حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة
إخوتي أحرار سوريا ... تنتابنا مشاعر الفرح والسرور والغبطة لما أكرمنا الله به من تحرير وفتح وعودة روح الثورة إلى بادئها، ولكن هذا لايعني أن نغفل أو نتغافل، فالمرحلة القادمة أعقد بكثير مما مضى، وينتظرنا عمل وجهد ووعي كبير، لفهم طبيعة المرحلة داخلياً وعلى مستوى جميع المكونات والملل والأطياف والطوائف، لتجنب أي مواجهة أو الدخول في أتون "حرب أهلية حقيقية" لاقدر الله، بالتأكيد ستسعى بعض الدول لتحقيقها.
لمست وعياً كاملاً من قبل "إدارة العمليات العسكرية" التي تقود معركة "ردع العدوان" وفهماً لأهمية العمل والوعي السياسي ومخاطبة جميع المكونات بالشكل الصحيح الذي يناسب المرحلة القادمة، علاوة عن مخاطبة الدول الخارجية التي تترقب وتتابع بنظرات ثاقبة ماسيجري، وبالتالي الأهم المحافظة على الانضباط في التعامل والعمل على تطبيقه في كل المناطق ومع كل المكونات دون تمييز، لنصل إلى سوريا موحدة وننسى كل الآلام، ونتجنب أي صدام قد يعود بنا للوراء، وهذه مسؤولية قيادات الفصائل وأخص "الجيش الوطني" بشكل رئيس ضمن مناطق سيطرته.
المرحلة القادمة مهمة، وتحتاج لتكاتف وتعاضد ونسيان الماضي لنستطيع بلوغ المستقبل، ونترفع عن كل الخصومات والخلافات ونترك إرث الشقاق ونلتف لبناء مستقبل بلدنا يداً بيد وكتفاً بكتب، من خلال الطاقات الكبيرة الموجودة لدى شبابنا وثوارنا، ولا أقول ننسى الدماء ونسامح المجرمين، فهؤلاء مصيرهم تحدده المحاكم الثورية وعلى مرآى العالم أجمع من رؤوس النظام وقادة ميليشياته وشبيحته.
لن تكون المرحلة القادمة سهلة أبداً، ولا تغرنا فرحة النصر، فما ينتظرنا شيئ كبير لاحتواء المشهد، وإعادة بناء الثقة بين مكونات الثورة العسكرية التي لاحظنا تكاتفها وذوبانها في معركة واحدة ضد عدونا، وأيضاَ مكونات الشعب السوري من كل أطيافه وفئاته وتياراته، لنطوي عهد الأسد الذي أنهك سوريا وشعبها ووضعنا في مواجهة دموية لسنوات طويلة، أيضاَ إعادة الثقة بين الحاضنة الشعبية الثورية التي التفت حول فصائها وقياداتها من خلال تخفيف الضغوطات وإفراغ السجون من أبنائهم المعتقلين لمواقف سياسية أو ماشابه.
أيضاً تتطلب المرحلة القادمة حذراً شديداً من إعادة بناء النظام لنفسه من خلال عناصره وشبيحته التي لاتزال منتشرة في المناطق المحررة، وبالتالي تنفيذ عمليات قتل واغتيال لزرع الفتن ونشر الفوضى التي ستخدم النظام بالمطلق، وهذا دور الأجهزة الأمنية والمدنيين على حد سواء، أيضاً لا أنسى أن أحذر من مغبة التفرقة العسكرية وخلق الخصومات والدخول في متاهة الصراع لأجل المنصب أو الولاء الخارجي، على غرار ليبيا فنخسر جميعاً.
ومما لاشك فيه أن إعادة بناء الدولة لن تكون سهلة، وتتطلب حراكاً واسعاً داخلياً وخارجياً لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات وإعادة فتح المعامل وتشغيل الفئات المسحوقة من الشعب العاطل عن العمل، لتدور عجلة الإنتاج وتبدأ مرحلة الخروج من الاعتماد على الدعم والمساعدات الدولية، علاوة على ذلك التركيز على أهمية التعليم ونشر الوعي وإعادة بناء الجيل الصغير المحطم منذ ولادته، لتمكين هذا الجيل علمياً ليكون مهيئة للمشاركة الفاعلة في بناء سوريا المستقبل.
وإلى القوى السياسية في الخارج، لاسيما التيارات والشخصيات المستقلة وغيرها، التي تقول إنها تمثل تطلعات الشعب السوري، قد فشلتم طيلة سنوات مضت من تحقيق أي تقدم سياسي، وتماهيتم مع كل المؤتمرات والاجتماعات وقدمتم التنازلات منها الكثير ولم ينجح حراككم في تحرير معتقل، أو إدخال سلة غذائية لمحاصر، أو فرض موقف سياسي يحترم، أو حماية لاجئ، أو بناء علاقة مع أبناء الثورة الحقيقيين في الساحات، فشغلتكم المناصب والكراسي، فنصيحتي لكن أن تعلنوها حياداً وانصهاراً ضمن قوى الثورة الحقيقية في الميدان، فكفاكم تصريحات وبيانات استنكار وإدانة، فالكلمة الفصل ستكون من داخل سوريا بعد اليوم، فهم من يمثلون ثورتنا.
تحية إجلال وإكرام لكل حر شريف، لكل أم شهيد ومعتقل، لكل معذب قدم الغالي والنفيس وصمد رغم كل الخطوب رافضاً الأسد والخنوع حتى جاءه يوم الفرح بالتحرير والعودة للديار، ليتم تفريغ مخيمات الذل وتدميرها والخلاص منها قريباً بإذن الله حتى عودة آخر مهجر، في انتظار اليوم الذي ينال فيه المجرمون عقابهم ويفرح شعبنا بالنصر في ساحة الأمويين في دمشق رافعين صور "الساروت وشحادة وسكاف والصالح وأبو فرات ...." وآلاف الأبطال الذين قدموا دمائهم رخيصة لنصل لهذه المرحلة من عمر سوريا بدون الأسد.