لعبد الرحمن تسعة أبحاث طبية في دوريات أكاديمية مرموقة، من بينها Springer Nature وOxford University Press، تناولت موضوعات طبية دقيقة تضمنت حالات سريرية نادرة في مجالات الأورام والعيون والطب النفسي. كما أسهم بفعالية ضمن فريق أبحاث SMSR، وابتكر أرشيفًا رقميًا مجانيًا للمحاضرات الطبية يستفيد منه أكثر من 120 طالبًا دوليًا.
بفضل هذا التميز، نال عبد الرحمن منحًا دراسية مخصصة للطلبة الموهوبين في ألمانيا، وتم اختياره كأول طالب عربي يُمثل جامعة زارلاند كنموذج للتفوق والإصرار، وكرّم إلى جانب شخصيات بارزة، من بينها شقيقة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، في فعالية احتفائية أقامتها الجامعة هذا العام.
وقد امتدت أصداء إنجازاته إلى داخل سوريا، حيث أشادت الجمعية الطبية السورية الأميركية (SAMS) بأبحاثه خلال إحدى محاضراتها في جامعة دمشق، في حين عبّر الآلاف من السوريين عن فخرهم بقصته.
من جهته، وجّه وزير الصحة في الجمهورية العربية السورية، الدكتور مصعب العلي، رسالة خاصة لعبد الرحمن جاء فيها: "نحن في وزارة الصحة ندعمك وبانتظارك. إن شاء الله ترجع إلى بلدك وتفيدها بما تعلمته، وبأي لحظة تقرر العودة أو تحتاج شيئًا، نحن جاهزون لدعمك ونكون معك ومشجعين لك."
اليوم، يستعد عبد الرحمن لإنهاء سنته الأخيرة في كلية الطب، مؤكدًا تطلّعه للعودة إلى سوريا والمساهمة في تطوير القطاع الصحي بما اكتسبه من خبرات ومعارف، في خطوة تعكس روح الوفاء والانتماء رغم سنوات الغياب والمنفى.